تفسير سورة المعارج

البحر المديد في تفسير القرآن المجيد
تفسير سورة سورة المعارج من كتاب البحر المديد في تفسير القرآن المجيد .
لمؤلفه ابن عجيبة . المتوفي سنة 1224 هـ
سورة المعارج
مكية. وهي أربع وأربعون آية. ومناسبتها : قوله تعالى :﴿ وإنه لحسرة على الكافرين( ٥٠ ) ﴾ [ الحاقة : ٥٠ ] مع قوله :﴿ بعذاب واقع للكافرين ﴾ فإنه بيان لتلك الحسرة، حين فاتهم الإيمان به.

يقول الحق جلّ جلاله :﴿ سأل سائل ﴾، قرأ نافع والشاميّ بغير همز، إمّا من السؤال، على لغة قريش، فإنهم يُسهّلون الهمز، أو مِن السّيلان، ويُؤيده أنه قُرئ " سَال سيْل " أي : سال وادٍ ﴿ بعذابٍ واقعٍ للكافرين ﴾ يوم القيامة، والتعبير بالماضي لتحقُّق وقوعه، أو في الدنيا، وهو عذاب يوم بدر، وقرأ الباقون بالهمز، من السؤال، أي : طَلَبَ طالب، وهو النضر بن الحارث، حيث قال استهزاءً :﴿ إِن كَانَ هّذاَ هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ ﴾ [ الأنفال : ٣٢ ] وقيل : أبو جهل، حيث قال :
﴿ فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفاً مِنَ السَّمَاءِ ﴾ [ الشعراء : ١٨٧ ]، وقيل : هو الحارث بن النعمان الفهري، وذلك أنه لمّا بلغه قولَ رسول الله صلى الله عليه وسلم في عَلِيّ :" مَن كنتُ مولاه فَعَلِيٌّ مولاه " ١، قال : اللهم إن كان ما يقول محمد حقًّا فأَمْطِر علينا حجارةً من السماء، فما لبث حتى رماه الله بحَجَر، فوقع على دماغه، فخرج من أسفله، فهلك من ساعته.
وقوله تعالى :﴿ بعذاب ﴾ إذا كان " سال " من السيلان، فالباء على بابها، أي : سال واد بعذاب للكافرين، وإذا كان من السؤال فالباء بمعنى " عن " كقوله تعالى :﴿ فَسْئَلْ بِهِ خَبِيراً ﴾ [ الفرقان : ٥٩ ] أي : سأل عن عذاب، أو ضَمَّن " سأل " معنى دعا، فعدّى تعديته، مِن قولك : دعا بكذا إذا استدعاه وطلبه، ومنه قوله تعالى :﴿ يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ ﴾ [ الدخان : ٥٥ ] أي : دعا داع بعذابٍ واقع لا محالة، إما في الدنيا أو الآخرة،
و " للكافرين " : صفة ثانية لعذاب، أي : بعذاب واقع حاصل للكافرين، أو متعلق بسَأل، أي : دعا للكافرين بعذاب واقع،
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : سال إلى قلوب أهل الغفلة والإنكار سايل من بحر الهوى، بعذاب واقع نازل بقلوبهم من الجزع والهلع والشكوك والخواطر، أو : سأل سائل عن عذاب واقع لأهل الإنكار، وهو غم الحجاب، وسوء الحساب، ليس له دافع من جهته تعالى ؛ لأنه حكم به على أهل البُعد والإنكار. وهو تعالى ذو المعارج، أي : ذو المراقي، تترقى إليه الأرواح والأسرار، من مقام إلى مقام، من مقام الإسلام إلى الإيمان، ومن الإيمان إلى الإحسان، أو : من عالَمٍ إلى عالَمٍ، من عالَم المُلك إلى الملكوت، ومن عالَم الملكوت إلى الجبروت، ومن عالَم الجبروت إلى الرحموت. تعرج الملائكة والروح إليه، أمّا الملائكة فتنتهي إلى الدهش والهيمان، وأما الروح الصافية فتنتهي إلى شهود الذات بالصحو والتمكين، وهذا مقام خاصة الخاصة من النبيين والصدِّيقين، تنتهي إلى هذا المقام في زمن يسير، إن سبقت العناية واتصل صاحبها بالخبير، وفي زمن طويل إن لم يتصل بالخبير، ولذلك قال تعالى :﴿ في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ﴾ أي : يقطع ذلك في يوم كان مقداره لو صار بنفسه خمسين ألف سنة.
واعلم أنَّ الحق تعالى لا يتصف بقُرب ولا بُعد، هو أقرب إلى كل شيء من كل شيء، وإنما بعّد النفوسَ جهلُها به تعالى ووهْمُها وغفلتها، فإذا ارتفع الجهل والوهم، وَجَدت الحقّ كان قريباً وهي لا تشعر. قال الورتجبي : ليس للحق مكان ومنتهى، حتى أن الخلق يعرجون إليه، بل إنَّ ظهور عزته وجلاله في كل ذرة عيانٌ، فإذا رَفَعْتَ القربَ والبُعدَ من حيث المسافة، وأدرجت الأوهام والأفهام ؛ لم يكن بين الحق والروح فصل، وصول الحق لأهل الحق بأقل طرفة، فإنَّ الوصل منه، وهو قريب غير بعيد. هـ. فاصبر أيها السائر صبراً جميلاً ؛ لتظفر بالوصل الدائم، إنهم ـ أي أهل الغفلة ـ يرونه بعيداً، ونراه قريباً لمن قربتُه عليه، يوم تكون السماء كالمُهل، أي : وقت الوصول هو حين تتلطّف العوالم وتذوب الكائنات، فيتصل بحر الأزل بما لم يزل، فلم يبقَ إلاَّ الأزل، قال بعض المحققين : حقيقة المشاهدة : تكثيف اللطيف، وحقيقة المعاينة : تلطيف الكثيف، فافهم.
ولا يسأل حميمٌ حميماً، أي : لا مودة بين أهل البُعد وأهل القرب، ولو كان مِن أقرب الناس إليه نسباً، وهذا مثل قوله :﴿ لاَّ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ ألآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ... ﴾ [ المجادلة : ٢٢ ] الآية. يَوَدُّ المجرمُ، حين يرى ما خص اللهُ به أولياءه من العز والقُرب، لو يفتدي بجميع مَا يملك، بل بجميع أهل الأرض مما نزل به من عذابِ القطيعة والبُعد، كلاّ إنها، أي : نار القطيعة، لَظَى، نزاعةَ لرِفْعَةِ الرؤوس، بل تحطها عن مراتب المقربين، تدعوا مَن أدبر عن المجاهدة والتربية، وجَمَعَ الدنيا فأوعاها، وهذا هو الهلوع الذي أشار إليه بقوله :
﴿ إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً ﴾*﴿ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً ﴾*﴿ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً ﴾*﴿ إِلاَّ الْمُصَلِّينَ ﴾*﴿ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ ﴾*﴿ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ ﴾*﴿ إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ﴾*﴿ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ﴾*﴿ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِم قَائِمُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾*﴿ أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ ﴾.


١ أخرجه أحمد في المسند ٥/٣٤٧، والنسائي في السنن الكبرى حديث ٨١٤٥، والحاكم في المستدرك ٣/١١٠..
و " للكافرين " : صفة ثانية لعذاب، أي : بعذاب واقع حاصل للكافرين، أو متعلق بسَأل، أي : دعا للكافرين بعذاب واقع،
﴿ ليس له ﴾ أي : لذلك العذاب ﴿ دافع ﴾ ؛ راد.
﴿ من الله ﴾ : متصل بواقع،
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : سال إلى قلوب أهل الغفلة والإنكار سايل من بحر الهوى، بعذاب واقع نازل بقلوبهم من الجزع والهلع والشكوك والخواطر، أو : سأل سائل عن عذاب واقع لأهل الإنكار، وهو غم الحجاب، وسوء الحساب، ليس له دافع من جهته تعالى ؛ لأنه حكم به على أهل البُعد والإنكار. وهو تعالى ذو المعارج، أي : ذو المراقي، تترقى إليه الأرواح والأسرار، من مقام إلى مقام، من مقام الإسلام إلى الإيمان، ومن الإيمان إلى الإحسان، أو : من عالَمٍ إلى عالَمٍ، من عالَم المُلك إلى الملكوت، ومن عالَم الملكوت إلى الجبروت، ومن عالَم الجبروت إلى الرحموت. تعرج الملائكة والروح إليه، أمّا الملائكة فتنتهي إلى الدهش والهيمان، وأما الروح الصافية فتنتهي إلى شهود الذات بالصحو والتمكين، وهذا مقام خاصة الخاصة من النبيين والصدِّيقين، تنتهي إلى هذا المقام في زمن يسير، إن سبقت العناية واتصل صاحبها بالخبير، وفي زمن طويل إن لم يتصل بالخبير، ولذلك قال تعالى :﴿ في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ﴾ أي : يقطع ذلك في يوم كان مقداره لو صار بنفسه خمسين ألف سنة.
واعلم أنَّ الحق تعالى لا يتصف بقُرب ولا بُعد، هو أقرب إلى كل شيء من كل شيء، وإنما بعّد النفوسَ جهلُها به تعالى ووهْمُها وغفلتها، فإذا ارتفع الجهل والوهم، وَجَدت الحقّ كان قريباً وهي لا تشعر. قال الورتجبي : ليس للحق مكان ومنتهى، حتى أن الخلق يعرجون إليه، بل إنَّ ظهور عزته وجلاله في كل ذرة عيانٌ، فإذا رَفَعْتَ القربَ والبُعدَ من حيث المسافة، وأدرجت الأوهام والأفهام ؛ لم يكن بين الحق والروح فصل، وصول الحق لأهل الحق بأقل طرفة، فإنَّ الوصل منه، وهو قريب غير بعيد. هـ. فاصبر أيها السائر صبراً جميلاً ؛ لتظفر بالوصل الدائم، إنهم ـ أي أهل الغفلة ـ يرونه بعيداً، ونراه قريباً لمن قربتُه عليه، يوم تكون السماء كالمُهل، أي : وقت الوصول هو حين تتلطّف العوالم وتذوب الكائنات، فيتصل بحر الأزل بما لم يزل، فلم يبقَ إلاَّ الأزل، قال بعض المحققين : حقيقة المشاهدة : تكثيف اللطيف، وحقيقة المعاينة : تلطيف الكثيف، فافهم.
ولا يسأل حميمٌ حميماً، أي : لا مودة بين أهل البُعد وأهل القرب، ولو كان مِن أقرب الناس إليه نسباً، وهذا مثل قوله :﴿ لاَّ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ ألآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ... ﴾ [ المجادلة : ٢٢ ] الآية. يَوَدُّ المجرمُ، حين يرى ما خص اللهُ به أولياءه من العز والقُرب، لو يفتدي بجميع مَا يملك، بل بجميع أهل الأرض مما نزل به من عذابِ القطيعة والبُعد، كلاّ إنها، أي : نار القطيعة، لَظَى، نزاعةَ لرِفْعَةِ الرؤوس، بل تحطها عن مراتب المقربين، تدعوا مَن أدبر عن المجاهدة والتربية، وجَمَعَ الدنيا فأوعاها، وهذا هو الهلوع الذي أشار إليه بقوله :
﴿ إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً ﴾*﴿ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً ﴾*﴿ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً ﴾*﴿ إِلاَّ الْمُصَلِّينَ ﴾*﴿ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ ﴾*﴿ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ ﴾*﴿ إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ﴾*﴿ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ﴾*﴿ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِم قَائِمُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾*﴿ أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ ﴾.

﴿ من الله ﴾ : متصل بواقع،
أي : واقع من عند الله، أو بدافع، أي : ليس له دافع من جهته تعالى إذا جاء وقته، والجملة : صفة أخرى لعذاب، أو حال منه أو استئناف. ﴿ ذي المعارج ﴾ أي : ذي المصاعد، التي تصعد فيها الملائكة بالأوامر والنواهي، وهي السموات المترتبة بعضها فوق بعض، أو : ذي الفواضل العالية، أو معالي الدرجات، أو الدرجات التي يصعد فيها الكلم الطيب والعمل الصالح، أو : يرقى فيها المؤمنون في سلوكهم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : سال إلى قلوب أهل الغفلة والإنكار سايل من بحر الهوى، بعذاب واقع نازل بقلوبهم من الجزع والهلع والشكوك والخواطر، أو : سأل سائل عن عذاب واقع لأهل الإنكار، وهو غم الحجاب، وسوء الحساب، ليس له دافع من جهته تعالى ؛ لأنه حكم به على أهل البُعد والإنكار. وهو تعالى ذو المعارج، أي : ذو المراقي، تترقى إليه الأرواح والأسرار، من مقام إلى مقام، من مقام الإسلام إلى الإيمان، ومن الإيمان إلى الإحسان، أو : من عالَمٍ إلى عالَمٍ، من عالَم المُلك إلى الملكوت، ومن عالَم الملكوت إلى الجبروت، ومن عالَم الجبروت إلى الرحموت. تعرج الملائكة والروح إليه، أمّا الملائكة فتنتهي إلى الدهش والهيمان، وأما الروح الصافية فتنتهي إلى شهود الذات بالصحو والتمكين، وهذا مقام خاصة الخاصة من النبيين والصدِّيقين، تنتهي إلى هذا المقام في زمن يسير، إن سبقت العناية واتصل صاحبها بالخبير، وفي زمن طويل إن لم يتصل بالخبير، ولذلك قال تعالى :﴿ في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ﴾ أي : يقطع ذلك في يوم كان مقداره لو صار بنفسه خمسين ألف سنة.
واعلم أنَّ الحق تعالى لا يتصف بقُرب ولا بُعد، هو أقرب إلى كل شيء من كل شيء، وإنما بعّد النفوسَ جهلُها به تعالى ووهْمُها وغفلتها، فإذا ارتفع الجهل والوهم، وَجَدت الحقّ كان قريباً وهي لا تشعر. قال الورتجبي : ليس للحق مكان ومنتهى، حتى أن الخلق يعرجون إليه، بل إنَّ ظهور عزته وجلاله في كل ذرة عيانٌ، فإذا رَفَعْتَ القربَ والبُعدَ من حيث المسافة، وأدرجت الأوهام والأفهام ؛ لم يكن بين الحق والروح فصل، وصول الحق لأهل الحق بأقل طرفة، فإنَّ الوصل منه، وهو قريب غير بعيد. هـ. فاصبر أيها السائر صبراً جميلاً ؛ لتظفر بالوصل الدائم، إنهم ـ أي أهل الغفلة ـ يرونه بعيداً، ونراه قريباً لمن قربتُه عليه، يوم تكون السماء كالمُهل، أي : وقت الوصول هو حين تتلطّف العوالم وتذوب الكائنات، فيتصل بحر الأزل بما لم يزل، فلم يبقَ إلاَّ الأزل، قال بعض المحققين : حقيقة المشاهدة : تكثيف اللطيف، وحقيقة المعاينة : تلطيف الكثيف، فافهم.
ولا يسأل حميمٌ حميماً، أي : لا مودة بين أهل البُعد وأهل القرب، ولو كان مِن أقرب الناس إليه نسباً، وهذا مثل قوله :﴿ لاَّ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ ألآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ... ﴾ [ المجادلة : ٢٢ ] الآية. يَوَدُّ المجرمُ، حين يرى ما خص اللهُ به أولياءه من العز والقُرب، لو يفتدي بجميع مَا يملك، بل بجميع أهل الأرض مما نزل به من عذابِ القطيعة والبُعد، كلاّ إنها، أي : نار القطيعة، لَظَى، نزاعةَ لرِفْعَةِ الرؤوس، بل تحطها عن مراتب المقربين، تدعوا مَن أدبر عن المجاهدة والتربية، وجَمَعَ الدنيا فأوعاها، وهذا هو الهلوع الذي أشار إليه بقوله :
﴿ إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً ﴾*﴿ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً ﴾*﴿ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً ﴾*﴿ إِلاَّ الْمُصَلِّينَ ﴾*﴿ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ ﴾*﴿ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ ﴾*﴿ إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ﴾*﴿ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ﴾*﴿ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِم قَائِمُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾*﴿ أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ ﴾.

﴿ تعرُجُ الملائكةُ والرُّوحُ ﴾ أي : جبريل عليه السلام، أُفرد بالذكر لتميُّزه وفضله، أو الروح : خلقٌ من الملائكة هم حفظة على الملائكة، كما أنَّ الملائكة حفظةٌ علينا، أو : أرواح المؤمنين عند الموت، فإنها تعرج إلى سدرة المنتهى، فتُحاسَب، ثم تدخل الجنة لترى مقعدها، ثم ترجع للسؤال في القبر، وقوله تعالى :﴿ إِليه ﴾ أي : إلى عرشه ومهبط أمره ﴿ في يوم كان مقدارُه خمسين ألفَ سنةٍ ﴾ مما يعده الناس، وهو بيان لغاية ارتفاع تلك المعارج وبُعد مداها، على منهاج التمثيل والتخييل. والمعنى : أنها من الارتفاع بحيث لو قدر قطعها في زمان ؛ لكان ذلك الزمان مقدار خمسين ألف سنة من سِنيِّ الدنيا، وقيل : معناه : تعرج الملائكة والروح إلى عرشه تعالى في كل يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، أي : يقطعون في يوم ما يقطعه الإنسان في خمسين ألف سنة.
وقد تقدّم الجواب في سورة السجدة١ عن المعارضة بين ما هنا وبين قوله هناك :
﴿ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ ﴾ [ السجدة : ٥ ]، وحاصله : أنَّ الحق تعالى موجود في كل زمان ومكان، فلا يخلو منه مكان ولا زمان، فحيث علّق العروج بتدبير الأمر قرَّب المسافة، وحيث علّقه بذاته، بحيث جعل العروج إليها، بعَّدها ؛ تنبيهاً على علو شأنه وارتفاع عظمته. وقيل : هو من [ صلة ] قوله :﴿ واقع ﴾ أي : يقع ذلك العذاب في يوم طويل، مقداره خمسون ألف سنة، وهو يوم القيامة، فإمّا أن يكون استطالته كناية عن شدته على الكفار، أو لأنه يطول حقيقة، فقد قيل : فيه خمسون موطناً، كل موطن ألف سنة، وما قّدْر ذلك على المؤمن إلاَّ كما بين الظهر والعصر أو أقل، على قدر التخفيف اليوم، وفي حديث أبي سعيد الخدري : قيل : يا رسول الله، ما أطول هذا اليوم ؟ فقال عليه السلام :" إنه ليخف على المؤمن، حتى يكون أخف من صلاة مكتوبة يُصلّيها في الدنيا " ٢.
وقال عبد الحق في العاقبة : إنَّ طول اليوم ذلك المقدار، ولكن مِن الناس مَن يطول قيامه وحبسه إلى آخر اليوم، ومنهم مَن ينفصل في مقدار يوم من أيام الدنيا، وفي ساعة من ساعته، وفي أقل من ذلك، يكون رائحاً في ظل كسبه، وعرش ربه، ومنهم مَن يؤمر به للجنة من غير حساب ولا عذاب، كما أنَّ منهم مَن يُؤمر به إلى النار في أول الأمر، من غير وقوف ولا انتظار، أو بعد يسير من ذلك. ه. وقال القشيري ما معناه : يحاسب الخلق في يوم قصير ووقت يسير، ما لو كان الناس يشتغلون به لكان ذلك خمسين ألف سنة، والله يُجري ذلك ويُمْضِيه في يوم واحد. ه. بعيد.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : سال إلى قلوب أهل الغفلة والإنكار سايل من بحر الهوى، بعذاب واقع نازل بقلوبهم من الجزع والهلع والشكوك والخواطر، أو : سأل سائل عن عذاب واقع لأهل الإنكار، وهو غم الحجاب، وسوء الحساب، ليس له دافع من جهته تعالى ؛ لأنه حكم به على أهل البُعد والإنكار. وهو تعالى ذو المعارج، أي : ذو المراقي، تترقى إليه الأرواح والأسرار، من مقام إلى مقام، من مقام الإسلام إلى الإيمان، ومن الإيمان إلى الإحسان، أو : من عالَمٍ إلى عالَمٍ، من عالَم المُلك إلى الملكوت، ومن عالَم الملكوت إلى الجبروت، ومن عالَم الجبروت إلى الرحموت. تعرج الملائكة والروح إليه، أمّا الملائكة فتنتهي إلى الدهش والهيمان، وأما الروح الصافية فتنتهي إلى شهود الذات بالصحو والتمكين، وهذا مقام خاصة الخاصة من النبيين والصدِّيقين، تنتهي إلى هذا المقام في زمن يسير، إن سبقت العناية واتصل صاحبها بالخبير، وفي زمن طويل إن لم يتصل بالخبير، ولذلك قال تعالى :﴿ في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ﴾ أي : يقطع ذلك في يوم كان مقداره لو صار بنفسه خمسين ألف سنة.
واعلم أنَّ الحق تعالى لا يتصف بقُرب ولا بُعد، هو أقرب إلى كل شيء من كل شيء، وإنما بعّد النفوسَ جهلُها به تعالى ووهْمُها وغفلتها، فإذا ارتفع الجهل والوهم، وَجَدت الحقّ كان قريباً وهي لا تشعر. قال الورتجبي : ليس للحق مكان ومنتهى، حتى أن الخلق يعرجون إليه، بل إنَّ ظهور عزته وجلاله في كل ذرة عيانٌ، فإذا رَفَعْتَ القربَ والبُعدَ من حيث المسافة، وأدرجت الأوهام والأفهام ؛ لم يكن بين الحق والروح فصل، وصول الحق لأهل الحق بأقل طرفة، فإنَّ الوصل منه، وهو قريب غير بعيد. هـ. فاصبر أيها السائر صبراً جميلاً ؛ لتظفر بالوصل الدائم، إنهم ـ أي أهل الغفلة ـ يرونه بعيداً، ونراه قريباً لمن قربتُه عليه، يوم تكون السماء كالمُهل، أي : وقت الوصول هو حين تتلطّف العوالم وتذوب الكائنات، فيتصل بحر الأزل بما لم يزل، فلم يبقَ إلاَّ الأزل، قال بعض المحققين : حقيقة المشاهدة : تكثيف اللطيف، وحقيقة المعاينة : تلطيف الكثيف، فافهم.
ولا يسأل حميمٌ حميماً، أي : لا مودة بين أهل البُعد وأهل القرب، ولو كان مِن أقرب الناس إليه نسباً، وهذا مثل قوله :﴿ لاَّ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ ألآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ... ﴾ [ المجادلة : ٢٢ ] الآية. يَوَدُّ المجرمُ، حين يرى ما خص اللهُ به أولياءه من العز والقُرب، لو يفتدي بجميع مَا يملك، بل بجميع أهل الأرض مما نزل به من عذابِ القطيعة والبُعد، كلاّ إنها، أي : نار القطيعة، لَظَى، نزاعةَ لرِفْعَةِ الرؤوس، بل تحطها عن مراتب المقربين، تدعوا مَن أدبر عن المجاهدة والتربية، وجَمَعَ الدنيا فأوعاها، وهذا هو الهلوع الذي أشار إليه بقوله :
﴿ إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً ﴾*﴿ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً ﴾*﴿ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً ﴾*﴿ إِلاَّ الْمُصَلِّينَ ﴾*﴿ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ ﴾*﴿ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ ﴾*﴿ إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ﴾*﴿ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ﴾*﴿ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِم قَائِمُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾*﴿ أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ ﴾.


