تفسير سورة الجن

تفسير البغوي
تفسير سورة سورة الجن من كتاب معالم التنزيل المعروف بـتفسير البغوي .
لمؤلفه البغوي . المتوفي سنة 516 هـ

وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ، هَذَا عَامٌّ فِي كل من آمن بالله وملائكته وَصَدَّقَ الرُّسُلَ، وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً، هَلَاكًا وَدَمَارًا فَاسْتَجَابَ الله دعاءه فأهلكهم [عن آخرهم] [١].
سورة الجن
مكية [وهي ثمان وعشرون آية] [٢]
[سورة الجن (٧٢) : الآيات ١ الى ٤]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً (١) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً (٢) وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً (٣) وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً (٤)
قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ، وَكَانُوا تِسْعَةً من جنس نَصِيبِينَ. وَقِيلَ: سَبْعَةٌ، اسْتَمَعُوا قِرَاءَةَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرْنَا خَبَرَهُمْ فِي سُورَةِ الْأَحْقَافِ [٢٩] فَقالُوا، لَمَّا رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَلِيغًا، أَيْ قُرْآنًا ذَا عَجَبٍ يُعْجَبُ مِنْهُ لِبَلَاغَتِهِ.
يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ، يَدْعُو إِلَى الصَّوَابِ مِنَ التَّوْحِيدِ وَالْإِيمَانِ، فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً.
وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا، قَرَأَ أَهْلُ الشَّامِ وَالْكُوفَةِ غَيْرَ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَاصِمٍ وَأَنَّهُ تَعالى بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَذَلِكَ مَا بَعْدَهُ إِلَى قَوْلِهِ: وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِكَسْرِهِنَّ وَفَتَحَ أَبُو جَعْفَرٍ مِنْهَا وَأَنَّهُ وَهُوَ مَا كان مردودا على الْوَحْيِ، وَكَسْرِ مَا كَانَ حِكَايَةً عَنِ الْجِنِّ، وَالِاخْتِيَارُ كَسْرُ الْكُلِّ لِأَنَّهُ مِنْ قَوْلِ الْجِنِّ لِقَوْمِهِمْ، فَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ: فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً، وَقَالُوا: وَأَنَّهُ تَعالى وَمَنْ فَتَحَ [رَدَّهُ] [٣] عَلَى قَوْلِهِ: فَآمَنَّا بِهِ وَآمَنَّا بكل ذلك، ففتح أن لوقع الْإِيمَانِ عَلَيْهِ، جَدُّ رَبِّنا جَلَالُ رَبِّنَا وَعَظَمَتِهِ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَعِكْرِمَةُ وَقَتَادَةُ، يُقَالُ: جَدَّ الرَّجُلُ أَيْ أعظم، ومنه قول أنس: إذا كَانَ الرَّجُلُ إِذَا قَرَأَ الْبَقَرَةَ وَآلَ عِمْرَانَ جَدَّ فِينَا، أَيْ عَظُمَ قَدْرُهُ، وَقَالَ السُّدِّيُّ: جَدُّ رَبِّنا أَيْ أَمْرُ رَبِّنَا: وَقَالَ الْحَسَنُ:
غِنَى رَبِّنَا. وَمِنْهُ قِيلَ لِلْجَدِّ: حَظٌّ، وَرَجُلٌ مَجْدُودٌ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قُدْرَةُ رَبِّنَا. قَالَ الضَّحَّاكُ: فِعْلُهُ.
وَقَالَ الْقُرَظِيُّ: آلَاؤُهُ وَنَعْمَاؤُهُ عَلَى خَلْقِهِ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: عَلَا مُلْكُ رَبِّنَا. مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً، قِيلَ: تَعَالَى جَلَّ جَلَالُهُ وَعَظَمَتُهُ عَنْ أَنْ يتخذ صاحبة وولدا.
وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا، جَاهِلُنَا، قَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ: هُوَ إِبْلِيسُ، عَلَى اللَّهِ شَطَطاً، كَذِبًا وَعُدْوَانًا وهو وصفه بالشريك والولد.
[سورة الجن (٧٢) : الآيات ٥ الى ٩]
وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً (٥) وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً (٦) وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً (٧) وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً (٨) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً (٩)
(١) زيادة عن المخطوط.
(٢) زيادة عن المخطوط.
(٣) سقط من المطبوع.
159
وَأَنَّا ظَنَنَّا، حَسَبْنَا، أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ، قَرَأَ يَعْقُوبُ «تَقَوَّلَ» بِفَتْحِ الْوَاوِ وَتَشْدِيدِهَا عَلَى اللَّهِ كَذِباً، أَيْ كُنَّا نَظُنُّهُمْ صَادِقِينَ فِي قَوْلِهِمْ إِنَّ لِلَّهِ صَاحِبَةً وَوَلَدًا حَتَّى سَمِعْنَا الْقُرْآنَ.
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ، وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ مِنَ الْعَرَبِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ كَانَ إِذَا سَافَرَ فَأَمْسَى فِي أَرْضٍ قفرة قَالَ أَعُوذُ بِسَيِّدِ هَذَا الْوَادِي مِنْ شَرِّ سُفَهَاءِ قَوْمِهِ، فَيَبِيتُ فِي أَمْنٍ وَجِوَارٍ مِنْهُمْ حَتَّى يُصْبِحَ.
