تفسير سورة سورة لقمان من كتاب لباب التأويل في معاني التنزيل
المعروف بـتفسير الخازن
.
لمؤلفه
الخازن
.
المتوفي سنة 741 هـ
مكية وهي أربع وثلاثون آية وخمسمائة وثمان وأربعون كلمة وألفان ومائة وعشرة أحرف.
ﰡ
سورة لقمان
مكية وهي أربع وثلاثون آية وخمسمائة وثمان وأربعون كلمة وألفان ومائة وعشرة أحرف.
بسم الله الرّحمن الرّحيم
[سورة لقمان (٣١): الآيات ١ الى ٦]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الم (١) تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ (٢) هُدىً وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ (٣) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٤)
أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَها هُزُواً أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ (٦)
قوله عز وجل الم تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ هُدىً وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ يعني الذين يعملون الحسنات، ثم ذكرهم فقال الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. قوله تعالى وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ الآية قيل: نزلت في النضر بن الحارث بن كلدة وكان يتجر فيأتي الحيرة ويشتري أخبار العجم ويحدث بها قريشا ويقول إن محمدا يحدثكم بحديث عاد وثمود وأنا أحدثكم بحديث رستم وإسفنديار وأخبار الأكاسرة فيستمعون حديثه ويتركون استماع القرآن. فأنزل الله هذه الآية وقيل هو شراء القينات والمغنين، ومعنى الآية ومن الناس من يشتري ذات لهو أو ذا لهو الحديث وروى البغوي بإسناد الثعلبي عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم
«لا يحل تعليم المغنيات ولا بيعهن وأثمانهن حرام» وفي مثل ذلك نزلت هذه الآية وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وما من رجل يرفع صوته بالغناء إلا بعث الله له شيطانين أحدهما على هذا المنكب والآخر على هذا المنكب فلا يزالان يضربانه بأرجلهما حتى يكون هو الذي يسكت أخرجه الترمذي وهذا لفظه عن أبي أسامة أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال
«لا تبيعوا القينات ولا تشتروهن ولا تعلموهن ولا خير في تجارة فيهن وثمنهن حرام» وفي مثل هذا نزلت وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ الآية وعن أبي هريرة
«أن النبي صلّى الله عليه وسلّم نهى عن ثمن الكلب وكسب المزمار» وقال مكحول من اشترى جارية ضرابة ليمسكها لغنائها وضربها مقيما عليه حتى يموت لم أصل عليه إن الله تعالى يقول: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ الآية وعن ابن مسعود وابن عباس والحسن وعكرمة وسعيد بن جبير قالوا لهو الحديث هو الغناء والآية نزلت فيه ومعنى يشتري يستبدل ويختار الغناء والمزامير والمعازف على القرآن. وقال أبو الصهباء: سألت ابن مسعود عن هذه الآية فقال هو الغناء والله الذي لا إله إلا هو يرددها ثلاث مرات وقال إبراهيم النخعي الغناء ينبت النفاق وقيل: هو كل لهو ولعب وقيل: هو الشرك لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ يعني عن دين الإسلام وسماع القرآن بِغَيْرِ عِلْمٍ يعني يفعله عن جهل وحسب المرء من الضلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحق وَيَتَّخِذَها هُزُواً أي يتخذ آيات الله مزحا أُولئِكَ يعني الذين هذه صفتهم لَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ.
قوله عز وجل ﴿ تلك آيات الكتاب الحكيم هدى ورحمة للمحسنين ﴾ يعني الذين يعملون الحسنات.
قوله تعالى ﴿ ومن الناس من يشتري لهو الحديث ﴾ الآية قيل : نزلت في النضر بن الحارث بن كلدة وكان يتجر فيأتي الحيرة ويشتري أخبار العجم ويحدث بها قريشاً ويقول إن محمداً يحدثكم بحديث عاد وثمود وأنا أحدثكم بحديث رستم واسفنديار وأخبار الأكاسرة فيستمعون حديثه ويتركون استماع القرآن. فأنزل الله هذه الآية وقيل هو شراء القينات والمغنين، ومعنى الآية ومن الناس من يشتري ذات لهو أو ذا لهو الحديث ؛ وروى البغوي بإسناد الثعلبي عن أبي أمامة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « لا يحل تعليم المغنيات ولا بيعهن وأثمانهن حرام » وفي مثل ذلك نزلت هذه الآية ﴿ ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله ﴾ وما من رجل يرفع صوته بالغناء إلا بعث الله له شيطانين أحدهما على هذا المنكب والآخر على هذا المنكب فلا يزالان يضربانه بأرجلهما حتى يكون هو الذي يسكت أخرجه الترمذي وهذا لفظه عن أبي أسامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال « لا تبيعوا القينات ولا تشتروهن ولا تعلموهن ولا خير في تجارة فيهن وثمنهن حرام » وفي مثل هذا نزلت ﴿ ومن الناس من يشتري لهو الحديث ﴾ الآية وعن أبي هريرة « أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب وكسب المزمار » وقال مكحول من اشترى جارية ضرابة ليمسكها لغنائها وضربها مقيماً عليه حتى يموت لم أصل عليه إن الله تعالى يقول :﴿ ومن الناس من يشتري لهو الحديث ﴾ الآية وعن أبي مسعود وابن عباس والحسن وعكرمة وسعيد بن جبير قالوا لهو الحديث هو الغناء والآية نزلت فيه ومعنى يشتري يستبدل ويختار الغناء والمزامير والمعازف على القرآن. وقال أبو الصهباء : سألت ابن مسعود عن هذه الآية فقال هو الغناء والله الذي لا إله إلا هو يرددها ثلاث مرات وقال إبراهيم النخعي الغناء ينبت النفاق وقيل : هو كل لهو ولعب وقيل : هو الشرك ﴿ ليضل عن سبيل الله ﴾ يعني عن دين الإسلام وسماع القرآن ﴿ بغير علم ﴾ يعني يفعله عن جهل وحسب المرء من الضلالة أن يختار حديث الباطل على حديث الحق ﴿ ويتخذها هزواً ﴾ أي يتخذ آيات الله مزحاً ﴿ أولئك ﴾ يعني الذين هذه صفتهم ﴿ لهم عذاب مهين ﴾.
