تفسير سورة النّمل

الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
تفسير سورة سورة النمل من كتاب الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم .
لمؤلفه الكَازَرُوني . المتوفي سنة 923 هـ

لمَّا بَيَّن أن القرآن تنزيلٌ من رب العالمينَ، وبَيَّن حِفْظهُ من الشَّياطين، وأنه ليس بقول شاعر، بَيَّن عظمة شَأْنه فقال: ﴿ بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * طسۤ ﴾: كما مر ﴿ تِلْكَ ﴾: الآيات ﴿ آيَاتُ ٱلْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ ﴾: اللوح المبين لناظريه ما هو كائن، نكره تعظيما، وبين في الحجر ﴿ هُدًى ﴾: مزيد هداية ﴿ وَبُشْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ * ٱلَّذِينَ يُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَهُم بِٱلآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ ﴾: أفهم بتغيير الأسلوب قوة يقينهم ودوامه ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱلآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ ﴾: القبيحة بخلق شهوتها، فلا ينافي: أي: بوسوسته ﴿ فَهُمْ يَعْمَهُونَ ﴾: فلا يدركون قبحها ﴿ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَهُمْ سُوۤءُ ٱلْعَذَابِ وَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ هُمُ ٱلأَخْسَرُونَ * وَإِنَّكَ لَتُلَقَّى ﴾: تُوْتَى ﴿ ٱلْقُرْآنَ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ عَلِيمٍ ﴾: اشعر بأن القرآن حكمه كالعقائد والشرائع ومنه غيرها كالقصص، وذكر المغيبات، اذكر ﴿ إِذْ قَالَ مُوسَىٰ لأَهْلِهِ ﴾: في مسيره من مَدْينَ إلى مصر ﴿ إِنِّيۤ آنَسْتُ ﴾: أبصرت ﴿ نَاراً سَآتِيكُمْ ﴾: أفهم بالسين بعد المسافة ﴿ مِّنْهَا ﴾: من أهلها ﴿ بِخَبَرٍ ﴾: عن الطريق ﴿ أَوْ آتِيكُمْ بِشِهَابٍ ﴾: شعلة ﴿ قَبَسٍ ﴾: نار مقتبسة من نار ﴿ لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ ﴾: تستدفئون بها، قاله من قوة الرجاء فلا ينافي طلبه ﴿ فَلَمَّا جَآءَهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ ﴾: قدس ﴿ مَن فِي ٱلنَّارِ ﴾: عن ابن عباس وغيره أنه هو - تعالى -، والنار نوره، أي: أسمعه النداء من جهتها ﴿ وَمَنْ حَوْلَهَا ﴾: الملائكة، ولكل تقديس يليق به، وفي التوراة: " جاء الله من سيناء، وأشرق من ساعير، واستعلن من فاران "، أي: جاءت منها آيته ورحمته، وبعث عيسى من ساعير ومحمد عليهما الصلاة والسلام من فاران جبال مكة ﴿ وَسُبْحَانَ ٱللَّهِ ﴾: عن كونه مكانيا ﴿ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ * يٰمُوسَىٰ إِنَّهُ ﴾: النار ﴿ أَنَا ٱللَّهُ ٱلْعَزِيزُ ﴾: القادر على ما يبعد من الأوهام ﴿ ٱلْحَكِيمُ ﴾: في أفعالي ﴿ وَ ﴾: نودي: أنْ ﴿ أَلْقِ عَصَاكَ ﴾: فألقاها ﴿ فَلَمَّا رَآهَا تَهْتَزُّ ﴾: تتحرك مضطربا ﴿ كَأَنَّهَا جَآنٌّ ﴾: حية خفيفة في السرعة مع عظمها ﴿ وَلَّىٰ ﴾: هرب ﴿ مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ ﴾: لم يرجع نودي: ﴿ يٰمُوسَىٰ لاَ تَخَفْ إِنِّي لاَ يَخَافُ لَدَيَّ ٱلْمُرْسَلُونَ ﴾: من شيء لاستغراقهم في ﴿ إِلاَّ ﴾: لكن ﴿ مَن ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ ﴾: ظلمه ﴿ حُسْناً ﴾: بالتوبة ﴿ بَعْدَ سُوۤءٍ فَإِنِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾: به، تعريض بوكزة القبطي ﴿ وَأَدْخِلْ يَدَكَ فِي جَيْبِكَ ﴾: إذ كان درعه بلاكم، أو قميصك ﴿ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ ﴾: كقطعة قمر ﴿ مِنْ غَيْرِ سُوۤءٍ ﴾: كبرصٍ ﴿ فِي ﴾: جملة ﴿ تِسْعِ آيَاتٍ ﴾: كما مر، والأولى جعل الجدب والنقصان آية، والجراد والقمل آية، وإلا فهي إحدى عشر مرسلا ﴿ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ * فَلَمَّا جَآءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً ﴾: بينة، مجاز للمبالغة ﴿ قَالُواْ هَـٰذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ * وَجَحَدُواْ ﴾: لم يقروا ﴿ بِهَا وَ ﴾: قد ﴿ ٱسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ ﴾: أنها آيات الله ﴿ ظُلْماً وَعُلُوّاً ﴾: تكبروا ﴿ فَٱنْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ * وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً ﴾: عظيما، فشكرا ﴿ وَقَالاَ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِي فَضَّلَنَا ﴾: بهذه النَّعم ﴿ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّنْ عِبَادِهِ ﴾: من عبادنا ﴿ ٱلْمُؤْمِنِينَ * وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ ﴾: من ﴿ دَاوُودَ ﴾: علمه ونبوته وملكه من بنية التسعة عشر ﴿ وَقَالَ ﴾: تعداداً للنَّعم: ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ ﴾: المنطق: كل لفظ يعبر به عما في ضمير وعنى به هنا ما يقصد بصوته كتفاهم بعضه عن بعض، وخصه مع كون كل حيوان وشجر كذلك لكونه معه يضلله ﴿ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ ﴾: مجاز عن الكثرة، وجمع لنفسه ولأبيه، أو رعاية لقواعد السياسة كالمُلُوك ﴿ إِنَّ هَـٰذَا ﴾: المؤتى ﴿ لَهُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْمُبِينُ ﴾: الظاهر ﴿ وَحُشِرَ ﴾: جمع ﴿ لِسْلَيْمَانَ جُنُودُهُ ﴾: قيل: كانوا في مائة فرسخ، وعشرين للإنس، ومثله للجن ومثليه لغيرهما ﴿ مِنَ ٱلْجِنِّ ﴾: كانوا حول الإنْس ﴿ وَٱلإِنْس ﴾: كانوا حوله ﴿ وَٱلطَّيْرِ ﴾: كان يظلله ﴿ فَهُمْ يُوزَعُونَ ﴾: يجمعون، ثم يساقون، فساروا ﴿ حَتَّىٰ إِذَآ أَتَوْا عَلَىٰ وَادِ ٱلنَّمْلِ ﴾: بالشام أو الطائف ﴿ قَالَتْ نَمْلَةٌ ﴾: ملكتهم: ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلنَّمْلُ ٱدْخُلُواْ مَسَاكِنَكُمْ لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ ﴾: لا تكونوا بحيث يحطمكم ويكسركم ﴿ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ ﴾: بحطمكم ﴿ فَتَبَسَّمَ ﴾: إلى أن صار ﴿ ضَاحِكاً ﴾: أو متعجبا ﴿ مِّن قَوْلِهَا ﴾: قيل: سمعه من ثلاثة أميال فحبس جنده حتى دخلوا بيوتهم ﴿ وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِيۤ ﴾: ألهمني ﴿ أَنْ ﴾: أي: أو بمعنى بأن ﴿ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ ٱلَّتِيۤ أَنْعَمْتَ ﴾: بها ﴿ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَدْخِلْنِي بِرَحْمَتِكَ فِي ﴾: عداد ﴿ عِبَادِكَ ٱلصَّالِحِينَ ﴾: كما مر، قيل: لما أتم بيت المقدس حج ثم خرج من مكة صباحا ودخل صَنْعاءَ ظهيرة فاعجبته وما وجد فيها الماء لوضوءه
