تفسير سورة الإخلاص

أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن
تفسير سورة سورة الإخلاص من كتاب أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن .
لمؤلفه الشنقيطي - أضواء البيان . المتوفي سنة 1393 هـ

قوله تعالى :﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾.
الأحد : قال القرطبي : أي الواحد الوتر، الذي لا شبيه له ولا نظير، ولا صاحبة، ولا ولد، ولا شريك. ا ه.
ومعلوم أن كل هذه المعاني صحيحة، في حقه تعالى.
وأصل أحد : وحد، قلبت الواو همزة.
ومنه قول النابعة :
كأن رحلي وقد زال النهار بنا *** بذي الجليل على مستأنس وحد
وقال الفخر الرازي في ( أحد ) وجهان :
أحدهما : أنه بمعنى واحد.
قال الخليل : يجوز أن يقال : أحد اثنان ثلاثة، ثم ذكر أصلها وحد، وقلبت الواو همزة للتخفيف.
والثاني : أن الواحد والأحد ليسا اسمين مترادفين.
قال الأزهري : لا يوصف شيء بالأحدية غير الله تعالى، لا يقال : رجل أحد ولا درهم أحد، كما يقال : رجل واحد أي فرد به ؛ بل أحد صفة من صفات الله تعالى استأثر بها، فلا يشركه فيها شيء.
ثم قال : ذكروا في الفرق بين الواحد والأحد وجوهاً :
أحدها : أن الواحد يدخل في الأحد، والأحد لا يدخل فيه.
وثانيها : أنك لو قلت : فلان لا يقاومه واحد، جاز أن يقال : لكنه يقاومه اثنان بخلاف الأحد.
فإنك لو قلت : فلان لا يقاومه أحد، لا يجوز أن يقال : لكنه يقاومه اثنان.
وثالثها : أن الواحد، يستعمل في الإثبات، والأحد يستعمل في النفي.
تقول في الإثبات رأيت رجلاً واحداً.
وتقول في النفي : ما رأيت أحداً، فيفيد العموم.
أما ما نقله عن الخليل، وقد حكاه صاحب القاموس فقال : ورجل واحد وأحد، أي خلافاً لما قاله الأزهري.
وأما قوله : إن أحداً تستعمل في النفي فقد جاء استعمالها في الإثبات أيضاً.
كقوله :﴿ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنْكُم مِّنَ الْغَائِطِ ﴾.
فتكون أغلبية في استعمالها ودلالتها في العموم واضحة.
وقال في معجم مقاييس اللغة في باب الهمزة والحاء وما بعدها : أحد، إنها فرع، والأصل الواو وحد.
وقد ذكر في الواو وفي مادة وحد. قال : الواو والحاء والدال أصل واحد يدل على الانفراد، من ذلك الوحدة بفتح الواو، وهو واحد قبيلته، إذا لم يكن فيهم مثله.
قال :
يا واحد العرب الذي *** ما في الأنام له نظير
وقيل : إن هذا البيت لبشار يمدح عقبة بن مسلم، أو لابن المولى يزيد من حاتم، نقلاً عن الأغاني.
فيكون بهذا ثبت أن الأصل بالواو والهمزة فرع عنه.
وتقدم أن دلالتها على العموم أوضح أي أحد.
وقد دلت الآية الكريمة، على أن الله سبحانه وتعالى أحد، أي في ذاته وصفاته لا شبيه ولا شريك، ولا نظير ولا ند له، سبحانه وتعالى.
وقد فسره ضمنا قوله :﴿ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ ﴾.
وقوله :﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾، أما المعنى العام فإن القرآن كله، والرسالة المحمدية كلها، بل وجميع الرسالات : إنما جاءت لتقرير هذا المعنى، بأن الله سبحانه واحد أحد ؛ بل كل ما في الوجود شاهد على ذلك.
كما قيل :
وفي كل شيء له آية *** تدل على أنه الواحد
أما نصوص القرآن على ذلك فهي أكثر من أن تحصى ؛ لأنها بمعنى لا إله إلا اللَّه.
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه، إشارة إلي ذلك في أول الصافات وفي غيرها، وفي البقرة ﴿ وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ ﴾.
وفي التوبة :﴿ وَمَا أُمِرُواْ إِلاَّ لِيَعْبُدُواْ إِلَهاً وَاحِداً لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ ﴾، فجاء مقرونا بلا إله إلاَّ اللَّه.
وفي ص قوله :﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَاْ مُنذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلاَّ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ ﴾.
وكما قدمنا أن الرسالة كلها جاءت لتقرير هذا المعنى، كما في قوله :﴿ هَذَا بَلاَغٌ لِّلنَّاسِ وَلِيُنذَرُواْ بِهِ وَلِيَعْلَمُواْ أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ ﴾، سبحانه جل جلاله وتقدست أسماؤه، وتنزهت صفاته، فهو واحد أحد في ذاته وفي أسمائه وفي صفاته وفي أفعاله.
وقد جاء القرآن بتقرير هذا المعنى عقلاً كما قرره نقلاً، وذلك في قوله تعالى :﴿ قُلْ لَّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لابْتَغَوْاْ إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً ٤٢ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا ﴾.
