تفسير سورة الشورى

الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
تفسير سورة سورة الشورى من كتاب الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم .
لمؤلفه الكَازَرُوني . المتوفي سنة 923 هـ

إلَّا:﴿ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ ﴾[الإنعام: ٩٠] إلى أربع آياتٍ. لمَّا ذمّهم بتكذيبهم القرآن وبين حقيته، أكد ذلك بقول: ﴿ بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ ﴾: ﴿ حـمۤ * عۤسۤقۤ ﴾: كما مر، والتفصيل ليوافق الحواميم ﴿ كَذَلِكَ ﴾: الإيحاء ﴿ يُوحِيۤ ﴾: حكاية عن الماضي دال على الاستمرار ﴿ إِلَيْكَ وَإِلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكَ ﴾: إذ ما من رسول إلا وأوحي إليه: ﴿ حـمۤ * عۤسۤقۤ ﴾.
﴿ ٱللَّهُ ﴾: فاعل يوحي وأما على فتح الحاء فمر فوع بما عليه يوحي ﴿ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ ﴾: في أفعاله ﴿ لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلعَظِيمُ * تَكَادُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ ﴾: من هيبته ﴿ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ ﴾: تَشَّقّقُ كل واحدة فوق الأخرى أو يبتديء الانفطار من جهتهم الفوقانية، لأن أعظم آياته من تلك الجهة كالكرسى والجنة ﴿ وَٱلْمَلاَئِكَةُ يُسَبِّحُونَ ﴾: ملتبسين ﴿ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ﴾: كما مر ﴿ وَيَسْتَغْفِرُونَ ﴾: يشفعون ﴿ لِمَن فِي ٱلأَرْضِ ﴾: من المؤمنين أو يطلبون هدايتهم فيعم ﴿ أَلاَ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ ﴾: لأوليائه ﴿ وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ ﴾: شركاء ﴿ ٱللَّهُ حَفِيظٌ ﴾: رقيب ﴿ عَلَيْهِمْ ﴾: فيجازيهم ﴿ وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِم بِوَكِيلٍ ﴾: موكل بهم ﴿ وَكَذَلِكَ ﴾: الإيحاء ﴿ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّتُنذِرَ أُمَّ ٱلْقُرَىٰ ﴾: أهلها ﴿ وَمَنْ حَوْلَهَا ﴾: من كل الأرض فإنها وسطها ﴿ وَتُنذِرَ ﴾: الناس ﴿ يَوْمَ ٱلْجَمْعِ ﴾: القيامة ﴿ لاَ رَيْبَ فِيهِ ﴾: منهم ﴿ فَرِيقٌ فِي ٱلْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي ٱلسَّعِيرِ * وَلَوْ شَآءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً ﴾: على دين الإسلام ﴿ وَلَـٰكِن يُدْخِلُ مَن يَشَآءُ فِي رَحْمَتِهِ ﴾: بالهداية ﴿ وَٱلظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِّن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ ﴾: يدفع عنهم العذاب ﴿ أَمِ ﴾: بل ﴿ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءَ ﴾: إن أرادوا أولياء ﴿ فَٱللَّهُ هُوَ ٱلْوَلِيُّ ﴾: بالحق ﴿ وَهُوَ يُحْيِـي ٱلْمَوْتَىٰ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * وَمَا ٱخْتَلَفْتُمْ ﴾: مع الكفار ﴿ فِيهِ مِن شَيْءٍ ﴾: من الدين ﴿ فَحُكْمُهُ ﴾: راجعٌ ﴿ إِلَى ٱللَّهِ ﴾: يُميز الحق عن المبطل في القيامة ﴿ ذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾: أرجع ﴿ فَاطِرُ ﴾: مبدع ﴿ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ ﴾: جنس ﴿ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ ٱلأَنْعَامِ أَزْواجاً ﴾: ذكورا وإناثا ﴿ يَذْرَؤُكُمْ ﴾: يخلقكم أو يكثركم ﴿ فِيهِ ﴾: في ذلك الجعل لأنه سبب للتوالد ﴿ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ ﴾: الكاف صلة إذ مثل له، أو مثله ذاته من قبيل: مثلك لا يفعل كذا، وهذا أبلغ، أو الأحسن أنه نفى مثله على طريقة البرهان لأن من له مثل فلمثله مثل فليس له مثل ﴿ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ﴾: للأقوال ﴿ ٱلْبَصِيرُ ﴾: للأفعال ﴿ لَهُ مَقَالِيدُ ﴾: خزائن ﴿ ٱلسَّمَٰوَٰتِ ﴾: بنحو المطر ﴿ وَٱلأَرْضِ ﴾: بنحو النبات ﴿ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ ﴾: يضيق لمن يشاء اختبارا ﴿ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ * شَرَعَ ﴾: سن ﴿ لَكُم مِّنَ ٱلدِّينِ مَا وَصَّىٰ بِهِ نُوحاً ﴾: أول نبي شرع ﴿ وَٱلَّذِيۤ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ ﴾: آخرهم ﴿ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَىٰ ﴾: المراد من بينهما من أولي الشريعة ﴿ أَنْ أَقِيمُواْ ٱلدِّينَ ﴾: وهو الإيمان والطاعة لا الفروع المختلفة بينهم ﴿ وَلاَ تَتَفَرَّقُواْ ﴾: تختلفوا ﴿ فِيهِ ﴾: بخلاف الفروع ﴿ كَبُرَ ﴾: عظم ﴿ عَلَى ٱلْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ ﴾: من الإيمان ﴿ ٱللَّهُ يَجْتَبِيۤ إِلَيْهِ ﴾: إلى ما يدعوهم إليه ﴿ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِيۤ إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ ﴾: يقبل إليه ﴿ وَمَا تَفَرَّقُوۤاْ ﴾: الأمم ﴿ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ ﴾: بالتوحيد ﴿ بَغْياً ﴾: لعداوة ﴿ بَيْنَهُمْ وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ ﴾: بإمهالهم ﴿ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى ﴾: القيامة ﴿ لَّقُضِيَ بِيْنَهُمْ ﴾: بتعذيب الكفرة عاجلا ﴿ وَإِنَّ ٱلَّذِينَ أُورِثُواْ ٱلْكِتَابَ ﴾: اليهود والنصارى ﴿ مِن بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ ﴾: من كتابهم لا يؤمنون به حق الإيمان ﴿ مُرِيبٍ ﴾: موقع للريبة كما مر ﴿ فَلِذَلِكَ ﴾: التفرق ﴿ فَٱدْعُ ﴾: إلى الاتفاق على الدين ﴿ وَٱسْتَقِمْ ﴾: على الدعوة ﴿ كَمَآ أُمِرْتَ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَآءَهُمْ ﴾: في تركها ﴿ وَقُلْ آمَنتُ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ مِن كِتَابٍ ﴾: لا كأهل الكتاب كم مر ﴿ وَأُمِرْتُ لأَعْدِلَ ﴾: في الحكم ﴿ بَيْنَكُمُ ٱللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَآ أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ ﴾: كل يجازي بعمله ﴿ لاَ حُجَّةَ ﴾: لا حجاج وخصومة ﴿ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ ﴾: إذ الحق ظاهر، ونسخ بآية القتال ﴿ ٱللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا ﴾: في القيامة ﴿ وَإِلَيْهِ ٱلْمَصِيرُ ﴾: فيفصل بيننا ﴿ وَٱلَّذِينَ يُحَآجُّونَ ﴾: يجادلون ﴿ فِي ﴾: إبطال دين ﴿ ٱللَّهِ مِن بَعْدِ مَا ٱسَتُجِيبَ ﴾: استجاب الناس ﴿ لَهُ ﴾: بقبوله ﴿ حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ ﴾: باطلة ﴿ عِندَ رَبِّهِمْ وَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ * ٱللَّهُ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ ٱلْكِتَابَ ﴾: ملتبسا ﴿ بِٱلْحَقِّ وَٱلْمِيزَانَ ﴾: الشرع الذي يوازن به الحقوق ﴿ وَمَا يُدْرِيكَ ﴾: يعلمك ﴿ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ ﴾: مجيء القيامة ﴿ قَرِيبٌ ﴾: فاشتغل بما أمرت قبل مجيئها كما مر ﴿ يَسْتَعْجِلُ بِهَا ﴾: بالساعة ﴿ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِهَا ﴾: استهزاء ﴿ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مُشْفِقُونَ ﴾: خائفون ﴿ مِنْهَا ﴾: مع توقعهم ثوابها ﴿ وَيَعْلَمُونَ أَنَّهَا ٱلْحَقُّ ﴾: الكائن من ربهم ﴿ أَلاَ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُمَارُونَ ﴾: يجادلون ﴿ فَي ٱلسَّاعَةِ لَفِي ضَلاَلٍ بَعِيدٍ ﴾: عن الحق
﴿ ٱللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ ﴾: مربيهم بصنوف بر لا تبلغه الأفهام ﴿ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ ﴾: منهم ما يشاء ﴿ وَهُوَ ٱلْقَوِيُّ ﴾: على مراده ﴿ ٱلْعَزِيزُ ﴾: الغالب على أمره ﴿ مَن كَانَ يُرِيدُ ﴾: بعمله ﴿ حَرْثَ ٱلآخِرَةِ ﴾: استعارة للثواب، وأصله إلقاء البذر، ويقال للزرع ﴿ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ ﴾: إلى سبعمائة وأكثر ﴿ وَمَن كَانَ يُرِيدُ ﴾: بعمله ﴿ حَرْثَ ٱلدُّنْيَا نُؤْتِهِ ﴾: شيئا ﴿ مِنْهَا ﴾: قدر ما قسم له ﴿ وَمَا لَهُ فِي ٱلآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ ﴾: إذ لكل امرئ ما نوى ﴿ أَمْ ﴾: بل ﴿ لَهُمْ شُرَكَاءُ ﴾: آلهة ﴿ شَرَعُواْ لَهُمْ مِّنَ ٱلدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ ٱللَّهُ ﴾: كالشرك ونحوه ﴿ وَلَوْلاَ كَلِمَةُ ﴾: وعده ﴿ ٱلْفَصْلِ ﴾: في القيامة ﴿ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ ﴾: وبَين المؤمنين بتعذيبهم عاجلا ﴿ وَإِنَّ ٱلظَّالِمِينَ ﴾: أي: إنّهمُ ﴿ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * تَرَى ٱلظَّالِمِينَ ﴾: في القيامة ﴿ مُشْفِقِينَ ﴾: خائفين ﴿ منِ ﴾: وبال ﴿ مَّا كَسَبُواْ وَهُوَ وَاقِعٌ بِهِمْ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فِي رَوْضَاتِ ﴾: أطيب بقاع ﴿ ٱلْجَنَّاتِ لَهُمْ مَّا يَشَآءُونَ عِندَ رَبِّهِمْ ﴾: الثواب ﴿ ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَضْلُ ٱلْكَبِيرُ * ذَلِكَ ﴾: الثواب ﴿ ٱلَّذِي يُبَشِّرُ ٱللَّهُ عِبَادَهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ ﴾: على التبليغ ﴿ أَجْراً إِلاَّ ﴾: لكن أسئلكم ﴿ ٱلْمَوَدَّةَ فِي ٱلْقُرْبَىٰ ﴾: القرابة، أي: أن تؤدوني في الحق قرابتي منكم يا قريش، أو في التقرب إلى الله تعالى، أو في قرابتي، يعني عليا وفاطمة وابناهما رضي الله تعالى عنهم ﴿ وَمَن يَقْتَرِفْ ﴾: يكتسب ﴿ حَسَنَةً ﴾: كمودته فيها ﴿ نَّزِدْ لَهُ فِيهَا حُسْناً ﴾: بمضاعفة الثواب ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ شَكُورٌ ﴾: يقبل القليل ﴿ أَمْ ﴾: بل أَ ﴿ يَقُولُونَ ٱفْتَرَىٰ ﴾: محمد صلى الله عليه وسلم ﴿ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً فَإِن يَشَإِ ٱللَّهُ يَخْتِمْ ﴾: يربط ﴿ عَلَىٰ قَلْبِكَ ﴾: بالصبر على أذاهم ﴿ وَيَمْحُ ٱللَّهُ ٱلْبَاطِلَ وَيُحِقُّ ﴾: يثبت ﴿ ٱلْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ ﴾: القرآن فلو كان باطلا لمحقه ﴿ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ﴾: بما في ﴿ ٱلصُّدُورِ ﴾: القلوب ﴿ وَهُوَ ٱلَّذِي يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ ﴾: بالعفو وهي الندامة على الذنب من حيث هو محو ذنب وسيأتي بيانها في التحريم ﴿ وَيَعْفُواْ عَنِ ٱلسَّيِّئَاتِ ﴾: كلها لمن شاء ولو بلا توبة لظاهر العطف ﴿ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ﴾: فيجازي ﴿ وَيَسْتَجِيبُ ﴾: دعاء ﴿ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ ﴾: فيثبتهم ﴿ وَيَزِيدُهُم مِّن فَضْلِهِ ﴾: على ما استحقوا بقبول شفاعتهم فيمن أحسن إليهم النار كما في الحديث ﴿ وَٱلْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ * وَلَوْ بَسَطَ ٱللَّهُ ٱلرِّزْقَ لِعِبَادِهِ ﴾: بإغناء كلهم ﴿ لَبَغَوْاْ ﴾: لأفسدوا ﴿ فِي ٱلأَرْضِ ﴾: بطران نزلت في أهل الصفة أو العرب فلم يبسط ﴿ وَلَـٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ ﴾: بتقدير ﴿ مَّا يَشَآءُ ﴾: من أرزاقهم ﴿ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ ﴾: بخفياتهم ﴿ بَصِيرٌ ﴾: بجلياتهم ﴿ وَهُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ ٱلْغَيْثَ ﴾: مطرا يغيثهم ﴿ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ ﴾: منه ﴿ وَيَنشُرُ ﴾: يبسط ﴿ رَحْمَتَهُ ﴾: المطر ﴿ وَهُوَ ٱلْوَلِيُّ ﴾: للمؤمنين ﴿ ٱلْحَمِيدُ ﴾: على أفعاله ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَثَّ ﴾: نشر ﴿ فِيهِمَا مِن دَآبَّةٍ ﴾:" ودواب السماء مراكب أهل الجنة "كذا في الحديث، وقيل: الملائكة بهم دبيب مع طيرانهم ﴿ وَهُوَ عَلَىٰ جَمْعِهِمْ ﴾: للبعث ﴿ إِذَا يَشَآءُ قَدِيرٌ * وَمَآ أَصَـٰبَكُمْ مِّن مُّصِيبَةٍ ﴾: في الدنيا ﴿ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ ﴾: من المعاصي فلا يؤاخذكم به في الآخرة، كما في الحديث، ويؤيده: ﴿ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ ﴾: منها، وهذا في العصاة، وأما غيرهم ولو طفلا فلرجع درجاتهم
﴿ وَمَآ أَنتُمْ بِمُعْجِزِينَ ﴾: فائتين الله ﴿ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ * وَمِنْ آيَاتِهِ ﴾: السفن ﴿ ٱلْجَوَارِ فِي ٱلْبَحْرِ ﴾: والسفن ﴿ كَٱلأَعْلاَمِ ﴾: كالجبال عظما ﴿ إِن يَشَأْ يُسْكِنِ ٱلرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ ﴾: يصرن ﴿ رَوَاكِدَ ﴾: ثوابت ﴿ عَلَىٰ ظَهْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ ﴾: على الشدائد ﴿ شَكُورٍ ﴾: عند الرخاء، أي: المؤمن الكامل ذا" الإيمان نصفان: نصفٌ صَبرٌ ونِصفٌ شُكرٌ "﴿ أَوْ يُوبِقْهُنَّ ﴾: يهلك أهلهن بإغراقهم بنحو عصف ﴿ بِمَا كَسَبُوا ﴾: إن يشأ ﴿ وَيَعْفُ عَن كَثِيرٍ ﴾: فلا يسكن ريحهم ولا يوبقهم، والإسكان والإهلاك لينتقم منهم ﴿ وَيَعْلَمَ ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ ﴾: وبرفع " يعلم " ظاهر ﴿ فِيۤ آيَاتِنَا مَا لَهُمْ مِّن