﴿ وَتَفَقَّدَ ﴾: تعرف ﴿ ٱلطَّيْرَ ﴾: فلم يجد الهدهد وكان رائده ﴿ فَقَالَ ﴾: على ظن حضوره ﴿ مَالِيَ لاَ أَرَى ٱلْهُدْهُدَ ﴾: فلما لاح غيته قال ﴿ أَمْ ﴾: بل أ ﴿ كَانَ مِنَ ٱلْغَآئِبِينَ * لأُعَذِّبَنَّهُ عَذَاباً شَدِيداً ﴾: بنتف ريشه وإلقائه في الشمس أو بجعله مع ضده في قفص ﴿ أَوْ لأَاْذبَحَنَّهُ أَوْ لَيَأْتِيَنِّي بِسُلْطَانٍ ﴾: برهان ﴿ مُّبِينٍ ﴾: لعذره ﴿ فَمَكَثَ ﴾: الهدهد زمانا ﴿ غَيْرَ بَعِيدٍ ﴾: مديد، فجاءه بعذره ﴿ فَقَالَ أَحَطتُ ﴾: علما ﴿ بِمَا لَمْ تُحِطْ بِهِ ﴾: علما ﴿ وَجِئْتُكَ مِن ﴾: مدينة ﴿ سَبَإٍ بِنَبَإٍ ﴾: بخبر ﴿ يَقِينٍ ﴾: أبهم لتشوقه وتسكينه ثم قال ﴿ إِنِّي وَجَدتُّ ٱمْرَأَةً ﴾: بلقيس ﴿ تَمْلِكُهُمْ ﴾: أهل سبأ ﴿ وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ ﴾: مجاز عن الكثرة ﴿ وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ ﴾: بالنسبة إلى عروش أمثالها، قيل: كان طوله ثمانين ذراعا وعرضه أربعين، وارتفاعه ثلاثين من الذهب والفضة مكلل بالجواهر قوائمه من الجواهر له سبعة أبواب ﴿ وَجَدتُّهَا وَقَوْمَهَا يَسْجُدُونَ لِلشَّمْسِ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ ٱلسَّبِيلِ فَهُمْ ﴾: الحق ﴿ لاَ يَهْتَدُونَ ﴾: إليه ﴿ أَلاَّ ﴾: مشددا، أي: ألا يا قوم ﴿ يَسْجُدُواْ للَّهِ ٱلَّذِي يُخْرِجُ ٱلْخَبْ ﴾: الغيب، ومنه كل ما أخرج من العدم إلى الوجود ﴿ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَيَعْلَمُ مَا تُخْفُونَ وَمَا تُعْلِنُونَ * ٱللَّهُ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ ﴾: الحقير دونه كل جرم ﴿ قَالَ ﴾: سليمان ﴿ سَنَنظُرُ ﴾: سنعرف ﴿ أَصَدَقْتَ ﴾: فيه ﴿ أَمْ كُنتَ مِنَ ﴾: نوع ﴿ ٱلْكَاذِبِينَ ﴾: كالجن، ثم دلهم على الماء فصلوا ثم كتب سليمان كتابا إليها وختمه بالمسك وقال له ﴿ ٱذْهَب بِّكِتَابِي هَـٰذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ ﴾: تنح عنهم إلى حيث تسمع كلامهم ﴿ فَٱنْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ ﴾: يردون في الجواب، فأخذه وأتاهم فألقاه على نحرها من كوة، فلما قرأته ﴿ قَالَتْ يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ إِنِّيۤ أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ ﴾: لو جازته وفصاحته وختمع، فإن كرامة الكتاب ختمه ﴿ إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ ﴾: وكان اسمه كان على عنوانه أو قدمه مخافةً عن استخفافها باسم الله، إذا تعرف أنه منه لكفرها ﴿ وَإِنَّهُ ﴾: مضمونه ﴿ بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ ﴾: المقصود ﴿ أَلاَّ تَعْلُواْ ﴾: تتكبروا ﴿ عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَتْ ﴾: استشارة: ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ أَفْتُونِي ﴾: أشيروا عليَّ ﴿ فِيۤ أَمْرِي ﴾: هذا ﴿ مَا كُنتُ قَاطِعَةً ﴾: فاصلة ﴿ أَمْراً حَتَّىٰ تَشْهَدُونِ ﴾: تحضرون ﴿ قَالُواْ نَحْنُ أُوْلُو قُوَّةٍ ﴾: عدد كثير ﴿ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ ﴾: شجاعة ﴿ وَٱلأَمْرُ ﴾: موكول ﴿ إِلَيْكِ فَٱنظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ ﴾: نطعك ﴿ قَالَتْ إِنَّ ٱلْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُواْ قَرْيَةً ﴾: عنوة ﴿ أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوۤاْ أَعِزَّةَ أَهْلِهَآ أَذِلَّةً وَكَذٰلِكَ يَفْعَلُونَ ﴾: هولاء ﴿ وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ ﴾: بأي شيء ﴿ يَرْجِعُ ٱلْمُرْسَلُونَ ﴾: إن قبل فملك نحاربه، وإن رد فنبي نتبعه، قيل: أرسلت مع هديتها خدما ذكورا على الإناث، وبالعكس ودرة عذراء، وخرزة مُعوجَّة الثقب مختبرة بنبوته بالتمييز بينهم، وثقب الدرة مستوية، وسلك خيط في الخرزة وأمر الخدم بفسل الوجه، وكان الذكر كما يأخذ الماء به وجهه، والأنثى تأخذه بيد ثم