تفسير سورة قريش

البسيط للواحدي
تفسير سورة سورة قريش من كتاب التفسير البسيط المعروف بـالبسيط للواحدي .
لمؤلفه الواحدي . المتوفي سنة 468 هـ

تفسير سورة قريش (١)

بسم الله الرحمن الرحيم

١ - ﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (١) إِيلَافِهِمْ﴾ (٢)، وقرئ: إلا فِهِمْ، وإلْفِهِم (٣). قال علماء اللغة (٤) (٥): (أَلِفْتُ الشيء، وآلفْته، إلْفًا، وإلافًا، وإيلافًا،
(١) فيها قولان:
أحدهما: أنها مكية، وعزاه الماوردي إلى الأكثرين من المفسرين: "النكت والعيون" ٦/ ٣٤٥، وحكى ابن عطية الإجماع في "المحرر الوجيز" ٥/ ٥٢٥.
والثاني: أنها مدنية قاله الضحاك، وابن السائب. "النكت والعيون" ٦/ ٣٤٥، و"زاد المسير" ٨/ ٢١٣.
(٢) ﴿إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ﴾
(٣) قرأ ابن كثير في رواية ابن فليح وحده: "لإيلاف قريش" "إلْفِهِم" ساكنة اللام، وليس قبلها ياء، وذكر البخاري لابن كثير في هذه الرواية: "إلافهم" بفتح اللام مشبعة بعدها ألف، والهمزة قبلها مختلسة ليس بعدها ياء.
وقرأ أبو جعفر: "ليلاف قريش" بغير همز، و"إلافِهِم" مختلسة الهمزة ليس بعدها ياء.
وقرأ ابن عامر: "لإلاف قريش" مختلسة الهمزة ليس بعدها ياء، و"إيلافهم" مشبعة الهمزة بعدها ياء.
وقرأ الباقون "لإيلاف قريش * إيلافهم" مشبعة الهمزة في الحرفين بعدها ياء.
انظر: "كتاب السبعة" ص٦٩٨، و"القراءات وعلل النحويين فيها" ٢/ ٧٩٩، و"الحجة" ٦/ ٤٤٤، و"المبسوط" ص ٤١٨، و"كتاب التبصرة" ص ٧٣٢.
(٤) في (أ): (اللغت).
(٥) يعني بهم أبو عبيدة، وأبو زيد جاء ذكرهم في "تهذيب اللغة".
335
بمعنى واحد (١)، فهو مألوف، ومُؤلف، وآلفت الظباء الرَّمل إذا ألِفَتْها
قال ذو الرمة:
من المُؤْلِفاتِ الرَّمْلَ أدْمَاءُ حرَّةٌ شُعَاعُ الضُّحَى في مَتْنِها (٢) يَتَوضَّحُ (٣)
فالإلف، والإلاف مصدر ألف، والإيلاف مصدر آلف.
وأنشدوا:
زَعَمْتُمْ أنَّ إخوَتَكُمْ قُرَيْشٌ (٤) لهمْ إلفُ وليسَ لكمْ إلاف (٥)
ويقال أيضًا: "ألِفْتُ فلانًا الشيء أولفه إيلافًا إذا ألزمته إياه) (٦)
(١) أي بمعنى لَزمْتُه. "تهذيب اللغة" ١٥/ ٣٧٨ (ألف).
(٢) في (أ): مسها.
(٣) ورد البيت في: "ديوانه" ٢/ ١١٩٧ رقم ١٦، و"الحجة" ٦/ ٤٤٥ برواية: (جيدها) بدلاً من (متنها).
"الكامل" ٢/ ٦٩٢ برواية: (لونها) بدلاً (متنها)، و"تهذيب اللغة" ١٥/ ٣٧٨ (ألف)، و"لسان العرب" ٩/ ١٠ (ألف)، و"المحرر الوجيز" ٥/ ٥٢٥ برواية (جيدها). "البحر المحيط" ٨/ ٥١٤، و"الدر المصون" ٦/ ٥٧٢، و"روح المعاني" ٣٠/ ٢٣٨، و"سيرة ابن هشام" ١/ ٥٨.
"المؤلفات" اللواتي اتخذن الرمل إلفًا. يتوضح: يبرق في متنها. "ديوانه" ١١٩٨.
(٤) لفظ قريش: ورد مرفوعًا على الخبر، وفي "اللسان" بالنصب على البدل ٩/ ١٠ (ألف)، وانظر: "البحر المحيط" ٨/ ٥١٤.
(٥) البيت لمساور بن هند يهجو بني أسد، وقد ورد في: "تهذيب اللغة" ١٥/ ٣٧٩ (ألف)، و"لسان العرب" ٩/ ١٠ (ألف)، و"الحجة" ٦/ ٤٤٦، و"الكشاف" ٤/ ٢٣٥، و"الجامع لأحكام القرآن" ٢٠/ ٢٠١، و"البحر المحيط" ٨/ ٥١٤ برواية (قريشًا)، و"الدر المصون" ٦/ ٥٧١، و"فتح القدير" ٥/ ٤٩٨، و"روح المعاني" ٣٠/ ٢٤٠.
(٦) ما بين القوسين نقله عن "تهذيب اللغة" ١٥/ ٣٧٨ (ألف)، وانظر "لسان العرب" ٩/ ١٠ (ألف).
