تفسير سورة الشرح

البسيط للواحدي
تفسير سورة سورة الشرح من كتاب التفسير البسيط المعروف بـالبسيط للواحدي .
لمؤلفه الواحدي . المتوفي سنة 468 هـ

تفسير سورة ألم نشرح (١)

بسم الله الرحمن الرحيم

١ - ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ﴾ ذكرنا معنى الشرح عند قوله تعالى: ﴿يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ﴾ (٢)، وقوله: ﴿أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ﴾ [الزمر: ٢٢].
ومعناه في اللغة: الفتح (٣) بإذهاب مَا يصد عن الإدرك، والله عز وجل قد فتح صدر نبيه -صلى الله عليه وسلم-بإذهاب الشواغل التي تصد عن إدراك الحق.
قال ابن عباس في هذه الآية: قالوا يا رسول: أينشرح الصدر، قال: "نعم". قالوا يا رسول الله: فلذلك علامة يعرف بها؟ قال: "نعم: التجافي
(١) مكية بالإجماع لا خلاف بينهم في ذلك.
"جامع البيان" ٣٠/ ٢٣٤، "بحر العلوم" ٣/ ٤٨٦، "الكشف والبيان" ج ١٣/ ١١٣ أ، "النكت والعيون" ٦/ ٢٩٦، "معالم التنزيل" ٤/ ٤٠١، "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٩٦.
(٢) سورة الأنعام: ١٢٥. ومما جاء في تفسيرها: "قال الليث: شرح الله صدره فانشرح، أي وسع الله صدره لقبول الخير فتوسع.
وقال غيره: شرح فلان أمره إذا أوضحه وأظهره، وشرح مسألة إذا كانت مشكلة فبينها.
وقال ابن الأعرابي: الشرح الفتح، والشرح البيان..
(٣) انظر: "تهذيب اللغة" ٤/ ١٧٩ (شرح)، "مقاييس اللغة" ٣/ ٢٦٩ (شرح)، "لسان العرب" ٢/ ٤٩٧ (شرح).
121
عن دَار الغرور، والإنابة إلى دار الخلود، والإعداد للموت قبل نزوله" (١).
فأشار -صلى الله عليه وسلم- إلى ذهاب الشواغل التي تصد عن حقيقة الإيمان، وذلك إن صدق الإيمان بالله ووعده، ووعيده يوجب للإنسان الزهد في الدنيا، والرغبة في الآخرة، والاستعداد للموت، فإنه باب الآخرة، وهذا معنى قول الحسن في هذه الآية: ملئ حكمًا وعلمًا (٢)؛ يعني أن معنى: من شرح صدره أي ملأه الله علمًا وحكمًا حتى علم حقيقة الأشياء، وحكم لها (٣) بحكمها على حقيقة الدنيا، وأنها فانية فتركها، وأن الآخرة باقية فرغب
(١) الحديث أخرجه الطبري في "جامع البيان" م ٥: ج ٨/ ٢٧ بمعناه من طريق ابن مسعود، ومن طريق عبد الله ابن المسور.
وأخرجه الدارقطني في: "العلل" ٥/ ١٨٨ - ١٨٩: رقم ٨١٢ بطرق مختلفة عن ابن مسعود، وقال: الصواب عن عمرو بن مرة، عن أبي جعفر عبد الله بن المسور مرسلاً عن النبي -صلى الله عليه وسلم-كذلك قال الثوري، ثم قال: وعبد الله بن المسور بن عون بن جعفر بن أبي طالب هذا متروك.
وأخرجه البيهقي في: "الأسماء والصفات" ١/ ٢٥٧ من طريق خالد بن أبي كريمة، عن عبد الله بن المسور، وقال عنه البيهقي: وهذا منقطع، كما أخرجه من طريق عمرو بن مرة عن أبي جعفر المدائني.
وأورده ابن كثير في "تفسيره": ٢/ ١٨١ عند تفسير سورة الأنعام: ١٢٥ بطرق مختلفة، ثم قال: فهذه طرق لهذا الحديث مرسلة ومتصلة يشد بعضها بعضًا، والله أعلم.
وأورده السيوطي في "الدر المنثور" ٣/ ٣٥٥: سورة الأنعام: ١٢٥ من طريق ابن مسعود، وعزاه إلى ابن شيبة، وابن أبي الدنيا، وابن جرير، وأبي الشيخ، وابن مردويه، والحاكم، والبيهقي في الشعب في طريق عن ابن مسعود وأورده الحاكم في "المستدرك" ٤/ ٣١١ كتاب الرقاق.
(٢) "النكت والعيون" ٦/ ٢٩٦، "الكشاف" ٤/ ٢٢١، "الجامع لأحكام القرآن" ٢٠/ ١٠٤، "الدر المنثور" ٨/ ٥٤٧ وعزاه إلى عبد بن حميد، وابن المنذر، "تفسير الحسن البصري" ٢/ ٤٢٦.
(٣) في (أ): (بها).
122
فيها، وكذلك كل شيء.
وقال الكلبي: يقول ألم يلين قلبك للإسلام؟ ثم ذكر أن جبريل غسل قلبه بماء زمزم، وأنقاه مما كَان فيه من المعاصي، وملأه علمًا وإيمانًا (١).
وعلى هذا معنى شرح صدره: أنقاه مما كان فيه من حظ الشيطان، وخليصه للإيمان، والإسلام، والحق، والتوحيد، حتى لا يكون فيه للشيطان نصيب. وذكرنا في سورة الضحى سبب نزول هذه السورة.