١ انظر تفسير الآية: ٥ من سورة السجدة..
٢ أخرجه أحمد في المسند ٣/٧٥..
﴿ فاصبرْ ﴾ يا محمد ﴿ صبراً جميلاً ﴾، وهو متعلق ب " سأل سائل " لأنَّ استعجال النضر بالعذاب إنما كان على وجه الاستهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلم والتكذيب بالوحي، وكان ذلك مما يؤذي الرسولَ عليه الصلاة والسلام فأُمر بالصبر عليه. والصبر الجميل : ألاَّ يصحبه جزع ولا شكوى. قال بعضهم : الأمر بالصبر الجميل مُحْكم في كل حال، فلا نسخ فيه، وقيل : نسخ بالقتال.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : سال إلى قلوب أهل الغفلة والإنكار سايل من بحر الهوى، بعذاب واقع نازل بقلوبهم من الجزع والهلع والشكوك والخواطر، أو : سأل سائل عن عذاب واقع لأهل الإنكار، وهو غم الحجاب، وسوء الحساب، ليس له دافع من جهته تعالى ؛ لأنه حكم به على أهل البُعد والإنكار. وهو تعالى ذو المعارج، أي : ذو المراقي، تترقى إليه الأرواح والأسرار، من مقام إلى مقام، من مقام الإسلام إلى الإيمان، ومن الإيمان إلى الإحسان، أو : من عالَمٍ إلى عالَمٍ، من عالَم المُلك إلى الملكوت، ومن عالَم الملكوت إلى الجبروت، ومن عالَم الجبروت إلى الرحموت. تعرج الملائكة والروح إليه، أمّا الملائكة فتنتهي إلى الدهش والهيمان، وأما الروح الصافية فتنتهي إلى شهود الذات بالصحو والتمكين، وهذا مقام خاصة الخاصة من النبيين والصدِّيقين، تنتهي إلى هذا المقام في زمن يسير، إن سبقت العناية واتصل صاحبها بالخبير، وفي زمن طويل إن لم يتصل بالخبير، ولذلك قال تعالى :﴿ في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ﴾ أي : يقطع ذلك في يوم كان مقداره لو صار بنفسه خمسين ألف سنة.
واعلم أنَّ الحق تعالى لا يتصف بقُرب ولا بُعد، هو أقرب إلى كل شيء من كل شيء، وإنما بعّد النفوسَ جهلُها به تعالى ووهْمُها وغفلتها، فإذا ارتفع الجهل والوهم، وَجَدت الحقّ كان قريباً وهي لا تشعر. قال الورتجبي : ليس للحق مكان ومنتهى، حتى أن الخلق يعرجون إليه، بل إنَّ ظهور عزته وجلاله في كل ذرة عيانٌ، فإذا رَفَعْتَ القربَ والبُعدَ من حيث المسافة، وأدرجت الأوهام والأفهام ؛ لم يكن بين الحق والروح فصل، وصول الحق لأهل الحق بأقل طرفة، فإنَّ الوصل منه، وهو قريب غير بعيد. هـ. فاصبر أيها السائر صبراً جميلاً ؛ لتظفر بالوصل الدائم، إنهم ـ أي أهل الغفلة ـ يرونه بعيداً، ونراه قريباً لمن قربتُه عليه، يوم تكون السماء كالمُهل، أي : وقت الوصول هو حين تتلطّف العوالم وتذوب الكائنات، فيتصل بحر الأزل بما لم يزل، فلم يبقَ إلاَّ الأزل، قال بعض المحققين : حقيقة المشاهدة : تكثيف اللطيف، وحقيقة المعاينة : تلطيف الكثيف، فافهم.
ولا يسأل حميمٌ حميماً، أي : لا مودة بين أهل البُعد وأهل القرب، ولو كان مِن أقرب الناس إليه نسباً، وهذا مثل قوله :﴿ لاَّ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ ألآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ... ﴾ [ المجادلة : ٢٢ ] الآية. يَوَدُّ المجرمُ، حين يرى ما خص اللهُ به أولياءه من العز والقُرب، لو يفتدي بجميع مَا يملك، بل بجميع أهل الأرض مما نزل به من عذابِ القطيعة والبُعد، كلاّ إنها، أي : نار القطيعة، لَظَى، نزاعةَ لرِفْعَةِ الرؤوس، بل تحطها عن مراتب المقربين، تدعوا مَن أدبر عن المجاهدة والتربية، وجَمَعَ الدنيا فأوعاها، وهذا هو الهلوع الذي أشار إليه بقوله :
﴿ إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً ﴾*﴿ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً ﴾*﴿ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً ﴾*﴿ إِلاَّ الْمُصَلِّينَ ﴾*﴿ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ ﴾*﴿ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ ﴾*﴿ إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ﴾*﴿ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ﴾*﴿ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِم قَائِمُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾*﴿ أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ ﴾.

﴿ إِنهم ﴾ أي : الكفار ﴿ يَرَوْنه ﴾ أي : العذاب، أو يوم القيامة ﴿ بعيداً ﴾ ؛ مستحيلاً.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : سال إلى قلوب أهل الغفلة والإنكار سايل من بحر الهوى، بعذاب واقع نازل بقلوبهم من الجزع والهلع والشكوك والخواطر، أو : سأل سائل عن عذاب واقع لأهل الإنكار، وهو غم الحجاب، وسوء الحساب، ليس له دافع من جهته تعالى ؛ لأنه حكم به على أهل البُعد والإنكار. وهو تعالى ذو المعارج، أي : ذو المراقي، تترقى إليه الأرواح والأسرار، من مقام إلى مقام، من مقام الإسلام إلى الإيمان، ومن الإيمان إلى الإحسان، أو : من عالَمٍ إلى عالَمٍ، من عالَم المُلك إلى الملكوت، ومن عالَم الملكوت إلى الجبروت، ومن عالَم الجبروت إلى الرحموت. تعرج الملائكة والروح إليه، أمّا الملائكة فتنتهي إلى الدهش والهيمان، وأما الروح الصافية فتنتهي إلى شهود الذات بالصحو والتمكين، وهذا مقام خاصة الخاصة من النبيين والصدِّيقين، تنتهي إلى هذا المقام في زمن يسير، إن سبقت العناية واتصل صاحبها بالخبير، وفي زمن طويل إن لم يتصل بالخبير، ولذلك قال تعالى :﴿ في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ﴾ أي : يقطع ذلك في يوم كان مقداره لو صار بنفسه خمسين ألف سنة.
واعلم أنَّ الحق تعالى لا يتصف بقُرب ولا بُعد، هو أقرب إلى كل شيء من كل شيء، وإنما بعّد النفوسَ جهلُها به تعالى ووهْمُها وغفلتها، فإذا ارتفع الجهل والوهم، وَجَدت الحقّ كان قريباً وهي لا تشعر. قال الورتجبي : ليس للحق مكان ومنتهى، حتى أن الخلق يعرجون إليه، بل إنَّ ظهور عزته وجلاله في كل ذرة عيانٌ، فإذا رَفَعْتَ القربَ والبُعدَ من حيث المسافة، وأدرجت الأوهام والأفهام ؛ لم يكن بين الحق والروح فصل، وصول الحق لأهل الحق بأقل طرفة، فإنَّ الوصل منه، وهو قريب غير بعيد. هـ. فاصبر أيها السائر صبراً جميلاً ؛ لتظفر بالوصل الدائم، إنهم ـ أي أهل الغفلة ـ يرونه بعيداً، ونراه قريباً لمن قربتُه عليه، يوم تكون السماء كالمُهل، أي : وقت الوصول هو حين تتلطّف العوالم وتذوب الكائنات، فيتصل بحر الأزل بما لم يزل، فلم يبقَ إلاَّ الأزل، قال بعض المحققين : حقيقة المشاهدة : تكثيف اللطيف، وحقيقة المعاينة : تلطيف الكثيف، فافهم.
ولا يسأل حميمٌ حميماً، أي : لا مودة بين أهل البُعد وأهل القرب، ولو كان مِن أقرب الناس إليه نسباً، وهذا مثل قوله :﴿ لاَّ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ ألآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ... ﴾ [ المجادلة : ٢٢ ] الآية. يَوَدُّ المجرمُ، حين يرى ما خص اللهُ به أولياءه من العز والقُرب، لو يفتدي بجميع مَا يملك، بل بجميع أهل الأرض مما نزل به من عذابِ القطيعة والبُعد، كلاّ إنها، أي : نار القطيعة، لَظَى، نزاعةَ لرِفْعَةِ الرؤوس، بل تحطها عن مراتب المقربين، تدعوا مَن أدبر عن المجاهدة والتربية، وجَمَعَ الدنيا فأوعاها، وهذا هو الهلوع الذي أشار إليه بقوله :
﴿ إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً ﴾*﴿ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً ﴾*﴿ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً ﴾*﴿ إِلاَّ الْمُصَلِّينَ ﴾*﴿ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ ﴾*﴿ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ ﴾*﴿ إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ﴾*﴿ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ﴾*﴿ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِم قَائِمُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾*﴿ أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ ﴾.

﴿ ونراه قريباً ﴾ ؛ كائناً لا محالة، فالمراد بالبعيد : البعيد من الإمكان، وبالقريب : القريب منه، أي : ونعلمه هيّناً في قدرتنا غير بعيد علينا ولا متعذّر.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : سال إلى قلوب أهل الغفلة والإنكار سايل من بحر الهوى، بعذاب واقع نازل بقلوبهم من الجزع والهلع والشكوك والخواطر، أو : سأل سائل عن عذاب واقع لأهل الإنكار، وهو غم الحجاب، وسوء الحساب، ليس له دافع من جهته تعالى ؛ لأنه حكم به على أهل البُعد والإنكار. وهو تعالى ذو المعارج، أي : ذو المراقي، تترقى إليه الأرواح والأسرار، من مقام إلى مقام، من مقام الإسلام إلى الإيمان، ومن الإيمان إلى الإحسان، أو : من عالَمٍ إلى عالَمٍ، من عالَم المُلك إلى الملكوت، ومن عالَم الملكوت إلى الجبروت، ومن عالَم الجبروت إلى الرحموت. تعرج الملائكة والروح إليه، أمّا الملائكة فتنتهي إلى الدهش والهيمان، وأما الروح الصافية فتنتهي إلى شهود الذات بالصحو والتمكين، وهذا مقام خاصة الخاصة من النبيين والصدِّيقين، تنتهي إلى هذا المقام في زمن يسير، إن سبقت العناية واتصل صاحبها بالخبير، وفي زمن طويل إن لم يتصل بالخبير، ولذلك قال تعالى :﴿ في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ﴾ أي : يقطع ذلك في يوم كان مقداره لو صار بنفسه خمسين ألف سنة.
واعلم أنَّ الحق تعالى لا يتصف بقُرب ولا بُعد، هو أقرب إلى كل شيء من كل شيء، وإنما بعّد النفوسَ جهلُها به تعالى ووهْمُها وغفلتها، فإذا ارتفع الجهل والوهم، وَجَدت الحقّ كان قريباً وهي لا تشعر. قال الورتجبي : ليس للحق مكان ومنتهى، حتى أن الخلق يعرجون إليه، بل إنَّ ظهور عزته وجلاله في كل ذرة عيانٌ، فإذا رَفَعْتَ القربَ والبُعدَ من حيث المسافة، وأدرجت الأوهام والأفهام ؛ لم يكن بين الحق والروح فصل، وصول الحق لأهل الحق بأقل طرفة، فإنَّ الوصل منه، وهو قريب غير بعيد. هـ. فاصبر أيها السائر صبراً جميلاً ؛ لتظفر بالوصل الدائم، إنهم ـ أي أهل الغفلة ـ يرونه بعيداً، ونراه قريباً لمن قربتُه عليه، يوم تكون السماء كالمُهل، أي : وقت الوصول هو حين تتلطّف العوالم وتذوب الكائنات، فيتصل بحر الأزل بما لم يزل، فلم يبقَ إلاَّ الأزل، قال بعض المحققين : حقيقة المشاهدة : تكثيف اللطيف، وحقيقة المعاينة : تلطيف الكثيف، فافهم.
ولا يسأل حميمٌ حميماً، أي : لا مودة بين أهل البُعد وأهل القرب، ولو كان مِن أقرب الناس إليه نسباً، وهذا مثل قوله :﴿ لاَّ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ ألآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ... ﴾ [ المجادلة : ٢٢ ] الآية. يَوَدُّ المجرمُ، حين يرى ما خص اللهُ به أولياءه من العز والقُرب، لو يفتدي بجميع مَا يملك، بل بجميع أهل الأرض مما نزل به من عذابِ القطيعة والبُعد، كلاّ إنها، أي : نار القطيعة، لَظَى، نزاعةَ لرِفْعَةِ الرؤوس، بل تحطها عن مراتب المقربين، تدعوا مَن أدبر عن المجاهدة والتربية، وجَمَعَ الدنيا فأوعاها، وهذا هو الهلوع الذي أشار إليه بقوله :
﴿ إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً ﴾*﴿ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً ﴾*﴿ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً ﴾*﴿ إِلاَّ الْمُصَلِّينَ ﴾*﴿ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ ﴾*﴿ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ ﴾*﴿ إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ﴾*﴿ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ﴾*﴿ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِم قَائِمُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾*﴿ أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ ﴾.

ثم بيَّن وقته بقوله :﴿ يومَ تكونُ السماءُ كالمُهْل ﴾، فهو متعلق ب " قريباً " أي : يمكن ويقع في ذلك اليوم. قال أبو السعود : ولعل الأقرب أن قوله تعالى :﴿ سأل سائل ﴾ حكاية لسؤالهم المعهود، على طريقة قوله تعالى :﴿ يَسْألُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ ﴾ [ الأعراف : ١٨٧ والنازعات : ٤٢ ] وقوله تعالى :﴿ وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ ﴾ [ يونس : ٤٨ ] ونحوه، إذ هو المعهود بالوقوع على الكافرين، لا ما دعا به النضر أو أبو جهل أو الفهري، فالسؤال بمعناه، والباء بمعنى " عن "، وقوله تعالى :﴿ ليس له دافع، من الله ﴾ : استئناف مسوق لبيان وقوع المسؤول عنه لا محالة، وقوله تعالى :﴿ فاصبرْ صبراً جميلا ﴾ مترتب عليه، أي : فاصبر فإنه يقع لا محالة. وقوله تعالى :﴿ إنهم يرونه بعيداً. . . ﴾ الخ تعليل للأمر بالصبر. وقوله تعالى :﴿ يوم تكون ﴾ : متعلق ب " ليس له دافع " أو : بما يدل عليه، أي : يقع يوم تكون السماء كالمُهل، وهو ما أذيب على مَهَل من النحاس والقار، وقيل : كدرديِّ الزيت. ه.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : سال إلى قلوب أهل الغفلة والإنكار سايل من بحر الهوى، بعذاب واقع نازل بقلوبهم من الجزع والهلع والشكوك والخواطر، أو : سأل سائل عن عذاب واقع لأهل الإنكار، وهو غم الحجاب، وسوء الحساب، ليس له دافع من جهته تعالى ؛ لأنه حكم به على أهل البُعد والإنكار. وهو تعالى ذو المعارج، أي : ذو المراقي، تترقى إليه الأرواح والأسرار، من مقام إلى مقام، من مقام الإسلام إلى الإيمان، ومن الإيمان إلى الإحسان، أو : من عالَمٍ إلى عالَمٍ، من عالَم المُلك إلى الملكوت، ومن عالَم الملكوت إلى الجبروت، ومن عالَم الجبروت إلى الرحموت. تعرج الملائكة والروح إليه، أمّا الملائكة فتنتهي إلى الدهش والهيمان، وأما الروح الصافية فتنتهي إلى شهود الذات بالصحو والتمكين، وهذا مقام خاصة الخاصة من النبيين والصدِّيقين، تنتهي إلى هذا المقام في زمن يسير، إن سبقت العناية واتصل صاحبها بالخبير، وفي زمن طويل إن لم يتصل بالخبير، ولذلك قال تعالى :﴿ في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ﴾ أي : يقطع ذلك في يوم كان مقداره لو صار بنفسه خمسين ألف سنة.
واعلم أنَّ الحق تعالى لا يتصف بقُرب ولا بُعد، هو أقرب إلى كل شيء من كل شيء، وإنما بعّد النفوسَ جهلُها به تعالى ووهْمُها وغفلتها، فإذا ارتفع الجهل والوهم، وَجَدت الحقّ كان قريباً وهي لا تشعر. قال الورتجبي : ليس للحق مكان ومنتهى، حتى أن الخلق يعرجون إليه، بل إنَّ ظهور عزته وجلاله في كل ذرة عيانٌ، فإذا رَفَعْتَ القربَ والبُعدَ من حيث المسافة، وأدرجت الأوهام والأفهام ؛ لم يكن بين الحق والروح فصل، وصول الحق لأهل الحق بأقل طرفة، فإنَّ الوصل منه، وهو قريب غير بعيد. هـ. فاصبر أيها السائر صبراً جميلاً ؛ لتظفر بالوصل الدائم، إنهم ـ أي أهل الغفلة ـ يرونه بعيداً، ونراه قريباً لمن قربتُه عليه، يوم تكون السماء كالمُهل، أي : وقت الوصول هو حين تتلطّف العوالم وتذوب الكائنات، فيتصل بحر الأزل بما لم يزل، فلم يبقَ إلاَّ الأزل، قال بعض المحققين : حقيقة المشاهدة : تكثيف اللطيف، وحقيقة المعاينة : تلطيف الكثيف، فافهم.
ولا يسأل حميمٌ حميماً، أي : لا مودة بين أهل البُعد وأهل القرب، ولو كان مِن أقرب الناس إليه نسباً، وهذا مثل قوله :﴿ لاَّ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ ألآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ... ﴾ [ المجادلة : ٢٢ ] الآية. يَوَدُّ المجرمُ، حين يرى ما خص اللهُ به أولياءه من العز والقُرب، لو يفتدي بجميع مَا يملك، بل بجميع أهل الأرض مما نزل به من عذابِ القطيعة والبُعد، كلاّ إنها، أي : نار القطيعة، لَظَى، نزاعةَ لرِفْعَةِ الرؤوس، بل تحطها عن مراتب المقربين، تدعوا مَن أدبر عن المجاهدة والتربية، وجَمَعَ الدنيا فأوعاها، وهذا هو الهلوع الذي أشار إليه بقوله :
﴿ إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً ﴾*﴿ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً ﴾*﴿ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً ﴾*﴿ إِلاَّ الْمُصَلِّينَ ﴾*﴿ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ ﴾*﴿ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ ﴾*﴿ إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ﴾*﴿ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ﴾*﴿ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِم قَائِمُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾*﴿ أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ ﴾.

﴿ وتكونُ الجبالُ كالعِهْنِ ﴾ ؛ كالصوف المصبوغ ألواناً ؛ لأن الجبال ﴿ جُدَدٌ بِيضٌ وَحُمْرٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهَا وَغَرَابِيبُ سُودٌ ﴾ [ فاطر : ٢٧ ]، فإذا بُسّت، وطُيِّرَتْ في الجو أشبهت العهن المنفوش إذا أطارته الريح.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : سال إلى قلوب أهل الغفلة والإنكار سايل من بحر الهوى، بعذاب واقع نازل بقلوبهم من الجزع والهلع والشكوك والخواطر، أو : سأل سائل عن عذاب واقع لأهل الإنكار، وهو غم الحجاب، وسوء الحساب، ليس له دافع من جهته تعالى ؛ لأنه حكم به على أهل البُعد والإنكار. وهو تعالى ذو المعارج، أي : ذو المراقي، تترقى إليه الأرواح والأسرار، من مقام إلى مقام، من مقام الإسلام إلى الإيمان، ومن الإيمان إلى الإحسان، أو : من عالَمٍ إلى عالَمٍ، من عالَم المُلك إلى الملكوت، ومن عالَم الملكوت إلى الجبروت، ومن عالَم الجبروت إلى الرحموت. تعرج الملائكة والروح إليه، أمّا الملائكة فتنتهي إلى الدهش والهيمان، وأما الروح الصافية فتنتهي إلى شهود الذات بالصحو والتمكين، وهذا مقام خاصة الخاصة من النبيين والصدِّيقين، تنتهي إلى هذا المقام في زمن يسير، إن سبقت العناية واتصل صاحبها بالخبير، وفي زمن طويل إن لم يتصل بالخبير، ولذلك قال تعالى :﴿ في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ﴾ أي : يقطع ذلك في يوم كان مقداره لو صار بنفسه خمسين ألف سنة.
واعلم أنَّ الحق تعالى لا يتصف بقُرب ولا بُعد، هو أقرب إلى كل شيء من كل شيء، وإنما بعّد النفوسَ جهلُها به تعالى ووهْمُها وغفلتها، فإذا ارتفع الجهل والوهم، وَجَدت الحقّ كان قريباً وهي لا تشعر. قال الورتجبي : ليس للحق مكان ومنتهى، حتى أن الخلق يعرجون إليه، بل إنَّ ظهور عزته وجلاله في كل ذرة عيانٌ، فإذا رَفَعْتَ القربَ والبُعدَ من حيث المسافة، وأدرجت الأوهام والأفهام ؛ لم يكن بين الحق والروح فصل، وصول الحق لأهل الحق بأقل طرفة، فإنَّ الوصل منه، وهو قريب غير بعيد. هـ. فاصبر أيها السائر صبراً جميلاً ؛ لتظفر بالوصل الدائم، إنهم ـ أي أهل الغفلة ـ يرونه بعيداً، ونراه قريباً لمن قربتُه عليه، يوم تكون السماء كالمُهل، أي : وقت الوصول هو حين تتلطّف العوالم وتذوب الكائنات، فيتصل بحر الأزل بما لم يزل، فلم يبقَ إلاَّ الأزل، قال بعض المحققين : حقيقة المشاهدة : تكثيف اللطيف، وحقيقة المعاينة : تلطيف الكثيف، فافهم.
ولا يسأل حميمٌ حميماً، أي : لا مودة بين أهل البُعد وأهل القرب، ولو كان مِن أقرب الناس إليه نسباً، وهذا مثل قوله :﴿ لاَّ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ ألآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ... ﴾ [ المجادلة : ٢٢ ] الآية. يَوَدُّ المجرمُ، حين يرى ما خص اللهُ به أولياءه من العز والقُرب، لو يفتدي بجميع مَا يملك، بل بجميع أهل الأرض مما نزل به من عذابِ القطيعة والبُعد، كلاّ إنها، أي : نار القطيعة، لَظَى، نزاعةَ لرِفْعَةِ الرؤوس، بل تحطها عن مراتب المقربين، تدعوا مَن أدبر عن المجاهدة والتربية، وجَمَعَ الدنيا فأوعاها، وهذا هو الهلوع الذي أشار إليه بقوله :
﴿ إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً ﴾*﴿ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً ﴾*﴿ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً ﴾*﴿ إِلاَّ الْمُصَلِّينَ ﴾*﴿ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ ﴾*﴿ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ ﴾*﴿ إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ﴾*﴿ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ﴾*﴿ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِم قَائِمُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾*﴿ أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ ﴾.

