تفسير سورة الفيل

تفسير ابن أبي حاتم
تفسير سورة سورة الفيل من كتاب تفسير ابن أبي حاتم المعروف بـتفسير ابن أبي حاتم .
لمؤلفه ابن أبي حاتم الرازي . المتوفي سنة 327 هـ

قَوْلُهُ تَعَالَى الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ
١٩٤٧٦ - عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ فِي قَوْلِهِ: الَّتِي تَطَّلِعُ على الأفئدة قال: تأكل كل شيء منه حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى فُؤَادِهِ، فَإِذَا بَلَغَتْ فُؤَادَهُ ابْتَدَى خَلْقُهُ «١».
قَوْلُهُ تَعَالَى: فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ
١٩٤٧٧ - عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَرَأَ فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ قَالَ: وَهِيَ الْأَدْهَمُ «٢».
١٩٤٧٨ - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: فِي عَمَدٍ قَالَ: الْأَبْوَابُ «٣».
١٩٤٧٩ - عَنْ أَبِي صَالِحٍ فِي قَوْلِهِ: فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ قَالَ: الْقُيُودُ الطُّوَالُ «٤».
١٩٤٨٠ - عَنِ السُّدِّيِّ قَالَ: مَنْ قَرَأَهَا فِي عُمُدٍ فَهُوَ عَمَدٌ مِنْ نَارٍ وَمَنْ قَرَأَهَا فِي عَمَدٍ فَهُوَ حَبْلٌ مَمْدُودٌ «٥».
سُورَةُ الْفِيلِ
١٠٥
قَوْلُهُ تَعَالَى: بأصحاب الْفِيلِ
١٩٤٨١ - عَنْ عُثْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ الْأَخْنَسِ قَالَ: كَانَ مِنْ حَدِيثِ أَصْحَابِ الْفِيلِ أَنَّ أَبْرَهَةَ الْأَشْرَمَ الْحَبَشِيَّ كَانَ مَلِكَ الْيَمَنِ، وَأَنَّ ابْنَ ابْنَتِهِ أُكْسُومُ بْنُ الصَّبَّاحِ الْحُمَيْرِيُّ خَرَجَ حَاجًّا، فَلَمَّا انْصَرَفَ مِنْ مَكَّةَ نَزَلَ فِي كَنِيسَةٍ بِنَجْرَانَ، فَغَدَا عَلَيْهَا نَاسٌ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ فَأَخَذُوا مَا فِيهَا مِنَ الْحُلِيِّ، وَأَخَذُوا مَتَاعَ أُكْسُومِ، فَانْصَرَفَ إِلَى جَدِّهِ مُغْضَبًا فَبَعَثَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِهِ يُقَالُ لَهُ شَهْرُ بْنُ، مَعْقُودٍ عَلَى عِشْرِينَ أَلْفًا مِنْ خَوْلانَ وَالْأَشْعَرِيِّينَ، فَسَارُوا حَتَّى نَزَلُوا بِأَرْضِ، خَثْعَمٍ، فَتَنَحَّتْ خَثْعَمٌ عَنْ طَريِقِهِمْ، فَلَّمَا دَنَا مِنَ الطَّائِفِ خَرَجَ إِلَيْهِ نَاسٌ مِنْ بَنِي خَثْعَمٍ وَنَصْرٍ وَثَقِيفٍ، فَقَالُوا: مَا حَاجَتُكَ إِلَى طَائِفِنَا وَإِنَّمَا هِيَ قَرْيَةٌ صَغِيرَةٌ وَلَكِنَّا نَدُلُّكَ عَلَى بَيْتٍ بِمَكَّةَ يُعْبَدُ وَحِرْزُ مَنْ لَجَأَ إِلَيْهِ مِنْ مَكَّةَ ثُمَّ لَهُ مُلْكُ الْعَرَبِ فَعَلَيْكَ بِهِ وَدَعْنَا مِنْكَ، فَأَتَاهُ حَتَّى إِذَا بَلَغَ الْمِغْمَسَ وَجَدَ إبلا لعبد المطلب، مائة
(١) الدر ٨/ ٦٢٤- ٦٢٥.
(٢) الدر ٨/ ٦٢٤- ٦٢٥.
(٣) الدر ٨/ ٦٢٤- ٦٢٥.
(٤) الدر ٨/ ٦٢٤- ٦٢٥.
(٥) الدر ٨/ ٦٢٤- ٦٢٥.