مَّحِيصٍ ﴾: مفر من العذاب ﴿ فَمَآ أُوتِيتُمْ مِّن شَيْءٍ ﴾: من المال ﴿ فَمَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ﴾: تتمتعون بها حياتكم ﴿ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ ﴾: من الثواب ﴿ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ لِلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَىٰ رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * وَٱلَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ ٱلإِثْمِ ﴾: ما فيه وعيد شديد ﴿ وَٱلْفَوَاحِشَ ﴾: ما تزايد قبحه، تخصيص بعد تعميم ﴿ وَإِذَا مَا غَضِبُواْ هُمْ يَغْفِرُونَ ﴾: يتجاوزون ﴿ وَٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمْ ﴾: بطاعته كالأنصار ﴿ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَأَمْرُهُمْ ﴾: ذو ﴿ شُورَىٰ ﴾: تشاور ﴿ بَيْنَهُمْ ﴾: والشورى: العرض، أي: لا يبرمون أمرا حتى يشاوروا ﴿ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَصَابَهُمُ ٱلْبَغْيُ ﴾: الظلم ﴿ هُمْ يَنتَصِرُونَ ﴾: بقدر مشروع، أي: يعفون في محله، وينتقمون في محله ﴿ وَجَزَآءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا ﴾: سماها بها ازدواجا وتحريضا على العفو ﴿ فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ ﴾: بينه وبين عدوه ﴿ فَأَجْرُهُ ﴾: لازم ﴿ عَلَى ٱللَّهِ ﴾: أُبْهمَ تعظيما ﴿ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّالِمِينَ ﴾: المتجاوزين في الانتقام ﴿ وَلَمَنِ ٱنتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ ﴾: ظلم الظالم إياه ﴿ فَأُوْلَـٰئِكَ مَا عَلَيْهِمْ مِّن سَبِيلٍ ﴾: بالمعاقبة ﴿ إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ ﴾: بها ﴿ عَلَى ٱلَّذِينَ يَظْلِمُونَ ٱلنَّاسَ وَيَبْغُونَ ﴾: يفسدون ﴿ فِي ٱلأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ ﴾: أما بالحق كتخريب ديار الكفرة فلا يضر ﴿ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَلَمَن صَبَرَ ﴾: على الأذى ﴿ وَغَفَرَ ﴾: عنه ﴿ إِنَّ ذَلِكَ ﴾: منه ﴿ لَمِنْ عَزْمِ ﴾: معزوم ﴿ ٱلأُمُورِ ﴾: مطلوبها ﴿ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن وَلِيٍّ مِّن بَعْدِهِ ﴾: بعد إضلاله إياه ﴿ وَتَرَى ٱلظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُاْ ٱلْعَذَابَ ﴾: في القيامة ﴿ يَقُولُونَ هَلْ إِلَىٰ مَرَدٍّ ﴾: رجعة إلى الدنيا ﴿ مِّن سَبِيلٍ * وَتَرَاهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا ﴾: على النار الدال عليها العذاب ﴿ خَاشِعِينَ ﴾: خاضعين ﴿ مِنَ ٱلذُّلِّ يَنظُرُونَ ﴾: إلى النار ﴿ مِن طَرْفٍ خَفِيٍّ ﴾: مسارقة، إذ لا يقدرون على فتح أجفانهم عليها كراهة ﴿ وَقَالَ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ ﴾: حينئذ ﴿ إِنَّ ٱلْخَاسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ ﴾: بالضلالة ﴿ وَأَهْلِيهِمْ ﴾: بإضلال كما مرَّ ﴿ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ ﴾: قال تعالى: ﴿ أَلاَ إِنَّ ٱلظَّالِمِينَ فِي عَذَابٍ مُّقِيمٍ ﴾: دائم ﴿ وَمَا كَانَ لَهُم مِّنْ أَوْلِيَآءَ يَنصُرُونَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِن سَبِيلٍ ﴾: إلى الهدى ﴿ ٱسْتَجِيبُواْ لِرَبِّكُمْ ﴾: بطاعته ﴿ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ مَرَدَّ ﴾: لا ردَّ ﴿ لَهُ مِنَ ٱللَّهِ ﴾: قبله بعدما أتى به ﴿ مَا لَكُمْ مِّن مَّلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِّن نَّكِيرٍ ﴾: إنكار لذنوبكم ﴿ فَإِنْ أَعْرَضُواْ ﴾: عن الإجابة ﴿ فَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً ﴾: لأعمالهم ﴿ إِنْ ﴾: ما ﴿ عَلَيْكَ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ ﴾: نسخ بآية القتال ﴿ وَإِنَّآ إِذَآ أَذَقْنَا ٱلإِنسَانَ ﴾: جنسه ﴿ مِنَّا رَحْمَةً ﴾: كصحة وغنى ﴿ فَرِحَ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ ﴾: بلاء ﴿ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ﴾: من المعاصي ﴿ فَإِنَّ ٱلإِنسَانَ كَفُورٌ ﴾: أفاد بالاظهار أن هذا الجنس موسوم بالكفران وبإذا، و " إنْ " تحقق النعمة لأنها تقتضيه بالذات بخلاف البلاء ﴿ لِلَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَاثاً ﴾: قدمها على الذكور لأنها أكثر لتكثير النسل، وللوصية برعايتهن، ثم تدارك تأخيرهم بالتعريف بقوله: ﴿ وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ ٱلذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وَإِنَاثاً ﴾: ترك المشيئة فيه لرجوعه إلى الأولين، أفاد بتأخيرهن أن تقديمهن أولا، لم يكن لتقدمهن بل لمقتض آخر، وقيل: الأولان في المنفرد منهما والثالث في التوأمين ﴿ وَيَجْعَلُ مَن يَشَآءُ عَقِيماً ﴾: لا يلد ﴿ إِنَّهُ عَلِيمٌ ﴾: بخلقه ﴿ قَدِيرٌ ﴾: على ما يشاء ﴿ وَمَا كَانَ ﴾: ما صح ﴿ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ ٱللَّهُ إِلاَّ وَحْياً ﴾: أي: كلا ما خفيا يدركه بسرعة مشافهة أو مهتفا به في اليقظة، كقصة المعراج، وإلقاء الزبور في صدر داود أو في المنام كرؤيا إبراهيم، والمراد هنا المشافهة بقرنية ﴿ أَوْ ﴾: إلا كلاما ﴿ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ ﴾: يسمع كلامه ولا يراه كموسى عليه الصلاة والسلام ﴿ أَوْ ﴾: إلا أن ﴿ يُرْسِلَ رَسُولاً ﴾: ملكا ﴿ فَيُوحِيَ ﴾: الملك ﴿ بِإِذْنِهِ مَا يَشَآءُ ﴾: تعالى ﴿ إِنَّهُ عَلِيٌّ ﴾: عن مماثلة الخلق ﴿ حَكِيمٌ ﴾: في أفعاله ﴿ وَكَذَلِكَ ﴾: الإيحاء ﴿ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ ﴾: يا محمد ﴿ رُوحاً ﴾: وحيا يحيى القلوب أو جبريل ﴿ مِّنْ أَمْرِنَا ﴾: الموحى إليك ﴿ مَا كُنتَ تَدْرِي ﴾: قَبْلُ ﴿ مَا ٱلْكِتَابُ وَلاَ ٱلإِيمَانُ ﴾: أي: شرايعه، إذ الأنبياء كانوا مؤمنين قبل الوحي، وهو صلى الله عليه وسلم كان على دين إبراهيم كما مرَّ ﴿ وَلَـٰكِن جَعَلْنَاهُ ﴾: الروح أو الكتاب أو الإيمان ﴿ نُوراً نَّهْدِي بِهِ مَن نَّشَآءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّكَ لَتَهْدِيۤ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾: الإسلام ﴿ صِرَاطِ ٱللَّهِ ٱلَّذِي لَهُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ ﴾: خلقا وملكا ﴿ أَلاَ إِلَى ٱللَّهِ تَصِيرُ ﴾: ترجع ﴿ ٱلأُمُورُ ﴾: بارتفاع الوسائط والتعليقات.
Icon