تفسير سورة سورة النمل من كتاب تفسير السمعاني
المعروف بـتفسير السمعاني
.
لمؤلفه
أبو المظفر السمعاني
.
المتوفي سنة 489 هـ
ﰡ
قَوْله تَعَالَى: ﴿طس﴾ قد بَينا مَعْنَاهُ فِي السُّورَة الْمُتَقَدّمَة.
وَقَوله: ﴿تِلْكَ آيَات الْقُرْآن﴾ أَي: هَذِه آيَات الْقُرْآن.
﴿وَكتاب﴾ أَي: وآيات كتاب مُبين، وَأما اشتقاق الْقُرْآن وَالْكتاب قد بَينا، قَالَ أهل الْمعَانِي: أظهر الْآيَات بِالْقِرَاءَةِ تَارَة، وبالكتبة تَارَة أُخْرَى، فالآيات مظهرة بِكَوْنِهَا كتابا، وبكونها قُرْآنًا.
وَقَوله: ﴿تِلْكَ آيَات الْقُرْآن﴾ أَي: هَذِه آيَات الْقُرْآن.
﴿وَكتاب﴾ أَي: وآيات كتاب مُبين، وَأما اشتقاق الْقُرْآن وَالْكتاب قد بَينا، قَالَ أهل الْمعَانِي: أظهر الْآيَات بِالْقِرَاءَةِ تَارَة، وبالكتبة تَارَة أُخْرَى، فالآيات مظهرة بِكَوْنِهَا كتابا، وبكونها قُرْآنًا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿هدى وبشرى للْمُؤْمِنين﴾ أَي: هدى من الضَّلَالَة، وبشرى بالثواب وَهُوَ الْجنَّة، وَيُقَال: الْآيَات هادية مبشرة.
وَقَوله: ﴿للْمُؤْمِنين﴾ أَي: للمصدقين.
وَقَوله: ﴿للْمُؤْمِنين﴾ أَي: للمصدقين.
قَوْله تَعَالَى: ﴿الَّذين يُقِيمُونَ الصَّلَاة﴾ إِقَامَة الصَّلَاة أَدَاؤُهَا بفرائضها وسننها، وَقيل: إِقَامَة الصَّلَاة حفظ مواقيتها.
وَقَوله: (وَيُؤْتونَ الزَّكَاة) أَي: يُعْطون الزَّكَاة، وَالزَّكَاة هِيَ زَكَاة المَال، وَقيل: زَكَاة الْفطر.
وَقَوله: (وَهُوَ بِالآخِرَة هُوَ يوقنون) أَي: يصدقون.
وَقَوله: (وَيُؤْتونَ الزَّكَاة) أَي: يُعْطون الزَّكَاة، وَالزَّكَاة هِيَ زَكَاة المَال، وَقيل: زَكَاة الْفطر.
وَقَوله: (وَهُوَ بِالآخِرَة هُوَ يوقنون) أَي: يصدقون.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِن الَّذين لَا يُؤمنُونَ بِالآخِرَة زينا لَهُم أَعْمَالهم﴾ الْأَكْثَرُونَ على أَنَّهَا أَعمال الْمعْصِيَة، وَقيل: أَعمال الطَّاعَات وَذَلِكَ بِإِقَامَة الدَّلِيل على حسنها.
وَقَوله: ﴿فهم يعمهون﴾ أَي: يتحيرون ويترددون، وَيُقَال: يعمون.
وَقَوله: ﴿فهم يعمهون﴾ أَي: يتحيرون ويترددون، وَيُقَال: يعمون.
76
{يُؤمنُونَ بِالآخِرَة زينا لَهُم أَعْمَالهم فهم يعمهون (٤) أُولَئِكَ الَّذين لَهُم سوء الْعَذَاب وَهُوَ فِي الْآخِرَة هم الأخسرون (٥) وَإنَّك لتلقي الْقُرْآن من لدن حَكِيم عليم (٦) إِذْ قَالَ مُوسَى لأَهله إِنِّي آنست نَارا سآتيكم مِنْهَا بِخَبَر أَو آتيكم
77
قَوْله تَعَالَى: ﴿أُولَئِكَ الَّذين لَهُم سوء الْعَذَاب﴾ أَي: أشده.
وَقَوله: ﴿وهم فِي الْآخِرَة هم الأخسرون﴾ أَي: حظا ونصيبا.
وَقَوله: ﴿وهم فِي الْآخِرَة هم الأخسرون﴾ أَي: حظا ونصيبا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإنَّك لتلقي الْقُرْآن من لدن حَكِيم عليم﴾ أَي: تؤتي الْقُرْآن، وَقيل: تَأْخُذ الْقُرْآن، وَقيل: تلقن.
وَقَوله: ﴿من لدن حَكِيم عليم﴾ أَي: من عِنْده.
وَقَوله: ﴿من لدن حَكِيم عليم﴾ أَي: من عِنْده.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِذا قَالَ مُوسَى لأَهله إِنِّي آنست نَارا﴾ أَي: أَبْصرت نَارا، وَمِنْه الْإِنْس سموا إنسا؛ لأَنهم مرئيون مبصرون، وَفِي الْقِصَّة: أَن مُوسَى كَانَ أَخطَأ الطَّرِيق، وَذكر بَعضهم أَن مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَام - كَانَ يرْعَى أغنامه على شَفير الْوَادي، فرأت الأغنام النَّار فَفَزِعت، وَتَفَرَّقَتْ وَلم يكن مُوسَى راءها، فصاح بهَا مُوسَى بالأغنام حَتَّى اجْتمعت ثمَّ تَفَرَّقت ثَانِيًا، فصاح بهَا حَتَّى اجْتمعت ثمَّ تَفَرَّقت ثَالِثا، فَنظر مُوسَى فَرَأى النَّار فَذهب مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَام - فِي طلبَهَا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿سآتيكم مِنْهَا بِخَبَر﴾ أَي: بِخَبَر عَن الطَّرِيق.
وَقَوله: ﴿أَو آتيكم بشهاب قبس﴾ قرئَ بِالتَّنْوِينِ، وَقُرِئَ على الْإِضَافَة: " بشهاب قبس " والشهاب والقبس مَعْنَاهُمَا متقاربان، فالعود إِذا كَانَ فِي أحد طَرفَيْهِ نَار، وَلَيْسَ فِي الطّرف الآخر نَار سمي: شهابا، وَيُسمى: قبسا، وَقَالَ بَعضهم: الشهَاب هُوَ شَيْء ذُو نور مثل العمود، وَالْعرب تسمي كل أَبيض ذِي نور: شهابا، والقبس هُوَ الْقطعَة من النَّار، قَالَ الشَّاعِر: (فِي كَفه صعدة مثقفة
(لَهَا) سِنَان كشعلة القبس) وَأما قِرَاءَة التَّنْوِين فقد جعل القبس نعتا لِلشِّهَابِ، وَأما قِرَاءَة الْإِضَافَة هُوَ إِضَافَة
قَوْله تَعَالَى: ﴿سآتيكم مِنْهَا بِخَبَر﴾ أَي: بِخَبَر عَن الطَّرِيق.
وَقَوله: ﴿أَو آتيكم بشهاب قبس﴾ قرئَ بِالتَّنْوِينِ، وَقُرِئَ على الْإِضَافَة: " بشهاب قبس " والشهاب والقبس مَعْنَاهُمَا متقاربان، فالعود إِذا كَانَ فِي أحد طَرفَيْهِ نَار، وَلَيْسَ فِي الطّرف الآخر نَار سمي: شهابا، وَيُسمى: قبسا، وَقَالَ بَعضهم: الشهَاب هُوَ شَيْء ذُو نور مثل العمود، وَالْعرب تسمي كل أَبيض ذِي نور: شهابا، والقبس هُوَ الْقطعَة من النَّار، قَالَ الشَّاعِر: (فِي كَفه صعدة مثقفة
(لَهَا) سِنَان كشعلة القبس) وَأما قِرَاءَة التَّنْوِين فقد جعل القبس نعتا لِلشِّهَابِ، وَأما قِرَاءَة الْإِضَافَة هُوَ إِضَافَة
77
﴿بشهاب قبس لَعَلَّكُمْ تصطلون (٧) فَلَمَّا جاءها نُودي أَن بورك من فِي النَّار وَمن لشَيْء إِلَى نَفسه، مثل قَوْله تَعَالَى: {ولدار الْآخِرَة﴾ وَمثل قَوْلهم: يَوْم الْجُمُعَة، وَمَا أشبه ذَلِك.
وَقَوله: ﴿لَعَلَّكُمْ تصطلون﴾ فِيهِ دَلِيل على أَنهم كَانُوا شَاتين، وَإنَّهُ أَصَابَهُ الْبرد وَالْعرب تَقول: هَلُمَّ إِلَى الصلى والقرى.
وَقَوله: ﴿لَعَلَّكُمْ تصطلون﴾ فِيهِ دَلِيل على أَنهم كَانُوا شَاتين، وَإنَّهُ أَصَابَهُ الْبرد وَالْعرب تَقول: هَلُمَّ إِلَى الصلى والقرى.
78
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا جاءها نُودي أَن بورك من فِي النَّار﴾ قَالَ أهل التَّفْسِير: لم يكن مَا رَآهُ نَارا، بل كَانَ نورا، وَإِنَّمَا سَمَّاهُ نَارا؛ لِأَن النَّار لَا تَخْلُو من النُّور؛ وَلِأَنَّهُ كَانَ فِي ظن مُوسَى أَنه نَار.
وَقَوله: ﴿من فِي النَّار﴾ فِيهِ أَقْوَال: أَكثر الْمُفَسّرين على أَنه نور الرب، وَهُوَ قَول ابْن عَبَّاس وَعِكْرِمَة وَسَعِيد بن جُبَير وَغَيرهم، وَذكر أَبُو بكر الْهُذلِيّ عَن الْحسن الْبَصْرِيّ أَنه الله تَعَالَى، وَذكر الْفراء أَن من فِي النَّار هُوَ الْمَلَائِكَة، وَمن حولهَا الْمَلَائِكَة أَيْضا (على القَوْل الأول، وَمن حولهَا الْمَلَائِكَة أَيْضا).
وَفِي الْآيَة قَوْله رَابِع: وَهُوَ أَن من فِي النَّار مُوسَى، فَإِن قيل: لم يكن مُوسَى فِي النَّار. قُلْنَا: قد كَانَ قَرِيبا من النَّار، وَالْعرب تسمي من قرب من الشَّيْء فِي الشَّيْء يَقُولُونَ: إِذا بلغت ذَات عرق فَأَنت فِي مَكَّة، قَالُوا هَذَا لأجل الْقرب من مَكَّة، ومُوسَى قد كَانَ قرب من النَّار فَجعله كَأَنَّهُ فِي النَّار.
وَفِي الْآيَة قَول خَامِس: وَهُوَ أَن " من " بِمَعْنى " مَا " وَمعنى الْآيَة: أَن بوركت النَّار وَمَا حولهَا، وَذكر بَعضهم، أَن فِي قِرَاءَة أبي: " بوركت النَّار وَمن حولهَا " وَالْعرب تَقول: بَارك الله، وَبَارك الله عَلَيْك، وبورك فِيك بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَوله: ﴿وَسُبْحَان الله رب الْعَالمين﴾ نزه الله نَفسه، وَهُوَ المنزه عَن كل سوء
وَقَوله: ﴿من فِي النَّار﴾ فِيهِ أَقْوَال: أَكثر الْمُفَسّرين على أَنه نور الرب، وَهُوَ قَول ابْن عَبَّاس وَعِكْرِمَة وَسَعِيد بن جُبَير وَغَيرهم، وَذكر أَبُو بكر الْهُذلِيّ عَن الْحسن الْبَصْرِيّ أَنه الله تَعَالَى، وَذكر الْفراء أَن من فِي النَّار هُوَ الْمَلَائِكَة، وَمن حولهَا الْمَلَائِكَة أَيْضا (على القَوْل الأول، وَمن حولهَا الْمَلَائِكَة أَيْضا).
وَفِي الْآيَة قَوْله رَابِع: وَهُوَ أَن من فِي النَّار مُوسَى، فَإِن قيل: لم يكن مُوسَى فِي النَّار. قُلْنَا: قد كَانَ قَرِيبا من النَّار، وَالْعرب تسمي من قرب من الشَّيْء فِي الشَّيْء يَقُولُونَ: إِذا بلغت ذَات عرق فَأَنت فِي مَكَّة، قَالُوا هَذَا لأجل الْقرب من مَكَّة، ومُوسَى قد كَانَ قرب من النَّار فَجعله كَأَنَّهُ فِي النَّار.
وَفِي الْآيَة قَول خَامِس: وَهُوَ أَن " من " بِمَعْنى " مَا " وَمعنى الْآيَة: أَن بوركت النَّار وَمَا حولهَا، وَذكر بَعضهم، أَن فِي قِرَاءَة أبي: " بوركت النَّار وَمن حولهَا " وَالْعرب تَقول: بَارك الله، وَبَارك الله عَلَيْك، وبورك فِيك بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَوله: ﴿وَسُبْحَان الله رب الْعَالمين﴾ نزه الله نَفسه، وَهُوَ المنزه عَن كل سوء
78
{حولهَا وَسُبْحَان الله رب الْعَالمين (٨) يَا مُوسَى إِنَّه أَنا الله الْعَزِيز الْحَكِيم (٩) وألق عصاك فَلَمَّا رَآهَا تهتز كَأَنَّهَا جَان ولى مُدبرا وَلم يعقب يَا مُوسَى لَا تخف إِنِّي وعيب.
79
قَوْله تَعَالَى: ﴿يَا مُوسَى إِنَّه أَنا الله الْعَزِيز الْحَكِيم﴾ أَي: إِنِّي أَنا الله الْعَزِيز الْحَكِيم. قَالَ الْفراء: الْهَاء عماد فِي هَذَا الْموضع.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وألق عصاك فَلَمَّا رَآهَا تهتز﴾ أَي: تتحرك.
وَقَوله: ﴿كَأَنَّهَا جآن﴾ الجآن هِيَ الْحَيَّة الصَّغِيرَة الَّتِي يكثر اضطرا بهَا، وَقد بَينا التَّوْفِيق بَين هَذِه الْآيَة وَبَين قَوْله: ﴿فَإِذا هِيَ ثعبان مُبين﴾.
وَقَوله: ﴿ولى مُدبرا﴾ : أَي: هرب، وَيُقَال: رَجَعَ إِلَى الطَّرِيق الَّتِي جَاءَ مِنْهَا.
وَقَوله: ﴿وَلم يعقب﴾ أَي: لم يلْتَفت.
وَقَوله: ﴿يَا مُوسَى لَا تخف﴾ (فِي بعض التفاسير: أَن مُوسَى لما فزع وهرب قَالَ الله تَعَالَى لَهُ: ﴿أقبل﴾ فَلم يرجع، فَقَالَ: ﴿لَا تخف﴾ إِنَّك من الْآمنينَ) فَلم يرجع، فَقَالَ: ﴿سنعيدها سيرتها الأولى﴾ فَلم يرجع حَتَّى جعلهَا عَصا كَمَا كَانَت، ثمَّ رَجَعَ وَأَخذهَا، وَالله أعلم.
قَوْله: ﴿إِنِّي لَا يخَاف لَدَى المُرْسَلُونَ﴾ يَعْنِي: إِذا أمنتهم، وَقيل: لَا يخَافُونَ من عقوبتي، فَإِنِّي لَا أعاقبهم.
فَإِن قيل: أَلَيْسَ أَن جَمِيع الْأَنْبِيَاء خَافُوا الله، وَقد كَانَ النَّبِي يخْشَى الله، وَقد قَالَ: " أَنا أخشاكم "؟ وَالْجَوَاب عَنهُ: أَن الْخَوْف الَّذِي هُوَ شَرط الْإِيمَان لَا يجوز
وَقَوله: ﴿كَأَنَّهَا جآن﴾ الجآن هِيَ الْحَيَّة الصَّغِيرَة الَّتِي يكثر اضطرا بهَا، وَقد بَينا التَّوْفِيق بَين هَذِه الْآيَة وَبَين قَوْله: ﴿فَإِذا هِيَ ثعبان مُبين﴾.
وَقَوله: ﴿ولى مُدبرا﴾ : أَي: هرب، وَيُقَال: رَجَعَ إِلَى الطَّرِيق الَّتِي جَاءَ مِنْهَا.