وقوله :﴿ لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلاَّ اللَّهُ لَفَسَدَتَا ﴾.
فدل على عدم فسادهما بعدم تعددهما، وجمع العقل والنقل في قوله :﴿ مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِن وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذاً لذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلاَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴾.
قوله تعالى :﴿ اللَّهُ الصَّمَدُ ﴾.
قال بعض المفسرين : يفسره ما بعده ﴿ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ﴾.
وقال ابن كثير، وهذا معنى حسن.
وقال بعض العلماء : هو المتناهي في السؤدد، وفي الكمال من كل شيء.
وقيل : من يصمد الخلائق إليه في حاجاتهم، ولا يحتاج هو إلى أحد.
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه، معنى الصمد في سورة الأنعام عند قوله تعالى :﴿ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلاَ يُطْعَمُ ﴾ فذكر شواهد هذه الأقوال كلها.
وبإمعان النظر في مبدأ يفسره ما بعده، يتضح أن السورة كلها تفسير لأولها ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾ ؛ لأن الأحدية، هي تفرده سبحانه بصفات الجلال والكمال كلها، ولأن المولود ليس بأحد ؛ لأنه جزء من والده.
والوالد ليس بأحد ؛ لأن جزءاً منه في ولده.
وكذلك من يكون له كفء، فليس بأحد لوجود الكفء، وهكذا السورة كلها لتقرير ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾.
قوله تعالى :﴿ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ ﴾.
تقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه بيان شواهده عند قوله تعالى :﴿ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ في المُلْكِ ﴾ الآية من سورة الفرقان.
تنبيه
ففي اتخاذ الولد لا يستلزم نفي الولادة ؛ لأن اتخاذ الولد قد يكون بدون ولادة كالتبني أو غيره، كما في قصة يوسف في قوله تعالى عن عزيز مصر :﴿ أكرمي مَثْوَاهُ عَسَى أَن يَنفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ﴾.
ففي هذه السورة نفي أخص، فلزم التنبيه عليه في هذه السورة الكريمة وهي سورة الإخلاص. والتي تعدل ثلث القرآن ؛ لاختصاصها بحق الله تعالى في ذاته وصفاته من الوحدانية والصمدية، ونفي الولادة والولد، ونفي الكفء، وكلها صفات انفراد لله سبحانه.
وقد جاء فيها النص الصريح بعدم الولادة، وأنه سبحانه وتعالى لم يلد ولم يولد، فهي أخص من تلك، وهذا من المسلمات عند المسلمين جميعاً بدون شك ولا نزاع، ولم يؤثر فيها أي خلاف.
ولكن غير المسلمين لم يسلموا بذلك، فاليهود قالوا : عزيز ابن الله، والنصارى قالوا : المسيح ابن الله، والمشركون قالوا : الملائكة بنات الله.
فاتفقوا على ادعاء الولد للَّه، ولم يدع أحد أنه سبحانه مولود.
وقد جاءت النصوص الصريحة في نفي الولد عن الله سبحانه وتعالى، إلا أن مجرد النص الذي لم يؤمن به الخصم لا يكفي لإقناعه، وفي هذه السورة -وهي المختصة بصفات الله- لم يأت التنويه فيها عن المانع من اتخاذ الله للولد، ومن كونه سبحانه لم يولد.
ولما كان بيان المانع أو الموجب من منهج هذا الكتاب، إذا كان يوجد للحكم موجب أو مانع ولم تتقدم الإشارة إلى ذلك، فيما تقدم من كلام الشيخ -رحمة الله تعالى علينا وعليه- مع أنه رحمه اللَّه قد تكلم على آيات الأسماء والصفات جملة وتفصيلاً، بما يكفي ويشفي.
ولكن جاء في القرآن الكريم ذكر ادعاء الولد للَّه، سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً.
وجاء الرد من الله تعالى مع بيان المانع مفصلاً مع الإشعار بالدليل العقلي، ولذا لزم التنويه عليه، وذلك في قوله تعالى :﴿ وَقَالُواْ اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ ١١٦ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾.
فهذا نص صريح فيما قالوه :﴿ اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا ﴾.
ونص صريح في تنزيه الله سبحانه وتسبيحه عما قالوا.
ثم جاء حرف الإضراب عن قولهم :﴿ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ ﴾، ففيه بيان المانع عقلاً من اتخاذ الولد بما يلزم الخصم، وذلك أن غاية اتخاذ الولد أن يكون باراً بوالده، وأن ينتفع الوالد بولده. كما في قوله تعالى :﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾، أو يكون الولد وارثاً لأبيه كما في قوله تعالى عن نبي الله تعالى زكريا عليه السلام :﴿ فَهَبْ لِي مِن لدُنْكَ وَلِيّاً ٥ يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ﴾ الآية.
والله سبحانه وتعالى حي باق، يرث ولا يورث، كما قال تعالى :﴿ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ ٢٦ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ﴾ الآية.
وقوله :﴿ وَللَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ ﴾.
