تفسير سورة الزلزلة

تيسير التفسير
تفسير سورة سورة الزلزلة من كتاب تيسير التفسير .
لمؤلفه إبراهيم القطان . المتوفي سنة 1404 هـ
سورة الزلزلة مدنية، وآياتها ثمان، نزلت بعد سورة النساء. وهي في أسلوبها تشبه السور المكية، لما فيها من أهوال يوم القيامة وشدائده. فقد كان الكفار كثيرا ما يسألون عن البعث وتحديد يوم القيامة، ويقولون : متى هذا الوعد، وما أشبه ذلك. فذكر الله تعالى في هذه السورة بعض علامات ذلك.. بأنه إذا حصلت الزلزلة الشديدة، حيث تنهار الجبال وتتطاير كالعهن المنفوش، وينتشر الناس كالفراش المبثوث، وتحصل من الأمور العجيبة ما تخلع قلوب الناس، وتخرج الأرض كنوزها والناس. ﴿ وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ﴾ فإنه في ذلك اليوم يحاسَب كل إنسان. ﴿ فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ﴾.

الزلزلة : الحركة الشديدة.
إذا اهتزّت الأرضُ واضطربت اضطراباً عظيما حتى لم يبقَ فوقَها أثرٌ بارز.
﴿ أثقالَها ﴾ ما في جوف الأرض من الموتى، جمعُ ثِقل، وهو الشيء الثقيل.. كأن الأرضَ امرأةٌ حاملٌ أثقلت بما في بطنها فأخرجتْ ما فيه. كما جاء في سورة الأعراف ﴿ حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّآ أَثْقَلَتْ دَّعَوَا الله رَبَّهُمَا ﴾ [ الأعراف : ١٨٩ ].
كما أخرجَتْ ما في جَوفها من أثقالٍ من الموتى والكنوز والدفائن.
وخرج الناسُ مشدوهين حَيارى لا يَدْرون أين يتوجهون :﴿ وَتَرَى الناس سكارى وَمَا هُم بسكارى ﴾ لا يَسأل أحدٌ إلا عن نفسِه. عند ذلك يتساءل الإنسان بخوفٍ وهلَع : ماذا حصَل للأرض، ما لها ؟
في ذلك اليوم العصيب تحكي الأرض ما جَرَى لها بأمرِ الله.
﴿ أوحى لها ﴾ : ألهمها.
فهو الذي أرادها أن تهتزّ وتضطرِب وتدمّرِ كل شيء، وهي منقادةٌ لأمره.
يصدُر الناس : يخرجون من قبورهم.
أشتاتا : متفرقين كل واحد مشغول بنفسه.
في ذلك اليوم الرهيب يخرج الناسُ من قبورهم سِراعاً متفرّقين لتُعْرَضَ عليهم أعمالُهم في صُحُفٍ دقيقة، وليحاسَبوا حساباً شديدا.
الذَرَّة : شيء صغير جدا لا يُرى بالعين المجردة، ولا بأحدثِ الآلات.
وتنشَر الصحف التي لا تغادرُ صغيرةً ولا كبيرة ﴿ وَنَضَعُ الموازين القسط لِيَوْمِ القيامة فَلاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وكفى بِنَا حَاسِبِينَ ﴾ [ الأنبياء : ٤٧ ].
وهنا يُجزى - أو يجازى - من يعمل مثقالَ ذرة واحدة، خيراً أو شراً. والذرة شيء صغيرٌ جدا لا يُرى بالعين المجردة، ولا بأحدث الآلات. نسأل الله السلامة.
Icon