وَقَوله: ﴿وَلم يعقب﴾ أَي: لم يلْتَفت.
وَقَوله: ﴿يَا مُوسَى لَا تخف﴾ (فِي بعض التفاسير: أَن مُوسَى لما فزع وهرب قَالَ الله تَعَالَى لَهُ: ﴿أقبل﴾ فَلم يرجع، فَقَالَ: ﴿لَا تخف﴾ إِنَّك من الْآمنينَ) فَلم يرجع، فَقَالَ: ﴿سنعيدها سيرتها الأولى﴾ فَلم يرجع حَتَّى جعلهَا عَصا كَمَا كَانَت، ثمَّ رَجَعَ وَأَخذهَا، وَالله أعلم.
قَوْله: ﴿إِنِّي لَا يخَاف لَدَى المُرْسَلُونَ﴾ يَعْنِي: إِذا أمنتهم، وَقيل: لَا يخَافُونَ من عقوبتي، فَإِنِّي لَا أعاقبهم.
فَإِن قيل: أَلَيْسَ أَن جَمِيع الْأَنْبِيَاء خَافُوا الله، وَقد كَانَ النَّبِي يخْشَى الله، وَقد قَالَ: " أَنا أخشاكم "؟ وَالْجَوَاب عَنهُ: أَن الْخَوْف الَّذِي هُوَ شَرط الْإِيمَان لَا يجوز
79
{لَا يخَاف لدي المُرْسَلُونَ (١٠) إِلَّا من ظلم ثمَّ بدل حسنا بعد سوء فَإِنِّي غَفُور رَحِيم (١١) وَأدْخل يدك فِي جيبك تخرج بَيْضَاء من غير سوء فِي تسع آيَات إِلَى أَن يَخْلُو أحد مِنْهُ، فَأَما هَذَا الْخَوْف من الْعقُوبَة على الْكفْر والكبائر، وَالله تَعَالَى قد عصم الْأَنْبِيَاء من الْكفْر والكبائر.
80
وَقَوله: ﴿إِلَّا من ظلم﴾ فِيهِ أَقْوَال: أَحدهَا: وَلَا من ظلم ﴿ثمَّ بدل حسنا بعد سوء﴾ أَي: تَابَ وَنَدم، وَهَذَا القَوْل ضَعِيف عِنْد أهل النَّحْو، وَالْقَوْل الثَّانِي: أَن معنى الْآيَة: إِنِّي لَا يخَاف لَدَى المُرْسَلُونَ وَإِنَّمَا يخَاف غير الْمُرْسلين، إِلَّا من ظلم ثمَّ بدل حسنا بعد سوء فَإِنَّهُ لَا يخَاف، وَالْقَوْل الثَّالِث: أَن الِاسْتِثْنَاء هَا هُنَا مُنْقَطع، وَمَعْنَاهُ: لَكِن من ظلم فخاف فَإِن بدل حسنا بعد سوء فَإِنَّهُ لَا يخَاف. وَفِي بعض التفاسير: أَن المُرَاد بقوله: ﴿إِلَّا من ظلم﴾ هُوَ مُوسَى بقتْله القبطي، وَأما تبديله الْحسن بعد السوء تَوْبَته وندامته، وَذَلِكَ فِي قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ رب إِنِّي ظلمت نَفسِي﴾.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَأدْخل يَديك فِي جيبك تخرج بَيْضَاء من غير سوء﴾ قد بَينا، وَفِي الْقِصَّة: أَنَّهَا كَانَت تلألأ مثل الْبَرْق.
وَقَوله: ﴿فِي تسع آيَات﴾ أَي: مَعَ تسع آيَات، وَقيل: من تسع آيَات، قَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
أَي: من ثَلَاثَة أَحْوَال.
وَقَوله: ﴿إِلَى فِرْعَوْن وَقَومه إِنَّهُم كَانُوا قوما فاسقين﴾ أَي: خَارِجين من الطَّاعَة.
وَقَوله: ﴿فِي تسع آيَات﴾ أَي: مَعَ تسع آيَات، وَقيل: من تسع آيَات، قَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
[وَهل] ينعمن من كَانَ آخر عَهده | [ثَلَاثِينَ] شهرا فِي ثَلَاثَة أَحْوَال |
وَقَوله: ﴿إِلَى فِرْعَوْن وَقَومه إِنَّهُم كَانُوا قوما فاسقين﴾ أَي: خَارِجين من الطَّاعَة.
80
{فِرْعَوْن وَقَومه إِنَّهُم كَانُوا قوما فاسقين (١٢) فَلَمَّا جَاءَتْهُم آيَاتنَا مبصرة قَالُوا هَذَا سحر مُبين (١٣) وجحدوا بهَا واستيقنتها انفسهم ظلما وعلوا فَانْظُر كَيفَ كَانَ عَاقِبَة المفسدين (١٤) وَلَقَد آتَيْنَا دَاوُد وَسليمَان علما وَقَالا الْحَمد لله الَّذِي
81
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا جَاءَتْهُم آيَاتنَا مبصرة﴾ أَي: بنية وَاضِحَة.
قَوْله: ﴿قَالُوا هَذَا سحر مُبين﴾ أى: سحر ظَاهر.
قَوْله: ﴿قَالُوا هَذَا سحر مُبين﴾ أى: سحر ظَاهر.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وجحدوا بهَا﴾ أَي: جحدوها، وَالْبَاء صلَة، وَقيل: جَحَدُوا بِالدّلَالَةِ الَّتِي ظَهرت مِنْهُمَا.
وَقَوله: ﴿واستيقنتها أنفسهم﴾ يَعْنِي: وَقد علمُوا أَنَّهَا من قبل الله تَعَالَى.
وَقَوله: ﴿ظلما وعلوا﴾ أَي: شركا وتكبرا.
وَقَوله: ﴿فَانْظُر كَيفَ كَانَ عَاقِبَة المفسدين﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَقَوله: ﴿واستيقنتها أنفسهم﴾ يَعْنِي: وَقد علمُوا أَنَّهَا من قبل الله تَعَالَى.
وَقَوله: ﴿ظلما وعلوا﴾ أَي: شركا وتكبرا.
وَقَوله: ﴿فَانْظُر كَيفَ كَانَ عَاقِبَة المفسدين﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿وَلَقَد آتَيْنَا دَاوُد وَسليمَان علما﴾ أَي: علم الْقَضَاء وَعلم منطق الطير ومنطق الدَّوَابّ، وَعَن بَعضهم: علم الكيمياء، وَهُوَ قَول شَاذ.
وَقَوله: ﴿وَقَالا الْحَمد لله الَّذِي فضلنَا على كثير من عباده الْمُؤمنِينَ﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَقَوله: ﴿وَقَالا الْحَمد لله الَّذِي فضلنَا على كثير من عباده الْمُؤمنِينَ﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَورث سُلَيْمَان دَاوُد﴾ قَالَ أهل التَّفْسِير: لَيْسَ المُرَاد مِنْهُ وراثة المَال، وَإِنَّمَا المُرَاد مِنْهُ إِرْث الْملك والنبوة، وَكَانَ دَاوُد ملكا نَبيا، [وَكَذَلِكَ] سُلَيْمَان ملكا نَبيا، وَأعْطى سُلَيْمَان مَا أعْطى دَاوُد من الْملك، وَزيد لَهُ تسخير الرّيح، وَلم يكن هَذَا لِأَبِيهِ، وَكَذَلِكَ تسخير الشَّيَاطِين. قَالَ الْكَلْبِيّ: كَانَ لداود تِسْعَة عشر ولدا ذكرا، وَورث ملكه ونبوته سُلَيْمَان من بَينهم.
وَفِي بعض المسانيد: عَن أبي هُرَيْرَة أَن الله تَعَالَى أَمر دَاوُد أَن يسْأَل سُلَيْمَان عَن عشر مسَائِل: فَإِن أجَاب فَهُوَ خَلِيفَته. وروى أَن الله تَعَالَى بعث إِلَى دَاوُد
وَفِي بعض المسانيد: عَن أبي هُرَيْرَة أَن الله تَعَالَى أَمر دَاوُد أَن يسْأَل سُلَيْمَان عَن عشر مسَائِل: فَإِن أجَاب فَهُوَ خَلِيفَته. وروى أَن الله تَعَالَى بعث إِلَى دَاوُد
81
﴿فضلنَا على كثير من عباده الْمُؤمنِينَ (١٥) وَورث سُلَيْمَان دَاوُد وَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس بِصَحِيفَة مختومة فِيهَا جَوَاب الْمسَائِل فَجمع دَاوُد الْأَحْبَار والرهبان، وأحضر سُلَيْمَان وَسَأَلَهُ عَن الْمسَائِل، وَكَانَت الْمسَائِل الْعشْر أَن دَاوُد سَأَلَ سُلَيْمَان - صلوَات الله عَلَيْهِمَا - فَقَالَ: مَا أقرب الْأَشْيَاء؟ وَمَا أبعد الْأَشْيَاء؟ وَمَا آنس الْأَشْيَاء؟ وَمَا أوحش الْأَشْيَاء؟ وَمَا الشيئان القائمان؟ وَمَا الشيئان المختلفان؟ وَمَا الشيئان المتباغضان؟ [وَمَا الَّذِي إِذا اسْتعْمل فِي أول الشَّيْء حمد فِي آخِره؟] وَمَا الَّذِي إِذا اسْتعْمل فِي أول الشَّيْء ذمّ فِي آخِره؟ فَقَالَ: أما أقرب الْأَشْيَاء فالآخرة، وَأما أبعد الْأَشْيَاء فَالَّذِي فاتك من الدُّنْيَا، وَأما آنس الْأَشْيَاء فجسد فِيهِ روحه، وَأما أوحش الْأَشْيَاء فجسد لَا روح فِيهِ، وَأما الشيئان القائمان فالسماء وَالْأَرْض، وَأما الشيئان المختلفان فالليل وَالنَّهَار، وَأما الشيئان المتباغضان فالحياة وَالْمَوْت، وَأما الَّذِي إِذا اسْتعْمل فِي أول الشَّيْء حمد فِي آخِره، فالحلم عِنْد الْغَضَب، وَأما الَّذِي إِذا اسْتعْمل فِي أول الشَّيْء ذمّ فِي آخِره فالحدة عِنْد الْغَضَب، فَلَمَّا أجَاب سُلَيْمَان بِهَذِهِ الْأَجْوِبَة، فك الْخَتْم عَن الصَّحِيفَة الَّتِي بعثها الله تَعَالَى، فَإِذا الْأَجْوِبَة على وفْق مَا قَالَ سُلَيْمَان صلوَات الله عَلَيْهِ وَسلم.
وَفِي هَذَا الْخَبَر: أَن سُلَيْمَان لما أجَاب بِهَذِهِ الْأَجْوِبَة سَأَلته الْأَحْبَار عَن مَسْأَلَة أُخْرَى فَقَالُوا: مَا الشَّيْء الَّذِي إِذا صلح صلح الْجَسَد كُله، وَإِذا فسد فسد الْجَسَد كُله؟ فَقَالَ: هُوَ الْقلب. فَقَالَت الْأَحْبَار لَهُ: حق لَك الْخلَافَة يَا سُلَيْمَان، فَحِينَئِذٍ اسْتَخْلَفَهُ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام.
فَإِن قيل: إِذا كَانَ دَاوُد اسْتَخْلَفَهُ، فَكيف يَسْتَقِيم قَوْله تَعَالَى: {وَورث سُلَيْمَان دَاوُد﴾ ؟ قُلْنَا: المُرَاد من الْإِرْث هَاهُنَا هُوَ قِيَامه مقَام دَاوُد فِي الْملك والنبوة وَالْعلم، وَلَيْسَ المُرَاد من الْإِرْث الَّذِي يعلم فِي الْأَمْوَال، وَهَذَا مثل قَوْلهم: الْعلمَاء وَرَثَة الْأَنْبِيَاء، وَالْمرَاد مِنْهُ مَا بَينا.
وَفِي هَذَا الْخَبَر: أَن سُلَيْمَان لما أجَاب بِهَذِهِ الْأَجْوِبَة سَأَلته الْأَحْبَار عَن مَسْأَلَة أُخْرَى فَقَالُوا: مَا الشَّيْء الَّذِي إِذا صلح صلح الْجَسَد كُله، وَإِذا فسد فسد الْجَسَد كُله؟ فَقَالَ: هُوَ الْقلب. فَقَالَت الْأَحْبَار لَهُ: حق لَك الْخلَافَة يَا سُلَيْمَان، فَحِينَئِذٍ اسْتَخْلَفَهُ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام.
فَإِن قيل: إِذا كَانَ دَاوُد اسْتَخْلَفَهُ، فَكيف يَسْتَقِيم قَوْله تَعَالَى: {وَورث سُلَيْمَان دَاوُد﴾ ؟ قُلْنَا: المُرَاد من الْإِرْث هَاهُنَا هُوَ قِيَامه مقَام دَاوُد فِي الْملك والنبوة وَالْعلم، وَلَيْسَ المُرَاد من الْإِرْث الَّذِي يعلم فِي الْأَمْوَال، وَهَذَا مثل قَوْلهم: الْعلمَاء وَرَثَة الْأَنْبِيَاء، وَالْمرَاد مِنْهُ مَا بَينا.
82
﴿علمنَا منطق الطير
وَقَوله: {وَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس علمنَا منطق الطير﴾ سمى صَوته منطقا لحُصُول الْفَهم بِمَعْنَاهُ، كَمَا يفهم معنى كَلَام النَّاس، إِلَّا أَن صَوت الطير على صِيغَة وَاحِدَة، وأصوات النَّاس على صِيغ مُخْتَلفَة، وَيحْتَمل أَن ذَلِك فِي زمَان سُلَيْمَان خَاصَّة معْجزَة لَهُ أَنه جعل لأصواتهم مَعَاني مفهومة كَمَا يفهم النَّاس بَعضهم من بعض.
وَقد روى نَافِع، عَن ابْن عمر أَن النَّبِي قَالَ: " الديك الْأَبْيَض صديقي، وصديق صديقي وعدو عدوى، فَقيل: يَا رَسُول الله، وماذا يَقُول؟ قَالَ: يَقُول اذْكروا الله يَا غافلين ". وَهَذَا خبر غَرِيب.
وَفِي بعض المسانيد: أَن جمَاعَة من الْيَهُود أَتَوا عبد الله بن عَبَّاس: فَقَالُوا لَهُ: إِنَّا سائلوك عَن أَشْيَاء فَإِن أجبتنا أسلمنَا، فَقَالَ: سلوا تفقها، وَلَا تسألوا تعنتا، فَقَالُوا: مَاذَا يَقُول القس فِي صفيره؟ والديك فِي صقيعه؟ والضفدع فِي نقيقه؟ وَالْحمار فِي نهيقه؟ وَالْفرس فِي صهيله؟ وماذا يَقُول الزرزور أَو الدراج؟ فَقَالَ: أما القس يَقُول: اللَّهُمَّ الْعَن مبغضي مُحَمَّد وَآل مُحَمَّد، وَأما الديك يَقُول: اذْكروا الله يَا غافلين، وَأما الضفدع يَقُول: سُبْحَانَ المعبود فِي لجج الْبحار، وَأما الْحمار فَيَقُول: اللَّهُمَّ الْعَن العشارين، وَأما الْفرس إِذا حمحم عِنْد التقاء الصفين فَإِنَّهُ يَقُول: سبوح قدوس رب الْمَلَائِكَة وَالروح، وَأما الزرزور فَإِنَّهُ يَقُول: اللَّهُمَّ أَسأَلك قوت يَوْم بِيَوْم يارزاق، وَأما
وَقَوله: {وَقَالَ يَا أَيهَا النَّاس علمنَا منطق الطير﴾ سمى صَوته منطقا لحُصُول الْفَهم بِمَعْنَاهُ، كَمَا يفهم معنى كَلَام النَّاس، إِلَّا أَن صَوت الطير على صِيغَة وَاحِدَة، وأصوات النَّاس على صِيغ مُخْتَلفَة، وَيحْتَمل أَن ذَلِك فِي زمَان سُلَيْمَان خَاصَّة معْجزَة لَهُ أَنه جعل لأصواتهم مَعَاني مفهومة كَمَا يفهم النَّاس بَعضهم من بعض.