«٢٢٧٣» أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الشُّرَيْحِيُّ أَنَا أَبُو إِسْحَاقَ الثَّعْلَبِيُّ أنا ابن فنجويه ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ ابن أَحْمَدَ بْنِ مَالِكٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ سَعِيدِ بْنِ النُّعْمَانِ بِطَرْسُوسَ [١] ثنا فَرْوَةُ بْنُ أَبِي الْمِغْرَاءِ [٢] الْكِنْدِيُّ ثنا الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ كَرَدْمِ بْنِ أَبِي سَائِبٍ الْأَنْصَارِيِّ قَالَ: خَرَجْتُ مَعَ أَبِي إِلَى الْمَدِينَةِ فِي حَاجَةٍ وَذَلِكَ أَوَّلَ مَا ذُكِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ، فَآوَانَا الْمَبِيتُ إِلَى رَاعِي غَنَمٍ، فلما انتصف الليل جَاءَ ذِئْبٌ فَأَخَذَ حَمَلًا مِنَ الْغَنَمِ، فَوَثَبَ الرَّاعِي فَقَالَ: يَا عَامِرَ الْوَادِي جَارَكَ فَنَادَى مُنَادٍ لَا نَرَاهُ، يَقُولُ: يَا سِرْحَانُ أَرْسِلْهُ فَأَتَى الْحَمَلُ يَشْتَدُّ حَتَّى دَخَلَ الْغَنَمَ وَلَمْ تُصِبْهُ كَدْمَةٌ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رَسُولَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَكَّةَ وَأَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ، فَزادُوهُمْ، يعني زاد الإنس والجن بِاسْتِعَاذَتِهِمْ بِقَادَتِهِمْ، رَهَقاً، قَالَ ابْنُ عباس: إثما وقال مجاهد:
طغيانا. وقال مُقَاتِلٌ: غَيًّا. قَالَ الْحَسَنُ: شَرًّا. قَالَ إِبْرَاهِيمُ: عَظَمَةً وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَزْدَادُونَ بِهَذَا التَّعَوُّذِ طُغْيَانًا، يقولون: سدنا الجن والإنس، والرهق فِي كَلَامِ الْعَرَبِ الْإِثْمُ وَغِشْيَانُ المحارم.
وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا، يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى إِنَّ الْجِنَّ ظَنُّوا، كَما ظَنَنْتُمْ، يَا مَعْشَرَ الْكُفَّارِ مِنَ الْإِنْسِ، أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً، بعد موته.
وَأَنَّا، يقول الْجِنُّ، لَمَسْنَا السَّماءَ، قَالَ الْكَلْبِيُّ: السَّمَاءُ الدُّنْيَا، فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً، مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَشُهُباً، مِنَ النُّجُومِ.
وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها. مِنَ السَّمَاءِ، مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ، أَيْ كُنَّا نَسْتَمِعُ، فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً، أُرْصِدَ لَهُ لِيُرْمَى بِهِ، قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: إِنَّ الرَّجْمَ كَانَ قَبْلَ مَبْعَثِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ مِثْلَ مَا كَانَ بَعْدَ مَبْعَثِهِ فِي شدة الحراسة، وكانوا يسترقون فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، فَلَمَّا بُعِثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منعوا من
٢٢٧٣- ضعيف جدا، والمتن منكر.
- إسناده ضعيف جدا، فيه عبد الرحمن بن إسحاق، وهو ضعيف متروك، وأبوه إسحاق بن الحارث، ضعفه أحمد وغيره، ولم يرو عنه سوى ابنه.
- وقال ابن حبان: منكر الحديث، فلا أدري التخليط منه أو من ابنه.
- وأخرجه العقيلي ١/ ١٠١ وابن أبي حاتم كما في «تفسير ابن كثير» عند هذه الآية، والواحدي في «الوسيط» ٤/ ٣٦٤ من طريق فروة به.
- وأخرجه الطبراني في «الكبير» ١٩/ ١٩١- ١٩٢ وأبو الشيخ في «العظمة» ١١٢٢ من طريق الْقَاسِمُ بْنُ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ الرحمن بن إسحاق به.
- وذكره الهيثمي في «المجمع» ٧/ ١٢٩ وقال: وفيه عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي، وهو ضعيف.
- والظاهر أنه خفي عليه حال أبيه إسحاق، وقد ضعفه أحمد وغيره كما نقل الذهبي في «الميزان» ١/ ١٨٩.
- الخلاصة: الإسناد ضعيف جدا، والمتن منكر.
(١) تصحف في المطبوع «بن برطوس».
(٢) تصحف في المطبوع «المفر».
160
ذلك أصلا ثم قالوا:
[سورة الجن (٧٢) : الآيات ١٠ الى ١٦]
وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً (١٠) وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً (١١) وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً (١٢) وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَلا رَهَقاً (١٣) وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً (١٤)
وَأَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً (١٥) وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً (١٦)
وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ، بِرَمْيِ الشُّهُبِ، أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً.
وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذلِكَ، دُونَ الصَّالِحِينَ. كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً، أَيْ جَمَاعَاتٍ مُتَفَرِّقِينَ وَأَصْنَافًا مُخْتَلِفَةً، وَالْقِدَّةُ: الْقِطْعَةُ مِنَ الشَّيْءِ، يُقَالُ: صَارَ الْقَوْمُ قِدَدًا إِذَا اخْتَلَفَتْ حَالَاتُهُمْ، وَأَصْلُهَا مِنَ الْقَدِّ وَهُوَ الْقَطْعُ، قَالَ مُجَاهِدٌ: يَعْنُونَ مسلمين وكافرين، وقيل: أَهْوَاءٍ مُخْتَلِفَةٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَالسُّدِّيُّ:
الْجِنُّ أَمْثَالُكُمْ فَمِنْهُمْ قَدَرِيَّةٌ وَمُرْجِئَةٌ وَرَافِضَةٌ. وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: شِيَعًا وَفِرَقًا لِكُلِّ فِرْقَةٍ هَوًى كَأَهْوَاءِ النَّاسِ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: أَلْوَانًا شَتَّى. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: أَصْنَافًا.
وَأَنَّا ظَنَنَّا، عَلِمْنَا وَأَيْقَنَّا، أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ، أَيْ لَنْ نَفُوتَهُ إِنْ أَرَادَ بِنَا أَمْرًا، وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً، إِنْ طَلَبَنَا.
وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى، الْقُرْآنَ وَمَا أَتَى بِهِ مُحَمَّدٌ، آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً، نُقْصَانًا مِنْ عَمَلِهِ وَثَوَابِهِ، وَلا رَهَقاً، ظمأ. وَقِيلَ: مَكْرُوهًا يَغْشَاهُ.
وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ، وَهْمُ الَّذِينَ آمَنُوا بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمِنَّا الْقاسِطُونَ، الْجَائِرُونَ الْعَادِلُونَ عَنِ الْحَقِّ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الَّذِينَ جَعَلُوا لِلَّهِ نِدًّا، يُقَالُ: أَقْسَطَ الرَّجُلُ إِذَا عَدَلَ فَهُوَ مُقْسِطٌ، وَقِسْطٌ إِذَا جَارَ فَهُوَ قَاسِطٌ. فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً، أَيْ قصدوا طريق الحق وتوخوه.
أَمَّا الْقاسِطُونَ
، الذين كفروا، كانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً
، كَانُوا وَقُودَ النَّارِ يوم القيامة.
ثم رجل إِلَى كُفَّارِ مَكَّةَ فَقَالَ: وَأَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ، اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِهَا، فَقَالَ قَوْمٌ: لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى طَرِيقَةِ الْحَقِّ وَالْإِيمَانِ وَالْهُدَى فَكَانُوا مُؤْمِنِينَ مُطِيعِينَ، لَأَسْقَيْناهُمْ مَاءً غَدَقاً، كَثِيرًا، قَالَ مُقَاتِلٌ: وذلك بعد ما رَفَعَ عَنْهُمُ الْمَطَرَ سَبْعَ سِنِينَ. وَقَالُوا: مَعْنَاهُ لَوْ آمَنُوا لَوَسَّعْنَا عَلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا وَأَعْطَيْنَاهُمْ مَالًا كَثِيرًا وَعَيْشًا رَغَدًا، وَضَرْبُ الْمَاءِ الْغَدَقِ مَثَلًا لِأَنَّ الْخَيْرَ وَالرِّزْقَ كُلَّهُ فِي الْمَطَرِ، كَمَا قَالَ:
وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ [المائدة: ٦٦]، الآية. وَقَالَ:
وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ [الأعراف: ٩٦].
[سورة الجن (٧٢) : الآيات ١٧ الى ١٩]
لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً (١٧) وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً (١٨) وَأَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً (١٩)
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ، أَيْ لِنَخْتَبِرَهُمْ كَيْفَ شُكْرُهُمْ فِيمَا خُوِّلُوا. وَهَذَا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ وَالضَّحَّاكِ وَقَتَادَةَ وَمُقَاتِلٍ وَالْحَسَنِ. وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَاهَا وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى طَرِيقَةِ الْكُفْرِ وَالضَّلَالَةِ لَأَعْطَيْنَاهُمْ مَالًا كَثِيرًا وَلَوَسَّعْنَا عَلَيْهِمْ لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ عُقُوبَةً لَهُمْ وَاسْتِدْرَاجًا حَتَّى يَفْتَتِنُوا بِهَا فَنُعَذِّبَهُمْ، وَهَذَا قَوْلُ الرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَالْكَلْبِيِّ وَابْنِ كَيْسَانَ، كَمَا قَالَ اللَّهُ: فَلَمَّا نَسُوا مَا
161
ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ
[الأنعام: ٤٤] الآية. وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ، قَرَأَ أَهْلُ الْكُوفَةِ وَيَعْقُوبُ يَسْلُكْهُ بِالْيَاءِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالنُّونِ، أَيْ نُدْخِلْهُ، عَذاباً صَعَداً، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: شَاقًّا، وَالْمَعْنَى ذَا صَعَدٍ أَيْ ذَا مَشَقَّةٍ. قَالَ قَتَادَةُ: لَا رَاحَةَ فِيهِ. وَقَالَ مقاتل: لا فرج [١] فِيهِ. قَالَ الْحَسَنُ: لَا يَزْدَادُ إِلَّا شِدَّةً. وَالْأَصْلُ فِيهِ أَنَّ الصعود يشق على الإنسان.
وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ، يَعْنِي الْمَوَاضِعَ الَّتِي بُنِيَتْ لِلصَّلَاةِ وَذِكْرِ اللَّهِ، فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً، قَالَ قَتَادَةُ: كَانَتِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى إِذَا دَخَلُوا كَنَائِسَهُمْ وَبِيَعَهُمْ أَشْرَكُوا بِاللَّهِ، فَأَمَرَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يُخْلِصُوا لِلَّهِ الدَّعْوَةَ إِذَا دَخَلُوا الْمَسَاجِدَ وَأَرَادَ بِهَا الْمَسَاجِدَ كُلَّهَا. وَقَالَ الْحَسَنُ: أَرَادَ بِهَا الْبِقَاعَ كُلَّهَا لِأَنَّ الْأَرْضَ جُعِلَتْ كُلُّهَا مَسْجِدًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
«٢٢٧٤» وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: قال الْجِنُّ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم: كيف لنا أن نشهد معك الصلاة ونحن ناؤون؟
فَنَزَلَتْ: وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ. وَرُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَيْضًا: أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَسَاجِدِ الْأَعْضَاءُ الَّتِي يَسْجُدُ عَلَيْهَا الْإِنْسَانُ وَهِيَ سَبْعَةٌ الْجَبْهَةُ وَالْيَدَانِ وَالرُّكْبَتَانِ وَالْقَدَمَانِ، يَقُولُ: هَذِهِ الْأَعْضَاءُ الَّتِي يَقَعُ عَلَيْهَا السُّجُودُ مَخْلُوقَةٌ لِلَّهِ فَلَا تَسْجُدُوا عليها لغيره.
«٢٢٧٥» أخبرنا أبو سعد [٢] أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْعَبَّاسِ الحميدي أَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أَنَا [أَبُو] [٣] عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يعقوب ثنا عَلِيُّ بْنُ الْحَسَنِ الْهِلَالِيُّ وَالسَّرِيُّ بن خزيمة قالا ثنا معلى [٤] بن أسد ثنا وُهَيْبٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْضَاءَ الْجَبْهَةُ، وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَيْهَا، وَالْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ، وَلَا أَكُفَّ الثَّوْبَ وَلَا الشَّعْرَ».
فَإِنْ جَعَلْتَ الْمَسَاجِدَ مَوَاضِعَ الصَّلَاةِ فَوَاحِدُهَا مَسْجِدٌ بِكَسْرِ الْجِيمِ، وَإِنْ جَعَلْتَهَا الْأَعْضَاءَ فواحدها مسجد بفتح الجيم.
٢٢٧٤- إسناده ضعيف جدا، والمتن منكر.
- أخرجه الطبري ٣٥١٢٨ من طريق إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ عَنِ محمود عن سعيد بن جبير مرسلا، فهو ضعيف لإرساله، وله علة ثانية محمود هو مولى عمارة مجهول لا يعرف كما في «الميزان» ٤/ ٧٩ فالإسناد ضعيف جدا، والمتن منكر، شبه موضوع، وسياق الآية لا يدل على هذا الخبر.
٢٢٧٥- إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم.
- وهيب هو ابن خالد، طاوس هو ابن كيسان.
- وهو في «شرح السنة» ٦٤٥ بهذا الإسناد.
- وأخرجه البخاري ٨١٢ عن معلّى بن أسد بهذا الإسناد.
- وأخرجه مسلم ٤٩٠ ح ٢٣٠ والنسائي ٢/ ٢٠٩ وأحمد ١/ ٢٩٢ و٣٠٥ وابن حبان ١٩٢٥ والدارمي ١/ ٣٠٢ وأبو عوانة ٢/ ١٨٣ والبيهقي ٢/ ١٠٣ من طرق عن وهيب به.
- وأخرجه مسلم ٤٩٠ ح ٢٢٩ والنسائي ٢/ ٢٠٩ و٢١٠ وابن ماجه ٨٨٤ والشافعي ١/ ٨٤- ٨٥ وابن خزيمة ٦٣٥ والحميدي ٤٩٤ والبيهقي ٢/ ١٠٣ والبغوي ١٤٦ من طرق عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ ابن طاوس به.
- وأخرجه مسلم ٤٩٠ ح ٢٣١ والنسائي ٢/ ٢٠٩ وأبو عوانة ٢/ ١٨٢ وابن خزيمة ٦٣٦ والبيهقي ٢/ ١٠٣ من طريق ابن جريج عن ابن طاووس به.
(١) في المطبوع «فرح».
(٢) تصحف في المطبوع «سعيد».
(٣) زيادة عن المخطوط.
(٤) تصحف في المطبوع (يعلى). [.....]
