تفسير سورة الهمزة

لطائف الإشارات
تفسير سورة سورة الهمزة من كتاب تفسير القشيري المعروف بـلطائف الإشارات .
لمؤلفه القشيري . المتوفي سنة 465 هـ

سورة الهمزة
قوله جل ذكره: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» «بِسْمِ اللَّهِ» : اسم من لا غرض له في أفعاله، اسم من لا عوض عنه في جلاله وجماله.
اسم من لا يصبر العبد عنه مختارا، اسم من لا يجد الفقير «١» من دونه قرارا، اسم من لا يجد أحد من حكمه فرارا.
قوله جل ذكره:
[سورة الهمزة (١٠٤) : الآيات ١ الى ٩]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (١) الَّذِي جَمَعَ مالاً وَعَدَّدَهُ (٢) يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ (٣) كَلاَّ لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (٤)
وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ (٥) نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (٦) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (٧) إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (٨) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (٩)
يقال: رجل همزة لمزة: أي كثير الهمز والّلمز للناس وهو العيب والغيبة.
ويقال: الهمزة الذي يقول في الوجه، والّلمزة الذي يقول من خلفه.
ويقال: الهمز الإشارة بالرأس والجفن وغيره، واللّمز باللسان.
ويقال: الهمزة الذي يقول ما في الإنسان، واللّمزة الذي يقول ما ليس فيه.
قوله جل ذكره: «الَّذِي جَمَعَ مالًا وَعَدَّدَهُ» «جمّع» بالتشديد «٢» على التكثير، وبالتخفيف.
«يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ» أي: يبقيه في الدنيا.. كلّا ليس كذلك:
(١) الفقير هنا المقصود به الصوفيّ المفتقر إلى الله، انظر آخر السورة. [.....]
(٢) هكذا في م وهي في ص غير موجودة، مما قد يشعر باحتمال انصراف الكلام إلى «عَدَّدَهُ» فهى أيضا تقرأ على التشديد والتخفيف.
766
«كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ» ليطرحنّ في جهنّم. «وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ» ؟ على جهة التهويل لها.
فهم في نار الله الموقدة التي يبلغ ألمها الفؤاد.
«إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ» مطبقة.
«فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ» «عَمَدٍ» : جمع عماد. وقيل: إنها عمد من نار تمدّد وتضرب عليهم كقوله:
«أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها» «١» ويقال: الغنى بغير الله فقر، والأنس بغيره وحشة، والعزّ بغيره ذلّ.
ويقال: الفقير من استغنى بماله، والحقير: من استغنى بجاهه، والمفلس: من استغنى بطاعته، والذليل: من استغنى بغير الله، والجليل: من استغنى بالله.
ويقال: بيّن أن المعرفة إذا اتّقدت في قلب المؤمن أحرقت كلّ سؤل وأرب فيه، ولذلك تقول جهنّم- غدا- للمؤمن: «جز، يا مؤمن... فإنّ نورك قد أطفأ لهبى» !
(١) آية ٢٩ سورة الكهف.
767
Icon