تجعله في أخرى ثم تغسل، ثم ردها كلها كما يبينه ﴿ فَلَمَّا جَآءَ سُلَيْمَانَ ﴾: الرسول بها ﴿ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَآ آتَانِيَ ٱللَّهُ ﴾: من النبوة والملك ﴿ خَيْرٌ مِّمَّآ آتَاكُمْ ﴾: فلا وقع لها ﴿ بَلْ أَنتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ ﴾: بما يهدي إليكم، أو بهذا الإهداء ﴿ تَفْرَحُونَ ﴾: لحبكم الدنيا ﴿ ٱرْجِعْ ﴾: بالهدية ﴿ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُم بِجُنُودٍ لاَّ قِبَلَ ﴾: طاقة ﴿ لَهُمْ بِهَا ﴾: بمقاومتها ﴿ وَلَنُخْرِجَنَّهُم مِّنْهَآ ﴾: من بلدتهم ﴿ أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ ﴾: مهانون، أي: إنلم يأتوني كما مر، فلما سمعت جاءت مع عساكر كثيرة، فلما رأى فوج بلقيس من بعيد ﴿ قَالَ يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَن يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ﴾: لأختبرها ولتعرف صدقي في النبوة، قيل: كان حينئذ في بيت المقدس، وعرشها باليمن ﴿ قَالَ عِفْرِيتٌ ﴾: قوى خبيث ﴿ مِّن ٱلْجِنِّ ﴾: اسمه ذكوان أو صخر ﴿ أَنَاْ آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ ﴾: مجلس قضائك، كان مجلسه من الصبح إلى الظهر ﴿ وَإِنِّي عَلَيْهِ ﴾: على حمله ﴿ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ ﴾: على ما فيه، فقال: أريد أسرع ﴿ قَالَ ٱلَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ ٱلْكِتَابِ ﴾: السماوي، كاتبة: آصف بن برخيا، صديق عالم بالاسم الأعظم، ويجوز اختصاص الولي بكرامة لا يشاركه فيها الرسول كرزق مريم عند زكريا، على أن الكرامة الولي معجزة لنبيه، وقيل: هو سليمان، قاله للعفريت إظهارا للمعجزة ﴿ أَنَاْ آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ﴾: إذا نظرت إلى شيء، فنظر إلى السماء فأجراه الله تحت الأرض حتى ارتفع عند كرسي سليمان قبل أن ينظر إلى الأرض ﴿ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرّاً عِندَهُ قَالَ هَـٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِيۤ ﴾: ليختبرني ﴿ أَأَشْكُرُ ﴾: فأراه من فضله ﴿ أَمْ أَكْفُرُ ﴾: بما رآني مستحقا له ﴿ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ﴾: فوائده له ﴿ وَمَن كَفَرَ ﴾: نعمته ﴿ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ ﴾: عن شكره ﴿ كَرِيمٌ ﴾: بالتفضل عليه ﴿ قَالَ ﴾: سليمان ﴿ نَكِّرُواْ ﴾: غيروا ﴿ لَهَا عَرْشَهَا ﴾: بتغيير هيئته ﴿ نَنظُرْ أَتَهْتَدِيۤ ﴾: إلى عرشها ﴿ أَمْ تَكُونُ مِنَ ٱلَّذِينَ لاَ يَهْتَدُونَ ﴾: إليه من البله إذ كانت أنها جنية، والجن قالوا له: هي بلهاء، رجلها كحافر الحمار، شعْراء الساقين لتنفيره مخافة أنها تفشي أسرارهم إليه ﴿ فَلَمَّا جَآءَتْ ﴾: بعد تنكيره ﴿ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ ﴾: ما جزمت لذكائها ومقابلة لتشبيههم ﴿ وَأُوتِينَا ٱلْعِلْمَ ﴾: بنُبوَّتك ﴿ مِن قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ ﴾: مناقدين ﴿ وَصَدَّهَا ﴾: منعها عن الإيمان، أو صدها سليمان عن عبادة ﴿ مَا كَانَت تَّعْبُدُ ﴾: عبادتها الشمس ﴿ مِن دُونِ ٱللَّهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِن قَوْمٍ كَافِرِينَ * قِيلَ لَهَا ٱدْخُلِي ٱلصَّرْحَ ﴾: قصر صَحْنهُ زجاج شفاف تحته ماء فيه كل حيوان بحري وضع سريره فيه وجلس عليه لينظر إلى سَاقيها ورجليها كَما مر ﴿ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً ﴾: ماء راكد ﴿ وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا ﴾: فرآها أحسن الناس رجلا ﴿ قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ ﴾: مملس ﴿ مِّن قَوارِيرَ ﴾: زجاج، فلما دعاها إلى الإسلام ﴿ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي ﴾: بالّشرْك ﴿ وَأَسْلَمْتُ ﴾: موافقة ﴿ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ ﴾: ثم تزوجها وكانت معه إلى موته، وقيل: زوجها من واحد من الأذواء أي: ملوك اليمن اسمه ذو تبع ملك همدان في اليمن بسكون الميم
﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَآ إِلَىٰ ثَمُودَ أَخَاهُمْ ﴾: نسبا ﴿ صَالِحاً أَنِ ﴾: بأن ﴿ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ فَإِذَا هُمْ فَرِيقَانِ ﴾: مؤمن وكافر ﴿ يَخْتَصِمُونَ ﴾: كما مر ﴿ قَالَ يٰقَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِٱلسَّيِّئَةِ ﴾: العذاب ﴿ قَبْلَ ٱلْحَسَنَةِ ﴾: التوبة، بتأخيرها إلى معاينتها ﴿ لَوْلاَ ﴾: هلا ﴿ تَسْتَغْفِرُونَ ٱللَّهَ ﴾: قبله ﴿ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾: فلما قحطوا بتكذيبه ﴿ قَالُواْ ٱطَّيَّرْنَا ﴾: تشاءمنا ﴿ بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ ﴾: شؤمكم ﴿ عِندَ ٱللَّهِ ﴾: آتيكم من عنده ﴿ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تُفْتَنُونَ ﴾: تختبرون، بالخير والشر ﴿ وَكَانَ فِي ٱلْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ ﴾: هم عاقروا النقة ﴿ يُفْسِدُونَ ﴾: بالمعاصي ﴿ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ يُصْلِحُونَ ﴾: بالطاعة ﴿ قَالُواْ ﴾: بعضهم لبعض ﴿ تَقَاسَمُواْ ﴾: احلفوا ﴿ بِٱللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ ﴾: لنقتلنه ليلا ﴿ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ ﴾: ولي دمه ﴿ مَا شَهِدْنَا ﴾: حضرنا ﴿ مَهْلِكَ ﴾: إهلاك ﴿ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ ﴾: لأن الشاهد للشيء غير مباشرة، أو لأنهم شهدوا مهلكهما ﴿ وَمَكَرُواْ مَكْراً ﴾: بتلك المواضعة ﴿ وَمَكَرْنَا مَكْراً ﴾: بجزاءه عاجلا ﴿ وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ ﴾: بمكرنا ﴿ فَٱنظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ ﴾: أهلكناهم، بتطبيق فم شعب دخلوه لقتل صالح عليهم حتى ماتوا ثمة ﴿ وَقَوْمَهُمْ ﴾: وأهلهم بالصيحة كما مر ﴿ أَجْمَعِينَ * فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً ﴾: خالية أو ساقطة ﴿ بِمَا ظَلَمُوۤاْ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾: فيتعظون ﴿ وَأَنجَيْنَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ﴾: منهم ﴿ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ *وَ ﴾: أرسلنا ﴿ وَلُوطاً إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ ٱلْفَاحِشَةَ ﴾: اللواط ﴿ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ ﴾: بعضكم بعضا، خصها لأنها أقبح ﴿ أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ ٱلرِّجَالَ شَهْوَةً ﴾: لمجردها، أفهم قبح الوطء شهوة بل لابد من قصد نحو التناسل ﴿ مِّن دُونِ ٱلنِّسَآءِ ﴾: المخلوقة له ﴿ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ﴾: سفهاء ﴿ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلاَّ أَن قَالُوۤاْ أَخْرِجُوۤاْ آلَ لُوطٍ ﴾: كما مر ﴿ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ ﴾: من اللواطة ﴿ فَأَنجَيْنَاهُ وَأَهْلَهُ إِلاَّ ٱمْرَأَتَهُ قَدَّرْنَاهَا مِنَ ٱلْغَابِرِينَ ﴾: الباقين ﴿ وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً ﴾: من الحجارة ﴿ فَسَآءَ مَطَرُ ٱلْمُنذَرِينَ ﴾: كما مر ﴿ قُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ﴾: على نصره عبادة ﴿ وَسَلاَمٌ عَلَىٰ عِبَادِهِ ٱلَّذِينَ ٱصْطَفَىٰ ءَآللَّهُ ﴾: الذي ينجي موحديه ﴿ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾: مما لا ينفع عبادة ﴿ أَمَّ ﴾: بل ﴿ منْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَأَنزَلَ لَكُمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً فَأَنبَتْنَا ﴾: النعت لَرفْع شُبْهَة المشاركة ﴿ بِهِ حَدَآئِقَ ﴾: بساتين فيها الماء ﴿ ذَاتَ بَهْجَةٍ ﴾: حسن ﴿ مَّا كَانَ لَكُمْ أَن تُنبِتُواْ شَجَرَهَا أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ ﴾: يقدر عليه ﴿ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ ﴾: عن الحق ﴿ أَمَّن جَعَلَ ٱلأَرْضَ قَرَاراً ﴾: مقرا بكم ﴿ قَرَاراً وَجَعَلَ خِلاَلَهَآ ﴾: وسطها ﴿ أَنْهَاراً وَجَعَلَ لَهَا ﴾: جبالا ﴿ رَوَاسِيَ ﴾: ثوابت ﴿ وَجَعَلَ بَيْنَ ٱلْبَحْرَيْنِ ﴾: العذب والأجاج ﴿ حَاجِزاً ﴾: مانعا كما مر ﴿ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱلله ﴾: يقدر عليه ﴿ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ * أَمَّن يُجِيبُ ٱلْمُضْطَرّ ﴾: من أحوجة شدة الضرر إلى الالتجاء، والمراد به الجنس ﴿ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ ٱلسُّوۤءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَآءَ ﴾: ورثة ﴿ ٱلأَرْضِ ﴾: في التصرف فيها ﴿ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ ﴾: يقدر عليه ﴿ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ ﴾: كما مر ﴿ أَمَّن يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ ﴾: مشتبهات طرق ﴿ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْر ﴾: بالجبال والنجوم ونحوهما ﴿ وَمَن يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ بُشْرَاً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ﴾: المطر ﴿ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ ﴾: يقدر عليه ﴿ تَعَالَى ٱللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ * أَمَّن يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعيدُهُ ﴾: جعل المبرهن كما اعترفوا به لوضوح حجته ﴿ وَمَن يَرْزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ ﴾: بالمطر ﴿ وٱلأَرْضِ ﴾: بالنبات ﴿ أَإِلَـٰهٌ مَّعَ ٱللَّهِ ﴾: يقدر عليه ﴿ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ ﴾: على إثبات شيء منها لغيره تعالى ﴿ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي ٱلسَّمَٰوٰتِ وٱلأَرْضِ ٱلْغَيْبَ ﴾: علم حضور بخلاف علمنا بنحو الجنة ﴿ إِلاَّ ٱللَّهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ ﴾: متى ﴿ يُبْعَثُونَ * بَلِ ٱدَّارَكَ ﴾: تكامل كأدرك ﴿ عِلْمُهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِّنْهَا ﴾: أي: من الآخرة في الدنيا متحيرون في أمرها ﴿ بَلْ هُم مِّنْهَا عَمُونَ ﴾: بصيرة، فلا يدركون دلائلها هذا وإن أختص بمشركيهم أُسْنِد إلى كلهم إسناد فعل البعض إلى الكل والاضرابات تنزل لأحوالهم