وَقد روى نَافِع، عَن ابْن عمر أَن النَّبِي قَالَ: " الديك الْأَبْيَض صديقي، وصديق صديقي وعدو عدوى، فَقيل: يَا رَسُول الله، وماذا يَقُول؟ قَالَ: يَقُول اذْكروا الله يَا غافلين ". وَهَذَا خبر غَرِيب.
وَفِي بعض المسانيد: أَن جمَاعَة من الْيَهُود أَتَوا عبد الله بن عَبَّاس: فَقَالُوا لَهُ: إِنَّا سائلوك عَن أَشْيَاء فَإِن أجبتنا أسلمنَا، فَقَالَ: سلوا تفقها، وَلَا تسألوا تعنتا، فَقَالُوا: مَاذَا يَقُول القس فِي صفيره؟ والديك فِي صقيعه؟ والضفدع فِي نقيقه؟ وَالْحمار فِي نهيقه؟ وَالْفرس فِي صهيله؟ وماذا يَقُول الزرزور أَو الدراج؟ فَقَالَ: أما القس يَقُول: اللَّهُمَّ الْعَن مبغضي مُحَمَّد وَآل مُحَمَّد، وَأما الديك يَقُول: اذْكروا الله يَا غافلين، وَأما الضفدع يَقُول: سُبْحَانَ المعبود فِي لجج الْبحار، وَأما الْحمار فَيَقُول: اللَّهُمَّ الْعَن العشارين، وَأما الْفرس إِذا حمحم عِنْد التقاء الصفين فَإِنَّهُ يَقُول: سبوح قدوس رب الْمَلَائِكَة وَالروح، وَأما الزرزور فَإِنَّهُ يَقُول: اللَّهُمَّ أَسأَلك قوت يَوْم بِيَوْم يارزاق، وَأما
83
﴿وأوتينا من كل شَيْء إِن هَذَا لَهو الْفضل الْمُبين (١٦) وَحشر لِسُلَيْمَان جُنُوده من الْجِنّ وَالْإِنْس وَالطير فهم يُوزعُونَ (١٧) الدراج فَيَقُول: الرَّحْمَن على الْعَرْش اسْتَوَى، قَالَ: فَأسلم الْيَهُود.
وَقد ثَبت عَن النَّبِي أَنه قَالَ فِي الْحمار: " إِذا نهق فَإِنَّهُ قد رأى شَيْطَانا ".
وَقَوله: {وأوتينا من كل شَيْء﴾ أَي: من كل شَيْء يُؤْتى الْأَنْبِيَاء والملوك، وَقيل: إِنَّه قَالَ هَذَا على طَرِيق الْكَثْرَة وَالْمُبَالغَة، مثل قَول الْقَائِل: كلمت كل أحد فِي حَاجَتك.
وَقَوله: ﴿إِن هَذَا لَهو الْفضل الْمُبين﴾ أَي: الزِّيَادَة الظَّاهِرَة على جَمِيع الْخلق.
وَقد ثَبت عَن النَّبِي أَنه قَالَ فِي الْحمار: " إِذا نهق فَإِنَّهُ قد رأى شَيْطَانا ".
وَقَوله: {وأوتينا من كل شَيْء﴾ أَي: من كل شَيْء يُؤْتى الْأَنْبِيَاء والملوك، وَقيل: إِنَّه قَالَ هَذَا على طَرِيق الْكَثْرَة وَالْمُبَالغَة، مثل قَول الْقَائِل: كلمت كل أحد فِي حَاجَتك.
وَقَوله: ﴿إِن هَذَا لَهو الْفضل الْمُبين﴾ أَي: الزِّيَادَة الظَّاهِرَة على جَمِيع الْخلق.
84
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَحشر لِسُلَيْمَان جُنُوده﴾ قَالَ مُحَمَّد بن كَعْب الْقرظِيّ: كَانَ مُعَسْكَره مائَة فَرسَخ: خَمْسَة وَعِشْرُونَ فرسخا للإنس، وَخَمْسَة وَعِشْرُونَ فرسخا للجن، وَخَمْسَة وَعِشْرُونَ فرسخا للوحوش، وَخَمْسَة وَعِشْرُونَ فرسخا للطيور.
وَعَن سعيد بن جُبَير: كَانَ يوضع لِسُلَيْمَان سِتّمائَة ألف كرْسِي، يجلس الْإِنْس فِيمَا يَلِيهِ، ثمَّ يليهن الْجِنّ، ثمَّ تظلهم الطير ثمَّ تقلهم الرّيح. قَالَ رَضِي الله عَنهُ: أخبرنَا بِهَذَا الحَدِيث أَبُو عَليّ الشَّافِعِي، أخبرنَا أَبُو الْحسن بن فراس، أخبرنَا الديبلي، أخبرنَا سعيد بن عبد الرَّحْمَن المَخْزُومِي، أخبرنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن ابْن سَلام، عَن سعيد بن جُبَير... الْأَثر.
وَقَوله: ﴿فهم يُوزعُونَ﴾ أَي: يساقون، وَقيل: يجمعُونَ، وَالْقَوْل الْمَعْرُوف: يكفون، وَمَعْنَاهُ: يكف أَوَّلهمْ حَتَّى يلْحق آخِرهم، قَالَ الشَّاعِر:
(على حِين عاتبت المشيب على الصِّبَا... فَقلت ألما أصح والشيب وازع)
وَعَن الْحسن الْبَصْرِيّ قَالَ: لابد للنَّاس من وزعة. قَالَ هَذَا حِين ولى الْقَضَاء، وازدحم عَلَيْهِ النَّاس.
وَعَن عُثْمَان قَالَ: مَا يَزع السُّلْطَان أَكثر مِمَّا يَزع الْقُرْآن. وَمَعْنَاهُ: مَا يمْتَنع النَّاس مِنْهُ خوفًا من السُّلْطَان أَكثر مِمَّا يمْتَنع النَّاس مِنْهُ خوفًا من الْقُرْآن.
وَعَن سعيد بن جُبَير: كَانَ يوضع لِسُلَيْمَان سِتّمائَة ألف كرْسِي، يجلس الْإِنْس فِيمَا يَلِيهِ، ثمَّ يليهن الْجِنّ، ثمَّ تظلهم الطير ثمَّ تقلهم الرّيح. قَالَ رَضِي الله عَنهُ: أخبرنَا بِهَذَا الحَدِيث أَبُو عَليّ الشَّافِعِي، أخبرنَا أَبُو الْحسن بن فراس، أخبرنَا الديبلي، أخبرنَا سعيد بن عبد الرَّحْمَن المَخْزُومِي، أخبرنَا سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن ابْن سَلام، عَن سعيد بن جُبَير... الْأَثر.
وَقَوله: ﴿فهم يُوزعُونَ﴾ أَي: يساقون، وَقيل: يجمعُونَ، وَالْقَوْل الْمَعْرُوف: يكفون، وَمَعْنَاهُ: يكف أَوَّلهمْ حَتَّى يلْحق آخِرهم، قَالَ الشَّاعِر:
(على حِين عاتبت المشيب على الصِّبَا... فَقلت ألما أصح والشيب وازع)
وَعَن الْحسن الْبَصْرِيّ قَالَ: لابد للنَّاس من وزعة. قَالَ هَذَا حِين ولى الْقَضَاء، وازدحم عَلَيْهِ النَّاس.
وَعَن عُثْمَان قَالَ: مَا يَزع السُّلْطَان أَكثر مِمَّا يَزع الْقُرْآن. وَمَعْنَاهُ: مَا يمْتَنع النَّاس مِنْهُ خوفًا من السُّلْطَان أَكثر مِمَّا يمْتَنع النَّاس مِنْهُ خوفًا من الْقُرْآن.
84
{حَتَّى إِذا أَتَوا على وَاد النَّمْل قَالَت نملة يَا أَيهَا النَّمْل أدخلُوا مَسَاكِنكُمْ
وَعَن بَعضهم فِي الْفرق بَين عمر وَعُثْمَان: أَن عمر أَسَاءَ الظَّن فَشدد فِي الْأَمر فصلحت رَعيته، وَعُثْمَان أحسن الظَّن فساهل الْأَمر ففسدت رَعيته.
وَفِي الْقِصَّة: أَنه كَانَ على كل صنف من الْإِنْس وَالْجِنّ وَالطير وَالدَّوَاب لِسُلَيْمَان صلوَات الله عَلَيْهِ، وزعة.
وَعَن بَعضهم فِي الْفرق بَين عمر وَعُثْمَان: أَن عمر أَسَاءَ الظَّن فَشدد فِي الْأَمر فصلحت رَعيته، وَعُثْمَان أحسن الظَّن فساهل الْأَمر ففسدت رَعيته.
وَفِي الْقِصَّة: أَنه كَانَ على كل صنف من الْإِنْس وَالْجِنّ وَالطير وَالدَّوَاب لِسُلَيْمَان صلوَات الله عَلَيْهِ، وزعة.
85
قَوْله تَعَالَى: ﴿حَتَّى إِذا أَتَوا على وَاد النَّمْل﴾ يُقَال: هُوَ وَاد بِالشَّام، وَقَالَ كَعْب: وَاد بِالطَّائِف. وَقَالَ بَعضهم: وَاد كَانَ سكنه الْجِنّ، وَأُولَئِكَ النَّمْل مراكبهم وَهِي كالذئاب. وَقيل: كالبخاتي، وَالْمَشْهُور أَنه النَّمْل الصَّغِير، وَسميت نملا لتنملها أَي: لِكَثْرَة حركتها.
وَعَن عدي بن حَاتِم انه كَانَ يفت الْخبز للنمل. قَالَ رَضِي الله عَنهُ: أخبرنَا بِهِ أَبُو على الشَّافِعِي بذلك الْإِسْنَاد، وَالَّذِي بَينا عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن مَسْعُود، عَن رجل، عَن عدي بن حَاتِم.
وَقَوله: ﴿قَالَت نملة﴾ يحْتَمل أَن الله تَعَالَى خلق للنمل فِي ذَلِك الْوَقْت كلَاما مفهوما، والنمل عِنْد الْعَرَب من الحكل، والحكل مَالا صَوت لَهُ، قَالَ الشَّاعِر:
(علم سُلَيْمَان الحكل)
وَقَوله: ﴿يَا أَيهَا النَّمْل ادخُلُوا مَسَاكِنكُمْ﴾ وَلم يقل: ادخلي، وَحقّ اللُّغَة أَن يَقُول: ادخلي، وَإِنَّمَا يُقَال: ادخُلُوا لبني آدم، لكِنهمْ لما تكلمُوا بِمثل كَلَام الْآدَمِيّين خوطبوا مثل خطاب الْآدَمِيّين.
وَقَوله: ﴿لَا يحطمنكم﴾ أَي: لَا يسكرنكم كسر الْهَلَاك، ﴿سُلَيْمَان وَجُنُوده﴾ (وَقيل: لَا يطأنكم، فَإِن قَالَ قَائِل: كَيفَ يَسْتَقِيم هَذَا، وَإِنَّمَا الرّيح كَانَت تحمل سُلَيْمَان
وَعَن عدي بن حَاتِم انه كَانَ يفت الْخبز للنمل. قَالَ رَضِي الله عَنهُ: أخبرنَا بِهِ أَبُو على الشَّافِعِي بذلك الْإِسْنَاد، وَالَّذِي بَينا عَن سُفْيَان بن عُيَيْنَة، عَن مَسْعُود، عَن رجل، عَن عدي بن حَاتِم.
وَقَوله: ﴿قَالَت نملة﴾ يحْتَمل أَن الله تَعَالَى خلق للنمل فِي ذَلِك الْوَقْت كلَاما مفهوما، والنمل عِنْد الْعَرَب من الحكل، والحكل مَالا صَوت لَهُ، قَالَ الشَّاعِر:
(علم سُلَيْمَان الحكل)
وَقَوله: ﴿يَا أَيهَا النَّمْل ادخُلُوا مَسَاكِنكُمْ﴾ وَلم يقل: ادخلي، وَحقّ اللُّغَة أَن يَقُول: ادخلي، وَإِنَّمَا يُقَال: ادخُلُوا لبني آدم، لكِنهمْ لما تكلمُوا بِمثل كَلَام الْآدَمِيّين خوطبوا مثل خطاب الْآدَمِيّين.
وَقَوله: ﴿لَا يحطمنكم﴾ أَي: لَا يسكرنكم كسر الْهَلَاك، ﴿سُلَيْمَان وَجُنُوده﴾ (وَقيل: لَا يطأنكم، فَإِن قَالَ قَائِل: كَيفَ يَسْتَقِيم هَذَا، وَإِنَّمَا الرّيح كَانَت تحمل سُلَيْمَان
85
﴿لَا يحطمنكم سُلَيْمَان وَجُنُوده وهم لَا يَشْعُرُونَ (١٨) فَتَبَسَّمَ ضَاحِكا من قَوْلهَا وَجُنُوده﴾ ؟ فَإِنَّهُ روى أَن سُلَيْمَان وَجُنُوده كَانُوا يَجْتَمعُونَ على بِسَاط، وَالرِّيح تحمل الْبسَاط؛ وَالْجَوَاب: يحْتَمل أَنه كَانَ فيهم مشَاة، وَكَانَت الأَرْض تطوى لَهُم، وَيحْتَمل أَن هَذَا كَانَ قبل تسخير الرّيح لِسُلَيْمَان وَالله أعلم. فَإِن قيل: لم يكن النَّمْل من الطير، وَهُوَ كَانَ تعلم منطق الطير؟ وَالْجَوَاب عَنهُ: قَالَ الشّعبِيّ: كَانَت نملا لَهَا أَجْنِحَة فَيكون طيراً.
وَقَوله: ﴿وهم لَا يَشْعُرُونَ﴾ قَالَ أهل التَّفْسِير: علم النَّمْل أَن سُلَيْمَان ملك لَيْسَ لَهُ جبرية وظلم، وَمعنى الْآيَة: أَنكُمْ لَو لم تدْخلُوا المساكن وطئوكم، وَلم يشعروا بكم، وَلَو عرفُوا لم يطئوا، وَفِي الْقِصَّة [أَيْضا] : أَن سُلَيْمَان لما بلغ وَادي النَّمْل حبس جنده حَتَّى دخل النَّمْل بُيُوتهم، وَفِي الْقِصَّة أَيْضا: أَن سُلَيْمَان سمع كَلَام النَّمْل على ثَلَاثَة أَمْيَال، وَكَانَ الله تَعَالَى أَمر الرّيح أَن تَأتيه بِكُل خبر وكل كَلَام، وَفِي الْآيَة دَلِيل على أَن النَّمْل يكره قَتلهَا، وَعَن الْحسن الْبَصْرِيّ أَنه قَالَ فِي قَوْله: ﴿إِن الْأَبْرَار لفي نعيم﴾ قَالَ: هم الَّذين لَا يؤدون الذَّر، وَهُوَ صغَار النَّمْل. فَإِن قيل: كَيفَ يَصح أَن يثبت للنمل مثل هَذَا الْعلم؟ وَالْجَوَاب عَنهُ: يجوز أَن يخلق الله تَعَالَى فِيهِ هَذَا النَّوْع من الْفَهم وَالْعلم، وَيُقَال: إِنَّه أسْرع جسة إدراكا، وَهُوَ إِذا أَخذ الْحبَّة من الْحِنْطَة قطعهَا بنصفين لِئَلَّا تنْبت، وَإِذا أَخذ الكزبرة قطعهَا أَربع قطع؛ لِأَن الكزبرة إِذا قطعت قطعتين تنْبت، فَإِذا قطعت أَربع قطع لم تنْبت.