162
وَأَنَّهُ، قَرَأَ نَافِعٌ وَأَبُو بَكْرٍ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِفَتْحِهَا، لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ، يَعْنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَدْعُوهُ، يعني يعبده ويقرأ القرآن وذلك حِينَ كَانَ يُصَلِّي بِبَطْنِ نَخْلَةَ وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ، كادُوا، يَعْنِي الْجِنَّ، يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً، أَيْ يَرْكَبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَيَزْدَحِمُونَ حِرْصًا عَلَى اسْتِمَاعِ الْقُرْآنِ، هَذَا قَوْلُ الضَّحَّاكِ وَرِوَايَةُ عَطِيَّةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنْهُ: هَذَا مِنْ قَوْلِ النَّفَرِ الَّذِينَ رَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ مِنَ الْجِنِّ أَخْبَرُوهُمْ بِمَا رَأَوْا مِنْ طَاعَةِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقْتِدَائِهِمْ بِهِ فِي الصَّلَاةِ. وَقَالَ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَابْنُ زَيْدٍ: يَعْنِي لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ بِالدَّعْوَةِ تَلَبَّدَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ، وَتَظَاهَرُوا عَلَيْهِ لِيُبْطِلُوا الْحَقَّ الَّذِي جَاءَهُمْ به، ويطفؤا نُورَ اللَّهِ فَأَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ، وَيُتِمَّ هَذَا الْأَمْرَ وَيَنْصُرَهُ عَلَى مَنْ نَاوَأَهُ. وَقَرَأَ هُشَامٌ عَنِ ابْنِ عَامِرٍ لِبَداً بِضَمِّ اللَّامِ، وَأَصْلُ اللُّبَدِ الْجَمَاعَاتُ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ، وَمِنْهُ سُمِّيَ اللِّبَدُ الَّذِي يُفْرَشُ لِتَرَاكُمِهِ وتلبد الشعر إذا تراكم.
[سورة الجن (٧٢) : الآيات ٢٠ الى ٢٧]
قُلْ إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً (٢٠) قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا رَشَداً (٢١) قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (٢٢) إِلاَّ بَلاغاً مِنَ اللَّهِ وَرِسالاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً (٢٣) حَتَّى إِذا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً (٢٤)
قُلْ إِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً (٢٥) عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً (٢٦) إِلاَّ مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً (٢٧)
قُلْ إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي، قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَعَاصِمٌ وَحَمْزَةُ قُلْ عَلَى الْأَمْرِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ قَالَ يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي»، قَالَ مُقَاتِلٌ: وَذَلِكَ أَنَّ كُفَّارَ مَكَّةَ قَالُوا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَقَدْ جِئْتَ بِأَمْرٍ عَظِيمٍ فَارْجِعْ عَنْهُ فَنَحْنُ نُجِيرُكَ، فَقَالَ لَهُمْ: «إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي»، وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً.
قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا، لَا أَقْدِرُ أَنْ أَدْفَعَ عَنْكُمْ ضَرًا، وَلا رَشَداً، أي لا أسوق لكم أو إِلَيْكُمْ رَشَدًا، أَيْ خَيْرًا يَعْنِي أَنَّ اللَّهَ يَمْلِكُهُ.
قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ، لن يمنعني منه أَحَدٍ إِنْ عَصَيْتُهُ. وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً، مَلْجَأً أَمِيلُ إِلَيْهِ. وَمَعْنَى الْمُلْتَحَدِ أَيِ الْمَائِلِ، قَالَ السُّدِّيُّ: حِرْزًا. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: مُدْخَلًا فِي الْأَرْضِ مِثْلَ السِّرْبِ.
إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ وَرِسالاتِهِ، فَفِيهِ الْجِوَارُ وَالْأَمْنُ وَالنَّجَاةُ، قَالَهُ الْحَسَنُ. قَالَ مُقَاتِلٌ: ذَلِكَ الَّذِي يُجِيرُنِي مِنْ عَذَابِ اللَّهِ، يَعْنِي التَّبْلِيغَ. وَقَالَ قَتَادَةُ: إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ فَذَلِكَ الَّذِي أَمْلِكُهُ بِعَوْنِ اللَّهِ وَتَوْفِيقِهِ.
وَقِيلَ: لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا لَكِنْ أُبَلِّغُ بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ فَإِنَّمَا أَنَا مُرْسَلٌ بِهِ لَا أَمْلِكُ إِلَّا مَا مُلِّكْتُ.
وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَلَمْ يُؤْمِنْ، فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً.
حَتَّى إِذا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ، يَعْنِي الْعَذَابَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَسَيَعْلَمُونَ، عِنْدَ نُزُولِ الْعَذَابِ، مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً، أَهُمْ أَمِ الْمُؤْمِنُونَ.
