ﰡ
في المصحف الكريم
تواصل الآيات الكريمة في بداية هذا الربع وصف ما أعده الله لعباده " الأبرار " من ضروب النعيم وصنوف الإحسان، وفي خلال هذا الوصف يقول الله تعالى في خطابه لنبيه :﴿ وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا٢٠ ﴾، أي : إذا رأيت يا محمد الجنة وما هي عليه رأيت نعيما حقيقيا لا ينغصه أي منغص، ولا يساويه أي نعيم عرفه الناس، ورأيت ملكا إلهيا كبيرا، تتضاءل دونه جميع مظاهر الملك البشري المحدود، فملك الله لا يعادله غيره في السلطان الباهر، والنفوذ القاهر. ولا غرابة فيما يفاجأ به الذين آمنوا بالله ورسوله في دار النعيم، فقد وعدهم الله أن يكرمهم " بما لا عين رأت، ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ".
في المصحف الكريم
تواصل الآيات الكريمة في بداية هذا الربع وصف ما أعده الله لعباده " الأبرار " من ضروب النعيم وصنوف الإحسان، وفي خلال هذا الوصف يقول الله تعالى في خطابه لنبيه :﴿ وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا٢٠ ﴾، أي : إذا رأيت يا محمد الجنة وما هي عليه رأيت نعيما حقيقيا لا ينغصه أي منغص، ولا يساويه أي نعيم عرفه الناس، ورأيت ملكا إلهيا كبيرا، تتضاءل دونه جميع مظاهر الملك البشري المحدود، فملك الله لا يعادله غيره في السلطان الباهر، والنفوذ القاهر. ولا غرابة فيما يفاجأ به الذين آمنوا بالله ورسوله في دار النعيم، فقد وعدهم الله أن يكرمهم " بما لا عين رأت، ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ".
ولا بأس من التنبيه هنا على أن التعبير في هذه الآية وأمثالها بصيغة " نزل " :﴿ نزلنا عليك القرآن تنزيلا ﴾، يفيد بمقتضى الاستعمال اللغوي لهذه الصيغة بالذات أن كتاب الله لم ينزل على رسوله دفعة واحدة، وإنما نزل بالتدريج وبالتتابع على دفعات، حسب التخطيط الإلهي لمناسبات نزوله، وحسب الوقائع والأحداث، وبذلك يؤدي لفظ " نزّل " في هذا السياق معنى خاصا لا يؤديه غيره من الأفعال الأخرى المشتقة من هذه المادة.
ولا بأس من التنبيه هنا على أن التعبير في هذه الآية وأمثالها بصيغة " نزل " :﴿ نزلنا عليك القرآن تنزيلا ﴾، يفيد بمقتضى الاستعمال اللغوي لهذه الصيغة بالذات أن كتاب الله لم ينزل على رسوله دفعة واحدة، وإنما نزل بالتدريج وبالتتابع على دفعات، حسب التخطيط الإلهي لمناسبات نزوله، وحسب الوقائع والأحداث، وبذلك يؤدي لفظ " نزّل " في هذا السياق معنى خاصا لا يؤديه غيره من الأفعال الأخرى المشتقة من هذه المادة.
والتنويه " بعبادة الليل " في هذا المقام، وحض الرسول عليها بالخصوص، يناسب ما يمتاز به الليل من السكون والهدوء، وما يساعد عليه من جمع الفكر والتأمل والتدبر في آيات الله القرآنية والكونية، والاستغراق في مناجاته دون انقطاع، على حد قوله تعالى في سورة ( المزمل : ٥ ) :﴿ إن ناشئة الليل هي أشدّ وطئا وأقوم قيلا ﴾، بمعنى أن قيام الليل هو أشد مواطأة بين القلب واللسان، وأجمع للخاطر عند تلاوة القرآن.
والتنويه " بعبادة الليل " في هذا المقام، وحض الرسول عليها بالخصوص، يناسب ما يمتاز به الليل من السكون والهدوء، وما يساعد عليه من جمع الفكر والتأمل والتدبر في آيات الله القرآنية والكونية، والاستغراق في مناجاته دون انقطاع، على حد قوله تعالى في سورة ( المزمل : ٥ ) :﴿ إن ناشئة الليل هي أشدّ وطئا وأقوم قيلا ﴾، بمعنى أن قيام الليل هو أشد مواطأة بين القلب واللسان، وأجمع للخاطر عند تلاوة القرآن.