وَقَوله: ﴿وهم لَا يَشْعُرُونَ﴾ قَالَ أهل التَّفْسِير: علم النَّمْل أَن سُلَيْمَان ملك لَيْسَ لَهُ جبرية وظلم، وَمعنى الْآيَة: أَنكُمْ لَو لم تدْخلُوا المساكن وطئوكم، وَلم يشعروا بكم، وَلَو عرفُوا لم يطئوا، وَفِي الْقِصَّة [أَيْضا] : أَن سُلَيْمَان لما بلغ وَادي النَّمْل حبس جنده حَتَّى دخل النَّمْل بُيُوتهم، وَفِي الْقِصَّة أَيْضا: أَن سُلَيْمَان سمع كَلَام النَّمْل على ثَلَاثَة أَمْيَال، وَكَانَ الله تَعَالَى أَمر الرّيح أَن تَأتيه بِكُل خبر وكل كَلَام، وَفِي الْآيَة دَلِيل على أَن النَّمْل يكره قَتلهَا، وَعَن الْحسن الْبَصْرِيّ أَنه قَالَ فِي قَوْله: ﴿إِن الْأَبْرَار لفي نعيم﴾ قَالَ: هم الَّذين لَا يؤدون الذَّر، وَهُوَ صغَار النَّمْل. فَإِن قيل: كَيفَ يَصح أَن يثبت للنمل مثل هَذَا الْعلم؟ وَالْجَوَاب عَنهُ: يجوز أَن يخلق الله تَعَالَى فِيهِ هَذَا النَّوْع من الْفَهم وَالْعلم، وَيُقَال: إِنَّه أسْرع جسة إدراكا، وَهُوَ إِذا أَخذ الْحبَّة من الْحِنْطَة قطعهَا بنصفين لِئَلَّا تنْبت، وَإِذا أَخذ الكزبرة قطعهَا أَربع قطع؛ لِأَن الكزبرة إِذا قطعت قطعتين تنْبت، فَإِذا قطعت أَربع قطع لم تنْبت.
86
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَتَبَسَّمَ ضَاحِكا من قَوْلهَا﴾ قَالَ الزّجاج: ضحك الْأَنْبِيَاء التبسم.
وَقَوله: ﴿ضَاحِكا﴾ أَي: مُتَبَسِّمًا، وَيُقَال: كَانَ أَوله التبسم وَآخره الضحك، فَإِن قيل: لم ضحك؟ وَالْجَوَاب من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: فَرحا بثناء النملة عَلَيْهِ، وَالْآخر: سمع عجبا، وَمن سمع عجبا يضْحك، وَرُبمَا يغلب فِي ذَلِك.
وَقَوله: ﴿ضَاحِكا﴾ أَي: مُتَبَسِّمًا، وَيُقَال: كَانَ أَوله التبسم وَآخره الضحك، فَإِن قيل: لم ضحك؟ وَالْجَوَاب من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: فَرحا بثناء النملة عَلَيْهِ، وَالْآخر: سمع عجبا، وَمن سمع عجبا يضْحك، وَرُبمَا يغلب فِي ذَلِك.
86
﴿وَقَالَ رب أوزعني أَن أشكر نِعْمَتك الَّتِي أَنْعَمت عَليّ وعَلى وَالِدي وَأَن أعمل صَالحا ترضاه وأدخلني بِرَحْمَتك فِي عِبَادك الصَّالِحين (١٩) وتفقد الطير فَقَالَ مَا
وَقَوله: {وَقَالَ رب أوزعني﴾ أَي: ألهمني.
وَقَوله: ﴿أَن أشكر نِعْمَتك الَّتِي أَنْعَمت على﴾ يُقَال: الشُّكْر انفتاح الْقلب لرؤية الْمِنَّة، وَيُقَال: هُوَ الثَّنَاء على الله تَعَالَى بإنعامه.
قَوْله: ﴿وعَلى وَالِدي﴾ أَي: أَبَاهُ دَاوُد وَأمه آيسا.
وَقَوله: ﴿وَأَن أعمل صَالحا ترضاه﴾ أَي: من طَاعَتك.
وَقَوله: ﴿وأدخلني بِرَحْمَتك فِي عِبَادك الصَّالِحين﴾ أَي: مَعَ عِبَادك الصَّالِحين الْجنَّة.
وَقَوله: {وَقَالَ رب أوزعني﴾ أَي: ألهمني.
وَقَوله: ﴿أَن أشكر نِعْمَتك الَّتِي أَنْعَمت على﴾ يُقَال: الشُّكْر انفتاح الْقلب لرؤية الْمِنَّة، وَيُقَال: هُوَ الثَّنَاء على الله تَعَالَى بإنعامه.
قَوْله: ﴿وعَلى وَالِدي﴾ أَي: أَبَاهُ دَاوُد وَأمه آيسا.
وَقَوله: ﴿وَأَن أعمل صَالحا ترضاه﴾ أَي: من طَاعَتك.
وَقَوله: ﴿وأدخلني بِرَحْمَتك فِي عِبَادك الصَّالِحين﴾ أَي: مَعَ عِبَادك الصَّالِحين الْجنَّة.
87
قَوْله تَعَالَى: ﴿وتفقد الطير﴾ التفقد هُوَ طلب مَا قد فقد.
وَقَوله: ﴿مَا لي لَا أرى الهدهد﴾ الهدهد طير مَعْرُوف، فَإِن قيل: لم طلبه؟ وَالْجَوَاب من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَن الطير كَانَت تظل سُلَيْمَان وجنده من الشَّمْس، فَنظر فَرَأى مَوضِع الهدهد خَالِيا تصبيه الشَّمْس مِنْهُ، فَطلب لهَذَا، وَالثَّانِي: مَا روى عَن ابْن عَبَّاس أَن الهدهد كَانَ يعرف مَوضِع المَاء فِي الأَرْض، وَكَانَ يبصر المَاء فِيهَا كَمَا يبصر فِي الزجاجة، وَكَانَ يذكر قدر قرب المَاء وَبعده، فَاحْتَاجَ سُلَيْمَان إِلَى المَاء فِي مسيره، فَطلب الهدهد لذَلِك. فروى أَن نَافِع بن الْأَزْرَق كَانَ عِنْد ابْن عَبَّاس وَهُوَ يذكر هَذَا فَقَالَ: يَا وصاف انْظُر مَا تَقول، فَإِن الصَّبِي منا يضع الفخ ويحثو عَلَيْهِ التُّرَاب، فيجئ الهدهد فَيَقَع فِي الفخ. فَقَالَ لَهُ ابْن عَبَّاس: إِن الْقدر يحول دون الْبَصَر، وروى أَنه قَالَ: إِذا جَاءَ الْقَضَاء وَالْقدر ذهب اللب وَالْبَصَر.
وَقَوله: ﴿أم كَانَ من الغائبين﴾ يَعْنِي: أَكَانَ من الغائبين؟ وَالْمِيم فِيهِ صلَة، كَأَنَّهُ أعرض عَن الْكَلَام الأول، وَذكر هَذَا على طَرِيق الِاسْتِفْهَام، وَيُقَال: إِنَّه لما قَالَ: ﴿مَالِي لَا أرى الهدهد﴾ دخله شكّ، فَقَالَ: أحاضر هُوَ أم غَائِب؟.
وَقَوله: ﴿مَا لي لَا أرى الهدهد﴾ الهدهد طير مَعْرُوف، فَإِن قيل: لم طلبه؟ وَالْجَوَاب من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَن الطير كَانَت تظل سُلَيْمَان وجنده من الشَّمْس، فَنظر فَرَأى مَوضِع الهدهد خَالِيا تصبيه الشَّمْس مِنْهُ، فَطلب لهَذَا، وَالثَّانِي: مَا روى عَن ابْن عَبَّاس أَن الهدهد كَانَ يعرف مَوضِع المَاء فِي الأَرْض، وَكَانَ يبصر المَاء فِيهَا كَمَا يبصر فِي الزجاجة، وَكَانَ يذكر قدر قرب المَاء وَبعده، فَاحْتَاجَ سُلَيْمَان إِلَى المَاء فِي مسيره، فَطلب الهدهد لذَلِك. فروى أَن نَافِع بن الْأَزْرَق كَانَ عِنْد ابْن عَبَّاس وَهُوَ يذكر هَذَا فَقَالَ: يَا وصاف انْظُر مَا تَقول، فَإِن الصَّبِي منا يضع الفخ ويحثو عَلَيْهِ التُّرَاب، فيجئ الهدهد فَيَقَع فِي الفخ. فَقَالَ لَهُ ابْن عَبَّاس: إِن الْقدر يحول دون الْبَصَر، وروى أَنه قَالَ: إِذا جَاءَ الْقَضَاء وَالْقدر ذهب اللب وَالْبَصَر.
وَقَوله: ﴿أم كَانَ من الغائبين﴾ يَعْنِي: أَكَانَ من الغائبين؟ وَالْمِيم فِيهِ صلَة، كَأَنَّهُ أعرض عَن الْكَلَام الأول، وَذكر هَذَا على طَرِيق الِاسْتِفْهَام، وَيُقَال: إِنَّه لما قَالَ: ﴿مَالِي لَا أرى الهدهد﴾ دخله شكّ، فَقَالَ: أحاضر هُوَ أم غَائِب؟.
87
{لي لَا أرى الهدهد أم كَانَ من الغائبين (٢٠) لأعذبنه عذَابا شَدِيدا أَو لأذبحنه أَو ليأتيني بسُلْطَان مُبين (٢١) فَمَكثَ غير بعيد فَقَالَ أحطت بِمَا لم تحط بِهِ وجئتك
88
قَوْله تَعَالَى: ﴿لأعذبنه عذَابا شَدِيدا﴾ فِيهِ أَقْوَال: أَحدهَا - وَهُوَ الْأَشْهر - أَنه نتف ريشه وإلقاؤه فِي الشَّمْس فيأكله النَّمْل، وَيُقَال: هُوَ حَبسه مَعَ الضِّدّ، وَيُقَال: إِخْرَاجه من جنسه إِلَى غير جنسه، فَهُوَ الْعَذَاب الشَّديد.
وَقَوله: ﴿أَو لأذبحنه﴾ مَعْلُوم الْمَعْنى.
وَقَوله: ﴿أَو ليأتيني بسُلْطَان مُبين﴾ أَي: بِعُذْر ظَاهر، وَيُقَال: بِحجَّة بَيِّنَة، وَفِي الْقِصَّة: أَن أَمِير الطير كَانَ هُوَ الكركر، فَسَأَلَهُ سُلَيْمَان عِنْد الهدهد أَنه حَاضر أم غَائِب؟.
وَقَوله: ﴿أَو لأذبحنه﴾ مَعْلُوم الْمَعْنى.
وَقَوله: ﴿أَو ليأتيني بسُلْطَان مُبين﴾ أَي: بِعُذْر ظَاهر، وَيُقَال: بِحجَّة بَيِّنَة، وَفِي الْقِصَّة: أَن أَمِير الطير كَانَ هُوَ الكركر، فَسَأَلَهُ سُلَيْمَان عِنْد الهدهد أَنه حَاضر أم غَائِب؟.
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَمَكثَ غير بعيد﴾ أَي: غير طَوِيل.
وَقَوله: ﴿فَقَالَ أحطت بِمَا لم تحط بِهِ﴾ فِيهِ حذف، وَمَعْنَاهُ: أَن الهدهد جَاءَ وَسَأَلَهُ سُلَيْمَان - عَلَيْهِ السَّلَام - عَن غيبته فَقَالَ: ﴿أحطت بِمَا لم تحط بِهِ﴾.
وَفِي الْقِصَّة: أَن الهدهد قَالَ لما أخبر بمقالة سُلَيْمَان: ﴿لأعذبنه عذَابا شَدِيدا أَو لأذبحنه﴾ قَالَ الهدهد: هَل اسْتثْنى نَبِي الله؟ قَالُوا: نعم، قد قَالَ: (أَو ليأتيني بسُلْطَان مُبين) قَالَ: فنجوت إِذا.
فَإِن قَالَ قَائِل: التعذيب إِنَّمَا يكون بعد التَّكْلِيف، والهدهد لم يكن مُكَلّفا، وَإِذا لم يكن مُكَلّفا لم يكن عَاصِيا بالغيبة، وَإِذا لم يكن عصيا لَا يسْتَحق الْعَذَاب؟ وَالْجَوَاب عَنهُ: يحْتَمل أَن الطير أَعْطَاهَا الله تَعَالَى فِي ذَلِك الْوَقْت مَا يعْقلُونَ بِهِ الْأَمر، فصح نهيهم عَن الْغَيْبَة والإخلال بمركز الْخدمَة، فَإِذا غبن استحققن الْعَذَاب.
وَأما قَوْله: ﴿أحطت بِمَا لم تحط بِهِ﴾ الْإِحَاطَة هُوَ الْعلم بالشَّيْء من جَمِيع جهاته.
وَقَوله: ﴿وجئتك من سبأ﴾ وَقُرِئَ: " سبأ " بِغَيْر صرف، فَمن صرف سبأ صرفه على أَنه اسْم رجل، وَفِي بعض التفاسير: عَن النَّبِي أَنه سُئِلَ عَن سبأ فَقَالَ: " هُوَ
وَقَوله: ﴿فَقَالَ أحطت بِمَا لم تحط بِهِ﴾ فِيهِ حذف، وَمَعْنَاهُ: أَن الهدهد جَاءَ وَسَأَلَهُ سُلَيْمَان - عَلَيْهِ السَّلَام - عَن غيبته فَقَالَ: ﴿أحطت بِمَا لم تحط بِهِ﴾.
وَفِي الْقِصَّة: أَن الهدهد قَالَ لما أخبر بمقالة سُلَيْمَان: ﴿لأعذبنه عذَابا شَدِيدا أَو لأذبحنه﴾ قَالَ الهدهد: هَل اسْتثْنى نَبِي الله؟ قَالُوا: نعم، قد قَالَ: (أَو ليأتيني بسُلْطَان مُبين) قَالَ: فنجوت إِذا.
فَإِن قَالَ قَائِل: التعذيب إِنَّمَا يكون بعد التَّكْلِيف، والهدهد لم يكن مُكَلّفا، وَإِذا لم يكن مُكَلّفا لم يكن عَاصِيا بالغيبة، وَإِذا لم يكن عصيا لَا يسْتَحق الْعَذَاب؟ وَالْجَوَاب عَنهُ: يحْتَمل أَن الطير أَعْطَاهَا الله تَعَالَى فِي ذَلِك الْوَقْت مَا يعْقلُونَ بِهِ الْأَمر، فصح نهيهم عَن الْغَيْبَة والإخلال بمركز الْخدمَة، فَإِذا غبن استحققن الْعَذَاب.
وَأما قَوْله: ﴿أحطت بِمَا لم تحط بِهِ﴾ الْإِحَاطَة هُوَ الْعلم بالشَّيْء من جَمِيع جهاته.
وَقَوله: ﴿وجئتك من سبأ﴾ وَقُرِئَ: " سبأ " بِغَيْر صرف، فَمن صرف سبأ صرفه على أَنه اسْم رجل، وَفِي بعض التفاسير: عَن النَّبِي أَنه سُئِلَ عَن سبأ فَقَالَ: " هُوَ
88
﴿من سبأ بِنَبَأٍ يَقِين (٢٢) إِنِّي وجدت امْرَأَة تملكهم رجل ولد عشرَة من الْبَنِينَ تيامن مِنْهُم سِتَّة وتشاءم مِنْهُم أَرْبَعَة، فَأَما الَّذِي تيامنوا فهم كِنْدَة، والأشعر، والأزد، وحمير، ومذحج، وأنمار، وَأما الَّذين تشاءموا فهم: لخم، وجذام، وعاملة، وغسان ".
وَمن لم يصرفهُ جعله اسْما للبقعة، وَاعْلَم أَن الْعَرَب قد صرفت سبأ مرّة وَلم تصرفه مرّة، قَالَ الشَّاعِر فِي صرف سبأ:
(الواردون وتيم فِي ذرى سبأ... قد عض أَعْنَاقهم جلد الجواميس﴾ وَقَالَ آخر: فِي ترك صرفه:
وَقَوله: ﴿بِنَبَأٍ يَقِين﴾ أَي: بِخَبَر حق.
وَمن لم يصرفهُ جعله اسْما للبقعة، وَاعْلَم أَن الْعَرَب قد صرفت سبأ مرّة وَلم تصرفه مرّة، قَالَ الشَّاعِر فِي صرف سبأ:
(الواردون وتيم فِي ذرى سبأ... قد عض أَعْنَاقهم جلد الجواميس﴾ وَقَالَ آخر: فِي ترك صرفه:
(من سبأ الْحَاضِرين مأرب إِذْ | يبنون من دون سيله العرما) |
89
وَقَوله تَعَالَى: ﴿إِنِّي وجدت امْرَأَة تملكهم﴾ هَذِه الْمَرْأَة هِيَ بلقيس بنت شرَاحِيل. قَالَ مُجَاهِد: وَلَدهَا أَرْبَعُونَ ملكا، آخِرهم أَبوهَا. وَعَن قَتَادَة قَالَ: كَانَ أحد أَبَوَيْهَا من الْجِنّ. وَعَن الْحسن الْبَصْرِيّ قَالَ: ولوا أَمرهم علجة يضطرب ثدياها.