قُلْ إِنْ أَدْرِي، أَيْ مَا أَدْرِي، أَقَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ، من الْعَذَابَ وَقِيلَ: الْقِيَامَةُ، أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً أَجَلًا وَغَايَةً تَطُولُ مُدَّتُهَا يَعْنِي: أَنَّ عِلْمَ وَقْتِ الْعَذَابِ غَيْبٌ لَا يَعْلَمُهُ إِلَّا اللَّهُ عالِمُ الْغَيْبِ رُفِعَ عَلَى نَعْتِ، قَوْلِهِ رَبِّي، وَقِيلَ: هُوَ عَالَمُ الْغَيْبِ: فَلا يُظْهِرُ، لَا يُطْلِعُ، عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ، إِلَّا مَنْ يَصْطَفِيهِ لِرِسَالَتِهِ فَيُظْهِرَهُ عَلَى مَا يَشَاءُ مِنَ الْغَيْبِ لِأَنَّهُ يَسْتَدِلُّ عَلَى نُبُوَّتِهِ بِالْآيَةِ المعجزة التي تخبر عَنِ الْغَيْبِ، فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً، ذِكْرُ بَعْضِ الْجِهَاتِ دَلَالَةً عَلَى
جَمِيعِهَا رَصَداً أَيْ يَجْعَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ وَخَلْفَهُ حَفَظَةً مِنَ الْمَلَائِكَةِ يَحْفَظُونَهُ مِنَ الشَّيَاطِينِ أَنْ يَسْتَرِقُوا السَّمْعَ، وَمِنَ الْجِنِّ أَنْ يَسْتَمِعُوا الْوَحْيَ فَيُلْقُوا إِلَى الْكَهَنَةِ. قَالَ مُقَاتِلٌ وَغَيْرُهُ: كَانَ اللَّهُ إِذَا بَعَثَ رَسُولًا أَتَاهُ إِبْلِيسُ فِي صُورَةِ مَلَكٍ يُخْبِرُهُ فَيَبْعَثُ اللَّهُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمَنْ خَلْفِهِ رَصَدًا مِنَ الْمَلَائِكَةِ يَحْرُسُونَهُ وَيَطْرُدُونَ الشَّيَاطِينَ، فَإِذَا جَاءَهُ شَيْطَانٌ فِي صُورَةِ مَلَكٍ أَخْبَرُوهُ بِأَنَّهُ شَيْطَانٌ، فَاحْذَرْهُ وَإِذَا جَاءَهُ مَلَكٌ قَالُوا له: هذا رسول ربك.
[سورة الجن (٧٢) : آية ٢٨]
لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً (٢٨)
لِيَعْلَمَ، قَرَأَ يَعْقُوبُ لِيُعْلَمَ بِضَمِّ الْيَاءِ أَيْ لِيَعْلَمَ النَّاسُ، أَنْ الرُّسُلَ، قَدْ أَبْلَغُوا، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِفَتْحِ الْيَاءِ أَيْ لَيَعْلَمَ الرَّسُولُ أَنَّ الْمَلَائِكَةَ قَدْ أَبْلَغُوا، رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَأَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ، أَيْ عَلِمَ اللَّهُ مَا عِنْدَ الرُّسُلِ فَلَمْ يَخْفَ عَلَيْهِ شَيْءٌ، وَأَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَحْصَى مَا خَلَقَ وَعَرَفَ عَدَدَ مَا خَلَقَ فَلَمْ يَفُتْهُ عِلْمُ شَيْءٍ حَتَّى مَثَاقِيلِ الذَّرِّ وَالْخَرْدَلِ، وَنُصِبَ عَدَداً عَلَى الْحَالِ، وَإِنْ شِئْتَ عَلَى الْمَصْدَرِ، أَيْ عدّ عددا.
سورة المزمل
مكية [وهي عشرون آية] [١]
[سورة المزمل (٧٣) : الآيات ١ الى ٣]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً (٢) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً (٣)
يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١)، أي الملتف بِثَوْبِهِ، وَأَصْلُهُ الْمُتَزَمِّلُ أُدْغِمَتِ التَّاءُ في الزاي، ومثله المدثر أُدْغِمَتِ التَّاءُ فِي الدَّالِ، يُقَالُ: تَزَمَّلَ وَتَدَثَّرَ بِثَوْبِهِ إِذَا تَغَطَّى بِهِ. وَقَالَ السُّدِّيُّ: أَرَادَ يَا أَيُّهَا النَّائِمُ قُمْ فَصَلِّ.
قَالَ الْعُلَمَاءُ: كَانَ هَذَا الْخِطَابُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَوَّلِ الْوَحْيِ قَبْلَ تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ ثُمَّ خُوطِبَ بَعْدُ بِالنَّبِيِّ وَالرَّسُولِ.
قُمِ اللَّيْلَ، أَيْ لِلصَّلَاةِ، إِلَّا قَلِيلًا، وَكَانَ قِيَامُ اللَّيْلِ فَرِيضَةً في الابتداء ثم بين قَدْرَهُ فَقَالَ:
نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (٣)، إلى الثلث.
[سورة المزمل (٧٣) : آية ٤]
أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً (٤)
أَوْ زِدْ عَلَيْهِ، عَلَى النِّصْفِ إِلَى الثُّلُثَيْنِ، خَيَّرَهُ بَيْنَ هَذِهِ المنازل، فَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ يَقُومُونَ عَلَى هَذِهِ الْمَقَادِيرِ، وَكَانَ الرَّجُلُ لَا يَدْرِي متى ثلث الليل ومتى النصف ومتى الثلثان، فكان يَقُومُ حَتَّى يُصْبِحَ مَخَافَةَ أَنْ لَا يَحْفَظَ الْقَدْرَ الْوَاجِبَ، وَاشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ حَتَّى انْتَفَخَتْ أَقْدَامُهُمْ فَرَحِمَهُمُ اللَّهُ وَخَفَّفَ عَنْهُمْ وَنَسَخَهَا بقوله: فَاقْرَؤُا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى [المزمل: ٢٠] الْآيَةَ، فَكَانَ بَيْنَ أَوَّلِ السُّورَةِ وآخرها سنة.