336
واختلفوا في "اللام" في قوله: "لإيلاف (١) قريش"، فذكروا فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: وهو الأشهر الأعرف أن "اللام" تتعلق بالسورة التي قبلها، وذلك أن الله تعالى ذكَّر أهل مكة عظيم النعمة عليهم فيما صنع بالحبشة، ثم قال: "لإيلاف قريش" كأنه قال ذلك إلى نعمة عليهم في رحلة الشتاء والصيف، وتقول: نعمة إلى نعمة، ونعمة لنعمة سواء في المعنى (٢). (هذا كلام الفراء) (٣).
وقال الأخفش: يقول فعلنا ذلك بهم لتايلف قريش (٤).
وقال أبو إسحاق: المعنى: فجعلهم كعصف مأكول لألف (قريش) (٥)، أي أهلك الله (أصحاب الفيل لتبقى قريش، وما ألفوا من رحلة الشتاء والصيف (٦). وهذا قول أبي عبيدة (٧).
(واعترض على هذا القول معترض فقال: إنما جعلوا كعصف مأكول لكفرهم، ولم يجعلوا كذلك لتألف قريش (٨)).
(١) ليلاف: أ.
(٢) "معاني القرآن" ٣/ ٢٩٣ بيسير من التصرف.
(٣) ساقط من (أ).
(٤) ورد في معنى قوله في: "الحجة" ٦/ ٤٤٨، و"المحرر الوجيز" ٥/ ٥٢٥، الدر المصون: ٦/ ٥٧١.
(٥) ساقط من (أ).
(٦) "معاني القرآن وإعرابه" ٢/ ٣١٢.
(٧) "مجاز القرآن" ٢/ ٣١٢، وهو معنى قول مجاهد، وابن عباس في رواية ابن جبير عنه. انظر: "جامع البيان" ٣٠/ ٣٠٦.
(٨) وممن اعترض على هذا القول الطبري، قال: وأما القول أنه من صلة قوله: =
337
قال أبو علي: وليس هذا الاعتراض بشيء، لأنه يجوز أن يكون المعنى: أهلكوا لكفرهم، ولما أدى (١) إهلاكهم إلى أن تألف قريش قليل: أهلكوا لإيلاف قريش، وجاز ذلك كقوله: ﴿لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا﴾ (٢)، وهم لم يلتقطوه لذلك، فلما آل الأمر إليه حسن أن يجعل عليه الالتقاط) (٣).
الوجه الثاني: قال الفراء: ويقال إنه عجَّب نبيه فقال: يا محمد اعجب لنعم الله على قريش في إيلافهم رحلة الشتاء والصيف (٤).
وقال الأخفش: قال بعضهم: هو على التعجيب، وليس معلقًا (بما قبله؛ كأنه) (٥) قال: لإيلاف قريش، (وما صنع الله بها، كما تقول) (٦): لزيد وما صنعناه، ولزيد وكرامتنا إياه (٧).
= "فجعلهم كعصف مأكول"، فإن ذلك لو كان كذلك لوجب أن يكون: لإيلاف بعض ألم تر، وأن لا تكون سورة منفصلة من "ألم تر"، وفي إجماع جميع المسلمين على أنهما سورتان تامتان كل واحدة منهما منفصلة عن الأخرى، ما يبيّن عن فساد القول الذي قاله من قال ذلك، ولو كان قوله: "لإيلاف قريش" من صلة قوله: "فجعلهم كعصف مأكول" لم تكن "ألم تر" تامة حتى توصل بقوله: "لإيلاف قريش"؛ لأن الكلام لا يتم إلا بانقضاء الخبر الذي ذكر. "جامع البيان" ٣٠/ ٣٠٦ - ٣٠٧.
(١) في (ع): (اهدى).
(٢) سورة القصص: ٨.
(٣) ما بين القوسين نقله عن "الحجة" ٦/ ٤٤٨ بيسير من التصرف.
(٤) "معاني القرآن" ٣/ ٢٩٣ بنصه
(٥) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٦) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٧) ورد معنى قوله في: "الكشف والبيان" ١٣/ ١٥٩ أ، و"معالم التنزيل" ٤/ ٥٢٩، كما ورد في حاشية "زاد المسير" ٨/ ٥١٤ نقلاً عن النسخة الأزهرية، و"الجامع لأحكام القرآن" ٢٠/ ٢٠١.
338
وقال أبو إسحاق: وقال قوم: هذه "لام" التعجب، (كأن المعنى: اعجبوا) (١) لإيلاف قريش (٢).
الوجه الثالث: هو قول الخليل، وسيبوية (٣)، وهو أن هذه "اللام" متصل بما بعدها على تقدير: "فليعبدوا رب هذا البيت لإيلاف قريش"، أي: ليجعلوا عبادتهم شكرًا لهذه النعمة، واعترافًا بها (٤). واختار صاحب النظم (وابن قتيبة) (٥) الوجه الأول.
قال صاحب النظم: الوجه الأول أشبه بالصواب، لقوله: على أثره: "فليعبدوا رب هذا البيت"، وهذا كما تقول في الكلام: قد فعلت بفلان كذلك.