وَقد ثَبت عَنهُ بِرِوَايَة أبي بكرَة حِين بلغه أَن الْعَجم ولوا عَلَيْهِم بنت كسْرَى،
وَقد ثَبت عَنهُ بِرِوَايَة أبي بكرَة حِين بلغه أَن الْعَجم ولوا عَلَيْهِم بنت كسْرَى،
89
﴿وَأُوتِيت من كل شَيْء وَلها عرش عَظِيم (٢٣) وَجدتهَا وقومها يَسْجُدُونَ للشمس من دون الله وزين لَهُم الشَّيْطَان أَعْمَالهم فصدهم عَن السَّبِيل فهم لَا يَهْتَدُونَ فَقَالَ: " لَا يفلح قوم ولوا أَمرهم امْرَأَة ".﴾ ).
وَعَن خَالِد بن صَفْوَان فِي ذمّ الْيمن: هم من بَين دابغ جلد، وسايس قرد، وحائك برد، ملكتهم امْرَأَة، وَدلّ عليم هدهد وغرقتهم فَأْرَة.
وَاعْلَم أَن أهل الْيمن ممدوحون على لِسَان النَّبِي، وَإِنَّمَا الذَّم الَّذِي ذكرنَا لأهل الشّرك مِنْهُم.
وَقَوله: ﴿وَأُوتِيت من كل شَيْء﴾ أَي: من كل شَيْء يُؤْتى مثلهَا.
وَقَوله: ﴿وَلها عرش عَظِيم﴾ أَي: سَرِير ضخم، وَفِي الْقِصَّة: أَنه كَانَ طول السرير [ثَمَانِينَ] ذِرَاعا فِي عرض ثَمَانِينَ، وَقيل: أقل من ذَلِك، وَالله أعلم.
قَالُوا: وَكَانَ مكللا بالجواهر واليواقيت والزبرجد، وَمَا أشبه ذَلِك.
وَعَن خَالِد بن صَفْوَان فِي ذمّ الْيمن: هم من بَين دابغ جلد، وسايس قرد، وحائك برد، ملكتهم امْرَأَة، وَدلّ عليم هدهد وغرقتهم فَأْرَة.
وَاعْلَم أَن أهل الْيمن ممدوحون على لِسَان النَّبِي، وَإِنَّمَا الذَّم الَّذِي ذكرنَا لأهل الشّرك مِنْهُم.
وَقَوله: ﴿وَأُوتِيت من كل شَيْء﴾ أَي: من كل شَيْء يُؤْتى مثلهَا.
وَقَوله: ﴿وَلها عرش عَظِيم﴾ أَي: سَرِير ضخم، وَفِي الْقِصَّة: أَنه كَانَ طول السرير [ثَمَانِينَ] ذِرَاعا فِي عرض ثَمَانِينَ، وَقيل: أقل من ذَلِك، وَالله أعلم.
قَالُوا: وَكَانَ مكللا بالجواهر واليواقيت والزبرجد، وَمَا أشبه ذَلِك.
90
وَقَوله: ﴿وَجدتهَا وقومها يَسْجُدُونَ للشمس من دون الله وزين لَهُم الشَّيْطَان أَعْمَالهم فصدهم عَن السَّبِيل﴾ أَي: عَن سَبِيل الْإِسْلَام.
وَقَوله: ﴿فهم لَا يَهْتَدُونَ﴾ أَي: الطَّرِيق الْحق.
وَقَوله: ﴿فهم لَا يَهْتَدُونَ﴾ أَي: الطَّرِيق الْحق.
قَوْله تَعَالَى: ﴿أَلا يسجدوا لله﴾ وَقُرِئَ: " أَلا يسجدوا " مخففا، فَأَما من قَرَأَ: ﴿إِلَّا﴾ مشددا فَمَعْنَاه: فصدهم عَن السَّبِيل أَلا يسجدوا يَعْنِي: لِئَلَّا يسجدوا، وَقيل مَعْنَاهُ: وزين لَهُم الشَّيْطَان أَعْمَالهم أَلا يسجدوا، وعَلى هَذِه الْقِرَاءَة لَا سُجُود عِنْد تِلَاوَته، هَكَذَا ذكره أهل التَّفْسِير، وَأما قِرَاءَة التَّخْفِيف فَمَعْنَى قَوْله: " أَلا يسجدوا "
90
( ﴿٢٤) أَلا يسجدوا لله الَّذِي يخرج الخبء فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض وَيعلم مَا تخفون وَمَا تعلنون (٢٥) لله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ رب الْعَرْش الْعَظِيم (٢٦) قَالَ سننظر أصدقت أم كنت من الْكَاذِبين (٢٧) اذْهَبْ بكتابي هَذَا فألقه إِلَيْهِم ثمَّ تول عَنْهُم أَي: أَلا يَا هَؤُلَاءِ اسجدوا.
وَمَعْنَاهُ: أَلا يَا اسلمى يَا دَار. وَقَالَ آخر:
وَمَعْنَاهُ: أَلا يَا اسلمى هِنْد، وَيحْتَمل أَن يكون هَذَا من قَول الهدهد، وَيحْتَمل أَن يكون من قَول الله تَعَالَى ابْتِدَاء، قَالَ أهل التَّفْسِير: وعَلى هَذِه الْقِرَاءَة يسن السَّجْدَة؛ لِأَنَّهُ أَمر بِالسُّجُود وَقَالَ بَعضهم: على الْقِرَاءَة الأولى يسْجد أَيْضا مُخَالفَة للْمُشْرِكين.
وَقَوله: ﴿الله الَّذِي يخرج الخبء﴾ أَي: مَا غَابَ فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض، وَالَّذِي غَابَ فِي السَّمَاء هُوَ الْمَطَر، وَالَّذِي غَابَ فِي الأَرْض هُوَ النَّبَات، وَقيل: [كل] مَا غَابَ.
وَقَوله: ﴿وَيعلم مَا تخفون وَمَا تعلنون﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
(أَلا يسلمى يادارمي على البلى | وَلَا زَالَ منهلا بجرعائك الْقطر﴾ |
(أَلا يسلمى يَا هِنْد هِنْد بنى | بدر وَإِن كَانَ حيانا غَدا آخر الدَّهْر) |
وَقَوله: ﴿الله الَّذِي يخرج الخبء﴾ أَي: مَا غَابَ فِي السَّمَوَات وَالْأَرْض، وَالَّذِي غَابَ فِي السَّمَاء هُوَ الْمَطَر، وَالَّذِي غَابَ فِي الأَرْض هُوَ النَّبَات، وَقيل: [كل] مَا غَابَ.
وَقَوله: ﴿وَيعلم مَا تخفون وَمَا تعلنون﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
91
قَوْله تَعَالَى: ﴿الله لَا إِلَه إِلَّا هُوَ رب الْعَرْش الْعَظِيم﴾ ذكر الْعَرْش هَا هُنَا، لِأَنَّهُ أخبر أَنه كَانَ لَهَا عرش عَظِيم، وَفَائِدَة الذّكر [أَن] عرشها صَغِير حقير فِي جنب عرش الله تَعَالَى.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ سننظر أصدقت أم كنت من الْكَاذِبين﴾ فِيهِ دَلِيل على أَن الْمُلُوك يجب عَلَيْهِم التثبت فِيمَا يخبرون.
وَقَوله: ﴿أم كنت من الْكَاذِبين﴾ أَي: أم أَنْت من الْكَاذِبين.
وَقَوله: ﴿أم كنت من الْكَاذِبين﴾ أَي: أم أَنْت من الْكَاذِبين.
قَوْله تَعَالَى: ﴿اذْهَبْ بكتابي هَذَا فألقه إِلَيْهِم ثمَّ تول عَنْهُم﴾
91
{فَانْظُر مَاذَا يرجعُونَ (٢٨) قَالَت يَا أَيهَا الْمَلأ إِنِّي ألقِي إِلَيّ كتاب كريم (٢٩) إِنَّه من سُلَيْمَان
قَالُوا: فِيهِ تَقْدِيم وَتَأْخِير وَمَعْنَاهُ: ألقه إِلَيْهِم فَانْظُر مَاذَا يرجعُونَ ثمَّ تول عَنْهُم، وَقيل مَعْنَاهُ: تول عَنْهُم أَي: تَنَح عَنْهُم ثمَّ أنظر مَاذَا يرجعُونَ. قَالَ بَعضهم: علم الهدهد أدب الدُّخُول على الْمُلُوك يَعْنِي: إِذا دخل الدَّاخِل على الْملك يَنْبَغِي أَن لَا يقف، بل يذهب فِي الْحَال ثمَّ يرجع وَيطْلب الْجَواب.
قَالُوا: فِيهِ تَقْدِيم وَتَأْخِير وَمَعْنَاهُ: ألقه إِلَيْهِم فَانْظُر مَاذَا يرجعُونَ ثمَّ تول عَنْهُم، وَقيل مَعْنَاهُ: تول عَنْهُم أَي: تَنَح عَنْهُم ثمَّ أنظر مَاذَا يرجعُونَ. قَالَ بَعضهم: علم الهدهد أدب الدُّخُول على الْمُلُوك يَعْنِي: إِذا دخل الدَّاخِل على الْملك يَنْبَغِي أَن لَا يقف، بل يذهب فِي الْحَال ثمَّ يرجع وَيطْلب الْجَواب.
92
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَت يَا أَيهَا الْمَلأ﴾ فِي الْآيَة حذف، وَهُوَ أَن الهدهد ذهب وَحمل الْكتاب، وَفِي الْقِصَّة: أَنه دخل عَلَيْهَا من جِهَة الكوة، وَكَانَت هِيَ فِي خلْوَة مستلقية على سريرها، فَطرح الْكتاب على صدرها، وَقيل: كَانَت نَائِمَة فَوَضعه بجنبها، وَيُقَال: ذهب بِالْكتاب وَطَرحه على حجرها، فِي مَلأ من النَّاس، وَأما الْمَلأ فهم أَشْرَاف الْقَوْم وكبراؤهم. وَيُقَال: كَانَ لَهَا ثَلَاثمِائَة وَثَلَاثَة عشر قائدا، كل قَائِد على اثْنَي عشر ألفا، وَيُقَال: كَانَ لَهَا اثْنَا عشر ألف قَائِد، كل قَائِد على ألف رجل.
وَقَوله: ﴿إِنِّي ألقِي إِلَيّ كتاب كريم﴾ أَي: حسن، وَيُقَال: مختوم. وَفِي الْأَخْبَار عَن النَّبِي بِرِوَايَة ابْن عَبَّاس: " من كَرَامَة الْكتاب خَتمه "، وَالْقَوْل الثَّالِث: كتاب كريم أَي: كريم كَاتبه ومرسله.
وَقَوله: ﴿إِنِّي ألقِي إِلَيّ كتاب كريم﴾ أَي: حسن، وَيُقَال: مختوم. وَفِي الْأَخْبَار عَن النَّبِي بِرِوَايَة ابْن عَبَّاس: " من كَرَامَة الْكتاب خَتمه "، وَالْقَوْل الثَّالِث: كتاب كريم أَي: كريم كَاتبه ومرسله.
قَوْله تَعَالَى: ﴿إِنَّه من سُلَيْمَان﴾ فِي التَّفْسِير: أَن سُلَيْمَان كَانَ قد كتب: من عبد الله سُلَيْمَان بن دَاوُد إِلَى بلقيس بنت شرَاحِيل {بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
92
﴿وَإنَّهُ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم (٣٠) ﴾ أَلا تعلوا على وأتوني مُسلمين).
قَالَ أهل الْعلم: وَهَذَا الْكتاب أوجز مَا يكون من الْكتب، فَإِنَّهُ جمع العنوان وَالْكتاب وَالْمَقْصُود فِي سطرين، وَكتب الْأَنْبِيَاء على غَايَة الإيجاز.
وَعَن الشّعبِيّ: " كَانَ رَسُول يكْتب أَولا بِاسْمِك اللَّهُمَّ، فَلَمَّا أنزل الله تَعَالَى قَوْله: ﴿بِسم الله مجريها وَمرْسَاهَا﴾ كتب بِسم الله، فَلَمَّا أنزل الله تَعَالَى: ﴿قل ادعوا الله أَو ادعوا الرَّحْمَن﴾ كتب بِسم الله الرَّحْمَن، فَلَمَّا أنزل الله تَعَالَى فِي سُورَة النَّمْل: ﴿إِنَّه من سُلَيْمَان وَإنَّهُ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم﴾ كتب بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم ".
قَالَ عَاصِم: قلت لِلشَّعْبِيِّ: رَأَيْت كتابا للنَّبِي فِي ابْتِدَائه بِسم الله الرَّحْمَن، فَقَالَ: ذَلِك هُوَ الْكتاب الثَّالِث.
وَعَن بُرَيْدَة - رَضِي الله عَنهُ - أَن رَسُول الله قَالَ لَهُ: " إِنِّي أعلم آيَة أنزلت عَليّ لم تنزل على نَبِي بعد سُلَيْمَان بن دَاوُد، وَالله لَا أخرج من الْمَسْجِد حَتَّى أخْبرك بهَا. قَالَ: فَقَامَ وَأخرج إِحْدَى رجلَيْهِ من الْمَسْجِد، فَقلت فِي نَفسِي: إِنَّه قد حلف، فَالْتَفت إِلَيّ، وَقَالَ لي: بِمَ تفتتح صَلَاتك ؟ يَعْنِي قراءتك؟ قلت: بِسم الله الرَّحْمَن
قَالَ أهل الْعلم: وَهَذَا الْكتاب أوجز مَا يكون من الْكتب، فَإِنَّهُ جمع العنوان وَالْكتاب وَالْمَقْصُود فِي سطرين، وَكتب الْأَنْبِيَاء على غَايَة الإيجاز.
وَعَن الشّعبِيّ: " كَانَ رَسُول يكْتب أَولا بِاسْمِك اللَّهُمَّ، فَلَمَّا أنزل الله تَعَالَى قَوْله: ﴿بِسم الله مجريها وَمرْسَاهَا﴾ كتب بِسم الله، فَلَمَّا أنزل الله تَعَالَى: ﴿قل ادعوا الله أَو ادعوا الرَّحْمَن﴾ كتب بِسم الله الرَّحْمَن، فَلَمَّا أنزل الله تَعَالَى فِي سُورَة النَّمْل: ﴿إِنَّه من سُلَيْمَان وَإنَّهُ بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم﴾ كتب بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم ".
قَالَ عَاصِم: قلت لِلشَّعْبِيِّ: رَأَيْت كتابا للنَّبِي فِي ابْتِدَائه بِسم الله الرَّحْمَن، فَقَالَ: ذَلِك هُوَ الْكتاب الثَّالِث.
وَعَن بُرَيْدَة - رَضِي الله عَنهُ - أَن رَسُول الله قَالَ لَهُ: " إِنِّي أعلم آيَة أنزلت عَليّ لم تنزل على نَبِي بعد سُلَيْمَان بن دَاوُد، وَالله لَا أخرج من الْمَسْجِد حَتَّى أخْبرك بهَا. قَالَ: فَقَامَ وَأخرج إِحْدَى رجلَيْهِ من الْمَسْجِد، فَقلت فِي نَفسِي: إِنَّه قد حلف، فَالْتَفت إِلَيّ، وَقَالَ لي: بِمَ تفتتح صَلَاتك ؟ يَعْنِي قراءتك؟ قلت: بِسم الله الرَّحْمَن
93
{أَلا تعلوا عَليّ وأتوني مُسلمين (٣١) قَالَت يَا أَيهَا الْمَلأ أفتوني فِي أَمْرِي مَا كنت قَاطِعَة أمرا حَتَّى تَشْهَدُون (٣٢) قَالُوا نَحن أولُوا قُوَّة وَأولُوا بَأْس شَدِيد لرحيم قَالَ: هِيَ هِيَ، ثمَّ خرج ".