3464
ناقة مقلدة، فانهبها بَيْنَ أَصْحَابِهِ، فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ عَبْدَ الْمُطَّلِبِ جَاءَهُ، وَكَانَ جَمِيلًا وَكَانَ لَهُ صَدِيقٌ مِنْ أَهْلِ الْيَمَنِ يُقَالُ لَهُ ذُو عَمْرٍو، فَسَأَلَهُ أن يرد عليه ابله فقال: إني لا أَطِيقُ ذَلِكَ، وَلَكِنْ إِنْ شِئْتَ أَدْخَلْتُكَ عَلَى الْمَلِكِ، فَقَالَ عَبْدُ الْمُطِّلِبِ افْعَلْ فَأَدْخَلَهُ عَلَيْهِ، فَقَالَ لَهُ: إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً، قَالَ قَضَيْتُ كُلَّ حَاجَةٍ تَطْلُبُهَا، قَالَ أَنَا فِي بَلَدٍ حَرَمٍ، وَفِي سَبِيلٍ بَيْنَ أَرْضِ الْعَرَبِ وَأَرْضِ الْعَجَمِ، وَكَانَتْ مِائَةُ نَاقَةٍ لِي مُقَلَّدَةٌ تَرْعَى بِهَذَا الْوَادِي بَيْنَ مَكَّةَ وَتِهَامَةَ عَلَيْهَا عَبْرُ أَهْلِهَا. وَتَخْرُجُ إِلَى تِجَارَتِهَا وَتَتَحَمَّلُ مِنْ عَدُوِّنَا، عَدَا عَلَيْهَا جَيْشُكَ فَأَخَذُوهَا، وَلَيْسَ مِثْلُكَ يُظْلَمَ مَنْ جَاوَرَهُ فَالْتَفَتَ إِلَى ذِي عَمْرٍو، ثُمَّ ضَرَبَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى عَجَبًا، فقال: لو سألني كل شيء أجوزه أَعْطَيْتُهُ إِيَّاهُ أَمَّا إِبِلُهُ فَقَدْ رَدَدْنَا إِلَيْكَ وَمِثْلَهَا مَعَهَا، فَمَا يَمْنَعُكَ أَنْ تُكَلِّمَنِي فِي بِنْيَتِكُمْ هَذِهِ، وَبَلَدِكُمْ هَذِهِ، فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الْمُطِّلِبِ أَمَّا بِنْيَتُنَا هَذِهِ وَبَلَدُنَا هَذِهِ، فَإِنَّ لَهُمَا رَبًّا إِنْ شَاءَ أَنْ يَمْنَعَهُمَا، وَلَكِنِّي إنما أكلمك في مالي، فأمر عند ذلك بالرحيل وقال: لتهدمن الْكَعْبَةِ وَلَتَنْهَيَّنَّ مَكَّةَ فَانْصَرَفَ عَبْدُ الْمُطِّلِبِ وَهُوَ يقول:
لاهم إِنَّ الْمَرْءَ يَمْنَعُ رَحْلَهُ فَامْنَعْ حِلالَكْ لَا يَغْلِبَنَّ صَلِيبُهُمْ وَمِحَالُهُمْ عَدْوًا مِحَالَكْ
فَإِذَا فَعَلْتَ فَرُبَّمَا تَحْمِي فَأَمُرْ مَا بَدَا لَكْ فَإِذَا فَعَلْتَ فَإِنَّهُ أَمْرٌ تُتِمُّ بِهِ فِعَالَكْ
وَغَدَوْا غدا يجمعونهم والفيل كي يسبوا عيالك فإذا تركتهم وكعبتا فوا حربا هُنَالِكْ
فَلَمَّا تَوَجَّهَ شَهْرٌ وَأَصْحَابُ الْفِيلِ، وَقَدْ أَجْمَعُوا مَا أَجْمَعُوا، طَفِقَ كُلَّمَا وَجَّهُوهُ أَنَاخَ وَبَرِكَ، فَإِذَا صَرَفُوهُ عَنْهَا مِنْ حَيْثُ أَتَى أَسْرَعَ السَّيْرَ، فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى غَشِيَهُمُ اللَّيْلُ وَخَرَجَتْ عَلَيْهِمْ طَيْرٌ مِنَ الْبَحْرِ لَهَا خَرَاطِيمُ، كَأَنَّهَا الْبَلَسُ شَبِيهَةٌ بِالْوِطْوَاطِ حُمُرٌ وَسُودٌ، فَلَمَّا رَأَوْهَا أَشْفَقُوا مِنْهَا وَسُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ، فَرَمَتْهُمْ بِحِجَارَةٍ مُدَحْرَجَةٍ كَالْبَنَادِقِ، تَقَعُ عَلَى جِبَالِهِمْ فلم يروا- حدا غَشِيَهُمْ، فَبَعَثَ ابْنَهُ عَلَى فَرَسٍ سَرِيعٍ يَنْظُرُ ما لقوا فإذا هم مُشَدَّخِينَ جَمِيعًا، فَرَجَعَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ كَاشِفًا فَخْذَهُ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ أَبُوهُ قَالَ: إِنَّ ابْنِي أَفْرَسُ الْعَرَبِ وَمَا كَشَفَ عَنْ فَخِذِهِ إِلا بَشِيرًا أَوْ نَذِيرًا، فَلَمَّا دَنَا مِنْ نَادِيهِمْ قَالُوا: مَا وَرَاءَكَ؟ قَالَ: هَلَكُوا جَمِيعًا، فَخَرَّ عَبْدُ الْمُطِّلِبِ وَأَصْحَابُهُ فَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمْ.
