بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الهمزة( ١ ). مكية( ٢ ).٢ بالإجماع في تفسير الماوردي: ٤/٥١٢ والبحر: ٨/٥١٠ وروح المعاني ٣٠/٢٩٣..
ﰡ
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة الهمزةمكية
قوله تعالى: ﴿ويْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ﴾ إلى آخرها.
أي: قبوح لكل طغان (في الناس، عيّاب لهم).
وقل: ويل: واد في جهنم يسيل بصديد أهل النار، وقد تقدم [ذكر هذا].
والهمزة: الذي يغتاب الناس ويطغن فيهم.
وقال ابن عباس: هو المشّاء بالنمائم المفرّق بين الناس.
وقال مجاهد: الهمزة: الذي يأكل لحوم الناس، (يعني: يغتابهم). قال: واللمزة: الكافر.
قال أبو العالية: " الهمزة يهمزه في وجهه، واللمز من خلفه " وقال قتادة ([يهمز] ويلمز بلسانه) وعينه، ويأكل لحوم الناس ويطعن عليهم.
وقال عبد الله بن أبي نجيح: الهمزة باليد والعين، واللمزة باللّسان.
وقال ابن زيد: الهمزة: الذي يهمز (الناس) بيده وقد يضربهم، واللمزة الذي يَلمِزُهُم بلسَانِه ويعيبهم.
وقيل: إنها نزلت في جميل بن عارم الجمحي.
وقيلك في الأخنس بن شريق.
قال ابن عباس: هو مشرك، كان يهمز الناس ويلمزهم.
ثم قال تعالى: ﴿الَّذِى جَمَعَ مَالاً وَعَدَّدَهُ﴾.
أي: جمعه وأحصى عدده ولم ينفقه في سبيل الله ولا أدى حق الله منه.
وقرأ الحسن: " وعَدَدَه "، بالتخفيف، يريد: عَدَّه، ثم أظهر التضعيف، وهو بعيد، إنما يجوز في الشعر، كما قال:
أَنِي [أَجوَدُ] لأَقْوَامٍ وَإِنْ [ضَنِنُوا].... وقيل: إنما قرأ ذلك على معنى: الذي جمع مالاً (وجمع) عدده، [أي]: عشيرته، فيكون عطفاً على المال، وذلك حسن.
أي: يظن هذا الجامع للمال ولا ينفقه في سبيل الله، ولا يخرج حق الله منه.
وقيل: ﴿وَعَدَّدَهُ﴾ من العدة، أي: [اعتد] به ودفعه ذخيرة، ومنه: ﴿أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ﴾ [الكهف: ٢٩].
وقيل: (إن) معنى (وعدده)، أي: كثره، يحسب أن ماله مخلده في الدنيا فلا يموت.
ووقع ﴿أَخْلَدَهُ﴾ في موضع " يخلده "، كما يقال للرجل يأتي الذنب الموبق: دخل، والله، فلان النار أي سيدخلها. ويقال للرجل يأتي المرء يهلك فيه: عطب، والله، فلان، أي: سيعطب.
وقيل: إن الفعلَ على حاله ماضياً، والمعنى: يحسب هذا الإنسان أن ماله أحياء في الدنيا فيما مضى من عمره. هذا معنى قول ابن كيسان.
والتمام عند الأخفش: ﴿أَخْلَدَهُ﴾.
ثم قال تعالى: ﴿لَيُنبَذَنَّ فِي الحطمة﴾ أي: ليطرحن في النار، وهذا قسم.
والحطمة: اسم من أسماء النار، سميت بذلك لحطمها كل ما ألقى فيها، كما يقال للرجل الأكول: حُطَمةُ.
وقيل: الحطمة: اسم للباب الثالث من أبواب جهنم. وهي أبواب بعضها فوق بعضٍ تمضي سُفلاً سفلاً، أعاذنا الله منها.
وقرأ الحسن: " لَيُنْبَذَن] في الحطمة "، يعني به الهمزة اللمزة وماله.
وروي عنه: " لينبذُن "، بالضم، على [معنى] الجمع، يعني به الهمزة واللمزة والمال.
وفيه بعد، لأن ذلك كله في ظاهر الخطاب يرجع إلى واحد.
ثم قال تعالى: ﴿وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الحطمة﴾.
أي: وأي شيء أشعرك يا محمد أي شيء الحطمة؟! ثم أخبر عنها ما هي فقال:
﴿نَارُ الله الموقدة﴾.
(أي: هي نار الله الموقدة)، ثم وصفها فقال:
﴿التي تَطَّلِعُ عَلَى الأفئدة﴾.
أي: التي تُبلِغَ ألمها ووجعها القلوبَ. والاطلاع والبلوغ/ قد يكونانن بمعنًى، حكي عن العرب سمَاعاً: متى اطَّلعتَ أرضنا (واطلعتُ أرضي)، بمعنى: بلغت.
قال محمد بن كعب القرظي: تحرقه كله حتى يبقى فؤاده نضيحاً.
ثم قال تعالى: ﴿إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ﴾.
أي: إن الحطمة على الهمّازين اللّمازين - الذين جمعوا المال ومنعوا منه حقّ الله - مطقبة.
قال سعيد: بلغني أن في النار رجلاً في شعب من شعابها ينادي مقدار ألف عام: يا حنّان يا منّان، فيقول ربّ العزّة تعالى ذكره: يا جبريل، أخرج عبدي من النار،
عَمَد جَمع عمود عند الفراء، ما قالوا: أَدِيمُ وأَدَمُ.
وقيل: هو اسم للجمع وليس يجمع على الحقيقة.
وقال أبو عبيدة: هو جمع عمادٍ.
وقال قطرب: هو جمع لا واحد له.
فأما من قرأ " عُمُد "، بضمتين، فهو جمع عمود على القياس، كعجوز وعُجُز، وكتاب وكُتب، ورغيف ورُغُفٌ. وفعل وفعال أخوا فَعُول.
والمعنى: إن جهنم عليهم مطبقة بعمد ممدة عليهم.
وقال ابن عباس: (معناه) أنهم أدخلوها في عمد فمدت عليهم بعماد في أعناقهم السلاسل فشدت بها الأبواب.
وقال ابن زيد: (في عمد) [من] حديد مغلولين فيها، وتلك العمد (من) نار قد احترقت من النار، فهي نار ممدودة عليهم، وقال قتادة: كنا نحدث أنّها عمد يعذبون بها في النار وهو اختيار الطبري.
وقال أبو صالح: هي القيود.