[سورة لقمان (٣١): الآيات ٧ الى ١٥]
وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (٧) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ (٨) خالِدِينَ فِيها وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٩) خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (١٠) هذا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي ماذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (١١)
وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (١٢) وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (١٣) وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ (١٤) وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٥)
وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِ آياتُنا وَلَّى مُسْتَكْبِراً أي لا يعبأ بها ولا يرفع لها رأسا كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها أي يشبه حاله في ذلك حال من لم يسمعها وهو سامع كَأَنَّ فِي أُذُنَيْهِ وَقْراً أي ثقلا ولا وقر فيهما فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ خالِدِينَ فِيها وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا يعني وعدهم الله ذلك وعدا حقا وهو لا يخلف الميعاد وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ قوله تعالى خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ قيل إن السماء خلقت مبسوطة كصحفة مستوية وهو قول المفسرين وهي في الفضاء والفضاء لا نهاية له وكون السماء في بعضه دون بعض ليس ذلك إلا بقدرة قادر مختار وإليه الإشارة بقوله بغير عمد تَرَوْنَها أي ليس لها شيء يمنعها الزوال من موضعها وهي ثابتة لا تزول وليس ذلك إلا بقدرة الله تعالى. وفي قوله ترونها وجهان: أحدهما أنه راجع إلى السموات أي ليست هي بعمد وأنتم ترونها كذلك بغير عمد. الوجه الثاني أنه راجع إلى العمد ومعناه بغير عمد مرئية وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ أي لئلا تتحرك بكم وَبَثَّ فِيها أي في الأرض مِنْ كُلِّ دابَّةٍ أي يسكنون فيها وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً يعني المطر وهو من إنعام الله على عبادة وفضله فَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ أي من كل صنف حسن هذا يعني الذي ذكرت مما تعاينون خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي ماذا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ أي آلهتكم التي تعبدونها بَلِ الظَّالِمُونَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ قوله عز وجل وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ قيل هو لقمان بن باعوراء بن ناحور بن تارخ وهو آزر. وقيل كان ابن أخت أيوب. وقيل كان ابن خالته. وقيل إنه عاش ألف سنة حتى أدرك داود وقيل إنه كان قاضيا في بني إسرائيل. واتفقت العلماء على أنه كان حكيما ولم يكن نبيا إلا عكرمة فإنه قال: كان نبيا وقيل خير بين النبوة والحكمة فاختار الحكمة. وروي أنه كان نائما نصف الليل فنودي يا لقمان هل لك أن نجعلك خليفة في الأرض فتحكم بين الناس فأجاب الصوت فقال إن خيرني ربي قبلت العافية ولم أقبل البلاء وإن عزم علي فسمعا وطاعة وإني أعلم أن الله إن فعل بي ذلك أعانني وعصمني فقالت الملائكة بصوت لا يراهم لم يا لقمان؟ قال إن الحاكم بأشد المنازل وأكدرها يغشاها الظلم من كل مكان إن عدل فبالحرى أن ينجو وإن أخطأ الطريق أخطأ طريق الجنة ومن يكن في الدنيا ذليلا خير من أن يكون شريفا، ومن يختر الدنيا على الآخرة تفتنه الدنيا ولم يصب الآخرة فعجبت الملائكة من حسن منطقه فنام نومة فأعطي الحكمة فانتبه وهو يتكلم بها ثم نودي داود بعده، فقبلها ولم يشترط ما اشترط لقمان فهوى في الخطيئة غير مرة كل ذلك يعفو الله عنه وكان لقمان يوازر داود لحكمته وقيل كان لقمان عبدا حبشيا نجارا وقيل كان خياطا وقيل كان راعي غنم فروي أنه لقيه رجل وهو يتكلم بالحكمة فقال ألست فلانا الراعي قال: بلى قال فبم بلغت ما بلغت؟ قال بصدق
﴿ إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات النعيم خالدين فيها وعد الله حقاً ﴾ يعني وعدهم الله ذلك وعداً حقاً وهو لا يخلف المعياد ﴿ وهو العزيز الحكيم ﴾.
