تفسير سورة الهمزة

الدر المنثور
تفسير سورة سورة الهمزة من كتاب الدر المنثور في التأويل بالمأثور المعروف بـالدر المنثور .
لمؤلفه السُّيوطي . المتوفي سنة 911 هـ

أخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال : أنزلت ﴿ ويل لكل همزة ﴾ بمكة.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عمر أنه قيل له : نزلت هذه الآية في أصحاب محمد ﴿ ويل لكل همزة لمزة ﴾ قال : ابن عمر : ما عنينا بها ولا عنينا بعشر القرآن.
وأخرج ابن أبي حاتم من طريق ابن إسحاق عن عثمان بن عمر قال : ما زلنا نسمع أن ﴿ ويل لكل همزة ﴾ قال : ليست بحاجبة لأحد نزلت في جميل بن عامر زعم الرقاشي.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي ﴿ ويل لكل همزة ﴾ في الأخنس بن شريق.
وأخرج ابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان عن راشد بن سعد المقدامي عن أبي هريرة عن النبي ﷺ قال :« لما عرج بي مررت برجال تقطع جلودهم بمقاريض من نار، فقلت : من هؤلاء؟ قال : الذين يتزينون. قال : ثم مررت بجب منتن الريح فسمعت فيه أصواتاً شديدة، فقلت : من هؤلاء يا جبريل؟ قال : نساءكن يتزين بزينة ويعطين ما لا يحل لهن، ثم مررت على نساء ورجال معلقين بثديهن، فقلت : من هؤلاء يا جبريل؟ قال : هؤلاء الهمازون والهمازات، ذلك بأن الله قال :﴿ ويل لكل همزة لمزة ﴾ ».
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي الدنيا في ذم الغيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه من طرق عن ابن عباس أنه سئل عن قوله :﴿ ويل لكل همزة لمزة ﴾ قال : هو المشاء بالنميمة المفرق بين الجمع المغري بين الأخوان.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قي قوله :﴿ ويل لكل همزة ﴾ قال : طعان ﴿ لمزة ﴾ قال : مغتاب.
وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن أبي الدنيا في ذم الغيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في شعب الإِيمان عن مجاهد في الآية قال : الهمزة الطعان في الناس، واللمزة الذي يأكل لحوم الناس.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة ﴿ ويل لكل همزة لمزة ﴾ قال : يأكل لحوم الناس ويطعن عليهم.
وأخرج عبد بن حميد عن أبي العالية ﴿ ويل لكل همزة لمزة ﴾ قال : تهمزه في وجهه وتلمزه من خلفه.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة ﴿ ويل لكل همزة ﴾ قال : يهمزه ويلمزه بلسانه وعينيه، ويأكل لحوم الناس ويطعن عليهم.
وأخرج البيهقي في شعب الإِيمان عن ابن جريج قال : الهمز بالعينين والشدق واليد واللمز باللسان.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي في قوله :﴿ جمع مالاً وعدده ﴾ قال : أحصاه.
وأخرج ابن حبان والحاكم وصححه وابن مردويه والخطيب في تاريخه عن جابر بن عبد الله أن النبي ﷺ قرأ ﴿ يحسب أن ماله أخلده ﴾ بكسر السين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عكرمة ﴿ يحسب أن ماله أخلده ﴾ قال : يزيد في عمره.
347
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي ﴿ كلا لينبذن ﴾ قال : ليلقين.
وأخرج ابن أبي حاتم عن الحسين بن واقد قال : الحطمة باب من أبواب جهنم.
وأخرج عبد بن حميد وابن أبي حاتم عن محمد بن كعب في قوله :﴿ التي تطلع على الأفئدة ﴾ قال : تأكل كل شيء منه حتى تنتهي إلى فؤاده فإذا بلغت فؤاده ابتدىء خلقه.
وأخرج ابن عساكر عن محمد بن المنكدر في قوله :﴿ التي تطلع على الأفئدة ﴾ قال : تأكله النار حتى تبلغ فؤاده وهو حيّ.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن ابن عباس في قوله :﴿ إنها عليهم مؤصدة ﴾ قال : مطبقة ﴿ في عمد ممددة ﴾ قال : عمد من نار.
وأخرج عبد بن حميد عن عليّ بن أبي طالب أنه قرأ ﴿ في عمد ﴾.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود أنه قرأ :« بعمد ممددة » قال : وهي الأدهم.
وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس ﴿ في عمد ﴾ قال : الأبواب.
