تفسير سورة محمد

أوضح التفاسير
تفسير سورة سورة محمد من كتاب أوضح التفاسير المعروف بـأوضح التفاسير .
لمؤلفه محمد عبد اللطيف الخطيب . المتوفي سنة 1402 هـ

﴿وَصَدُّواْ﴾ منعوا وصرفوا ﴿عَن سَبِيلِ اللَّهِ﴾ دينه ﴿أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾ أحبطها وأبطلها؛ وذلك كإطعام الطعام؛ ولين الكلام، وصلة الأرحام، وبر الأيتام؛ فلا يجدون ثواباً لذلك في الآخرة؛ لأن الله تعالى عجل لهم جزاء أعمالهم في الدنيا
﴿كَفَّرَ عَنْهُمْ﴾ غفر لهم ذنوبهم، ومحا ﴿سَيِّئَاتِهِمْ﴾ في الآخرة ﴿وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ﴾ في الدنيا؛ فتجد المؤمن - وقد تلفع بالفقر، وتسربل بالمصائب - هادىء البال، قرير العين، مطمئن القلب، ساكن النفس
﴿ذَلِكَ﴾ الإضلال والإحباط، والتكفير والإصلاح ﴿بِأَنَّ﴾ بسبب أن ﴿الَّذِينَ كَفَرُواْ اتَّبَعُواْ الْبَاطِلَ﴾ ولم يجيبوا داعيالله؛ فاستحقوا الإضلال ﴿وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّبَعُواْ الْحَقَّ مِن رَّبِّهِمْ﴾ فاستوجبوا تكفير ذنوبهم، وإصلاح بالهم ﴿كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ﴾ فالكافر يحبط عمله، والمؤمن يغفر زلله
﴿فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ﴾ في ساحة القتال ﴿فَضَرْبَ الرِّقَابِ﴾ أي فاضربوا رقابهم واقتلوهم ﴿حَتَّى إِذَآ أَثْخَنتُمُوهُمْ﴾ أكثرتم فيهم القتل. والإثخان: المبالغة في الجراحة والتوهين ﴿فَشُدُّواْ الْوَثَاقَ﴾ أي فأسروهم. قال تعالى ﴿مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ﴾ أي حتى يبالغ في النيل من أعداء الله والبطش بهم؛ ليشرد بهم من خلفهم، وليكونوا عبرة لغيرهم ﴿فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ﴾ أي فإما أن تمنوا على الأسرى بالإطلاق؛ فتكون لكم يد عليهم، وجميل في أعناقهم ﴿وَإِمَّا فِدَآءً﴾ وإما أن تأخذوا منهم الفدية ﴿حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا﴾ أي تضع أثقالها؛ من السلاح وغيره؛ بأن يسلم الكفار، أو يدخلوا في العهد
﴿وَلَوْ يَشَآءُ اللَّهُ لاَنْتَصَرَ مِنْهُمْ﴾ أي لأهلكهم بغير قتال ﴿وَلَكِن﴾ جعل عقوبتهم في القتال ﴿لِّيَبْلُوَ﴾ ليختبر ﴿بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ﴾ ليعلم المجاهدين والصابرين
﴿وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ﴾ أي التي عرفها لهم، وبشرهم بها في الدنيا على لسان رسله
﴿يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِن تَنصُرُواْ اللَّهَ﴾ أي تنصروا دينه ورسله وتعاليمه. ومن نصرة الله تعالى: إقامة الحق، وعدم كتمان الشهادة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر ﴿يَنصُرْكُمْ﴾ على أعدائكم، وعلى أنفسكم، وعلى الشيطان الرجيم ﴿وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ عند مجاهدة العدو، ومجاهدة النفس
﴿وَالَّذِينَ كَفَرُواْ فَتَعْساً لَّهُمْ﴾ أي هلاكاً وخيبة
﴿ذَلِكَ﴾ الهلاك والخيبة ﴿بِأَنَّهُمُ﴾ بسبب أنهم ﴿كَرِهُواْ مَآ أَنزَلَ اللَّهُ﴾ كرهوا القرآن، وما اشتمل عليه من شرائع وتكاليف، وأوامر ونواه ﴿فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ﴾ أبطلها ﴿كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ﴾ من الكفار
﴿دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ﴾ أي أهلكهم هلاك استئصال ﴿وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا﴾ أي أمثال عاقبة من قبلهم من العذاب والتدمير
