ﰡ
مكية، وآياتها ثمان آيات، وفيها يحذرنا الله عاقبة التكاثر في المال والجاه، ويخبر أن عذاب العصاة واقع لا محالة، وأن جهنم حق لا شك فيها، وأنكم ستسألون عن نعيم الدنيا.
[سورة التكاثر (١٠٢) : الآيات ١ الى ٨]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ (١) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ (٢) كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣) ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٤)كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (٥) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (٦) ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ (٧) ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (٨)
المفردات:
أَلْهاكُمُ: شغلكم. التَّكاثُرُ: التبارى في الكثرة، أى: المفاخرة بكثرة المال والولد، أو المراد التغالب في تكثير المال وكثرة الرجال. عِلْمَ الْيَقِينِ أى:
علما يقينيا، والعلم اليقيني: هو الذي نشأ عن اعتقاد مطابق للواقع عن عيان أو دليل صحيح. عَيْنَ الْيَقِينِ أى: لترونها رؤية حقيقية كأنها هي اليقين نفسه، فعلم العيان والمشاهدة يسمى عين اليقين.
المعنى:
ألهاكم التكاثر في الأموال والرجال والتغالب في جمعها عن تحصيل ما ينفعكم وعمل
وقد ورد أن قبيلتين تفاخرتا بكثرة المال والرجال حتى ذهبوا إلى قبورهم، وتفاخروا بمن مات فنزلت السورة تنعى عليهم ذلك وتحذرهم عاقبته ومغبته.
ارتدعوا عن ذلك العمل الذي ينشئ التدابر والتقاطع والانشغال بما لا ينفع صاحبه.
كلا سوف تعلمون عاقبة هذا التكاثر وعند ذلك تندمون ولا ينفع الندم، ثم كلا سوف تعلمون، وهذا تأكيد للمعنى السابق، كلا! لو تعلمون عاقبة ذلك علما يقينيا لا شك فيه ولا شبهة علما ناشئا عن اعتقاد صحيح لما تفاخرتم بالمال أو بالرجال، ولما تسابقتم في تكثير المال والرجال، ولانصرفتم إلى ما هو خير لكم وأجدى عليكم، ألا وهو التسابق في تحصيل الخير، فلمثل هذا فليعمل العاملون.
أقسم لترون الجحيم- وهذا كناية عن ذوق عذابها- ثم لترونها ولتتذوقن عذابها لأنكم تسابقتم في المال وتكاثرتم وتفاخرتم به، ولترونها لذلك رؤية مشاهدة، رؤية محسوسة وهي الرؤية اليقينية، ثم بعد ذلك لتسألن عن النعيم الذي تتفاخرون به وتتسابقون في تحصيله، فاحذروا أيها الناس وانتبهوا.