وهي مكية كلها بإجماعهم.
ﰡ
ويقال لها: سورة سأل سائل، ويقال لها: سورة الواقع. وهي مكّيّة كلّها بإجماعهم.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[سورة المعارج (٧٠) : الآيات ١ الى ١٨]بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ (١) لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ (٢) مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعارِجِ (٣) تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (٤)فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً (٥) إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً (٦) وَنَراهُ قَرِيباً (٧) يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ (٨) وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ (٩)
وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً (١٠) يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (١١) وَصاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ (١٢) وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ (١٣) وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنْجِيهِ (١٤)
كَلاَّ إِنَّها لَظى (١٥) نَزَّاعَةً لِلشَّوى (١٦) تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى (١٧) وَجَمَعَ فَأَوْعى (١٨)
قوله عزّ وجلّ: سَأَلَ سائِلٌ، قال المفسرون:
(١٤٨٦) نزلت في النضر بن الحارث حين قال: اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ «١»، وهذا مذهب الجمهور، منهم ابن عباس، ومجاهد. وقال الربيع بن أنس: هو أبو جهل. قرأ أبو جعفر، ونافع، وابن عامر: «سال» بغير همز. والباقون: بالهمز. فمن قرأ:
«سأل» بالهمز ففيه ثلاثة أقوال: أحدها: دَعَا دَاعٍ على نفسه بعذابٍ واقعٍ. والثاني: سأل سائل عن عذابٍ واقعٍ لمن هو؟ وعلى من يَنْزِل؟ ومتى يكون؟ وذلك على سبيل الاستهزاء، فتكون الباء بمعنى «عن»، وأنشدوا:
فَإنْ تَسْأَلُوني بالنّساء فإنّني | خبير بأدواء النّساء طبيب «٢» |
__________
(١) الأنفال: ٣٢.
(٢) البيت لعلقمة بن عبدة، وهو في ديوانه ١١ و «أدب الكاتب» ٥٠٥.
ومن قرأ بلا همز ففيه قولان: أحدهما: أنه من السؤال أيضاً، وإنما لَيَّن الهمزة، يقال: سأل، وسال، وأنشد الفراء:
تَعَالَوْا فَسَالُوا يَعْلمِ النَّاسُ أَيُّنَا | لِصَاحِبِهِ في أَوَّلِ الدَّهْرِ نافع |
قوله عزّ وجلّ: ذِي الْمَعارِجِ فيه قولان: أحدهما: أنها السموات، قاله ابن عباس. وقال مجاهد: هي معارج الملائكة. قال ابن قتيبة: وأصل «المعارج» الدَّرَج، وهي من عَرَجَ: إِذا صَعِدَ. قال الفراء: لما كانت الملائكة تَعْرُج إليه، وصف نفسه بذلك. قال الخطابي: المعارج: الدَّرَج، واحدها:
مَعْرَجٌ، وهو المَصْعَدُ، فهو الذي يُصْعَدُ إِليه بأعمال العباد، وبأرواح المؤمنين. فالمعارج: الطّرائق أي يُصْعَدُ فيها. والثاني: أن المَعَارِجَ: الفَوَاضِلُ والنِّعم، قاله قتادة.
قوله عزّ وجلّ: تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ قرأ الكسائي: «يَعْرُج» بالياء. والروحُ وفي «الرّوح» قولان:
أحدهما: أنه جبريل، قاله الأكثرون. والثاني: أنه روُح الميِّت حين تُقْبَضُ، قاله قبيصة بن ذؤيب.
قوله عزّ وجلّ: إِلَيْهِ أي: إلى الله تعالى فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ فيه قولان:
أحدهما: أنه يوم القيامة، قاله ابن عباس، والحسن، وقتادة، والقرظي، وهذا هو مقدار يوم القيامة من وقت البعث إِلى أن يفصل بين الخلق.
(١٤٨٧) وفي الحديث: «إنه لَيُخفَّفُ على المؤمِن حتى يكون أَخَفَّ عليه من صلاة مكتوبة».
وقيل: بل لو ولي حساب الخلق سوى الله عزّ وجلّ لم يفرغ منه في خمسين ألف سنة، والحقُّ يفرغ منه في ساعة من نهار. وقال عطاء: يفرغ الله من حساب الخلق في مقدار نصف يوم من أيام الدنيا. فعلى هذا يكون المعنى: ليس له دافع من الله في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة. وقيل: المعنى: سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ في يوم كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ. فعلى هذا يكون في الكلام تقديم وتأخير.