94
قَوْله تَعَالَى: ﴿أَلا تعلوا عَليّ﴾ أَي: لَا تتعظموا على، وَقيل: لَا تتكبروا على، وَمَعْنَاهُ: لَا تمتنعوا وتتركوا الْإِجَابَة، فَإِن الِامْتِنَاع وَترك الْإِجَابَة من الْعُلُوّ والتكبر.
وَقَوله: ﴿وأتوني مُسلمين﴾ فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: هُوَ من الْإِسْلَام، وَالْآخر: من الاستسلام.
وَقَوله: ﴿وأتوني مُسلمين﴾ فِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا: هُوَ من الْإِسْلَام، وَالْآخر: من الاستسلام.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَت يَا أَيهَا الْمَلأ أفتوني فِي أَمْرِي﴾ قَالَت هَذَا على طَرِيق الاستشارة؛ لِأَنَّهَا علمت أَن ملك سُلَيْمَان أعظم من ملكهَا، وَقَوله: ﴿أفتوني فِي أَمْرِي﴾. أَي: أجيبوني فِي أَمْرِي.
وَقَوله: ﴿مَا كنت قَاطِعَة أمرا﴾ أَي: قاضية ومبرمة أمرا ﴿حَتَّى تَشْهَدُون﴾ أَي: تحضرون، وَقَرَأَ ابْن مَسْعُود: " مَا كنت قاضية أمرا ".
وَقَوله: ﴿مَا كنت قَاطِعَة أمرا﴾ أَي: قاضية ومبرمة أمرا ﴿حَتَّى تَشْهَدُون﴾ أَي: تحضرون، وَقَرَأَ ابْن مَسْعُود: " مَا كنت قاضية أمرا ".
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالُوا نَحن أولو قُوَّة وأولو بَأْس شَدِيد﴾ أخبروا بكثرتهم وشجاعتهم.
وَقَوله: ﴿وَالْأَمر إِلَيْك﴾ ثمَّ ردوا الْأَمر إِلَيْهَا لتقاتل أَو تتْرك الْقِتَال، فَهُوَ معنى قَوْله: ﴿فانظري مَاذَا تأمرين﴾.
وَقَوله: ﴿وَالْأَمر إِلَيْك﴾ ثمَّ ردوا الْأَمر إِلَيْهَا لتقاتل أَو تتْرك الْقِتَال، فَهُوَ معنى قَوْله: ﴿فانظري مَاذَا تأمرين﴾.
94
{وَالْأَمر إِلَيْك فانظري مَاذَا تأمرين (٣٣) قَالَت أَن الْمُلُوك إِذا دخلُوا قَرْيَة أفسدوها وَجعلُوا أعزة أَهلهَا أَذِلَّة وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (٣٤) وَإِنِّي مُرْسلَة إِلَيْهِم بهدية فناظرة
95
وَقَوله تَعَالَى: ﴿قَالَت إِن الْمُلُوك إِذا دخلُوا قَرْيَة أفسدوها﴾ أَي: خربوها.
وَقَوله: ﴿وَجعلُوا أعزة أَهلهَا أَذِلَّة﴾ الأعزة هُوَ الْقَوْم الَّذين يمتنعون من قبُول الذل بقوتهم وقدرتهم، فجعلهم أَذِلَّة فِي هَذَا الْموضع إِنَّمَا هُوَ بالاستعباد والاستسخار.
وَقَوله: ﴿وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ﴾ أَكثر الْمُفَسّرين على أَن هَذَا من قَول الله تَعَالَى على طَرِيق التَّصْدِيق لَهَا، لَا على طَرِيق الْحِكَايَة عَنْهَا.
وَقَوله: ﴿وَجعلُوا أعزة أَهلهَا أَذِلَّة﴾ الأعزة هُوَ الْقَوْم الَّذين يمتنعون من قبُول الذل بقوتهم وقدرتهم، فجعلهم أَذِلَّة فِي هَذَا الْموضع إِنَّمَا هُوَ بالاستعباد والاستسخار.
وَقَوله: ﴿وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ﴾ أَكثر الْمُفَسّرين على أَن هَذَا من قَول الله تَعَالَى على طَرِيق التَّصْدِيق لَهَا، لَا على طَرِيق الْحِكَايَة عَنْهَا.
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَإِنِّي مُرْسلَة إِلَيْهِم بهدية﴾ الْهَدِيَّة هِيَ الْعَطِيَّة على طَرِيق المثامنة، والهدايا بَين الإخوان مُسْتَحبَّة، وَقد روى عَن النَّبِي: " تهادوا تحَابوا ".
وَقد ثَبت عَن النَّبِي: " كَانَ يقبل الْهَدِيَّة، وَيرد الصَّدَقَة ".
وروى عَنهُ أَنه قَالَ: " هَدَايَا الْأُمَرَاء غلُول ".
وروى أَن رجلا أهْدى إِلَى عمر - رَضِي الله عَنهُ - رجل جزور، وَكَانَ بَينه وَبَين
وَقد ثَبت عَن النَّبِي: " كَانَ يقبل الْهَدِيَّة، وَيرد الصَّدَقَة ".
وروى عَنهُ أَنه قَالَ: " هَدَايَا الْأُمَرَاء غلُول ".
وروى أَن رجلا أهْدى إِلَى عمر - رَضِي الله عَنهُ - رجل جزور، وَكَانَ بَينه وَبَين
95
﴿إبم يرجع المُرْسَلُونَ (٣٥) فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَان قَالَ أتمدونن بِمَال فَمَا آتَانِي الله خير مِمَّا آتَاكُم نسان خُصُومَة، فَلَمَّا ارتفعا إِلَيْهِ قَالَ: يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ، افصل بيني وَبَينه كَمَا يفصل من الْجَزُور رجله، فَقَالَ: أَنْت ذَاك، ثمَّ إِنَّه رد عَلَيْهِ رجل الْجَزُور، وَقضى عَلَيْهِ.
وَقَوله: {فناظرة بِمَ يرجع المُرْسَلُونَ﴾ روى أَنَّهَا قَالَت: إِن كَانَ سُلَيْمَان ملكا فأرضيه بِالْمَالِ، وَإِن كَانَ نَبيا فَلَا يرضى بِالْمَالِ.
وَأما الْهَدِيَّة الَّتِي بعثتها إِلَى سُلَيْمَان، فَعَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: كَانَت مائَة وصيف وَمِائَة وصيفة.
وَعَن مُجَاهِد أَنه قَالَ: مِائَتَا غُلَام وَمِائَتَا جَارِيَة.
وَكَانَ بَعضهم يشبه الْبَعْض فِي الصُّورَة وَالصَّوْت والهيئة، وَقَالَت للرسول: قل لَهُ: ليميز بَين الغلمان [والجواري].
وَعَن سعيد بن جُبَير أَنه قَالَ: أَهْدَت إِلَيْهِ لبنة من ذهب ملفوفة فِي الدبياج. وروى أَنَّهَا أَهْدَت إِلَيْهِ من الْحَرِير والكافور والمسك وَالطّيب شَيْئا كثيرا.
وَفِي الْقِصَّة: أَنَّهَا بعثت إِلَيْهِ بخرزتين، أَحدهمَا لَا ثقب لَهَا، وَالْأُخْرَى لَهَا ثقب معوج، وَطلبت أَن يدْخل الْخَيط فِي الثقب المعوج من غير علاج إنس وَلَا جن، وَأَن يثقب الخرزة الْأُخْرَى من غير علاج إنس وَلَا جن، وَبعثت إِلَيْهِ بقدح، وَطلبت مِنْهُ أَن يملأه من مَاء لم ينزل من السَّمَاء وَلَا نبع من الأَرْض.
وَقَوله: {فناظرة بِمَ يرجع المُرْسَلُونَ﴾ روى أَنَّهَا قَالَت: إِن كَانَ سُلَيْمَان ملكا فأرضيه بِالْمَالِ، وَإِن كَانَ نَبيا فَلَا يرضى بِالْمَالِ.
وَأما الْهَدِيَّة الَّتِي بعثتها إِلَى سُلَيْمَان، فَعَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: كَانَت مائَة وصيف وَمِائَة وصيفة.
وَعَن مُجَاهِد أَنه قَالَ: مِائَتَا غُلَام وَمِائَتَا جَارِيَة.
وَكَانَ بَعضهم يشبه الْبَعْض فِي الصُّورَة وَالصَّوْت والهيئة، وَقَالَت للرسول: قل لَهُ: ليميز بَين الغلمان [والجواري].
وَعَن سعيد بن جُبَير أَنه قَالَ: أَهْدَت إِلَيْهِ لبنة من ذهب ملفوفة فِي الدبياج. وروى أَنَّهَا أَهْدَت إِلَيْهِ من الْحَرِير والكافور والمسك وَالطّيب شَيْئا كثيرا.
وَفِي الْقِصَّة: أَنَّهَا بعثت إِلَيْهِ بخرزتين، أَحدهمَا لَا ثقب لَهَا، وَالْأُخْرَى لَهَا ثقب معوج، وَطلبت أَن يدْخل الْخَيط فِي الثقب المعوج من غير علاج إنس وَلَا جن، وَأَن يثقب الخرزة الْأُخْرَى من غير علاج إنس وَلَا جن، وَبعثت إِلَيْهِ بقدح، وَطلبت مِنْهُ أَن يملأه من مَاء لم ينزل من السَّمَاء وَلَا نبع من الأَرْض.
96
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَان قَالَ أتمدونن بِمَال﴾ الْإِمْدَاد إِلْحَاق الثواني بالأوائل، وَقيل: أَن يلْحق الثَّانِي بِالْأولِ، وَالثَّالِث بِالثَّانِي، وَالرَّابِع بالثالث إِلَى أَن يَنْتَهِي.
وَقَوله: ﴿فَمَا آتَانِي الله خير مِمَّا آتَاكُم﴾ مَا أَعْطَانِي الله من النُّبُوَّة وَالْملك وَالْمَال أفضل مِمَّا آتَاكُم.
وَقَوله: ﴿فَمَا آتَانِي الله خير مِمَّا آتَاكُم﴾ مَا أَعْطَانِي الله من النُّبُوَّة وَالْملك وَالْمَال أفضل مِمَّا آتَاكُم.
96
﴿بل أَنْتُم بهديتكم تفرحون (٣٦)
وَقَوله: {بل أَنْتُم بهديتكم تفرحون﴾ مَعْنَاهُ: أَن بَعْضكُم يفرح بالإهداء إِلَى بعض، فَأَما أَنا فَلَا أفرح بهداياكم.
وَفِي الْقِصَّة: أَن الْمَرْأَة كَانَت قَالَت للرسل: إِن كَانَ سُلَيْمَان ملكا فَلَا يجلسكم، وَإِن كَانَ نَبيا فيجلسكم، فروى أَن (الرَّسُول) لما جَاءُوا وقربوا من سُلَيْمَان، جَاءَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَأخْبرهُ بمجيئهم وَمَا مَعَهم، فَأمر سُلَيْمَان بلبنات من ذهب وَفِضة، حَتَّى جعلت تَحت أرجل الدَّوَابّ، وَجعلت الدَّوَابّ تروث وتبول عَلَيْهَا؟، فَلَمَّا رأى الرُّسُل ذَلِك استحقروا مَا عِنْدهم.
وَفِي الْقِصَّة: أَنهم لما دخلُوا قَامُوا قيَاما، فَقَالَ لَهُم سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام: إِن الله تَعَالَى رفع السَّمَاء وَبسط الأَرْض، فَمن شَاءَ جلس وَمن شَاءَ قَامَ.
وروى أَنه أَمرهم بِالْجُلُوسِ ودعا بالغلمان والجواري بِأَن يتوضئوا، فَمن صب المَاء على بطن ساعده قَالَ: هِيَ جَارِيَة، وَمن صب المَاء على ظهر ساعده قَالَ: هُوَ غُلَام.
وروى انه جعل من بَدَأَ بالمرفق فِي الْغسْل غُلَاما، وَمن بَدَأَ بالزند فِي الْغسْل جَارِيَة، وروى أَنه جعل من أغرف الأناء غُلَاما، وَمن صب على يَده جَارِيَة.
ودعا بالخرزتين فَجَاءَت دودة تكون فِي الرّطبَة، وَقيل: فِي الصفصاف، فَقَالَت: أَنا أَدخل الْخَيط فِي هَذَا الثقب على أَن يكون رِزْقِي فِي الصفصاف، فَجعل لَهَا ذَلِك فَربط الْخَيط عَلَيْهَا، وَقيل: أخذت الْخَيط بفيها وَدخلت فِي الثقب [فَخرجت] من الْجَانِب الآخر. وَأما الخرزة الْأُخْرَى فَجَاءَت دودة تكون فِي الْفَوَاكِه، وثقبت الخرزة على أَن يكون رزقها فِي الْفَوَاكِه، فَجعل لَهَا ذَلِك، ثمَّ دَعَا بالقدح وَأمر بإجراء الْخَيل، وملأ الْقدح من عرقها، ثمَّ رد الْهَدَايَا على الرُّسُل حَتَّى ردوهَا على الْمَرْأَة.
وَقَوله: {بل أَنْتُم بهديتكم تفرحون﴾ مَعْنَاهُ: أَن بَعْضكُم يفرح بالإهداء إِلَى بعض، فَأَما أَنا فَلَا أفرح بهداياكم.
وَفِي الْقِصَّة: أَن الْمَرْأَة كَانَت قَالَت للرسل: إِن كَانَ سُلَيْمَان ملكا فَلَا يجلسكم، وَإِن كَانَ نَبيا فيجلسكم، فروى أَن (الرَّسُول) لما جَاءُوا وقربوا من سُلَيْمَان، جَاءَ جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام وَأخْبرهُ بمجيئهم وَمَا مَعَهم، فَأمر سُلَيْمَان بلبنات من ذهب وَفِضة، حَتَّى جعلت تَحت أرجل الدَّوَابّ، وَجعلت الدَّوَابّ تروث وتبول عَلَيْهَا؟، فَلَمَّا رأى الرُّسُل ذَلِك استحقروا مَا عِنْدهم.
وَفِي الْقِصَّة: أَنهم لما دخلُوا قَامُوا قيَاما، فَقَالَ لَهُم سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام: إِن الله تَعَالَى رفع السَّمَاء وَبسط الأَرْض، فَمن شَاءَ جلس وَمن شَاءَ قَامَ.
وروى أَنه أَمرهم بِالْجُلُوسِ ودعا بالغلمان والجواري بِأَن يتوضئوا، فَمن صب المَاء على بطن ساعده قَالَ: هِيَ جَارِيَة، وَمن صب المَاء على ظهر ساعده قَالَ: هُوَ غُلَام.
وروى انه جعل من بَدَأَ بالمرفق فِي الْغسْل غُلَاما، وَمن بَدَأَ بالزند فِي الْغسْل جَارِيَة، وروى أَنه جعل من أغرف الأناء غُلَاما، وَمن صب على يَده جَارِيَة.
ودعا بالخرزتين فَجَاءَت دودة تكون فِي الرّطبَة، وَقيل: فِي الصفصاف، فَقَالَت: أَنا أَدخل الْخَيط فِي هَذَا الثقب على أَن يكون رِزْقِي فِي الصفصاف، فَجعل لَهَا ذَلِك فَربط الْخَيط عَلَيْهَا، وَقيل: أخذت الْخَيط بفيها وَدخلت فِي الثقب [فَخرجت] من الْجَانِب الآخر. وَأما الخرزة الْأُخْرَى فَجَاءَت دودة تكون فِي الْفَوَاكِه، وثقبت الخرزة على أَن يكون رزقها فِي الْفَوَاكِه، فَجعل لَهَا ذَلِك، ثمَّ دَعَا بالقدح وَأمر بإجراء الْخَيل، وملأ الْقدح من عرقها، ثمَّ رد الْهَدَايَا على الرُّسُل حَتَّى ردوهَا على الْمَرْأَة.
97
{ارْجع إِلَيْهِم فلنأتينهم بِجُنُود لَا قبل لَهُم بهَا ولنخرجهم مِنْهَا أَذِلَّة وَهُوَ صاغرون (٣٧) قَالَ يَا أَيهَا الْمَلأ أَيّكُم يأتني بِعَرْشِهَا قبل أَن يأتوني مُسلمين (٣٨) قَالَ عفريت من الْجِنّ أَنا آتِيك بِهِ قبل أَن تقوم من مقامك وَإِنِّي عَلَيْهِ لقوي أَمِين (٣٩)
قَالَ أهل الْعلم: وَقد كَانَ الْأَنْبِيَاء لَا يقبلُونَ هَدَايَا الْمُشْركين.