(١) زيد في المطبوع.
164
«٢٢٧٦» أَخْبَرَنَا الْإِمَامُ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَاضِي أَنَا أَبُو نُعَيْمٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْحَسَنِ الإِسْفَرَاينِيُّ أَنَا أَبُو عُوَانَةَ يَعْقُوبُ بن إسحاق الحافظ ثنا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ عَفَّانَ ثنا يحيى بن بشر ثنا سَعِيدٌ يَعْنِي ابْنَ أَبِي عَرُوبَةَ ثنا قَتَادَةَ عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى عن سعد [١] بْنِ هِشَامٍ قَالَ: انْطَلَقْتُ إِلَى عائشة فَقُلْتُ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَنْبِئِينِي عَنْ خُلُقِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: أَلَسْتَ تَقْرَأُ الْقُرْآنَ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَتْ: فَإِنَّ خُلُقَ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ الْقُرْآنُ، قُلْتُ: فَقِيَامُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَتْ: أَلَسْتَ تَقْرَأُ يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (١) ؟ قُلْتُ: بَلَى قَالَتْ: فَإِنَّ اللَّهَ افْتَرَضَ الْقِيَامَ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السُّورَةِ، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ حَوْلًا حَتَّى انْتَفَخَتْ أَقْدَامُهُمْ وَأَمْسَكَ اللَّهُ خَاتِمَتَهَا اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا فِي السَّمَاءِ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ التَّخْفِيفَ فِي آخِرِ هَذِهِ السُّورَةِ، فَصَارَ قِيَامُ اللَّيْلِ تَطَوُّعًا بَعْدَ الْفَرِيضَةِ.
قَالَ مُقَاتِلٌ وَابْنُ كَيْسَانَ: كَانَ هَذَا بِمَكَّةَ قَبْلَ أَنْ تُفْرَضَ الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ بِالصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بينه بيانا. قال الحسن: اقرأه قراءة بينة. قال مجاهد:
ترسل فيه ترسلا. قال قَتَادَةُ: تَثَبَّتْ فِيهِ تَثَبُّتًا. وَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا: اقْرَأْهُ عَلَى هَيْنَتِكَ ثَلَاثَ آيَاتٍ أَوْ أَرْبَعًا أَوْ خَمْسًا.
٢٢٧»
أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ [بْنُ أَحْمَدَ] الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ ثَنَا مُحَمَّدُ بن إسماعيل ثنا عمرو بن عاصم ثنا هُمَامٌ [٢] عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: سُئِلَ أَنَسٌ كَيْفَ كَانَتْ قِرَاءَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟
فَقَالَ: كَانَتْ مَدًّا مَدًّا ثُمَّ قَرَأَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ يَمُدُّ بسم الله ويمد بالرحمن ويمد بالرحيم.
«٢٢٧٨» أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ [بْنُ أَحْمَدَ] [٣] الْمَلِيحِيُّ أَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النَّعِيمِيُّ أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يوسف ثنا
٢٢٧٦- صحيح. الحسن صدوق، وقد توبع ومن دونه، وشيخه يحيى بن بشر ثقة روى له مسلم، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم.
- قتادة هو ابن دعامة.
- وأخرجه مسلم ٧٤٦ م طريق سعيد بن أبي عروبة بهذا الإسناد.
- وأخرجه أبو داود ١٣٤٢ والنسائي ٣/ ١٩٩ وعبد الرزاق ٤٧١٤ وأحمد ٦/ ٥٣ والطحاوي ١/ ٢٨٠ والبيهقي ٢/ ٤٩٩ وابن خزيمة ١٧٨ و١١٢٧ و١١٦٩ من طرق عن قتادة به.
٢٢٧٧- إسناده صحيح على شرط البخاري ومسلم.
- همام هو ابن يحيى، قتادة هو ابن دعامة.
- وهو في «شرح السنة» ١٢٠٧ بهذا الإسناد.
- وهو في «صحيح البخاري» ٥٠٤٦ عن عمرو بن عاصم بهذا الإسناد.
- وأخرجه ابن سعد في «الطبقات» ١/ ٢٨٤ وابن حبان ٦٣١٧ من طريق عمرو بن عاصم عن همام بن يحيى وجرير بن حازم عن قتادة به.
- وأخرجه البخاري ٥٠٤٥ وأبو داود ١٤٦٥ والنسائي ٢/ ١٧٩ والترمذي في الشمائل ٣٠٨ وابن ماجه ١٣٥٣ وابن سعد ١/ ٢٨٣- ٢٨٤ وأحمد ٣/ ١١٩ و٣٣١ و٣٨٩ وأبو يعلى ٢٩٠٦ وابن حبان ٣١٦ والبيهقي ٢/ ٥٢ من طرق عَنْ جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ عَنْ قتادة به دون عجزه «ثم قرأ بسم الله... ».
٢٢٧٨- إسناده صحيح على شرط البخاري، فقد تفرد عن آدم، ومن فوقه رجال البخاري ومسلم.
- آدم هو ابن أبي إياس، شعبة هو ابن الحجاج، أبو وائل هو شقيق بن سلمة.
(١) تصحف في المطبوع «سعيد».
(٢) تصحف في المطبوع «هشام».
(٣) زيادة عن المخطوط.