قوله تعالى ﴿ خلق السموات بغير عمد ﴾ قيل إن السماء خلقت مبسوطة كصفحة مستوية وهو قول المفسرين وهي في الفضاء والفضاء لا نهاية له وكون السماء في بعضه دون بعض ليس ذلك إلا بقدرة قادر مختار وإليه الإشارة بقوله بغير عمد ﴿ ترونها ﴾ أي ليس لها شيء يمنعها الزوال من موضعها وهي ثابتة لا تزول وليس ذلك إلا بقدرة الله تعالى. وفي قوله ترونها وجهان : أحدهما أنه راجع إلى السموات أي ليست هي بعمد وأنتم ترونها كذلك بغير عمد. الوجه الثاني أنه راجع إلى العمد ومعناه بغير عمد مرئية ﴿ وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم ﴾ أي لئلا تتحرك بكم ﴿ وبث فيها ﴾ أي في الأرض ﴿ من كل دابة ﴾ أي يسكنون فيها ﴿ وأنزلنا من السماء ماء ﴾ يعني المطر وهو من إنعام الله على عباده وفضله ﴿ فأنبتنا فيها من كل زوج كريم ﴾ أي من كل صنف حسن.
﴿ هذا ﴾ يعني الذي ذكرت مما تعاينون ﴿ خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه ﴾ أي آلهتكم التي تعبدونها ﴿ بل الظالمون في ضلال مبين ﴾.
قوله عز وجل ﴿ ولقد آتينا لقمان الحكمة ﴾ قيل هو لقمان بن باعوراء بن ناحور بن تارخ وهو آزر. وقيل كان ابن أخت أيوب. وقيل كان ابن خالته. وقيل إنه عاش ألف سنة حتى أدرك داود وقيل إنه كان قاضياً في بني إسرائيل. واتفقت العلماء على أنه كان حكيماً ولم يكن نبياً إلا عكرمة فإنه قال : كان نبياً وقيل خير بين النبوة والحكمة فاختار الحكمة. وروي أنه كان نائماً نصف الليل فنودي يا لقمان هل لك أن نجعلك خليفة في الأرض فتحكم بين الناس فأجاب الصوت فقال إن خيرني ربي قبلت العافية ولم أقبل البلاء وإن عزم علي فسمعاً وطاعة وإني أعلم أن الله إن فعل بي ذلك أعانني وعصمني فقالت الملائكة بصوت لا يراهم لم يا لقمان ؟ قال إن الحاكم بأشد المنازل وأكدرها يغشاها الظلم من كل مكان إن عدل فبالحرى أن ينجو وإن أخطأ الطريق أخطأ طريق الجنة ومن يكن في الدنيا ذليلاً خير من أن يكون شريفاً، ومن يختر الدنيا على الآخرة تفتنه الدنيا ولم يصب الآخرة فعجبت الملائكة من حسن منطقه فنام نومة فأعطي الحكمة فانتبه وهو يتكلم بها ثم نودي داود بعده، فقبلها ولم يشترط ما اشترط لقمان فهوى في الخطيئة غير مرة كل ذلك يعفو الله عنه وكان لقمان يوازر داود لحكمته وقيل كان لقمان عبداً حبشياً نجاراً وقيل كان خياطاً وقيل كان راعي غنم فروي أنه لقيه رجل وهو يتكلم بالحكمة فقال ألست فلاناً الراعي قال : بلى قال فبم بلغت ما بلغت ؟ قال بصدق الحديث وأداء الأمانة وترك ما لا يعنيني، وقيل كان عبداً أسود عظيم الشفتين مشقق القدمين وقيل : خير السودان بلال بن رباح ومهجع مولى عمر ولقمان والنجاشي رابعهم أوتي الحكمة والعقل والفهم وقيل العلم والعمل به ولا يسمى الرجل حكيماً حتى يجمعها وقيل الحكمة المعرفة والإصابة في الأمور وقيل : الحكمة شيء يجعله الله في القلب ينوره كما ينور البصر فيدرك المبصر.
وقوله ﴿ أن أشكر الله ﴾ وذلك لأن المراد من العلم العمل به والشكر عليه ﴿ ومن يشكر فإنما يشكر لنفسه ﴾ أي عليه يعود نفع ذلك وكذلك كفرانه ﴿ ومن كفر ﴾ عليه يعود وبال كفره ﴿ فإن الله غني ﴾ أي غير محتاج إلى شكر الشاكرين ﴿ حميد ﴾ أي هو حقيق بأن يحمد وإن لم يحمده أحد.
وقوله تعالى ﴿ وإذ قال لقمان لابنه ﴾ قيل اسمه أنعم وقيل أشكم ﴿ وهو يعظه ﴾ وذلك لأن أعلى مراتب الإنسان أن يكون كاملاً في نفسه مكملاً لغيره فقوله ﴿ ولقد آتينا لقمان الحكمة أن أشكر لله ﴾ إشارة إلى الكمال وقوله وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه إشارة إلى التكميل لغيره وبدأ بالأقرب إليه وهو ابنه وبدأ في وعظه بالأهم وهو المنع من الشرك وهو قوله ﴿ يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم ﴾ لأن التسوية بين من يستحق العبادة وبين من لا يستحقها ظلم عظيم لأنه وضع العبادة في موضعها.
