تفسير سورة الفتح

الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
تفسير سورة سورة الفتح من كتاب الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم .
لمؤلفه الكَازَرُوني . المتوفي سنة 923 هـ

لمَّا وعد المطيعين بالعلو، والمتولين بالهلاك أكَّده بوعد الأولين بالفتوح، والآخرين بالتعذيب فقال: ﴿ بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ * إِنَّا فَتَحْنَا ﴾: قضينا بفتح مكة، أو هو صلح الحديبية الذي كان منشأ جميع الفتوح، وهي بئر فيها مضمض صلى الله عليه وسلم، وقد ففارت فغارت بالعذاب الرواية ﴿ لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً * لِّيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ ﴾: فرطاتك، وحسنات الأبرار سيئات المقربين ﴿ وَمَا تَأَخَّرَ ﴾: منه من كل أمر تحاوله، أو هو مبالغة كزيد يضرب من يلقاه ومن لا يلقاه، والمراد لتجتمع لك المغفرة مع ما عطف عليها بقوله ﴿ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ ﴾: كالملك والنبوة ﴿ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ ﴾: ثبتك ﴿ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً * وَيَنصُرَكَ ٱللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً ﴾: ذا غز، أو عز وقل وجود مثله ﴿ هُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ ﴾: الطمأنينة، أو ملك ينزل بها ﴿ فِي قُلُوبِ ٱلْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوۤاْ إِيمَٰناً ﴾: بالشرائع النازلة ﴿ مَّعَ إِيمَٰنِهِمْ ﴾: بما نزل قبل أو بالله ورسوله ﴿ وَلِلَّهِ جُنُودُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ ﴾: فيعز من يشاء ﴿ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً ﴾: بخلقه ﴿ حَكِيماً ﴾: فيما دبر ﴿ لِّيُدْخِلَ ﴾: بدل اشتمال من " ليغفر " أو متعلق " أنزل " ﴿ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ ﴾: يسترها بالعفو ﴿ وَكَانَ ذَلِكَ عِندَ ٱللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً * وَيُعَذِّبَ ٱلْمُنَافِقِينَ ﴾: الغائظين بنصرهم ﴿ وَٱلْمُنَافِقَاتِ وَٱلْمُشْرِكِينَ وَٱلْمُشْرِكَاتِ ٱلظَّآنِّينَ بِٱللَّهِ ظَنَّ ﴾ الأمر ﴿ ٱلسَّوْءِ ﴾: هو أنه لن نصر المؤمنين ﴿ عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ ٱلسَّوْءِ ﴾: الذي ظنوه بالمؤمنين، أي: يحيط بهم كالدائرة لا يتخطاهم ﴿ وَغَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ ﴾: أبعدهم من رحمته ﴿ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ وَسَآءَتْ مَصِيراً ﴾: مرجعا ﴿ وَلِلَّهِ جُنُودُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ ﴾: فيذل من يشاء ﴿ وَكَانَ ٱللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً ﴾: في انتقامه من أعدائه ﴿ إِنَّآ أَرْسَلْنَٰكَ شَٰهِداً ﴾: على أمتك في القيامة ﴿ وَمُبَشِّراً ﴾: لمن تبعك ﴿ وَنَذِيراً ﴾: لمن عصاك ﴿ لِّتُؤْمِنُواْ ﴾: أي: أنت مع أمتك ﴿ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ ﴾: تنصروه ﴿ وَتُوَقِّرُوهُ ﴾: تعظموه ﴿ وَتُسَبِّحُوهُ ﴾: تنزهوه من كل ذم أو تصولا عليه، أو تنزهوا الله، أو تصلوا له أو الضمائر كلها لله ﴿ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ﴾: طفرفي النهار أو كثيرا ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ ﴾: بيعة الرضوان بالحديبية ﴿ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ ٱللَّهَ ﴾: لأنه المقصود ببيعته ﴿ يَدُ ٱللَّهِ ﴾: اللائقة بجلاله ﴿ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ ﴾: المراد اطلاعه على مبايعتهم وحفظهم عليها، أذ أصله وضع المتوسط يده فوق أيدي المتبايعين لئلا يتفاسَخُوا أو نعمة الله عليهم فوق صنيعهم، أو هي يد رسوله ﴿ فَمَن نَّكَثَ ﴾: نقضها ﴿ فَإِنَّمَا يَنكُثُ ﴾: يرجع وَبَال نكثه ﴿ عَلَىٰ نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَىٰ ﴾: وفَّى ﴿ بِمَا ﴾: فيما ﴿ عَاهَدَ عَلَيْهُ ٱللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً * سَيَقُولُ لَكَ ٱلْمُخَلَّفُونَ ﴾: عن الخروج معك إلى مكة عام الحديبية ﴿ مِنَ ٱلأَعْرَابِ ﴾: بعد رجوعك منها ﴿ شَغَلَتْنَآ ﴾: عن الخروج بأمرك ﴿ أَمْوَالُنَا وَأَهْلُونَا ﴾: لخدمتهم ﴿ فَٱسْتَغْفِرْ لَنَا ﴾: عن التخلف ﴿ يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ ﴾: من الاعتذار والاستغفار ﴿ مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ لَكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ ﴾: أي: قضائه ﴿ شَيْئاً إِنْ أَرَادَ بِكُمْ ضَرّاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ نَفْعاً ﴾: لا يمنعه المال ولا الأهل ﴿ بَلْ كَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً ﴾: فلا تعتذروا ﴿ بَلْ ظَنَنْتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ ٱلرَّسُولُ وَٱلْمُؤْمِنُونَ إِلَىٰ أَهْلِيهِمْ أَبَداً ﴾: ويستأصلهم المشركون ﴿ وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ﴾: ظن ﴿ ظَنَّ ٱلسَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْماً بُوراً ﴾: هالكين عند الله بهذا الظن ﴿ وَمَن لَّمْ يُؤْمِن بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِنَّآ أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ ﴾: أي: لهم ﴿ سَعِيراً ﴾: نارا عظيمة ﴿ وَلِلَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَكَانَ ٱللَّهُ ﴾: لم يزل ﴿ غَفُوراً رَّحِيماً ﴾: لمن تاب.
﴿ سَيَقُولُ ٱلْمُخَلَّفُونَ ﴾ المذكورون ﴿ إِذَا ٱنطَلَقْتُمْ إِلَىٰ مَغَانِمَ ﴾: من خيبر ﴿ لِتَأْخُذُوهَا ذَرُونَا نَتَّبِعْكُمْ يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُواْ كَلاَمَ ٱللَّهِ ﴾: أي: وعده بأن مغانم خيبر لأهل الحديبية خاصة ﴿ قُل لَّن تَتَّبِعُونَا كَذَٰلِكُمْ قَالَ ٱللَّهُ مِن قَبْلُ ﴾: قبل سؤالكم ﴿ فَسَيَقُولُونَ بَلْ تَحْسُدُونَنَا ﴾: أن نشارككم فيها ﴿ بَلْ كَانُواْ لاَ يَفْقَهُونَ إِلاَّ ﴾: فقها ﴿ قَلِيلاً ﴾: لأمور الدنيا ﴿ قُل لِّلْمُخَلَّفِينَ مِنَ ٱلأَعْرَابِ ﴾: كرر اسمهم كذلك تشنيعا ﴿ سَتُدْعَوْنَ إِلَىٰ قَوْمٍ أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ ﴾: بنو حنيفة ف يزمن الصديق، أو فارس في زمن الفاروق ﴿ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ ﴾ هم ﴿ يُسْلِمُونَ ﴾: ينقادون ولو بقبول الجزية فيه ديل صحة خلافتهما لأن محاربتهما كانت للإسلام، وأما قتال الصِفِّيْن ونحوه فكان لمُلْكٍ ﴿ فَإِن تُطِيعُواْ ﴾: بقتالهم ﴿ يُؤْتِكُمُ ٱللَّهُ أَجْراً حَسَناً ﴾: في الدارين ﴿ وَإِن تَتَوَلَّوْاْ كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِّن قَبْلُ ﴾: عام الحديبية ﴿ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً ﴾: في الدارين ﴿ لَّيْسَ ﴾: في التخلف ﴿ عَلَى ٱلأَعْمَىٰ حَرَجٌ وَلاَ عَلَى ٱلأَعْرَجِ حَرَجٌ ﴾: وإن وجدد المركب ﴿ وَلاَ عَلَى ٱلْمَرِيضِ حَرَجٌ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّٰتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَٰرُ وَمَن يَتَوَلَّ ﴾: عن الطاعة ﴿ يُعَذِّبْهُ عَذَاباً أَلِيماً ﴾: في الدارين ﴿ لَّقَدْ رَضِيَ ٱللَّهُ عَنِ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾: كانوا ألفا وثلاثمائة أو أكثر في الحديبية، حين بعث عثمان رضي الله عنه - إلى مكة وحبسوه وهموا بقتله ﴿ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ ٱلشَّجَرَةِ ﴾: سمرة أو سدرة على أن يقاتلوا قريشا ولا يفروا ﴿ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ ﴾: من الإخلاص ﴿ فَأنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ ﴾: الطمأنينة ﴿ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ ﴾: جازاهم ﴿ فَتْحاً قَرِيباً ﴾: كخيبر، أو صلحهم الذي صار سبب الفتوح ﴿ وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا ﴾: من الفتوحات ﴿ وَكَان ٱللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً * وَعَدَكُمُ ٱللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا فَعَجَّلَ لَكُمْ هَـٰذِهِ ﴾: من خيبر ﴿ وَكَفَّ أَيْدِيَ ٱلنَّاسِ ﴾: يهود خيبر، إذ هموا بالإعارة على عيالكم إذ خرجتم فقذف فيهم الرعب ﴿ عَنْكُمْ وَ ﴾: فعله ﴿ لِتَكُونَ ﴾: الكف أو الغنيمة ﴿ آيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ ﴾: على صدق عد الرسول بالغنائم ﴿ وَيَهْدِيَكُمْ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً ﴾: هو الثقة به ﴿ وَ ﴾: مغانم ﴿ أُخْرَىٰ لَمْ تَقْدِرُواْ عَلَيْهَا ﴾: لشوكة أهلها كفارس والروم ﴿ قَدْ أَحَاطَ ٱللَّهُ بِهَا ﴾: أحاطه الحراس إلى أن يأخذها من بعدكم ﴿ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً * وَلَوْ قَـٰتَلَكُمُ ٱلَّذِينَ كفَرُواْ ﴾: بالحديبية ﴿ لَوَلَّوُاْ ٱلأَدْبَارَ ﴾: انهزاما ﴿ ثُمَّ لاَ يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً * سُنَّةَ ﴾: أي: كسنة ﴿ ٱللَّهِ ٱلَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ ﴾: من سوء عاقبة أعدائه ﴿ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً * وَهُوَ ٱلَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُم ﴾: في الحديبية ﴿ بِبَطْنِ مَكَّةَ ﴾: الحرم ﴿ مِن بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ ﴾: إذ جاء ثمانون منهم ليصيبوا منكم فأخذتموهم ثم عفوتم عنهم، فصار سبب الصلح ﴿ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً * هُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّوكُمْ عَنِ ﴾: دخول ﴿ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَ ﴾: صدوا ﴿ ٱلْهَدْيَ مَعْكُوفاً ﴾: محبوسا، كان سبعين بدنة ﴿ أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ ﴾: المعهود، وهو منى، وفسره الحنفية بمكان لا يجوز النحر في غيره، وهو الحرم ويرده نحره عليه الصلاة والسلام في الحديبية حين حصر، فلا يثبت قولهم محله في الإحصار هو الحرم ﴿ وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَآءٌ مُّؤْمِنَاتٌ ﴾: بمكة مع الكفار ﴿ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ ﴾: بأعيانهم لاختلاطهم بهم ﴿ أَن تَطَئُوهُمْ ﴾: بدل من هم، أي: تقتلوهم مع الكفار ﴿ فَتُصِيبَكُمْ مِّنْهُمْ ﴾: من قتلهم ﴿ مَّعَرَّةٌ ﴾: مكروه ككفارة ودية كائنة ﴿ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾: منكم، وجوب " لولا ": لما كف أيديكم لكن كفها ﴿ لِّيُدْخِلَ ٱللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ ﴾: بتوفيق زيدة الخير ﴿ مَن يَشَآءُ ﴾: كهؤلاء المختلطين ﴿ لَوْ تَزَيَّلُواْ ﴾: تميزوا عنهم ﴿ لَعَذَّبْنَا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ ﴾: من أهل مكة بالقتل والسبي ﴿ عَذَاباً أَلِيماً * إِذْ جَعَلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلْحَمِيَّةَ ﴾: الأنفة ﴿ حَمِيَّةَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ ﴾: بصدكم عن المسجد ﴿ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ ﴾: بالثبات ﴿ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾: فحفظهم عن الحمية حتى صالحوهم على أن يدخلوا من قابل ﴿ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ ٱلتَّقْوَىٰ ﴾: التهليل، إذْ هو مع والله أكبر، أو التسمية ﴿ وَكَانُوۤاْ أَحَقَّ بِهَا ﴾: منا لكفار، هذا من قبيل خير مستقر ﴿ وَأَهْلَهَا ﴾: في علم الله ﴿ وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً * لَّقَدْ صَدَقَ ٱللَّهُ رَسُولَهُ ﴾: في ﴿ ٱلرُّءْيَا ﴾: إذ رأى قبيل الحديبية فتح مكة، ورؤيا الأنبياء وحيٌّ، فأخبرهم، فلما منعوا منه تكلموا في ذلك فحققها في العام المقبل ﴿ بِٱلْحَقِّ ﴾: قسم، جوابه ﴿ لَتَدْخُلُنَّ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ ﴾: من قمالة تلك الرؤيا أو للتعليم ﴿ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ ﴾: بعض شعورها أي: بعضكم كذا وبعضكم كذا ﴿ لاَ تَخَافُونَ ﴾: بعده ﴿ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُواْ ﴾: من حكم التاخير ﴿ فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَلِكَ ﴾: الدخول ﴿ فَتْحاً قَرِيباً ﴾: كخيبر أو كصلح الحديبية ﴿ هُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ رَسُولَهُ ﴾: ملتبسا ﴿ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ ﴾: ليغلبه ﴿ عَلَى ﴾: جنس ﴿ ٱلدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ شَهِيداً ﴾: أي: على صحة رسالتك يدل عليه ﴿ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللَّهِ ﴾: نزل ردا لمنعم أن يكتب: هذا ما صالح به رسول الله ﴿ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ ﴾: مبتدأ خبره ما بعده، قال الحسن: هو الصديق ﴿ أَشِدَّآءُ ﴾: غلاظ ﴿ عَلَى ٱلْكُفَّارِ ﴾: الفاروق ﴿ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ ﴾: عثمان و ﴿ تَرَاهُمْ ﴾: أيها السامعون ﴿ رُكَّعاً سُجَّداً ﴾: أي كثيري الصلاة عليّ.
﴿ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَاناً ﴾: بقية العشرة ﴿ سِيمَاهُمْ ﴾: علامتهم هي نورهم في القيامة أو صرفتهم للسهر، أو أثر التُّراب ﴿ فِي وُجُوهِهِمْ مِّنْ أَثَرِ ٱلسُّجُودِ ﴾: لكثرته ﴿ ذَلِكَ ﴾: المذكور ﴿ مَثَلُهُمْ ﴾: صفتهم العجيبة ﴿ فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي ٱلإِنجِيلِ ﴾: مبتدأ: ما بعده خبره بمعنى هم في قلتهم أولا، ثم تكثرهم ثم استحكامهم ثم ترقيهم إلى حال معجبة ﴿ كَزَرْعٍ ﴾: قال الحسن: هو محمد عليه الصلاة والسلام و ﴿ أَخْرَجَ شَطْأَهُ ﴾: أي: فراخه الصديق ﴿ فَآزَرَهُ ﴾: أي: قواه يعني عمر ﴿ فَٱسْتَغْلَظَ ﴾: أي: غلظ باجتما الفراخ مع الأصول عثمان ﴿ فَٱسْتَوَىٰ ﴾: استقام ﴿ عَلَىٰ سُوقِهِ ﴾: قصبته، جمع ساقٍ عليّ و ﴿ يُعْجِبُ ٱلزُّرَّاعَ ﴾: لنهاية قوته وحسنه هم المؤمنون ﴿ لِيَغِيظَ بِهِمُ ٱلْكُفَّارَ ﴾: عِلّة لمدلول التشبيه، أي: إنما قوامه لذلك، وهو قول عمر رضي الله عنهم بعد إسلامه: لَا يُعْبَدُ الله سِرّاً بَعْدَ اليوم ﴿ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ مِنْهُم ﴾: بيانه أي وعدهم ﴿ مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ﴾.
واللهُ أعْلَمُ بالصّواب وإليه المرجعُ والمآب.
Icon