تفسير سورة آل عمران

الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
تفسير سورة سورة آل عمران من كتاب الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم .
لمؤلفه الكَازَرُوني . المتوفي سنة 923 هـ

لما مدح الرسول والمؤمنين بإيمانهم بما أنزل إليه، ومدحهم بدعواتهم المتفرغة عليه: كرر النص على حقية المنزل إليه لمزيد تثبيتهم ونفي الارتياب وليناسب فاتحة السور السابقة في نفي الريب عن الكتاب فقال: ﴿ بِسمِ ٱللهِ ٱلرَّحْمٰنِ ٱلرَّحِيـمِ ﴾ ﴿ الۤمۤ ﴾: فُسَّر مرة، وفتح الميم وصلاً لأن الهمزة سقطت درجاً، فحركت الميم بالفتح للتفخيم، وقيل: فتحت لتَدل على أن همزتها كالنائب لسقوطها تخفيفاً، كواحد، إثنان.
﴿ ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْحَيُّ ٱلْقَيُّومُ ﴾: فَيْعُول من قام، وَهُمَا من الاسم الأعظم.
﴿ نَزَّلَ ﴾: أي مُنجَّمّا.
﴿ عَلَيْكَ ٱلْكِتَٰبَ ﴾: القرآن، أو صيغة مبالغة لتأبيد حكمة بخلاف غيره ملتبساً.
﴿ بِٱلْحَقِّ ﴾: بالصِّدق.
﴿ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ ﴾: من الكتاب أنه من عند الله، أو أنها من عنده.
﴿ وَأَنزَلَ ﴾: أي: دفعة.
﴿ ٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ مِن قَبْلُ ﴾ قبل تنزيله.
﴿ هُدًى ﴾: هاديين.
﴿ لِّلنَّاسِ ﴾: عاما، فنكون متعبدين بشرع من قَبْلنا أو ممن تبعهما.
﴿ وَأَنزَلَ ٱلْفُرْقَانَ ﴾: الكتب السماوية الفارقة بين الحق والباطل أو المعجزات.
﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ ﴾ غالب ﴿ ذُو ٱنْتِقَامٍ ﴾: ممن عاداه، والنقمة عقوبة المجرم.
﴿ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَخْفَىٰ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ فِي ٱلسَّمَآءِ ﴾: ذكرهما لأن الحس لا يتجاوزهما، وقدم الأرض ترقياً من الأدنى، وهذا كالدليل على حياته.
﴿ هُوَ ٱلَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي ٱلأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَآءُ ﴾: من الهيئات ولو بلا أب كعيسى، والمُصوِّر لا يكون أباً للمصور، هذا كالدليل على قيوميته.
﴿ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ﴾: في ملكه.
﴿ ٱلْحَكِيمُ ﴾: في صنعه.
﴿ هُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ ﴾: القرآن.
﴿ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ ﴾: واضحات الدلالة.
﴿ هُنَّ ﴾: كل واحدة منهن.
﴿ أُمُّ ٱلْكِتَابِ ﴾: أصله الذي يرد إليه غيره.
﴿ وَ ﴾: آياتٌ.
﴿ أُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ ﴾: متحملات لا يتضح مقصود إلا بالفحص والنظر، وحكمة البعث على النظر لئلا يهمل العقل، ولينال به الثواب، وأيضاً الجمع بين قسمى كلام العرب، أعني ما يفهم معناه سريعاً ولا يتحمل غير ظاهره، وضد ذلك كالكتابة والإشارة ليتحدى بنوعي الكلام. * تنبيه: اعلم أن الكلام في أقسام ما يطلقون عليه المحكم والمتشابه مشكل، فلا بد من إيراد جملة تكشف ذلك، وهي: أن المتشابه إما لذاته أو لعارضه، والأول إما في اللفظ المفرد لغرابته نحو: " وأبَّا " أو لمشاركته كيد الله، أو في المركب لاختصاره، كـ﴿ وَسْئَلِ ٱلْقَرْيَةَ ﴾[يوسف: ٨٢]، أو إطنابه، نحو: كمثله أو إغلاقه كآية:﴿ فَإِنْ عُثِرَ ﴾[المائدة: ١٠٧] وأما في المعنى لدقته كأوصافه تعالى، وكالقيامة أو لترك الترتيب ظاهراً كآية،﴿ وَلَوْلاَ رِجَالٌ ﴾[الفتح: ٢٥]، وأما في اللفظ والمعنى، وأقسامه مركبة كما مر، وأما للعَارِض فمن جهة المكان كمحل النزول، أو الإضافة، وهي شروط تصح ويفسد العقد بها، وأما عند الأصوليين: فاللفظ الدال على معنى إن لم يتحمل غيره فنص، وإن احتمل مع التساوي فمجمل، أو مع رجحان، فالراجح ظاهر، والمرجوح مؤول والمشتركُ بين النصِّ والظاهر، وهو واضحُ الدلالة محكم، والمشترك بين المجمل، والمؤول وهو غير متضح الدلالة متشابه، فالمحكم والمتشابه يشملان أقسام اللفظ ثم لا ينافي ذلك﴿ كِتَاباً مُّتَشَابِهاً ﴾[الزمر: ٢٣]، و﴿ كِتَابٌ أُحْكِمَتْ ﴾[هود: ١] إذ معناه يشبه بعضه بعضاً حكماً وبلاغة، وكتاب حفظت آياته من الفساد لفظاً ومعنى.
﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ ﴾: عدول عن الحق كالمبتدعة.
﴿ فَيَتَّبِعُونَ ﴾: يتعلقون بظاهر.
﴿ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ﴾: لينزلوه على مقاصدهم الفاسدة، ويتركون المحكم.
﴿ ٱبْتِغَاءَ ﴾: طلب.
﴿ ٱلْفِتْنَةِ ﴾ كإضلال الناس.
﴿ وَٱبْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ﴾: على ما يشتهونه، قرأ عليه الصلاة والسلام هذه الآية، وقال لعائشة -رضي الله تعالى عنها-" إذا رأيت الذين يتبعون على أمتى إلا ثلاث خلال -وذكر منها-: أن يفتح لهم الكتاب فيأخذه المؤمن يبتغي تأويله "وليس يعلم، أي: ﴿ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ ﴾: حقيقته.
﴿ إِلاَّ ٱللَّهُ وَٱلرَّاسِخُونَ ﴾: المتثبتون.
﴿ فِي ٱلْعِلْمِ ﴾: قال ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما-: " أنا منهم " وأكثر السلف يقفون على: ﴿ إِلاَّ ٱللَّهُ ﴾، ويفسرون المتشابه بما لا يطلع عليه إلا الله.
﴿ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ ﴾: بالمتشابه، وإن لم نعلم معناه.
﴿ كُلٌّ ﴾: منهما.
﴿ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ ﴾: يتعظ بالقرآن.
﴿ إِلاَّ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ ﴾: ذوي العقول السليمة من الراسخين.
ويقولون.
﴿ رَبَّنَا لاَ تُزِغْ ﴾: لا تمل عن الحق.
﴿ قُلُوبَنَا ﴾: إلى تأويل لا ترتضيه.
﴿ بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا ﴾: إلى الحق.
﴿ وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنْكَ رَحْمَةً ﴾: ثبتنا.
﴿ إِنَّكَ أَنْتَ ٱلْوَهَّابُ ﴾: لكل سؤل.
﴿ رَبَّنَآ إِنَّكَ جَامِعُ ٱلنَّاسِ لِيَوْمٍ ﴾: في يوم.
﴿ لاَّ رَيْبَ فِيهِ ﴾: في وقوعه.
﴿ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ ﴾: أفاد بتلوين تغيير الخطاب أشعر بأن الإلهية تنافيه، واستدل به الوعيدية، وردوا بأن وعيد الفساق مشروط بعدم العفو كما هو مشروط بعدم التوبة وفاقاً.
﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَن تُغْنِيَ ﴾: تجزي وتكفي.
﴿ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُم مِّنَ ٱللَّهِ ﴾: عذابه.
﴿ شَيْئاً ﴾: من العذاب، من أغنى عنه إذا ناب، أو من الغني، من: أغْن عني وجهك أي: بعده.
﴿ وَأُولَـٰئِكَ هُمْ وَقُودُ ﴾: حطب.
﴿ ٱلنَّارِ ﴾: دأبهم.
﴿ كَدَأْبِ ﴾: كشأن.
﴿ آلِ فِرْعَوْنَ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ﴾: هو أنهم.
﴿ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا فَأَخَذَهُمُ ٱللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَٱللَّهُ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ * قُلْ ﴾: يا محمد.
﴿ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾: من اليهود.
﴿ سَتُغْلَبُونَ ﴾: في الدنيا.
﴿ وَتُحْشَرُونَ إِلَىٰ جَهَنَّمَ وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ ﴾: هي.
﴿ قَدْ كَانَ لَكُمْ ﴾: أيها الكفار.
﴿ آيَةٌ ﴾: دليل على غلبة المؤمنين.
