تفسير سورة الهمزة

تفسير السمعاني
تفسير سورة سورة الهمزة من كتاب تفسير السمعاني المعروف بـتفسير السمعاني .
لمؤلفه أبو المظفر السمعاني . المتوفي سنة 489 هـ

بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير سورة الهمزة، وهي مكية، والله أعلم.

قَوْله تَعَالَى: ﴿ويل لكل همزَة﴾ قد بَينا معنى الويل.
وَقَوله: ﴿همزَة لُمزَة﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس: الْهمزَة الَّذِي يطعن فِي النَّاس ويعيبهم، واللمزة هُوَ الَّذِي يغتابهم وَمثله عَن مُجَاهِد، وَقيل على الْعَكْس، فالهمزة هُوَ المغتاب، واللمزة الَّذِي يطعن فِي النَّاس، قَالَه السّديّ وَغَيره، وَعَن بَعضهم: أَن الْهمزَة هُوَ الَّذِي يُؤْذِي النَّاس بِلِسَان أَو يَد، واللمزة هُوَ الَّذِي يؤذيهم بحاجب (وَعين)، وَهُوَ قَول غَرِيب، وَعَن ابْن عَبَّاس فِي رِوَايَة: أَن الْآيَة نزلت فِي الْأَخْنَس بن شريق الزُّهْرِيّ، وَهُوَ قَول مَعْرُوف، وأنشدوا فِي الْهمزَة واللمزة:
وَقَوله: ﴿الَّذِي جمع مَالا وعدده﴾ بِالتَّشْدِيدِ وَالتَّخْفِيف، فَقَوله: ﴿جمع﴾ بِالتَّخْفِيفِ مَعْلُوم، وبالتشديد فَالْمَعْنى: أَنه جمع من كل وَجه شَيْئا فَشَيْئًا.
وَقَوله: ﴿وعدده﴾ أَي أعده لنَفسِهِ ولحوادثه، وَقُرِئَ: " وعدده " بِالتَّخْفِيفِ، وَمَعْنَاهُ: جمع عددا أَي: قوما وأنصارا يتقوى بهم.
وَقَوله: ﴿يحْسب أَن مَاله أخلده﴾ أَي: يبْقى حَتَّى بَقِيَّته، قَالَه الْحسن، وَقَالَ بَعضهم: أَي: يمْنَع الْمَوْت عَنهُ.
وَقَوله: ﴿كلا لينبذن فِي الحطمة﴾ هُوَ اسْم من أَسمَاء جَهَنَّم، وَقَرَأَ ابْن مصرف:
280
( {٦) الَّتِي تطلع على الأفئدة (٧) إِنَّهَا عَلَيْهِم مؤصدة (٨) فِي عمد ممددة (٩) " لينبذن فِي الحطمة " يَعْنِي: نَفسه وَمَاله، وَسميت النَّار حِكْمَة؛ لِأَنَّهَا تَأْكُل كل شَيْء.
يُقَال: رجل حُطَمة أَي: أكول، وَقيل: لِأَنَّهَا تكسر كل شَيْء من الحطم وَهُوَ الْكسر.
281
وَقَوله: ﴿وَمَا أَدْرَاك مَا الحطمة﴾ قد بَينا.
وَقَوله: ﴿نَار الله الموقدة الَّتِي تطلع على الأفئدة﴾ يَعْنِي: يصل ألمها ووجعها إِلَى الْفُؤَاد.
قَالَ مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ: تَأْكُل النَّار أَجْسَادهم، فَإِذا وصلت النَّار إِلَى الْقلب أعيدوا كَمَا كَانُوا، وتعود النَّار إِلَى أكلهم فَهَكَذَا أبدا.
وَقَوله: ﴿إِنَّهَا عَلَيْهِم مؤصدة﴾ قَالَ ابْن عَبَّاس وَأَبُو هُرَيْرَة: مطبقة، وَقيل: مغلقة.
يُقَال: أصدت الْبَاب أَي أغلقته.
وَقَوله: ﴿فِي عمد﴾ وَقُرِئَ " فِي عمد ممددة " بِفَتْح الْعين وَرَفعه، وَقَرَأَ الْأَعْمَش وَطَلْحَة وَيحيى بن وثاب: " بعمد ممدة " وَهُوَ معنى الْقِرَاءَة الْمَعْرُوفَة، وَعَن بَعضهم: أَن الْعمد الممدة هِيَ الأغلال فِي أَعْنَاقهم، وَعَن بَعضهم: [هُوَ] الْقُيُود فِي أَرجُلهم، وَعَن بَعضهم: قيود على قبرهم من نَار يُعَذبُونَ فِيهَا، وَأولى الْأَقَاوِيل هُوَ أَنَّهَا مطبقة بعمد يَعْنِي: مسدودة لَا يخرج مِنْهَا غمر، وَلَا يدخلهَا روح.
وَعَن قَتَادَة: يُعَذبُونَ بالعمد، وَهِي جمع عَمُود.
وَعَن أبي جَعْفَر الْقَارئ: أَنه بَكَى مرّة حِين قُرِئت هَذِه السُّورَة عَلَيْهِ، فَقيل لَهُ: مَا يبكيك يَا أَبَا جَعْفَر؟ قَالَ: أَخْبرنِي زيد بن أسلم أَن أهل النَّار لَا يتنفسون فَذَلِك أبكاني.
وَقَوله: ﴿ممدة﴾ وَقيل: مُطَوَّلَة، وَيُقَال: ممدودة.
وَذكر النقاش فِي تَفْسِيره: أَنه يبْقى رجل من الْمُؤمنِينَ فِي النَّار ألف سنة يَقُول: يَا حنان، يَا منان، وَهُوَ فِي شعب من شعاب النَّار، فَيَقُول الله لجبريل: أخرج عَبدِي من النَّار، فَيَجِيء جِبْرِيل - عَلَيْهِ السَّلَام - فيجد النَّار مؤصدة أَي: مطبقة، فَيَعُود وَيَقُول: يَا رب، إِنِّي وجدت النَّار مؤصدة،
281
فَيَقُول: يَا جِبْرِيل عد وَفَكهَا، وَأخرج عَبدِي من النَّار، فَيَعُود جِبْرِيل ويخرجه، وَهُوَ مثل الْخلال (أسود) فيلقيه على سَاحل الْجنَّة حَتَّى ينْبت الله لَهُ شعرًا وَلَحْمًا ودما ويدخله الْجنَّة.
رَوَاهُ عَن سعيد بن جُبَير، وَذكر أَن النَّار تطبق عَلَيْهِم لييأسوا من الْخُرُوج مِنْهَا، وَالله أعلم.
282

بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم

﴿ألم تَرَ كَيفَ فعل رَبك بأصحاب الْفِيل (١) ﴾
تَفْسِير سُورَة الْفِيل
وَهِي مَكِّيَّة
283
الموسوعة القرآنية Quranpedia.net - © 2024
Icon
(تدلى بودي إِذا لاقيتني كذبا وَإِن تغيبت كنت الهامز اللمزة)