قوله عز وجل ﴿ ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهناً على وهن ﴾ قال ابن عباس شدة بعد شدة وقيل إن المرأة إذا حملت توالى عليها الضعف والتعب والمشقة وذلك لأن الحمل ضعف والطلق ضعف والوضع ضعف والرضاعة ضعف ﴿ وفصاله في عامين ﴾ أي فطامه في سنتين ﴿ أن اشكر لي ولوالديك إليَّ المصير ﴾ لما جعل الله بفضله للوالدين صورة التربية الظاهرة وهو الموجد والمربي في الحقيقة جعل الشكر بينهما فقال اشكر لي ولوالديك ثم فرق فقال إلي المصير يعني أن نعمتهما مختصة بالدنيا ونعمتي عليك في الدنيا والآخرة وقيل لما أمر بشكره وشكر الوالدين قال الجزاء على وقت المصير إلي، قال سفيان بن عيينة في هذه الآية من صلى الصلوات الخمس فقد شكر الله ومن دعا للوالدين في أدبار الصلوات الخمس فقد شكر الوالدين.
﴿ وإن جاهداك على أن تشرك بين ما ليس لك به علم فلا تطعهما ﴾ قال النخعي : يعني أن طاعتهما واجبة فان أفضى ذلك إلى الإشراك بي فلا تطعهما في ذلك لأن لا طاعة للمخلوق في معصية الخالق ﴿ وصاحبهما في الدنيا معروفاً ﴾ أي بالمعروف وهو البر والصلة والعشرة الجميلة ﴿ واتبع سبيل من أناب إلي ﴾ أي اتبع دين من أقبل إلى طاعتي وهو النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وقيل من أناب إلي يعني أبا بكر الصديق قال ابن عباس : وذلك أنه حين أسلم أتاه عثمان وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف وقالوا له قد صدقت هذا الرجل وآمنت به قال نعم إنه صادق فآمنوا به ثم حملهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم حتى أسلموا فهؤلاء لهم سابقة الإسلام أسلما بإرشاد أبي بكر ﴿ ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون ﴾.
الحديث وأداء الأمانة وترك ما لا يعنيني، وقيل كان عبدا أسود عظيم الشفتين مشقق القدمين وقيل: خير السودان بلال بن رباح ومهجع مولى عمر ولقمان والنجاشي رابعهم أوتي الحكمة والعقل والفهم وقيل العلم والعمل به ولا يسمى الرجل حكيما حتى يجمعها وقيل الحكمة المعرفة والإصابة في الأمور وقيل: الحكمة شيء يجعله الله في القلب ينوره كما ينور البصر فيدرك المبصر. وقوله أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وذلك لأن المراد من العلم العمل به والشكر عليه وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ أي عليه يعود نفع ذلك وكذلك كفرانه وَمَنْ كَفَرَ عليه يعود وبال كفره فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ أي غير محتاج إلى شكر الشاكرين حَمِيدٌ أي هو حقيق بأن يحمد وإن لم يحمده أحد.
وقوله تعالى وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ قيل اسمه أنعم وقيل أشكم وَهُوَ يَعِظُهُ وذلك لأن أعلى مراتب الإنسان أن يكون كاملا في نفسه مكملا لغيره فقوله وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ إشارة إلى الكمال وقوله وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه إشارة إلى التكميل لغيره وبدأ بالأقرب إليه وهو ابنه وبدأ في وعظه بالأهم وهو المنع من الشرك وهو قوله يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ لأن التسوية بين من يستحق العبادة وبين من لا يستحقها ظلم عظيم لأنه وضع العبادة في غير موضعها. قوله عز وجل وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ قال ابن عباس شدة بعد شدة وقيل إن المرأة إذا حملت توالى عليها الضعف والتعب والمشقة وذلك لأن الحمل ضعف والطلق ضعف والوضع ضعف والرضاعة ضعف وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ أي فطامه في سنتين أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ لما جعل الله بفضله للوالدين صورة التربية الظاهرة وهو الموجد والمربي في الحقيقة جعل الشكر بينهما فقال اشكر لي ولوالديك ثم فرق فقال إلي المصير يعني أن نعمتهما مختصة بالدنيا ونعمتي عليك في الدنيا والآخرة وقيل لما أمر بشكره وشكر الوالدين قال الجزاء علي وقت المصير إلي، قال سفيان بن عيينة في هذه الآية من صلى الصلوات الخمس فقد شكر الله ومن دعا للوالدين في أدبار الصلوات الخمس فقد شكر الوالدين وَإِنْ جاهَداكَ عَلى أَنْ تُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما قال النخعي: يعني أن طاعتهما واجبة فان أفضى ذلك إلى الإشراك بي فلا تطعهما في ذلك لأن لا طاعة للمخلوق في معصية الخالق وَصاحِبْهُما فِي الدُّنْيا مَعْرُوفاً أي بالمعروف وهو البر والصلة والعشرة الجميلة وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنابَ إِلَيَّ أي اتبع دين من أقبل إلى طاعتي وهو النبي صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه وقيل من أناب إلي يعني أبا بكر الصديق قال ابن عباس:
وذلك أنه حين أسلم أتاه عثمان وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف وقالوا له قد صدقت هذا الرجل وآمنت به قال نعم إنه صادق فآمنوا به ثم حملهم إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم حتى أسلموا فهؤلاء لهم سابقة الإسلام أسلموا بإرشاد أبي بكر ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ.
