مدنية وآيها إحدى عشرة.
روى مسلم ١ في ( صحيحه ) عن ابن عباس رضي الله عنهما :" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين ".
ﰡ
بسم الله الرّحمن الرّحيم
سورة الجمعةمدنية. وآيها إحدى عشرة.
روى مسلم «١» في صحيحه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ كان يقرأ في صلاة الجمعة بسورة الجمعة والمنافقين
. القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الجمعة (٦٢) : الآيات ١ الى ٢]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ (١) هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢)يُسَبِّحُ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ أي: العرب رَسُولًا مِنْهُمْ أي من أنفسهم، أميّا مثلهم، يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ أي: مع كونه أميّا مثلهم لم تعهد منه قراءة ولا تعلم، وَيُزَكِّيهِمْ أي: من خبائث العقائد والأخلاق، وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ أي: القرآن والسنة وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ أي: جور عن الحق، وانحراف عن سبيل الرشد.
وهو بيان لشدة افتقارهم إلى نبيّ يرشدهم.
قال ابن كثير: فبعثه الله سبحانه وتعالى على حين فترة من الرسل، وطموس من السبل، وقد اشتدت الحاجة إليه، وذلك أن العرب كانوا قديما متمسكين بدين إبراهيم عليه السلام فبدّلوه وغيروه، واستبدلوا بالتوحيد شركا، وباليقين شكّا، وابتدعوا، أشياء لم يأذن بها الله. وكذلك أهل الكتاب، قد بدلوا كتبهم وحرفوها
وإنما أوثرت بعثته صلوات الله عليه في الأميين، لأنهم أحدّ الناس أذهانا، وأقواهم جنانا، وأصفاهم فطرة، وأفصحهم بيانا، لم تفسد فطرتهم بغواشي المتحضرين، ولا بأفانين تلاعب أولئك المتمدنين، ولذا انقلبوا إلى الناس بعد الإسلام بعلم عظيم، وحكمة باهرة، وسياسة عادلة، قادوا بها معظم الأمم، ودوخوا بها أعظم الممالك. وإيثار البعثة فيهم- بمعنى إظهارها فيهم- لا ينافي عموم الرسالة، كما قال سبحانه: قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً [الأعراف: ١٥٨].
وقوله: لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ [الأنعام: ١٩]. وهو ظاهر. وقوله:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الجمعة (٦٢) : آية ٣]
وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٣)
وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ معطوف على (الأميين).
يعني: أنه بعثه في الأميين الذين على عهده، وفي آخرين من الأميين لم يلحقوا بهم بعد، وسيلحقون بهم، وهم الذين بعد الصحابة رضي الله عنهم، من كل من دخل في الإسلام إلى يوم القيامة، كما فسره مجاهد وغيره، واختاره ابن جرير.
قال الرازي: فالمراد بالأميين العرب، وبالآخرين سواهم من الأمم، وجعلهم منهم، لأنهم إذا أسلموا صاروا منهم، فالمسلمون كلهم أمة واحدة، وإن اختلفت أجناسهم، قال تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِناتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ [التوبة: ٧١]، انتهى.
تنبيه:
قال بعض المحققين: في الآية معجزة من معجزات النبوة، وذلك في الإخبار عن غيب وقع، والبشارة بدخول أمم غير العرب في الإسلام قد حصل، فقد صارت تلك الأمم التي أسلمت، من العرب لأن بلادهم صارت بلاد العرب، ولغتهم لغة العرب، وكذلك دينهم وعاداتهم، حتى أصبحوا من العرب جنسا ودينا ولغة، وحتى
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الجمعة (٦٢) : آية ٤]
ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (٤)
ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ يعني بعثته تعالى رسولا في الأميين، وفي آخرين، فضله تفضل به على من اصطفاه واختاره لذلك، وهو أعلم حيث يجعل رسالته، والآيات هذه رد على من أنكر نبوته ﷺ من يهود المدينة.