وكذا الخير صنعته (٦) به، فليفعل هو كذا"، وكذا لأمر (٧) أمرته به، ولا يكاد يجيء مثل هذا الأمر بعد التعجيب (٨).
وقال ابن قتيبة: هاتان سورتان متصلتان الألفاظ.
والمعنى: إن قريشًا كانت بالحرم آمنة من الأعداء أن تهجم عليها فيه، وأن يعرض لها أحد بسوء إذا خرجت منه لتجارتها، وكانوا يقولون: قريش
(١) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٢) "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٣٦٥ بنحوه.
(٣) قوله: الخليل وسيبوبه غير واضح في (ع).
(٤) انظر: "كتاب سيبويه" ٣/ ١٢٧ وقد أورد أبو علي قولي الخليل وسيبويه في "الحجة" ٦/ ٤٤٨.
(٥) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٦) غير واضحة في (ع).
(٧) في (أ): الأمر.
(٨) لم أعثر على مصدر لقوله.
339
سكان الله (١)، وأهل الله، وولاة بيته الحرام جديب (٢) لا زرع به ولا ضرع، ولا شجر ولا مرعى، وإنما كانت تعيش قريش فيه بالتجارة، وكانت لهم رحلتان في كل سنة: رحلة في الشتاء إلى اليمن، ورحلة في الصيف إلى الشام، ولولا هاتان الرحلتان لم يكن به مقام، ولولا الأمن بجوارهم البيت لم يقدروا على التصرف، فلما قصد أصحاب الفيل إلى مكة ليهدموا الكعبة، وينقلوا أحجارها إلى اليمن فيبنوا بها هناك بيتًا ينتقل الأمن إليهم، ويصير العز إليهم، أهلكهم الله، لتقيم قريش بالحرم، ويجاوروا البيت (٣). فقال: يذكر نعمته: "ألم تر كيف فعل ربك... " إلى قوله: "فجعلهم كعصف مأكول" "لايلاف قريش" أي لفعلهم؛ أي فعل ذلك ليؤلف قريشًا هاتين الرحلتين اللتين بهما تعيشهم، ومقامهم بمكة.
تقول: ألفت موضع كذا إذا ألزمته (٤)، والفيته الله، كما تقول: "لزمت موضع كذا، وألزمنيه الله، وكرر "لإيلاف" كما تقول في الكلام: أعطيتك المال لصيانة وجهك صيانةً عن كل الناس، فتكرر (٥) الكلام على التوكيد (٦).-انتهى كلامه-.
وهذا الذي ذكره هو على أن يجعل "الإيلاف" واقعًا، ويكون المصدر الواقع مضافًا إلى المفعول.
(١) أي سكان حرم الله كما في "تأويل مشكل القرآن" لابن قتيبة.
(٢) أي الحرم وادٍ جديب.
(٣) في (أ) (يجاور).
(٤) في (أ) (ألزمته).
(٥) في (أ) (فتكرير).
(٦) "تأويل مشكل القرآن" ص ٤١٣ - ٤١٥ بيسير من التصرف، وانظر: "تفسير غريب القرآن" لابن قتيبة ص ٥٣٩ مختصرًا.
340
ويجوز أن يكون مضافًا إلى الفاعل على معنى "هم يؤلفون" أي يهيئون ويجهزون، قال الفراء (١)، وابن الأعرابي (٢): ويجوز أن يكون الإيلاف مطاوعًا، فيكون مضافاً (٣) إلى الفاعل، على معنى: لتألف قريش رحلتيها، ولتألف (٤) قريش الرحلتين فتتصلا ولا ينقطعا. ويؤكد هذا الوجه قراءة من قرأ: "لإلالف قريش" و"لإيلافهم"، فإن هذين المصدرين للمطاوع، وقد حصل في هذا ثلاثة أقوال:
أحدها: لتولف قريش رحلتيها.
والثاني: لتؤلَفَ قريش رحلتيها.
والآخر: لتألف قريش رحلتيها.
(وذكر ابن الأعرابي بيان الإيلاف وكيفيته فقال: أصحاب الإيلاف أربعة إخوة: هاشم، وعبد شمس، والمطلب، ونوفل بن عبد مناف (٥)، كانوا يؤلفون الجوار يجيرون قريشًا بميرهم (٦)، وكانوا يُسَمَّوْن المجبِرِين، فأما هاشم فإنه أخذ حبلًا من ملك الروم، وأخذ نوفل حبلًا من كسرى (٧)، وأخذ عبد شمس حبلًا من النجاشي، وأخذ المطلب حبلًا من ملوك حمير،
(١) لم أعثر على مصدر القول.
(٢) ورد قوله في: "تهذيب اللغة" ١٥/ ٣٧٩ (ألف)، وانظر: "لسان العرب" ٩/ ١٠ (ألف) من غير نسبة.
(٣) في (أ): (مضاف).
(٤) في (أ): (لتا لف).
(٥) في (أ)، و (ع): (بنوا).
(٦) الميرة: جلب الطعام للبيع، يقال: ماره يميره ميرًا: إذا أتاه ميرة أي طعام. "تهذيب اللغة" ٥/ ٢٩٩ (مور).
(٧) في (أ)، (ع): (كسرا).
341
فكان (١) تجار قريش يختلفون إلى هذه الأمصار بحبال هؤلاء الإخوة، فلا تُعرض لهم. فكان هاشم يؤلف إلى الشام، وعبد شمس إلى الحبشة، والمطلب إلى اليمن، ونوفل إلى فارس) (٢).