﴿ فِي فِئَتَيْنِ ٱلْتَقَتَا ﴾: يوم بدر.
﴿ فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَأُخْرَىٰ ﴾: فيه.
﴿ كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ ﴾: أي الكافرون المسلمين.
﴿ مِّثْلَيْهِمْ ﴾: مثلي الكافرين وهُمْ زِهاء ألف ليرغبوا أو المسلمون أنفسهم وهم ثلاثمائة وبضعة عشر مثلي الكافرون أو مثلي أنفسهم ليرغبوا إذا كانوا أكثر من ثلاثة أمثالهم، وهذا في آخر قتالهم، أما حين قتالهم فكل منهما قلَّل الآخر ليقدموا، قال تعالى:﴿ وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ ﴾[الأنفال: ٤٤] إلى آخره.
﴿ رَأْيَ ٱلْعَيْنِ ﴾: رؤية ظاهرة معاينة.
﴿ وَٱللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَآءُ إِنَّ فِي ذٰلِكَ ﴾: التقليل والتكثير.
﴿ لَعِبْرَةً ﴾: عظة.
﴿ لأُوْلِي ٱلأَبْصَارِ ﴾: البصائر.
﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ ﴾: ابتلاء.
﴿ حُبُّ ٱلشَّهَوَاتِ ﴾: المشتهيات، والشهوة: نزوع النفس إلى ما تريده، وهي إما كاذبة، ومنها:﴿ وَٱتَّبَعُواْ ٱلشَّهَوَٰتِ ﴾[مريم: ٥٩] أو صَادقة، ومنها:﴿ مَا تَشْتَهِيهِ ٱلأَنْفُسُ ﴾[الزخرف: ٧١]، أو تحملها كما نحن فيه.
﴿ مِنَ ٱلنِّسَاءِ وَٱلْبَنِينَ وَٱلْقَنَاطِيرِ ﴾: الأموال الكثيرة.
﴿ ٱلْمُقَنْطَرَةِ ﴾: تأكيد مشتق من المؤكد، كبدرة مبدرة.
﴿ مِنَ ٱلذَّهَبِ وَٱلْفِضَّةِ وَٱلْخَيْلِ ﴾: عطف على النساء.
﴿ ٱلْمُسَوَّمَةِ ﴾: المعلمة أو الراعية أو النجيبة.
﴿ وَٱلأَنْعَامِ ﴾: الإبل والبقر والغنم.
﴿ وَٱلْحَرْثِ ذٰلِكَ ﴾: المذكور.
﴿ مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ﴾: الفانية.
﴿ وَٱللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ ٱلْمَآبِ ﴾: المرجع، فيه حثٌ على استبداله بالشهوات.
﴿ قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِّن ذٰلِكُمْ ﴾ المزين.
﴿ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوْا ﴾: المعاصي.
﴿ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي ﴾: تحت أشجارها.
﴿ مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ ﴾: من كل دنس.
﴿ وَرِضْوَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ ﴾: فلا يسخط عليهم أبدا، نبه على نعمة بأن أدناها متاع الدنيا، وأوسطها الجنة، وأعلاها رضوانه.
﴿ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ ﴾: فيثيبهم بمقدار أعمالهم، هم.
﴿ ٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَآ إِنَّنَآ آمَنَّا فَٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ ٱلنَّارِ * ٱلصَّابِرِينَ ﴾: على مخالفة الهوى واتباع الشرع.
﴿ وَٱلصَّادِقِينَ ﴾: قولا.
﴿ وَٱلْقَانِتِينَ ﴾: الخاضعين المطيعين.
﴿ وَٱلْمُنْفِقِينَ ﴾: في البر.
﴿ وَٱلْمُسْتَغْفِرِينَ بِٱلأَسْحَارِ ﴾: وهي الثلث الأخير من الليل، وهو وقت الإجابة.
﴿ شَهِدَ ﴾ بين ﴿ ٱللَّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـٰهَ ﴾: مستحق لعبادة.
﴿ إِلاَّ هُوَ ﴾: بإنزال ما نطق به، ونصب دلائله.
﴿ وَٱلْمَلاَئِكَةُ ﴾: بالإقرار به.
﴿ وَأُوْلُواْ ٱلْعِلْمِ ﴾: بالإقرار به والاحتجاج عليه، شبه في الكشف بشهادة الشاهد، واعلم أن البيان والإقرار من أفراد معنى مجازي، هو كالكَشفِ المشبه بالشهادة فلا يلزم الجمع بين معنيين مجازيين.