حسدا وعنادا، مع أن لديهم من شواهد رسالته ما لا ترتاب أفئدتهم بصدقها، ولذا نعى عليهم مخالفتهم لموجب علمهم، بقوله سبحانه:
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الجمعة (٦٢) : آية ٥]
مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥)
مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً قال الزمخشري: شبه اليهود في أنهم حملة التوراة وقراؤها، وحفاظ ما فيها، ثم إنهم غير عاملين بها، ولا منتفعين بآياتها. وذلك أن فيها نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، والبشارة به، ولم يؤمنوا به- بالحمار حمل أسفارا، أي: كتبا كبارا من كتب العلم، فهو يمشي بها ولا يدري منها إلا ما يمرّ بجنبيه وظهر من الكد والتعب، وكل من علم ولم يعمل، فهذا مثله، وبئس المثل! بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وهم اليهود الذين كذبوا بآيات الله، الدالة على صحة نبوّة محمد صلى الله عليه وسلم. ومعنى حُمِّلُوا التَّوْراةَ كلفوا علمها، والعمل بها، ثم لم يحملوها، ثم لم يعملوا بها، فكأنهم لم يحملوها في الحقيقة لفقد العمل. انتهى.
قال الإمام ابن القيّم في (أعلام الموقعين) : قاس من حمّله سبحانه كتابه ليؤمن به ويتدبّره ويعمل به ويدعو إليه، ثم خالف ذلك، ولم يحمله إلا على ظهر قلب، فقراءته بغير تدبّر ولا تفهّم ولا اتباع له، ولا تحكيم له، وعمل بموجبه- كحمار على ظهره زاملة أسفار، لا يدري ما فيها، وحظه منها حملها على ظهره ليس إلّا.
فحظه من كتاب الله كحظ هذا الحمار من الكتب التي على ظهره، فهذا المثل، وإن كان قد ضرب لليهود، فهو متناول من حيث المعنى، لمن حمل القرآن، فترك العمل به، ولم يؤدّ حقه، ولم يرعه حق رعايته. انتهى.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الجمعة (٦٢) : آية ٦]
قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (٦)
قُلْ يا أَيُّهَا الَّذِينَ هادُوا إِنْ زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِياءُ لِلَّهِ مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ كان اليهود يقولون: نحن أبناء الله وأحبّاؤه، فقيل لهم: إن كنتم صادقين في زعمكم، وعلى ثقة من أمركم، فتمنوا على الله أن يميتكم، وينقلكم سريعا إلى الآخرة، فإن الحبيب يتمنى لقاء من يحب، ولا يفرّ منه، ويود أن يستريح من كرب الدنيا وغمومها، ويصير إلى روح الجنان ونعيمها.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الجمعة (٦٢) : الآيات ٧ الى ٨]
وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (٧) قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٨)
وَلا يَتَمَنَّوْنَهُ أَبَداً بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ أي من المعاصي والسيئات والكفر وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ أي فيجازيهم على أعمالهم، وتقدم في البقرة نظير الآية قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ...
[البقرة: ٩٤]. قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ أي تخافون أن تتمنوه بلسانكم، مخافة أن يصيبكم، فتؤخذوا بأعمالكم فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ أي من الأعمال، حسنها وسيئها، فيجازيكم عليها.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الجمعة (٦٢) : الآيات ٩ الى ١٠]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٩) فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (١٠)
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ أي عند جلوس الإمام على المنبر، لأنه لم كن في عهد رسول الله ﷺ نداء سواه. كان إذا جلس على المنبر،
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الجمعة (٦٢) : آية ١١]
وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً قُلْ ما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (١١)
وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أي عير تجارة أَوْ لَهْواً أي ما تلهو به النفس عن الحق والجد والنافع انْفَضُّوا إِلَيْها أي أسرعوا إلى التجارة خشية أن يسبقوا إليها، وإنما أوثر ضميرها لأنها الأهم المقصود وَتَرَكُوكَ قائِماً أي على المنبر قُلْ ما عِنْدَ اللَّهِ أي من الثواب المرجوّ بسماع الخطبة والعظة بها خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ أي لأن الثواب مخلد نفعه، بخلاف ما يتوهمونه منها.
قال الشهاب: وتقديم (اللهو) لأنه أقوى مذمة، فناسب تقديمه في مقام الذم.
وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ أي: فاعملوا للأعراض الباقية عنده، فإنها خير من الأمور الفانية عندكم، وفوضوا أمر الرزق إليه بالتوكل، والثقة بفضله. فإنه خير الرازقين.