﴿ذَلِكَ﴾ الإحباط والتدمير ﴿بِأَنَّ﴾ بسبب أن ﴿اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُواْ﴾ وليهم وناصرهم، وحافظهم، وكافلهم؛ لأنهم يتوكلون عليه، وينيبون إليه ﴿وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لاَ مَوْلَى لَهُمْ﴾ ينصرهم؛ أو يحفظهم؛ لأنهم نسوا الله فأنساهم أنفسهم، ووكلهم إليها وإلى شياطينهم
﴿وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يَتَمَتَّعُونَ﴾ في الدنيا ﴿وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الأَنْعَامُ﴾ التي تأكل وهي غير عابئة بعاقبتها، ولا حاسبة لمآلها حساباً. ومآلها النحر والذبح والمهانة
﴿وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ﴾ أي منزل ومقام ومصير
﴿وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ﴾ وكم من قرية. والمراد بالقرية أهلها ﴿مِّن قَرْيَتِكَ﴾ مكة
﴿أَفَمَن كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ﴾ حجة واضحة، وبرهان ظاهر. وهو المؤمن ﴿كَمَن زُيِّنَ﴾ زينت ﴿لَهُ﴾ نفسه وشيطانه ﴿سُوءُ عَمَلِهِ﴾ وهو الكافر ﴿وَاتَّبَعُواْ أَهْوَاءَهُمْ﴾ ولم يتبعوا ربهم
﴿مِّن مَّآءٍ غَيْرِ آسِنٍ﴾ غير متغير الطعم، أو الرائحة، أو اللون؛ كماء الدنيا ﴿وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ﴾ أي ليست كخمر الدنيا: رديئة الطعم، شنيعة الرائحة ﴿وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى﴾ لا تشوبه شائبة. قد يقول قائل: وما لذة تناول العسل لمن لا يتقبله في الدنيا؛ أو لا يطيق الإكثار منه؟ والجواب على ذلك: أن الله تعالى ساق لعباده في جنته كل ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين؛ وقد تعاف بعض النفوس ما يشتهى، وتتأذى بعض العيون بما يتلذذ به:
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد
وينكر الفم طعم الماء من سقم
وحينما تشتفي النفوس من أمراضها، والأعين من أرمادها؛ فإنها تعود إلى طبيعتها السليمة: فتشتهي ما يشتهى، وتلذ بما يتلذذ منه. والعسل من أفضل أنواع الحلوى: مذاقاً، ولوناً، وريحاً، ونفعاً ﴿وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ﴾ والمغفرة خير من سائر النعيم وهذا مثل المؤمن وما يلقاه من كرم مولاه أما مثل الكافر ﴿كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ﴾ أي أمن هو خالد في النعيم المقيم؛ كمن هو خالد في العذاب الأليم؟ ﴿وَسُقُواْ مَآءً حَمِيماً﴾ بالغاً نهاية الحرارة
﴿وَمِنْهُمْ﴾ أي من الكفار والمنافقين ﴿مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ﴾ حين تقرأ القرآن، أو تخطب للجمعة، أو تعظ المؤمنين ﴿قَالُواْ لِلَّذِينَ أُوتُواْ الْعِلْمَ﴾ من الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، وممن آمن من أهل الكتاب ﴿مَاذَا قَالَ آنِفاً﴾ أي ماذا قال الآن ﴿طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ غطاها عقوبة لهم؛ فلا تسمع ولا تعي
﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْاْ﴾ بهداية الله ورسوله وكتابه ﴿زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقُوَاهُمْ﴾ أي آتاهم جزاء تقواهم؛ أو ألهمهم من الأعمال ما يتقون به غضبه وناره
﴿فَهَلْ يَنظُرُونَ﴾ ما ينتظرون ﴿إِلاَّ السَّاعَةَ﴾ القيامة ﴿بَغْتَةً﴾ فجأة ﴿أَشْرَاطُهَا﴾ علاماتها ﴿فَأَنَّى لَهُمْ﴾ فكيف لهم ﴿إِذَا جَآءَتْهُمْ﴾ الساعة ﴿ذِكْرَاهُمْ﴾ تذكرهم. أي لا ينفع تذكرهم وإيمانهم بعد مجيء الساعة، أو مجيء أشراطها؛ حيث لا يقبل اعتذار، ولا استغفار
﴿فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ﴾ إشارة إلى أن العمل يكون بعد العلم؛ كما في قوله جل شأنه: ﴿اعْلَمُواْ أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ﴾ وقال بعد ذلك ﴿سَابِقُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ﴾.