[سورة لقمان (٣١): الآيات ١٦ الى ٢٠]
يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (١٦) يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ (١٧) وَلا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ (١٨) وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ (١٩) أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ (٢٠)
يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ وذلك أن ابن لقمان قال لأبيه يا أبت إن عملت الخطيئة حيث لا يراني أحد كيف يعلمها الله؟ قال يا بني إنها أي الخطيئة إن تك مثقال حبة من خردل أي في الصغر فَتَكُنْ أي مع صغرها فِي صَخْرَةٍ قال ابن عباس: صخرة تحت الأرضين السبع وهي التي يكتب فيها أعمال الفجار وخضرة السماء منها وقيل خلق الله الأرض على حوت وهو النون والحوت في الماء والماء على ظهر صفاة
﴿ يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك ﴾ من الأذى ﴿ إن ذلك من عزم الأمور ﴾ يعني إقامة الصلاة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر على الأذى من الأمور الواجبة التي أمر الله بها.
﴿ ولا تصعر ﴾ وقرئ تصاعر ﴿ خدك للناس ﴾ قال ابن عباس لا تتكبر فتحقر الناس وتعرض عنهم بوجهك إذا كلموك وقيل هو الرجل يكون بينك وبينه محبة فيلقاك فتعرض عنه وقيل هو الذي إذا سلم عليه ولوى عنقه تكبراً وقيل معناه لا تحتقر الفقراء فليكن الفقير والغني عندك سواء ﴿ ولا تمش في الأرض مرحاً ﴾ أي خيلاء ﴿ إن الله لا يحب كل مختال ﴾ في مشيه ﴿ فخور ﴾ أي على الناس.
﴿ واقصد في مشيك ﴾ أي ليكن في مشيتك قصد بين الإسراع والتأني أما بالإسراع فهو من الخيلاء وأما التأني فهو أن يرى في نفسه الضعف تزهداً وكلا الطرفين مذموم بل ليكن مشيك بين السكينة والوقار ﴿ واغضض ﴾ أي اخفض وقيل وانقص ﴿ من صوتك إن أنكر ﴾ أي أقبح ﴿ الأصوات لصوت الحمير ﴾ لأن أوله زفير وآخره شهيق وهما صوت أهل النار وعن الثوري في هذه الآية قال صياح كل شيء تسبيح إلا الحمار وقيل معنى الآية هو العطسة القبيحة المنكرة قال وهب : تكلم لقمان باثني عشر ألف باب من الحكمة أدخلها الناس في كلامهم وقضاياهم ومن حكمته قيل : إنه كان عبداً حبشياً فدفع إليه مولاه شاة وقال له : اذبحها وائتني بأطيب مضغتين منها فاتاه باللسان والقلب ثم دفع إليه أخرى وقال له اذبحها وائتني بأخبث مضغتين منها فأتاه باللسان والقلب فسأله مولاه فقال ليس شيء أطيب منهما إذا طابا ولا أخبث منهما إذا خبثا وقال لقمان ليس مال كصحة ولا نعيم كطيب نفس. وقيل للقمان أي الناس شر قال الذي لا يبالي أن يراه الناس مسيئاً.
قوله عز وجل ﴿ ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السموات وما في الأرض وأسبغ ﴾ أي أتم وأكمل ﴿ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة ﴾ قال ابن عباس النعمة الظاهرة الإسلام والقرآن والباطنة ما ستر عليكم من الذنوب ولم يعجل عليكم بالنقمة ؛ وقيل الظاهرة تسوية الأعضاء وحسن الصورة والباطنة الاعتقاد بالقلب وقيل الظاهرة الرزق والباطنة حسن الخلق وقيل الظاهرة تخفيف الشرائع والباطنة الشفاعة وقيل الظاهرة ظهور الإسلام والنصر على الأعداء والباطنة الإمداد بالملائكة وقيل الظاهرة اتباع الرسول والباطنة محبته ﴿ ومن الناس من يجادل في الله بغير علم ﴾ نزلت في النضر بن الحارث وأبي بن خلف وأمية بن خلف وأشباههم كانوا يجادلون النبي صلى الله عليه سلم في الله وفي صفاته بغير علم ﴿ ولا هدى ولا كتاب منير ﴾.
والصفاة على ظهر ملك وقيل على ظهر ثور وهو على صخرة وهي التي ذكر لقمان ليست في الأرض ولا في السماء فلذلك قال أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ والصخرة على متن الريح والريح على القدرة يَأْتِ بِهَا اللَّهُ معناه الله عالم بها قادر على استخراجها وهو قوله إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ أي باستخراجها خَبِيرٌ أي بمكانها ومعنى الآية الإحاطة بالأشياء صغيرها وكبيرها قيل إن هذه الكلمة آخر كلمة قالها لقمان فانشقت مرارته من هيبتها وعظمتها فمات يا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ من الأذى إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ يعني إقامة الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واصْبِرْ عَلى ما أَصابَكَ من الأذى إِنَّ ذلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ يعني إقامة الصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصبر على الأذى من الأمور الواجبة التي أمر الله بها وَلا تُصَعِّرْ وقرئ تصاعر خَدَّكَ لِلنَّاسِ قال ابن عباس لا تتكبر فتحقر الناس وتعرض عنهم بوجهك إذا كلموك وقيل هو الرجل يكون بينك وبينه محبة فيلقاك فتعرض عنه وقيل هو الذي إذا سلم عليه لوى عنقه تكبرا وقيل معناه لا تحتقر الفقراء فليكن الفقير والغني عندك سواء وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً أي خيلاء إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ في مشيه فَخُورٍ أي على الناس وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ أي ليكن في مشيتك قصد بين الإسراع والتأني أما الإسراع فهو من الخيلاء وأما التأني فهو أن يرى في نفسه الضعف تزهدا وكلا الطرفين مذموم بل ليكن مشيك بين السكينة والوقار وَاغْضُضْ أي اخفض وقيل وانقص مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ أي أقبح الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ لأن أوله زفير وآخره شهيق وهما صوت أهل النار وعن الثوري في هذه الآية قال صياح كل شيء تسبيح إلا الحمار وقيل معنى الآية هو العطسة القبيحة المنكرة قال وهب: تكلم لقمان باثني عشر ألف باب من الحكمة أدخلها الناس في كلامهم وقضاياهم ومن حكمته قيل: إنه كان عبدا حبشيا فدفع إليه مولاه شاة وقال له: اذبحها وائتني بأطيب مضغتين منها فأتاه باللسان والقلب ثم دفع إليه أخرى وقال له اذبحها وائتني بأخبث مضغتين منها فأتاه باللسان والقلب فسأله مولاه فقال ليس شيء أطيب منهما إذا طابا ولا أخبث منهما إذا خبثا وقال لقمان ليس مال كصحة ولا نعيم كطيب نفس. وقيل للقمان أي الناس شر قال الذي لا يبالي أن يراه الناس مسيئا. قوله عز وجل أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ أي أتم وأكمل عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَباطِنَةً قال ابن عباس النعمة الظاهرة الإسلام والقرآن والباطنة ما ستر عليكم من الذنوب ولم يعجل عليكم بالنقمة وقيل الظاهرة تسوية الأعضاء وحسن الصورة والباطنة الاعتقاد بالقلب وقيل الظاهرة الرزق والباطنة حسن الخلق وقيل الظاهرة تخفيف الشرائع والباطنة الشفاعة وقيل الظاهرة ظهور الإسلام والنصر على الأعداء والباطنة الإمداد بالملائكة وقيل الظاهرة اتباع الرسول والباطنة محبته وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ نزلت في النضر بن الحارث وأبي بن خلف وأمية بن خلف وأشباههم كانوا يجادلون النبي صلّى الله عليه وسلّم في الله وفي صفاته بغير علم وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ.
[سورة لقمان (٣١): الآيات ٢١ الى ٣٢]
وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ (٢١) وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى وَإِلَى اللَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ (٢٢) وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (٢٣) نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ (٢٤) وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٢٥)
لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٢٦) وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٧) ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ واحِدَةٍ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (٢٨) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ (٢٩) ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْباطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (٣٠)
أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ لِيُرِيَكُمْ مِنْ آياتِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ (٣١) وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ (٣٢)
399
وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا قال الله تعالى أَوَلَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ معناه أفيتبعونهم وإن كان الشيطان يدعوهم إِلى عَذابِ السَّعِيرِ قوله عز وجل وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ أي يخلص لله دينه ويفوض إليه أمره وَهُوَ مُحْسِنٌ أي في عمله فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى أي اعتصم بالعهد الأوثق الذي لا يخلف عهده ولا يخاف انقطاعه ويرتقي بسببه إلى أعلى المراتب والغايات وَإِلَى اللَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ أي مصير جميع الأشياء إليه وَمَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ أي لا يخفى عليه سرهم وعلانيتهم. قوله تعالى نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا أي نمهلهم ليتمتعوا بنعيم الدنيا إلى انقضاء آجالهم ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ أي نلجئهم ونردهم إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ إلي النار في الآخرة وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ تقدم تفسيره. قوله تعالى وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ قال المفسرون لما نزلت بمكة وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ الآية وهاجر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إلى المدينة أتاه أحبار اليهود وقالوا يا محمد بلغنا أنك تقول وَما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا أتعنينا أم قومك فقال عليه الصلاة والسلام كلا قد عنيت قالوا ألست تتلو فيما جاءك أنا أوتينا التوراة فيها علم كل شيء فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم هي في علم الله قليل وقد أتاكم الله بما إن علمتم به انتفعتم به قالوا كيف تزعم هذا وأنت تقول وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً فكيف يجتمع علم قليل مع خير كثير فأنزل الله هذه الآية فعلى هذا تكون هذه الآية مدنية وقيل إن اليهود أمروا وفد قريش أن يسألوا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ويقولوا له ذلك وهو بمكة وقيل إن المشركين قالوا إن القرآن وما يأتي به محمد يوشك أن ينفد فينقطع فأنزل الله تعالى وَلَوْ أَنَّما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ أي بريت أقلاما وقيل بعدد كل شجرة قلم وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ أي يزيده وينصب إليه مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ أي مدادا والخلائق يكتبون به كلام الله ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ لأنها لا نهاية لها إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ.