﴿ وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَإِذَا كُنَّا تُرَاباً وَآبَآؤُنَآ أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ ﴾: من القبور ﴿ لَقَدْ وُعِدْنَا هَـٰذَا نَحْنُ وَآبَآؤُنَا مِن قَبْلُ ﴾: قدم هذا لأن المقصود بالذكر: البعث، لا كما مر ﴿ إِنْ ﴾: ما ﴿ هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ ﴾: أكاذيب ﴿ ٱلأَوَّلِينَ * قُلْ سِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ فَٱنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلْمُجْرِمِينَ ﴾: كما مر ﴿ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ ﴾: على تكذيبهم ﴿ وَلاَ تَكُن فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ ﴾: فالله يعصمك ﴿ وَيَقُولُونَ مَتَىٰ هَـٰذَا ٱلْوَعْدُ ﴾: العذاب الموعود ﴿ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ * قُلْ عَسَىٰ أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم ﴾: تبعكم، واللام صلة ﴿ بَعْضُ ٱلَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ ﴾: كقتل بدر ﴿ وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلنَّاسِ ﴾: ومنه تأخير عذاب مستحقية ﴿ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَشْكُرُونَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَا تُكِنُّ ﴾: تخفى ﴿ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ ﴾: فإمها لهم لا لغفلة ﴿ وَمَا مِنْ غَآئِبَةٍ ﴾: خافية ﴿ فِي ٱلسَّمَآءِ وَٱلأَرْضِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ﴾: اللوح، أو علمه تعالى ﴿ إِنَّ هَـٰذَا ٱلْقُرْآنَ يَقُصُّ عَلَىٰ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ أَكْثَرَ ٱلَّذِي هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ﴾: كأمر عيسى وغيره ﴿ وَإِنَّهُ لَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤمِنِينَ ﴾: ونقمه على الكفرة ﴿ إِن رَبَّكَ يَقْضِي ﴾: يفصل ﴿ بَيْنَهُم ﴾: بين المختلفين ﴿ بِحُكْمِهِ ﴾: بما يحكم به، وهو الحق أو بحكمته ﴿ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ﴾: الغالب ﴿ ٱلْعَلِيمُ ﴾: بما يحكم به ﴿ فَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ ﴾: ثق به ﴿ إِنَّكَ عَلَى ٱلْحَقِّ ٱلْمُبِينِ ﴾: والحق يعلو ﴿ إِنَّكَ لاَ تُسْمِعُ ٱلْمَوْتَىٰ ﴾: وهم كالموتى في عدم انتفاعهم بسماع الحق ﴿ وَلاَ تُسْمِعُ ٱلصُّمَّ ٱلدُّعَآءَ إِذَا وَلَّوْاْ مُدْبِرِينَ ﴾: فإن الأصم المقبل المستمع قد يفهم ﴿ وَمَآ أَنتَ بِهَادِي ٱلْعُمْيِ عَن ضَلالَتِهِمْ ﴾: بجعلهم هداة بصراء ﴿ إِن ﴾: ما ﴿ تُسْمِعُ ﴾: سماع انتفاع ﴿ إِلاَّ مَن ﴾: كام في علمنا أنّه ﴿ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُم مُّسْلِمُونَ ﴾: منقادون ﴿ وَإِذَا وَقَعَ ٱلْقَوْلُ عَلَيْهِم ﴾: دنا وقوع معناه كالحشر ونحوه ﴿ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَآبَّةً مِّنَ ٱلأَرْضِ ﴾: من مكة بيدها عصَا موسى فتنكت في مسجد المؤمن فيبيض، وللأخرى خاتم سليمتن، فتنكت في أنف الكافر فيسود، لها قوائم وريش وجناحان ولحية لا يفوتها هارب، ولا يدركه طالب، وفي الحديث: تخرج حُضْرَ الفرس الجواد ثلثها بعد ﴿ تُكَلِّمُهُمْ ﴾: من الكلام أو تجرَحُهُم كما مر ﴿ أَنَّ ﴾: أي: أخرجنا، لأن ﴿ ٱلنَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لاَ يُوقِنُونَ * وَ ﴾: اذكر ﴿ يَوْمَ نَحْشُرُ ﴾: نجمَعُ ﴿ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً ﴾: جماعة ﴿ مَّن ﴾: بيانية ﴿ مَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ ﴾: يجمعون ثم يساقون كا مر ﴿ حَتَّىٰ إِذَا جَآءُو ﴾: إلى المحشر ﴿ قَالَ ﴾: الله، تبكيتا: ﴿ قَالَ أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُواْ بِهَا عِلْماً ﴾: أي: بادي الرأي ﴿ أَمَّا ذَا ﴾: أي: شيء ﴿ كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾: هذا مثل قولك لعبد أكل مالك: أأكلته أم بعتَهُ أم ماذا عملت؟! ﴿ وَوَقَعَ ﴾: حل ﴿ ٱلْقَوْلُ ﴾: العذاب الموعود ﴿ عَلَيهِم بِمَا ظَلَمُواْ فَهُمْ لاَ يَنطِقُونَ ﴾: بعذر ﴿ أَلَمْ يَرَوْاْ ﴾: عبرة ﴿ أَنَّا جَعَلْنَا ٱلْلَّيْلَ لِيَسْكُنُواْ فِيهِ ﴾: بالنوم ﴿ وَٱلنَّهَارَ مُبْصِراً ﴾: مبصرا فيه، فيه مبالغة وترك التعليل لأن السكون يتصورُ هناك دون الإبصار هنا ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ ﴾: للتوحيد والعبث وبعثة الرسل ﴿ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ * وَ ﴾: اذكر ﴿ يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ ﴾: قرن ينفخ فيه إسرافيل، آخر الدنيا ﴿ فَفَزِعَ ﴾: مات، عبر الماضي لتحققه ﴿ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ ﴾: كالشهراء أو موسى وغيرهم، كما ورد، وعن أبي هرير رضي الله تعالى عنه:" النفخ ثلاثة: نفخة فزع حياة الدنيا، ونفخة الصعقة، ونفخة البعث "﴿ وَكُلٌّ أَتَوْهُ ﴾: الموقف ﴿ دَاخِرِينَ ﴾: ذليلين ذل العبودية، إذ الأنبياء يأتون مكرمين ﴿ وَتَرَى ٱلْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً ﴾: واقفة ﴿ وَهِيَ تَمُرُّ ﴾: تسير ﴿ مَرَّ ٱلسَّحَابِ ﴾: سرعة لأن حركة الأجرام الكبار في سمتٍ واحدة لا تُتَبيَّنُ ﴿ صُنْعَ ٱللَّهِ ﴾: مصدر مؤكد لنفسه ﴿ ٱلَّذِيۤ أَتْقَنَ ﴾: أحكم ﴿ كُلَّ شَيْءٍ ﴾: كما ينبغي ﴿ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ ﴾: فيجازيكم ﴿ مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ ﴾: الإيمان ﴿ فَلَهُ خَيْرٌ ﴾: ثواب حاصل ﴿ مِّنْهَا ﴾: كالجنة أو للتفضيل لأنها سبعمائة وأكثر ﴿ وَهُمْ مِّن فَزَعٍ ﴾: فزع دخول النار ﴿ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ * وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ ﴾: الشرك ﴿ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ ﴾: أنفسهم ﴿ فِي ٱلنَّار ﴾: وقيل لهم: ﴿ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾: قُلْ ﴿ إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ ٱلْبَلْدَةِ ﴾: مكة ﴿ ٱلَّذِي حَرَّمَهَا ﴾: صَيداً ولقطةً ونحوها، وأما ورود تحريم إبراهيم فبمعنى إخباره ﴿ وَلَهُ كُلُّ شَيءٍ ﴾: خَلْقنا ومُلْكاً ﴿ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ * وَأَنْ أَتْلُوَاْ ٱلْقُرْآنَ ﴾: على الناس دعوة أو اتبعوه ﴿ فَمَنِ ٱهْتَدَىٰ ﴾: بالاتباع ﴿ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ ﴾: ثمرته له ﴿ وَمَن ضَلَّ ﴾: بتركه ﴿ فَقُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُنذِرِينَ * وَقُلِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ ﴾: على ما أعطاني ﴿ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ ﴾: في الدنيا كَوَقْعه بدر وغيرها ﴿ فَتَعْرِفُونَهَا ﴾: حيث لا ينفعكم ﴿ وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾: أنْ يُمْهل فلا يُمْهل - واللهُ أعْلَمُ.
Icon