وقوله تعالى هنا :﴿ وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا٢٨ ﴾، يمكن تفسيره بمعنى أن الله تعالى قادر على أن يبعثهم يوم القيامة ويعيد خلقهم من جديد، من باب الاستدلال بالنشأة الأولى على النشأة الآخرة، ويمكن تفسيره بمعنى أن الله تعالى إذا شاء أبادهم من الدنيا عقابا لهم، وأتى بغيرهم من الناس، على حد قوله تعالى في آية ثانية :﴿ إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين ﴾ ( النساء : ١٣٣ )، وقوله تعالى في آية ثالثة :{ إن يشأ يذهبهم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز{ ( فاطر : ١٦، ١٧ ).
وعادت الآيات الكريمة مرة أخرى إلى الحديث عن " كتاب الله " والتنويه بما جاء به من الهداية والنور للإنسانية جمعاء مع الإشارة إلى أن في طليعة أهدافه تذكير الناسين، وتنبيه الغافلين، إلى ما عليهم من حقوق الله وحقوق لمخلوقاته يلزمهم القيام بها، وصرف الوجهة إليها، وذلك قوله تعالى هنا، ونفس هذا النص سبق نظيره في سورة ( المزمل : ١٧ ) :﴿ إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا٢٩ ﴾، ولا طريق إلى الله والوصول إلى معرفته ورضاه، أفضل وأضمن من كتاب الله، روي عن أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه أنه سأل عن المخرج من الفتن فقال : " المخرج منها كتاب الله، فيه نبأ من قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، فهو حبل الله المتين، ونوره المبين، والذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا تتشعب معه الآراء، ولا يشبع منه العلماء، ولا تمله الأتقياء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، من علم علمه سبق، ومن قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن عمل به أجر، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم ". قال ابن كثير : " وقد وهم بعضهم في رفع هذا الحديث ".
وقوله تعالى هنا :﴿ وما تشاءون إلا أن يشاء الله ﴾، يمكن أن يفهم على وجهين :
- الوجه الأول : أن المؤمن ينبغي له أن يربط أعماله وتصرفاته بمشيئة الله، أدبا مع الله من جهة، وتوكلا عليه من جهة أخرى، بحيث لا يعتقد أن إرادته المحدودة هي الكل في الكل، وذلك على حد قوله تعالى :﴿ ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله ﴾ ( الكهف : ٢٣ ).
- والوجه الثاني : أن المؤمن ينبغي له أن يلتجئ إلى الله دائما، ويطلب منه الهداية منه والتوفيق فيما يقدم عليه من أعمال وتصرفات، حتى ييسر له أسباب النجاح من جميع الوجوه، وقد سبق في ختام سورة " المدثر " قوله تعالى :﴿ وما تذكرون إلا أن يشاء الله ﴾، وهو يشابه تمام المشابهة قوله تعالى هنا :﴿ وما تشاءون إلا أن يشاء الله ﴾.
ثم عقب كتاب الله على ذلك بقوله تعالى :﴿ إن الله كان عليما حكيما٣٠ ﴾، أي : " عليما " بنواياكم في أعمالكم وتصرفاتكم، " حكيما " في تيسير أسبابها والتصديق عليها إن كانت خيرا، أو في تعطيل أسبابها، والتعرض لها، إن كانت شرا، ولله الحجة الدامغة، والحكمة البالغة.
وقوله تعالى هنا :﴿ وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا٢٨ ﴾، يمكن تفسيره بمعنى أن الله تعالى قادر على أن يبعثهم يوم القيامة ويعيد خلقهم من جديد، من باب الاستدلال بالنشأة الأولى على النشأة الآخرة، ويمكن تفسيره بمعنى أن الله تعالى إذا شاء أبادهم من الدنيا عقابا لهم، وأتى بغيرهم من الناس، على حد قوله تعالى في آية ثانية :﴿ إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين ﴾ ( النساء : ١٣٣ )، وقوله تعالى في آية ثالثة :{ إن يشأ يذهبهم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز{ ( فاطر : ١٦، ١٧ ).
