ﰡ
وفي تخصيصِ التِّين من بين سائرِ الفواكه أنه ثَمَرُ شجرةٍ مثل الخبيص على مقدار اللُّقمة، ظاهرهُ مثلُ باطنهِ، وباطنهُ مثل ظاهرهِ، لا يخالطهُ قِشْرٌ، ولا نوَى على صفةِ ثمار الجنَّة. والزيتونُ ثمرُ شجرةٍ يُعصَرُ منها الزيتُ بما فيه من الطِّيب، وإصلاحِ الغداء في أكثرِ الأطعمة مع الاصطباحِ به والادِّهان به. وعن قتادةَ قال :((التِّينُ هُوَ دِمَشْقُ، وَالزَّيْتُونُ هُوَ بَيْتُ الْمَقْدِسِ))، وقال القتيبيُّ :((هُمَا جَبَلاَنِ بالشَّامِ، يُقَالُ لَهُمَا طُورُ تَيْنَا وَطُورُ زَيْنَا ؛ لأنَّهُمَا يُنْبتَانِهِمَا)).
ويقال : معناهُ : المباركُ. وعن عكرمةَ :((أنَّ مَعْنَاهُ الْجَبَلُ فِي الشِّتَاءِ ؛ لأَنَّهُ كَثِيرُ النَّبَاتِ وَالأَشْجَار)).
ثم استثنَى المؤمنين المطيعينَ، فإنَّهم لا يُرَدُّونَ إلى أسفلِ سَافِلين، ويجوز أنْ يكون هذا استثناءً منقطعاً بمعنى لكن، ﴿ إِلاَّ الَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ ﴾ ؛ أي الطاعاتِ فيما بينهم وبين ربهم، ﴿ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ ﴾ ؛ أي ثوابٌ غير مقطوعٍ ؛ أي لا ينقطعُ ثوابُهم بموتِهم.
وفي الحديث :" إنَّ الْمُؤْمِنَ إذا عَمِلَ فِي حَالِ شَبَابهِ وَقُوَّتِهِ، ثُمَّ مَرِضَ أوْ هَرِمَ، كَتَبَ اللهُ لَهُ حَسَنَاتِهِ، كَمَا كَانَ يَعْمَلُ فِي حَالِ شَبَابهِ وَقُوَّتِهِ، لاَ يَنْقُصُ مِنْهُ شَيْءٌ ".
وعن رسولِ الله ﷺ أنَّهُ قالَ :" إذا مَاتَ الْمُؤْمِنُ فَدُفِنَ فِي قَبْرِهِ قَالَ مَلَكَانِ : يَا رَب قَدْ مَاتَ عَبْدُكَ فُلاَنٌ، فَأْذنْ لَنَا أنْ نَصْعَدَ إلَى السَّمَاءِ فَنُسَبحَكَ، فَيَقُولُ اللهُ تَعَالَى : سَمَائِي مَمْلُوءَةٌ مِنْ مَلاَئِكَتِي يُسَبحُونَنِي، فَيَقُولُونَ : يَا رَب فَأَيْنَ تَأْمُرُنَا ؟ فَيَقُولُ : قُومَا عَلَى قَبْرِ عَبْدِي فَسَبحَانِي وَكَبرَانِي وَاحْمَدَانِي وَهَلِّلاَنِي، وَاكْتُبَا ثَوَابَ ذلِكَ لِعَبْدِي حَتَّى أبْعَثَهُ مِنْ قَبْرِهِ ".