-[٦٢٥]- ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ﴾ سيركم وسعيكم في معايشكم ومتاجركم ﴿وَمَثْوَاكُمْ﴾ مأواكم إلى مضاجعكم بالليل. أو «متقلبكم» أعمالكم في الدنيا «ومثواكم» جزاءكم في الآخرة. والمعنى أنه عالم بجميع أحوالكم، لا يخفى عليه تعالى شيء منها
﴿لَوْلاَ﴾ هلا ﴿مُّحْكَمَةٌ﴾ أي غير متشابهة؛ بل واضحة لا تحتمل التأويل. وقيل: كل سورة نزل فيها القتال فهي محكمة لم ينسخ منها شيء. وذلك لأن القتال ناسخ للصفح والمهادنة وهو غير منسوخ إلى يوم القيامة ﴿رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ﴾ شك؛ وهم المنافقون ﴿يَنظُرُونَ إِلَيْكَ﴾ لشدة جبنهم، ومزيد خوفهم ﴿نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ﴾ وذلك لأن الميت يشخص بصره كالمذعور ﴿فَأَوْلَى لَهُمْ﴾ تهديد ووعيد. أو المعنى: فخير لهم
﴿طَاعَةٌ﴾ لك ﴿وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ﴾ للمؤمنين ﴿فَإِذَا عَزَمَ الأَمْرُ﴾ أي فرض القتال ووجب ﴿فَلَوْ صَدَقُواْ اللَّهَ﴾ وجاهدوا في سبيله. واتبعوا أوامره ﴿لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ﴾ من القعود عن الجهاد، والنكوص والنفاق؛ لأن نتيجة الجهاد: الاستشهاد - وهو الفوز الأكبر - أو الظفر والغنيمة
﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ﴾ أي فلعلكم ﴿إِن تَوَلَّيْتُمْ﴾ الأمر والحكم، أو «إن توليتم» بمعنى أعرضتم عن الإيمان والطاعة ﴿أَن تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ﴾ بالعصيان، والقتل، والظلم، وأخذ الرشوة ﴿وَتُقَطِّعُواْ أَرْحَامَكُمْ﴾ تعادوا أهليكم ولا تبروهم
﴿أُوْلَئِكَ﴾ الذين تعاموا عن الحق، وأفسدوا في الأرض: هم ﴿الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ﴾ طردهم من رحمته ﴿فَأَصَمَّهُمْ﴾ عن استماع الهدى ﴿وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ﴾ عن الصراط المستقيم
﴿أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ﴾ فيعرفون ما فيه ﴿أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَآ﴾ أم قلوبهم مقفلة لا يدخلها الهدى، ولا يصل إليها الذكر
﴿سَوَّلَ﴾ زين ﴿وَأَمْلَى لَهُمْ﴾ أي مد لهم في الآمال والأماني، أو أملى لهم الشيطان الكفر والفسوق والعصيان
﴿ذَلِكَ﴾ الإضلال الواقع عليهم ﴿بِأَنَّهُمُ﴾ بسبب أنهم ﴿قَالُواْ لِلَّذِينَ كَرِهُواْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ﴾ أي للمشركين؛ لأنهم كرهوا القرآن الكريم، وكرهوا الاستماع إليه. قالوا لهم ﴿سَنُطِيعُكُمْ فِي بَعْضِ الأَمْرِ﴾ أي في عداوة الرسول، وتثبيط الناس عن الجهاد معه ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ﴾ ما أسروه من ذلك فيما بينهم
﴿فَكَيْفَ﴾ بهم ﴿إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ﴾ يعني إذا لم يصبهم العذاب في الدنيا؛ فإن الموت لاحق بهم لا محالة. فكيف يكون حالهم عند الموت، والملائكة ﴿يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ﴾ ظهورهم. والمراد أن العذاب ينزل حينذاك على سائر أعضائهم
﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُواْ مَآ أَسْخَطَ اللَّهَ﴾ عليهم ﴿وَكَرِهُواْ رِضْوَانَهُ﴾ أي كرهوا العمل بما يرضيه ﴿فَأَحْبَطَ﴾ أبطل ﴿مَّرَضٌ﴾ شك ونفاق
﴿يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ﴾ يظهر أحقادهم على الرسول وعلى المؤمنين
﴿وَلَوْ نَشَآءُ لأَرَيْنَاكَهُمْ﴾ على حقيقتهم ﴿فَلَعَرَفْتَهُم﴾ عرفت سرائرهم، كما عرفت ظواهرهم ﴿بِسِيمَاهُمْ﴾ بعلاماتهم ﴿فِي لَحْنِ الْقَوْلِ﴾ فحواه ومعناه ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ﴾ ما خفي منها وما ظهر، وما أريد به وجهه الكريم، وما أريد به الفخر والمراءاة
﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ﴾ لنختبرنكم بالقتال ﴿وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ﴾ نعلم ونظهر أسراركم، وخفايا قلوبكم
﴿وَصَدُّواْ﴾ منعوا الناس ﴿عَن سَبِيلِ اللَّهِ﴾ دينه ﴿وَشَآقُّواْ﴾ خاصموا وخالفوا ﴿مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى﴾ ظهرت شواهده، وبانت دلائله؛ وهل بعد إرسال الرسل بالمعجزات، والكتب بالبينات، وإنزال الآيات تلو الآيات. هل بعد جميع ذلك تحتاج معرفة الله تعالى إلى تبيان أو برهان؟ ﴿وَسَيُحْبِطُ﴾ يبطل
﴿وَلاَ تُبْطِلُواْ أَعْمَالَكُمْ﴾ بالمعاصي، والنفاق، والرياء
﴿وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللَّهِ﴾ عن دينه، والجهاد في سبيله
﴿فَلاَ تَهِنُواْ﴾ تذلوا وتجبنوا ﴿وَتَدْعُواْ إِلَى السَّلْمِ﴾ إلى الصلح بعد بدء القتال ﴿وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ﴾ الغالبون ﴿وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ﴾ أي ولن ينقصكم أجر أعمالكم
﴿إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ﴾ فلا يحرص العاقل عليها، ولا يميل إليها؛ ولا يأسف على فقدها. إنما يكون الحرص على الآخرة وما فيها من أجر كبير غير ممنون ﴿وَلاَ يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ﴾ جميعها؛ بل زكاتها فقط. «ولا يسألكم أموالكم» أنتم؛ بل ماله هو الذي خلفكم عليه
﴿إِن يَسْأَلْكُمُوهَا﴾ جميعاً ﴿فَيُحْفِكُمْ﴾ أي يجهدكم ويطلب ما يثقل عليكم ﴿وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ﴾ أي ويظهر أحقادكم على الإسلام والمسلمين
﴿وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ﴾ أي فإنما يبخل عن نفسه بحرمانها من جزاء العطاء، ومن الأجر العظيم المعد للمنفقين ﴿وَاللَّهُ الْغَنِيُّ﴾ عنكم ﴿وَأَنتُمُ الْفُقَرَآءُ﴾ إليه ﴿وَإِن تَتَوَلَّوْاْ﴾ تعرضوا ﴿يَسْتَبْدِلْ﴾ الله تعالى ﴿قَوْماً غَيْرَكُمْ﴾ يستخلفهم في أرضه ﴿ثُمَّ لاَ يَكُونُواْ أَمْثَالَكُم﴾ في الكفر، والجحود، والبخل؛ بل يكونون مؤمنين، طائعين، منفقين، مسرعين في إجابة داعي الله
627
سورة الفتح

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

627
Icon