﴿ قَآئِمَاً ﴾: حال من الله أو هو.
﴿ بِٱلْقِسْطِ ﴾: بالعدل في قسمه وحكمه أو مقيما للعدل فيها.
﴿ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ ﴾: تأكيد أو الأول وصف، والثاني تعليم.
﴿ ٱلْعَزِيزُ ﴾: بقدرته.
﴿ ٱلْحَكِيمُ ﴾: في أفعاله.
﴿ إِنَّ ٱلدِّينَ ﴾: المرضي.
﴿ عِندَ ٱللَّهِ ٱلإِسْلاَمُ ﴾: اتباع محمد عليه الصلاة والسلام فلا يقبل غيره، ويفتح إنَّ بدَلٌ من أنه.
﴿ وَمَا ٱخْتَلَفَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ ﴾: في حَقِّيَّة الإسلام.
﴿ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْعِلْمُ ﴾: تحقيقه.
﴿ بَغْياً ﴾: حسدا.
﴿ بَيْنَهُمْ ﴾: لا لشبهة.
﴿ وَمَن يَكْفُرْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ ﴾: لمعجزاته.
﴿ فَإنْ حَآجُّوكَ ﴾: جادلوك بعد إقامة الحجة.
﴿ فَقُلْ ﴾: معرضاً عنهم.
﴿ أَسْلَمْتُ ﴾: أخلصت.
﴿ وَجْهِيَ ﴾: نفسي، عبر به عنها، لأنه أشرف الأعضاء الظاهرة، لأنه مظهر القُوى والحواسّ.
﴿ للَّهِ ﴾: لا أشرك به غيره.
﴿ وَ ﴾: مع ﴿ مَنِ ٱتَّبَعَنِ وَقُلْ لِّلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلأُمِّيِّينَ ﴾: مشركي العرب.
﴿ أَأَسْلَمْتُمْ ﴾: بعد وضوح الحُجَّة أم لا؟ استفهام تعيير بالمعاندة والبلادة.
﴿ فَإِنْ أَسْلَمُواْ فَقَدِ ٱهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ ﴾: أعرضوا.
﴿ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ ٱلْبَلَٰغُ ﴾: لا هدايتم.
﴿ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ ﴾: فيجازيهم.
﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ ﴾: كاليهود.
﴿ وَيَقْتُلُونَ ٱلنَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ ﴾: عندهم كاليهود قتلوا أربعين نبيّاً في ساعة.
﴿ وَيَقْتُلُونَ ٱلَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِٱلْقِسْطِ ﴾: بالعدل.
﴿ مِنَ ٱلنَّاسِ ﴾: إذْ قتلوا مائةً وسبعين عالماً حين منعوهم عن قتل أنبيائهم، وهم أسلاف هؤلاء المفتخرين بهم، فهم مثلهم ﴿ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * أُولَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ حَبِطَتْ ﴾: بطلت.
﴿ أَعْمَالُهُمْ فِي ٱلدُّنْيَا ﴾: فلا تُحْقَنُ دماؤهُم وأموالهم.
﴿ وَٱلآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ ﴾: لدفع عذابهم.
﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً ﴾: حظّاً.
﴿ مِّنَ ٱلْكِتَابِ ﴾: التوراة.
﴿ يُدْعَوْنَ إِلَىٰ كِتَابِ ٱللَّهِ ﴾: التوراة.
﴿ لِيَحْكُمَ ﴾: الكتاب.
﴿ بَيْنَهُمْ ﴾: في رَجم المحصن حين حكم به النبي -صلى الله عليه وسلم- فستروا آية الرجم منها، وكشفها ابن سَلَام -رضي الله عنه- فغضبوا.
﴿ ثُمَّ ﴾: للاستبعاد.
﴿ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُمْ مُّعْرِضُونَ ﴾: عادتهم الإعراض عن الحق.
﴿ ذٰلِكَ ﴾: التولي.
﴿ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ ﴾: قلائل، كما مر فيتسهلون عذاب الله.
﴿ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ ﴾: من نحو: لن تمسنا إلى آخره.
﴿ فَكَيْفَ ﴾: يصنعون.
﴿ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ ﴾: في يوم.
﴿ لاَّ رَيْبَ فِيهِ ﴾: فُسِّر مرَّةً.
﴿ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ﴾: جزاءَ ﴿ مَّا كَسَبَتْ ﴾: دل على أن العبادة لا تحبط، وأن المؤمن لا يخلد في النار لأن توفيه إيمانه ليست فيها، ولا قبل فهي بعدُ ﴿ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ﴾: بتنقيص ثوابٍ.