ومعنى يُؤْلِف: يجير، والإجارة سبب تألف الغير، فقيل للجوار: إيلاف، وللمجير: مؤلف، (وأما قريش فهم ولد النضر بن كنانة، وكل من ولده النضر فهو قرشي، ومن لم يلده النضر فليس بقرشي) (٣)، ولذلك قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إنا بني النضر بن كنانة لا نَقْفُو أمَّنا، ولا نَنْتفي من أبينا" (٤).
واختلفوا في سبب تسميتهم بهذا الاسم، فذهب قوم إلى:
(أنه من القرش، وهو الجمع من هاهنا وهاهنا، وسميت قريش قريشًا لتقرشها أي لتجمعها إلى مكة من جوانبها (٥)، وكانوا متبددين في الأرض، فتقرشت أي اجتمعت بعد التفرق حين جمعهم قصي بن كلاب في الحرم،
(١) في (أ): (وكان).
(٢) ما بين القوسين نقله عن "تهذيب اللغة" ١٥/ ٣٧٩ - ٣٨١ بيسير من التصرف.
(٣) ما بين القوسين نقله عن "الكشف والبيان" ١٣/ ١٥٩ ب.
(٤) الحديث رواه الإمام أحمد: ٥/ ٢١١ - ٢١٢، وابن ماجه في "السنن" ٢/ ٩٦: ح: ٢٦٤١: كتاب الحدود: باب: ١٣٧، من طريق عقيل بن طلحة، السلمي عن مسلم بن هيصم به، كما رواه الطبراني في: "المعجم الكبير" ٢/ ٢٨٥ - ٢٨٦: ح: ٢١٩٠ - ٢١٩١ من طريقين أحدهما صرح بالتحديث فيهما عن الجفشيش الكندي. قال البوصيري في الزوائد: هذا إسناد صحيح رجاله ثقات. انظر حاشية سنن ابن ماجه: ٢/ ٩٦.
قال الألباني: وهو كما قال. "سلسلة الأحاديث الصحيحة" ٥/ ٤٨٩: ح: ٢٣٧٥. وقال الألباني عنه: حسن. "صحيح ابن ماجه" ٢/ ٩١: ح: ٢١١٥: كتاب الحدود: باب ٣٧.
(٥) في (أ): (حواليها).
342
ولذلك سمي مجمعًا) (١)، ومنه قول الشاعر يذكر قريشًا:
أبوكم قُصَيٌّ كان يُدْعَى مُجَمِّعا به جَمَّعَ اللهُ القبائلَ من فِهْرِ (٢)
(هذا قول الليث) (٣) (٤).
وقال آخرون: (بل سميت قريش للتجارة، وجمع المال، وكانوا أهل تجارة، ولم يكونوا أصحاب ضرع، وزرع، والقَرْش الكسب، يقال: هو يقرش لعياله) (٥)، (ويقترش أي يكتسب، ويتقّرَّشُ ويَتَقَرَقَّحُ أي: يكسب ويطلب) (٦).
وقال (٧) الشاعر:
(١) ما بين القوسين نقله عن "تهذيب اللغة"، وهو قول الليث: ٨/ ٣٢١ (قرش) بتصرف، وانظر: "لسان العرب" ٦/ ٣٣٥ (قرش).
(٢) البيت للشاعر مطرود الخزاعي. انظر: "شرح ديوان أبي تمام" ٤/ ٩٥، و"التبيين في أنساب القرشيين" ص ١، ونسبه البغدادي في "خزانة الأدب" ١/ ٢٣٠ إلى الفضل بن العباس.
وقد ورد غير منسوب في: "النكت والعيون" ٦/ ٣٤٦، و"الدر المصون" ٦/ ٥٧٢، و"التفسير الكبير" ٣٢/ ١٠٦، و"الجامع لأحكام القرآن" ٢٠/ ٢٠٢، و"روح المعاني" ٣٠/ ٢٣٩، و"لسان العرب" ٨/ ٦٠ (جمع)، وكلها برواية: (أبونا) بدلًا من (أبوكم).
(٣) ذكرت ذلك في حاشية سابقة، غير أن الليث لم يذكر بيت الشعر، ولم يرد في "تهذيب اللغة" أيضًا.
(٤) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٥) ما بين القوسين انظر "تهذيب اللغة" ٨/ ٣٢١ (قرش)، و"لسان العرب" ٦/ ٣٣٥ (قرش).
(٦) ما بين القوسين من قول اللحياني في "تهذيب اللغة" المرجع السابق.
(٧) في (أ): (قال).
343
إخوةٌ قرَّشوا الذنوب علينا في حديثٍ من عهدهم وقديم (١)
أي جمعوا، (وهذا قول أكثر الناس (٢)) (٣).
وقال مَعْروف (بن خَرَّبوذ (٤)) (٥): إنما سميت قريشًا؛ لأنهم كانوا يفتشون الحاج عن خلتهم فيسدونها، ويطعمون جائعهم، ويكسون عاريهم، ويحملون المنقطع به، والتقريش: التفتيش (٦).
(١) البيت لأبي جلدة اليشكري.
