ﰡ
قوله جل ذكره: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ».
«بِسْمِ اللَّهِ» كلمة غيور لا يصلح لذكرها إلّا لسان مصون «١»، عن اللّغو والغيبة، ولا يصلح لمعرفتها إلّا قلب محروس عن الغفلة والغيبة «٢»، ولا يصلح لمحبتها إلّا روح محفوظة عن العلاقة والحجبة.
قوله جل ذكره:
[سورة العاديات (١٠٠) : الآيات ١ الى ١١]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَالْعادِياتِ ضَبْحاً (١) فَالْمُورِياتِ قَدْحاً (٢) فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً (٣) فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً (٤)فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً (٥) إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (٦) وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ (٧) وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (٨) أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ (٩)
وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ (١٠) إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ (١١)
«الْعادِياتِ» : الخيل التي تعدو «٣».
«ضَبْحاً» أي إذا ضبحن ضبحا، والضبح: هو صوت أجوافها إذا عدون. ويقال:
ضبحها هو شدة نفسها عند العدو.
وقيل: «الْعادِياتِ» الإبل «٤».
وقيل: أقسم الله بأفراس الغزاة «٥».
«فَالْمُورِياتِ قَدْحاً» تورى بحوافرها النار إذا عدت وأصابت سنابكها الحجارة بالليل.
(٢) الغيبة المتصلة باللسان هي الكلام في حقّ الغائب، والغيبة المتصلة بالقلب هي ورود وارد من أي نوع يعطّل الاتجاه الكامل نحو المحبوب، كالتفكير في الثواب أو الخوف من العقاب، أو الطمع في الأعواض، أو استعجال شىء.. ونحو ذلك مما يشوب كأس المحبة من غيرية...
(٣) العدو: هو تباعد الأرجل في سرعة المشي.
(٤) هكذا في ص وهي في م (الليل) وهي خطأ في النسخ والفعل المستعمل مع الإبل هو (ضبع) فتكون (ضبحا) هنا بحاء مبدلة عن عين (القرطبي ح ٢٠ ص ١٥٦) [.....]
(٥) فى الخبر: «من لم يعرف حرمة فرس الغازى ففيه شعبة من النفاق».
ويقال: هى الأسنّة.
«فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً» تغير على العدوّ صباحا.
«فَأَثَرْنَ بِهِ نَقْعاً» أي: هيّجن به غبارا.
«فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعاً» أي: توسّطن المكان، أي: تتوسط الخيل بفوارسها جمع العدوّ.
«إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ» هذا هو جواب القسم.
«لَكَنُودٌ» : أي لكفور بالنعمة «١».
«وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ» أي: وإنه على كنوده لشهيد «وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ» أي: وإنه لبخيل لأجل حبّ المال «٢».
قوله جل ذكره: «أَفَلا يَعْلَمُ إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ» أي: بعث الموتى.
«وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ» بيّن ما في القلوب من الخير والشرّ.
«إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ».
(٢) قال تعالى: «إِنْ تَرَكَ خَيْراً» آية ١٨٠ سورة البقرة.
«إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ».
ويقال في معنى الكنود «١» : هو الذي يرى ما إليه من البلوى، ولا يرى ما هو به من النّعمى.
ويقال: هو الذي رأسه على وسادة النعمة، وقلبه في ميدان الغفلة.
ويقال: الكنود: الذي ينسى النّعم ويعدّ المصائب.
وقوله: «وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ»، يحتمل: وإنّ الله على حاله لشهيد.