والثاني: أنه مقدار صعود الملائكة من أسفل الأرض إلى العرش لو صعده غيرهم قطعه في
قوله عزّ وجلّ: فَاصْبِرْ أي: اصبر على تكذيبهم إياك صَبْراً جَمِيلًا لا جزع فيه، وهذا قبل أن يُؤْمَرَ بقتالهم، ثم نسخ بآية السيف، إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ يعني: العذاب بَعِيداً غير كائن وَنَراهُ قَرِيباً كائناً، لأن كل ما هو آتٍ قريب. ثم أخبر متى يكون فقال عزّ وجلّ: يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ وقد شرحناه في الكهف «١» وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ أي: كالصوف، فَشَبَّهها في ضَعْفها ولِينِها بالصوف. وقيل: شبَّهها به في خِفَّتِها وسَيْرِها، لأنه قد نقل أنها تسير على صورها، وهي كالهباء. قال الزجاج: «العهن» الصوف.
واحدته: عِهْنَةٌ، ويقال: عُهْنَةٌ، وعُهْنٌ، مثل: صُوفَةٍ، وصُوفٍ. وقال ابن قتيبة: «العِهْنُ» الصّوف المصبوغ.
قوله عزّ وجلّ: وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً (١٠) قرأ الأكثرون: «يسأل» بفتح الياء. والمعنى: لا يسأل قريب عن قرابته، لاشتغاله بنفسه. وقال مقاتل: لا يسأل الرجل عن قرابته، ولا يكلِّمه من شدة الأهوال. وقرأ معاوية، وأبو رزين، والحسن، وسعيد بن جبير، ومجاهد، وعكرمة، وابن محيصن، وابن أبي عبلة، وأبو جعفر بضم الياء. والمعنى: لا يقال للحميم: أين حميمك؟
قوله عزّ وجلّ: يُبَصَّرُونَهُمْ أي: يُعَرَّفُ الحميم حميمَه حتى يَعْرِفَه، وهو مع ذلك لا يسأل عن شأنه، ولا يكلِّمه اشتغالاً بنفسه. يقال: بَصَّرْتُ زيداً كذا: إذا عَرَّفْتَهُ إيَّاه. قال ابن قتيبة: معنى الآية: لا يَسْأَلُ ذو قرابة عن قرابته، ولكنهم يُبَصَّرُونَهم، أي: يُعَرَّفُونَهم. وقرأ قتادة، وأبو المتوكل، وأبو عمران «يُبْصِرُونَهم» بإسكان الباء، وتخفيف الصاد، وكسرها.
قوله عزّ وجلّ: يَوَدُّ الْمُجْرِمُ يعني: يتمنَّى المشرك لو قُبِلَ منه هذا الفداءُ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (١١) وَصاحِبَتِهِ وهي الزوجة وَفَصِيلَتِهِ قال ابن قتيبة: أي: عشيرته. وقال الزجاج: هي أدنى قبيلته منه.
ومعنى تُؤْوِيهِ تضمه، فيودُّ أن يفتديَ بهذه المذكورات ثُمَّ يُنْجِيهِ من ذلك الفداء كَلَّا لا ينجيه ذلك إِنَّها لَظى قال الفراء هو اسم من أسماء جهنّم فلذلك لم يجر لها ذكر «٢»، وقال غيره: معناها في اللغة: اللهب الخالص، وقال ابن الأنباري: سميت لظى لشدة تَوَقُّدِها وتلهُّبِها، يقال: هو يتلظَّى، أي:
يتلهَّب ويتوقَّد. وكذلك النار تتلظّى يراد به هذا المعنى. وأنشدوا:
جَحِيماً تَلَظَّى لا تَفْتَّرُ سَاعَةً | ولا الحَرُّ مِنْها غَابِرَ الدَّهْرِ يَبْرُدُ |
قوله عزّ وجلّ: تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ عن الإيمان وَتَوَلَّى عن الحق. قال المفسّرون: تقول: إليّ يا
(٢) فاطر: ٣١.