وقد ورد منسوبًا في: "الجامع لأحكام القرآن" ٢٠/ ٢٠٣، وغير منسوب في: "النكت والعيون" ٦/ ٣٤٦، و"روح المعاني" ٣٠/ ٢٣٩ وكلها برواية (من دهرهم) بدلاً من "من عهدهم".
(٢) ذكر هذا السبب من جملة أسباب تسمية قريش بقريش من غير ترجيح، وذلك في: "الكشف والبيان" ١٣/ ١٥٩ ب، و"النكت والعيون" ٦/ ٣٤٦، وانظر: "معالم التنزيل" ٤/ ٥٣٠، و"الكشاف" ٤/ ٢٣٥، و"زاد المسير" ٨/ ٢١٤، و"التفسير الكبير" ٣٢/ ١٠٦، و"الجامع لأحكام القرآن" ٢٠/ ٢٠٣، و"لباب التأويل" ٤/ ٤١١، و"الدر المنثور" ٨/ ٦٣٨.
(٣) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٤) مَعْروفٌ بنُ خَرَّبوذ المكي، مولى عثمان، روى عن أبي الطفيل عامر بن واثلة الليثي، وعنه أبو عاصم الضحاك، صدوق ربما وهم، وكان أخباريًا علامة، روى له البخاري، ومسلم، وأبو داوود، وابن ماجه.
انظر: "كتاب العلل ومعرفة الرجال" ٢/ ٥٨: رقم ٣٧٧، و"الكاشف" ٣/ ١٤٣: ت: ٥٦٥٠، و"تهذيب الكمال" ٢٨/ ٢٦٣: ت: ٦٠٨٦ "تهذيب التهذيب" ٢/ ٢٦٤: ت: ١٢٦٦.
(٥) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٦) ورد هذا القول من غير نسبة في: "الكشف والبيان" ١٣/ ١٥٩ ب، و"النكت والعيون" ٦/ ٣٤٦ وانظر أيضًا: "معالم التنزيل" ٤/ ٥٣٠، و"الكشاف" ٤/ ٢٣٥، و"زاد المسير" ٨/ ٢١٤، و"التفسير الكبير" ٣٢/ ١٠٦، و"الجامع لأحكام القرآن" ٢٠/ ٢٠٣، و"لباب التأويل" ٤/ ٤١١.
344
قال ابن حِلِّزَة (١):
أيها الشامت المقرِّشُ عنَّا عِندَ عَمروٍ وهلْ لذاكَ (٢) بَقَاءُ (٣)
وروي أن (٤) معاوية (٥) سأل ابن عباس: لم سميت قريش قريشًا؟ وقال: قريش دابة في البحر تأكل دواب البحر، ولا تؤكل، وتعلو ولا تعلى، وأنشد (فقال) (٦):
وقريش هي التي تسكن البحر بها سميت قريش قريشا (٧)
(١) تقدمت ترجمته في سورة النساء.
(٢) في (أ): (لذلك).
(٣) ورد البيت في "ديوانه" ص ٤٨ برواية: (أيها الشاني المبلغ عنا.... انتهاء) بدلًا من (بقاء).
"شرح المعلقات" للزوزني ص ٢٢١ برواية (المرقش) بدلًا (المقرش).
"النكت والعيون" ٦/ ٣٤٦ برواية (إبقاء) بدلًا من (بقاء)، و"الدر المصون" ٦/ ٥٧٢ برواية (أيها الناطق) بدلًا من (أيها الشامت) "لسان العرب" ٦/ ٣٣٤: (قرش) برواية (أيها الناطق).
ومعنى البيت: أيها الناطق عند الملك الذي يبلغ عنا الملك ما يريبه ويشككه في محبتنا، هل لذاك التبليغ بقاء؟ وهذا استفهام معناه النفي؛ أي لا بقاء لذلك؛ لأن الملك يبحث عنه، فيعلم أن ذلك من الأكاذيب.
-هامش- شرح المعلقات ص ٢٢١.
(٤) في (أ): (ابن).
(٥) في (ع): (معومة).
(٦) ساقط من (أ).
(٧) ورد قول ابن عباس في: "الكشف والبيان" ١٣/ ١٥٩ ب، و"النكت والعيون" ٦/ ٣٤٦، و"معالم التنزيل" ٤/ ٥٣٠، و"الدر المصون" ٦/ ٥٧٢، و "الكشاف" ٤/ ٢٣٥، و"زاد المسير" ٨/ ٣١٤ - ٣١٥، و"التفسير الكبير" ٣٢/ ١٠٦، و"الجامع لأحكام القرآن" ٢٠/ ٢٠٣، و"البحر المحيط" ٨/ ٥١٣، و"الدر المنثور" ٨/ ٦٣٨ =
345
٢ - قوله: ﴿رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ﴾ قال الليث: الرحلة: اسم الارتحال من القوم للمسير (١).
قال المفسرون (٢): كانت لقريش رحلتان: رحلة بالشتاء إلى اليمن وبلادها من جَنَد (٣) وجُرَش (٤) وما يليهما، وكان اليمن أدفأ (٥) من الشام؛ فلذلك ارتحلوا إليها بالشتاء، ورحلة بالصيف (٦) إلى الشام.