﴿ ولا يَسألُ حميمٌ حميماً ﴾ أي : لا يسأل قريب عن قريبه لاشتغاله بنفسه، ومَن قرأ بضم الياء فمعناه : لا يُسأل عنه، بل كلّ واحد يُسألُ عن نفسه، فلا يُطالب أحد بذنب أحد.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : سال إلى قلوب أهل الغفلة والإنكار سايل من بحر الهوى، بعذاب واقع نازل بقلوبهم من الجزع والهلع والشكوك والخواطر، أو : سأل سائل عن عذاب واقع لأهل الإنكار، وهو غم الحجاب، وسوء الحساب، ليس له دافع من جهته تعالى ؛ لأنه حكم به على أهل البُعد والإنكار. وهو تعالى ذو المعارج، أي : ذو المراقي، تترقى إليه الأرواح والأسرار، من مقام إلى مقام، من مقام الإسلام إلى الإيمان، ومن الإيمان إلى الإحسان، أو : من عالَمٍ إلى عالَمٍ، من عالَم المُلك إلى الملكوت، ومن عالَم الملكوت إلى الجبروت، ومن عالَم الجبروت إلى الرحموت. تعرج الملائكة والروح إليه، أمّا الملائكة فتنتهي إلى الدهش والهيمان، وأما الروح الصافية فتنتهي إلى شهود الذات بالصحو والتمكين، وهذا مقام خاصة الخاصة من النبيين والصدِّيقين، تنتهي إلى هذا المقام في زمن يسير، إن سبقت العناية واتصل صاحبها بالخبير، وفي زمن طويل إن لم يتصل بالخبير، ولذلك قال تعالى :﴿ في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ﴾ أي : يقطع ذلك في يوم كان مقداره لو صار بنفسه خمسين ألف سنة.
واعلم أنَّ الحق تعالى لا يتصف بقُرب ولا بُعد، هو أقرب إلى كل شيء من كل شيء، وإنما بعّد النفوسَ جهلُها به تعالى ووهْمُها وغفلتها، فإذا ارتفع الجهل والوهم، وَجَدت الحقّ كان قريباً وهي لا تشعر. قال الورتجبي : ليس للحق مكان ومنتهى، حتى أن الخلق يعرجون إليه، بل إنَّ ظهور عزته وجلاله في كل ذرة عيانٌ، فإذا رَفَعْتَ القربَ والبُعدَ من حيث المسافة، وأدرجت الأوهام والأفهام ؛ لم يكن بين الحق والروح فصل، وصول الحق لأهل الحق بأقل طرفة، فإنَّ الوصل منه، وهو قريب غير بعيد. هـ. فاصبر أيها السائر صبراً جميلاً ؛ لتظفر بالوصل الدائم، إنهم ـ أي أهل الغفلة ـ يرونه بعيداً، ونراه قريباً لمن قربتُه عليه، يوم تكون السماء كالمُهل، أي : وقت الوصول هو حين تتلطّف العوالم وتذوب الكائنات، فيتصل بحر الأزل بما لم يزل، فلم يبقَ إلاَّ الأزل، قال بعض المحققين : حقيقة المشاهدة : تكثيف اللطيف، وحقيقة المعاينة : تلطيف الكثيف، فافهم.
ولا يسأل حميمٌ حميماً، أي : لا مودة بين أهل البُعد وأهل القرب، ولو كان مِن أقرب الناس إليه نسباً، وهذا مثل قوله :﴿ لاَّ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ ألآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ... ﴾ [ المجادلة : ٢٢ ] الآية. يَوَدُّ المجرمُ، حين يرى ما خص اللهُ به أولياءه من العز والقُرب، لو يفتدي بجميع مَا يملك، بل بجميع أهل الأرض مما نزل به من عذابِ القطيعة والبُعد، كلاّ إنها، أي : نار القطيعة، لَظَى، نزاعةَ لرِفْعَةِ الرؤوس، بل تحطها عن مراتب المقربين، تدعوا مَن أدبر عن المجاهدة والتربية، وجَمَعَ الدنيا فأوعاها، وهذا هو الهلوع الذي أشار إليه بقوله :
﴿ إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً ﴾*﴿ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً ﴾*﴿ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً ﴾*﴿ إِلاَّ الْمُصَلِّينَ ﴾*﴿ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ ﴾*﴿ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ ﴾*﴿ إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ﴾*﴿ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ﴾*﴿ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِم قَائِمُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾*﴿ أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ ﴾.

﴿ يُبَصَّرُونَهم ﴾ أي : يبصر الأحماءُ قرباءهم، فلا يخفون عنهم، وما يمنعهم من السؤال إلا اشتغالهم بحال أنفسهم. والجملة صفة لحميم، أي : حميماً مبصَّرين، أو : استئناف بياني، كأنه قيل : لعله لا يبصّر به، فقيل : يبصّرونهم ولكن لتشاغلهم لم يتمكنوا من التساؤل عنهم، وإنما جمع الضميران، وهما للحميمين لعموم الحميم، ولأن فعيلاً يقع على الجمع. ﴿ يَودُّ المجرمُ ﴾ أي : يتمنى الكافر، وقيل : كل مذنب، ﴿ لو يفتدي من عذابِ يومئذٍ ﴾ أي : العذاب الذي ابتلي به يومئذ. وقرأ نافع والكسائي بفتح الميم على البناء لإضافته إلى غير متمكّن
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : سال إلى قلوب أهل الغفلة والإنكار سايل من بحر الهوى، بعذاب واقع نازل بقلوبهم من الجزع والهلع والشكوك والخواطر، أو : سأل سائل عن عذاب واقع لأهل الإنكار، وهو غم الحجاب، وسوء الحساب، ليس له دافع من جهته تعالى ؛ لأنه حكم به على أهل البُعد والإنكار. وهو تعالى ذو المعارج، أي : ذو المراقي، تترقى إليه الأرواح والأسرار، من مقام إلى مقام، من مقام الإسلام إلى الإيمان، ومن الإيمان إلى الإحسان، أو : من عالَمٍ إلى عالَمٍ، من عالَم المُلك إلى الملكوت، ومن عالَم الملكوت إلى الجبروت، ومن عالَم الجبروت إلى الرحموت. تعرج الملائكة والروح إليه، أمّا الملائكة فتنتهي إلى الدهش والهيمان، وأما الروح الصافية فتنتهي إلى شهود الذات بالصحو والتمكين، وهذا مقام خاصة الخاصة من النبيين والصدِّيقين، تنتهي إلى هذا المقام في زمن يسير، إن سبقت العناية واتصل صاحبها بالخبير، وفي زمن طويل إن لم يتصل بالخبير، ولذلك قال تعالى :﴿ في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ﴾ أي : يقطع ذلك في يوم كان مقداره لو صار بنفسه خمسين ألف سنة.
واعلم أنَّ الحق تعالى لا يتصف بقُرب ولا بُعد، هو أقرب إلى كل شيء من كل شيء، وإنما بعّد النفوسَ جهلُها به تعالى ووهْمُها وغفلتها، فإذا ارتفع الجهل والوهم، وَجَدت الحقّ كان قريباً وهي لا تشعر. قال الورتجبي : ليس للحق مكان ومنتهى، حتى أن الخلق يعرجون إليه، بل إنَّ ظهور عزته وجلاله في كل ذرة عيانٌ، فإذا رَفَعْتَ القربَ والبُعدَ من حيث المسافة، وأدرجت الأوهام والأفهام ؛ لم يكن بين الحق والروح فصل، وصول الحق لأهل الحق بأقل طرفة، فإنَّ الوصل منه، وهو قريب غير بعيد. هـ. فاصبر أيها السائر صبراً جميلاً ؛ لتظفر بالوصل الدائم، إنهم ـ أي أهل الغفلة ـ يرونه بعيداً، ونراه قريباً لمن قربتُه عليه، يوم تكون السماء كالمُهل، أي : وقت الوصول هو حين تتلطّف العوالم وتذوب الكائنات، فيتصل بحر الأزل بما لم يزل، فلم يبقَ إلاَّ الأزل، قال بعض المحققين : حقيقة المشاهدة : تكثيف اللطيف، وحقيقة المعاينة : تلطيف الكثيف، فافهم.
ولا يسأل حميمٌ حميماً، أي : لا مودة بين أهل البُعد وأهل القرب، ولو كان مِن أقرب الناس إليه نسباً، وهذا مثل قوله :﴿ لاَّ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ ألآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ... ﴾ [ المجادلة : ٢٢ ] الآية. يَوَدُّ المجرمُ، حين يرى ما خص اللهُ به أولياءه من العز والقُرب، لو يفتدي بجميع مَا يملك، بل بجميع أهل الأرض مما نزل به من عذابِ القطيعة والبُعد، كلاّ إنها، أي : نار القطيعة، لَظَى، نزاعةَ لرِفْعَةِ الرؤوس، بل تحطها عن مراتب المقربين، تدعوا مَن أدبر عن المجاهدة والتربية، وجَمَعَ الدنيا فأوعاها، وهذا هو الهلوع الذي أشار إليه بقوله :
﴿ إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً ﴾*﴿ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً ﴾*﴿ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً ﴾*﴿ إِلاَّ الْمُصَلِّينَ ﴾*﴿ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ ﴾*﴿ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ ﴾*﴿ إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ﴾*﴿ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ﴾*﴿ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِم قَائِمُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾*﴿ أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ ﴾.

﴿ ببنيهِ وصاحبتهِ ﴾. أي : زوجته ﴿ وأخيه ﴾، والجملة استئنافية، لبيان أنَّ اشتغال كل واحد منهم بنفسه بلغ إلى حيث يتمنى أن يفتدى بأقرب الناس إليه، و " لو " تمنية، أو مصدرية، أي : يود فداء ببنيه. . الخ.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : سال إلى قلوب أهل الغفلة والإنكار سايل من بحر الهوى، بعذاب واقع نازل بقلوبهم من الجزع والهلع والشكوك والخواطر، أو : سأل سائل عن عذاب واقع لأهل الإنكار، وهو غم الحجاب، وسوء الحساب، ليس له دافع من جهته تعالى ؛ لأنه حكم به على أهل البُعد والإنكار. وهو تعالى ذو المعارج، أي : ذو المراقي، تترقى إليه الأرواح والأسرار، من مقام إلى مقام، من مقام الإسلام إلى الإيمان، ومن الإيمان إلى الإحسان، أو : من عالَمٍ إلى عالَمٍ، من عالَم المُلك إلى الملكوت، ومن عالَم الملكوت إلى الجبروت، ومن عالَم الجبروت إلى الرحموت. تعرج الملائكة والروح إليه، أمّا الملائكة فتنتهي إلى الدهش والهيمان، وأما الروح الصافية فتنتهي إلى شهود الذات بالصحو والتمكين، وهذا مقام خاصة الخاصة من النبيين والصدِّيقين، تنتهي إلى هذا المقام في زمن يسير، إن سبقت العناية واتصل صاحبها بالخبير، وفي زمن طويل إن لم يتصل بالخبير، ولذلك قال تعالى :﴿ في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ﴾ أي : يقطع ذلك في يوم كان مقداره لو صار بنفسه خمسين ألف سنة.
واعلم أنَّ الحق تعالى لا يتصف بقُرب ولا بُعد، هو أقرب إلى كل شيء من كل شيء، وإنما بعّد النفوسَ جهلُها به تعالى ووهْمُها وغفلتها، فإذا ارتفع الجهل والوهم، وَجَدت الحقّ كان قريباً وهي لا تشعر. قال الورتجبي : ليس للحق مكان ومنتهى، حتى أن الخلق يعرجون إليه، بل إنَّ ظهور عزته وجلاله في كل ذرة عيانٌ، فإذا رَفَعْتَ القربَ والبُعدَ من حيث المسافة، وأدرجت الأوهام والأفهام ؛ لم يكن بين الحق والروح فصل، وصول الحق لأهل الحق بأقل طرفة، فإنَّ الوصل منه، وهو قريب غير بعيد. هـ. فاصبر أيها السائر صبراً جميلاً ؛ لتظفر بالوصل الدائم، إنهم ـ أي أهل الغفلة ـ يرونه بعيداً، ونراه قريباً لمن قربتُه عليه، يوم تكون السماء كالمُهل، أي : وقت الوصول هو حين تتلطّف العوالم وتذوب الكائنات، فيتصل بحر الأزل بما لم يزل، فلم يبقَ إلاَّ الأزل، قال بعض المحققين : حقيقة المشاهدة : تكثيف اللطيف، وحقيقة المعاينة : تلطيف الكثيف، فافهم.
ولا يسأل حميمٌ حميماً، أي : لا مودة بين أهل البُعد وأهل القرب، ولو كان مِن أقرب الناس إليه نسباً، وهذا مثل قوله :﴿ لاَّ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ ألآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ... ﴾ [ المجادلة : ٢٢ ] الآية. يَوَدُّ المجرمُ، حين يرى ما خص اللهُ به أولياءه من العز والقُرب، لو يفتدي بجميع مَا يملك، بل بجميع أهل الأرض مما نزل به من عذابِ القطيعة والبُعد، كلاّ إنها، أي : نار القطيعة، لَظَى، نزاعةَ لرِفْعَةِ الرؤوس، بل تحطها عن مراتب المقربين، تدعوا مَن أدبر عن المجاهدة والتربية، وجَمَعَ الدنيا فأوعاها، وهذا هو الهلوع الذي أشار إليه بقوله :
﴿ إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً ﴾*﴿ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً ﴾*﴿ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً ﴾*﴿ إِلاَّ الْمُصَلِّينَ ﴾*﴿ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ ﴾*﴿ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ ﴾*﴿ إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ﴾*﴿ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ﴾*﴿ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِم قَائِمُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾*﴿ أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ ﴾.

﴿ وفَصِيلَتِه ﴾ أي : عشيرته الأدنين، التي انفصل عنها، ﴿ التي تُؤويه ﴾ أي : تضمه في النسب، أو عند الشدائد.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : سال إلى قلوب أهل الغفلة والإنكار سايل من بحر الهوى، بعذاب واقع نازل بقلوبهم من الجزع والهلع والشكوك والخواطر، أو : سأل سائل عن عذاب واقع لأهل الإنكار، وهو غم الحجاب، وسوء الحساب، ليس له دافع من جهته تعالى ؛ لأنه حكم به على أهل البُعد والإنكار. وهو تعالى ذو المعارج، أي : ذو المراقي، تترقى إليه الأرواح والأسرار، من مقام إلى مقام، من مقام الإسلام إلى الإيمان، ومن الإيمان إلى الإحسان، أو : من عالَمٍ إلى عالَمٍ، من عالَم المُلك إلى الملكوت، ومن عالَم الملكوت إلى الجبروت، ومن عالَم الجبروت إلى الرحموت. تعرج الملائكة والروح إليه، أمّا الملائكة فتنتهي إلى الدهش والهيمان، وأما الروح الصافية فتنتهي إلى شهود الذات بالصحو والتمكين، وهذا مقام خاصة الخاصة من النبيين والصدِّيقين، تنتهي إلى هذا المقام في زمن يسير، إن سبقت العناية واتصل صاحبها بالخبير، وفي زمن طويل إن لم يتصل بالخبير، ولذلك قال تعالى :﴿ في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ﴾ أي : يقطع ذلك في يوم كان مقداره لو صار بنفسه خمسين ألف سنة.
واعلم أنَّ الحق تعالى لا يتصف بقُرب ولا بُعد، هو أقرب إلى كل شيء من كل شيء، وإنما بعّد النفوسَ جهلُها به تعالى ووهْمُها وغفلتها، فإذا ارتفع الجهل والوهم، وَجَدت الحقّ كان قريباً وهي لا تشعر. قال الورتجبي : ليس للحق مكان ومنتهى، حتى أن الخلق يعرجون إليه، بل إنَّ ظهور عزته وجلاله في كل ذرة عيانٌ، فإذا رَفَعْتَ القربَ والبُعدَ من حيث المسافة، وأدرجت الأوهام والأفهام ؛ لم يكن بين الحق والروح فصل، وصول الحق لأهل الحق بأقل طرفة، فإنَّ الوصل منه، وهو قريب غير بعيد. هـ. فاصبر أيها السائر صبراً جميلاً ؛ لتظفر بالوصل الدائم، إنهم ـ أي أهل الغفلة ـ يرونه بعيداً، ونراه قريباً لمن قربتُه عليه، يوم تكون السماء كالمُهل، أي : وقت الوصول هو حين تتلطّف العوالم وتذوب الكائنات، فيتصل بحر الأزل بما لم يزل، فلم يبقَ إلاَّ الأزل، قال بعض المحققين : حقيقة المشاهدة : تكثيف اللطيف، وحقيقة المعاينة : تلطيف الكثيف، فافهم.
ولا يسأل حميمٌ حميماً، أي : لا مودة بين أهل البُعد وأهل القرب، ولو كان مِن أقرب الناس إليه نسباً، وهذا مثل قوله :﴿ لاَّ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ ألآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ... ﴾ [ المجادلة : ٢٢ ] الآية. يَوَدُّ المجرمُ، حين يرى ما خص اللهُ به أولياءه من العز والقُرب، لو يفتدي بجميع مَا يملك، بل بجميع أهل الأرض مما نزل به من عذابِ القطيعة والبُعد، كلاّ إنها، أي : نار القطيعة، لَظَى، نزاعةَ لرِفْعَةِ الرؤوس، بل تحطها عن مراتب المقربين، تدعوا مَن أدبر عن المجاهدة والتربية، وجَمَعَ الدنيا فأوعاها، وهذا هو الهلوع الذي أشار إليه بقوله :
﴿ إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً ﴾*﴿ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً ﴾*﴿ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً ﴾*﴿ إِلاَّ الْمُصَلِّينَ ﴾*﴿ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ ﴾*﴿ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ ﴾*﴿ إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ﴾*﴿ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ﴾*﴿ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِم قَائِمُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾*﴿ أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ ﴾.

﴿ ومَن في الأرض جميعاً ﴾ من الخلائق، يتمنى الافتداء بهم، ﴿ ثم يُنجيه ﴾ الافتداء، وهو عطف على " يفتدي " أي : يود لو يفتدي ثم لو ينجيه الافتداء، و " ثم " لاستبعاد الإنجاء، يعني : يتمنى لو كان هؤلاء جميعاً تحت يده، وبذلهم في فداء نفسه، ثم ينجيه ذلك، وهيهات.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : سال إلى قلوب أهل الغفلة والإنكار سايل من بحر الهوى، بعذاب واقع نازل بقلوبهم من الجزع والهلع والشكوك والخواطر، أو : سأل سائل عن عذاب واقع لأهل الإنكار، وهو غم الحجاب، وسوء الحساب، ليس له دافع من جهته تعالى ؛ لأنه حكم به على أهل البُعد والإنكار. وهو تعالى ذو المعارج، أي : ذو المراقي، تترقى إليه الأرواح والأسرار، من مقام إلى مقام، من مقام الإسلام إلى الإيمان، ومن الإيمان إلى الإحسان، أو : من عالَمٍ إلى عالَمٍ، من عالَم المُلك إلى الملكوت، ومن عالَم الملكوت إلى الجبروت، ومن عالَم الجبروت إلى الرحموت. تعرج الملائكة والروح إليه، أمّا الملائكة فتنتهي إلى الدهش والهيمان، وأما الروح الصافية فتنتهي إلى شهود الذات بالصحو والتمكين، وهذا مقام خاصة الخاصة من النبيين والصدِّيقين، تنتهي إلى هذا المقام في زمن يسير، إن سبقت العناية واتصل صاحبها بالخبير، وفي زمن طويل إن لم يتصل بالخبير، ولذلك قال تعالى :﴿ في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ﴾ أي : يقطع ذلك في يوم كان مقداره لو صار بنفسه خمسين ألف سنة.
واعلم أنَّ الحق تعالى لا يتصف بقُرب ولا بُعد، هو أقرب إلى كل شيء من كل شيء، وإنما بعّد النفوسَ جهلُها به تعالى ووهْمُها وغفلتها، فإذا ارتفع الجهل والوهم، وَجَدت الحقّ كان قريباً وهي لا تشعر. قال الورتجبي : ليس للحق مكان ومنتهى، حتى أن الخلق يعرجون إليه، بل إنَّ ظهور عزته وجلاله في كل ذرة عيانٌ، فإذا رَفَعْتَ القربَ والبُعدَ من حيث المسافة، وأدرجت الأوهام والأفهام ؛ لم يكن بين الحق والروح فصل، وصول الحق لأهل الحق بأقل طرفة، فإنَّ الوصل منه، وهو قريب غير بعيد. هـ. فاصبر أيها السائر صبراً جميلاً ؛ لتظفر بالوصل الدائم، إنهم ـ أي أهل الغفلة ـ يرونه بعيداً، ونراه قريباً لمن قربتُه عليه، يوم تكون السماء كالمُهل، أي : وقت الوصول هو حين تتلطّف العوالم وتذوب الكائنات، فيتصل بحر الأزل بما لم يزل، فلم يبقَ إلاَّ الأزل، قال بعض المحققين : حقيقة المشاهدة : تكثيف اللطيف، وحقيقة المعاينة : تلطيف الكثيف، فافهم.
ولا يسأل حميمٌ حميماً، أي : لا مودة بين أهل البُعد وأهل القرب، ولو كان مِن أقرب الناس إليه نسباً، وهذا مثل قوله :﴿ لاَّ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ ألآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ... ﴾ [ المجادلة : ٢٢ ] الآية. يَوَدُّ المجرمُ، حين يرى ما خص اللهُ به أولياءه من العز والقُرب، لو يفتدي بجميع مَا يملك، بل بجميع أهل الأرض مما نزل به من عذابِ القطيعة والبُعد، كلاّ إنها، أي : نار القطيعة، لَظَى، نزاعةَ لرِفْعَةِ الرؤوس، بل تحطها عن مراتب المقربين، تدعوا مَن أدبر عن المجاهدة والتربية، وجَمَعَ الدنيا فأوعاها، وهذا هو الهلوع الذي أشار إليه بقوله :
﴿ إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً ﴾*﴿ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً ﴾*﴿ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً ﴾*﴿ إِلاَّ الْمُصَلِّينَ ﴾*﴿ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ ﴾*﴿ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ ﴾*﴿ إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ﴾*﴿ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ﴾*﴿ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِم قَائِمُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾*﴿ أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ ﴾.