[سورة المعارج (٧٠) : الآيات ١٩ الى ٤٤]
إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً (١٩) إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (٢٠) وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (٢١) إِلاَّ الْمُصَلِّينَ (٢٢) الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ (٢٣)
وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ (٢٤) لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (٢٥) وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ (٢٦) وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (٢٧) إِنَّ عَذابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ (٢٨)
وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ (٢٩) إِلاَّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (٣٠) فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ (٣١) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَماناتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ راعُونَ (٣٢) وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قائِمُونَ (٣٣)
وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ (٣٤) أُولئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُكْرَمُونَ (٣٥) فَمالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ (٣٦) عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ (٣٧) أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ (٣٨)
كَلاَّ إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ (٣٩) فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ إِنَّا لَقادِرُونَ (٤٠) عَلى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ (٤١) فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ (٤٢) يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (٤٣)
خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ (٤٤)
قوله عزّ وجلّ: إِنَّ الْإِنْسانَ خُلِقَ هَلُوعاً قال مقاتل: عنى به أُميَّة بن خلف الجُمَحي «١». وفي الهَلوع سبعة أقوال: أحدها: أنه الموصوف بما يلي هذه الآية، رواه عطية عن ابن عباس، وبه قال أبو عبيدة، والزجاج. والثاني: أنه الحريص على ما لا يحلُّ له، رواه أبو صالح عن ابن عباس. والثالث:
البخيل، قاله الحسن، والضحاك. والرابع: الشحيح، قاله ابن جبير. والخامس: الشَّرِه، قاله مجاهد.
والسادس: الضَّجُور، قاله عكرمه، وقتادة، ومقاتل، والفراء. والسابع: الشديد الجزع، قاله ابن قتيبة.
قوله عزّ وجلّ: إِذا مَسَّهُ الشَّرُّ أي: إذا أصابه الفقر جَزُوعاً لا يصبر، ولا يحتسب وَإِذا مَسَّهُ الْخَيْرُ أصابه المال مَنُوعاً يمنعه من حق الله إِلَّا الْمُصَلِّينَ وهم أهل الإيمان بالله. وإنما استثنى الجمع من الإنسان، لأنه اسم جنس الَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ دائِمُونَ وفيهم ثلاثة أقوال: أحدها: أنهم الذين يحافظون على المكتوبات، وهو معنى قول ابن مسعود. والثاني: أنهم لا يلتفتون عن أيمانهم وشمائلهم في الصلاة، قاله عقبة بن عامر، واختاره الزجاج. قال: ويكون اشتقاقه من الدائم، وهو الساكن، كما جاء في الحديث أنه:
والثالث: أنهم الذين يكثرون فعل التطوع، قاله ابن جبير. وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ قد سبق شرح هذه الآية والتي بعدها في الذاريات «١» وبينا معنى «يوم الدين» في «الفاتحة». وما بعد هذا قد شرحناه في المؤمنين «٢» إلى قوله عزّ وجلّ: «لأماناتهم» قرأ ابن كثير وحده: «لأمانتهم» وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهاداتِهِمْ قرأ ابن كثير، ونافع وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: «بشهادتهم» على التوحيد. وقرأ حفص عن عاصم: «بشهاداتهم» جمعا، قائِمُونَ أي: يقيمون فيها بالحق ولا يكتمونها، فَمالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ.
(١٤٨٩) نزلت في جماعة من الكفار جلسوا حول رسول الله صلّى الله عليه وسلم يستهزئون بالقرآن، ويكذِّبون به. قال الزجاج: والمُهْطِع: المُقْبِلُ ببَصَره على الشيء لا يُزَايِلُه، وكانوا ينظرون إلى النبيّ نظرة عداوة.
وقد سبق الخلاف في قوله تعالى: مُهْطِعِينَ «٣».
قوله: عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ عِزِينَ. قال الفرّاء: العزون: الحلق، الخلق الجماعات، واحدتها:
عِزَةٌ.
(١٤٩٠) وكانوا يجتمعون حول النبي صلّى الله عليه وسلم يقولون: لئن دخل هؤلاء الجنة، كما يقول محمد، فلندخلنَّها قبلهم، فنزل قوله تعالى: أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ وقرأ ابن مسعود، والحسن، وطلحة بن مصرف، والأعمش، والمفضل عن عاصم «أن يَدْخُلَ» بفتح الياء، وضم الخاء.
وقال أبو عبيدة: عِزِين جمع عِزَة، مثل ثُبَة، وثُبِين، فهي جماعات في تفرقة.
قوله عزّ وجلّ: كَلَّا أي: لا يكون ذلك إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ فيه قولان:
أحدهما: من نطفة، ثم من علقة، ثم من مضغة، فالمعنى: لا يستوجب الجنة أحد بما يَدَّعيه من الشرف على غيره، إذ الأصل واحد، وإِنما يستوجبها بالطاعة.