= وعزاه إلى البيهقي في "الدلائل"، و"تهذيب اللغة" ٨/ ٣٢١ (قرش)، و"لسان العرب" ٦/ ٣٣٥ (قرش)، و"روح المعاني" ٣٠/ ٢٣٩.
وقد نسب بيت الشعر إلى تبع في الدر المصون، وعند القرطبي، وأبي حيان. ونسب إلى الجمحي في "الدر المنثور" و"روح المعاني".
(١) "تهذيب اللغة" ٥/ ٧ (رحل).
(٢) ممن قال بذلك: ابن زيد، سفيان، والكلبي، و"جامع البيان" ٣٠/ ٣٠٨.
وحكاه عن المفسرين: ابن الجوزي في: "زاد المسير" ٨/ ٣١٥، والفخر في "التفسير الكبير" ٣٢/ ١٠٦، والخازن في "لباب التأويل" ٤/ ٤١١، ورجحه الشوكاني في "فتح القدير" ٥/ ٤٩٨.
قال به أيضًا: الفراء في "معاني القرآن" ٣/ ٢٩٤، والزجاج في "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٣٦٥ - ٣٦٦.
(٣) جَنَد: من أعمال اليمن، بالقرب من صنعاء، والجند مسماة بجند بن شهران؛ بطن من المعافر، وبالجند مسجد بناه معاذ بن جبل (ينسب إليها المؤرخ اليماني المفضل الجندي، والبهاء الجندي، وهناك جبل في اليمن يطلق عليه الجند. انظر: "معجم البلدان" ٢/ ١٦٩، و"القاموس الإسلامي" ١/ ٦٤٠، و"معجم ما استعجم من أسماء البلاد" ٢/ ٣٩٧.
(٤) جُرَش: من مخاليف اليمن من جهة مكة، وقيل هي مدينة عظيمة باليمن، وولاية واسعة، وقد فتحت في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- في سنة ١٠ هـ صلحًا على الفيء، ينسب إليها يزيد بن الأسود الجرشي من التابعين. انظر: "معجم البلدان" ٢/ ١٢٦.
(٥) في (أ): (أفا).
(٦) (الصيف) مكرر في (ع).
346
وذكر مقاتل: على القلب من هذا فقال: كانوا يمتارون في الشتاء من الأردن (١)، وفلسطين (٢)؛ لأن ساحل البحر أدفأ، فإذا كان الصيف تركوا طريق الشام والبحر من أجل الحر، وأخذوا إلى اليمن للمسيرة (٣).
و (نحو هذا) (٤) روي عن الكلبي، وقال: كان أول من حمل
(١) الأُرْدُن: اسم بلد، وفيها عدة كور منها: جُدَر، وصفورية، وغير ذلك، افتتحها شرحبيل بن حسنة عنوة، وهي الآن في العصر الحالي: دولة عربية تعرف باسم المملكة الأردنية الهاشمية، وتتكون من الشقة الشرقية لنهر الأردن، وكانت تحت الاحتلال الإنجليزي، ثم حصلت على استقلالها عام ١٩٤٦ م، عاصمتها عمان، وتعد الأردن من المناطق الاستراتيجية قديمًا وحديثًا، وبرزت أهميتها خلال الحروب الصليبية، كما تعتبر من المناطق الأثرية الهامة في الشرق الأوسط.
انظر "معجم البلدان" ١/ ١٤٧، و"القاموس إسلامي" ١/ ٦٥، و"الآثار في شمال الحجاز" للقثامي ١/ ٢٩.
(٢) فلسطين إقليم عربي يشغل شريطًا ضيقًا من الأراضي المتاخمة للساحل الجنوبي الشرقي من البحر الأبيض المتوسط، وقد خضعت فلسطين للانتداب البريطاني عام ١٩٢٠ م الذي مكن لليهود من الاستيطان في فلسطين.
تعتبر القدس: العاصمة السابقة لفلسطين المركز المديني للديانتين الإسلامية والنصرانية، وسعى اليهود لجعلها مركزًا روحيًّا لأتباع ديانتهم، وأما تل أبيب فهي عاصمة الكيان الصهيوني منذ عام ١٩٤٨ م.
اللغة الرسمية: العربية للعرب، والعبرية لليهود، ويشكل العرب المسلمون الغالبية العظمى من سكان فلسطين المحتلة، ويتبع معظمهم المذهب السني، ويتبع بعضهم المذهب الدرزي، ويقيم بجانبهم عرب نصارى فلسطينيون.
انظر: "معجم البلدان" ٤/ ٢٧٤، الموسوعة العربية العالمية: ١٧/ ٤٢٢ - ٤٤٠.
(٣) "تفسير مقاتل" ٢٥٣ ب، وورد معنى قوله في "بحر العلوم" ٣/ ٥١٦.
(٤) ساقط من (أ).
347
السمراء (١) من الشام ورحل إليها الإبل: هاشم بن عبد مناف (٢).
