تفسير سورة التكاثر

زاد المسير
تفسير سورة سورة التكاثر من كتاب زاد المسير في علم التفسير المعروف بـزاد المسير .
لمؤلفه ابن الجوزي . المتوفي سنة 597 هـ
سورة التكاثر، وفي سبب نزولها قولان :
أحدهما : أن اليهود قالوا : نحن أكثر من بني فلان، وبنو فلان أكثر من بني فلان، فألهاهم ذلك حتى ماتوا ضُلالا، فنزلت هذه فيهم، قاله قتادة.
والثاني : أن حيين من قريش : بني عبد مناف وبني سهم كان بينهما لحاء، فقال هؤلاء : نحن أكثر سيدا، وأعز نفرا. وقال أولئك مثل هذا، فتعادّوا السادة والأشراف أيهم أكثر، فكثرهم بنو عبد مناف، ثم قالوا : نعد موتانا، فزاروا القبور، فعدوا موتاهم، فكثرهم بنو سهم ؛ لأنهم كانوا أكثر عددا في الجاهلية، فنزلت هذه فيهم قاله ابن السائب، ومقاتل.

سورة التّكاثر
وهي مكّيّة بإجماعهم وفي سبب نزولها قولان:
(١٥٦٦) أحدهما: أنّ اليهود قالوا: نحن أكثر من بني فلان، وبنو فلان أكثر من بني فلان، فألهاهم ذلك حتى ماتوا ضلّالا، فنزلت هذه فيهم، قاله قتادة.
(١٥٦٧) والثاني: أنّ حيين من قريش: بني عبد مناف، وبني سهم كان بينهما لحاء، فقال هؤلاء: نحن أكثر سيّدا، وأعزّ نفرا. وقال أولئك مثل هذا، فتعادّوا السّادة والأشراف أيّهم أكثر، فكثّرهم بنو عبد مناف، ثم قالوا: نعدّ موتانا، فزاروا القبور، فعدّوا موتاهم، فكثّرهم بنو سهم، لأنهم كانوا أكثر عددا في الجاهلية، فنزلت هذه فيهم قاله ابن السّائب، ومقاتل.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة التكاثر (١٠٢) : الآيات ١ الى ٨]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ (١) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ (٢) كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣) ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٤)
كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (٥) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (٦) ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ (٧) ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ (٨)
قوله تعالى: أَلْهاكُمُ وقرأ أبو بكر الصِّدِّيق، وابن عباس، والشّعبي، وأبو العالية، وابن عمران، وابن أبي عبلة: «أَأَلهاكم» بهمزتين مقصورتين على الاستفهام. وقرأ معاوية، وعائشة «آلهاكم» بهمزة واحدة ممدودة استفهاماً أيضاً. ومعنى ألهاكم: شغلكم عن طاعة الله وعبادته.
وفي المراد بالتكاثر ثلاثة أقوال: أحدها: التكاثر بالأموال والأولاد، قاله الحسن. والثاني:
التفاخر بالقبائل والعشائر، قاله قتادة. والثالث: التشاغل بالمعاش والتجارة، قاله الضحاك.
وفي قوله عزّ وجلّ: حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ قولان: أحدهما: حتى أدرككم الموت على تلك الحال، فصرتم في المقابر زُوَّاراً ترجعون منها إلى منازلكم من الجنة أو النار، كرجوع الزائر إلى منزله.
والثاني: حتى زرتم المقابر فَعَدَدْتم من فيها من موتاكم.
ضعيف. أخرجه الطبري ٣٧٨٦٩، ٣٧٨٧٠ عن قتادة، وليس فيه ذكر اليهود، والخبر ضعيف لإرساله، وذكر اليهود يبطل الخبر لأن المصنف نقل الإجماع على أن السورة مكية، وأخبار يهود مدنية.
عزاه المصنف لابن السائب الكلبي ومقاتل، وكلاهما ممن يضع الحديث، فهذا خبر لا شيء.
485
قوله عزّ وجلّ: كَلَّا قال الزّجّاج، هي ردع وتنبيه. والمعنى: ليس الأمر الذي ينبغي أن يكونوا عليه التّكاثر.