والثاني: إنا خلقناهم من أقذار. فبما يستحقون الجنة ولم يؤمنوا؟! (١٤٩١) وقد روى بشر بن جحّاش عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم «أنه تلا هذه الآية إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ ثم
صحيح. أخرجه البخاري ٢٣٩ ومسلم ٢٨٢ وأبو داود ٦٩ والترمذي ٦٨ والنسائي ١/ ٤٩ وأحمد ٢/ ٣٤٦ من حديث أبي هريرة. وانظر «فتح القدير» ١/ ٨٣ للكمال ابن الهمام بتخريجي.
انظر الحديث الآتي.
ذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٨٤٠ بدون سند، ولم يعزه لأحد إنما ذكره نقلا عن المفسرين، فهو واه، ليس بشيء.
ضعيف، أخرجه البيهقي في «الشعب» ٣٤٧٣ عن جعفر بن محمد الفريابي ثنا صفوان ثنا الوليد بن مسلم، ثنا جرير بن عثمان الرحبي عن عبد الرحمن بن ميسرة عن جبير بن نفير عن بشر بن جحاش قال: «قال النبي صلّى الله عليه وسلم وبصق يوما... فذكره» رجاله ثقات سوى عبد الرحمن بن ميسرة، فقد وثقه العجلي وابن حبان على قاعدتهما في توثيق المجاهيل، وقال علي المديني: مجهول، والقول قول ابن المديني، فإنه إمام هذا الشأن.
قلت: ولفظ «بصق في كفه» غريب، بل هو منكر، وراويه لا يحتمل التفرد بمثل هذا. وأخرجه ابن ماجة-
__________
(١) الذاريات: ١٩.
(٢) المؤمنون: ٧- ٨.
(٣) إبراهيم: ٤٣، والقمر: ٨. [.....]
أتَصدَّقُ، وأنَّى أوان الصدقة؟!».
قوله عزّ وجلّ: فَلا أُقْسِمُ قد تكلمنا عليه في الحاقة «١» والمراد بالمشارق، والمغارب:
مشرق كل يوم ومغربُه، إِنَّا لَقادِرُونَ (٤٠) عَلى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ أي: نَخْلُقَ أَمْثَلَ منهم، وأَطْوَعَ لله حين عَصَوْا وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ مفسر في الواقعة «٢» فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا في باطلهم وَيَلْعَبُوا أي: يلهوا في دنياهم حَتَّى يُلاقُوا وقرأ ابن محيصن «يَلْقَوْا يومَهم الذي يوعدون» وهو يوم القيامة. وهذا لفظ أمر، معناه الوعيد. وذكر المفسرون أنه منسوخ بآية السيف. وإذا قلنا: إنه وعيد بلقاء يوم القيامة، فلا وجه للنسخ، يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً أي: يخرجون بسرعة كأنهم يَسْتَبِقُون.
قوله عزّ وجلّ: كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ قرأ ابن عامر، وحفص عن عاصم بضمّ النون والصاد. قال ابن جرير: وهو واحد الأنصاب، وهي آلهتهم التي كانوا يعبدونها. فعلى هذا يكون المعنى: كأنهم إلى آلهتهم التي كانوا يعبدونها يُسرعون. وقرأ ابن كثير، وعاصم، ونافع، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي بفتح النون وسكون الصاد، وهي في معنى القراءة الأولى، إلا أنه مصدر. كقول القائل: نصبت الشيء أنصبه نصباً. قال قتادة: معناه: كأنهم إلى شيء منصوب يسرعون. وقال ابن جرير: تأويله: كأنهم إِلى صنم منصوب يُسْرِعُون. وقرأ ابن عباس، وأبو مجلز، والنخعي «نُصْب» برفع النون، وإسكان الصاد.
وقرأ الحسن، وأبو عثمان النَّهدي، وعاصم الجحدري «إلى نَصَبٍ» بفتح النون والصاد جميعاً. قال ابن قتيبة: النصب: حجر يُنْصَبُ أو صنم، يقال: نَصْب، ونُصْب، ونُصُب. وقال الفراء: النَّصْب والنُّصْبُ واحد، وهو مصدر، والجمع: الأنصاب. وقال الزجاج: النَّصْب، والنُّصُب: العلم المنصوب. قال الفراء: والإيفاض: الإسراع.
قوله عزّ وجلّ: تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ قرأ أبو المتوكل، وأبو الجوزاء، وعمرو بن دينار «ذِلَّةُ ذلك اليومِ» بغير تنوين، وبخفض الميم. وباقي السّورة قد تقدّم بيانه «٣».
__________
(١) الحاقة: ٣٨.
(٢) الواقعة: ٦٠.
(٣) المعارج: ٤٢.