وأخرج ابن جرير عن ابن عباس ﴿ في عمد ممددة ﴾ قال : أدخلهم في عمد فمدت عليهم في أعناقهم السلاسل فسدت بها الأبواب.
وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية ﴿ في عمد ﴾ قال : عمد من حديد في النار.
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن قتادة ﴿ في عمد ﴾ قال : كنا نحدث أنها عمد يعذبون بها في النار.
وأخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم عن أبي صالح ﴿ في عمد ممددة ﴾ قال : القيود الطوال.
وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي قال : من قرأها ﴿ في عمد ﴾ فهو عمد من نار ومن قرأها ﴿ في عمد ﴾ فهو حبل ممدود.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن سعيد بن جبير قال : في النار رجل في شعب من شعابها ينادي مقدار ألف عام يا حنان يا منان، فيقول رب العزة لجبريل : أخرج عبدي من النار فيأتيها فيجدها مطبقة فيرجع، فيقول يا رب ﴿ إنها عليهم مؤصدة ﴾ فيقول يا جبريل : فكها واخرج عبدي من النار فيفكها ويخرج مثل الفحم فيطرحه على ساحل الجنة حتى ينبت الله له شعراً ولحماً ودماً.
وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ :« إنما الشفاعة يوم القيامة لمن عمل الكبائر من أمتي ثم ماتوا عليها فهم في الباب الأول من جهنم لا تسود وجوههم، ولا تزرق أعينهم، ولا يغلون بالأغلال، ولا يقرنون مع الشياطين، ولا يضربون بالمقامع، ولا يطرحون في الأدراك. منهم من يمكث فيها ساعة، ومنهم من يمكث يوماً ثم يخرج، ومنهم من يمكث شهراً ثم يخرج، ومنهم من يمكث فيها سنة ثم يخرج، وأطولهم مكثاً فيها مثل الدنيا منذ يوم خلقت إلى يوم أفنيت، وذلك سبعة آلاف سنة، ثم إن الله تعالى إذا أراد أن يخرج الموحدين منها قذف في قلوب أهل الأديان، فقالوا لهم : كنا نحن وأنتم جميعاً في الدنيا فآمنتم وكفرنا، وصدقتم وكذبنا وأقررتم وجحدنا فما أغنى ذلك عنكم، نحن وأنتم فيها جميعاً سواء تعذبون كما نعذب وتخلدون كما نخلد، فيغضب الله عند ذلك غضباً لم يغضبه من شيء فيما مضى، ولا يغضب من شيء فيما بقي، فيخرج أهل التوحيد منها إلى عين الجنة والصراط يقال لها نهر الحياة، فيرش عليهم من الماء فينبتون كما تنبت الحبة في حميل السيل، ما يلي الظل منها أخضر وما يلي الشمس منها أصفر، ثم يدخلون الجنة فيكتب في جباههم عتقاء الله من النار إلا رجلاً واحداً فإنه يمكث فيها بعدهم ألف سنة، ثم ينادي يا حنان يا منان، فيبعث الله إليه ملكاً ليخرجه فيخوض في النار في طلبه سبعين عاماً لا يقدر عليه، ثم يرجع فيقول : يا رب إنك أمرتني أن أخرج عبدك فلاناً من النار، وإني طلبته في النار منذ سبعين سنة فلم أقدر عليه، فيقول الله تعالى : انطلق فهو في وادي كذا وكذا تحت صخرة فأخرجه. فيذهب فيخرجه منها فيدخله الجنة، ثم إن الجهنميين يطلبون إلى الله أن يمحى ذلك الإِسم عنهم، فيبعث الله إليهم ملكاً فيمحو عن جباههم، ثم إنه يقال لأهل الجنة ومن دخلها من الجهنميين اطلعوا إلى أهل النار فيطلعون إليهم فيرى الرجل أباه ويرى أخاه ويرى جاره ويرى صديقه ويرى العبد مولاه، ثم إن الله تعالى يبعث إليهم ملائكة باطباق من نار ومسامير من نار وعمد من نار فيطبق عليهم بتلك الأطباق وتسمر بتلك المسامير وتمد بتلك العمد، ولا يبقى فيها خلل يدخل فيه روح ولا يخرج منه غم، وينساهم الجبار على عرشه، ويتشاغل أهل الجنة بنعيمهم، ولا يستغيثون بعدها أبداً، وينقطع الكلام فيكون كلامهم زفيراً وشهيقاً، فذلك قوله :﴿ إنها عليهم مؤصدة في عمد ممددة ﴾ »
348
يقول : مطبقة والله أعلم.
349
Icon