وعادت الآيات الكريمة مرة أخرى إلى الحديث عن " كتاب الله " والتنويه بما جاء به من الهداية والنور للإنسانية جمعاء مع الإشارة إلى أن في طليعة أهدافه تذكير الناسين، وتنبيه الغافلين، إلى ما عليهم من حقوق الله وحقوق لمخلوقاته يلزمهم القيام بها، وصرف الوجهة إليها، وذلك قوله تعالى هنا، ونفس هذا النص سبق نظيره في سورة ( المزمل : ١٧ ) :﴿ إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا٢٩ ﴾، ولا طريق إلى الله والوصول إلى معرفته ورضاه، أفضل وأضمن من كتاب الله، روي عن أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه أنه سأل عن المخرج من الفتن فقال :" المخرج منها كتاب الله، فيه نبأ من قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، فهو حبل الله المتين، ونوره المبين، والذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا تتشعب معه الآراء، ولا يشبع منه العلماء، ولا تمله الأتقياء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، من علم علمه سبق، ومن قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن عمل به أجر، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم ". قال ابن كثير :" وقد وهم بعضهم في رفع هذا الحديث ".
وقوله تعالى هنا :﴿ وما تشاءون إلا أن يشاء الله ﴾، يمكن أن يفهم على وجهين :
- الوجه الأول : أن المؤمن ينبغي له أن يربط أعماله وتصرفاته بمشيئة الله، أدبا مع الله من جهة، وتوكلا عليه من جهة أخرى، بحيث لا يعتقد أن إرادته المحدودة هي الكل في الكل، وذلك على حد قوله تعالى :﴿ ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله ﴾ ( الكهف : ٢٣ ).
- والوجه الثاني : أن المؤمن ينبغي له أن يلتجئ إلى الله دائما، ويطلب منه الهداية منه والتوفيق فيما يقدم عليه من أعمال وتصرفات، حتى ييسر له أسباب النجاح من جميع الوجوه، وقد سبق في ختام سورة " المدثر " قوله تعالى :﴿ وما تذكرون إلا أن يشاء الله ﴾، وهو يشابه تمام المشابهة قوله تعالى هنا :﴿ وما تشاءون إلا أن يشاء الله ﴾.
ثم عقب كتاب الله على ذلك بقوله تعالى :﴿ إن الله كان عليما حكيما٣٠ ﴾، أي :" عليما " بنواياكم في أعمالكم وتصرفاتكم، " حكيما " في تيسير أسبابها والتصديق عليها إن كانت خيرا، أو في تعطيل أسبابها، والتعرض لها، إن كانت شرا، ولله الحجة الدامغة، والحكمة البالغة.
وقوله تعالى هنا :﴿ وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا٢٨ ﴾، يمكن تفسيره بمعنى أن الله تعالى قادر على أن يبعثهم يوم القيامة ويعيد خلقهم من جديد، من باب الاستدلال بالنشأة الأولى على النشأة الآخرة، ويمكن تفسيره بمعنى أن الله تعالى إذا شاء أبادهم من الدنيا عقابا لهم، وأتى بغيرهم من الناس، على حد قوله تعالى في آية ثانية :﴿ إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين ﴾ ( النساء : ١٣٣ )، وقوله تعالى في آية ثالثة :{ إن يشأ يذهبهم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز{ ( فاطر : ١٦، ١٧ ).
وعادت الآيات الكريمة مرة أخرى إلى الحديث عن " كتاب الله " والتنويه بما جاء به من الهداية والنور للإنسانية جمعاء مع الإشارة إلى أن في طليعة أهدافه تذكير الناسين، وتنبيه الغافلين، إلى ما عليهم من حقوق الله وحقوق لمخلوقاته يلزمهم القيام بها، وصرف الوجهة إليها، وذلك قوله تعالى هنا، ونفس هذا النص سبق نظيره في سورة ( المزمل : ١٧ ) :﴿ إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا٢٩ ﴾، ولا طريق إلى الله والوصول إلى معرفته ورضاه، أفضل وأضمن من كتاب الله، روي عن أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه أنه سأل عن المخرج من الفتن فقال :" المخرج منها كتاب الله، فيه نبأ من قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، فهو حبل الله المتين، ونوره المبين، والذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا تتشعب معه الآراء، ولا يشبع منه العلماء، ولا تمله الأتقياء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، من علم علمه سبق، ومن قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن عمل به أجر، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم ". قال ابن كثير :" وقد وهم بعضهم في رفع هذا الحديث ".
وقوله تعالى هنا :﴿ وما تشاءون إلا أن يشاء الله ﴾، يمكن أن يفهم على وجهين :
- الوجه الأول : أن المؤمن ينبغي له أن يربط أعماله وتصرفاته بمشيئة الله، أدبا مع الله من جهة، وتوكلا عليه من جهة أخرى، بحيث لا يعتقد أن إرادته المحدودة هي الكل في الكل، وذلك على حد قوله تعالى :﴿ ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله ﴾ ( الكهف : ٢٣ ).