﴿ كلاًّ ﴾، ردع للمجرم عن الودادة، وتصريح بامتناع الافتداء، ﴿ إِنها ﴾ أي : النار، المدلول عليها بالعذاب، أو ضمير مبهم، ترجم عنه الخبر، أو ضمير القصّة، ﴿ لَظَى ﴾ علم للنار، منقول من اللظى بمعنى اللهب.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : سال إلى قلوب أهل الغفلة والإنكار سايل من بحر الهوى، بعذاب واقع نازل بقلوبهم من الجزع والهلع والشكوك والخواطر، أو : سأل سائل عن عذاب واقع لأهل الإنكار، وهو غم الحجاب، وسوء الحساب، ليس له دافع من جهته تعالى ؛ لأنه حكم به على أهل البُعد والإنكار. وهو تعالى ذو المعارج، أي : ذو المراقي، تترقى إليه الأرواح والأسرار، من مقام إلى مقام، من مقام الإسلام إلى الإيمان، ومن الإيمان إلى الإحسان، أو : من عالَمٍ إلى عالَمٍ، من عالَم المُلك إلى الملكوت، ومن عالَم الملكوت إلى الجبروت، ومن عالَم الجبروت إلى الرحموت. تعرج الملائكة والروح إليه، أمّا الملائكة فتنتهي إلى الدهش والهيمان، وأما الروح الصافية فتنتهي إلى شهود الذات بالصحو والتمكين، وهذا مقام خاصة الخاصة من النبيين والصدِّيقين، تنتهي إلى هذا المقام في زمن يسير، إن سبقت العناية واتصل صاحبها بالخبير، وفي زمن طويل إن لم يتصل بالخبير، ولذلك قال تعالى :﴿ في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ﴾ أي : يقطع ذلك في يوم كان مقداره لو صار بنفسه خمسين ألف سنة.
واعلم أنَّ الحق تعالى لا يتصف بقُرب ولا بُعد، هو أقرب إلى كل شيء من كل شيء، وإنما بعّد النفوسَ جهلُها به تعالى ووهْمُها وغفلتها، فإذا ارتفع الجهل والوهم، وَجَدت الحقّ كان قريباً وهي لا تشعر. قال الورتجبي : ليس للحق مكان ومنتهى، حتى أن الخلق يعرجون إليه، بل إنَّ ظهور عزته وجلاله في كل ذرة عيانٌ، فإذا رَفَعْتَ القربَ والبُعدَ من حيث المسافة، وأدرجت الأوهام والأفهام ؛ لم يكن بين الحق والروح فصل، وصول الحق لأهل الحق بأقل طرفة، فإنَّ الوصل منه، وهو قريب غير بعيد. هـ. فاصبر أيها السائر صبراً جميلاً ؛ لتظفر بالوصل الدائم، إنهم ـ أي أهل الغفلة ـ يرونه بعيداً، ونراه قريباً لمن قربتُه عليه، يوم تكون السماء كالمُهل، أي : وقت الوصول هو حين تتلطّف العوالم وتذوب الكائنات، فيتصل بحر الأزل بما لم يزل، فلم يبقَ إلاَّ الأزل، قال بعض المحققين : حقيقة المشاهدة : تكثيف اللطيف، وحقيقة المعاينة : تلطيف الكثيف، فافهم.
ولا يسأل حميمٌ حميماً، أي : لا مودة بين أهل البُعد وأهل القرب، ولو كان مِن أقرب الناس إليه نسباً، وهذا مثل قوله :﴿ لاَّ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ ألآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ... ﴾ [ المجادلة : ٢٢ ] الآية. يَوَدُّ المجرمُ، حين يرى ما خص اللهُ به أولياءه من العز والقُرب، لو يفتدي بجميع مَا يملك، بل بجميع أهل الأرض مما نزل به من عذابِ القطيعة والبُعد، كلاّ إنها، أي : نار القطيعة، لَظَى، نزاعةَ لرِفْعَةِ الرؤوس، بل تحطها عن مراتب المقربين، تدعوا مَن أدبر عن المجاهدة والتربية، وجَمَعَ الدنيا فأوعاها، وهذا هو الهلوع الذي أشار إليه بقوله :
﴿ إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً ﴾*﴿ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً ﴾*﴿ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً ﴾*﴿ إِلاَّ الْمُصَلِّينَ ﴾*﴿ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ ﴾*﴿ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ ﴾*﴿ إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ﴾*﴿ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ﴾*﴿ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِم قَائِمُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾*﴿ أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ ﴾.

﴿ نزاعة لِلشَّوَى ﴾ ؛ خبر بعد خبر، ومَن نصب فعلى الحال المؤكدة، أو على الاختصاص للتهويل. والشَّوى : أطراف الإنسان، كاليدين والرجلين، أو : جمع شواة، وهي جلدة الرأس، تنزعها النارُ نزعاً، فتفرّقها، ثم تعود إلى ما كانت.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : سال إلى قلوب أهل الغفلة والإنكار سايل من بحر الهوى، بعذاب واقع نازل بقلوبهم من الجزع والهلع والشكوك والخواطر، أو : سأل سائل عن عذاب واقع لأهل الإنكار، وهو غم الحجاب، وسوء الحساب، ليس له دافع من جهته تعالى ؛ لأنه حكم به على أهل البُعد والإنكار. وهو تعالى ذو المعارج، أي : ذو المراقي، تترقى إليه الأرواح والأسرار، من مقام إلى مقام، من مقام الإسلام إلى الإيمان، ومن الإيمان إلى الإحسان، أو : من عالَمٍ إلى عالَمٍ، من عالَم المُلك إلى الملكوت، ومن عالَم الملكوت إلى الجبروت، ومن عالَم الجبروت إلى الرحموت. تعرج الملائكة والروح إليه، أمّا الملائكة فتنتهي إلى الدهش والهيمان، وأما الروح الصافية فتنتهي إلى شهود الذات بالصحو والتمكين، وهذا مقام خاصة الخاصة من النبيين والصدِّيقين، تنتهي إلى هذا المقام في زمن يسير، إن سبقت العناية واتصل صاحبها بالخبير، وفي زمن طويل إن لم يتصل بالخبير، ولذلك قال تعالى :﴿ في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ﴾ أي : يقطع ذلك في يوم كان مقداره لو صار بنفسه خمسين ألف سنة.
واعلم أنَّ الحق تعالى لا يتصف بقُرب ولا بُعد، هو أقرب إلى كل شيء من كل شيء، وإنما بعّد النفوسَ جهلُها به تعالى ووهْمُها وغفلتها، فإذا ارتفع الجهل والوهم، وَجَدت الحقّ كان قريباً وهي لا تشعر. قال الورتجبي : ليس للحق مكان ومنتهى، حتى أن الخلق يعرجون إليه، بل إنَّ ظهور عزته وجلاله في كل ذرة عيانٌ، فإذا رَفَعْتَ القربَ والبُعدَ من حيث المسافة، وأدرجت الأوهام والأفهام ؛ لم يكن بين الحق والروح فصل، وصول الحق لأهل الحق بأقل طرفة، فإنَّ الوصل منه، وهو قريب غير بعيد. هـ. فاصبر أيها السائر صبراً جميلاً ؛ لتظفر بالوصل الدائم، إنهم ـ أي أهل الغفلة ـ يرونه بعيداً، ونراه قريباً لمن قربتُه عليه، يوم تكون السماء كالمُهل، أي : وقت الوصول هو حين تتلطّف العوالم وتذوب الكائنات، فيتصل بحر الأزل بما لم يزل، فلم يبقَ إلاَّ الأزل، قال بعض المحققين : حقيقة المشاهدة : تكثيف اللطيف، وحقيقة المعاينة : تلطيف الكثيف، فافهم.
ولا يسأل حميمٌ حميماً، أي : لا مودة بين أهل البُعد وأهل القرب، ولو كان مِن أقرب الناس إليه نسباً، وهذا مثل قوله :﴿ لاَّ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ ألآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ... ﴾ [ المجادلة : ٢٢ ] الآية. يَوَدُّ المجرمُ، حين يرى ما خص اللهُ به أولياءه من العز والقُرب، لو يفتدي بجميع مَا يملك، بل بجميع أهل الأرض مما نزل به من عذابِ القطيعة والبُعد، كلاّ إنها، أي : نار القطيعة، لَظَى، نزاعةَ لرِفْعَةِ الرؤوس، بل تحطها عن مراتب المقربين، تدعوا مَن أدبر عن المجاهدة والتربية، وجَمَعَ الدنيا فأوعاها، وهذا هو الهلوع الذي أشار إليه بقوله :
﴿ إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً ﴾*﴿ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً ﴾*﴿ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً ﴾*﴿ إِلاَّ الْمُصَلِّينَ ﴾*﴿ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ ﴾*﴿ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ ﴾*﴿ إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ﴾*﴿ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ﴾*﴿ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِم قَائِمُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾*﴿ أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ ﴾.

﴿ تَدعو ﴾ أي : تجذبُ، وتخطف، أو : تدعوهم بأسمائهم : يا كافر يا منافق إليَّ، وقيل : تدعو المنافقين بلسان فصيح، ثم تلتقطهم التقاط الحب، أو : تُهْلِك، من قولهم : دعاك الله، أي : أهلكك، أو : لمّا كان مصيره إليها جُعلت كأنها دعته. وقيل : تدعو زبانيتها، ومفعول تدعو :﴿ مَنْ أدبرَ ﴾ عن الحق ﴿ وتولَّى ﴾ ؛ أعرض عن الطاعة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : سال إلى قلوب أهل الغفلة والإنكار سايل من بحر الهوى، بعذاب واقع نازل بقلوبهم من الجزع والهلع والشكوك والخواطر، أو : سأل سائل عن عذاب واقع لأهل الإنكار، وهو غم الحجاب، وسوء الحساب، ليس له دافع من جهته تعالى ؛ لأنه حكم به على أهل البُعد والإنكار. وهو تعالى ذو المعارج، أي : ذو المراقي، تترقى إليه الأرواح والأسرار، من مقام إلى مقام، من مقام الإسلام إلى الإيمان، ومن الإيمان إلى الإحسان، أو : من عالَمٍ إلى عالَمٍ، من عالَم المُلك إلى الملكوت، ومن عالَم الملكوت إلى الجبروت، ومن عالَم الجبروت إلى الرحموت. تعرج الملائكة والروح إليه، أمّا الملائكة فتنتهي إلى الدهش والهيمان، وأما الروح الصافية فتنتهي إلى شهود الذات بالصحو والتمكين، وهذا مقام خاصة الخاصة من النبيين والصدِّيقين، تنتهي إلى هذا المقام في زمن يسير، إن سبقت العناية واتصل صاحبها بالخبير، وفي زمن طويل إن لم يتصل بالخبير، ولذلك قال تعالى :﴿ في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ﴾ أي : يقطع ذلك في يوم كان مقداره لو صار بنفسه خمسين ألف سنة.
واعلم أنَّ الحق تعالى لا يتصف بقُرب ولا بُعد، هو أقرب إلى كل شيء من كل شيء، وإنما بعّد النفوسَ جهلُها به تعالى ووهْمُها وغفلتها، فإذا ارتفع الجهل والوهم، وَجَدت الحقّ كان قريباً وهي لا تشعر. قال الورتجبي : ليس للحق مكان ومنتهى، حتى أن الخلق يعرجون إليه، بل إنَّ ظهور عزته وجلاله في كل ذرة عيانٌ، فإذا رَفَعْتَ القربَ والبُعدَ من حيث المسافة، وأدرجت الأوهام والأفهام ؛ لم يكن بين الحق والروح فصل، وصول الحق لأهل الحق بأقل طرفة، فإنَّ الوصل منه، وهو قريب غير بعيد. هـ. فاصبر أيها السائر صبراً جميلاً ؛ لتظفر بالوصل الدائم، إنهم ـ أي أهل الغفلة ـ يرونه بعيداً، ونراه قريباً لمن قربتُه عليه، يوم تكون السماء كالمُهل، أي : وقت الوصول هو حين تتلطّف العوالم وتذوب الكائنات، فيتصل بحر الأزل بما لم يزل، فلم يبقَ إلاَّ الأزل، قال بعض المحققين : حقيقة المشاهدة : تكثيف اللطيف، وحقيقة المعاينة : تلطيف الكثيف، فافهم.
ولا يسأل حميمٌ حميماً، أي : لا مودة بين أهل البُعد وأهل القرب، ولو كان مِن أقرب الناس إليه نسباً، وهذا مثل قوله :﴿ لاَّ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ ألآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ... ﴾ [ المجادلة : ٢٢ ] الآية. يَوَدُّ المجرمُ، حين يرى ما خص اللهُ به أولياءه من العز والقُرب، لو يفتدي بجميع مَا يملك، بل بجميع أهل الأرض مما نزل به من عذابِ القطيعة والبُعد، كلاّ إنها، أي : نار القطيعة، لَظَى، نزاعةَ لرِفْعَةِ الرؤوس، بل تحطها عن مراتب المقربين، تدعوا مَن أدبر عن المجاهدة والتربية، وجَمَعَ الدنيا فأوعاها، وهذا هو الهلوع الذي أشار إليه بقوله :
﴿ إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً ﴾*﴿ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً ﴾*﴿ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً ﴾*﴿ إِلاَّ الْمُصَلِّينَ ﴾*﴿ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ ﴾*﴿ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ ﴾*﴿ إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ﴾*﴿ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ﴾*﴿ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِم قَائِمُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾*﴿ أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ ﴾.

﴿ وجمع ﴾ المال ﴿ فأوْعى ﴾ ؛ جعله في وعاء، وكَنَزَه ولم يؤدِّ حق الله فيه، أو تشاغل به عن الدين، وزهى باقتنائه حرصاً وتأميلاً، عائذاً بالله من ذلك.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : سال إلى قلوب أهل الغفلة والإنكار سايل من بحر الهوى، بعذاب واقع نازل بقلوبهم من الجزع والهلع والشكوك والخواطر، أو : سأل سائل عن عذاب واقع لأهل الإنكار، وهو غم الحجاب، وسوء الحساب، ليس له دافع من جهته تعالى ؛ لأنه حكم به على أهل البُعد والإنكار. وهو تعالى ذو المعارج، أي : ذو المراقي، تترقى إليه الأرواح والأسرار، من مقام إلى مقام، من مقام الإسلام إلى الإيمان، ومن الإيمان إلى الإحسان، أو : من عالَمٍ إلى عالَمٍ، من عالَم المُلك إلى الملكوت، ومن عالَم الملكوت إلى الجبروت، ومن عالَم الجبروت إلى الرحموت. تعرج الملائكة والروح إليه، أمّا الملائكة فتنتهي إلى الدهش والهيمان، وأما الروح الصافية فتنتهي إلى شهود الذات بالصحو والتمكين، وهذا مقام خاصة الخاصة من النبيين والصدِّيقين، تنتهي إلى هذا المقام في زمن يسير، إن سبقت العناية واتصل صاحبها بالخبير، وفي زمن طويل إن لم يتصل بالخبير، ولذلك قال تعالى :﴿ في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ﴾ أي : يقطع ذلك في يوم كان مقداره لو صار بنفسه خمسين ألف سنة.
واعلم أنَّ الحق تعالى لا يتصف بقُرب ولا بُعد، هو أقرب إلى كل شيء من كل شيء، وإنما بعّد النفوسَ جهلُها به تعالى ووهْمُها وغفلتها، فإذا ارتفع الجهل والوهم، وَجَدت الحقّ كان قريباً وهي لا تشعر. قال الورتجبي : ليس للحق مكان ومنتهى، حتى أن الخلق يعرجون إليه، بل إنَّ ظهور عزته وجلاله في كل ذرة عيانٌ، فإذا رَفَعْتَ القربَ والبُعدَ من حيث المسافة، وأدرجت الأوهام والأفهام ؛ لم يكن بين الحق والروح فصل، وصول الحق لأهل الحق بأقل طرفة، فإنَّ الوصل منه، وهو قريب غير بعيد. هـ. فاصبر أيها السائر صبراً جميلاً ؛ لتظفر بالوصل الدائم، إنهم ـ أي أهل الغفلة ـ يرونه بعيداً، ونراه قريباً لمن قربتُه عليه، يوم تكون السماء كالمُهل، أي : وقت الوصول هو حين تتلطّف العوالم وتذوب الكائنات، فيتصل بحر الأزل بما لم يزل، فلم يبقَ إلاَّ الأزل، قال بعض المحققين : حقيقة المشاهدة : تكثيف اللطيف، وحقيقة المعاينة : تلطيف الكثيف، فافهم.
ولا يسأل حميمٌ حميماً، أي : لا مودة بين أهل البُعد وأهل القرب، ولو كان مِن أقرب الناس إليه نسباً، وهذا مثل قوله :﴿ لاَّ تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ ألآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ... ﴾ [ المجادلة : ٢٢ ] الآية. يَوَدُّ المجرمُ، حين يرى ما خص اللهُ به أولياءه من العز والقُرب، لو يفتدي بجميع مَا يملك، بل بجميع أهل الأرض مما نزل به من عذابِ القطيعة والبُعد، كلاّ إنها، أي : نار القطيعة، لَظَى، نزاعةَ لرِفْعَةِ الرؤوس، بل تحطها عن مراتب المقربين، تدعوا مَن أدبر عن المجاهدة والتربية، وجَمَعَ الدنيا فأوعاها، وهذا هو الهلوع الذي أشار إليه بقوله :
﴿ إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً ﴾*﴿ إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً ﴾*﴿ وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً ﴾*﴿ إِلاَّ الْمُصَلِّينَ ﴾*﴿ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ ﴾*﴿ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُم مِّنْ عَذَابِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ ﴾*﴿ إِنَّ عَذَابَ رَبِّهِمْ غَيْرُ مَأْمُونٍ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ﴾*﴿ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ﴾*﴿ فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ لأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِم قَائِمُونَ ﴾*﴿ وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ ﴾*﴿ أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ ﴾.

يقول الحق جلّ جلاله :﴿ إِنَّ الإِنسانَ خُلق هلوعاً ﴾، قال ابن عباس : الهلوع : الحريص على ما لا يجده، وعن الضحاك : هو الذي لا يشبع. وأصل الهلع : أشد الحرص وأسوأ الجزع، قال صلى الله عليه وسلم :" شر ما أعطي العبدُ شحٌّ هالع، وجُبن خالعٌ " ١،
وأحسن تفاسيره : ما فسّره به الحق تعالى بقوله :﴿ إِذا مسّه الشرُّ جَزوعاً ﴾ ؛ مبالغ في الجزع،
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : طبعُ الإنسان من حيث هو : الجزع والهَلع، لخراب الباطن من النور، إلاّ أهل التوجه، وهم مَن مَنَّ اللهُ عليهم بصُحبة أهل الغنى بالله، وهم الذين ذكَرَ اللهُ بقوله :﴿ على صلاتهم دائمون ﴾ أي : صلاة القلوب، وهي دوام الحضور مع الحق، باستغراق أفكارهم في أسرار التوحيد، وهو مقام الفناء في الذات، فهم الذين تطهَّروا من الهلع لِما باشر قلوبَهم من صفاء اليقين، فمَن لم يبلغ هذا لا ينفك طبعه عن الهلع والطمع، ولو بلغ ما بلغ. قيل لبعضهم : هل للقلوب صلاة ؟ قال : نعم إذا سجد لا يرفع رأسه أبداً. هـ. أي : إذا واجهته أنوارُ المواجهة خضع لها على الدوام، ﴿ والذين في أموالهم ﴾ أي : فيما منحهم اللهُ من العلوم والأسرار، حق معلوم للسائل، وهو طالب الوصول، والمحروم، وهو طالب التبرُّك، لكثرة علائقه، أو : لضعف همته، أو : للسائل، وهو مَن دخل تحت تصرفهم، والمحروم : مَن لم يدخل في تربيتهم، فله حق، بإرشاده إلى ما يصلحه مما يقدر عليه وينفعه. والذين يُصدِّقون بيوم الدين، فيجعلونه نُصب أعينهم، فيجتهدون في الاستعداد له.
﴿ والذين هم من عذاب ربهم ﴾ وهو عذاب القطيعة ﴿ مُشفقون إنّ عذاب ربهم غير مأمون ﴾ ولو بلغ العبد من التمكين ما بلغ ؛ لأنَّ الله مُقَلِّب القلوب ولا يأمن مكرَ الله إلاَّ القوم الخاسرون. ﴿ والذين هم لفروجهم حافظون إلاّ على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ﴾ فإنهم ينزلون إلى القيام بحقهن بالإذن والتمكين، والرسوخ في اليقين، فمَن ابتغى وراء ذلك ؛ بأن قصد شهوة المتعة، فأولئك هم العادون، تجب عليهم التوبة، والذين هم لأماناتهم، وهي أنفاس عمرهم، وساعات أوقاتهم، أو : الأمانة التي عرضت على السموات والأرض والجبال، ﴿ وعهدهم ﴾ الذي أخذ عليهم في عالم الذر، وهو الإقرار بالربوبية، والقيام بوظائف العبودية، ﴿ راعون ﴾، فهم يراعون أنفاسهم وساعاتِهم، ويُحافظون عليها من التضييع، ويُراعون عهودَهم السابقة واللاحقة، أي مع الله، ومع عباده، فيُوفون بها ما استطاعوا، والمراد نية الوفاء، لا الوفاء بالفعل، فمَن عقد عهداً ونيته الوفاء، ثم منعته الأقدار، فهو وافٍ به. والذين هم بشهادتهم لأنوار الربوبية قائمون بالأدب معها. والذين هم على صلاتهم الواجبة يحافظون، شكراً وأدباً. أولئك في جنات المعارف، مُكرَمون في الدنيا والآخرة.