وقوله: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ﴾ استفهام معناه التقرير، أي قد فعلنا ذلك (٢)، يدل على هذا قوله في النسق عليه:
٢ - ﴿وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ﴾ قال المبرد: هذا محمول على معنى "ألم نشرح" لاعلى لفظه، لأنك لا تقول: ألم وضعنا، ولكن معنى: "ألم نشرح" قد شرحنا، فحمل الثاني على معنى الأول، لا على ظاهر اللفظ؛ لأنه لو كان معطوفًا على ظاهره لوجب أن يقال: ونضع عنك وزرك (٣)، و (نحو) (٤) هذا قال (٥) صاحب النظم.
(١) ورد معنى قوله في: "بحر العلوم" ٣/ ٤٨٩، وقد ورد حديث صحيح في معنى قوله، راجع ذلك في: "صحيح البخاري" ٢/ ٤٢٢ - ٤٢٤: ح: ٣٢٠٧: كتاب بدء الخلق: باب ٦ ج ٣: ٦٣ ح ٣٨٨٧: كتاب مناقب الأنصار: باب ٤٢، و"صحيح مسلم" ١/ ١٤٩ - ١٥٠ ح: ٢٦٤: كتاب الإيمان: باب ٧٤، وغيرهما.
(٢) قال السمين الحلبي: الاستفهام إذا دخل على النفي قرره، فصار المعنى: قد شرحنا، ولذلك عطف عليه الماضي. "الدر المصون": ٦/ ٥٤٠.
(٣) "التفسير الكبير" ٣٢/ ٤، ونحو منه ذكر في: "الجامع لأحكام القرآن" ٢٠/ ١٠٥، و"فتح القدير" ٥/ ٤٦١.
(٤) ساقط من: (أ).
(٥) في (أ): (ذكر).
123
ومعنى الوزر: ثقل الذنب (١)، وقد مر تفسيره عند قوله: ﴿وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ﴾ (٢).
قال ابن عباس (٣) في رواية الكلبي، (والحسن (٤) (٥)، وقتادة (٦)، (والضحاك (٧)، ومقاتل (٨) (٩): حططنا (١٠) عنك إثمك الذي سلف منك في الجاهلية، وهذا كقوله: ﴿لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ﴾ [الفتح: ٢]، وقد مر الكلام فيه (١١).
(١) قال بذلك قتادة، وابن زيد، والحسن، وجمهور المفسرين. انظر: "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٩٦.
(٢) سورة الأنعام: ٣١، ومما جاء في تفسيرها: الأوزار: الأثقال، من الإثم، قال ابن عباس: يريد آثامهم وخطاياهم، وقال أهل اللغة: الوِزر: الثقل، وأصله من الحمل، يقال: وزرت الشيء أي حملته، أزِره وزرًا، ثم قيل للذنوب: أوزار، لأنها تثقل ظهر من يحملها وقال أبو عبيد: يقال للرجل إذا بسط ثوبه فجعل فيه المتاع: سأحمل وزرك، وأوزار العرب: أثقالها من السلاح، ووزير السلطان الذي يزر عنه أثقال ما يسند إليه من تدبير الولاية أي يحمل.
(٣) "زاد الميسر" ٨/ ٢٧١ من غير ذكر طريق الكلبي.
(٤) "الكشف والبيان" ١٣/ ١١٣ ب، "معالم التنزيل" ٤/ ٥٠١، "زاد المسير" ٨/ ٢٧١، "فتح القدير" ٥/ ٤٦١، "تفسير الحسن البصري" ٢/ ٤٢٧.
(٥) ساقط من (أ).
(٦) "الكشف والبيان" ١٣/ ١١٣ ب، "معالم التنزيل" ٤/ ٥٠١، "زاد الميسر" ٨/ ٢٧١، "التفسير الكبير" ٤/ ٣٢، "فتح القدير" ٥/ ٤٦١.
(٧) المراجع السابقة عدا "التفسير الكبير"، وتفسير الحسن.
(٨) "فتح القدير" ٥/ ٤٦١.
(٩) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(١٠) في (أ): (حططت).
(١١) ومما جاء في تفسير قوله: ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر". قال أبو =
124
ثم وصف ذلك الوزر فقال:
٣ - ﴿الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ﴾ قال المفسرون: أثقل ظهرك. وهو قول ابن عباس (١)، ومجاهد (٢)، وقتادة (٣)، (ومقاتل (٤) (٥).
قال علماء اللغة: الأصل فيه أن الظهر إذا أثقله الحِمل سُمع له نقيض أي: صوت خفيٌّ، كما ينقض الرجل بحماره إذا ساقه، فأخبر الله (أنه غفر لنبيه -صلى الله عليه وسلم-أوزاره التي كانت تراكمت على ظهره حتى أثقلته، وإنها لو كانت أحمالًا حملت على ظهره لسُمع لها نقيض (٦).
قال أبو إسحاق: ﴿أَنْقَضَ ظَهْرَكَ﴾ هو: أثقله حتى سمع له نقيض، أي صوت (٧).
وهذا مثل، يعني أنه ممثل مما يثقل حتى يسمع نقيض الظهر.
= العباس: وقوله: "ما تقدم من ذنبك وما تأخر" قال مقاتل: يعني ما كان في الجاهلية، وما تأخر بعد النبوة. وروي عن ابن عباس: أي ما كان عليك من إثم الجاهلية، وما تأخر مما يكون. وقال عطاء الخراساني: "ما تقدم من ذنبك" أي ذنب أبويك آدم، وحواء، ببركتك، "وما تأخر" يعني من ذنوب أمتك بدعوتك. وقال سفيان الثوري: مَا تقدم من ذنبك: ما عملت في الجاهلية، وما تأخر يعني ما لم تعمله.