وَقَالَ عَبْدُ الطلب شِعْرًا فِي الْمَعْنَى:
3465
أَنْتَ مَنَعْتَ الْجَيْشَ وَالْأَفْيَالا وَقَدْ رَعَوْا بِمَكَّةَ الْأَفْيَالا
وَقَدْ خَشِينَا مِنْهُمُ الْقِتَالا وَكُلَّ أَمْرٍ مِنْهُمُ مِعْضَالا
شُكْرًا وَحَمْدًا لَكَ ذِي الْإِجْلالا
فَانْصَرَفَ شَهْرٌ هَارِبًا وَحْدَهُ فَأَوَّلُ مَنْزِلٍ نَزَلَهُ سَقَطَتْ يَدُهُ الْيُمْنَى، ثُمَّ نَزَلَ مَنْزِلًا آخَرَ فسقطت رجله اليمنى، فأتى منزله وهو جسدلا أَعْضَاءَ لَهُ، فَأَخْبَرَهُمُ الْخَبَرَ ثُمَّ فَاضَتْ نَفْسُهُ وَهُمْ يَنْظُرُونَ «١».
قَوْلُهُ تَعَالَى: طَيْرًا أَبَابِيلَ
١٩٤٨٢ - حَدَّثَنَا عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَوْلُهُ: طَيْرًا أَبَابِيلَ قَالَ هِيَ الْفِرَقُ «٢».
١٩٤٨٣ - حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الله بن محمد ابن، أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عن أبي سفيان، عن عبيد بن عمير اللَّيْثِيِّ قَالَ:
لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُهْلِكَ أَصْحَابَ الْفِيلِ، بَعَثَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ طَيْرًا نَشَأَتْ من البحر كأنها الخطا طيف، بِكَفِّ كُلِّ طَيْرٍ مِنْهَا ثَلاثَةُ أَحْجَارٍ مُجَزَّئَةٍ، فِي مِنْقَارِهِ حَجَرٌ وَحَجَرَانِ فِي رِجْلَيْهِ، ثُمَّ جاءت حتى صفت علي رؤسهم ثُمَّ صَاحَتْ وَأَلْقَتْ مَا فِي أَرْجُلِهَا وَمَنَاقِيرِهَا، فَمَا مِنْ حَجَرٍ وَقَعَ مِنْهَا عَلَى رَجُلٍ إِلا خَرَجَ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ، إِنْ وَقَعَ عَلَى رَأْسِهِ خَرَجَ مِنْ دُبُرِهِ، وَإِنْ وَقَعَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ خَرَجَ مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ، وَبَعَثَ اللَّهُ رِيحًا شَدِيدًا فَضَرَبَتْ أَرْجُلَهَا فَزَادَهَا شِدَّهً فَأُهْلِكُوا جَمِيعًا «٣».
١٩٤٨٤ - عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ: طَيْرًا أَبَابِيلَ قَالَ: طَيْرٌ بِيضٌ، وَفِي لَفْظٍ طُيُورٌ خُضْرٌ جَاءَتْ مِنْ قِبَلِ الْبَحْرِ كَانَ وُجُوهُهَا وُجُوهُ السِّبَاعِ، لَمْ تُرَ قَبْلَ ذَلِكَ وَلا بَعْدَهُ، فَاثَّرَتْ جُلُودُهُمْ مِثْلَ الْجُدَرِيِّ، فَإِنَّهُ أَوَّلُ مَا رُؤْيَ الْجُدَرِيُّ «٤».
قَوْلُهُ تَعَالَى: كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ
١٩٤٨٥ - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ قال: هو الطيور عصافة الزرع «٥».
(١) الدر ٨/ ٦٣٠. [.....]
(٢) الدر ٨/ ٦٣٠.
(٣) ابن كثير ٨/ ٥٠٨.
(٤) الدر ٨/ ٦٣١.
(٥) الدر ٨/ ٦٣١.
قوله تعالى :﴿ كعصف مأكول ﴾
عن ابن عباس ﴿ كعصف مأكول ﴾ قال : هو الطيور غصافة الزرع.
Icon