تفسير سورة سورة الشرح من كتاب التفسير الشامل
.
لمؤلفه
أمير عبد العزيز
.
المتوفي سنة 2005 هـ
هذه السورة مكية وآياتها ثمان.
ﰡ
بسم الله الرحمان الرحيم
﴿ ألم نشرح لك صدرك ١ ووضعنا عنك وزرك ٢ الذي أنقض ظهرك ٣ ورفعنا لك ذكرك ٤ فإن مع العسر يسرا ٥ إن مع العسر يسرا ٦ فإذا فرغت فانصب ٧ وإلى ربك فارغب ﴾.
قوله :﴿ ألم نشرح لك صدرك ﴾ الاستفهام، إنكار لنفي الانشراح مبالغة في إثباته. والمقصود أن الله شرح لك صدرك يا محمد. فيكون المعنى : ألم نفسح لك صدرك يا محمد بما أودعنا فيه من العلوم والحكم حتى وسع هموم النبوة، وأزلنا عنه ضيق الجهل والحرج.
وقيل : إن ذلك إشارة إلى ما روي أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم في صباه فشق صدره وغسل قلبه من كل ما يجده الناس من أدران النفس كالغل والحسد ونحوهما. فقد روى الإمام أحمد عن أبي هريرة أنه قال : يا رسول الله ما أول ما رأيت من أمر النبوة ؟ فاستوى رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا وقال : " لقد سألت يا أبا هريرة. إني في الصحراء ابن عشر سنين وأشهر وإذا بكلام فوق رأسي. وإذا رجل يقول لرجل : أهو هو ؟ فاستقبلاني بوجوه لم أرها قط، وأرواح لم أجدها من خلق قط. وثياب لم أرها على أحد قط. فأقبلا إلي يمشيان حتى أخذ كل واحد منهما بعضدي لا أجد لأحدهما مسّا. فقال أحدهما لصاحبه : أضجعه فأضجعاني بلا قصر١ ولا هصر٢. فقال أحدهما لصاحبه : افلق صدره، فهوى أحدهما إلى صدري ففلقه فيما أرى بلا دم ولا وجع، فقال له : أخرج الغل والحسد. فأخرج شيئا كهيئة العلقة ثم نبذها فطرحها. فقال له : أدخل الرأفة والرحمة، فإذا مثل الذي أخرج شبه الفضة، ثم هز إبهام رجلي اليمنى فقال : اغد واسلم، فرجعت بها أغدو رقة على الصغير ورحمة للكبير ".
﴿ ألم نشرح لك صدرك ١ ووضعنا عنك وزرك ٢ الذي أنقض ظهرك ٣ ورفعنا لك ذكرك ٤ فإن مع العسر يسرا ٥ إن مع العسر يسرا ٦ فإذا فرغت فانصب ٧ وإلى ربك فارغب ﴾.
قوله :﴿ ألم نشرح لك صدرك ﴾ الاستفهام، إنكار لنفي الانشراح مبالغة في إثباته. والمقصود أن الله شرح لك صدرك يا محمد. فيكون المعنى : ألم نفسح لك صدرك يا محمد بما أودعنا فيه من العلوم والحكم حتى وسع هموم النبوة، وأزلنا عنه ضيق الجهل والحرج.
وقيل : إن ذلك إشارة إلى ما روي أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم في صباه فشق صدره وغسل قلبه من كل ما يجده الناس من أدران النفس كالغل والحسد ونحوهما. فقد روى الإمام أحمد عن أبي هريرة أنه قال : يا رسول الله ما أول ما رأيت من أمر النبوة ؟ فاستوى رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا وقال : " لقد سألت يا أبا هريرة. إني في الصحراء ابن عشر سنين وأشهر وإذا بكلام فوق رأسي. وإذا رجل يقول لرجل : أهو هو ؟ فاستقبلاني بوجوه لم أرها قط، وأرواح لم أجدها من خلق قط. وثياب لم أرها على أحد قط. فأقبلا إلي يمشيان حتى أخذ كل واحد منهما بعضدي لا أجد لأحدهما مسّا. فقال أحدهما لصاحبه : أضجعه فأضجعاني بلا قصر١ ولا هصر٢. فقال أحدهما لصاحبه : افلق صدره، فهوى أحدهما إلى صدري ففلقه فيما أرى بلا دم ولا وجع، فقال له : أخرج الغل والحسد. فأخرج شيئا كهيئة العلقة ثم نبذها فطرحها. فقال له : أدخل الرأفة والرحمة، فإذا مثل الذي أخرج شبه الفضة، ثم هز إبهام رجلي اليمنى فقال : اغد واسلم، فرجعت بها أغدو رقة على الصغير ورحمة للكبير ".