165
محمد بن إسماعيل ثنا آدم ثنا شعبة ثنا عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَرَأَتُ الْمُفَصَّلَ اللَّيْلَةَ فِي رَكْعَةٍ، فَقَالَ: هَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ، ؟ لَقَدْ عَرَفْتُ النَّظَائِرَ الَّتِي كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْرِنُ بَيْنَهُنَّ فَذَكَرَ عِشْرِينَ سُورَةً مِنَ الْمُفَصَّلِ كل سورتين في رَكْعَةٍ.
«٢٢٧٩» أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بن أبي أحمد مثويه أَنَا الشَّرِيفُ أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْحُسَيْنِيُّ الحراني فيما كتبه إِلَيَّ، أَنَا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بن الحسين الآجري أَنَا أَبُو بَكْرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حُمَيْدٍ الْوَاسِطِيُّ ثنا زيد بن أخرم [١] ثنا محمد بن الفضل ثنا سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ أَبِي حَمْزَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ: لَا تَنْثُرُوهُ نَثْرَ الدَّقْلِ وَلَا تَهْذُّوهُ هَذَّ الشِّعْرِ، قِفُوا عِنْدَ عَجَائِبِهِ وَحَرِّكُوا بِهِ الْقُلُوبَ، وَلَا يَكُنْ هَمُّ أَحَدِكُمْ آخِرَ السُّورَةِ.
«٢٢٨٠» أَخْبَرَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ أَبِي أَحْمَدَ بْنِ مثويه [٢] أَنَا الشَّرِيفُ أَبُو الْقَاسِمِ عَلِيُّ بن محمد بن علي
- وهو في «شرح السنة» ٩٠٨ بهذا الإسناد.
- وهو في «صحيح البخاري» ٧٧٥ عن آدم بهذا الإسناد.
- وأخرجه مسلم ٨٢٢ ح ٢٧٩ والنسائي ٢/ ١٧٥ والطيالسي ٤٠٦ والطحاوي في «المعاني» ١/ ٣٤٦ وأحمد ١/ ٤٣٦ وأبو عوانة ٢/ ١٦٣ من طرق عن شعبة به.
- وأخرجه البخاري ٥٠٤٣ ومسلم ٨٢٢ ح ٢٧٩ وأحمد ١/ ٤٢٧ و٤٦٢ والطحاوي ١/ ٣٤٦ وأبو عوانة ٢/ ١٦٢ من طرق عن أبي وائل به.
- وأخرجه البخاري ٤٩٩٦ ومسلم ٨٢٢ والترمذي ٦٠٢ وأحمد ١/ ٣٨٠ والنسائي ٢/ ١٧٤ والطيالسي ٤٠٥ وأبو يعلى ٥٢٢٢ وابن خزيمة ٥٣٨ وأبو عوانة ٢/ ١٦٢ من طرق عن الأعمش عن شقيق أبي وائل به.
- وأخرجه البخاري ٥٠٤٣ ومسلم ٨٢٢ ح ٢٧٨ وابن حبان ٢٦٠٧ من طريق مهدي بن ميمون عن واصل الأحدب عن أبي وائل به.
- وأخرجه أبو داود ١٣٩٦ والطحاوي ١/ ٣٤٦ من طريق علقمة والأسود عن ابن مسعود.
٢٢٧٩- موقوف ضعيف.
- إسناده ضعيف، سعيد بن زيد ضعفه غير واحد، ووثقه بعضهم، وأبو حمزة ضعيف الحديث.
- أبو حمزة هو ميمون القصاب مشهور بكنيته، إبراهيم هو ابن يزيد النخعي، علقمة هو ابن الأسود.
٢٢٨٠- حسن صحيح بطرقه وشواهده.
- إسناده ضعيف، موسى بن عبيدة الربذي ضعيف، وأخوه روى له البخاري، وهو مختلف فيه، وثقه يعقوب بن شيبة والدارقطني وابن حبان في رواية، وقال النسائي لا بأس به، وضعفه ابن معين وابن عدي وابن حبان في رواية ثانية، لكن كلاهما قد توبع، وللحديث شواهد.
- وهو في «أخلاق حملة القرآن» للآجري ٣٢ عن أبي محمد يحيى بن محمد بن صاعد بهذا الإسناد.
- وهو في «الزهد» ٨١٣ عن موسى بن عبيدة بهذا الإسناد.
- وأخرجه الطبراني ٦٠٢١ و٦٠٢٢ من طريق موسى بن عبيدة به.
- أخرجه أبو داود ٨٣١ والطبراني ٦٠٢٤ وابن حبان ٧٦٠ من طريق ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن بكر بن سوادة عن وفاء بن شريح الصدفي عن سهل به.
- وإسناده لين لأجل وفاء، فإنه مقبول، لكن حديثه حسن بالمتابعة.
- وأخرجه أحمد ٥/ ٣٣٨ وأبو داود ٨٣١ من طريق ابن لهيعة عن بكر بن سوادة بالإسناد المذكور.
- وأخرجه أحمد ٣/ ١٤٦ و١٥٥ من طريق ابن لهيعة عن بكر بن سوادة عن وفاء الخولاني عن أنس به.
(١) في المطبوع «أجروم».
(٢) في المطبوع «منويه» والمثبت عن المخطوط وط.
166
Icon