(١) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٢) "تفسير مجاهد" ص ٧٣٦.
(٣) ورد معنى قوله في: "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٣٨٠، "جامع البيان" ٣٠/ ٢٣٤.
(٤) "تفسير مقاتل" ٢٤٤ أ.
(٥) ساقط من: (أ).
(٦) نقله عن "تهذيب اللغة" ٨/ ٣٤٤: (نقض) بتصرف يسير. وانظر: (نقض) في "لسان العرب" ٧/ ٢٤٤، و"تاج العروس" ٥/ ٩٤.
(٧) لم أجد قوله في المعاني، وقد ورد في: "الوسيط" ٤/ ٥١٦.
125
ويقال أيضًا: أُنقض الظهر أي صَار إلى هذه الحالة، قال الشاعر:
وحُزن تُنْقِضُ الأضلاع منه..... مُقيم في الجَوانح لن يزولا (١)
ويقال (٢): أنقضت المِحْجمة (٣): إذا سمع لها صوت، وأنقاض الفرخ من ذلك.
يقال (٤): أنقض إنقاضًا، ومنه قول ذي الرمة:
أنقاضُ الفَراريجِ (٥).
قال قتادة في هذه الآية: كانت للنبي -صلى الله عليه وسلم- ذنوب قد أثقلته فغفرها (٦) له (٧).
هذا الذي ذكرنا في الآيتين على قول من يقول: كانت له ذنوب سلفت
(١) ورد البيت غير منسوب في "تهذيب اللغة" ٨/ ٣٤٥ (نقض)، و"لسان العرب" ٧/ ٢٤٤ (نقض)، و"تاج العروس" ٥/ ٩٤ (نقض).
(٢) وهذا القول قاله الليث كما في "تهذيب اللغة" ٨/ ٣٤٥ (نقض)، وقد نقله عنه، وانظر أيضًا "لسان العرب"، و"تاج العروس"، مرجعان سابقان.
(٣) المحجمة: ما يحجم به، وهي القارورة. "لسان العرب" ٢/ ١١٧ (حجم).
(٤) قال به أبو زيد وقد نقله عن "تهذيب اللغة". مرجع السابق.
(٥) البيت كاملاً:
كَأَنَّ أصْوتَ مِن إيغا لِهِنَّ بِنا.... أوخِر الْمَيْس أنقاض الفَراريجِ
وقد ورد في "ديوانه" ٢/ ٩٩٦ وانظر مراجع اللغة السابقة.
معناه: الإيغال: المضي والإبعاد، الميس: الرَّحل. والمعنى: يريد أن رحالهم جديدة، وقد طال سيرهم، فبعض الرحل يحك بعضًا، فيحصل مثل أصوات الفراريج من اضطراب الرحال، ولشدة السير. "ديوانه" ٣/ ٩٩٦.
(٦) في (أ): (يغفرها).
(٧) "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٣٨٠، "جامع البيان" ٣٠/ ٢٣٤، "النكت والعيون" ٦/ ٢٩٧، "الجامع لأحكام القرآن" ٢٠/ ١٠٥.
126
منه في الجاهلية قبل النبوة (١).
وذهب قوم إلى أن المراد بهذا: الصغائر، والخطأ، والسهو، وإنما وصف ذلك بإنقاض الظهر مع كونها مغفورة لشدة اغتمام (٢) النبي -صلى الله عليه وسلم- بوقوعه منه، وتحسره مع ندمه عليه (٣).
وقوم يذهبون إلى أن هذا تخفيف أعباء النبوة التي تثقل الظهر من القيام بأمرها، وحفظ موجباتها، والمحافظة على حقوقها، سهل الله ذلك عليه، (وحط عليه) (٤) ثقلها بأن يسرها عليه حتى تيسرت، وذكر مِنَتهُ عليه
(١) سبق القول في مثل هذه المسألة عند تفسير قوله: ﴿وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى﴾ [الضحى: ٧].
(٢) في (أ): (اهتمام).
(٣) ومن القائلين بذلك الحسين بن الفضل، انظر قوله في "الكشف والبيان" ١٣/ ١١٣ ب، "الجامع لأحكام القرآن" ٢٠/ ١٠٦ وهذا القول ضمن القائلين بعصمة الأنبياء بعد البعثة من الكفر والكبائر، وفي كل ما يتعلق بالتبليغ، أما صغائر الذنوب، والسهو، والنسيان، فتصدر منهم كما دل على ذلك ظاهر القرآن، والسنة؛ غير أنهم لا يُقُّرون على الخطأ، وإذا وقع منهم ذنوب فإنهم يتوبون، ويكونون أحسن حالاً بعد التوبة، وهذا هو قول جمهور أهل السنة والجماعة.
"منهاج السنة" لابن تيمية ١/ ٤٧٠ - ٤٧٢، "مجموع الفتاوى" ١٠/ ٣٠٩ - ٣١٣. وانظر: "منهج السفاريني في أصول الدين" ٢/ ٣٦٤.
وقال ابن تيمية: (فإن القول بأن الأنبياء معصومون عن الكبائر دون الصغائر، هو قول أكثر علماء الإسلام، وجميع الطوائف، حتى أنه قول أكثر أهل الكلام كما ذكر أبو الحسن الأمدي أن هذا قول أكثر الأشعرية، وهو أيضًا قول أكثر أهل التفسير، والحديث والفقهاء؛ بل هو لم ينقل عن السلف والأئمة والصحابة والتابعين وتابعيهم إلا ما يوافق هذا القول).