١ أخرجه أبو داود في الجهاد حديث ٢٥١١، وأحمد في المسند ٢/٣٠٢، والبيهقي في السنن الكبرى ٩/٩١٧٠، وأبو نعيم في حلية الأولياء حديث ٥٠١٩..
وأحسن تفاسيره : ما فسّره به الحق تعالى بقوله :﴿ إِذا مسّه الشرُّ جَزوعاً ﴾ ؛ مبالغ في الجزع،
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : طبعُ الإنسان من حيث هو : الجزع والهَلع، لخراب الباطن من النور، إلاّ أهل التوجه، وهم مَن مَنَّ اللهُ عليهم بصُحبة أهل الغنى بالله، وهم الذين ذكَرَ اللهُ بقوله :﴿ على صلاتهم دائمون ﴾ أي : صلاة القلوب، وهي دوام الحضور مع الحق، باستغراق أفكارهم في أسرار التوحيد، وهو مقام الفناء في الذات، فهم الذين تطهَّروا من الهلع لِما باشر قلوبَهم من صفاء اليقين، فمَن لم يبلغ هذا لا ينفك طبعه عن الهلع والطمع، ولو بلغ ما بلغ. قيل لبعضهم : هل للقلوب صلاة ؟ قال : نعم إذا سجد لا يرفع رأسه أبداً. هـ. أي : إذا واجهته أنوارُ المواجهة خضع لها على الدوام، ﴿ والذين في أموالهم ﴾ أي : فيما منحهم اللهُ من العلوم والأسرار، حق معلوم للسائل، وهو طالب الوصول، والمحروم، وهو طالب التبرُّك، لكثرة علائقه، أو : لضعف همته، أو : للسائل، وهو مَن دخل تحت تصرفهم، والمحروم : مَن لم يدخل في تربيتهم، فله حق، بإرشاده إلى ما يصلحه مما يقدر عليه وينفعه. والذين يُصدِّقون بيوم الدين، فيجعلونه نُصب أعينهم، فيجتهدون في الاستعداد له.
﴿ والذين هم من عذاب ربهم ﴾ وهو عذاب القطيعة ﴿ مُشفقون إنّ عذاب ربهم غير مأمون ﴾ ولو بلغ العبد من التمكين ما بلغ ؛ لأنَّ الله مُقَلِّب القلوب ولا يأمن مكرَ الله إلاَّ القوم الخاسرون. ﴿ والذين هم لفروجهم حافظون إلاّ على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ﴾ فإنهم ينزلون إلى القيام بحقهن بالإذن والتمكين، والرسوخ في اليقين، فمَن ابتغى وراء ذلك ؛ بأن قصد شهوة المتعة، فأولئك هم العادون، تجب عليهم التوبة، والذين هم لأماناتهم، وهي أنفاس عمرهم، وساعات أوقاتهم، أو : الأمانة التي عرضت على السموات والأرض والجبال، ﴿ وعهدهم ﴾ الذي أخذ عليهم في عالم الذر، وهو الإقرار بالربوبية، والقيام بوظائف العبودية، ﴿ راعون ﴾، فهم يراعون أنفاسهم وساعاتِهم، ويُحافظون عليها من التضييع، ويُراعون عهودَهم السابقة واللاحقة، أي مع الله، ومع عباده، فيُوفون بها ما استطاعوا، والمراد نية الوفاء، لا الوفاء بالفعل، فمَن عقد عهداً ونيته الوفاء، ثم منعته الأقدار، فهو وافٍ به. والذين هم بشهادتهم لأنوار الربوبية قائمون بالأدب معها. والذين هم على صلاتهم الواجبة يحافظون، شكراً وأدباً. أولئك في جنات المعارف، مُكرَمون في الدنيا والآخرة.

﴿ وإِذا مسّه الخيرُ ﴾ أي : السعة والعافية ﴿ مَنوعاً ﴾ ؛ مبالغاً في المنع والإمساك، وسُئل ثعلب عن الهلوع، فقال : قد فسّره اللهُ تعالى، ولا يكون تفسيرٌ أبين من تفسيره، وهو الذي إذا ناله شرٌّ أظهر شدّة الجزع، وإذا ناله خيرٌ بخل ومنع، وهذا طبعه، وهو مأمور بمخالفة طبعه، وموافقة شرعه. والشرُّ : الضرُّ والفقر، والخير : السعة والغنى.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : طبعُ الإنسان من حيث هو : الجزع والهَلع، لخراب الباطن من النور، إلاّ أهل التوجه، وهم مَن مَنَّ اللهُ عليهم بصُحبة أهل الغنى بالله، وهم الذين ذكَرَ اللهُ بقوله :﴿ على صلاتهم دائمون ﴾ أي : صلاة القلوب، وهي دوام الحضور مع الحق، باستغراق أفكارهم في أسرار التوحيد، وهو مقام الفناء في الذات، فهم الذين تطهَّروا من الهلع لِما باشر قلوبَهم من صفاء اليقين، فمَن لم يبلغ هذا لا ينفك طبعه عن الهلع والطمع، ولو بلغ ما بلغ. قيل لبعضهم : هل للقلوب صلاة ؟ قال : نعم إذا سجد لا يرفع رأسه أبداً. هـ. أي : إذا واجهته أنوارُ المواجهة خضع لها على الدوام، ﴿ والذين في أموالهم ﴾ أي : فيما منحهم اللهُ من العلوم والأسرار، حق معلوم للسائل، وهو طالب الوصول، والمحروم، وهو طالب التبرُّك، لكثرة علائقه، أو : لضعف همته، أو : للسائل، وهو مَن دخل تحت تصرفهم، والمحروم : مَن لم يدخل في تربيتهم، فله حق، بإرشاده إلى ما يصلحه مما يقدر عليه وينفعه. والذين يُصدِّقون بيوم الدين، فيجعلونه نُصب أعينهم، فيجتهدون في الاستعداد له.
﴿ والذين هم من عذاب ربهم ﴾ وهو عذاب القطيعة ﴿ مُشفقون إنّ عذاب ربهم غير مأمون ﴾ ولو بلغ العبد من التمكين ما بلغ ؛ لأنَّ الله مُقَلِّب القلوب ولا يأمن مكرَ الله إلاَّ القوم الخاسرون. ﴿ والذين هم لفروجهم حافظون إلاّ على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ﴾ فإنهم ينزلون إلى القيام بحقهن بالإذن والتمكين، والرسوخ في اليقين، فمَن ابتغى وراء ذلك ؛ بأن قصد شهوة المتعة، فأولئك هم العادون، تجب عليهم التوبة، والذين هم لأماناتهم، وهي أنفاس عمرهم، وساعات أوقاتهم، أو : الأمانة التي عرضت على السموات والأرض والجبال، ﴿ وعهدهم ﴾ الذي أخذ عليهم في عالم الذر، وهو الإقرار بالربوبية، والقيام بوظائف العبودية، ﴿ راعون ﴾، فهم يراعون أنفاسهم وساعاتِهم، ويُحافظون عليها من التضييع، ويُراعون عهودَهم السابقة واللاحقة، أي مع الله، ومع عباده، فيُوفون بها ما استطاعوا، والمراد نية الوفاء، لا الوفاء بالفعل، فمَن عقد عهداً ونيته الوفاء، ثم منعته الأقدار، فهو وافٍ به. والذين هم بشهادتهم لأنوار الربوبية قائمون بالأدب معها. والذين هم على صلاتهم الواجبة يحافظون، شكراً وأدباً. أولئك في جنات المعارف، مُكرَمون في الدنيا والآخرة.

ثم استثنى مِن الإنسان ؛ لأنَّ المراد به الجنس، فقال :﴿ إِلاَّ المُصَلِّين الذين هم على صلاتهم دائمون ﴾ لا يشغلهم عنها شاغل ؛ لاستغراقهم في طاعة الخالق، واتصافهم بالإشفاق على الخلق، والإيمان بالجزاء، والخوف من العقوبة، وكسر الشهوة، وإيثار الآجل على العاجل، على خلاف القبائح المذكورة، التي طبع عليه البشر. قال ابن جُزي : لأنَّ صلاتهم تحملهم على قلة الاكتراث بالدنيا، فلا يجزعون مِن شرها، ولا يبخلون بخيرها. ه. وسيأتي في الإشارة تحقيقها إن شاء اللهُ.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : طبعُ الإنسان من حيث هو : الجزع والهَلع، لخراب الباطن من النور، إلاّ أهل التوجه، وهم مَن مَنَّ اللهُ عليهم بصُحبة أهل الغنى بالله، وهم الذين ذكَرَ اللهُ بقوله :﴿ على صلاتهم دائمون ﴾ أي : صلاة القلوب، وهي دوام الحضور مع الحق، باستغراق أفكارهم في أسرار التوحيد، وهو مقام الفناء في الذات، فهم الذين تطهَّروا من الهلع لِما باشر قلوبَهم من صفاء اليقين، فمَن لم يبلغ هذا لا ينفك طبعه عن الهلع والطمع، ولو بلغ ما بلغ. قيل لبعضهم : هل للقلوب صلاة ؟ قال : نعم إذا سجد لا يرفع رأسه أبداً. هـ. أي : إذا واجهته أنوارُ المواجهة خضع لها على الدوام، ﴿ والذين في أموالهم ﴾ أي : فيما منحهم اللهُ من العلوم والأسرار، حق معلوم للسائل، وهو طالب الوصول، والمحروم، وهو طالب التبرُّك، لكثرة علائقه، أو : لضعف همته، أو : للسائل، وهو مَن دخل تحت تصرفهم، والمحروم : مَن لم يدخل في تربيتهم، فله حق، بإرشاده إلى ما يصلحه مما يقدر عليه وينفعه. والذين يُصدِّقون بيوم الدين، فيجعلونه نُصب أعينهم، فيجتهدون في الاستعداد له.
﴿ والذين هم من عذاب ربهم ﴾ وهو عذاب القطيعة ﴿ مُشفقون إنّ عذاب ربهم غير مأمون ﴾ ولو بلغ العبد من التمكين ما بلغ ؛ لأنَّ الله مُقَلِّب القلوب ولا يأمن مكرَ الله إلاَّ القوم الخاسرون. ﴿ والذين هم لفروجهم حافظون إلاّ على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ﴾ فإنهم ينزلون إلى القيام بحقهن بالإذن والتمكين، والرسوخ في اليقين، فمَن ابتغى وراء ذلك ؛ بأن قصد شهوة المتعة، فأولئك هم العادون، تجب عليهم التوبة، والذين هم لأماناتهم، وهي أنفاس عمرهم، وساعات أوقاتهم، أو : الأمانة التي عرضت على السموات والأرض والجبال، ﴿ وعهدهم ﴾ الذي أخذ عليهم في عالم الذر، وهو الإقرار بالربوبية، والقيام بوظائف العبودية، ﴿ راعون ﴾، فهم يراعون أنفاسهم وساعاتِهم، ويُحافظون عليها من التضييع، ويُراعون عهودَهم السابقة واللاحقة، أي مع الله، ومع عباده، فيُوفون بها ما استطاعوا، والمراد نية الوفاء، لا الوفاء بالفعل، فمَن عقد عهداً ونيته الوفاء، ثم منعته الأقدار، فهو وافٍ به. والذين هم بشهادتهم لأنوار الربوبية قائمون بالأدب معها. والذين هم على صلاتهم الواجبة يحافظون، شكراً وأدباً. أولئك في جنات المعارف، مُكرَمون في الدنيا والآخرة.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٢:ثم استثنى مِن الإنسان ؛ لأنَّ المراد به الجنس، فقال :﴿ إِلاَّ المُصَلِّين الذين هم على صلاتهم دائمون ﴾ لا يشغلهم عنها شاغل ؛ لاستغراقهم في طاعة الخالق، واتصافهم بالإشفاق على الخلق، والإيمان بالجزاء، والخوف من العقوبة، وكسر الشهوة، وإيثار الآجل على العاجل، على خلاف القبائح المذكورة، التي طبع عليه البشر. قال ابن جُزي : لأنَّ صلاتهم تحملهم على قلة الاكتراث بالدنيا، فلا يجزعون مِن شرها، ولا يبخلون بخيرها. ه. وسيأتي في الإشارة تحقيقها إن شاء اللهُ.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : طبعُ الإنسان من حيث هو : الجزع والهَلع، لخراب الباطن من النور، إلاّ أهل التوجه، وهم مَن مَنَّ اللهُ عليهم بصُحبة أهل الغنى بالله، وهم الذين ذكَرَ اللهُ بقوله :﴿ على صلاتهم دائمون ﴾ أي : صلاة القلوب، وهي دوام الحضور مع الحق، باستغراق أفكارهم في أسرار التوحيد، وهو مقام الفناء في الذات، فهم الذين تطهَّروا من الهلع لِما باشر قلوبَهم من صفاء اليقين، فمَن لم يبلغ هذا لا ينفك طبعه عن الهلع والطمع، ولو بلغ ما بلغ. قيل لبعضهم : هل للقلوب صلاة ؟ قال : نعم إذا سجد لا يرفع رأسه أبداً. هـ. أي : إذا واجهته أنوارُ المواجهة خضع لها على الدوام، ﴿ والذين في أموالهم ﴾ أي : فيما منحهم اللهُ من العلوم والأسرار، حق معلوم للسائل، وهو طالب الوصول، والمحروم، وهو طالب التبرُّك، لكثرة علائقه، أو : لضعف همته، أو : للسائل، وهو مَن دخل تحت تصرفهم، والمحروم : مَن لم يدخل في تربيتهم، فله حق، بإرشاده إلى ما يصلحه مما يقدر عليه وينفعه. والذين يُصدِّقون بيوم الدين، فيجعلونه نُصب أعينهم، فيجتهدون في الاستعداد له.
﴿ والذين هم من عذاب ربهم ﴾ وهو عذاب القطيعة ﴿ مُشفقون إنّ عذاب ربهم غير مأمون ﴾ ولو بلغ العبد من التمكين ما بلغ ؛ لأنَّ الله مُقَلِّب القلوب ولا يأمن مكرَ الله إلاَّ القوم الخاسرون. ﴿ والذين هم لفروجهم حافظون إلاّ على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ﴾ فإنهم ينزلون إلى القيام بحقهن بالإذن والتمكين، والرسوخ في اليقين، فمَن ابتغى وراء ذلك ؛ بأن قصد شهوة المتعة، فأولئك هم العادون، تجب عليهم التوبة، والذين هم لأماناتهم، وهي أنفاس عمرهم، وساعات أوقاتهم، أو : الأمانة التي عرضت على السموات والأرض والجبال، ﴿ وعهدهم ﴾ الذي أخذ عليهم في عالم الذر، وهو الإقرار بالربوبية، والقيام بوظائف العبودية، ﴿ راعون ﴾، فهم يراعون أنفاسهم وساعاتِهم، ويُحافظون عليها من التضييع، ويُراعون عهودَهم السابقة واللاحقة، أي مع الله، ومع عباده، فيُوفون بها ما استطاعوا، والمراد نية الوفاء، لا الوفاء بالفعل، فمَن عقد عهداً ونيته الوفاء، ثم منعته الأقدار، فهو وافٍ به. والذين هم بشهادتهم لأنوار الربوبية قائمون بالأدب معها. والذين هم على صلاتهم الواجبة يحافظون، شكراً وأدباً. أولئك في جنات المعارف، مُكرَمون في الدنيا والآخرة.


﴿ والذين في أموالهم حقٌّ معلومٌ ﴾ يعني الزكاة ؛ لأنها مقدّرةٌ معلومةٌ، أو صدقةٌ يوظفها الرجلُ على نفسه، يؤديها في أوقات معلومة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : طبعُ الإنسان من حيث هو : الجزع والهَلع، لخراب الباطن من النور، إلاّ أهل التوجه، وهم مَن مَنَّ اللهُ عليهم بصُحبة أهل الغنى بالله، وهم الذين ذكَرَ اللهُ بقوله :﴿ على صلاتهم دائمون ﴾ أي : صلاة القلوب، وهي دوام الحضور مع الحق، باستغراق أفكارهم في أسرار التوحيد، وهو مقام الفناء في الذات، فهم الذين تطهَّروا من الهلع لِما باشر قلوبَهم من صفاء اليقين، فمَن لم يبلغ هذا لا ينفك طبعه عن الهلع والطمع، ولو بلغ ما بلغ. قيل لبعضهم : هل للقلوب صلاة ؟ قال : نعم إذا سجد لا يرفع رأسه أبداً. هـ. أي : إذا واجهته أنوارُ المواجهة خضع لها على الدوام، ﴿ والذين في أموالهم ﴾ أي : فيما منحهم اللهُ من العلوم والأسرار، حق معلوم للسائل، وهو طالب الوصول، والمحروم، وهو طالب التبرُّك، لكثرة علائقه، أو : لضعف همته، أو : للسائل، وهو مَن دخل تحت تصرفهم، والمحروم : مَن لم يدخل في تربيتهم، فله حق، بإرشاده إلى ما يصلحه مما يقدر عليه وينفعه. والذين يُصدِّقون بيوم الدين، فيجعلونه نُصب أعينهم، فيجتهدون في الاستعداد له.
﴿ والذين هم من عذاب ربهم ﴾ وهو عذاب القطيعة ﴿ مُشفقون إنّ عذاب ربهم غير مأمون ﴾ ولو بلغ العبد من التمكين ما بلغ ؛ لأنَّ الله مُقَلِّب القلوب ولا يأمن مكرَ الله إلاَّ القوم الخاسرون. ﴿ والذين هم لفروجهم حافظون إلاّ على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ﴾ فإنهم ينزلون إلى القيام بحقهن بالإذن والتمكين، والرسوخ في اليقين، فمَن ابتغى وراء ذلك ؛ بأن قصد شهوة المتعة، فأولئك هم العادون، تجب عليهم التوبة، والذين هم لأماناتهم، وهي أنفاس عمرهم، وساعات أوقاتهم، أو : الأمانة التي عرضت على السموات والأرض والجبال، ﴿ وعهدهم ﴾ الذي أخذ عليهم في عالم الذر، وهو الإقرار بالربوبية، والقيام بوظائف العبودية، ﴿ راعون ﴾، فهم يراعون أنفاسهم وساعاتِهم، ويُحافظون عليها من التضييع، ويُراعون عهودَهم السابقة واللاحقة، أي مع الله، ومع عباده، فيُوفون بها ما استطاعوا، والمراد نية الوفاء، لا الوفاء بالفعل، فمَن عقد عهداً ونيته الوفاء، ثم منعته الأقدار، فهو وافٍ به. والذين هم بشهادتهم لأنوار الربوبية قائمون بالأدب معها. والذين هم على صلاتهم الواجبة يحافظون، شكراً وأدباً. أولئك في جنات المعارف، مُكرَمون في الدنيا والآخرة.

﴿ للسائلِ ﴾ الذي يسأله، ﴿ والمحرومِ ﴾ الذي لا يسأله تعفُّفاً، فيظن أنه غني، فيُحرم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : طبعُ الإنسان من حيث هو : الجزع والهَلع، لخراب الباطن من النور، إلاّ أهل التوجه، وهم مَن مَنَّ اللهُ عليهم بصُحبة أهل الغنى بالله، وهم الذين ذكَرَ اللهُ بقوله :﴿ على صلاتهم دائمون ﴾ أي : صلاة القلوب، وهي دوام الحضور مع الحق، باستغراق أفكارهم في أسرار التوحيد، وهو مقام الفناء في الذات، فهم الذين تطهَّروا من الهلع لِما باشر قلوبَهم من صفاء اليقين، فمَن لم يبلغ هذا لا ينفك طبعه عن الهلع والطمع، ولو بلغ ما بلغ. قيل لبعضهم : هل للقلوب صلاة ؟ قال : نعم إذا سجد لا يرفع رأسه أبداً. هـ. أي : إذا واجهته أنوارُ المواجهة خضع لها على الدوام، ﴿ والذين في أموالهم ﴾ أي : فيما منحهم اللهُ من العلوم والأسرار، حق معلوم للسائل، وهو طالب الوصول، والمحروم، وهو طالب التبرُّك، لكثرة علائقه، أو : لضعف همته، أو : للسائل، وهو مَن دخل تحت تصرفهم، والمحروم : مَن لم يدخل في تربيتهم، فله حق، بإرشاده إلى ما يصلحه مما يقدر عليه وينفعه. والذين يُصدِّقون بيوم الدين، فيجعلونه نُصب أعينهم، فيجتهدون في الاستعداد له.
﴿ والذين هم من عذاب ربهم ﴾ وهو عذاب القطيعة ﴿ مُشفقون إنّ عذاب ربهم غير مأمون ﴾ ولو بلغ العبد من التمكين ما بلغ ؛ لأنَّ الله مُقَلِّب القلوب ولا يأمن مكرَ الله إلاَّ القوم الخاسرون. ﴿ والذين هم لفروجهم حافظون إلاّ على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ﴾ فإنهم ينزلون إلى القيام بحقهن بالإذن والتمكين، والرسوخ في اليقين، فمَن ابتغى وراء ذلك ؛ بأن قصد شهوة المتعة، فأولئك هم العادون، تجب عليهم التوبة، والذين هم لأماناتهم، وهي أنفاس عمرهم، وساعات أوقاتهم، أو : الأمانة التي عرضت على السموات والأرض والجبال، ﴿ وعهدهم ﴾ الذي أخذ عليهم في عالم الذر، وهو الإقرار بالربوبية، والقيام بوظائف العبودية، ﴿ راعون ﴾، فهم يراعون أنفاسهم وساعاتِهم، ويُحافظون عليها من التضييع، ويُراعون عهودَهم السابقة واللاحقة، أي مع الله، ومع عباده، فيُوفون بها ما استطاعوا، والمراد نية الوفاء، لا الوفاء بالفعل، فمَن عقد عهداً ونيته الوفاء، ثم منعته الأقدار، فهو وافٍ به. والذين هم بشهادتهم لأنوار الربوبية قائمون بالأدب معها. والذين هم على صلاتهم الواجبة يحافظون، شكراً وأدباً. أولئك في جنات المعارف، مُكرَمون في الدنيا والآخرة.

