٢ في (أ)، (ج)، (ز): "معدود"..
٣ أوصلها ابن الفرس إلى ست آيات..
ﰡ
قد تقدم الكلام على معنى هذه الآية وحكمها في سورة براءة بما أغنى عن إعادته هنا ١.
وقوله تعالى :﴿ حتى تضع الحرب أوزارها ﴾ : قيل معناها حتى تذهب وتزول أثقالها. والأوزار الأثقال. وقيل الأوزار الآثام لأن الحرب لا بد أن يكون فيها آثام في حد الجهتين، وقيل السلاح. واختلف في الغاية التي عندها تضع الحرب أوزارها، فقال قتادة ومجاهد وغيرهما حتى يسلم الجميع فتضع الحرب أوزارها. وقال بعض أهل النظر حتى تقلبوهم وتقتلوهم. وقال مجاهد أيضا حتى ينزل عيسى ابن مريم. وظاهر اللفظ أنه استعارة يراد بها التزام الأمر أبدا ٢.
٢ راجع ذلك أيضا في أحكام القرآن لابن العربي ٤/ ١٦٨٩. وفي التفسير الكبير ٢٨/ ٤٥..
هذه الآية تقتضي أن أعمالهم في كفرهم التي في وجوه البر مقيدة محفوظة. ولا خلاف أن الكافر له حفظة يكتبون سيئاته. واختلف الناس في حسناتهم، فقال قوم هي ملغاة يثابون عليها بنعم الدنيا فقط. وقال قوم هي محصاة من أجل ثواب الدنيا ومن أجل أنه قد يسلم فيضاف ذلك إلى حسناته في الإسلام. وهذا أحد التأويلين في قول النبي صلى الله عليه وسلم لحكيم بن حزام : " أسلمت على ما سلف لك من خير " ١ فقوم قالوا معناه أسلمت على بعد ما سلف لك من خير، وهو الذي أشرنا إليه. وقال قوم معناه إسقاط ما سلف لك من خير إذ قد أثبت عليه بنعم دنياك. وذكر الطبري أن أعمالهم التي أخبر الله تعالى في هذه الآية بحبطها هي عبادتهم الأصنام وكفرهم. ومعنى أحبط جعلها من العمل الذي لا يذكر ولا يعتد به فهي لذلك كالذي أحبط ٢.
٢ راجع جامع البيان ٢٦/ ٣٩..
احتج بهذه الآية من أهل السنة من قال إن العلم والنظر قبل القول، والإقرار في مسألة أول الواجبات. وقد بوب عليه البخاري العلم قبل القول والعمل لقوله عز وجل :﴿ فاعلم أنه لا إله إلا الله ﴾. قال النقاش : وفي الآية رد على من زعم أن الأنبياء لا ذنوب لهم وعلى من زعم أن كل معصية كبيرة وعلى كل من زعم أن كل معصية كفر.
احتج بهذه الآية من جعل الحد في التعريض بالقذف.
احتج به قوم في أن التحلل عن التطوع صلاة كان أو صياما بعد التلبس به لا يجوز لأن فيه إبطال العمل. وقال غيرهم المراد بالأمر إبطال ثواب العمل المفروض. قال فإن قيل اللفظ عام للفرض والنفل، قلنا العام مجبور تخصيصه ووجه تخصيصه أن النفل تطوع والتطوع يقتضي تخييرا.
وقرأ بعضهم ١ ﴿ إلى السلم ﴾ والمعنى واحد على المشهور من القول. وقال بعض من كسر السين إنه بمعنى الإسلام أي لا تهنوا وتكونوا داعين إلى الإسلام فقط غير مقاتلين بسببه. والقول المشهور في كسر السين وفتحها أنه بمعنى الصلح. واختلف في الآية على هذا هل هي ناسخة لقوله عز وجل :﴿ وإن جنحوا للسلم فاجنح لها ﴾ [ الأنفال : ٦١ ] أم لا ؟ فذهب قوم إلى أنها ناسخة لها، وذهب آخرون إلى أنها ليست بناسخة لها وأنهما محكمتان ثم اختلفوا في الجمع بينهما. فمن الناس من قال قوله تعالى :﴿ وإن جنحوا للسلم ﴾ ٢ الآية في قوم بأعيانهم وهذه عامة. ومنهم من قال : إنها نزلت في وقتين مختلفي الأحوال وقال قتادة : معنى الآية لا تكونوا أول الطائفتين صدعت للأخرى ٣.
٢ الأنفال: ٦١..
٣ راجع الإيضاح ص ٣٥٩، أحكام القرآن للكيا الهراسي ٤/ ١٦٣ و٣٧٥، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي ١٦/ ٢٥٦..