"مجموع الفتاوى" ٤/ ٣١٩، وانظر "منهج السفاريني" ٢/ ٣٦٤.
(٤) ساقط من: (أ).
127
بذلك، (وهذا معنى قول الكسائي (١)، وجويبر عن الضحاك (٢) (٣) (٤).
٤ - قوله تعالى: ﴿وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ﴾ هو قال جماعة المفسرين: لا ذُكِرتُ، إلا ذُكرتَ مَعَي (٥).
وشرح ذلك ابن عباس فيما روى (عنه) (٦) عطاء، فقال: يريد الأذان، والإقامة، والتشهد، ويوم (٧) الجمعة، وعلى المنابر، ويوم الفطر، ويوم النحر، ويوم عرفة، وأيام التشريق، وعند الجمار، وعلى الصفا والمروة، وخطبة النكاح، وحول الكعبة، وفي كل موطن، وعلى الدنانير والدراهم، وكلمة الشهادة، ولو أن رجلاً عبدَ الله وصدقه في كل شيء، ولم يشهد أن محمدًا رسول الله لم ينتفع بشيء، وكان كافرًا (٨)، وإلى هذا أشار حسان بن
(١) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٢) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٣) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٤) وممن قال بذلك أيضًا: عبد العزيز بن يحيى، وأبو عبيدة، ومحمد بن المكرم، انظر: "الكشف والبيان" ١٣/ ١١٣ ب، "معالم التنزيل" ٤/ ٥٠٢، "لسان العرب" ٧/ ٢٤٤ (نقض).
(٥) حكاه عن جمهور المفسرين ابن الجوزي في "زاد المسير" ٨/ ٢٧٢.
وممن قال به: ابن عباس، وقتادة، ومجاهد، وأبو سعيد الخدري، والضحاك، ومحمد بن كعب، والحسن، وأنس مرفوعاً، وعدي بن حاتم مرفوعاً. انظر: "جامع البيان" ٣٠/ ٢٣٥، و"الكشف والبيان ١٣/ ١١٣ ب، و" النكت والعيون" ٦/ ٢٩٧، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥٦١، و"الدر المنثور" ٨/ ٥٤٨ - ٥٤٩.
(٦) ساقط من (أ).
(٧) في (أ): (يوم) بغير واو.
(٨) ورد قوله ولكن برواية الضحاك عن ابن عباس في: "الجامع لأحكام القرآن" ٢٠/ ١٠٦ - ١٠٧.
ثابت في قوله:
وضَمَّ الإلهُ اسْمَ النِبّيّ إلى اسْمِهِ..... إذا قالَ في الخَمسِ المُؤذنُ أشْهدُ (١)
ثم وعده اليسر، والرخاء بعد الشدة، وذلك أنه كان بمكة في شدة، وهو قوله:
٥ - ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾ قال الكلبي: مَعَ الفقر سعة (٢).
وقال مقاتل: يعني تتبع الشدة الرخاء (٣).
٦ - ثم ذكر (بعد) (٤) ذلك فقال: ﴿إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾
قال ابن عباس في رواية عطاء: يقول الله تعالى: (خلقت عسرًا واحداً، وخلقت يسرين، فلن (٥) يغلب عسر يسرين) (٦)، (ونحو هذا قال الكلبي (٧)) (٨).
(١) ورد البيت في "ديوانه" ٤٧ ط. دار صادر، كما ورد في "معالم التنزيل" ٤/ ٥٠٢، و"الجامع لأحكام القرآن" ٢٠/ ١٠٦ - ١٠٧، و"لباب التأويل" ٤/ ٣٨٩، و "البحر المحيط" ٨/ ٤٨٨، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥٦١، و"فتح القدير" ٥/ ٤٦٢، "روح المعاني" ٣٠/ ١٦٩.
(٢) "الوسيط" ٤/ ٥١٧.
(٣) المرجع السابق.
(٤) ساقط من: (ع).
(٥) في (ع): (فأين).
(٦) ورد قوله مختصرًا، ومن غير ذكر عطاء في: "بحر العلوم" ٣/ ٤٩٠، "التفسير الكبير" ٣٢/ ٦، و"زاد المسير" ٨/ ٢٧٢.
(٧) لم أعثر على مصدر لقوله، وقد ورد بمثله من طريقه عن أبي صالح عن ابن عباس في "معاني القرآن" ٣/ ٣٧٥.
(٨) ما بين القوسين ساقط من (أ).
129
وقال مقاتل: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "عند ذلك لن يغلب إن شاء الله عسر واحد يسرين" (١). ونحو هذا قال الحسن، وذكر (٢) أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لن يغلب عسر يسرين"، وقرأ الآيتين (٣).
ويروى (٤) عن ابن مسعود مثل هذا (٥).
(١) "تفسير مقاتل" ٢٤٤ أ، "التفسير الكبير" ٣٢/ ٦.
(٢) في (أ): (ذكروا).
(٣) رواه الحاكم في "المستدرك" ٢/ ٥٢٨: كتاب التفسير: باب سورة ألم نشرح، وقال عنه: إسناده مرسل، ووافقه الذهبي.
وقال ابن حجر: أخرجه عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب، عن الحسن به مرسلاً، ومن طريقه أخرجه الحاكم، والبيهقي في الشعب، ورواه الطبري من طريق أبي ثور، عن معمر. وله طريق أخرى أخرجها ابن مردويه من رواية عطية عن جابر موصولاً، وإسناده ضعيف. الكافي الشاف: ٤/ ١٨٦.
