تفسير سورة الطلاق

تفسير الجلالين
تفسير سورة سورة الطلاق من كتاب تفسير الجلالين المعروف بـتفسير الجلالين .
لمؤلفه المَحَلِّي . المتوفي سنة 864 هـ

﴿يَا أَيّهَا النَّبِيّ﴾ الْمُرَاد أُمَّته بِقَرِينَةِ مَا بَعْده أَوْ قُلْ لَهُمْ ﴿إذَا طَلَّقْتُمْ النِّسَاء﴾ أَيْ أَرَدْتُمْ الطَّلَاق ﴿فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ﴾ لِأَوَّلِهَا بِأَنْ يَكُون الطَّلَاق فِي طُهْر لَمْ تُمَسَّ فِيهِ لِتَفْسِيرِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ رَوَاهُ الشَّيْخَانِ ﴿وَأَحْصُوا الْعِدَّة﴾ احْفَظُوهَا لِتُرَاجِعُوا قَبْل فَرَاغهَا ﴿وَاتَّقُوا اللَّه رَبّكُمْ﴾ أَطِيعُوهُ فِي أَمْره وَنَهْيه ﴿لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتهنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ﴾ مِنْهَا حَتَّى تَنْقَضِي عِدَّتهنَّ ﴿إلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ﴾ زِنَا ﴿مُبَيَّنَة﴾ بِفَتْحِ الْيَاء وَكَسْرهَا بُيِّنَتْ أَوْ بَيِّنَة فَيَخْرُجْنَ لِإِقَامَةِ الْحَدّ عَلَيْهِنَّ ﴿وَتِلْكَ﴾ الْمَذْكُورَات ﴿حُدُود اللَّه وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُود اللَّه فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسه لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّه يُحْدِث بَعْد ذَلِكَ﴾ الطَّلَاق ﴿أَمْرًا﴾ مُرَاجَعَة فِيمَا إذَا كَانَ وَاحِدَة أَوْ اثْنَتَيْنِ
﴿فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلهنَّ﴾ قَارَبْنَ انْقِضَاء عِدَّتهنَّ ﴿فَأَمْسِكُوهُنَّ﴾ بِأَنْ تُرَاجِعُوهُنَّ ﴿بِمَعْرُوفٍ﴾ مِنْ غَيْر ضِرَار ﴿أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾ اُتْرُكُوهُنَّ حَتَّى تَنْقَضِي عِدَّتهنَّ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ بِالْمُرَاجَعَةِ ﴿وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْل مِنْكُمْ﴾ عَلَى الْمُرَاجَعَة أَوْ الْفِرَاق ﴿وَأَقِيمُوا الشَّهَادَة لِلَّهِ﴾ لَا لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ أَوْ لَهُ ﴿ذَلِكُمْ يُوعَظ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِن بِاَللَّهِ وَالْيَوْم الْآخِر وَمَنْ يَتَّقِ اللَّه يَجْعَل لَهُ مَخْرَجًا﴾ مِنْ كَرْب الدنيا والآخرة
﴿وَيَرْزُقهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِب﴾ يَخْطِر بِبَالِهِ ﴿وَمَنْ يَتَوَكَّل عَلَى اللَّه﴾ فِي أُمُوره ﴿فَهُوَ حَسْبه﴾ كَافِيه ﴿إنَّ اللَّه بَالِغ أَمْره﴾ مُرَاده وفي قراءة بالإضافة ﴿قَدْ جَعَلَ اللَّه لِكُلِّ شَيْء﴾ كَرِخَاءٍ وَشِدَّة ﴿قدرا ميقاتا﴾
﴿وَاَللَّائِي﴾ بِهَمْزَةٍ وَيَاء وَبِلَا يَاء فِي الْمَوْضِعَيْنِ ﴿يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيض﴾ بِمَعْنَى الْحَيْض ﴿مِنْ نِسَائِكُمْ إنْ ارْتَبْتُمْ﴾ شَكَكْتُمْ فِي عِدَّتهنَّ ﴿فَعِدَّتهنَّ ثَلَاثَة أَشْهُر وَاَللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ﴾ لِصِغَرِهِنَّ فَعِدَّتهنَّ ثَلَاثَة أَشْهُر وَالْمَسْأَلَتَانِ فِي غَيْر الْمُتَوَفَّى عَنْهُنَّ أَزْوَاجهنَّ أَمَّا هُنَّ فَعِدَّتهنَّ مَا فِي آيَة يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَة أَشْهُر وَعَشْرًا ﴿وَأُولَات الْأَحْمَال أَجَلهنَّ﴾ انْقِضَاء عِدَّتهنَّ مُطَلَّقَات أَوْ مُتَوَفَّى عَنْهُنَّ أَزْوَاجهنَّ ﴿أَنْ يَضَعْنَ حَمْلهنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّه يَجْعَل لَهُ مِنْ أَمْره يُسْرًا﴾ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَة
﴿ذَلِكَ﴾ الْمَذْكُور فِي الْعِدَّة ﴿أَمْر اللَّه﴾ حُكْمه {أنزله إليكم ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا
﴿أَسْكِنُوهُنَّ﴾ أَيْ الْمُطَلَّقَات ﴿مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ﴾ أَيْ بَعْض مَسَاكِنكُمْ ﴿مِنْ وُجْدكُمْ﴾ أَيْ سِعَتكُمْ عَطْف بَيَان أَوْ بَدَل مِمَّا قَبْله بِإِعَادَةِ الْجَار وَتَقْدِير مُضَاف أَيْ أَمْكِنَة سَعَتكُمْ لَا مَا دُونهَا ﴿وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ﴾ الْمَسَاكِن فَيَحْتَجْنَ إلَى الْخُرُوج أَوْ النَّفَقَة فَيَفْتَدِينَ مِنْكُمْ ﴿وَإِنْ كُنَّ أُولَات حَمْل فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلهنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ﴾ أَوْلَادكُمْ مِنْهُنَّ ﴿فَآتُوهُنَّ أُجُورهنَّ﴾ عَلَى الْإِرْضَاع ﴿وَأَتْمِرُوا بَيْنكُمْ﴾ وَبَيْنهنَّ ﴿بِمَعْرُوفٍ﴾ بِجَمِيلٍ فِي حَقّ الْأَوْلَاد بِالتَّوَافُقِ عَلَى أَجْر مَعْلُوم عَلَى الْإِرْضَاع ﴿وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ﴾ تَضَايَقْتُمْ فِي الْإِرْضَاع فَامْتَنَعَ الْأَب مِنْ الْأُجْرَة وَالْأُمّ مِنْ فِعْله ﴿فَسَتُرْضِعُ لَهُ﴾ لِلْأَبِ ﴿أُخْرَى﴾ وَلَا تُكْرَه الْأُمّ عَلَى إرْضَاعه
﴿لِيُنْفِق﴾ عَلَى الْمُطَلَّقَات وَالْمُرْضِعَات ﴿ذُو سَعَة مِنْ سَعَته وَمَنْ قُدِرَ﴾ ضُيِّقَ ﴿عَلَيْهِ رِزْقه فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ﴾ أَعْطَاهُ ﴿اللَّه﴾ عَلَى قَدْره ﴿لَا يُكَلِّف اللَّه نَفْسًا إلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّه بَعْد عُسْر يُسْرًا﴾ وَقَدْ جَعَلَهُ بِالْفُتُوحِ
﴿وَكَأَيِّنْ﴾ هِيَ كَاف الْجَرّ دَخَلَتْ عَلَى أَيْ بِمَعْنَى كَمْ ﴿مِنْ قَرْيَة﴾ أَيْ وَكَثِير مِنْ الْقُرَى ﴿عَتَتْ﴾ عَصَتْ يَعْنِي أَهْلهَا ﴿عَنْ أَمْر رَبّهَا وَرُسُله فَحَاسَبْنَاهَا﴾ فِي الْآخِرَة وَإِنْ لَمْ تَجِئْ لِتَحَقُّقِ وُقُوعهَا ﴿حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا﴾ بِسُكُونِ الْكَاف وَضَمّهَا فَظِيعًا وَهُوَ عَذَاب النار
﴿فَذَاقَتْ وَبَال أَمْرهَا﴾ عُقُوبَته ﴿وَكَانَ عَاقِبَة أَمْرهَا خُسْرًا﴾ خَسَارًا وَهَلَاكًا
١ -
﴿أَعَدَّ اللَّه لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا﴾ تَكْرِير الْوَعِيد تَوْكِيد ﴿فَاتَّقُوا اللَّه يَا أُولِي الْأَلْبَاب﴾ أَصْحَاب الْعُقُول ﴿الَّذِينَ آمَنُوا﴾ نَعْت لِلْمُنَادَى أَوْ بَيَان لَهُ ﴿قَدْ أَنَزَلَ اللَّه إلَيْكُمْ ذِكْرًا﴾ هُوَ القرآن
750
١ -
751
﴿رَسُولًا﴾ أَيْ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ منصوب بفعل مقدر أي وأرسل ﴿يتلوا عَلَيْكُمْ آيَات اللَّه مُبَيَّنَات﴾ بِفَتْحِ الْيَاء وَكَسْرهَا كَمَا تَقَدَّمَ ﴿لِيُخْرِج الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَات﴾ بَعْد مَجِيء الذِّكْر وَالرَّسُول ﴿مِنْ الظُّلُمَات﴾ الْكُفْر الَّذِي كَانُوا عَلَيْهِ ﴿إلَى النُّور﴾ الْإِيمَان الَّذِي قَامَ بِهِمْ بَعْد الْكُفْر ﴿وَمَنْ يُؤْمِن بِاَللَّهِ وَيَعْمَل صَالِحًا يُدْخِلهُ﴾ وَفِي قِرَاءَة بِالنُّونِ ﴿جَنَّات تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّه لَهُ رِزْقًا﴾ هُوَ رِزْق الْجَنَّة الَّتِي لَا يَنْقَطِع نَعِيمهَا
١ -
﴿اللَّه الَّذِي خَلَقَ سَبْع سَمَاوَات وَمِنْ الْأَرْض مِثْلهنَّ﴾ يَعْنِي سَبْع أَرَضِينَ ﴿يَتَنَزَّل الْأَمْر﴾ الْوَحْي ﴿بَيْنهنَّ﴾ بَيْن السَّمَاوَات وَالْأَرْض يَنْزِل بِهِ جِبْرِيل مِنْ السَّمَاء السَّابِعَة إلَى الْأَرْض السَّابِعَة ﴿لِتَعْلَمُوا﴾ مُتَعَلِّق بِمَحْذُوفٍ أَيْ أَعْلَمَكُمْ بِذَلِكَ الْخَلْق وَالتَّنْزِيل ﴿إن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما﴾ = ٦٦ سورة التحريم
Icon