تفسير سورة المنافقون

تفسير التستري
تفسير سورة سورة المنافقون من كتاب تفسير التستري المعروف بـتفسير التستري .
لمؤلفه سهل التستري . المتوفي سنة 283 هـ

قوله تعالى :﴿ والله يشهد إن المنافقين لكاذبون ﴾ [ ١ ] قال : لأنهم أقروا بألسنتهم ولم يعرفوا بقلوبهم، فلذلك سماهم منافقين. ومن عرف بقلبه، وأقر بلسانه، ولم يعمل بأركانه ما فرض الله عليه من غير عذر، كان كإبليس لعنه الله، عرفه وأقر به ولم يعمل بأمره.
قال : والنفاق على ضربين :
عقد بالقلب وإظهار خلافه باللسان، كما قال تعالى :﴿ يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ﴾ [ الفتح : ١١ ].
والضرب الآخر نفاق نفس الطبع مع صاحبها، وهو الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم :«الشرك الخفي في أمتي أخفى من دبيب النمل على الصفا في الليلة الظلماء »١.
١ -تقدم الحديث مع تفسير الآية (١٠٦) من سورة يوسف..
قوله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم ﴾ [ ٩ ] عن أداء الفرائض في مواقيتها، فإن من شغله عن ذكر الله وخدمته عرض من عروض الدنيا شيئا لشهوته، ووجد في عبادته نشاطا فهو مخدوع، إلا الذي يأخذها الله عز وجل.
وقد حكي أن سلمان دخل عليه سعد بن أبي وقاص١ رضي الله عنه يعوده فبكى سلمان فقال : ما يبكيك يا أبا عبد الله، توفي سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنك راض، وتلقى أصحابك وترد حوضه. فقال سلمان : أما إني لست أبكي جزعا على الموت، ولا حرصا على الدنيا، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلينا عهدا فقال :«ليكن بلغة أحدكم من الدنيا مثل زاد الراكب »٢، وحولي هذه الأوساد –جمع وسادة – وإنما كان حوله لحافه ومطهرته وجفنته. فقال سعد : يا أبا عبد الله، اعهد إلينا عهدا نأخذه بعدك. فقال : يا سعد، اذكر الله تعالى عند همك إذا هممت، وعند حكمك إذا حكمت، وعند يدك إذا قسمت٣.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
١ -سعد بن أبي وقاص مالك بن أهيب القرشي الزهري (٢٣ق. هـ-٥٥هـ): الصحابي الأمير، فاتح العراق ومدائن كسرى. أحد العشرة المبشرين بالجنة. (الحلية ١/٩٢)..
٢ -سنن ابن ماجة ٢/١٣٧ (رقم١٤٠٤)؛ والمستدرك على الصحيحين ٤/٣٥٣..
٣ -شعب الإيمان ٧/٣٠٥-٣٠٦؛ والترغيب والترهيب ٤/٧٩، ١١٢..
Icon