وذكر (عطاء عن) (٣) ابن عباس السبب في ذلك فقال: كانت قريش إذا أصاب واحداً منهم مخمصة (٤) خرج هو وعياله إلى موضع، وضربوا علي أنفسهم خباء حتى يموتوا، إلى أن كان هاشم بن عبد مناف، وكان سيد زمانه، وكان له ابن يقال له أسد، وكان له تِرْبٌ (٥) من بني مخزوم (٦) يحبه ويلعب معه، فشكا إليه الضر والمجاعة، فدخل أسد على أمه يبكي، فأرسلت أمه إلى أولئك بدقيق وشحم، فعاشوا فيه أيامًا، ثم أتى ترب أسد أيضًا إليه وشكا ثانيًا، فقام هاشم خطيبًا في قريش فقال: إنكم أحدثتم حدثًا تقلون فيه وتذلون، وأنتم أهل حرم الله، وأشرف ولد آدم، والناس لكم تبع، قالوا: نحن نتبع لك فليس عليك منا خلاف، فجمع كل بني أب على الرحلتين في الشتاء إلى اليمن، وفي الصيف إلى الشام للتجارات، فما ربح الغني قسمه (بينه) (٧) وبين الفقير حتى كان فقيرهم كغنيهم، فجاء الإسلام
(١) السمراء: هي الحنطة، وقيل: الناقة الأدماء. انظر: "لسان العرب" ٤/ ٣٧٦ (سمر).
(٢) "معالم التنزيل" ٤/ ٥٣١ ورد قوله عند تفسير "وآمنهم من خوف".
(٣) ساقط من (أ).
(٤) المخمصة: المجاعة، وخمص الشخص خمصًا فهو خميص إذا جاع. "المصباح المنير" ١/ ٢١٨، وانظر: "مختار الصحاح" ص ١٩٠.
(٥) تِرْب: اللدة والسن، يقال: هذه ترب هذه أي لدتها، وقيل: ترب الرجل الذي ولد معه.
"لسان العرب" ١/ ٢٣١ (ترب)، و"تاج العروس" ١/ ١٥٨ (ترب).
(٦) بنو مخزوم: بطن من لؤي بن غالب بن قريش.
"نهاية الأرب" للقلقشندي ص ٣٧١.
(٧) ساقط من (أ).
348
وهم على هذا، فلم يكن (١) في العرب بنو أب (٢) أكثر مالاً، وأعز من قريش، ولا أمنع (٣).
وقد قال الشاعر فيهم:
الخالطين فقيرهم بغنيهم حتى يكون فقيرهم كالكافي (٤) (٥)
٣ - (قوله) (٦): ﴿فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ﴾ قال الكلبي: يقول: فليوحدوا رب هذه الكعبة (٧).
٤ - ﴿الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ﴾ أي بعد جوع، وهذا (٨) كما تقول: كسوتك من عُرْي (٩)، وهذا الإطعام يفسر على ثلاثة أوجه:
أحدها: أن الله تعالى آمنهم بالحرم، وكونهم من أهله حتى لم يتعرض لهم في رحلتهم، وكان ذلك سبب إطعامهم بعد ما كانوا فيه من
(١) (فلم يكن) بياض في (ع).
(٢) في (أ): (بنو أرب).
(٣) (من قريش ولا أمنع) بياض في (ع).
(٤) ورد البيت غير منسوب في: "معالم التنزيل" ٤/ ٥٣١ مختصرًا وعند تفسير "آمنهم من خوف"، و"زاد المسير" ٨/ ٣١٥ عند تفسير ﴿الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ﴾ "التفسير الكبير" ٣٢/ ١٠٦ - ١٠٧، و"الجامع لأحكام القرآن" ٢٠/ ٢٠٥ برواية (الخالطون) (وحتى يصير)، و"لباب التأويل" ٤/ ٤١١، و"البحر المحيط" ٨/ ٥١٥، و"روح المعاني" ٣/ ٢٤٠، و"النكت والعيون" ٦/ ٢٤٧، برواية (الخالطون).
(٥) ورد قوله في المراجع السابقة عدا: "النكت"، و"البحر المحيط"، و"روح المعاني".
(٦) ساقط من (ع).
(٧) لم أعثر على مصدر لقوله.
(٨) في (أ): (وهاذا).
(٩) في (ع): (عراي). وعُرْي: يقال رجل عارٍ: إذا خلع ثوبه، والمرأة عُريانة، وفرس عُرْيَ ليس عليه سرج، وعَرِي من ثيابه بالكسر، وعُرْيا بالضم فهو عار.
"تهذيب اللغة" ٣/ ١٥٩ (عرى)، "مختار الصحاح" ٢٤٩، وانظر: "النهاية" ٣/ ٢٢٥.
349
الجوع. (كما ذكر عطاء عن ابن عباس (١)، وهذا قول أكثر المفسرين (٢)) (٣)
وقال مقاتل: شق عليهم الاختلاف إلى الناحيتين في الشتاء والصيف، فقذف الله في قلوب الحبشة أن يحملوا الطعام في السفن إلى مكة، فحملوه، وجعل أهل مكة يخرجون إليهم بالإبل، والخمر فيشترون طعامهم من "جدة" (٤) على مسيرة ليلتين، وتتابع ذلك عليهم فكفاهم الله مؤنة الرحلتين (٥).
وقال الكلبي: هذا الإطعام هو أنهم لما كذبوا محمدًا -صلى الله عليه وسلم- دعا عليهم فقال: "اللهم اجعلها عليهم سنين كسني يوسف".