فإذا كان للَّه سبحانه وتعالى كل ما في السماوات والأرض في قنوت وامتثال طوعاً أو كرهاً، كما قال تعالى :﴿ وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً ٩٢ إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً ﴾.
فهو سبحانه وتعالى ليس في حاجة إلى الولد لغناه عنه.
ثم بين سبحانه قدرته على الإيجاد والإبداع في قوله تعالى :﴿ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾.
وهذا واضح في نفي الولد عنه سبحانه وتعالى.
وقد تمدح سبحانه في قوله :﴿ وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَم يَكُنْ لَّهُ شَرِيكٌ في الْمُلْكِ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ وَلِيٌّ مَّنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًا ﴾.
أما أنه لم يولد، فلم يدع أحد عليه ذلك ؛ لأنه ممتنع عقلاً، بدليل الممانعة المعروف وهو كالآتي :
لو توقف وجوده سبحانه على أن يولد لكان في وجوده محتاجاً إلى من يوجده، ثم يكون من يلده في حاجة إلى والد، وهكذا يأتي الدور والتسلسل، وهذا باطل.
وكذلك فإن الحاجة إلى الولد بنفيها معنى الصمدية المتقدم ذكره، ولو كان له والد لكان الوالد أسبق وأحق، تعالى الله عن ذلك.
وقد يقال : من جانب الممانعة العقلية لو افترض على حد قوله :﴿ قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ الْعَابِدِينَ ﴾.
فنقول على هذا الافتراض : لو كان له ولد فما مبدأ وجود هذا الولد وما مصيره ؟ فإن كان حادثاً فمتى حدوثه ؟ وإن كان قديماً تعدد القدم، وهذا ممنوع.
ثم إن كان باقياً تعدد البقاء، وإن كان منتهياً فمتى انتهاؤه ؟
وإذا كان مآله إلى الانتهاء فما الحاجة إلى إيجاده مع عدم الحاجة إليه، فانتفى اتخاذ الولد عقلاً ونقلاً، كما انتفت الولادة كذلك عقلاً ونقلاً.
وقد أورد بعض المفسرين سؤالاً في هذه الآية، وهو لماذا قدم نفي الولد على نفي الولادة ؟ مع أن الأصل في المشاهد أن يولد ثم يلد ؟
وأجاب بأنه من تقديم الأهم ؛ لأنه رد على النصارى في قولهم : عيسى ابن اللَّه، وعلى اليهود في قولهم : عزيز ابن اللَّه، وعلى قول المشركين : الملائكة بنات الله، ولأنه لم يدع أحد أنه سبحانه مولود لأحد، فكانت دعواهم الولد للَّه فرية عظمى. ا ه.
كما قال تعالى :﴿ كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ إِن يَقُولُونَ إِلاَّ كَذِبًا ﴾.
وقوله :﴿ وَقَالُواْ اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَداً ٨٨ لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِداً ٨٩ تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّا ٩٠ أَن دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَداً ﴾.
فلشفاعة هذه الفرية قدم ذكرها، ثم الرد على عدم إمكانها بقوله :﴿ وَمَا يَنبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَداً ٩٢ إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِى الرَّحْمَنِ عَبْداً ﴾.
وقد قدمنا دليل المنع عقلاً ونقلاً.
وهنا سؤال أيضاً، وهو إذا كان ادعاء الولد قد وقع، وجاء الرد عليه : فإن ادعاء الولادة لم يقع، فلماذا ذكر نفيه مع عدم ادعائه ؟
والجواب واللَّه تعالى أعلم : أن من جوّز الولادة له، وأن يكون له ولد، فقد يجوز الولادة عليه، وأن يكود مولوداً، فجاء نفيها تتمة للنفي والتنزيه، كما في حديث البحر، كان السؤال عن الوضوء من مائه فقط، فجاء الجواب عن مائه وميتته ؛ لأن ما احتمل السؤال في مائه يحتمل الاشتباه في ميتته. والله تعالى أعلم.
قوله تعالى :﴿ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ ﴾.
قالوا : كفؤا وكفواً وكفاء، بمعنى واحد، وهو المثل.
وقد تعددت أقوال المفسرين في معنى الآية، وكلها تدور على معنى نفي المماثلة.
فعن كعب وعطاء : لم يكن له مثل ولا عديل.
وروى ابن جرير عن ابن عباس : أنه بمعنى ليس كمثله شيء.
وعن مجاهد : أي لا صاحبة له.
وقد جاء نفي الكفء والمثل والند والعدل، فالكفء في هذه السورة والمثل في قوله :﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شيء ﴾، وقوله :﴿ فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلَّهِ الأَمْثَالَ ﴾.
والند في قوله :﴿ فَلاَ تَجْعَلُواْ للَّهِ أَندَاداً وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾.
والعدل في قوله :﴿ ثْمَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ ﴾.
وتقدم للشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه عند آية الأنعام بيان لذلك، أي يساوونه بعيره من العدل بكسر أوله، وهو أحد شقي حمل البعير على أحد التفسيرين، والآخر من العدول عنه إلى غيره.
Icon