بسم الله الرحمن الرحيم
٩٩- سورة الزلزلةقال ابن كثير : مكية، ورجح السيوطي أنها مدنية، وآيها ثمان.
روى الترمذي١ عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ( إذا زلزلت ) تعدل نصف القرآن، و ( قل هو الله احد ) تعدل ثلث القرآن، و( قل يا أيها الكافرون ) تعدل ربع القرآن " وسيأتي سر ذلك في تفسير سورة الكافرين والإخلاص إن شاء الله تعالى.
ﰡ
بسم الله الرّحمن الرّحيم
سورة الزّلزلةقال ابن كثير: مكية. ورجّح السيوطيّ أنها مدنية. وآيها ثمان.
روى الترمذي «١» عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ إِذا زُلْزِلَتِ تعدل نصف القرآن. وقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تعدل ثلث القرآن. وقُلْ يا أَيُّهَا الْكافِرُونَ تعدل ربع القرآن
. وسيأتي سر ذلك في تفسير سورة الكافرين والإخلاص إن شاء الله تعالى.
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الزلزلة (٩٩) : الآيات ١ الى ٢]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها (١) وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها (٢)إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها أي أصابها ذلك الزلزال الشديد والاهتزاز الرهيب.
فالإضافة للتفخيم أو الاختصاص، بمعنى الزلزال المخصوص بها. وهي الرجة التي لا غاية وراءها. والأقرب الأول. لآية: يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ، إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ [الحج: ١]، وقرئ بفتح الزاي. وقد قيل هما مصدران. وقيل المفتوح اسم والمكسور مصدر. وهو المشهور وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها أي قذفت ما في باطنها من كنوز ودفائن وأموات وغير ذلك. لشدة الزلزلة وتشقق ظهرها. كقوله: وَإِذَا الْأَرْضُ مُدَّتْ وَأَلْقَتْ ما فِيها وَتَخَلَّتْ [الانشقاق: ٣- ٤]، والأثقال جمع (ثقل) بفتحتين.
وهو متاع المسافر وكل نفيس مصون. وهذا على الاستعارة. ويجوز أن يكون بكسر فسكون بمعنى حمل البطن، على التشبيه أيضا. لأن الحمل يسمى ثقلا كما في قوله تعالى: فَلَمَّا أَثْقَلَتْ [الأعراف: ١٨٩]، قاله الشريف المرتضى في (الدرر).
القول في تأويل قوله تعالى: [سورة الزلزلة (٩٩) : الآيات ٣ الى ٨]
وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها (٣) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها (٤) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها (٥) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ (٦) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (٧)
وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)
قال أبو مسلم: أي يومئذ يتبين لك أحد جزاء عمله. فكأنها حدثت بذلك.
كقولك (الدار تحدثنا بأنها كانت مسكونة) فكذا انتقاض الأرض بسبب الزلزلة، تحدث أن الدنيا قد انقضت، وأن الآخرة قد أقبلت.
بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها الباء سببية متعلق ب (تحدث) أي تحدث بسبب إيحاء ربك لها، وأمره إياها بالتحديث. والإيحاء استعارة أو مجاز مرسل لإرادة لازمه. وهو إحداث ما تدل به على خرابها.
وقال القاشانيّ: أي أشار إليها وأمرها بالاضطراب والخراب وإخراج الأثقال.
يعني الأمر التكويني. وهو تعلق القدرة الإلهية بما هو أثر لها يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً أي ينصرفون عن مراقدهم إلى مواطن حسابهم وجزائهم، متفرقين سعداء وأشقياء لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ أي ليريهم الله جزاء أعمالهم فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ أي فمن عمل في الدنيا وزن ذرة من خير، يرى ثوابه هنالك. والذرة النملة الصغيرة وهي مثل في الصغر. وقيل الذر هو الهباء الذي يرى في ضوء الشمس إذا دخلت من نافذة وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ أي ومن كان عمل في الدنيا وزن ذرة من شر، يرى جزاءه ثمة.
تنبيهات:
الأول- دل لفظ (من) على شمول الجزاء بقسميه، للمؤمن وغيره.
قال الإمام: أي من يعمل من الخير أدنى عمل وأصغره، فإنه يراه ويجد جزاءه.
لا فرق في ذلك بين المؤمن والكافر. غاية الأمر أن حسنات الكفار الجاحدين لا تصل بهم إلى أن تخلصهم من عذاب الكفر، فهم به خالدون في الشقاء. والآيات التي تنطق بحبوط أعمال الكفار، وأنها لا تنفعهم، معناها هو ما ذكرنا. أي أن عملا من
وقد سبقه الشهاب في (حواشيه) على القاضي، حيث ناقش صاحب المقاصد في دعواه الإجماع على إحباط عمل الكفرة. وعبارته: كيف يدعى الإجماع على الإحباط بالكلية، وهو مخالف لما صرح به في الآية؟ والذي يلوح للخاطر، بعد استكشاف سرائر الدفاتر، أن الكفار يعذبون على الكفر بحسب مراتبه. فليس عذاب أبي طالب كعذاب أبي جهل. ولا عذاب المعطلة كعذاب أهل الكتاب، كما تقتضيه الحكمة والعدل الإلهيّ. انتهى الثاني- قال في (الإكليل) : في هاتين الآيتين، الترغيب في قليل الخير وكثيره. والتحذير من قليل الشر وكثيره. أخرج عبد الرزاق عن ابن مسعود قال: هذه الآية أحكم آية في القرآن. وفي لفظ (أجمع) وسمّى «١» رسول الله ﷺ هذه الآية الجامعة الفاذة، حين سئل عن زكاة الحمير
فقال: ما أنزل الله فيها شيئا إلا هذه الآية الجامعة الفاذة: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ
وروى الأمام أحمد «٢» عن صعصعة بن معاوية عم الفرزدق، أنه أتى النبيّ ﷺ فقرأ عليه: فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ إلخ. قال:
حسبي. لا أبالي أن لا أسمع غيرها. ورواه النسائي في تفسيره.
(٢) أخرجه في مسنده: ٥/ ٥٩.