ﰡ
قوله: ﴿ وَمَآ أَدْرَاكَ ﴾ استفهام إنكاري بمعنى النفي، أي لم تعلم قدر هو لها وعظمه إلا بوحي من ربك. قوله: ﴿ نَارُ ٱللَّهِ ﴾ الإضافة للتفخيم والتعظيم. قوله: (المعسرة) بالتخفيف والتشديد، أي المهيجة الشديدة اللهب التي لا تخمد أبداً. قوله: ﴿ ٱلَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى ٱلأَفْئِدَةِ ﴾ أي تغشاها وتحيط بها، وخص الأفئدة بالذكر، لكونها ألطف ما في الجسد وأشده تألماً بأدنى عذاب، أو لأنها محل العقائد الزائغة والنيات الخبيثة، فهي منشأ الأعمال السيئة. قوله: (وألمها) أي القلوب. والمعنى: تألمها أشد من تألم غيرها من بقية البدن، ومن المعلوم أن الألم إذ وصل إ لى الفؤاد مات صاحبه، فهم في حال من يموت وهم لا يموتون، قال تعالى:﴿ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَىٰ ﴾[طه: ٧٤] قال محمد بن كعب: تأكل النار جميع ما في أجسادهم، حتى إذا بلغت إلى الفؤاد خلقوا خلقاً جديداً، فترجع تأكلهم وهكذا. قوله: (بالهمز وبالواو) أي فهما سبعيتان، وقرئ شذوذاً بضم فسكون، وهو تخفيف للقراءة الأولى، فعلى الضم يكون جمع عمود كرسول ورسل، وقيل: هو جمع عماد ككتاب وكتب، وعلى الفتح يكون اسم (جمع) لعمود، وقيل: هو جمع له، و ﴿ فِي ﴾ بمعنى الباء، أي مؤصدة بعمد ممدودة، لما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم:" أن الله يبعث إليهم ملائكة بأطباق من نار، ومسامير من نار، وعمد من نار، فتطبق عليهم بتلك الأطباق، وتشد بتلك المسامير، وتمد بتلك العمد، فلا يقى فيها خلل يدخل فيه روح، ولا يخرج منه غم، وينسؤهم الرحمن على عرشه، أي يحجبهم عن رحمته، ويتشاغل أهل الجنة بنعيمهم ولا يستغيثون بعدما، وينقطع الكلام، فيكون كلامهم زفيراً وشيهقاً، فذلك قوله تعالى: ﴿ إِنَّهَا عَلَيْهِم مُّؤْصَدَةٌ * فِي عَمَدٍ مُّمَدَّدَةِ ﴾ ". وقيل: إن النار داخل العمد، وهم داخلة ويطبق عليهم، وعليه درج ا لمفسر، وقيل: المعنى يعذبون بعمد، وقيل: العمد الأغلال في أعناقهم، وقيل: القيود في أرجلهم، وقيل: معنى عمد ممدودة دهر مؤبد لا آخر له.