١ القصر: الحبس. قصر على الأمر، رده إليه. انظر القاموس المحيط ص ٥٩٥..
٢ الهصر: الجذب والإمالة والكسر والدفع. انظر القاموس المحيط ص ٦٤١..
٢ الهصر: الجذب والإمالة والكسر والدفع. انظر القاموس المحيط ص ٦٤١..
قوله :﴿ ووضعنا عنك وزرك ﴾ أي خفّفنا عنك حملك الثقيل الذي حمّلته. والمراد به أعباء النبوة والاضطلاع بأمرها. فقد أعنّاك على ذلك وأيدناك بقوتنا وفضلنا.
قوله :﴿ الذي أنقض ظهرك ﴾ أي أثقلك حمله.
قوله :﴿ ورفعنا لك ذكرك ﴾ رفع الله ذكر نبيه محمد صلى الله عليه وسلم حتى شاع صيته الظاهر وسمعته الرفيعة في آفاق العالمين وفي ملكوت السماوات حيث الملائكة المقربون الأطهار. لقد شاع ذكره في بطون الكتب وفي طوايا القلوب والأذهان وفي المجالس وعلى كل لسان، فضلا من الله لهذا النبي الكريم المفضال بما اتصف به من عظيم الشمائل وجليل الخصال.
ويأتي في طليعة هذا الذكر لخير الأنام أن يقترن اسمه في الشهادة العظمى التي يتحقق بها إيمان المرء وهي شهادة : لا إله إلا الله محمد رسول الله.
ويأتي في طليعة هذا الذكر لخير الأنام أن يقترن اسمه في الشهادة العظمى التي يتحقق بها إيمان المرء وهي شهادة : لا إله إلا الله محمد رسول الله.
قوله :﴿ فإن مع العسر يسرا ﴾ ذلك تأنيس من الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم والذين معه من المؤمنين وتأنيس للمؤمنين في كل زمان، إذ بيّن لهم أن الشدة يعقبها الفرج، وأن الضيق والكرب يخلفهما اليسر وكشف البلاء. والله بفضله مجير لعباده المؤمنين الصابرين فيجعل لهم حسن العواقب في الدنيا والآخرة. وفي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " لن يغلب عسر يسرين " ومعنى هذا أن العسر في الآية معرّف في الحالين فهو مفرد. وأما اليسر فهو منكّر فتعدد. أي أن العسر الأول عين الثاني، واليسر قد تعدد.
قوله :﴿ فإذا فرغت فانصب ﴾ أي إذا فرغت من أمور الدنيا وأشغالها ﴿ فانصب ﴾ أي اتعب بأداء العبادة شكرا لما أنعمه الله عليك. أو قم إلى العبادة نشيطا فارغ البال. وفي الحديث : " لا صلاة بحضرة طعام ولا وهو يدافعه الأخبثان ". وعنه صلى الله عليه وسلم : " إذا اجتمعت الصلاة وحضر العشاء فابدأوا بالعشاء ".
قوله :﴿ وإلى ربك فارغب ﴾ أي ارغب فيما عند الله من الثواب وحسن الجزاء. أو اجعل رغبتك إلى الله وحده واجعل هواك تبعا لما أنزله الله على رسوله١.
١ تفسير البيضاوي ص ٨٠٣ وتفسير النسفي جـ ٤ ص ٣٦٦ وتفسير ابن كثير جـ ٤ ص ٥٢٨..