تفسير سورة العلق

إعراب القرآن للنحاس
تفسير سورة سورة العلق من كتاب إعراب القرآن المعروف بـإعراب القرآن للنحاس .
لمؤلفه ابن النَّحَّاس . المتوفي سنة 338 هـ

٩٦ شرح إعراب سورة القلم (العلق)

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة العلق (٩٦) : آية ١]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (١)
اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ في موضع جزم على قول الكوفيين. والعامل فيه عند الفرّاء لام محذوفة، وعلامة الجزم حذف الضمة. وهو عند البصريين غير معرب لأنه لا يضارع الأسماء فيعرب، وحكى أبو زيد والكسائي «أقر» «١» على بدل الهمزة فيصير كقولك:
اخش، ومثل هذا قول زهير: [الطويل] ٥٧٨- وإن لا يبد بالظّلم يظلم «٢» وقد قيل: إن على هذا قراءة الجماعة أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ [البقرة: ٦١] وأنه مأخوذ من الدناءة. الَّذِي خَلَقَ في موضع خفض نعت لربك أو في موضع رفع على إضمار مبتدأ أو في موضع نصب بمعنى أعني.
[سورة العلق (٩٦) : آية ٢]
خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ (٢)
الإنسان بمعنى جماعة فلذلك قال: علّق وهو جمع علقة.
[سورة العلق (٩٦) : آية ٣]
اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (٣)
وحذف المفعول أي اقرأ ما أنزل إليك وربك الأكرم لا يخليك من الثواب على قراءتك.
[سورة العلق (٩٦) : آية ٤]
الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (٤)
نعت للذي الأول.
(١) انظر البحر المحيط ٨/ ٤٨٨، والإتحاف ٢٧٢.
(٢) مرّ الشاهد رقم (١٦).

[سورة العلق (٩٦) : الآيات ٥ الى ٦]

عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ (٥) كَلاَّ إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى (٦)
عَلَّمَ الْإِنْسانَ ما لَمْ يَعْلَمْ (٥) مفعولان. ومن قال: إن كَلَّا تمام في جميع القرآن قال: المعنى ليس يجب أن يدعوا التفكّر فيما بيّنه الله من خلقكم مما يدلّ على وحدانيته، وأنه لا شبه له. إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى جاء على فعل يفعل لأنّ فيه الغين.
[سورة العلق (٩٦) : آية ٧]
أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى (٧)
«١» فجاء المفعول متصلا، ولم يستعمل رأى نفسه، لأنه من أخوات ظننت.
[سورة العلق (٩٦) : آية ٨]
إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى (٨)
في موضع نصب ولم يتبيّن فيه الإعراب لأن في آخره ألفا.
[سورة العلق (٩٦) : الآيات ٩ الى ١٢]
أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى (٩) عَبْداً إِذا صَلَّى (١٠) أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى (١١) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى (١٢)
أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى (٩) عَبْداً إِذا صَلَّى (١٠) وحذف الجواب لعلم السامع، وكذا أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى (١١) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوى (١٢).
[سورة العلق (٩٦) : آية ١٣]
أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٣)
أي مع منعه من الصلاة إن كذّب الله ورسوله وتولّى عن طاعته.
[سورة العلق (٩٦) : الآيات ١٤ الى ١٦]
أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرى (١٤) كَلاَّ لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ (١٥) ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ (١٦)
أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرى (١٤) أي يراه ويعلم فعله فيعاقبه عليه ومن قال كَلَّا التمام قال:
المعنى: ليس الأمر على ما قدره من أنه يتهيّأ له أن يمنعه من الصلاة لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ حذفت الياء للجزم، ومن أثبتها في غير القرآن قدّرها متحركة لَنَسْفَعاً «٢» الوقف عليه بالألف فرقا بينه وبين النون الثقيلة ولأنه بمنزلة قولك: رأيت زيدا، كما قال: [الطويل] ٥٧٩- ولا تحمد الشّيطان والله فاحمدا «٣» بِالنَّاصِيَةِ ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ (١٦).
على البدل. والفراء «٤» على التكرير، وأجاز ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ خاطِئَةٍ لأنها نكرة بعد معرفة.
[سورة العلق (٩٦) : آية ١٧]
فَلْيَدْعُ نادِيَهُ (١٧)
(١) انظر تيسير الداني ١٨١ (قرأ قنبل بقصر الهمزة والباقون بمدّها).
(٢) انظر البحر المحيط ٨/ ٤٩٠.
(٣) مرّ الشاهد رقم (١٧٣).
(٤) انظر معاني الفراء ٣/ ٢٧٩، والبحر المحيط ٨/ ٤٩١.
حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه اتّساعا أي أهل ناديه.
[سورة العلق (٩٦) : آية ١٨]
سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ (١٨)
كتب بغير واو على الإدراج، ولا يجوز الوقف عليه.
[سورة العلق (٩٦) : آية ١٩]
كَلاَّ لا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ (١٩)
كَلَّا لا تُطِعْهُ أي في ما ينهاك عنه من الضلالة وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ إلى الله جلّ وعزّ بطاعته فإنه يعظّمك ويمنع منك. وفي الحديث «أقرب ما يكون العبد من الله تعالى إذا كان ساجدا فأكثروا من الدعاء في السجود فإنه قمن أن يستجاب لكم» «١».
(١) ذكره البغوي في شرح السنة ٣/ ١٥١، والمتقي الهندي في كنز العمال (٣٣٢٨)، وابن عدي في الكامل في الضعفاء ٢/ ٦٩٠.
Icon