تفسير سورة العاديات

تفسير السمعاني
تفسير سورة سورة العاديات من كتاب تفسير السمعاني المعروف بـتفسير السمعاني .
لمؤلفه أبو المظفر السمعاني . المتوفي سنة 489 هـ

بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير سورة العاديات، وهي مكية.

قَوْله تَعَالَى: ﴿وَالْعَادِيات ضَبْحًا﴾ قَالَ عَليّ وَابْن مَسْعُود: هِيَ الْإِبِل.
قَالَ عَليّ: لم يكن يَوْم بدر إِلَّا فرسَان: أَحدهمَا لِلْمِقْدَادِ، وَالْآخر للزبير.
وَقَالَ ابْن عَبَّاس: هِيَ الْخَيل.
وَهَذَا القَوْل أظهر.
وَأقسم بِالْخَيْلِ العادية فِي سَبِيل الله، وضبيحها.
صَوت أجوافها، وَقيل: صَوت أنفاسها عِنْد الْعَدو.
قَالَ ابْن عَبَّاس: لَيْسَ بصهيل وَلَا حَمْحَمَة.
وَقَوله: ﴿فالموريات قدحا﴾ قَالَ ابْن مَسْعُود: هِيَ الْإِبِل تقدح بمناسمها، وعَلى قَول ابْن عَبَّاس: هِيَ الْخَيل تقدح الْأَحْجَار بحوافرها، فتورى النَّار.
وَقَوله: ﴿فالمغيرات صبحا﴾ قَالَ ابْن مَسْعُود: هِيَ الْإِبِل حِين يفيضون من جمع، وعَلى قَول ابْن عَبَّاس: هِيَ الْخَيل تغير فِي سَبِيل الله، قَالَ قَتَادَة: أغارت حِين أَصبَحت.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فأثرن بِهِ نقعا﴾ على قَول ابْن مَسْعُود أثرن بالوادي فكنى عَنهُ وَإِن لم يكن مَذْكُورا، وعَلى قَول ابْن عَبَّاس بِالْمَكَانِ المغار.
قَالَ مُجَاهِد عَن ابْن عَبَّاس: النَّقْع التُّرَاب، وَقَالَ قَتَادَة: هُوَ الْغُبَار.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿فوسطن بِهِ جمعا﴾ فعلى قَول ابْن مَسْعُود أَي: جمع الْمزْدَلِفَة، وعَلى قَول ابْن عَبَّاس جمع الْعَدو، فأقسم الله تَعَالَى بِرَبّ هَذِه الْأَشْيَاء، وَقيل: بِهَذِهِ الْأَشْيَاء بِأَعْيَانِهَا، وَقيل: إِن النَّبِي كَانَ بعث سَرِيَّة إِلَى بني كنَانَة فَأَغَارُوا عِنْد الصَّباح، وتوسطوا جمع الْعَدو، وَكَانُوا أَصْحَاب خيل، فأقسم الله تَعَالَى بهم.
وَقَوله: ﴿إِن الْإِنْسَان لرَبه لكنود﴾ على هَذَا وَقع الْقسم.
270
﴿وَإنَّهُ على ذَلِك لشهيد (٧) وَإنَّهُ لحب الْخَيْر لشديد (٨) ﴾
وَقَوله: ﴿لكنود﴾ أَي: لكفور، وَقيل: هُوَ الْبَخِيل السيء الْخلق.
وَفِي بعض الْأَخْبَار مَرْفُوعا إِلَى النَّبِي بِرِوَايَة أبي أُمَامَة عَن النَّبِي فِي قَوْله: ﴿إِن الْإِنْسَان لرَبه لكنود﴾ قَالَ: " هُوَ الَّذِي يَأْكُل وَحده، وَيمْنَع رفده وَيضْرب عَبده ".
قَالَ رَضِي الله عَنهُ: أخبرنَا بِهَذَا الحَدِيث الْحَاكِم مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز الْقَنْطَرِي، أخبرنَا مُحَمَّد بن الْحُسَيْن [الحدادي]، أخبرنَا مُحَمَّد بن يحيى، أخبرنَا إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم، أخبرنَا (المؤتمن) بن سُلَيْمَان، عَن جَعْفَر بن الزبير، عَن الْقَاسِم، عَن أبي أُمَامَة الحَدِيث.
271
وَقَوله: ﴿وَإنَّهُ على ذَلِك لشهيد﴾ أَي: وَإِن الله على ذَلِك لشهيد أَي: على كفره.
وَقَالَ عَطاء عَن ابْن عَبَّاس:
وَقَوله: ﴿وَإنَّهُ لحب الْخَيْر لشديد﴾ مَعْنَاهُ: إِن الْإِنْسَان لأجل حب المَال لبخيل.
يُقَال: شَدِيد ومشدد أَي: بخيل.
قَالَ طرفَة:
(أرى الْمَوْت يعتام الْكِرَام ويصطفى عقيلة مَال الْفَاحِش المتشدد)
أَي: الْبَخِيل
271
﴿أَفلا يعلم إِذا بعثر مَا فِي الْقُبُور (٩) وَحصل مَا فِي الصُّدُور (١٠) إِن رَبهم بهم يَوْمئِذٍ لخبير (١١) ﴾
272
قَوْله تَعَالَى: ﴿أَفلا يعلم إِذا بعثر مَا فِي الْقُبُور﴾ أَي: أخرج، وَقَرَأَ ابْن مَسْعُود: " بحث " وَعَن غَيره وَهُوَ أبي بن كَعْب: " بحثر " أَي: قلب.
قَوْله: ﴿وَحصل مَا فِي الصُّدُور﴾ أَي: أظهر مَا فِيهَا.
وَقيل: جمع يَعْنِي: مَا فِي صَحَائِف الْأَعْمَال.
وَقَوله: ﴿إِن رَبهم بهم يَوْمئِذٍ لخبير﴾ أَي: عَالم، وَيُقَال: أَي: يجازيهم بأعمالهم، وَمثله قَوْله تَعَالَى: ﴿أُولَئِكَ الَّذين يعلم الله مَا فِي قُلُوبهم﴾ أَي: يجازيهم الله بِمَا فِي قُلُوبهم.
وَكَذَلِكَ قَوْله: ﴿وَمَا تَفعلُوا من خير يُعلمهُ الله﴾ أَي: يجازي عَلَيْهِ، وَقيل فِي قَوْله: ﴿وَحصل مَا فِي الصُّدُور﴾ أَي: ميز مَا فِيهَا من الْخَيْر وَالشَّر، وَالله أعلم.
272

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

﴿القارعة (١) مَا القارعة (٢) وَمَا أَدْرَاك مَا القارعة (٣) يَوْم يكون النَّاس كالفراش المبثوث (٤) وَتَكون الْجبَال كالعهن المنفوش (٥) فَأَما من ثقلت﴾
تَفْسِير سُورَة القارعة
وَهِي مَكِّيَّة
273
Icon