تفسير سورة الهمزة

تفسير البغوي
تفسير سورة سورة الهمزة من كتاب معالم التنزيل المعروف بـتفسير البغوي .
لمؤلفه البغوي . المتوفي سنة 516 هـ

سورة الهمزة
مكية [وهي تسع آيات] [١]
[سورة الهمزة (١٠٤) : آيَةً ١]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (١)
وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (١)، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُمُ الْمَشَّاءُونَ بِالنَّمِيمَةِ الْمُفَرِّقُونَ بَيْنَ الْأَحِبَّةِ الْبَاغُونَ لِلْبُرَآءِ الْعَيْبَ [٢]، وَمَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ وَهُوَ الْعَيَّابُ.
وَقَالَ مُقَاتِلٌ: الْهُمَزَةُ الَّذِي يَعِيبُكَ فِي الغيب واللمزة الَّذِي يَعِيبُكَ فِي الْوَجْهِ. وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ وَالْحَسَنُ بِضِدِّهِ.
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَقَتَادَةُ: الْهَمْزَةُ الَّذِي يَأْكُلُ لُحُومَ النَّاسِ وَيَغْتَابُهُمْ، واللمزة الطَّعَّانُ عَلَيْهِمْ.
وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: الْهُمَزَةُ الَّذِي يَهْمِزُ النَّاسَ بِيَدِهِ ويضربهم، واللمزة الَّذِي يَلْمِزُهُمْ بِلِسَانِهِ وَيَعِيبُهُمْ.
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: وَيَهْمِزُ بِلِسَانِهِ وَيَلْمِزُ بعينيه.
وَمِثْلُهُ قَالَ ابْنُ كَيْسَانَ الْهُمَزَةُ الَّذِي يُؤْذِي جَلِيسَهُ بِسُوءِ اللَّفْظِ واللمزة الَّذِي يُومِضُ بِعَيْنِهِ وَيُشِيرُ بِرَأْسِهِ، ويرمز بحاجبه وهما لغتان لِلْفَاعِلِ نَحْوُ سُخَرَةٍ وَضُحَكَةٍ لِلَّذِي يَسْخَرُ وَيَضْحَكُ مِنَ النَّاسِ، وَالْهُمْزَةُ وَاللُّمْزَةُ سَاكِنَةُ الْمِيمِ الَّذِي يُفْعَلُ ذَلِكَ بِهِ وَأَصْلُ الْهَمْزِ الْكَسْرُ وَالْعَضُّ عَلَى الشَّيْءِ بِالْعُنْفِ.
وَاخْتَلَفُوا فِيمَنْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ.
قَالَ الْكَلْبِيُّ: نَزَلَتْ فِي الْأَخْنَسِ بْنِ شُرَيْقِ بْنِ وَهْبٍ الثَّقَفِيِّ كَانَ يَقَعُ فِي النَّاسِ وَيَغْتَابُهُمْ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: مَا زِلْنَا نَسْمَعُ أَنَّ سُورَةَ الْهُمَزَةِ نَزَلَتْ فِي أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ الْجُمَحِيِّ.
وَقَالَ مُقَاتِلٌ: نَزَلَتْ فِي الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، كَانَ يَغْتَابُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ وَرَائِهِ وَيَطْعَنُ عَلَيْهِ فِي وَجْهِهِ.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هِيَ عَامَّةٌ فِي حَقِّ كُلِّ مَنْ هَذِهِ صِفَتُهُ.
[سورة الهمزة (١٠٤) : الآيات ٢ الى ٩]
الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ (٢) يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ (٣) كَلاَّ لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (٤) وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ (٥) نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (٦)
الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (٧) إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (٨) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (٩)
ثُمَّ وَصَفَهُ فَقَالَ: الَّذِي جَمَعَ مَالًا، قَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ جَمَعَ بِتَشْدِيدِ الْمِيمِ عَلَى التَّكْثِيرِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالتَّخْفِيفِ. وَعَدَّدَهُ، أَحْصَاهُ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: اسْتَعَدَّهُ وَادَّخَرَهُ وَجَعَلَهُ عَتَادًا لَهُ، يُقَالُ: أَعْدَدْتُ الشَّيْءَ وَعَدَّدْتُهُ إِذَا أمسكته.
(١) زيد في المطبوع.
(٢) في المطبوع «العنت» والمثبت عن المخطوط وط والطبري.
Icon