تفسير سورة الهمزة

تفسير السعدي
تفسير سورة سورة الهمزة من كتاب تيسير الكريم الرحمن المعروف بـتفسير السعدي .
لمؤلفه السعدي . المتوفي سنة 1376 هـ
تفسير سورة الهمزة، وهي مكية.

﴿ ١ - ٩ ﴾ ﴿ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ * الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ * يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ * كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ * نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ * إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ * فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ ﴾
﴿ وَيْلٌ ﴾ أي : وعيد، ووبال، وشدة عذاب ﴿ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ﴾ الذي يهمز الناس بفعله، ويلمزهم بقوله، فالهماز : الذي يعيب الناس، ويطعن عليهم بالإشارة والفعل، واللماز : الذي يعيبهم بقوله.
ومن صفة هذا الهماز اللماز أنه لا هم له سوى جمع المال، وتعديده، والغبطة به، وليس له رغبة في إنفاقه في طرق الخيرات، وصلة الأرحام، ونحو ذلك.
﴿ يَحْسَبُ ﴾ بجهله ﴿ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ ﴾ في الدنيا، فلذلك كان كده وسعيه كله في تنمية ماله، الذي يظن أنه ينمي عمره، ولم يدر أن البخل يقصف الأعمار، ويخرب الديار، وأن البر يزيد في العمر.
﴿ كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ ﴾ أي : ليطرحن ﴿ فِي الْحُطَمَةِ ﴾
﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ ﴾ تعظيم لها، وتهويل لشأنها.
ثم فسرها بقوله :﴿ نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ ﴾ التي وقودها الناس والحجارة.
﴿ الَّتِي ﴾ من شدتها ﴿ تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ ﴾ أي : تنفذ من الأجسام إلى القلوب.
ومع هذه الحرارة البليغة هم محبوسون فيها، قد أيسوا من الخروج منها، ولهذا قال :﴿ إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ ﴾ أي : مغلقة.
﴿ فِي عَمَدٍ ﴾ من خلف الأبواب ﴿ مُمَدَّدَةٍ ﴾ لئلا يخرجوا منها ﴿ كُلَّمَا أَرَادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا أُعِيدُوا فِيهَا ﴾.
[ نعوذ بالله من ذلك، ونسأله العفو والعافية ].
Icon