وانظر: "شعب الإيمان" ٧/ ٢٠٦ ح ١٠٠١٣، كما ورد في "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٣٨٠، و"جامع البيان" ٣٠/ ٢٣٦، و"بحر العلوم" ٣/ ٤٩٠، و"الكشف والبيان" ١٣/ ١١٤ ب، و"فتح الباري" ٨/ ٧١٢، و"أحكام القرآن" للجصاص ٣/ ٤٧٣، و"معالم التنزيل" ٤/ ٥٠٢، و"الكشاف" ٤/ ٢٢٣، و"القرطبي" ٢٠/ ١٠٧، و"لباب التأويل" ٤/ ٣٨٩، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥٦١ - ٥٦٢، و"الدر المنثور" ٨/ ٥٥١.
(٤) في (أ): (روى).
(٥) ورد معنى قوله في "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٣٨١، "جامع البيان" ٣٠/ ٢٣٦، "بحر العلوم" ٣/ ٤٩٠، "الكشف والبيان" ج ١٣: ١١٤/ ب، و"معالم التنزيل" ٤/ ٥٠٢، و"زاد المسير" ٨/ ٢٧٢، و"الجامع لأحكام القرآن" ٢٠/ ١٠٧، و"النكت والعيون" ٦/ ٢٩٨، و"لباب التأويل" ٤/ ٣٨٩، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥٦١. وقال السيوطي: ورواه الطبراني، وابن مردويه بسند ضعيف عن ابن مسعود. انظر: "الدر المنثور" ٨/ ٥٥٠ - ٥٥١ وعزاه إلى سعيد بن منصور، وعبد بن حميد، وابن أبي الدنيا في الصبر، والبيهقي في شعب الإيمان.
وقال ابن حجر: وأخرج سعيد بن منصور، وعبد الرزاق من حديث ابن مسعود =
130
وكتب عمر بن الخطاب. -رضي الله عنه-إلى أبى عبيدة، وهو محصور أنه مهما تنزل بامرىءٍ شدة (١) يجعل الله بعدها فرجًا، فإنه لن يغلب عسر يسرين (٢).
فهذا قول (٣) النبي -صلى الله عليه وسلم-والصحابة، والمفسرين. على أن العسر واحد،
= قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وذكر الحديث، ثم قال: إسناده ضعيف. وقال أيضًا: وأخرجه عبد بن حميد عن ابن مسعود بإسناد جيد من طريق قتادة قال: ذكر لنا أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بشر أصحابه بهذه الآية فقال: "لن يغلب عسر يسرين إن شاء الله". "فتح الباري" ٨/ ٧١٣. كما رواه الطبراني ١٠/ ٨٥ ح: ٩٩٧٧، وفيه إبراهيم النخعي، وهو ضعيف "مجمع الزوائد" ٧/ ١٣٩: كتاب التفسير: تفسير ألم نشرح.
(١) في (ع): (شديد).
(٢) أخرجه مالك في "الموطأ" ١/ ٣٥٧: كتاب الجهاد: باب: ١ موقوفاً على عمر، والحاكم في "المستدرك" ٢/ ٥٢٨: كتاب التفسير: تفسير سورة ألم نشرح. وقال: وقد صحت الرواية عن عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب: لن يغلب عسر يسرين، ووافقه الذهبي.
وقال ابن حجر في "الكافي" ٤/ ١٨٦: وفي الباب عن عمر (ذكره مالك في الموطأ عن زيد بن أسلم عن أبيه، وذكر الأثر، ثم قال: ومن طريقه رواه الحاكم، وهذا أصح طرقه، كما قال في "فتح الباري" ٨/ ٧١٣، وأما الموقوف، فأخرجه مالك عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر أنه كتب إلى أبي عبيدة -الأثر-، ثم قال: وقال الحاكم: صح ذلك عن عمر، وعلي، وهو في الموطأ عن عمر؛ لكن من طريق منقطع، وأخرجه عبد بن حميد، عن ابن مسعود بإسناد جيد، وأخرجه الفراء بإسناد ضعيف عن ابن عباس.
كما ورد الأثر في: "المحرر الوجيز" ٥/ ٤٩٧ بمعناه، "الجامع لأحكام القرآن" ٢٠/ ١٠٧، "الدر المنثور" ٨/ ٥٥٠ ونسبه إلى ابن مردويه عن جابر بن عبد الله قال: بعئنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ونحن ثلاثمائة أو يزيدون؛ علينا أبو عبيدة بن الجراح... ونزلت: ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾ فأرسل نبي الله إلى بعضنا فدعاه، فقال: (أبشروا فإن الله قد أوحى إلى: ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾ ولن يغلب عسر يسرين).
(٣) في (أ): (يقول).
131
واليُسْرَ اثنان، وفي ظاهر التلاوة عسران، ويسران، إلا أن المراد عسر واحد؛ لأنه مذكرر بلفظ التعريف، واليسر مذكور بلفظ التنكير مرتين، فكان كل واحد منهما غير الآخر.
أخبرنا ابن الفارسي، عن حمد بن محمد البُستي، قال: ذكر لنا أبو عمر، عن ثعلب، عن سلمة، عن الفراء قال: العرب إذا ذَكَرَتّ نَكِرَة، ثم أعادتها بنكرة مثلها صارتا اثنين، كقولك: إذا كسبت درهمًا فأنفق درهمًا، والثاني غير الأول، وإذا أعادتها معرفة فهي هي كقولك: إذا كسبت درهمًا فانفق الدرهم، فالثاني هو الأول (١).
ونحو هذا قال الزجاج: ذكر العسر مع اليسر مع الألف واللام، ثم ثنى [ذكره] (٢)، فصار المعنى: إن مع العسر يسرين (٣).
وتكلم صاحب النظم في هذه السورة، وأنكر هذا التعليل الذي ذكره الفراء، والزجاج، وقال: (هذا قول مدخول، [لا] (٤) يجب على هذا التدريج إذا قال الرجل: إن مع الفارس سيفًا، إن مع الفارس سيفًا، أن يكون فارس واحد معه سيفان، ولا يجوز هذا في شيء من العربية، والصحيح في ذلك أن الله تعالى بعث نبيه -صلى الله عليه وسلم-، وهو مقل، فكانت قريش
(١) لم أجد قوله في المعاني، وإنما ورد معنى قوله في: "التفسير الكبير" ٣٢/ ٦، "زاد المسير" ٨/ ٢٧٢، كما ورد من غير عزو في: "معالم التنزيل" ٤/ ٥٠٢ - ٥٠٣، وعزاه الثعلبي في "الكشف والبيان" ١٣/ ١١٤ ب، والخازن في "لباب التأويل" ٤/ ٣٨٩ إلى المفسرين.
(٢) ذكر: في كلا النسختين، وأثبت ما جاء في الأصل لصحته.
(٣) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٣٤١.
(٤) لأنه: في كلا النسختين، وأثبت ما جاء في "الكشف والبيان" ١٣/ ١١٤ ب لصحته.
132
تعيره بذلك حتي قالوا له: إن كان بك من هذا القول الذي تدعيه طلب الغني (١) جمعنا لك مالاً حتى تكون كأيسر أهل مكة، فكرث (٢) النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك، فظن أن قومه إنما يكذبونه لفقره، فعدد الله عليه منته في هذه السورة، ووعد الغنى، وأنزل: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ (٣) صَدْرَكَ (١) وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ﴾. -أي ما كنت فيه من أمر الجاهلية؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- كان في كثير من مذاهبه على مذاهب قومه، وإن لم يكن عبد صنمًا ولا وثنًا- (٤)، ثم ابتدأ فيما وعده من الغنى في الدنيا ليسليه عما خامره من قول (من) (٥) عيره بالفقر فقال: ﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾، والدليل على ذلك دخول الفاء في قوله: ﴿فَإِنَّ﴾ (٦)، ودل ذلك على أن التأويل: لا يحزنك ما يقولون، وما أنت فيه من الإقلال، فإن مع ذلك يسرًا في الدنيا عاجلاً، ثم أنجز ما وعده، فلم يمت حتى فتح عليه الحجاز، وما والاها من القرى العربية، وعامة بلاد اليمن، وحي أهل البوادي، وكان يعطي المئين من الإبل، ويهب الهبات [السنية] (٧)، ويعد لأهله قوت سنة.
(١) في (أ): (الغناء).
(٢) كرث: كَرَثه النَعم، يَكِرثه، وأكْرَثَه: أي اشتد عليه، وبلغ منه المشقة. "النهاية في غريب الحديث والأثر" ٤/ ١٦١.
(٣) في (أ): (لك)، وهو ضمير زائد على بنية الكلام.
(٤) ما بين شرطتي الاعتراض من قول الإمام الواحدي.
(٥) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٦) وذلك لأن الفاء لا تدخل أبداً إلا في عطف أو جواب. انظر: "الكشف والبيان" ١٣/ ١١٥ أ.
(٧) غير مقروءة في النسختين.
133
ثم ابتدأ فصل آخر فقال: ﴿إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾ والدليل على ابتدائه (١): تعريه (٢) من فاء، أو واو، أو غيرهما من حروف النسق، وهو وعد عام لجميع المؤمنين؛ لأنه يعني بذلك أن مع العسر في الدنيا للمؤمنين يسرًا في الآخرة لا محالة، وربما اجتمع له اليسران: يسر الدنيا، وهو ما ذكر في الآية الأولى، ويسر (في) (٣) الآخرة، وهو ما ذكر في الآية الثانية) (٤).
وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لن يغلب عسر يسرين" أي يسر الدنيا والآخرة (٥)، والمعنى: لن يجمعهما في الغلبة، إنما يغلب أحدهما إن غلب، وهو يسر الدنيا، فأما يسر الآخرة للمؤمنين فلا محالة كائن، ولا يغلبه شيء، والعسرة بين يسرين: إما (٦) فرح في الدنيا، وإما ثواب الآخرة (٧). وهذا هو الصحيح في معنى الآية.
وهو أن اليسرين: أحدهما في الدنيا، والثاني في الآخرة، إما هذا، وإما ذاك، وربما اجتمعتا، ويدل على صحة هذا مَا ذكر محمد بن إسماعيل
(١) في (أ): (ابتلائه).
(٢) في (أ): (تعرية بواو).
(٣) ما بين القوسين ساقط من: (ع).
(٤) ما بين القوسين من قول الجرجاني، انظر: "الكشف والبيان" ١٣/ ١١٤ ب، ١١٥ أ، نقله الإمام الواحدي عن "الكشف" بتصرف، وانظر أيضًا بنحوه في "زاد المسير" ٨/ ٢٧٢، و"التفسير الكبير" ٣٢/ ٦، و"الجامع لأحكام القرآن" ٢٠/ ١٠٨، و"لباب التأويل" ٤/ ٣٨٩.
(٥) سبق تخريجه.
(٦) في (أ): (أنها).
(٧) وهذا المعنى ورد بمعناه عن الثعلبي في "الكشف والبيان" ١٣/ ١١٥ أ، وانظر. و"معالم التنزيل" ٤/ ٥٠٣، و"زاد المسير" ٨/ ٢٧٣.
134
البخاري (١) فقال: قال ابن عُيَيْنة: إن مع كل عسر يسرًا، كقوله: ﴿قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ﴾ [التوبة: ٥٢] و"لن يغلب عسر يسرين" (٢) يعني أن أحد اليسرين يدرك صَاحب اليسر لا محَالة؛ إما يسر الدنيا، وإما يسر الآخرة، كما أن المجاهد في سبيل الله لن (٣) يفوته أحد الحسنيين.
وذهب بعضهم (٤) في الآية إلى أنه من مظاهر (٥) القول الذي يراد به التأكيد، كقوله ﴿كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ [التكاثر: ٣ - ٤]، ونحوه مما تكرر في القرآن (٦) وهو في الشعر والكلام أيضًا كثير، كقول الشاعر (٧):
(١) محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بذدزبة البخاري؛ صاحب "الصحيح"، رحل في طلب الحديث إلى سائر محدثي الأمصار، توفي أبو عبد الله ليلة السبت ليلة الفطر سنة ٢٥٦ هـ وقبر في خرتنك.
انظر: "طبقات الحنابلة" لابن أبي يعلى: ١/ ٢٧١: ت: ٣٨٧، و"طبقات الشافعية الكبرى" للسبكي ٢/ ٢، و"تهذيب الكمال" ٢٤/ ٤٣٠: ت: ٥٠٥٩.
(٢) "الجامع الصحيح" ٣/ ٣٢٦، كتاب التفسير: باب: ٩٤ بيسير من التصرف، "تفسير سفيان بن عيينة" ٣٤٧.
(٣) في (أ): (أن).
(٤) كابن قتيبة في: "تأويل مشكل القرآن" ٢٣٦.
(٥) في (أ): (ظاهر).
(٦) نحو قوله تعالى: ﴿أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (٣٤) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى﴾ سورة القيامة: ٣٤ - ٣٥. وقوله تعالى: ﴿وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ (١٧) ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ﴾ سورة الانفطار: ١٧ - ١٨
مستفاد من "تأويل مشكل القرآن" ص ٢٣٦.
(٧) البيت لعبيد بن الأبرص.
135
هلا سَأَلْتَ جُمُوع كِنْدة يَوْمَ وَلوا أَيْنَ أَيْنَا (١)
ولما وعده اليسر في الدنيا والآخرة، أمره بالجهد في العبادة، فقال:
٧ - ﴿فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ﴾.
أي فاتعب، يقال (٢): نَصِبَ يَنْصَب (٣).
قال قتادة (٤)، والضحاك (٥)، ومقاتل (٦)،
(والكلبي (٧)) (٨): إذا فرغت من الصلاة المكتوبة فانصب إلى ربك في الدعاء، وارغب إليه في المسألة (٩) يعطيك، ونحو هذا روى عبد الوهاب
(١) ورد البيت في "ديوانه" ص ١٤٢، ط. دار صادر، "تأويل مشكل القرآن" ص ٢٣٦.
(٢) في (أ): (فقال).
(٣) انظر: "تهذيب اللغة" ١٢/ ٢١٠ (نصب)، و"لسان العرب" ١/ ٧٥٨ (نصب).
(٤) ورد معنى قوله في "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٣٨١، و"جامع البيان" ٣٠/ ٢٣٧، و"أحكام القرآن" للجصاص ٣/ ٤٧٣، و"الكشف والبيان" ١٣/ ١١٦ ب، و"معالم التنزيل" ٤/ ٥٠٣، و"المحرر الوجيز" ٥/ ٤٩٧، و"التفسير الكبير" ٣٢/ ٧، و"الجامع لأحكام القرآن" ٢٠/ ١٠٨، و"البحر المحيط" ٨/ ٤٨٨، و"الدر المنثور" ٨/ ٥٥٢، وعزاه إلى عبد بن حميد وابن المنذر "فتح القدير" ٥/ ٤٦٢.
(٥) ورد قوله في "جامع البيان" ٣٠/ ٢٣٦، "الكشف والبيان" ١٣/ ١١٦ ب، و"النكت والعيون" ٤/ ٥٠٣، و"زاد الميسر" ٨/ ٢٧٣، مختصرًا، و"التفسير الكبير" ٣٢/ ٧، و"الدر المنثور" ٨/ ٥٥٢ وعزاه إلى عبد ابن حميد وابن نصر، و"فتح القدير" ٥/ ٤٦٢.
(٦) "تفسير مقاتل" ٢٤٤ أ، "معالم التنزيل" ٤/ ٥٠٣، "زاد المسير" ٨/ ٢٧٣، "التفسير الكبير" ٣٢/ ٧، "فتح القدير" ٥/ ٤٦٢.
(٧) "معالم التنزيل" ٤/ ٥٠٣، "فتح القدير" ٥/ ٤٦٢، وإلى مثل هذا ذهب ابن عباس في "جامع البيان" ٣٠/ ٢٣٧.
(٨) ساقط من: (أ).
(٩) في (أ): (المسلة).
بن مجاهد، عن إليه قال: إذا صليت فاحتهد في الدعاء والمسَألة (١).
وقال الشعبي: إذا فرغت من التشهد فادع لدنياك وآخرتك (٢).
ونحو هذا قال الزهري: إذا قضيت التشهد فادع بعد التشهد بكل حاجتك (٣).
وروى منصور، عن مجاهد: إذا فرغت بعد أمر دنياك "فانصب" فصل (٤).