﴿ والذين يُصَدِّقُونَ بيوم الدين ﴾ أي : يوم الجزاء والحساب، فيتعبون أنفسَهم في الطاعات البدنية والمالية ؛ طمعاً في المثوبة الأخروية، فيستدل بذلك على تصديقهم بيوم الجزاء.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : طبعُ الإنسان من حيث هو : الجزع والهَلع، لخراب الباطن من النور، إلاّ أهل التوجه، وهم مَن مَنَّ اللهُ عليهم بصُحبة أهل الغنى بالله، وهم الذين ذكَرَ اللهُ بقوله :﴿ على صلاتهم دائمون ﴾ أي : صلاة القلوب، وهي دوام الحضور مع الحق، باستغراق أفكارهم في أسرار التوحيد، وهو مقام الفناء في الذات، فهم الذين تطهَّروا من الهلع لِما باشر قلوبَهم من صفاء اليقين، فمَن لم يبلغ هذا لا ينفك طبعه عن الهلع والطمع، ولو بلغ ما بلغ. قيل لبعضهم : هل للقلوب صلاة ؟ قال : نعم إذا سجد لا يرفع رأسه أبداً. هـ. أي : إذا واجهته أنوارُ المواجهة خضع لها على الدوام، ﴿ والذين في أموالهم ﴾ أي : فيما منحهم اللهُ من العلوم والأسرار، حق معلوم للسائل، وهو طالب الوصول، والمحروم، وهو طالب التبرُّك، لكثرة علائقه، أو : لضعف همته، أو : للسائل، وهو مَن دخل تحت تصرفهم، والمحروم : مَن لم يدخل في تربيتهم، فله حق، بإرشاده إلى ما يصلحه مما يقدر عليه وينفعه. والذين يُصدِّقون بيوم الدين، فيجعلونه نُصب أعينهم، فيجتهدون في الاستعداد له.
﴿ والذين هم من عذاب ربهم ﴾ وهو عذاب القطيعة ﴿ مُشفقون إنّ عذاب ربهم غير مأمون ﴾ ولو بلغ العبد من التمكين ما بلغ ؛ لأنَّ الله مُقَلِّب القلوب ولا يأمن مكرَ الله إلاَّ القوم الخاسرون. ﴿ والذين هم لفروجهم حافظون إلاّ على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ﴾ فإنهم ينزلون إلى القيام بحقهن بالإذن والتمكين، والرسوخ في اليقين، فمَن ابتغى وراء ذلك ؛ بأن قصد شهوة المتعة، فأولئك هم العادون، تجب عليهم التوبة، والذين هم لأماناتهم، وهي أنفاس عمرهم، وساعات أوقاتهم، أو : الأمانة التي عرضت على السموات والأرض والجبال، ﴿ وعهدهم ﴾ الذي أخذ عليهم في عالم الذر، وهو الإقرار بالربوبية، والقيام بوظائف العبودية، ﴿ راعون ﴾، فهم يراعون أنفاسهم وساعاتِهم، ويُحافظون عليها من التضييع، ويُراعون عهودَهم السابقة واللاحقة، أي مع الله، ومع عباده، فيُوفون بها ما استطاعوا، والمراد نية الوفاء، لا الوفاء بالفعل، فمَن عقد عهداً ونيته الوفاء، ثم منعته الأقدار، فهو وافٍ به. والذين هم بشهادتهم لأنوار الربوبية قائمون بالأدب معها. والذين هم على صلاتهم الواجبة يحافظون، شكراً وأدباً. أولئك في جنات المعارف، مُكرَمون في الدنيا والآخرة.

﴿ والذين هم من عذاب ربهم مشفقون ﴾ ؛ خائفون على أنفسهم مع ما لهم من الأعمال الفاضلة، استقصاراً لها، واستعظاماً لجانبه عزّ وجل، كقوله :﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَواْ وَّقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ. . . ﴾ [ المؤمنون : ٦٠ ]، الخ.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : طبعُ الإنسان من حيث هو : الجزع والهَلع، لخراب الباطن من النور، إلاّ أهل التوجه، وهم مَن مَنَّ اللهُ عليهم بصُحبة أهل الغنى بالله، وهم الذين ذكَرَ اللهُ بقوله :﴿ على صلاتهم دائمون ﴾ أي : صلاة القلوب، وهي دوام الحضور مع الحق، باستغراق أفكارهم في أسرار التوحيد، وهو مقام الفناء في الذات، فهم الذين تطهَّروا من الهلع لِما باشر قلوبَهم من صفاء اليقين، فمَن لم يبلغ هذا لا ينفك طبعه عن الهلع والطمع، ولو بلغ ما بلغ. قيل لبعضهم : هل للقلوب صلاة ؟ قال : نعم إذا سجد لا يرفع رأسه أبداً. هـ. أي : إذا واجهته أنوارُ المواجهة خضع لها على الدوام، ﴿ والذين في أموالهم ﴾ أي : فيما منحهم اللهُ من العلوم والأسرار، حق معلوم للسائل، وهو طالب الوصول، والمحروم، وهو طالب التبرُّك، لكثرة علائقه، أو : لضعف همته، أو : للسائل، وهو مَن دخل تحت تصرفهم، والمحروم : مَن لم يدخل في تربيتهم، فله حق، بإرشاده إلى ما يصلحه مما يقدر عليه وينفعه. والذين يُصدِّقون بيوم الدين، فيجعلونه نُصب أعينهم، فيجتهدون في الاستعداد له.
﴿ والذين هم من عذاب ربهم ﴾ وهو عذاب القطيعة ﴿ مُشفقون إنّ عذاب ربهم غير مأمون ﴾ ولو بلغ العبد من التمكين ما بلغ ؛ لأنَّ الله مُقَلِّب القلوب ولا يأمن مكرَ الله إلاَّ القوم الخاسرون. ﴿ والذين هم لفروجهم حافظون إلاّ على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ﴾ فإنهم ينزلون إلى القيام بحقهن بالإذن والتمكين، والرسوخ في اليقين، فمَن ابتغى وراء ذلك ؛ بأن قصد شهوة المتعة، فأولئك هم العادون، تجب عليهم التوبة، والذين هم لأماناتهم، وهي أنفاس عمرهم، وساعات أوقاتهم، أو : الأمانة التي عرضت على السموات والأرض والجبال، ﴿ وعهدهم ﴾ الذي أخذ عليهم في عالم الذر، وهو الإقرار بالربوبية، والقيام بوظائف العبودية، ﴿ راعون ﴾، فهم يراعون أنفاسهم وساعاتِهم، ويُحافظون عليها من التضييع، ويُراعون عهودَهم السابقة واللاحقة، أي مع الله، ومع عباده، فيُوفون بها ما استطاعوا، والمراد نية الوفاء، لا الوفاء بالفعل، فمَن عقد عهداً ونيته الوفاء، ثم منعته الأقدار، فهو وافٍ به. والذين هم بشهادتهم لأنوار الربوبية قائمون بالأدب معها. والذين هم على صلاتهم الواجبة يحافظون، شكراً وأدباً. أولئك في جنات المعارف، مُكرَمون في الدنيا والآخرة.

﴿ إِنَّ عذابَ ربهم غيرُ مأمونٍ ﴾، هو اعتراض مؤذن بأنه لا ينبغي لأحدٍ أن يأمنَ مِن عذابه تعالى، ولو بلغ في الطاعة ما بلغ، بل ينبغي أن يكون بين خوف ورجاء كجناحي الطائر.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : طبعُ الإنسان من حيث هو : الجزع والهَلع، لخراب الباطن من النور، إلاّ أهل التوجه، وهم مَن مَنَّ اللهُ عليهم بصُحبة أهل الغنى بالله، وهم الذين ذكَرَ اللهُ بقوله :﴿ على صلاتهم دائمون ﴾ أي : صلاة القلوب، وهي دوام الحضور مع الحق، باستغراق أفكارهم في أسرار التوحيد، وهو مقام الفناء في الذات، فهم الذين تطهَّروا من الهلع لِما باشر قلوبَهم من صفاء اليقين، فمَن لم يبلغ هذا لا ينفك طبعه عن الهلع والطمع، ولو بلغ ما بلغ. قيل لبعضهم : هل للقلوب صلاة ؟ قال : نعم إذا سجد لا يرفع رأسه أبداً. هـ. أي : إذا واجهته أنوارُ المواجهة خضع لها على الدوام، ﴿ والذين في أموالهم ﴾ أي : فيما منحهم اللهُ من العلوم والأسرار، حق معلوم للسائل، وهو طالب الوصول، والمحروم، وهو طالب التبرُّك، لكثرة علائقه، أو : لضعف همته، أو : للسائل، وهو مَن دخل تحت تصرفهم، والمحروم : مَن لم يدخل في تربيتهم، فله حق، بإرشاده إلى ما يصلحه مما يقدر عليه وينفعه. والذين يُصدِّقون بيوم الدين، فيجعلونه نُصب أعينهم، فيجتهدون في الاستعداد له.
﴿ والذين هم من عذاب ربهم ﴾ وهو عذاب القطيعة ﴿ مُشفقون إنّ عذاب ربهم غير مأمون ﴾ ولو بلغ العبد من التمكين ما بلغ ؛ لأنَّ الله مُقَلِّب القلوب ولا يأمن مكرَ الله إلاَّ القوم الخاسرون. ﴿ والذين هم لفروجهم حافظون إلاّ على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ﴾ فإنهم ينزلون إلى القيام بحقهن بالإذن والتمكين، والرسوخ في اليقين، فمَن ابتغى وراء ذلك ؛ بأن قصد شهوة المتعة، فأولئك هم العادون، تجب عليهم التوبة، والذين هم لأماناتهم، وهي أنفاس عمرهم، وساعات أوقاتهم، أو : الأمانة التي عرضت على السموات والأرض والجبال، ﴿ وعهدهم ﴾ الذي أخذ عليهم في عالم الذر، وهو الإقرار بالربوبية، والقيام بوظائف العبودية، ﴿ راعون ﴾، فهم يراعون أنفاسهم وساعاتِهم، ويُحافظون عليها من التضييع، ويُراعون عهودَهم السابقة واللاحقة، أي مع الله، ومع عباده، فيُوفون بها ما استطاعوا، والمراد نية الوفاء، لا الوفاء بالفعل، فمَن عقد عهداً ونيته الوفاء، ثم منعته الأقدار، فهو وافٍ به. والذين هم بشهادتهم لأنوار الربوبية قائمون بالأدب معها. والذين هم على صلاتهم الواجبة يحافظون، شكراً وأدباً. أولئك في جنات المعارف، مُكرَمون في الدنيا والآخرة.

﴿ والذين هم لفروجهم حافظون إِلاَّ على أزواجهم ﴾ ؛ نسائهم، ﴿ أو ما ملكتْ أيمانُهم ﴾ أي : إيمائهم ﴿ فإِنهم غيرُ ملومين ﴾ على ترك الحفظ.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : طبعُ الإنسان من حيث هو : الجزع والهَلع، لخراب الباطن من النور، إلاّ أهل التوجه، وهم مَن مَنَّ اللهُ عليهم بصُحبة أهل الغنى بالله، وهم الذين ذكَرَ اللهُ بقوله :﴿ على صلاتهم دائمون ﴾ أي : صلاة القلوب، وهي دوام الحضور مع الحق، باستغراق أفكارهم في أسرار التوحيد، وهو مقام الفناء في الذات، فهم الذين تطهَّروا من الهلع لِما باشر قلوبَهم من صفاء اليقين، فمَن لم يبلغ هذا لا ينفك طبعه عن الهلع والطمع، ولو بلغ ما بلغ. قيل لبعضهم : هل للقلوب صلاة ؟ قال : نعم إذا سجد لا يرفع رأسه أبداً. هـ. أي : إذا واجهته أنوارُ المواجهة خضع لها على الدوام، ﴿ والذين في أموالهم ﴾ أي : فيما منحهم اللهُ من العلوم والأسرار، حق معلوم للسائل، وهو طالب الوصول، والمحروم، وهو طالب التبرُّك، لكثرة علائقه، أو : لضعف همته، أو : للسائل، وهو مَن دخل تحت تصرفهم، والمحروم : مَن لم يدخل في تربيتهم، فله حق، بإرشاده إلى ما يصلحه مما يقدر عليه وينفعه. والذين يُصدِّقون بيوم الدين، فيجعلونه نُصب أعينهم، فيجتهدون في الاستعداد له.
﴿ والذين هم من عذاب ربهم ﴾ وهو عذاب القطيعة ﴿ مُشفقون إنّ عذاب ربهم غير مأمون ﴾ ولو بلغ العبد من التمكين ما بلغ ؛ لأنَّ الله مُقَلِّب القلوب ولا يأمن مكرَ الله إلاَّ القوم الخاسرون. ﴿ والذين هم لفروجهم حافظون إلاّ على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ﴾ فإنهم ينزلون إلى القيام بحقهن بالإذن والتمكين، والرسوخ في اليقين، فمَن ابتغى وراء ذلك ؛ بأن قصد شهوة المتعة، فأولئك هم العادون، تجب عليهم التوبة، والذين هم لأماناتهم، وهي أنفاس عمرهم، وساعات أوقاتهم، أو : الأمانة التي عرضت على السموات والأرض والجبال، ﴿ وعهدهم ﴾ الذي أخذ عليهم في عالم الذر، وهو الإقرار بالربوبية، والقيام بوظائف العبودية، ﴿ راعون ﴾، فهم يراعون أنفاسهم وساعاتِهم، ويُحافظون عليها من التضييع، ويُراعون عهودَهم السابقة واللاحقة، أي مع الله، ومع عباده، فيُوفون بها ما استطاعوا، والمراد نية الوفاء، لا الوفاء بالفعل، فمَن عقد عهداً ونيته الوفاء، ثم منعته الأقدار، فهو وافٍ به. والذين هم بشهادتهم لأنوار الربوبية قائمون بالأدب معها. والذين هم على صلاتهم الواجبة يحافظون، شكراً وأدباً. أولئك في جنات المعارف، مُكرَمون في الدنيا والآخرة.

نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢٩:﴿ والذين هم لفروجهم حافظون إِلاَّ على أزواجهم ﴾ ؛ نسائهم، ﴿ أو ما ملكتْ أيمانُهم ﴾ أي : إيمائهم ﴿ فإِنهم غيرُ ملومين ﴾ على ترك الحفظ.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : طبعُ الإنسان من حيث هو : الجزع والهَلع، لخراب الباطن من النور، إلاّ أهل التوجه، وهم مَن مَنَّ اللهُ عليهم بصُحبة أهل الغنى بالله، وهم الذين ذكَرَ اللهُ بقوله :﴿ على صلاتهم دائمون ﴾ أي : صلاة القلوب، وهي دوام الحضور مع الحق، باستغراق أفكارهم في أسرار التوحيد، وهو مقام الفناء في الذات، فهم الذين تطهَّروا من الهلع لِما باشر قلوبَهم من صفاء اليقين، فمَن لم يبلغ هذا لا ينفك طبعه عن الهلع والطمع، ولو بلغ ما بلغ. قيل لبعضهم : هل للقلوب صلاة ؟ قال : نعم إذا سجد لا يرفع رأسه أبداً. هـ. أي : إذا واجهته أنوارُ المواجهة خضع لها على الدوام، ﴿ والذين في أموالهم ﴾ أي : فيما منحهم اللهُ من العلوم والأسرار، حق معلوم للسائل، وهو طالب الوصول، والمحروم، وهو طالب التبرُّك، لكثرة علائقه، أو : لضعف همته، أو : للسائل، وهو مَن دخل تحت تصرفهم، والمحروم : مَن لم يدخل في تربيتهم، فله حق، بإرشاده إلى ما يصلحه مما يقدر عليه وينفعه. والذين يُصدِّقون بيوم الدين، فيجعلونه نُصب أعينهم، فيجتهدون في الاستعداد له.
﴿ والذين هم من عذاب ربهم ﴾ وهو عذاب القطيعة ﴿ مُشفقون إنّ عذاب ربهم غير مأمون ﴾ ولو بلغ العبد من التمكين ما بلغ ؛ لأنَّ الله مُقَلِّب القلوب ولا يأمن مكرَ الله إلاَّ القوم الخاسرون. ﴿ والذين هم لفروجهم حافظون إلاّ على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ﴾ فإنهم ينزلون إلى القيام بحقهن بالإذن والتمكين، والرسوخ في اليقين، فمَن ابتغى وراء ذلك ؛ بأن قصد شهوة المتعة، فأولئك هم العادون، تجب عليهم التوبة، والذين هم لأماناتهم، وهي أنفاس عمرهم، وساعات أوقاتهم، أو : الأمانة التي عرضت على السموات والأرض والجبال، ﴿ وعهدهم ﴾ الذي أخذ عليهم في عالم الذر، وهو الإقرار بالربوبية، والقيام بوظائف العبودية، ﴿ راعون ﴾، فهم يراعون أنفاسهم وساعاتِهم، ويُحافظون عليها من التضييع، ويُراعون عهودَهم السابقة واللاحقة، أي مع الله، ومع عباده، فيُوفون بها ما استطاعوا، والمراد نية الوفاء، لا الوفاء بالفعل، فمَن عقد عهداً ونيته الوفاء، ثم منعته الأقدار، فهو وافٍ به. والذين هم بشهادتهم لأنوار الربوبية قائمون بالأدب معها. والذين هم على صلاتهم الواجبة يحافظون، شكراً وأدباً. أولئك في جنات المعارف، مُكرَمون في الدنيا والآخرة.


﴿ فمَن ابتغَى ﴾ أي : طلب منكحاً ﴿ وراءَ ذلك ﴾ غير الزوجات والمملوكات ﴿ فأولئك هم العادُون ﴾ ؛ المتعدُّون لحدود الله، المتجاوزون عن الحلال إلى الحرام. وهذه الآية تدل على حرمة المتعة ووطء الذكران والبهائم، والاستمناء بالكف، لكنه أخف من الزنا واللواط.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : طبعُ الإنسان من حيث هو : الجزع والهَلع، لخراب الباطن من النور، إلاّ أهل التوجه، وهم مَن مَنَّ اللهُ عليهم بصُحبة أهل الغنى بالله، وهم الذين ذكَرَ اللهُ بقوله :﴿ على صلاتهم دائمون ﴾ أي : صلاة القلوب، وهي دوام الحضور مع الحق، باستغراق أفكارهم في أسرار التوحيد، وهو مقام الفناء في الذات، فهم الذين تطهَّروا من الهلع لِما باشر قلوبَهم من صفاء اليقين، فمَن لم يبلغ هذا لا ينفك طبعه عن الهلع والطمع، ولو بلغ ما بلغ. قيل لبعضهم : هل للقلوب صلاة ؟ قال : نعم إذا سجد لا يرفع رأسه أبداً. هـ. أي : إذا واجهته أنوارُ المواجهة خضع لها على الدوام، ﴿ والذين في أموالهم ﴾ أي : فيما منحهم اللهُ من العلوم والأسرار، حق معلوم للسائل، وهو طالب الوصول، والمحروم، وهو طالب التبرُّك، لكثرة علائقه، أو : لضعف همته، أو : للسائل، وهو مَن دخل تحت تصرفهم، والمحروم : مَن لم يدخل في تربيتهم، فله حق، بإرشاده إلى ما يصلحه مما يقدر عليه وينفعه. والذين يُصدِّقون بيوم الدين، فيجعلونه نُصب أعينهم، فيجتهدون في الاستعداد له.
﴿ والذين هم من عذاب ربهم ﴾ وهو عذاب القطيعة ﴿ مُشفقون إنّ عذاب ربهم غير مأمون ﴾ ولو بلغ العبد من التمكين ما بلغ ؛ لأنَّ الله مُقَلِّب القلوب ولا يأمن مكرَ الله إلاَّ القوم الخاسرون. ﴿ والذين هم لفروجهم حافظون إلاّ على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ﴾ فإنهم ينزلون إلى القيام بحقهن بالإذن والتمكين، والرسوخ في اليقين، فمَن ابتغى وراء ذلك ؛ بأن قصد شهوة المتعة، فأولئك هم العادون، تجب عليهم التوبة، والذين هم لأماناتهم، وهي أنفاس عمرهم، وساعات أوقاتهم، أو : الأمانة التي عرضت على السموات والأرض والجبال، ﴿ وعهدهم ﴾ الذي أخذ عليهم في عالم الذر، وهو الإقرار بالربوبية، والقيام بوظائف العبودية، ﴿ راعون ﴾، فهم يراعون أنفاسهم وساعاتِهم، ويُحافظون عليها من التضييع، ويُراعون عهودَهم السابقة واللاحقة، أي مع الله، ومع عباده، فيُوفون بها ما استطاعوا، والمراد نية الوفاء، لا الوفاء بالفعل، فمَن عقد عهداً ونيته الوفاء، ثم منعته الأقدار، فهو وافٍ به. والذين هم بشهادتهم لأنوار الربوبية قائمون بالأدب معها. والذين هم على صلاتهم الواجبة يحافظون، شكراً وأدباً. أولئك في جنات المعارف، مُكرَمون في الدنيا والآخرة.