- والوجه الثاني : أن المؤمن ينبغي له أن يلتجئ إلى الله دائما، ويطلب منه الهداية منه والتوفيق فيما يقدم عليه من أعمال وتصرفات، حتى ييسر له أسباب النجاح من جميع الوجوه، وقد سبق في ختام سورة " المدثر " قوله تعالى :﴿ وما تذكرون إلا أن يشاء الله ﴾، وهو يشابه تمام المشابهة قوله تعالى هنا :﴿ وما تشاءون إلا أن يشاء الله ﴾.
ثم عقب كتاب الله على ذلك بقوله تعالى :﴿ إن الله كان عليما حكيما٣٠ ﴾، أي :" عليما " بنواياكم في أعمالكم وتصرفاتكم، " حكيما " في تيسير أسبابها والتصديق عليها إن كانت خيرا، أو في تعطيل أسبابها، والتعرض لها، إن كانت شرا، ولله الحجة الدامغة، والحكمة البالغة.
وقوله تعالى هنا :﴿ وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلا٢٨ ﴾، يمكن تفسيره بمعنى أن الله تعالى قادر على أن يبعثهم يوم القيامة ويعيد خلقهم من جديد، من باب الاستدلال بالنشأة الأولى على النشأة الآخرة، ويمكن تفسيره بمعنى أن الله تعالى إذا شاء أبادهم من الدنيا عقابا لهم، وأتى بغيرهم من الناس، على حد قوله تعالى في آية ثانية :﴿ إن يشأ يذهبكم أيها الناس ويأت بآخرين ﴾ ( النساء : ١٣٣ )، وقوله تعالى في آية ثالثة :{ إن يشأ يذهبهم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز{ ( فاطر : ١٦، ١٧ ).
وعادت الآيات الكريمة مرة أخرى إلى الحديث عن " كتاب الله " والتنويه بما جاء به من الهداية والنور للإنسانية جمعاء مع الإشارة إلى أن في طليعة أهدافه تذكير الناسين، وتنبيه الغافلين، إلى ما عليهم من حقوق الله وحقوق لمخلوقاته يلزمهم القيام بها، وصرف الوجهة إليها، وذلك قوله تعالى هنا، ونفس هذا النص سبق نظيره في سورة ( المزمل : ١٧ ) :﴿ إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا٢٩ ﴾، ولا طريق إلى الله والوصول إلى معرفته ورضاه، أفضل وأضمن من كتاب الله، روي عن أمير المؤمنين علي كرم الله وجهه أنه سأل عن المخرج من الفتن فقال :" المخرج منها كتاب الله، فيه نبأ من قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله، فهو حبل الله المتين، ونوره المبين، والذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا تتشعب معه الآراء، ولا يشبع منه العلماء، ولا تمله الأتقياء، ولا يخلق عن كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، من علم علمه سبق، ومن قال به صدق، ومن حكم به عدل، ومن عمل به أجر، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم ". قال ابن كثير :" وقد وهم بعضهم في رفع هذا الحديث ".
وقوله تعالى هنا :﴿ وما تشاءون إلا أن يشاء الله ﴾، يمكن أن يفهم على وجهين :
- الوجه الأول : أن المؤمن ينبغي له أن يربط أعماله وتصرفاته بمشيئة الله، أدبا مع الله من جهة، وتوكلا عليه من جهة أخرى، بحيث لا يعتقد أن إرادته المحدودة هي الكل في الكل، وذلك على حد قوله تعالى :﴿ ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله ﴾ ( الكهف : ٢٣ ).
- والوجه الثاني : أن المؤمن ينبغي له أن يلتجئ إلى الله دائما، ويطلب منه الهداية منه والتوفيق فيما يقدم عليه من أعمال وتصرفات، حتى ييسر له أسباب النجاح من جميع الوجوه، وقد سبق في ختام سورة " المدثر " قوله تعالى :﴿ وما تذكرون إلا أن يشاء الله ﴾، وهو يشابه تمام المشابهة قوله تعالى هنا :﴿ وما تشاءون إلا أن يشاء الله ﴾.
ثم عقب كتاب الله على ذلك بقوله تعالى :﴿ إن الله كان عليما حكيما٣٠ ﴾، أي :" عليما " بنواياكم في أعمالكم وتصرفاتكم، " حكيما " في تيسير أسبابها والتصديق عليها إن كانت خيرا، أو في تعطيل أسبابها، والتعرض لها، إن كانت شرا، ولله الحجة الدامغة، والحكمة البالغة.