قوله تعالى ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ أي إلا كخلق نفس واحدة وبعثها لا يتعذر عليه شيء إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ أي لأقوالكم بَصِيرٌ بأعمالكم أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ يعني ذلك الذي هو قادر على هذه الأشياء التي ذكرت هو الحق المستحق للعبادة وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْباطِلُ يعني لا يستحق العبادة وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ يعني في صفاته له الصفات العليا والأسماء الحسنى الْكَبِيرُ في ذاته أنه أكبر من كل كبير. قوله تعالى أَلَمْ تَرَ أَنَّ الْفُلْكَ يعني السفن والمراكب تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِنِعْمَتِ اللَّهِ يعني ذلك من نعمة الله عليكم لِيُرِيَكُمْ مِنْ آياتِهِ يعني من عجائب صنائعه إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ يعين على ما أمر الله شَكُورٍ لإنعامه وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ يعني كالجبال وقيل كالسحاب شبه بها الموج في كثرتها وارتفاعها دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ معناه أن الإنسان إذا وقع في شدة ابتهل إلى الله بالدعاء وترك كل من عداه ونسي جميع ما سواه فإذا نجا من تلك الشدة فمنهم من يبقى على تلك الحالة وهو المقتصد وهو قوله تعالى فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ يعني عدل موف في البر بما عاهد عليه الله في البحر من التوحيد والثبوت
400
قوله عز وجل ﴿ ومن يسلم وجهه إلى الله ﴾ أي يخلص لله دينه ويفوض إليه أمره ﴿ وهو محسن ﴾ أي في عمله ﴿ فقد استمسك بالعروة الوثقى ﴾ أي اعتصم بالعهد الأوثق الذي لا يخلف عهده ولا يخاف انقطاعه ويرتقي بسببه إلى أعلى المراتب والغايات ﴿ وإلى الله عاقبة الأمور ﴾ أي مصير جميع الأشياء إليه.
﴿ ومن كفر فلا يحزنك كفره إلينا مرجعهم فننبئهم بما عملوا إن الله عليم بذات الصدور ﴾ أي لا يخفى عليه سرهم وعلانيتهم.
قوله تعالى ﴿ نمتعهم قليلاً ﴾ أي نمهلهم ليتمتعوا بنعيم الدنيا إلى انقضاء آجالهم ﴿ ثم نضطرهم ﴾ أي نلجئهم ونردهم ﴿ إلى عذاب غليظ ﴾ إلى النار في الآخرة.
قوله تعالى ﴿ ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام ﴾ قال المفسرون لما نزلت بمكة ﴿ ويسألونك عن الروح ﴾ الآية وهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أتاه أحبار اليهود وقالوا « يا محمد بلغنا أنك تقول ﴿ وما أوتيتم من العلم إلا قليلا ﴾ أتعنينا أم قومك فقال عليه الصلاة والسلام كلا قد عنيت قالوا ألست تتلو فيما جاءك أنا أوتينا التوراة فيها علم كل شيء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هي في علم الله قليل وقد أتاكم الله بما إن علمتم به انتفعتم به قالوا كيف تزعم هذا وأنت تقول ﴿ ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً ﴾ فكيف يجتمع علم قليل مع خير كثير » فأنزل الله هذه الآية فعلى هذا تكون هذه الآية مدنية وقيل إن اليهود أمروا وفد قريش أن يسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقولوا له ذلك وهو بمكة وقيل إن المشركين قالوا إن القرآن وما يأتي به محمد يوشك أن ينفد فينقطع فأنزل الله تعالى ﴿ ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام ﴾ أي بريت أقلاماً وقيل بعدد كل شجرة قلم ﴿ والبحر يمده ﴾ أي يزيده وينصب إليه ﴿ من بعده سبعة أبحر ﴾ أي مداداً والخلائق يكتبون به كلام الله ﴿ ما نفدت كلمات الله ﴾ لأنها لا نهاية لها ﴿ إن الله عزيز حكيم ﴾.
قوله تعالى ﴿ ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة ﴾ أي إلا كخلق نفس واحدة وبعثها لا يتعذر عليه شيء ﴿ إن الله سميع ﴾ أي لأقوالكم ﴿ بصير ﴾ بأعمالكم.
﴿ ذلك بأن الله هو الحق ﴾ يعني ذلك الذي هو قادر على هذه الأشياء التي ذكرت هو الحق المستحق للعبادة ﴿ وأن ما يدعون من دونه الباطل ﴾ يعني لا يستحق العبادة ﴿ وأن الله هو العلي ﴾ يعني في صفاته له الصفات العليا والأسماء الحسنى ﴿ الكبير ﴾ في ذاته أنه أكبر من كل كبير.
قوله تعالى ﴿ ألم تر أن الفلك ﴾ يعني السفن والمراكب ﴿ تجري في البحر بنعمة الله ﴾ يعني ذلك من نعمة الله عليكم ﴿ فيريكم من آياته ﴾ يعني من عجائب صنائعه ﴿ إن في ذلك لآيات لكل صبار ﴾ يعين على ما أمر الله ﴿ شكور ﴾ لإنعامه.
﴿ وإذا غشيهم موج كالظلل ﴾ يعني كالجبال وقيل كالسحاب شبه بها الموج في كثرتها وارتفاعها ﴿ دعوا الله مخلصين له الدين ﴾ معناه أن الإنسان إذا وقع في شدة ابتهل إلى الله بالدعاء وترك كل من عداه ونسي جميع ما سواه فإذا نجا من تلك الشدة فمنهم من يبقى على تلك الحالة وهو المقتصد وهو قوله تعالى ﴿ فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد ﴾ يعني عدل موفٍ في البر بما عاهد عليه الله في البحر من التوحيد والثبوت على الإيمان وقيل نزلت في عكرمة بن أبي جهل وذلك أنه هرب عام الفتح إلى البحر فجاءهم ريح عاصف فقال عكرمة : لئن أنجانا الله من هذا لأرجعن إلى محمد صلى الله عليه سلم ولأضعن يده في يدي فسكت الريح ورجع عكرمة إلى مكة وأسلم وحسن إسلامه ومنهم من لم يوف بما عاهد وهو المراد بقوله ﴿ وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار ﴾ يعني غدار ﴿ كفور ﴾ يعني جحود لأنعمنا عليه.