فاشتد عليهم القحط، وأصابهم الجهد، فقالوا: يا محمد ادع الله لنا، فإنا مؤمنون، فدعا رسول الله ﷺ فأخصبت تبَالَة (٦)،
(١) انظر: "التفسير الكبير" ٣٢/ ١٠٨، و"زاد المسير" ٨/ ٣١٥.
(٢) ما بين القوسين ساقط من (أ).
(٣) "تفسير مقاتل" ٢٥٣ ب.
(٤) جُدَّة: ساحل مكة، سُميت بذلك لأنها حاضرة البحر، والجُدَّ من البحر والنهر ما ولي البر، وأصل الجدة الطريق الممتد، وهي الآن ميناء بالمملكة العربية السعودية تطل على البحر الأحمر، وتعتبر المنفذ البحري لمكة، ينسب تأسيسها إلى الخليفة الثالث عثمان بن عفان -رضي الله عنه- انظر: "معجم ما استعجم من البلاد والمواضع" ١/ ٣٧١، و"القاموس الإسلامي" ١/ ٥٨٥.
(٥) "التفسير الكبير" ٣٢/ ١٠٨، وورد بمعناه من غير نسبه في: "النكت والعيون" ٦/ ٣٤٨، و"الجامع لأحكام القرآن" ٢٠/ ٢٠٩.
(٦) كلمة (تبالة) ساقطة من (أ)، وتَبَالَة: وهي بلدة صغيرة من اليمن، أسلم أهلها من غير حرب وكان فتحها في سنة ١٠ هـ انظر: "معجم ما استعجم من البلاد والمواضع" ١/ ٣٠١، و"معجم البلدان" ٢/ ٩.
350
وجُرَش، والجَنَد (١) من بلاد اليمن، فحملوا الطعام إلى مكة، وأخصبت أهل مكة بعد القحط (٢)، فذلك قوله تعالى: ﴿أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ﴾
وهو أنهم كانوا يسافرون آمنين لا يتعرض لهم أحد، ولا يغير أحد عليهم، لا في سفرهم (٣)، ولا في حضرهم (٤)، وكان غيرهم لا يأمن سفرهم ولا في حضرهم.
وهذا معنى قوله: ﴿أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا﴾ [القصص: ٥٧] الآية، أعلم الله تعالى أن من الدلالة على وحدانيته ما فعل بهؤلاء؛ أطعمهم وهم في بلدة لا زرع فيها ولا ضرع، وآمنهم وغيرهم خائفون، وأمرهم بعبادة الذي أنعم عليهم هذه النعمة. (هذا قول جماعة المفسرين (٥)) (٦).
(١) كلمة غير مقروء في (أ).
(٢) ورد معنى قوله في: "التفسير الكبير" ٣٢/ ١٠٨، وورد معناه أيضًا من غير عزو في: "الجامع لأحكام القرآن" ٢٠/ ٢٠٩، و"لباب التأويل" ٤/ ٤١٢، و"فتح القدير" ٥/ ٤٩٨.
(٣) في (ع): (سفره).
(٤) في (ع): (حضره).
(٥) وهو معنى قول: ابن زيد، وقتادة، ومجاهد.
"جامع البيان" ٣٠/ ٣٠٨ - ٣٠٩، وانظر: "تفسير عبد الرزاق" ٢/ ٣٩٨، و"الجامع لأحكام القرآن" ٢٠/ ٢٠٩، وبمعناه قال السمرقندي في: "بحر العلوم" ٣/ ٥١٧، والزجاج في "معاني القرآن وإعرابه" ٥/ ٣٦٦، والثعلبي في "الكشف والبيان" ١٣/ ١٦١ أ، وانظر: "المحرر الوجيز" ٥/ ٥٢٦، و"زاد المسير" ٨/ ٣١٥.
(٦) ما بين القوسين ساقط من (أ).
351
وقال الضحاك (١)، والربيع (٢)، (وشريك (٣)) (٤)، وسفيان (٥): (وآمنهم من خوف) يعني من خوف الجذام (٦)، (فلا يصيبهم بجلدهم الجذام) (٧).
(١) "جامع البيان" ٣٠/ ٣٠٩، و"النكت والعيون" ٦/ ٣٤٩، و"المحرر الوجيز" ٥/ ٥٢٦، و"معالم التنزيل" ٤/ ٥٣١، و"الجامع لأحكام القرآن" ٢٠/ ٢٠٩، و"فتح القدير" ٥/ ٤٩٨.
(٢) المراجع السابقة عدا النكت، والمحرر.
(٣) "فتح القدير" ٥/ ٤٩٨.
(٤) ساقط من (أ).
(٥) يراد به سفيان الثوري، وقد ورد قوله في المراجع السابقة عدا المحرر.
(٦) الجذام: مرض يصيب الجلد والأعصاب، ويجعل الجلد متورمًا، كثير العقد، ويتغير لونه، وهو مرض معدٍ، ويعد العلاج المبكر للجذام مهمًا جدًا لأنه يمنع التشوهات، والإعاقة الجسدية. وأصل الجذم القطع، سمي بذلك لتجذم الأصابع وتقطعها. انظر: "الموسوعة العربية العالمية" ٨/ ٢٢٣، و"الصحاح" ٥/ ١٨٨٤ (جذم)، و"لسان العرب" ١٢/ ٧٨ (جذم).
(٧) ما بين القوسين ساقط من (أ).
352
سورة الماعون
353
Icon