﴿ والذين هم لأماناتهِم ﴾ وهي تتناول أمانات الشرع، وهي التكاليف الشرعية، وأمانات العباد، ﴿ وعهدِهم ﴾ أي : عهودهم، ويدخل فيه عهود الخلق، والنذور والأيمان، ﴿ راعون ﴾ ؛ حافظون، غير خائنين، ولا ناقضين، وقيل : الأمانات : ما تدل عليه العقول، والعهد : ما أتى به الرسولُ.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : طبعُ الإنسان من حيث هو : الجزع والهَلع، لخراب الباطن من النور، إلاّ أهل التوجه، وهم مَن مَنَّ اللهُ عليهم بصُحبة أهل الغنى بالله، وهم الذين ذكَرَ اللهُ بقوله :﴿ على صلاتهم دائمون ﴾ أي : صلاة القلوب، وهي دوام الحضور مع الحق، باستغراق أفكارهم في أسرار التوحيد، وهو مقام الفناء في الذات، فهم الذين تطهَّروا من الهلع لِما باشر قلوبَهم من صفاء اليقين، فمَن لم يبلغ هذا لا ينفك طبعه عن الهلع والطمع، ولو بلغ ما بلغ. قيل لبعضهم : هل للقلوب صلاة ؟ قال : نعم إذا سجد لا يرفع رأسه أبداً. هـ. أي : إذا واجهته أنوارُ المواجهة خضع لها على الدوام، ﴿ والذين في أموالهم ﴾ أي : فيما منحهم اللهُ من العلوم والأسرار، حق معلوم للسائل، وهو طالب الوصول، والمحروم، وهو طالب التبرُّك، لكثرة علائقه، أو : لضعف همته، أو : للسائل، وهو مَن دخل تحت تصرفهم، والمحروم : مَن لم يدخل في تربيتهم، فله حق، بإرشاده إلى ما يصلحه مما يقدر عليه وينفعه. والذين يُصدِّقون بيوم الدين، فيجعلونه نُصب أعينهم، فيجتهدون في الاستعداد له.
﴿ والذين هم من عذاب ربهم ﴾ وهو عذاب القطيعة ﴿ مُشفقون إنّ عذاب ربهم غير مأمون ﴾ ولو بلغ العبد من التمكين ما بلغ ؛ لأنَّ الله مُقَلِّب القلوب ولا يأمن مكرَ الله إلاَّ القوم الخاسرون. ﴿ والذين هم لفروجهم حافظون إلاّ على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ﴾ فإنهم ينزلون إلى القيام بحقهن بالإذن والتمكين، والرسوخ في اليقين، فمَن ابتغى وراء ذلك ؛ بأن قصد شهوة المتعة، فأولئك هم العادون، تجب عليهم التوبة، والذين هم لأماناتهم، وهي أنفاس عمرهم، وساعات أوقاتهم، أو : الأمانة التي عرضت على السموات والأرض والجبال، ﴿ وعهدهم ﴾ الذي أخذ عليهم في عالم الذر، وهو الإقرار بالربوبية، والقيام بوظائف العبودية، ﴿ راعون ﴾، فهم يراعون أنفاسهم وساعاتِهم، ويُحافظون عليها من التضييع، ويُراعون عهودَهم السابقة واللاحقة، أي مع الله، ومع عباده، فيُوفون بها ما استطاعوا، والمراد نية الوفاء، لا الوفاء بالفعل، فمَن عقد عهداً ونيته الوفاء، ثم منعته الأقدار، فهو وافٍ به. والذين هم بشهادتهم لأنوار الربوبية قائمون بالأدب معها. والذين هم على صلاتهم الواجبة يحافظون، شكراً وأدباً. أولئك في جنات المعارف، مُكرَمون في الدنيا والآخرة.

﴿ والذين هم بشهادتهم قائمون ﴾ يقيمونها عند الحُكّام بالعدل، بلا ميل إلى قريب وشريف، ولا ترجيح للقوي على الضعيف، وإظهار للصلابة في الدين، وإحياء لحقوق المسلمين، وتخصيصها بالذكر مع اندراجها في الأمانات ؛ لإبانة فضلها.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : طبعُ الإنسان من حيث هو : الجزع والهَلع، لخراب الباطن من النور، إلاّ أهل التوجه، وهم مَن مَنَّ اللهُ عليهم بصُحبة أهل الغنى بالله، وهم الذين ذكَرَ اللهُ بقوله :﴿ على صلاتهم دائمون ﴾ أي : صلاة القلوب، وهي دوام الحضور مع الحق، باستغراق أفكارهم في أسرار التوحيد، وهو مقام الفناء في الذات، فهم الذين تطهَّروا من الهلع لِما باشر قلوبَهم من صفاء اليقين، فمَن لم يبلغ هذا لا ينفك طبعه عن الهلع والطمع، ولو بلغ ما بلغ. قيل لبعضهم : هل للقلوب صلاة ؟ قال : نعم إذا سجد لا يرفع رأسه أبداً. هـ. أي : إذا واجهته أنوارُ المواجهة خضع لها على الدوام، ﴿ والذين في أموالهم ﴾ أي : فيما منحهم اللهُ من العلوم والأسرار، حق معلوم للسائل، وهو طالب الوصول، والمحروم، وهو طالب التبرُّك، لكثرة علائقه، أو : لضعف همته، أو : للسائل، وهو مَن دخل تحت تصرفهم، والمحروم : مَن لم يدخل في تربيتهم، فله حق، بإرشاده إلى ما يصلحه مما يقدر عليه وينفعه. والذين يُصدِّقون بيوم الدين، فيجعلونه نُصب أعينهم، فيجتهدون في الاستعداد له.
﴿ والذين هم من عذاب ربهم ﴾ وهو عذاب القطيعة ﴿ مُشفقون إنّ عذاب ربهم غير مأمون ﴾ ولو بلغ العبد من التمكين ما بلغ ؛ لأنَّ الله مُقَلِّب القلوب ولا يأمن مكرَ الله إلاَّ القوم الخاسرون. ﴿ والذين هم لفروجهم حافظون إلاّ على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ﴾ فإنهم ينزلون إلى القيام بحقهن بالإذن والتمكين، والرسوخ في اليقين، فمَن ابتغى وراء ذلك ؛ بأن قصد شهوة المتعة، فأولئك هم العادون، تجب عليهم التوبة، والذين هم لأماناتهم، وهي أنفاس عمرهم، وساعات أوقاتهم، أو : الأمانة التي عرضت على السموات والأرض والجبال، ﴿ وعهدهم ﴾ الذي أخذ عليهم في عالم الذر، وهو الإقرار بالربوبية، والقيام بوظائف العبودية، ﴿ راعون ﴾، فهم يراعون أنفاسهم وساعاتِهم، ويُحافظون عليها من التضييع، ويُراعون عهودَهم السابقة واللاحقة، أي مع الله، ومع عباده، فيُوفون بها ما استطاعوا، والمراد نية الوفاء، لا الوفاء بالفعل، فمَن عقد عهداً ونيته الوفاء، ثم منعته الأقدار، فهو وافٍ به. والذين هم بشهادتهم لأنوار الربوبية قائمون بالأدب معها. والذين هم على صلاتهم الواجبة يحافظون، شكراً وأدباً. أولئك في جنات المعارف، مُكرَمون في الدنيا والآخرة.

﴿ والذين هم على صلاتهم يُحافظون ﴾ ؛ يُراعون شرائطها، ويُكملون فرائضها وسننها ومستحباتها، وكرر ذكرها لبيان أنها أهمّ، أو : لأن إحداهما للفرائض، والأخرى للنوافل. وقيل : الدوام عليها : الاستكثار مِن تكررها، والمحافظة عليها : ألاّ تضيع عن أوقاتها، أو : الدوام عليها : أداؤها في أوقاتها، والمحافظة عليها : إتقانها وحفظ القلب في حضورها، أو : المراد بالأولى : صلاة القلوب، وهي دوام الحضور مع الحق، وبالثانية : صلاة الجوارح. وتكرير الموصولات تنزيلٌ لاختلاف الصفات منزلةَ اختلاف الذوات، إيذاناً بأن كل واحد من الصفات المذكورة نعت جليل على حِياله له شأن خطير، حقيق بأن يفرد له موصوف مستقل، ولا يجعل شيء منها تتمة للآخر.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : طبعُ الإنسان من حيث هو : الجزع والهَلع، لخراب الباطن من النور، إلاّ أهل التوجه، وهم مَن مَنَّ اللهُ عليهم بصُحبة أهل الغنى بالله، وهم الذين ذكَرَ اللهُ بقوله :﴿ على صلاتهم دائمون ﴾ أي : صلاة القلوب، وهي دوام الحضور مع الحق، باستغراق أفكارهم في أسرار التوحيد، وهو مقام الفناء في الذات، فهم الذين تطهَّروا من الهلع لِما باشر قلوبَهم من صفاء اليقين، فمَن لم يبلغ هذا لا ينفك طبعه عن الهلع والطمع، ولو بلغ ما بلغ. قيل لبعضهم : هل للقلوب صلاة ؟ قال : نعم إذا سجد لا يرفع رأسه أبداً. هـ. أي : إذا واجهته أنوارُ المواجهة خضع لها على الدوام، ﴿ والذين في أموالهم ﴾ أي : فيما منحهم اللهُ من العلوم والأسرار، حق معلوم للسائل، وهو طالب الوصول، والمحروم، وهو طالب التبرُّك، لكثرة علائقه، أو : لضعف همته، أو : للسائل، وهو مَن دخل تحت تصرفهم، والمحروم : مَن لم يدخل في تربيتهم، فله حق، بإرشاده إلى ما يصلحه مما يقدر عليه وينفعه. والذين يُصدِّقون بيوم الدين، فيجعلونه نُصب أعينهم، فيجتهدون في الاستعداد له.
﴿ والذين هم من عذاب ربهم ﴾ وهو عذاب القطيعة ﴿ مُشفقون إنّ عذاب ربهم غير مأمون ﴾ ولو بلغ العبد من التمكين ما بلغ ؛ لأنَّ الله مُقَلِّب القلوب ولا يأمن مكرَ الله إلاَّ القوم الخاسرون. ﴿ والذين هم لفروجهم حافظون إلاّ على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ﴾ فإنهم ينزلون إلى القيام بحقهن بالإذن والتمكين، والرسوخ في اليقين، فمَن ابتغى وراء ذلك ؛ بأن قصد شهوة المتعة، فأولئك هم العادون، تجب عليهم التوبة، والذين هم لأماناتهم، وهي أنفاس عمرهم، وساعات أوقاتهم، أو : الأمانة التي عرضت على السموات والأرض والجبال، ﴿ وعهدهم ﴾ الذي أخذ عليهم في عالم الذر، وهو الإقرار بالربوبية، والقيام بوظائف العبودية، ﴿ راعون ﴾، فهم يراعون أنفاسهم وساعاتِهم، ويُحافظون عليها من التضييع، ويُراعون عهودَهم السابقة واللاحقة، أي مع الله، ومع عباده، فيُوفون بها ما استطاعوا، والمراد نية الوفاء، لا الوفاء بالفعل، فمَن عقد عهداً ونيته الوفاء، ثم منعته الأقدار، فهو وافٍ به. والذين هم بشهادتهم لأنوار الربوبية قائمون بالأدب معها. والذين هم على صلاتهم الواجبة يحافظون، شكراً وأدباً. أولئك في جنات المعارف، مُكرَمون في الدنيا والآخرة.

﴿ أولئك ﴾ أي : أصحاب هذه الصفات الجليلة. وما فيه من معنى البُعد مع قُرب العهد بالمُشار إليه للإيذان بعلو شأنهم وبُعد منزلتهم في الفضل، ﴿ في جناتٍ مُكرَمون ﴾ أي : مستقرُّون في جناتٍ لا يُقادَر قدرها، ولا يدرك كنهها، معظَّمون فيها، منعَّمون، وهما خبران للإشارة، أو :" في جنات " متعلق بمكرَمون.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : طبعُ الإنسان من حيث هو : الجزع والهَلع، لخراب الباطن من النور، إلاّ أهل التوجه، وهم مَن مَنَّ اللهُ عليهم بصُحبة أهل الغنى بالله، وهم الذين ذكَرَ اللهُ بقوله :﴿ على صلاتهم دائمون ﴾ أي : صلاة القلوب، وهي دوام الحضور مع الحق، باستغراق أفكارهم في أسرار التوحيد، وهو مقام الفناء في الذات، فهم الذين تطهَّروا من الهلع لِما باشر قلوبَهم من صفاء اليقين، فمَن لم يبلغ هذا لا ينفك طبعه عن الهلع والطمع، ولو بلغ ما بلغ. قيل لبعضهم : هل للقلوب صلاة ؟ قال : نعم إذا سجد لا يرفع رأسه أبداً. هـ. أي : إذا واجهته أنوارُ المواجهة خضع لها على الدوام، ﴿ والذين في أموالهم ﴾ أي : فيما منحهم اللهُ من العلوم والأسرار، حق معلوم للسائل، وهو طالب الوصول، والمحروم، وهو طالب التبرُّك، لكثرة علائقه، أو : لضعف همته، أو : للسائل، وهو مَن دخل تحت تصرفهم، والمحروم : مَن لم يدخل في تربيتهم، فله حق، بإرشاده إلى ما يصلحه مما يقدر عليه وينفعه. والذين يُصدِّقون بيوم الدين، فيجعلونه نُصب أعينهم، فيجتهدون في الاستعداد له.
﴿ والذين هم من عذاب ربهم ﴾ وهو عذاب القطيعة ﴿ مُشفقون إنّ عذاب ربهم غير مأمون ﴾ ولو بلغ العبد من التمكين ما بلغ ؛ لأنَّ الله مُقَلِّب القلوب ولا يأمن مكرَ الله إلاَّ القوم الخاسرون. ﴿ والذين هم لفروجهم حافظون إلاّ على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم ﴾ فإنهم ينزلون إلى القيام بحقهن بالإذن والتمكين، والرسوخ في اليقين، فمَن ابتغى وراء ذلك ؛ بأن قصد شهوة المتعة، فأولئك هم العادون، تجب عليهم التوبة، والذين هم لأماناتهم، وهي أنفاس عمرهم، وساعات أوقاتهم، أو : الأمانة التي عرضت على السموات والأرض والجبال، ﴿ وعهدهم ﴾ الذي أخذ عليهم في عالم الذر، وهو الإقرار بالربوبية، والقيام بوظائف العبودية، ﴿ راعون ﴾، فهم يراعون أنفاسهم وساعاتِهم، ويُحافظون عليها من التضييع، ويُراعون عهودَهم السابقة واللاحقة، أي مع الله، ومع عباده، فيُوفون بها ما استطاعوا، والمراد نية الوفاء، لا الوفاء بالفعل، فمَن عقد عهداً ونيته الوفاء، ثم منعته الأقدار، فهو وافٍ به. والذين هم بشهادتهم لأنوار الربوبية قائمون بالأدب معها. والذين هم على صلاتهم الواجبة يحافظون، شكراً وأدباً. أولئك في جنات المعارف، مُكرَمون في الدنيا والآخرة.

ثم ذكر من ليس أهلا للكرامة، لخلوه عن الخصال المتقدمة، بل هو أهل للإهانة، لاستهزائه وتكذيبه، فقال :
﴿ فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُواْ قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ ﴾*﴿ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ عِزِينَ ﴾*﴿ أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ أَن يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ ﴾*﴿ كَلاَّ إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّمَّا يَعْلَمُونَ ﴾*﴿ فَلاَ أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبِ إِنَّا لَقَادِرُونَ ﴾*﴿ عَلَى أَن نُّبَدِّلَ خَيْراً مِّنْهُمْ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ ﴾*﴿ فَذَرْهُمْ يَخُوضُواْ وَيَلْعَبُواْ حَتَّى يُلاَقُواْ يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ ﴾*﴿ يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ ﴾*﴿ خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُواْ يُوعَدُونَ ﴾.
يقول الحق جلّ جلاله :﴿ فَمَالِ الذين كفروا ﴾، وكُتب مفصولاً اتباعاً للمصحف، أي : أيُّ شيء حصل لهم حتى كانوا ﴿ قِبلك ﴾ أي : حولَك ﴿ مُهطِعينَ ﴾ مُسرعين، مادّين أعناقهم إليك، مقبلين بأبصارهم عليك.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : فما لأهل الإنكار والغفلة قِبَلك أيها الداعي مسرعين، يُحبون الخصوصية بلا مجاهدة، أيطمع كل امرئٍ منهم أن يُدخل جنةَ نعيم الأرواح، وهي جنة المعارف، كلاً، إنّا خلقناهم مما يعلمون من الطينة الأرضية، فلا يطمع أحدٌ في الخصوصية، حتى تستولي روحانيتُه على بشريته، ومعناه على حسه، وتخنس الطينية الطبيعية تحت أنوار الحقيقة القدسية. قال الورتجبي : امتنَّ اللهُ على أوليائه الصادقين أنه يبلغهم إلى جواره ؛ لأنهم خُلقوا من تربة الجنة، وخُلقت أرواحهم من نور الملكوت، وإلى مواضعها ترجع، وللقائه خَلَقَهم، ومن نوره أوجدهم، وإنَّ أهل الخذلان خُلقوا من عالم الشهواني والشيطاني، ومنبعُهما النار، فيدخلون مواضعهم ؛ لأنهم ليسوا من أهل جواره، ونحن لا ننظر إلى ما خلقنا منه من النطفة والطين، ولا نعتبر بهما، نحن نعتبر بالاصطفائية والخاصية في المعرفة، فإنَّ بهما نصل إلى جوار الله تعالى. هـ.
قلت : والتحقيق أنّ البشرية كلها من الطين، والروح كلها من النور الملكوتي، فمَن غلب منهما فالحُكم له، فإنْ غلبت الروحُ تنوّرت البشرية بأنوار الهداية، وأشرق الباطن بأسرار المعارف، وإن غلبت البشرية تظلّمت الروح، فتارة يبقى لها شعاع الإيمان، وهو مقام أهل اليمين، وتارة ينطمس عنها، وهو مقام الكفر، والعياذ بالله. وقوله : لأنهم خُلقوا من تربة الجنة، أي : من التربة التي رش عليها من ماء الجنة، حتى أضيفت إليها، وقد تقدّم عن القشيري. والله تعالى أعلم. ثم أقسم تعالى على أنه قادر على تبديل الأشباح فيبدل الخبيث إلى الطيب، وبالعكس، على حسب مشيئته، ثم قال : فذر أهل الغفلة يخوضوا في بواطنهم مع الخواطر، ويلعبوا في ظواهرهم في أمور دنياهم، حتى يُلاقوا ما يُوعدون، فيقع الندم حيث لا ينفع. وبالله التوفيق، وصلّى الله على سيدنا محمد، وآله.

﴿ عن اليمين وعن الشمال ﴾ أي : عن يمينك وشمالك ﴿ عِزينَ ﴾ ؛ متفرقين فرقاً شتّى. جمع : عِزَة، وأصلها : عِزوة، من العزو، فعُوِّضت التاء من الواو، كأنّ كل فرقة تُعزى إلى غير مَن تُعزى إليه الأخرى. والعزة : الفرقة القليلة، ثلاثة أو أربعة.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : فما لأهل الإنكار والغفلة قِبَلك أيها الداعي مسرعين، يُحبون الخصوصية بلا مجاهدة، أيطمع كل امرئٍ منهم أن يُدخل جنةَ نعيم الأرواح، وهي جنة المعارف، كلاً، إنّا خلقناهم مما يعلمون من الطينة الأرضية، فلا يطمع أحدٌ في الخصوصية، حتى تستولي روحانيتُه على بشريته، ومعناه على حسه، وتخنس الطينية الطبيعية تحت أنوار الحقيقة القدسية. قال الورتجبي : امتنَّ اللهُ على أوليائه الصادقين أنه يبلغهم إلى جواره ؛ لأنهم خُلقوا من تربة الجنة، وخُلقت أرواحهم من نور الملكوت، وإلى مواضعها ترجع، وللقائه خَلَقَهم، ومن نوره أوجدهم، وإنَّ أهل الخذلان خُلقوا من عالم الشهواني والشيطاني، ومنبعُهما النار، فيدخلون مواضعهم ؛ لأنهم ليسوا من أهل جواره، ونحن لا ننظر إلى ما خلقنا منه من النطفة والطين، ولا نعتبر بهما، نحن نعتبر بالاصطفائية والخاصية في المعرفة، فإنَّ بهما نصل إلى جوار الله تعالى. هـ.
قلت : والتحقيق أنّ البشرية كلها من الطين، والروح كلها من النور الملكوتي، فمَن غلب منهما فالحُكم له، فإنْ غلبت الروحُ تنوّرت البشرية بأنوار الهداية، وأشرق الباطن بأسرار المعارف، وإن غلبت البشرية تظلّمت الروح، فتارة يبقى لها شعاع الإيمان، وهو مقام أهل اليمين، وتارة ينطمس عنها، وهو مقام الكفر، والعياذ بالله. وقوله : لأنهم خُلقوا من تربة الجنة، أي : من التربة التي رش عليها من ماء الجنة، حتى أضيفت إليها، وقد تقدّم عن القشيري. والله تعالى أعلم. ثم أقسم تعالى على أنه قادر على تبديل الأشباح فيبدل الخبيث إلى الطيب، وبالعكس، على حسب مشيئته، ثم قال : فذر أهل الغفلة يخوضوا في بواطنهم مع الخواطر، ويلعبوا في ظواهرهم في أمور دنياهم، حتى يُلاقوا ما يُوعدون، فيقع الندم حيث لا ينفع. وبالله التوفيق، وصلّى الله على سيدنا محمد، وآله.

كان المشركون إذا رأوا رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يصلي في الكعبة يقومون من مجالسهم مسرعين إليه، ويُحلِّقون حوله حِلقاً حِلقاً، وفِرقاً فِرقاً، يستمعون ويستهزئون بكلامه صلى الله عليه وسلم ويقولون : شاعر، كاهن، مفتر، ثم يقولون : إن دخل هؤلاء الجنة كما يقول محمد، فلندخلنها قبلهم، فنزلت :﴿ أيَطْمَعُ كلُّ امرئٍ منهم أن يُدخَلَ جنةَ نعيم ﴾ بلا إيمان.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : فما لأهل الإنكار والغفلة قِبَلك أيها الداعي مسرعين، يُحبون الخصوصية بلا مجاهدة، أيطمع كل امرئٍ منهم أن يُدخل جنةَ نعيم الأرواح، وهي جنة المعارف، كلاً، إنّا خلقناهم مما يعلمون من الطينة الأرضية، فلا يطمع أحدٌ في الخصوصية، حتى تستولي روحانيتُه على بشريته، ومعناه على حسه، وتخنس الطينية الطبيعية تحت أنوار الحقيقة القدسية. قال الورتجبي : امتنَّ اللهُ على أوليائه الصادقين أنه يبلغهم إلى جواره ؛ لأنهم خُلقوا من تربة الجنة، وخُلقت أرواحهم من نور الملكوت، وإلى مواضعها ترجع، وللقائه خَلَقَهم، ومن نوره أوجدهم، وإنَّ أهل الخذلان خُلقوا من عالم الشهواني والشيطاني، ومنبعُهما النار، فيدخلون مواضعهم ؛ لأنهم ليسوا من أهل جواره، ونحن لا ننظر إلى ما خلقنا منه من النطفة والطين، ولا نعتبر بهما، نحن نعتبر بالاصطفائية والخاصية في المعرفة، فإنَّ بهما نصل إلى جوار الله تعالى. هـ.
قلت : والتحقيق أنّ البشرية كلها من الطين، والروح كلها من النور الملكوتي، فمَن غلب منهما فالحُكم له، فإنْ غلبت الروحُ تنوّرت البشرية بأنوار الهداية، وأشرق الباطن بأسرار المعارف، وإن غلبت البشرية تظلّمت الروح، فتارة يبقى لها شعاع الإيمان، وهو مقام أهل اليمين، وتارة ينطمس عنها، وهو مقام الكفر، والعياذ بالله. وقوله : لأنهم خُلقوا من تربة الجنة، أي : من التربة التي رش عليها من ماء الجنة، حتى أضيفت إليها، وقد تقدّم عن القشيري. والله تعالى أعلم. ثم أقسم تعالى على أنه قادر على تبديل الأشباح فيبدل الخبيث إلى الطيب، وبالعكس، على حسب مشيئته، ثم قال : فذر أهل الغفلة يخوضوا في بواطنهم مع الخواطر، ويلعبوا في ظواهرهم في أمور دنياهم، حتى يُلاقوا ما يُوعدون، فيقع الندم حيث لا ينفع. وبالله التوفيق، وصلّى الله على سيدنا محمد، وآله.

﴿ كلاَّ ﴾، ردع لهم عن ذلك الطمع الفارغ، وهو دخولهم الجنة بلا إيمان. ﴿ إِنَّا خلقناهم مما يعلمون ﴾، تعليل للردع، أي : إنَّا خلقناهم من نطفةٍ مَذِرة، فلا يستأهل الكرامة إلاَّ مَن تحلّى بالإيمان والطاعة، وكسا لوث بشريته بنور إيمانه، وحلّها بالتقوى، التي بها العز والشرف والارتفاع في أوج القُربى والكرامة التي محلها الجنة، إنما تكون بمخالفة الطبيعة، وغلبة الروح على الطينة الأرضية، والفرض لعدم ذلك منهم، فلا يطمعون في كرامات الروحانية، مع تمحُّض الطينة الجسمانية، فإنه محال بمقتضى الحكمة. قال أبو السعود : وقيل معناه : إنّا خلقناهم من نطفة مذرة، فمن أين يتشرّفون ويدّعون التقدُّم، ويقولون : لَندخلن الجنةّ قبلهم ؟ والفرض أنهم مخلوقون من نطفة قذرة، لا تُناسب عالم القدس، فمَن لم يستكمل الإيمان والطاعة، ولم يتخلّق بأخلاق الملائكة، لم يتأهّل لدخولها. ثم قال : ولا يخفى ما في الكل من التمحُّل، والأقرب : أنه كلام مستأنف، سيق تمهيداً لِما بعده مِن بيان قدرته تعالى، على أن يهلكهم، لكفرهم بالبعث والجزاء، واستهزائهم برسول الله صلى الله عليه وسلم، وبما نزل عليه من الوحي، وادعائهم دخول الجنة بطريقة السخرية، وينشئ بدلهم قوماً آخرين.
فإنَّ قدرته على ما يعلمون من النشأة الأولى حجة بيِّنة على قدرته تعالى على ذلك، كما يُفصح عنه الفاء الفصيحة في قوله تعالى :﴿ فلا أُقسم بربِّ المشارِق والمغاربِ ﴾،
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : فما لأهل الإنكار والغفلة قِبَلك أيها الداعي مسرعين، يُحبون الخصوصية بلا مجاهدة، أيطمع كل امرئٍ منهم أن يُدخل جنةَ نعيم الأرواح، وهي جنة المعارف، كلاً، إنّا خلقناهم مما يعلمون من الطينة الأرضية، فلا يطمع أحدٌ في الخصوصية، حتى تستولي روحانيتُه على بشريته، ومعناه على حسه، وتخنس الطينية الطبيعية تحت أنوار الحقيقة القدسية. قال الورتجبي : امتنَّ اللهُ على أوليائه الصادقين أنه يبلغهم إلى جواره ؛ لأنهم خُلقوا من تربة الجنة، وخُلقت أرواحهم من نور الملكوت، وإلى مواضعها ترجع، وللقائه خَلَقَهم، ومن نوره أوجدهم، وإنَّ أهل الخذلان خُلقوا من عالم الشهواني والشيطاني، ومنبعُهما النار، فيدخلون مواضعهم ؛ لأنهم ليسوا من أهل جواره، ونحن لا ننظر إلى ما خلقنا منه من النطفة والطين، ولا نعتبر بهما، نحن نعتبر بالاصطفائية والخاصية في المعرفة، فإنَّ بهما نصل إلى جوار الله تعالى. هـ.
قلت : والتحقيق أنّ البشرية كلها من الطين، والروح كلها من النور الملكوتي، فمَن غلب منهما فالحُكم له، فإنْ غلبت الروحُ تنوّرت البشرية بأنوار الهداية، وأشرق الباطن بأسرار المعارف، وإن غلبت البشرية تظلّمت الروح، فتارة يبقى لها شعاع الإيمان، وهو مقام أهل اليمين، وتارة ينطمس عنها، وهو مقام الكفر، والعياذ بالله. وقوله : لأنهم خُلقوا من تربة الجنة، أي : من التربة التي رش عليها من ماء الجنة، حتى أضيفت إليها، وقد تقدّم عن القشيري. والله تعالى أعلم. ثم أقسم تعالى على أنه قادر على تبديل الأشباح فيبدل الخبيث إلى الطيب، وبالعكس، على حسب مشيئته، ثم قال : فذر أهل الغفلة يخوضوا في بواطنهم مع الخواطر، ويلعبوا في ظواهرهم في أمور دنياهم، حتى يُلاقوا ما يُوعدون، فيقع الندم حيث لا ينفع. وبالله التوفيق، وصلّى الله على سيدنا محمد، وآله.

فإنَّ قدرته على ما يعلمون من النشأة الأولى حجة بيِّنة على قدرته تعالى على ذلك، كما يُفصح عنه الفاء الفصيحة في قوله تعالى :﴿ فلا أُقسم بربِّ المشارِق والمغاربِ ﴾،
والمعنى : إذا كان الأمر كما ذكرنا من أنّا خلقناهم مما يعلمون فأُقسم برب المشارق والمغارب
﴿ إِنَّا لقادِرون على أن نُبدِّل خيراً منهم ﴾ أي : نُهلكهم بالمرة،
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : فما لأهل الإنكار والغفلة قِبَلك أيها الداعي مسرعين، يُحبون الخصوصية بلا مجاهدة، أيطمع كل امرئٍ منهم أن يُدخل جنةَ نعيم الأرواح، وهي جنة المعارف، كلاً، إنّا خلقناهم مما يعلمون من الطينة الأرضية، فلا يطمع أحدٌ في الخصوصية، حتى تستولي روحانيتُه على بشريته، ومعناه على حسه، وتخنس الطينية الطبيعية تحت أنوار الحقيقة القدسية. قال الورتجبي : امتنَّ اللهُ على أوليائه الصادقين أنه يبلغهم إلى جواره ؛ لأنهم خُلقوا من تربة الجنة، وخُلقت أرواحهم من نور الملكوت، وإلى مواضعها ترجع، وللقائه خَلَقَهم، ومن نوره أوجدهم، وإنَّ أهل الخذلان خُلقوا من عالم الشهواني والشيطاني، ومنبعُهما النار، فيدخلون مواضعهم ؛ لأنهم ليسوا من أهل جواره، ونحن لا ننظر إلى ما خلقنا منه من النطفة والطين، ولا نعتبر بهما، نحن نعتبر بالاصطفائية والخاصية في المعرفة، فإنَّ بهما نصل إلى جوار الله تعالى. هـ.
قلت : والتحقيق أنّ البشرية كلها من الطين، والروح كلها من النور الملكوتي، فمَن غلب منهما فالحُكم له، فإنْ غلبت الروحُ تنوّرت البشرية بأنوار الهداية، وأشرق الباطن بأسرار المعارف، وإن غلبت البشرية تظلّمت الروح، فتارة يبقى لها شعاع الإيمان، وهو مقام أهل اليمين، وتارة ينطمس عنها، وهو مقام الكفر، والعياذ بالله. وقوله : لأنهم خُلقوا من تربة الجنة، أي : من التربة التي رش عليها من ماء الجنة، حتى أضيفت إليها، وقد تقدّم عن القشيري. والله تعالى أعلم. ثم أقسم تعالى على أنه قادر على تبديل الأشباح فيبدل الخبيث إلى الطيب، وبالعكس، على حسب مشيئته، ثم قال : فذر أهل الغفلة يخوضوا في بواطنهم مع الخواطر، ويلعبوا في ظواهرهم في أمور دنياهم، حتى يُلاقوا ما يُوعدون، فيقع الندم حيث لا ينفع. وبالله التوفيق، وصلّى الله على سيدنا محمد، وآله.

﴿ إِنَّا لقادِرون على أن نُبدِّل خيراً منهم ﴾ أي : نُهلكهم بالمرة،
حسبما تقتضيه جنايتهم، ونأتي بدلهم بخلقٍ آخرين ليسوا على صفتهم. ه. ﴿ وما نحن بمسبوقين ﴾ ؛ بعاجزين، أو بمغلوبين إن أردنا ذلك، لكن مشيئتَنا المبنية على الحِكمة البالغة اقتضت تأخير عقوبتهم.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : فما لأهل الإنكار والغفلة قِبَلك أيها الداعي مسرعين، يُحبون الخصوصية بلا مجاهدة، أيطمع كل امرئٍ منهم أن يُدخل جنةَ نعيم الأرواح، وهي جنة المعارف، كلاً، إنّا خلقناهم مما يعلمون من الطينة الأرضية، فلا يطمع أحدٌ في الخصوصية، حتى تستولي روحانيتُه على بشريته، ومعناه على حسه، وتخنس الطينية الطبيعية تحت أنوار الحقيقة القدسية. قال الورتجبي : امتنَّ اللهُ على أوليائه الصادقين أنه يبلغهم إلى جواره ؛ لأنهم خُلقوا من تربة الجنة، وخُلقت أرواحهم من نور الملكوت، وإلى مواضعها ترجع، وللقائه خَلَقَهم، ومن نوره أوجدهم، وإنَّ أهل الخذلان خُلقوا من عالم الشهواني والشيطاني، ومنبعُهما النار، فيدخلون مواضعهم ؛ لأنهم ليسوا من أهل جواره، ونحن لا ننظر إلى ما خلقنا منه من النطفة والطين، ولا نعتبر بهما، نحن نعتبر بالاصطفائية والخاصية في المعرفة، فإنَّ بهما نصل إلى جوار الله تعالى. هـ.
قلت : والتحقيق أنّ البشرية كلها من الطين، والروح كلها من النور الملكوتي، فمَن غلب منهما فالحُكم له، فإنْ غلبت الروحُ تنوّرت البشرية بأنوار الهداية، وأشرق الباطن بأسرار المعارف، وإن غلبت البشرية تظلّمت الروح، فتارة يبقى لها شعاع الإيمان، وهو مقام أهل اليمين، وتارة ينطمس عنها، وهو مقام الكفر، والعياذ بالله. وقوله : لأنهم خُلقوا من تربة الجنة، أي : من التربة التي رش عليها من ماء الجنة، حتى أضيفت إليها، وقد تقدّم عن القشيري. والله تعالى أعلم. ثم أقسم تعالى على أنه قادر على تبديل الأشباح فيبدل الخبيث إلى الطيب، وبالعكس، على حسب مشيئته، ثم قال : فذر أهل الغفلة يخوضوا في بواطنهم مع الخواطر، ويلعبوا في ظواهرهم في أمور دنياهم، حتى يُلاقوا ما يُوعدون، فيقع الندم حيث لا ينفع. وبالله التوفيق، وصلّى الله على سيدنا محمد، وآله.

﴿ فَذَرْهم ﴾ ؛ فدع المكذِّبين ﴿ يخوضوا ﴾ في باطلهم، التي من جملتها ما حكي عنهم، ﴿ ويلعبوا ﴾ في دنياهم ﴿ حتى يُلاقوا يومَهم الذي يوعدون ﴾، وهو يوم البعث عند النفخة الثانية، يدل عليه قوله تعالى :﴿ يوم يَخرجون من الأجدَاثِ ﴾.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : فما لأهل الإنكار والغفلة قِبَلك أيها الداعي مسرعين، يُحبون الخصوصية بلا مجاهدة، أيطمع كل امرئٍ منهم أن يُدخل جنةَ نعيم الأرواح، وهي جنة المعارف، كلاً، إنّا خلقناهم مما يعلمون من الطينة الأرضية، فلا يطمع أحدٌ في الخصوصية، حتى تستولي روحانيتُه على بشريته، ومعناه على حسه، وتخنس الطينية الطبيعية تحت أنوار الحقيقة القدسية. قال الورتجبي : امتنَّ اللهُ على أوليائه الصادقين أنه يبلغهم إلى جواره ؛ لأنهم خُلقوا من تربة الجنة، وخُلقت أرواحهم من نور الملكوت، وإلى مواضعها ترجع، وللقائه خَلَقَهم، ومن نوره أوجدهم، وإنَّ أهل الخذلان خُلقوا من عالم الشهواني والشيطاني، ومنبعُهما النار، فيدخلون مواضعهم ؛ لأنهم ليسوا من أهل جواره، ونحن لا ننظر إلى ما خلقنا منه من النطفة والطين، ولا نعتبر بهما، نحن نعتبر بالاصطفائية والخاصية في المعرفة، فإنَّ بهما نصل إلى جوار الله تعالى. هـ.
قلت : والتحقيق أنّ البشرية كلها من الطين، والروح كلها من النور الملكوتي، فمَن غلب منهما فالحُكم له، فإنْ غلبت الروحُ تنوّرت البشرية بأنوار الهداية، وأشرق الباطن بأسرار المعارف، وإن غلبت البشرية تظلّمت الروح، فتارة يبقى لها شعاع الإيمان، وهو مقام أهل اليمين، وتارة ينطمس عنها، وهو مقام الكفر، والعياذ بالله. وقوله : لأنهم خُلقوا من تربة الجنة، أي : من التربة التي رش عليها من ماء الجنة، حتى أضيفت إليها، وقد تقدّم عن القشيري. والله تعالى أعلم. ثم أقسم تعالى على أنه قادر على تبديل الأشباح فيبدل الخبيث إلى الطيب، وبالعكس، على حسب مشيئته، ثم قال : فذر أهل الغفلة يخوضوا في بواطنهم مع الخواطر، ويلعبوا في ظواهرهم في أمور دنياهم، حتى يُلاقوا ما يُوعدون، فيقع الندم حيث لا ينفع. وبالله التوفيق، وصلّى الله على سيدنا محمد، وآله.

القبور ﴿ سِراعاً ﴾ ؛ جمع سريع، وهو حال من ضمير " يَخرجون " أي : مسرعين إلى الداعي ﴿ كأنهم إِلى نُصُبٍ ﴾، وهو كل ما نُصب وعُبد من دون الله، وفيه السكون والفتح. ﴿ يُوفضون ﴾ ؛ يُسرعون.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : فما لأهل الإنكار والغفلة قِبَلك أيها الداعي مسرعين، يُحبون الخصوصية بلا مجاهدة، أيطمع كل امرئٍ منهم أن يُدخل جنةَ نعيم الأرواح، وهي جنة المعارف، كلاً، إنّا خلقناهم مما يعلمون من الطينة الأرضية، فلا يطمع أحدٌ في الخصوصية، حتى تستولي روحانيتُه على بشريته، ومعناه على حسه، وتخنس الطينية الطبيعية تحت أنوار الحقيقة القدسية. قال الورتجبي : امتنَّ اللهُ على أوليائه الصادقين أنه يبلغهم إلى جواره ؛ لأنهم خُلقوا من تربة الجنة، وخُلقت أرواحهم من نور الملكوت، وإلى مواضعها ترجع، وللقائه خَلَقَهم، ومن نوره أوجدهم، وإنَّ أهل الخذلان خُلقوا من عالم الشهواني والشيطاني، ومنبعُهما النار، فيدخلون مواضعهم ؛ لأنهم ليسوا من أهل جواره، ونحن لا ننظر إلى ما خلقنا منه من النطفة والطين، ولا نعتبر بهما، نحن نعتبر بالاصطفائية والخاصية في المعرفة، فإنَّ بهما نصل إلى جوار الله تعالى. هـ.
قلت : والتحقيق أنّ البشرية كلها من الطين، والروح كلها من النور الملكوتي، فمَن غلب منهما فالحُكم له، فإنْ غلبت الروحُ تنوّرت البشرية بأنوار الهداية، وأشرق الباطن بأسرار المعارف، وإن غلبت البشرية تظلّمت الروح، فتارة يبقى لها شعاع الإيمان، وهو مقام أهل اليمين، وتارة ينطمس عنها، وهو مقام الكفر، والعياذ بالله. وقوله : لأنهم خُلقوا من تربة الجنة، أي : من التربة التي رش عليها من ماء الجنة، حتى أضيفت إليها، وقد تقدّم عن القشيري. والله تعالى أعلم. ثم أقسم تعالى على أنه قادر على تبديل الأشباح فيبدل الخبيث إلى الطيب، وبالعكس، على حسب مشيئته، ثم قال : فذر أهل الغفلة يخوضوا في بواطنهم مع الخواطر، ويلعبوا في ظواهرهم في أمور دنياهم، حتى يُلاقوا ما يُوعدون، فيقع الندم حيث لا ينفع. وبالله التوفيق، وصلّى الله على سيدنا محمد، وآله.

﴿ خاشعةً أبصارُهم ﴾، ذليلة، لا يرفعونها خوفاً وذِلة، ﴿ ترهقهم ذِلةٌ ﴾ : يغشاهم هوان شديد، ﴿ ذلك ﴾ أي : الذي ذكر ما سيقع فيه من الأحوال الهائلة هو ﴿ اليومُ الذي كانوا يُوعَدون ﴾ في الدنيا، وهم يكذّبون به.
جزء ذو علاقة من تفسير الآية السابقة:الإشارة : فما لأهل الإنكار والغفلة قِبَلك أيها الداعي مسرعين، يُحبون الخصوصية بلا مجاهدة، أيطمع كل امرئٍ منهم أن يُدخل جنةَ نعيم الأرواح، وهي جنة المعارف، كلاً، إنّا خلقناهم مما يعلمون من الطينة الأرضية، فلا يطمع أحدٌ في الخصوصية، حتى تستولي روحانيتُه على بشريته، ومعناه على حسه، وتخنس الطينية الطبيعية تحت أنوار الحقيقة القدسية. قال الورتجبي : امتنَّ اللهُ على أوليائه الصادقين أنه يبلغهم إلى جواره ؛ لأنهم خُلقوا من تربة الجنة، وخُلقت أرواحهم من نور الملكوت، وإلى مواضعها ترجع، وللقائه خَلَقَهم، ومن نوره أوجدهم، وإنَّ أهل الخذلان خُلقوا من عالم الشهواني والشيطاني، ومنبعُهما النار، فيدخلون مواضعهم ؛ لأنهم ليسوا من أهل جواره، ونحن لا ننظر إلى ما خلقنا منه من النطفة والطين، ولا نعتبر بهما، نحن نعتبر بالاصطفائية والخاصية في المعرفة، فإنَّ بهما نصل إلى جوار الله تعالى. هـ.
قلت : والتحقيق أنّ البشرية كلها من الطين، والروح كلها من النور الملكوتي، فمَن غلب منهما فالحُكم له، فإنْ غلبت الروحُ تنوّرت البشرية بأنوار الهداية، وأشرق الباطن بأسرار المعارف، وإن غلبت البشرية تظلّمت الروح، فتارة يبقى لها شعاع الإيمان، وهو مقام أهل اليمين، وتارة ينطمس عنها، وهو مقام الكفر، والعياذ بالله. وقوله : لأنهم خُلقوا من تربة الجنة، أي : من التربة التي رش عليها من ماء الجنة، حتى أضيفت إليها، وقد تقدّم عن القشيري. والله تعالى أعلم. ثم أقسم تعالى على أنه قادر على تبديل الأشباح فيبدل الخبيث إلى الطيب، وبالعكس، على حسب مشيئته، ثم قال : فذر أهل الغفلة يخوضوا في بواطنهم مع الخواطر، ويلعبوا في ظواهرهم في أمور دنياهم، حتى يُلاقوا ما يُوعدون، فيقع الندم حيث لا ينفع. وبالله التوفيق، وصلّى الله على سيدنا محمد، وآله.

Icon