قَالَ أهل الْعلم: وَقد كَانَ الْأَنْبِيَاء لَا يقبلُونَ هَدَايَا الْمُشْركين.
98
قَوْله تَعَالَى: ﴿ارْجع إِلَيْهِم فلنأتينهم بِجُنُود لَا قبل لَهُم بهَا﴾. أَي: لَا طَاقَة لَهُم بهَا.
وَقَوله: ﴿ولنخرجهم مِنْهَا أَذِلَّة﴾ أَي: من بِلَادهمْ. وَقَوله: ﴿وهم صاغرون﴾ أَي: نخرجهم على وَجه الذلة وَالصغَار، وَذَلِكَ يكون بالأسر والاستعباد، وَمَا أشبه ذَلِك.
وَقَوله: ﴿ولنخرجهم مِنْهَا أَذِلَّة﴾ أَي: من بِلَادهمْ. وَقَوله: ﴿وهم صاغرون﴾ أَي: نخرجهم على وَجه الذلة وَالصغَار، وَذَلِكَ يكون بالأسر والاستعباد، وَمَا أشبه ذَلِك.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ يأيها الْمَلأ﴾ أَكثر الْمُفَسّرين على أَن سُلَيْمَان قَالَ هَذَا بعد أَن أرجع الرَّسُول ورد الْهَدَايَا، فَإِن قَالَ قَائِل: لما رد الْهَدَايَا كَيفَ طلب عرشها وسريرها؟ وَالْجَوَاب عَنهُ من وُجُوه: أَحدهَا: أَنه أحب أَن يكون ذَلِك السرير لَهُ، وَكَانَ قد وصف.
وَالْوَجْه الثَّانِي: أَنه أحب أَن يرَاهُ فَإِنَّهُ كَانَ قيل لَهُ: إِنَّه من ذهب وقوائمه من جَوْهَر وَهُوَ مكلل بِاللُّؤْلُؤِ.
وَالْوَجْه الثَّالِث: أَنه أَرَادَ أَن يريها معْجزَة عَظِيمَة، فَإِنَّهُ روى أَنَّهَا جعلت ذَلِك الْعَرْش فِي سَبْعَة أَبْيَات بَعْضهَا دَاخل فِي الْبَعْض، وغلقت الْأَبْوَاب واستوثقت مِنْهَا، فَأَرَادَ أَن يريها عرشها عِنْده حَتَّى إِذا رَأَتْ هَذِه المعجزة الْعَظِيمَة آمَنت.
وَقَوله: ﴿أَيّكُم يأتيني بِعَرْشِهَا﴾ قد بَينا. وَقَوله: ﴿قبل أَن يأتوني مُسلمين﴾ أَي: مستسلمين، وَقيل: هُوَ من الْإِسْلَام. وَفِي الْقِصَّة: أَن بلقيس أَقبلت فِي جنودها إِلَى سُلَيْمَان - عَلَيْهِ السَّلَام - طلبا للصلح ودخولا فِي طَاعَته.
وَالْوَجْه الثَّانِي: أَنه أحب أَن يرَاهُ فَإِنَّهُ كَانَ قيل لَهُ: إِنَّه من ذهب وقوائمه من جَوْهَر وَهُوَ مكلل بِاللُّؤْلُؤِ.
وَالْوَجْه الثَّالِث: أَنه أَرَادَ أَن يريها معْجزَة عَظِيمَة، فَإِنَّهُ روى أَنَّهَا جعلت ذَلِك الْعَرْش فِي سَبْعَة أَبْيَات بَعْضهَا دَاخل فِي الْبَعْض، وغلقت الْأَبْوَاب واستوثقت مِنْهَا، فَأَرَادَ أَن يريها عرشها عِنْده حَتَّى إِذا رَأَتْ هَذِه المعجزة الْعَظِيمَة آمَنت.
وَقَوله: ﴿أَيّكُم يأتيني بِعَرْشِهَا﴾ قد بَينا. وَقَوله: ﴿قبل أَن يأتوني مُسلمين﴾ أَي: مستسلمين، وَقيل: هُوَ من الْإِسْلَام. وَفِي الْقِصَّة: أَن بلقيس أَقبلت فِي جنودها إِلَى سُلَيْمَان - عَلَيْهِ السَّلَام - طلبا للصلح ودخولا فِي طَاعَته.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ عفريت من الْجِنّ﴾ قرئَ فِي الشاذ: " قَالَ عفرية من الْجِنّ " والعفريت والعفريت هُوَ الشَّديد الْقوي، وَفِي بعض التفاسير: أَنه كَانَ صَخْر الجني، وروى أَنه كَانَ بِمَنْزِلَة جبل، وَكَانَ يضع قدمه عِنْد مُنْتَهى طرفه.
وَقَوله: ﴿أَنا آتِيك بِهِ قبل أَن تقوم من مقامك﴾ يَعْنِي: قبل أَن تقوم من مجلسك
وَقَوله: ﴿أَنا آتِيك بِهِ قبل أَن تقوم من مقامك﴾ يَعْنِي: قبل أَن تقوم من مجلسك
98
﴿قَالَ الَّذِي عِنْده علم من الْكتاب أَنا آتِيك بِهِ قبل أَن يرْتَد إِلَيْك طرفك لذى جلسته للْقَضَاء بَين النَّاس، وَقد كَانَ مَجْلِسه غدْوَة إِلَى قريب من نصف النَّهَار، وَفِي الْقِصَّة: أَن الْمَرْأَة كَانَت قد وصلت إِلَى قريب من فَرسَخ، فَلَمَّا سمع سُلَيْمَان ذَلِك قَالَ فِي طلب الْعَرْش.
وَقَوله: {وَإِنِّي عَلَيْهِ لقوي أَمِين﴾ على حمل الْعَرْش، أَمِين على مَا عَلَيْهِ من الْجَوَاهِر.
وَقَوله: {وَإِنِّي عَلَيْهِ لقوي أَمِين﴾ على حمل الْعَرْش، أَمِين على مَا عَلَيْهِ من الْجَوَاهِر.
99
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ الَّذِي عِنْده علم من الْكتاب﴾ روى أَن هَذَا العفريت لما قَالَ هَكَذَا قَالَ سُلَيْمَان: أُرِيد أسْرع من ذَلِك، فَحِينَئِذٍ قَالَ الَّذِي عِنْده علم من الْكتاب: ﴿أَنا آتِيك بِهِ قبل أَن يرْتَد إِلَيْك طرفك﴾.
وَاخْتلف القَوْل فِي الَّذِي كَانَ عِنْده علم من الْكتاب، فأشهر الْأَقَاوِيل: أَنه آصف ابْن برخيا بن سمعيا، وَكَانَ رجلا صديقا فِي بني إِسْرَائِيل، وَكَانَ يعلم اسْم الله الْأَعْظَم.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنه الْخضر، ذكره ابْن لَهِيعَة، وَالْقَوْل الثَّالِث: أَنه ملك من الْمَلَائِكَة، أوردهُ ابْن بخر، وَالْقَوْل الرَّابِع: أَنه سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام، وَهَذَا قَول مَعْرُوف، وَالأَصَح هُوَ القَوْل الأول.
وَاخْتلف القَوْل فِي أَنه بِمَاذَا دَعَا الله؟ فَقَالَ بَعضهم: إِنَّه قَالَ: يَا إلهي وإله الْخلق إِلَهًا وَاحِدًا، لَا إِلَه إِلَّا أَنْت، ائْتِ بِهِ، وروى أَنه قَالَ: يَا حَيّ يَا قيوم، وروى أَنه قَالَ: يَا ذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام، وَالله أعلم.
وَقَوله: ﴿قبل أَن يرْتَد إِلَيْك طرفك﴾ فِيهِ أَقْوَال: أَحدهَا: أَن يرفع بَصَره إِلَى السَّمَاء، فَقبل أَن يردهُ إِلَى الأَرْض يرى الْعَرْش عِنْده، وَقَالَ بَعضهم: هُوَ أَن يطرف طرفَة، وَقَالَ بَعضهم: هُوَ أَن ينظر إِلَى رجل يَأْتِي، فَقبل أَن يصل إِلَيْهِ ذَلِك الرجل، يكون قد وصل الْعَرْش إِلَيْهِ، وَقَالَ بَعضهم: هُوَ أَن ينظر إِلَى رجل يذهب، فَقبل أَن
وَاخْتلف القَوْل فِي الَّذِي كَانَ عِنْده علم من الْكتاب، فأشهر الْأَقَاوِيل: أَنه آصف ابْن برخيا بن سمعيا، وَكَانَ رجلا صديقا فِي بني إِسْرَائِيل، وَكَانَ يعلم اسْم الله الْأَعْظَم.
وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنه الْخضر، ذكره ابْن لَهِيعَة، وَالْقَوْل الثَّالِث: أَنه ملك من الْمَلَائِكَة، أوردهُ ابْن بخر، وَالْقَوْل الرَّابِع: أَنه سُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام، وَهَذَا قَول مَعْرُوف، وَالأَصَح هُوَ القَوْل الأول.
وَاخْتلف القَوْل فِي أَنه بِمَاذَا دَعَا الله؟ فَقَالَ بَعضهم: إِنَّه قَالَ: يَا إلهي وإله الْخلق إِلَهًا وَاحِدًا، لَا إِلَه إِلَّا أَنْت، ائْتِ بِهِ، وروى أَنه قَالَ: يَا حَيّ يَا قيوم، وروى أَنه قَالَ: يَا ذَا الْجلَال وَالْإِكْرَام، وَالله أعلم.
وَقَوله: ﴿قبل أَن يرْتَد إِلَيْك طرفك﴾ فِيهِ أَقْوَال: أَحدهَا: أَن يرفع بَصَره إِلَى السَّمَاء، فَقبل أَن يردهُ إِلَى الأَرْض يرى الْعَرْش عِنْده، وَقَالَ بَعضهم: هُوَ أَن يطرف طرفَة، وَقَالَ بَعضهم: هُوَ أَن ينظر إِلَى رجل يَأْتِي، فَقبل أَن يصل إِلَيْهِ ذَلِك الرجل، يكون قد وصل الْعَرْش إِلَيْهِ، وَقَالَ بَعضهم: هُوَ أَن ينظر إِلَى رجل يذهب، فَقبل أَن
99
﴿فَلَمَّا رَآهُ مسقرا عِنْده قَالَ هَذَا من فضل رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أم أكفر وَمن شكر فَإِنَّمَا يشْكر لنَفسِهِ وَمن كفر فَإِن رَبِّي غَنِي كريم (٤٠) قَالَ نكروا لَهَا عرشها نَنْظُر أتهتدي أم تكون من الَّذين لَا يَهْتَدُونَ (٤١) فَلَمَّا جَاءَت قيل أهكذا عرشك قَالَت يرْتَد طرفه من ذَلِك الذَّاهِب، يكون قد وصل إِلَيْهِ. وَفِي الْقِصَّة: أَنه لما دَعَا الله خرق الله الأَرْض عِنْد عرشها، فساخ الْعَرْش فِي الأَرْض، وَظهر عِنْد سَرِير سُلَيْمَان، وَكَانَت الْمسَافَة مِقْدَار شَهْرَيْن، وَقَالَ بَعضهم: إِن الله تَعَالَى أعدم ذَلِك الْعَرْش، وأوجد مثله على هَيئته عِنْد سُلَيْمَان، وَالْقَوْل الأول أولى.
وَقَوله: {فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقرًّا عِنْده﴾ قَالَ السّديّ: جزع سُلَيْمَان حِين رأى ذَلِك، وَكَانَ جزعه أَنه كَيفَ قدر ذَلِك الرجل على مَا لم يقدر هُوَ عَلَيْهِ؟ ثمَّ إِنَّه رَجَعَ إِلَى نَفسه، فَقَالَ: ﴿هَذَا من فضل رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أم أكفر﴾.
وَقَوله: ﴿وَمن شكر فَإِنَّمَا يشْكر لنَفسِهِ وَمن كفر فَإِن رَبِّي غَنِي كريم﴾ أَي: غنى عَن شكره، كريم فِي قبُول شكره وإثابته عَلَيْهِ.
وَقَوله: {فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقرًّا عِنْده﴾ قَالَ السّديّ: جزع سُلَيْمَان حِين رأى ذَلِك، وَكَانَ جزعه أَنه كَيفَ قدر ذَلِك الرجل على مَا لم يقدر هُوَ عَلَيْهِ؟ ثمَّ إِنَّه رَجَعَ إِلَى نَفسه، فَقَالَ: ﴿هَذَا من فضل رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أم أكفر﴾.
وَقَوله: ﴿وَمن شكر فَإِنَّمَا يشْكر لنَفسِهِ وَمن كفر فَإِن رَبِّي غَنِي كريم﴾ أَي: غنى عَن شكره، كريم فِي قبُول شكره وإثابته عَلَيْهِ.
100
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ نكروا لَهَا عرشها﴾ مَعْنَاهُ: غيروا لَهَا عرشها. وَقَوله: ﴿نَنْظُر أتهتدي أم تكون من الَّذين لَا يَهْتَدُونَ﴾ فِي التَّفْسِير: أَن الْجِنّ كَانُوا قَالُوا لِسُلَيْمَان عَلَيْهِ السَّلَام: إِن فِي عقلهَا شَيْئا، وَقَالُوا لَهُ أَيْضا: إِن قدمهَا كحافر الْحمار، وعَلى سَاقهَا شعر كثير. وَإِنَّمَا غير عرشها ليعرف بذلك عقلهَا، وروى أَنه جعل أَعْلَاهُ أَسْفَله، وأسفله أَعْلَاهُ، وروى أَنه جعل مَكَان الْجَوَاهِر الْأَحْمَر أَخْضَر، وَمَكَان الْأَخْضَر أَحْمَر، وروى أَنه زَاد فِيهِ وَنقص مِنْهُ.
وَقَوله تَعَالَى: ﴿نَنْظُر أتهتدي أم تكون من الَّذين لَا يَهْتَدُونَ﴾ يَعْنِي: أتعرف عرشها أم لَا تعرف؟
وَقَوله تَعَالَى: ﴿نَنْظُر أتهتدي أم تكون من الَّذين لَا يَهْتَدُونَ﴾ يَعْنِي: أتعرف عرشها أم لَا تعرف؟
قَوْله تَعَالَى: ﴿فَلَمَّا جَاءَت قيل أهكذا عرشك قَالَت كَأَنَّهُ هُوَ﴾ لم تقل: لَا خوفًا من الْكَذِب، وَلم تقل: نعم خوفًا من الْكَذِب، وَلكنهَا قَالَت: كَأَنَّهُ هُوَ. وَقَالَ مقَاتل: شبهوا عَلَيْهَا فشبهت عَلَيْهِم، وَقد كَانَت عَرفته. وروى أَنه إِنَّمَا أشبه عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا كَانَت خلفت الْعَرْش فِي بيوتها، فرأته أمامها عِنْد سُلَيْمَان، فَاشْتَبَهَ عَلَيْهَا الْأَمر، وَقَالَت
100
﴿كَأَنَّهُ هُوَ وأوتينا الْعلم من قبلهَا وَكُنَّا مُسلمين (٤٢) وصدها مَا كَانَت تعبد من دون الله إِنَّهَا كَانَت من قوم كَافِرين (٤٣) قيل هلا أدخلي الصرح فَلَمَّا رَأَتْهُ حسبته مَا قَالَت.
وَقَوله: {وأوتينا الْعلم من قبلهَا﴾ هَذَا من قَول سُلَيْمَان أَي: علمنَا حَالهَا وأمرها وَحَال عرشها قبل أَن تعلم. قَوْله: ﴿وَكُنَّا مُسلمين﴾ أَي: مُسلمين لله طائعين لَهُ.
وَقَوله: {وأوتينا الْعلم من قبلهَا﴾ هَذَا من قَول سُلَيْمَان أَي: علمنَا حَالهَا وأمرها وَحَال عرشها قبل أَن تعلم. قَوْله: ﴿وَكُنَّا مُسلمين﴾ أَي: مُسلمين لله طائعين لَهُ.