قوله عزّ وجلّ: سَوْفَ تَعْلَمُونَ هذا وعيد والمعنى سوف تعلمون عاقبة تكاثركم وتفاخركم إذا نزل بكم الموت. وقيل: العلم الأول: يقع عند نزول الموت. والثاني: عند نزول القبر.
قوله عزّ وجلّ: كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ المعنى: لو تعلمون الأمر علماً يقيناً لَشَغَلَكم ما تعلمون عن التكاثر، والتفاخر. وجواب «لو» محذوف وهو ما ذكرنا. ثم أوعدهم وعيداً آخر فقال عزّ وجلّ. لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ قرأ ابن كثير، ونافع، وعاصم، وأبو عمرو، وحمزة «لتَرون» «ثم لتَرونها» بفتح التاء. فيها وقرأ ابن عامر والكسائيّ (لترون الجحيم) بضمّ التاء (ثم لتَرونها) بفتح التاء، وقرأ مجاهد، وعكرمة، وحميد، وابن أبي عبلة «لترون» ثم «لتُرونها» بضم التاء فيهما من غير همز، ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ أي: مشاهدة، فكان المراد ب «عين اليقين» نفسه، لأن عين الشيء: ذاته.
قوله عزّ وجلّ: ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ اختلفوا، هل هذا السؤال عام، أم لا؟ على قولين: أحدهما: أنه خاص للكفار، قاله الحسن. والثاني: عام، قاله قتادة. وللمفسرين في المراد بالنعيم عشرة أقوال:
(١٥٦٨) أحدها: أنه الأمن والصحة، رواه ابن مسعود عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم، وتارة يأتي موقوفاً عليه، وبه قال مجاهد والشعبي.
(١٥٦٩) والثاني: أنه الماء البارد، رواه أبو هريرة عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم.
والثالث: أنه خبز البُرّ والماءُ العَذْبُ، قاله أبو أُمامة. والرابع: أنه ملاذ المأكول والمشروب، قاله جابر بن عبد الله. والخامس: أنه صحة الأبدان، والأسماع، والأبصار، قاله ابن عباس. وقال قتادة:
هو العافية. والسادس: أنه الغداء، والعشاء، قاله الحسن. والسابع: الصحة والفراغ، قاله عكرمة.
والثامن: كل شيء من لذة الدنيا، قاله مجاهد. والتاسع: أنه إنعام الله على الخلق بإرسال محمد صلّى الله عليه وسلم، قاله القرظي. والعاشر: أنه صنوف النعم، قاله مقاتل.
والصحيح أنه عام في كل نعيم، وعام في جميع الخلق، فالكافر يسأل توبيخاً إذا لم يشكر المنعم، ولم يوحِّده. والمؤمن يسأل عن شكرها.
(١٥٧٠) وفي الحديث عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: يقول الله تعالى: «ثلاث لا أسأل عبدي عن شكرهن وأسأله عما سوى ذلك، بيت يُكنُّه، وما يقيم به صلبه من الطعام، وما يواري به عورته من اللباس».
لا يصح مرفوعا، إنما هو من كلام ابن مسعود، كذا أخرجه الطبري ٣٧٨٨٤. وورد من قول مجاهد برقم ٣٧٨٨١ و ٣٧٨٨٣ عن الشعبي من قوله، وهو الصواب والمرفوع فيه انقطاع وضعف. وانظر «تفسير الشوكاني» ٢٨٠٩.
جيد. أخرجه الترمذي ٣٣٥٨ والحاكم ٤/ ١٣٨ والطبري ٣٧٨٩٩ والبيهقي ٤٦٠٧ من طرق عن عبد الله بن العلاء بن زبر عن الضحاك بن عبد الرحمن عن أبي هريرة مرفوعا، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، ورجاله رجال البخاري سوى الضحاك بن عبد الرحمن، وهو ثقة. وانظر «تفسير الشوكاني» ٢٧١٤.
أخرجه البيهقي ١٠٣٦٨ بسند قوي عن الحسن مرسلا. وله شاهد من حديث عثمان، أخرجه الترمذي ٢٤٤٤ والحاكم ٤/ ٤١٢ والطبراني ١/ ٩١، وإسناده حسن، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
486
Icon