على الإيمان وقيل نزلت في عكرمة بن أبي جهل وذلك أنه هرب عام الفتح إلى البحر فجاءهم ريح عاصف فقال عكرمة: لئن أنجانا الله من هذا لأرجعن إلى محمد صلّى الله عليه وسلّم ولأضعن يده في يدي فسكت الريح ورجع عكرمة إلى مكة وأسلم وحسن إسلامه ومنهم من لم يوف بما عاهد وهو المراد بقوله وَما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ يعني غدار كَفُورٍ يعني جحود لأنعمنا عليه. قوله تعالى:
[سورة لقمان (٣١): الآيات ٣٣ الى ٣٤]
يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ وَاخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (٣٣) إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ماذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (٣٤)
يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ يعني خافوا ربكم وَاخْشَوْا يعني وخافوا يَوْماً لا يَجْزِي يعني لا يقضي ولا يغني والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً قيل معنى الآية إن الله ذكر شخصين في غاية الشفقة والمحبة وهما الوالد والولد فنبه بالأعلى على الأدنى وبالأدنى على الأعلى فالوالد يجزي عن ولده لكمال شفقته عليه والولد يجزي عن والده لما له من حق التربية وغيرها فإذا كان يوم القيامة فكل إنسان يقول نفسي ولا يهتم بقريب ولا بعيد كما قال ابن عباس كل امرئ تهمه نفسه إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌ
قيل إنه تحقيق اليوم معناه اخشوا يوما هذا شأنه وهو كائن بوعد الله به ووعده حق وقيل الآية تحقيق بعدم الجزاء يعني لا يجزي والد عن ولده في ذلك اليوم والقول الأول أحسن وأظهر فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا يعني لأنها فانية وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ يعني الشيطان. قال سعيد بن جبير يعمل بالمعاصي ويتمنى المغفرة. قوله تعالى إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ الآية نزلت في الحارث بن عمرو بن حارثة بن حفصة من أهل البادية أتى النبي صلّى الله عليه وسلّم فسأله عن الساعة ووقتها وقال إن أرضنا أجدبت فقل لي متى ينزل الغيث وتركت امرأتي حبلى فمتى تلد ولقد علمت أين ولدت فبأي أرض أموت فأنزل الله هذه الآية (ق) عن ابن عمر أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «مفاتيح الغيب خمس إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير» ومعنى الآية إن الله عنده علم الساعة فلا يدري أحد من الناس متى تقوم الساعة في أي سنة أو أي شهر أو أي يوم ليلا أو نهارا وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ فلا يعلم أحد متى ينزل الغيث ليلا أو نهارا إلا الله وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ أذكر أم أنثى أحمر أم أسود تام الخلقة أم ناقص وَما تَدْرِي نَفْسٌ ماذا تَكْسِبُ غَداً من خير أو شر وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ يعني ليس أحد من الناس يعلم أين مضجعه من الأرض في بر أو بحر في سهل أو جبل إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ يعني بهذه الأشياء وبغيرها خَبِيرٌ أي ببواطن الأشياء كلها ليس علمه محيطا بالظاهر فقط بل علمه محيط بالظاهر والباطن قال ابن عباس: هذه الخمسة لا يعلمها ملك مقرب ولا نبي مصطفى فمن ادعى أنه يعلم شيئا من هذه فإنه كفر بالقرآن لأنه خالفه والله تعالى أعلم بمراده وأسرار كتابه.
قوله تعالى ﴿ إن الله عنده علم الساعة الآية نزلت في الحارث بن عمرو بن حارثة بن حفصة من أهل البادية أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن الساعة ووقتها وقال إن أرضنا أجدبت فقل لي متى ينزل الغيث وتركت امرأتي حبلى فمتى تلد ولقد علمت أين ولدت فبأي أرض أموت فأنزل الله هذه الآية ( ق ) عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :« مفاتيح الغيب خمس إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غداً وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير » ومعنى الآية إن الله عنده علم الساعة فلا يدري أحد من الناس متى تقوم الساعة في أي سنة أو أي شهر أو أي يوم ليلاً أو نهاراً { وينزل الغيث ﴾ فلا يعلم أحد متى ينزل الغيث ليلاً أو نهاراً إلا الله ﴿ ويعلم ما في الأرحام ﴾ أذكر أم أنثى أحمر أم أسود تام الخلقة أم ناقص ﴿ وما تدري نفس ماذا تكسب غداً ﴾ من خير أو شر ﴿ وما تدري نفس بأي أرض تموت ﴾ يعني ليس أحد من الناس يعلم أين مضجعه من الأرض في بر أو بحر في سهل أو جبل ﴿ إن الله عليم ﴾ يعني بهذه الأشياء وبغيرها ﴿ خبير ﴾ أي ببواطن الأشياء كلها ليس علمه محيطاً بالظاهر فقط بل علمه محيط بالظاهر والباطن قال ابن عباس : هذه الخمسة لا يعلمها ملك مقرب ولا نبي مصطفى فمن ادعى أنه يعلم شيئاً من هذه الأمور فإنه كفر بالقرآن لأنه خالفه والله تعالى أعلم بمراده وأسرار كتابه.