101
قَوْله تَعَالَى: ﴿وصدها مَا كَانَت تعبد من دون الله﴾ (أَي: صدها عَن عبَادَة الله مَا كَانَت تعبد من دون الله).
وَقَوله: ﴿إِنَّهَا كَانَت من قوم كَافِرين﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَقد كَانَت عَرَبِيَّة من مُلُوك الْيمن. وَقَالَ بَعضهم: قَوْله: (أَنَّهَا كَانَت من قوم كَافِرين) قَالَ هَذَا؛ لِأَنَّهَا كَانَت من قوم مجوس يعْبدُونَ الشَّمْس. وَعَن بَعضهم: قَالَ معنى قَوْله: ﴿وصدها مَا كَانَت تعبد من وَدون الله﴾ أَي: صدها عَن عبَادَة الله نُقْصَان عقلهَا، بل مَا كَانَت تعبد من دون الله، لِأَن الْجِنّ كَانُوا قَالُوا لِسُلَيْمَان: إِن فِي عقلهَا [شَيْئا].
وَقَوله: ﴿إِنَّهَا كَانَت من قوم كَافِرين﴾ ظَاهر الْمَعْنى.
وَقد كَانَت عَرَبِيَّة من مُلُوك الْيمن. وَقَالَ بَعضهم: قَوْله: (أَنَّهَا كَانَت من قوم كَافِرين) قَالَ هَذَا؛ لِأَنَّهَا كَانَت من قوم مجوس يعْبدُونَ الشَّمْس. وَعَن بَعضهم: قَالَ معنى قَوْله: ﴿وصدها مَا كَانَت تعبد من وَدون الله﴾ أَي: صدها عَن عبَادَة الله نُقْصَان عقلهَا، بل مَا كَانَت تعبد من دون الله، لِأَن الْجِنّ كَانُوا قَالُوا لِسُلَيْمَان: إِن فِي عقلهَا [شَيْئا].
قَوْله تَعَالَى: ﴿قيل لَهَا ادخلي الصرح﴾ الصرح فِي أصل اللُّغَة هُوَ الْمَكَان الْمُرْتَفع، ذكره أَبُو عبيد فِي غَرِيب المُصَنّف وَغَيره.
وَأما الصرح هَاهُنَا فَفِيهِ أَقْوَال: قَالَ مُجَاهِد: هُوَ بركَة من المَاء ألبس قَوَارِير.
وَقَالَ الزّجاج: الصرح والصرحة والساحة والباحة بِمَعْنى وَاحِد، وَهُوَ الصحن. وَعَن بَعضهم: أَن الصرح هُوَ الْقصر، وَقيل: هُوَ الْبَيْت. وَفِي الْقِصَّة: أَن الْجِنّ قَالُوا لِسُلَيْمَان: إِن مُؤخر رجلهَا كحافر الْحمار، وَهِي هلباء شعراء، وَكَانُوا خَشوا أَن يَتَزَوَّجهَا سُلَيْمَان فتطلعه على أسرار الْجِنّ، وَكَانَت أمهَا جنية، فَأَرَادَ سُلَيْمَان - عَلَيْهِ السَّلَام - أَن يرى رجلهَا، فَأمر باتخاذ بركَة عَظِيمَة، وَجعل فِيهَا من الْحيتَان والضفادع
وَأما الصرح هَاهُنَا فَفِيهِ أَقْوَال: قَالَ مُجَاهِد: هُوَ بركَة من المَاء ألبس قَوَارِير.
وَقَالَ الزّجاج: الصرح والصرحة والساحة والباحة بِمَعْنى وَاحِد، وَهُوَ الصحن. وَعَن بَعضهم: أَن الصرح هُوَ الْقصر، وَقيل: هُوَ الْبَيْت. وَفِي الْقِصَّة: أَن الْجِنّ قَالُوا لِسُلَيْمَان: إِن مُؤخر رجلهَا كحافر الْحمار، وَهِي هلباء شعراء، وَكَانُوا خَشوا أَن يَتَزَوَّجهَا سُلَيْمَان فتطلعه على أسرار الْجِنّ، وَكَانَت أمهَا جنية، فَأَرَادَ سُلَيْمَان - عَلَيْهِ السَّلَام - أَن يرى رجلهَا، فَأمر باتخاذ بركَة عَظِيمَة، وَجعل فِيهَا من الْحيتَان والضفادع
101
﴿لجة وكشفت عَن سَاقيهَا قَالَ أَنه صرح ممرد من قَوَارِير قَالَت رب إِنِّي ظلمت نَفسِي وَأسْلمت مَعَ سُلَيْمَان لله رب الْعَالمين (٤٤) وَمَا أشبههَا شَيْئا كثيرا، ثمَّ أَمر أَن يلبس المَاء غشاء من قَوَارِير. وَفِي بعض الرِّوَايَات: أَنه اتخذ صحنا من قَوَارِير، وَجعل تَحْتَهُ تماثيل من الْحيتَان والضفادع، وَكَانَ الْوَاحِد إِذا رَآهُ ظَنّه مَاء. وروى أَن سُلَيْمَان - عَلَيْهِ السَّلَام - أَمر بسريره حَتَّى وضع فِي وسط الصرح، ثمَّ دَعَاهَا إِلَى مَجْلِسه، فَلَمَّا وصلت إِلَى الصرح وَنظرت ظنت أَنه مَاء، فَكشفت عَن سَاقيهَا لتدخل فِي المَاء، فصاح سُلَيْمَان: {إِنَّه صرح ممرد من قَوَارِير﴾ وَرَأى سَاقيهَا، وَكَانَ عَلَيْهَا شعر كثير.
وَذكر بَعضهم: أَنه رأى قدما لطيفا وساقا حسنا وَعَلِيهِ شعر.
فَإِن قَالَ قَائِل: لم طلب سُلَيْمَان هَذِه الرُّؤْيَة؟ وَالْجَوَاب عَنهُ من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَنه أَرَادَ أَن يعرف صدق الْجِنّ وكذبهم، وَالْآخر: أَنه أَرَادَ أَن يتَزَوَّج بهَا، فقصد أَن ينظر إِلَى سَاقيهَا، وَقد كَانُوا قَالُوا: إِن عَلَيْهِ شعرًا.
وَقد ذكر أهل التَّفْسِير: أَن سُلَيْمَان - عَلَيْهِ السَّلَام - قَالَ للشياطين: مَا الَّذِي يذهب الشّعْر؟ فاتخذوا النورة، وَهُوَ أول من اتخذ الْحمام والنورة.
[وَقَوله: ﴿فَلَمَّا رَأَتْهُ حسبته لجة وكشفت عَن سَاقيهَا قَالَ إِنَّه صرح] ممرد﴾.
أَي: مملس، وَقيل: الممرد هُوَ الْوَاسِع طولا وعرضا، قَالَ الشَّاعِر:
(غَدَوْت صباحا باكرا فوجدتهم... قبيل الضحا والبابلي الممرد) أَي: وَقَوله: ﴿ [من قَوَارِير]. قَالَت رب إِنِّي ظلمت نَفسِي﴾ أَي: بالشرك، وَيُقَال: إِنَّهَا لما بلغت الصرح وظنته لجة، وَهُوَ مَاء لَهُ عمق، قَالَت فِي نَفسهَا: إِن سُلَيْمَان يُرِيد أَن يغرقني، وَقد كَانَ الْقِتَال أَهْون من هَذَا.
وَقَوله: ﴿ظلمت نَفسِي﴾ يَعْنِي، بِذَاكَ الظَّن.
وَقَوله: ﴿وَأسْلمت مَعَ سُلَيْمَان لله رب الْعَالمين﴾ ظَاهر الْمَعْنى. وكل من أسلم
وَذكر بَعضهم: أَنه رأى قدما لطيفا وساقا حسنا وَعَلِيهِ شعر.
فَإِن قَالَ قَائِل: لم طلب سُلَيْمَان هَذِه الرُّؤْيَة؟ وَالْجَوَاب عَنهُ من وَجْهَيْن: أَحدهمَا: أَنه أَرَادَ أَن يعرف صدق الْجِنّ وكذبهم، وَالْآخر: أَنه أَرَادَ أَن يتَزَوَّج بهَا، فقصد أَن ينظر إِلَى سَاقيهَا، وَقد كَانُوا قَالُوا: إِن عَلَيْهِ شعرًا.
وَقد ذكر أهل التَّفْسِير: أَن سُلَيْمَان - عَلَيْهِ السَّلَام - قَالَ للشياطين: مَا الَّذِي يذهب الشّعْر؟ فاتخذوا النورة، وَهُوَ أول من اتخذ الْحمام والنورة.
[وَقَوله: ﴿فَلَمَّا رَأَتْهُ حسبته لجة وكشفت عَن سَاقيهَا قَالَ إِنَّه صرح] ممرد﴾.
أَي: مملس، وَقيل: الممرد هُوَ الْوَاسِع طولا وعرضا، قَالَ الشَّاعِر:
(غَدَوْت صباحا باكرا فوجدتهم... قبيل الضحا والبابلي الممرد) أَي: وَقَوله: ﴿ [من قَوَارِير]. قَالَت رب إِنِّي ظلمت نَفسِي﴾ أَي: بالشرك، وَيُقَال: إِنَّهَا لما بلغت الصرح وظنته لجة، وَهُوَ مَاء لَهُ عمق، قَالَت فِي نَفسهَا: إِن سُلَيْمَان يُرِيد أَن يغرقني، وَقد كَانَ الْقِتَال أَهْون من هَذَا.
وَقَوله: ﴿ظلمت نَفسِي﴾ يَعْنِي، بِذَاكَ الظَّن.
وَقَوله: ﴿وَأسْلمت مَعَ سُلَيْمَان لله رب الْعَالمين﴾ ظَاهر الْمَعْنى. وكل من أسلم
102
﴿وَلَقَد أرسلنَا إِلَى ثَمُود أَخَاهُم صَالحا أَن اعبدوا الله فَإِذا هم فريقان يختصمون (٤٥) قَالَ يَا قوم لم تَسْتَعْجِلُون بِالسَّيِّئَةِ قبل الْحَسَنَة لَوْلَا تستغفرون الله لَعَلَّكُمْ ترحمون (٤٦) قَالُوا اطيرنا بك وبمن مَعَك﴾ بِنَبِي فَهُوَ مَعَ ذَلِك النَّبِي فِي الْإِسْلَام بِاللَّه. وَقد ذكر بَعضهم: أَنه تزوج بهَا. وروى أَن عبد الله بن عتبَة سُئِلَ عَن ذَلِك، فَقَالَ: انْتهى إِلَى قَوْله: ﴿وَأسْلمت مَعَ سُلَيْمَان لله رب الْعَالمين﴾ يَعْنِي: أَنه لَا علم وَرَاء ذَلِك.
وَأما مُدَّة ملك سُلَيْمَان: اخْتلفُوا فِيهِ، فروى أَن الْملك وصل إِلَيْهِ وَهُوَ ابْن ثَلَاث [عشرَة] سنة، وَمَات وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَخمسين، وَفِي بعض الرِّوَايَات عَن أبي جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ: أَنه ملك سَبْعمِائة سنة، وَهَذِه رِوَايَة غَرِيبَة.
وَأما مُدَّة ملك سُلَيْمَان: اخْتلفُوا فِيهِ، فروى أَن الْملك وصل إِلَيْهِ وَهُوَ ابْن ثَلَاث [عشرَة] سنة، وَمَات وَهُوَ ابْن ثَلَاث وَخمسين، وَفِي بعض الرِّوَايَات عَن أبي جَعْفَر بن مُحَمَّد بن عَليّ: أَنه ملك سَبْعمِائة سنة، وَهَذِه رِوَايَة غَرِيبَة.
103
قَوْله تَعَالَى: ﴿وَلَقَد أرسلنَا إِلَى ثَمُود أَخَاهُم صَالحا أَن اعبدوا الله﴾ أَي: وحدوا الله.
وَقَوله: ﴿فَإِذا هم فريقان يختصمون﴾ أَي: مُؤمن وَكَافِر، وَعَن قَتَادَة: مُصدق ومكذب.
وَقَوله: ﴿فَإِذا هم فريقان يختصمون﴾ أَي: مُؤمن وَكَافِر، وَعَن قَتَادَة: مُصدق ومكذب.
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالَ يَا قوم لم تَسْتَعْجِلُون بِالسَّيِّئَةِ قبل الْحَسَنَة﴾ أَي: بِالْعَذَابِ قبل الرَّحْمَة، وَقد كَانُوا قَالُوا لصالح: إِن كنت صَادِقا فأتنا بِالْعَذَابِ.
وَقَوله: ﴿لَوْلَا تستغفرون لله﴾ أَي: هلا تستغفرون الله، وَالِاسْتِغْفَار هَاهُنَا بِمَعْنى التَّوْبَة.
قَوْله: ﴿لَعَلَّكُمْ ترحمون﴾ ظَاهر [الْمَعْنى].
وَقَوله: ﴿لَوْلَا تستغفرون لله﴾ أَي: هلا تستغفرون الله، وَالِاسْتِغْفَار هَاهُنَا بِمَعْنى التَّوْبَة.
قَوْله: ﴿لَعَلَّكُمْ ترحمون﴾ ظَاهر [الْمَعْنى].
قَوْله تَعَالَى: ﴿قَالُوا طيرنا بك وبمن مَعَك﴾ أَي: تشاءمنا بك وبمن مَعَك، وَفِي سَبَب قَوْلهم هَذَا قَولَانِ: أَحدهمَا: أَنهم قَالُوا ذَلِك؛ لتفرق كلمتهم، وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنهم قَالُوا ذَلِك؛ لأَنهم أَصَابَهُم الجدب والقحط، فَقَالُوا فَقَالُوا لصالح: هَذَا من شؤمك.
وَاعْلَم أَن الطَّيرَة مَنْهِيّ عَنْهَا، وَفِي بعض الْأَخْبَار عَن النَّبِي: " لَا عدوى
وَاعْلَم أَن الطَّيرَة مَنْهِيّ عَنْهَا، وَفِي بعض الْأَخْبَار عَن النَّبِي: " لَا عدوى
103
وَلَا طيرة ".
وَعنهُ: " أَنه كَانَ يحب الفأل وَيكرهُ الطَّيرَة ".
ووفي بعض المسانيد عَن النَّبِي قَالَ: " لَا ينج ابْن آدم من ثَلَاث: من الظَّن، والحسد، والطيرة، فَإِذا ظَنَنْت فَلَا تحقق، وَإِذا حسدت فَلَا تَبْغِ، وَإِذا تطيرت فامضه ".
وَفِي بعض الْأَخْبَار: ﴿لَا ينجو من الطَّيرَة أحد، ويذهبها التَّوَكُّل على الله ".
وَقد كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة، يَتَطَيَّرُونَ، وَكَانَ الرجل مِنْهُم إِذا خرج لحَاجَة فطار طَائِر، أَو لَقِي شَيْئا، أَو سمع كلَاما يتطير بِذَاكَ، إِمَّا فِي الِامْتِنَاع من ذَلِك الْفِعْل، أَو فِي الدُّخُول فِي ذَلِك الْفِعْل، وَقد قَالَ بعض الشُّعَرَاء شعرًا:
وَعنهُ: " أَنه كَانَ يحب الفأل وَيكرهُ الطَّيرَة ".
ووفي بعض المسانيد عَن النَّبِي قَالَ: " لَا ينج ابْن آدم من ثَلَاث: من الظَّن، والحسد، والطيرة، فَإِذا ظَنَنْت فَلَا تحقق، وَإِذا حسدت فَلَا تَبْغِ، وَإِذا تطيرت فامضه ".
وَفِي بعض الْأَخْبَار: ﴿لَا ينجو من الطَّيرَة أحد، ويذهبها التَّوَكُّل على الله ".
وَقد كَانَ أهل الْجَاهِلِيَّة، يَتَطَيَّرُونَ، وَكَانَ الرجل مِنْهُم إِذا خرج لحَاجَة فطار طَائِر، أَو لَقِي شَيْئا، أَو سمع كلَاما يتطير بِذَاكَ، إِمَّا فِي الِامْتِنَاع من ذَلِك الْفِعْل، أَو فِي الدُّخُول فِي ذَلِك الْفِعْل، وَقد قَالَ بعض الشُّعَرَاء شعرًا: