تفسير سورة سورة الشرح من كتاب التفسير الواضح
.
لمؤلفه
محمد محمود حجازي
.
ﰡ
سورة الانشراح
مكية. وآياتها ثمان آيات، وهي كسابقتها في تعداد النعم التي من الله بها على نبيه، مع تطمينه، وحثه على العمل.
[سورة الشرح (٩٤) : الآيات ١ الى ٨]
فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٦) فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (٧) وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ (٨)
المفردات:
نَشْرَحْ الشرح: التوسعة والبسط، وشرح الصدر: كناية عن السرور وانبساط النفس. وِزْرَكَ الوزر: الحمل الثقيل. أَنْقَضَ ظَهْرَكَ: أثقله.
الْعُسْرِ: الصعوبة والشدة. يُسْراً: سهولة ولينا. فَانْصَبْ: فاتعب في تحصيل غيره. فَارْغَبْ: فاتجه إلى الله وحده.
هذه السورة كأنها امتداد للسورة السابقة، ولذا تراها مرتبطة معها أشد ارتباط حتى قال بعضهم: إنهما سورة واحدة.
المعنى:
قر يا محمد واعترف- بهذه الحقيقة التي لا ينكرها أحد- بأنا شرحنا لك صدرك، وجعلناه يتسع لكل ما يصادفه، شرحنا صدرك للقيام بالدعوة خير قيام وتحمل أعبائها
مكية. وآياتها ثمان آيات، وهي كسابقتها في تعداد النعم التي من الله بها على نبيه، مع تطمينه، وحثه على العمل.
[سورة الشرح (٩٤) : الآيات ١ الى ٨]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ (١) وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ (٢) الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ (٣) وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ (٤)فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٦) فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ (٧) وَإِلى رَبِّكَ فَارْغَبْ (٨)
المفردات:
نَشْرَحْ الشرح: التوسعة والبسط، وشرح الصدر: كناية عن السرور وانبساط النفس. وِزْرَكَ الوزر: الحمل الثقيل. أَنْقَضَ ظَهْرَكَ: أثقله.
الْعُسْرِ: الصعوبة والشدة. يُسْراً: سهولة ولينا. فَانْصَبْ: فاتعب في تحصيل غيره. فَارْغَبْ: فاتجه إلى الله وحده.
هذه السورة كأنها امتداد للسورة السابقة، ولذا تراها مرتبطة معها أشد ارتباط حتى قال بعضهم: إنهما سورة واحدة.
المعنى:
قر يا محمد واعترف- بهذه الحقيقة التي لا ينكرها أحد- بأنا شرحنا لك صدرك، وجعلناه يتسع لكل ما يصادفه، شرحنا صدرك للقيام بالدعوة خير قيام وتحمل أعبائها
876
بنفس راضية وقلب مطمئن، وقد كان الرسول يضيق صدره بما يقولون. ويتألم مما يفعلون إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ. فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ «١».
وهذه الدعوة العامة الشاملة التي جاء بها النبي صلّى الله عليه وسلّم يدعو بها العرب الجاهلين والناس أجمعين، هذه الدعوة عبء ليس بالخفيف بل عبء من أشد ما يكون، وحمل تنوء به كواهل الفطاحل، وينقض لأجله ظهور الأكابر، ولكن الله بما تعهد به لنبيه المصطفى من الآيات والإرشادات، والتوجيهات قد وضع عنه وزره الذي أثقل ظهره لولا لطف الله.
ولقد رفع له ذكره، وهل هناك رفعة أعلى من اقتران اسمه باسم الله في الأذان والتكبير، والدعاء والصلاة، ألم يجعل الله طاعة رسوله من طاعته، وحبه من محبته؟
وأى مكانة أرفع من أن يكون له في كل ركن في الأرض أتباع وأنصار يدينون للنبي بالطاعة والولاء؟
ألم تر إلى الصحابة وهم يتسابقون إلى مجلسه والتمتع بحلو حديثه، والاستشفاء بمخالفاته؟ تلك بعض نعمه على رسوله، والله أعلم بغيرها.
نعم ما قد شرح الله صدره، ووضع عنه وزره، ورفع له ذكره ليس في الأرض فقط، بل عند سدرة المنتهى، عند جنة المأوى، وكان هذا كله بعد أن لحق بالنبي ما لحق من أذى قومه وعنتهم، حتى ضاق صدره، ولا عجب في ذلك، فإن مع العسر يسرا: وانظر إلى قوله: مع العسر، ثم إلى قوله: يسرا، أى: بالتنكير، وكما
يقول الرسول: لن يغلب عسر يسرين «٢»
أما العسر الذي كان عند النبي صلّى الله عليه وسلّم والصحابة فهو الفقر وقلة الصديق، وقوة العدو وشدة مقاومته، وقد جاءهم اليسر فكثر المال والصديق، وضعف قوة العدو، وأما قوة المؤمنين الذين اشترى الله منهم أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله، ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم
وهذه الدعوة العامة الشاملة التي جاء بها النبي صلّى الله عليه وسلّم يدعو بها العرب الجاهلين والناس أجمعين، هذه الدعوة عبء ليس بالخفيف بل عبء من أشد ما يكون، وحمل تنوء به كواهل الفطاحل، وينقض لأجله ظهور الأكابر، ولكن الله بما تعهد به لنبيه المصطفى من الآيات والإرشادات، والتوجيهات قد وضع عنه وزره الذي أثقل ظهره لولا لطف الله.
ولقد رفع له ذكره، وهل هناك رفعة أعلى من اقتران اسمه باسم الله في الأذان والتكبير، والدعاء والصلاة، ألم يجعل الله طاعة رسوله من طاعته، وحبه من محبته؟
وأى مكانة أرفع من أن يكون له في كل ركن في الأرض أتباع وأنصار يدينون للنبي بالطاعة والولاء؟
ألم تر إلى الصحابة وهم يتسابقون إلى مجلسه والتمتع بحلو حديثه، والاستشفاء بمخالفاته؟ تلك بعض نعمه على رسوله، والله أعلم بغيرها.
نعم ما قد شرح الله صدره، ووضع عنه وزره، ورفع له ذكره ليس في الأرض فقط، بل عند سدرة المنتهى، عند جنة المأوى، وكان هذا كله بعد أن لحق بالنبي ما لحق من أذى قومه وعنتهم، حتى ضاق صدره، ولا عجب في ذلك، فإن مع العسر يسرا: وانظر إلى قوله: مع العسر، ثم إلى قوله: يسرا، أى: بالتنكير، وكما
يقول الرسول: لن يغلب عسر يسرين «٢»
أما العسر الذي كان عند النبي صلّى الله عليه وسلّم والصحابة فهو الفقر وقلة الصديق، وقوة العدو وشدة مقاومته، وقد جاءهم اليسر فكثر المال والصديق، وضعف قوة العدو، وأما قوة المؤمنين الذين اشترى الله منهم أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله، ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم
(١) سورة الحجر الآيات ٩٥- ٩٨.
(٢) هذا المعنى مأخوذ من أن العسر ذكر معرفا فهو يدل على عسر واحد، وذكر اليسر منكرا فتراه يدل على أكثر من واحد.
(٢) هذا المعنى مأخوذ من أن العسر ذكر معرفا فهو يدل على عسر واحد، وذكر اليسر منكرا فتراه يدل على أكثر من واحد.
877
خصاصة، يحبون إخوانهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا، إن قتلوا فهم الشهداء، وإن عاشوا فهم السعداء، فقد كانت- ولا تزال- مضرب الأمثال.
وهل كل عسر يعقبه يسر كما هو ظاهر في القرآن؟ الظاهر- والله أعلم- أنه كذلك متى سار صاحب العسر على سنن الله الكونية، فتذرع بالصبر، واستعد للمقاومة وصابر نفسه وصبر على المكروه، وعمل على التخلص منه، عند ذلك يرزق اليسر، بأى شكل وعلى أى وجه، أما إذا حقت كلمة الله فإن صاحب العسر يتخبط في سيره، فينطبق عليه قوله تعالى: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ «١» والأمر كله أولا وأخيرا لله، والمشاهد أن مع العسر يسرا، ولكن اليسر يختلف تبعا لحكم يعلمها الله، وانظر إلى التربية القرآنية، وإلى النصيحة الإلهية للحبيب المصطفى، وكذلك كل فرد يريد أن يهتدى بنور القرآن. فإذا فرغت من أى عمل خير فانصب في غيره واعمل على تحقيقه بتوفيق الله، وإلى الله وحده فارغب، وعليه وحده فتوكل، فإنه نعم المولى، ونعم النصير.
وهل كل عسر يعقبه يسر كما هو ظاهر في القرآن؟ الظاهر- والله أعلم- أنه كذلك متى سار صاحب العسر على سنن الله الكونية، فتذرع بالصبر، واستعد للمقاومة وصابر نفسه وصبر على المكروه، وعمل على التخلص منه، عند ذلك يرزق اليسر، بأى شكل وعلى أى وجه، أما إذا حقت كلمة الله فإن صاحب العسر يتخبط في سيره، فينطبق عليه قوله تعالى: كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ «١» والأمر كله أولا وأخيرا لله، والمشاهد أن مع العسر يسرا، ولكن اليسر يختلف تبعا لحكم يعلمها الله، وانظر إلى التربية القرآنية، وإلى النصيحة الإلهية للحبيب المصطفى، وكذلك كل فرد يريد أن يهتدى بنور القرآن. فإذا فرغت من أى عمل خير فانصب في غيره واعمل على تحقيقه بتوفيق الله، وإلى الله وحده فارغب، وعليه وحده فتوكل، فإنه نعم المولى، ونعم النصير.
(١) سورة القصص آية ٨٨.
878