٨ - (قوله تعالى) (٥): ﴿وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ﴾ اجعل رغبتك إلى ربك ونيتك له (٦).
وقال عبد الله: إذا فرغت من الفرائض فانصب في قيام الليل (٧).
(١) "معالم التنزيل" ٤/ ٥٠٣، "الدر المنثور" ٨/ ٥٥١ وعزاه إلى الفريابي، وعبد بن حميد، وابن أبي حاتم.
(٢) "معالم التنزيل" ٤/ ٥٠٣، "زاد المسير" ٨/ ٢٧٣، "التفسير الكبير" ٣٢/ ٧.
(٣) ورد معنى قوله في "زاد المسير" ٨/ ٢٧٣، و"فتح القدير" ٥/ ٤٦٢.
(٤) "جامع البيان" ٣٠/ ٢٣٧، "الكشف والبيان" ١٣/ ١١٦ ب، "النكت والعيون" ٦/ ٢٩٩، و"معالم التنزيل" ٤/ ٥٠٣، و"المحرر الوجيز" ٥/ ٤٩٧ بمعناه، "زاد المسير" ٨/ ٢٧٣، و"التفسير الكبير" ٣٢/ ٧، و"الجامع لأحكام القرآن" ٢/ ١٠٩، و"البحر المحيط" ٨/ ٤٨٨، و"فتح القدير" ٥/ ٤٦٢، وإليه ذهب ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥٦٢.
(٥) ما بين القوسين ساقط من: (أ).
(٦) ورد معنى هذا القول عن مجاهد. انظر: "جامع البيان" ٣٠/ ٢٣٧، "النكت والعيون" ٦/ ٢٩٩، وكذلك عن الثوري. "تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥٦٢.
(٧) "النكت والعيون" ٦/ ٢٩٨، "معالم التنزيل" ٤/ ٥٠٣، "زاد المسير" ٨/ ٢٧٣، "التفسير الكبير" ٣٢/ ٧، "الجامع لأحكام القرآن" ٢٠/ ١٠٨، "لباب التأويل" ٤/ ٣٩٠، "الدر المنثور" ٨/ ٥٥١، ونسبه إلى ابن المنذر، وإلى ابن أبي حاتم، "فتح القدير" ٥/ ٤٦٣.
137
وسئل علي بن أبي طلحة عن هذه الآية فقال: القول فيه كبير، وقد سمعنا أنه يقال: إذا صححت فانصب، يعني: اجعل صحتك، وفراغك نصبًا في العبادة (١). وهو قول أبى عياض يدل على هذا ما روى أن شريحًا مر برجلين يصطرعان، فقال: ليس هذا أُمِرَ الفارغ، إنما قال الله: ﴿فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ﴾ (٢).
وقال الحسن (٣)، وزيد بن أسلم (٤): إذا فرغت من جهاد العدو فانصب في عبادة ربك، وإلى ربك فارغب.
قال عطاء عن ابن عباس: يريد تضرع إليه راهبًا من النار، وراغبًا في
(١) "زاد المسير" ٨/ ٢٧٣، "التفسير الكبير" ٣٢/ ٧.
(٢) ورد قوله في: "معاني القرآن" ٣/ ٢٧٦، "الكشف والبيان" ١٣/ ١١٦ ب، "التفسير الكبير" ٣٢/ ٧.
قال ابن الأعرابي في "أحكام القرآن" ٤/ ١٩٥٠ بعد ذكره لقول شريح: وفيه نظر، فإن الحبش كانوا يلعبون بالدَّرَقِ والحراب في المسجد يوم العيد، والنبي ينظر. رواه مسلم في "صحيحه" ٢/ ٦٠٩: ح: ١٨ كتاب صلاة العيدين: باب ٤... وليس يلزم الدءوب على العمل؛ بل هو مكروه للخلق.
(٣) ورد قوله في "جامع البيان" ٣٠/ ٢٣٧، و"أحكام القرآن" للجصاص ٣/ ٤٧٣، و"الكشف والبيان" ١٣/ ١١٦ ب، و"النكت والعيون" ٦/ ٢٩٩، و"معالم التنزيل" ٤/ ٥٠٣، و"المحرر الوجيز" ٥/ ٤٩٧، و"الكشاف" ٤/ ٢٢٢، و"زاد المسير" ٨/ ٢٧٣، و"الجامع لأحكام القرآن" ٢٠/ ١٠٩، و"البحر المحيط" ٨/ ٤٨٨، و"الدر المنثور" ٨/ ٥٥٢، و"فتح القدير" ٥/ ٤٦٢، و"تفسير الحسن البصري" ٢/ ٤٢٨.
(٤) ورد قوله في "جامع البيان" ٣٠/ ٢٣٧، "الكشف والبيان" ١٣/ ١١٦ ب، و"معالم التنزيل" ٤/ ٥٠٣، و"تفسير القرآن العظيم" ٤/ ٥٦٢، و"الدر المنثور" ٨/ ٥٥٢ وعزاه إلى ابن حاتم.
138
الجنة (١).
وقال أبو إسحاق: أي اجعل رغبتك إلى الله وحده (٢)
(١) لم أعثر على مصدر لقوله، وقد ورد بمثله عن عطاء في: "فتح القدير" ٥/ ٤٦٢.
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٣٤١.
قال الجصاص: وهذه المعاني كلها محتملة، والوجه حمل اللفظ عليها كلها، فيكون جميعها مراداً، وإن كان الخطاب للنبي فإن المراد به جميع المكلفين. "أحكام القرآن" ٣/ ٤٧٣.
139
سورة التين
141
Icon