تنبيهات:
الأول- قال الرازي: وجه تعلق آية الجمعة بما قبلها، هو أن الذين هادوا يفرون من الموت لمتاع الدنيا وطيباتها، والذين آمنوا يبيعون ويشرون لمتاع الدنيا وطيباتها كذلك. فنبههم الله تعالى بقوله: فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ أي إلى ما ينفعكم في الآخرة، وهو حضور الجمعة، لأن الدنيا ومتاعها فانية، والآخرة وما فيها باقية. قال تعالى: وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى [الأعلى: ١٧]. ووجه آخر في التعلق. قال بعضهم:
قد أبطل الله قول اليهود في ثلاث: افتخروا بأنهم أولياء الله وأحباؤه فكذبهم بقوله:
فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ [البقرة: ٩٤]. وبأنهم أهل الكتاب، والعرب لا
فشرع الله لهم الجمعة. انتهى.
وقال المهايمي في وجه المناسبة: بيّن تعالى أن مقتضى الإيمان الاجتماع على الخير، لا سيما الشكر على الإنسانية، لئلا تنقلب حمارية أو بهيمية، في مقابلة اجتماع أهل الكتاب على الشر، الذي جرهم إلى الحمارية والبهيمية.
الثاني- قال السيوطي في (الإكليل) : في قوله تعالى: إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ مشروعية صلاة الجمعة، والأذان لها والسعي إليها، وتحريم البيع بعد الأذان. واستدل بالآية من قال إنما يجب إتيان الجمعة على من كان يسمع فيه النداء. ، ومن قال لا يحتاج إلى إذن السلطان، لأنه تعالى أوجب السعي، ولم يشترط إذن أحد. ومن قال لا تجب على النساء لعدم دخولهن في خطاب الذكور، انتهى.
الثالث- في (الإكليل) : في قوله تعالى: فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ إباحة الانتشار عقب الصلاة، فيستفاد منه تقديم الخطبة عليها. انتهى.
وظاهره أنه لا يشرع بعد أدائها صلاة ما. غير أنه كان ﷺ يتنفل بعدها في بيته ركعتين، وفي رواية أربعا. وأما اعتقاد فرضية الظهر بعدها إذا تعددت، فتعصب مذهبي لا برهان له. وقد قلت في مقدمة مجموعة الخطب، في الفائدة الرابعة، ما مثاله:
الحاجة في هذه البلاد في هذه الأوقات، تدعو إلى أكثر من جمعة، إذ ليس للناس جامع واحد يسعهم، ولا يمكنهم جمعة واحدة أصلا. إلا أن خروجها إلى حد أن لا فرق بينها وبين بقية الصلوات في كثير من المساجد الصغيرة التي لم تشيد لمثلها، قد هول فيه السبكي في فتاويه، لأنه مما تأباه مشروعيتها، وما مضى عليه عمل القرون الثلاثة، بل تسميتها جمعة، فإن صيغة (فعلة) في اللغة للمبالغة.
وبالجملة فالجوامع الكبار التي تؤمها الأفواج يوم الجمعة ويحتاج لإقامتها فيها حاجة بينة لمجاوريها، هي التي لا خلاف في جوازها مهما تعددت، والتي لا تعاد الظهر بعدها، وقد بسطناه في كتابنا (إصلاح المساجد من البدع والعوائد).
الرابع- يدل قوله تعالى: وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ على عدم مشروعية تعطيل يوم الجمعة، ففيه تعريض بمجانبة التشبه بأهل الكتاب في تعطيل يومي السبت والأحد، وردّ على ما ابتدع فيه من الوظائف ما يدعو إلى الانقطاع عن كل عمل.
الخامس- قال في (الإكليل) : في قوله تعالى: وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْها وَتَرَكُوكَ قائِماً مشروعية الخطبة، والقيام فيها، واشتراط الجماعة في الصلاة، وسماعهم الخطبة، وتحريم الانفضاض، انتهى.
وفي الصحيحين «١» عن جابر قال: قدمت عير مرة المدينة، ورسول الله ﷺ يخطب، فخرج الناس. وبقي اثنا عشر رجلا. فنزلت وَإِذا رَأَوْا... الآية.
وروى ابن جرير عن جابر قال: كان الجواري إذا نكحوا يمرون بالكبر والمزامير، ويتركون النبيّ ﷺ قائما على المنبر، وينفضون إليها، فأنزل الله وَإِذا رَأَوْا.. الآية.
وعن مجاهد: اللهو الطبل.
وأخرجه مسلم في: الجمعة، حديث رقم ٣٦.