﴿ قُلِ ٱللَّهُمَّ ﴾: يا الله، أو يا الله أُمَّنا بخَيْرٍ، أي: اقصدنا يا ﴿ مَالِكَ ٱلْمُلْكِ ﴾: المتصرف فيما بمكن التصرف فيه، النبوة.
﴿ تُؤْتِي ٱلْمُلْكَ مَن تَشَآءُ ﴾: كمحمد وصحبه ﴿ وَتَنزِعُ ٱلْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَآءُ ﴾: كاليهود والفرس، أو المُلْكُ النبوة، ونزعها: ونقلها.
﴿ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ بِيَدِكَ ٱلْخَيْرُ ﴾: خصَّه بالذِّكر أدباً، أو: لأنه المقضيُّ بالذات، أو لأنه في مقام الشكر ثم نَبَّه على أنهما بقدرته بقوله.
﴿ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * تُولِجُ ﴾: بزيادة أحدهما ونقص الآخر، أو بالتعقيب.
﴿ ٱللَّيْلَ فِي ٱلْنَّهَارِ وَتُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلْلَّيْلِ ﴾: بزيادة أحدهما ونقص الآخر، أو بالتعقيب.
﴿ وَتُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ ﴾: كالنطفة.
﴿ وَتُخْرِجُ ٱلَمَيِّتَ ﴾: كالنطفة.
﴿ مِنَ ٱلْحَيِّ ﴾: أو المسلم من الكافر وعكسه.
﴿ وَتَرْزُقُ مَن تَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾: بلا ضيق، إذ المحسوب يقال للقليل.
﴿ لاَّ يَتَّخِذِ ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلْكَافِرِينَ أَوْلِيَآءَ ﴾: أحياء مطلقاً لئلا يُحبوا إلَّا في الله.
﴿ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾: إشارة إلى أنهم الحقين بالمحبة.
﴿ وَمَن يَفْعَلْ ذٰلِكَ ﴾: الاتخاذ.
﴿ فَلَيْسَ مِنَ ﴾: ولاية.
﴿ ٱللَّهِ فِي شَيْءٍ ﴾: لأن محبتي المتعاديين لا تجتمعان.
﴿ إِلاَّ أَن تَتَّقُواْ ﴾ تخافوا ﴿ مِنْهُمْ تُقَـٰةً ﴾: مخافة فحينئذ إظهارُ موالاتهم جائز.
﴿ وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُ ﴾: عن عقابه.
﴿ وَإِلَىٰ ٱللَّهِ ٱلْمَصِيرُ ﴾: فاحذروه.
﴿ قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ ﴾: من محبتهم.
﴿ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ ٱللَّهُ ﴾: فيجازيكم.
﴿ وَيَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾: ومنه عقوبتكم.
اذكر ﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ﴾: جَزَاءَ ﴿ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَراً وَ ﴾ جزاء ﴿ مَا عَمِلَتْ مِن سُوۤءٍ تَوَدُّ ﴾: تتمنّى النَّفْسُ ﴿ لَوْ ﴾: للتمني كما مؤ.
﴿ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ ﴾: أي ذلك اليوم.
﴿ أَمَدَاً ﴾: مسافة.
﴿ بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ ٱللَّهُ نَفْسَهُ ﴾: كرَّره تأكيداً.
﴿ وَٱللَّهُ رَؤُوفٌ بِٱلْعِبَادِ ﴾: ولذا يُحذِّركم إصلاحاً لكم.
﴿ قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ ﴾: المحبَّةُ: ميلُ النفس إلى شيء لكمال أدركت فيه يحملها على ما يقرب إليه، والبعد إذا علم أن الكمال الحقيقي ليس إلا لله لا يحب إلا إياه فيتبع أوامره.
﴿ فَٱتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ ﴾: بالرضا عنكم، وأين المحبيّة من المحبوبية ﴿ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ * قُلْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ فإِن تَوَلَّوْاْ ﴾: عن الطاعة.
﴿ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْكَافِرِينَ ﴾: أي: لا يحبهم.
﴿ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَىٰ ﴾: بالرسالة ﴿ ءَادَمَ وَنُوحاً ﴾: أول مبعوث إلى عبدة الأوثان ﴿ وَآلَ إِبْرَاهِيمَ ﴾: خاتمهم حبيب الله عليه الصلاة والسلام ﴿ وَآلَ عِمْرَانَ ﴾: هو أبو مريم أو موسى، وبينهما ألفٌ وثمانمائة سنة ﴿ عَلَى ٱلْعَالَمِينَ ﴾: ومنهم الملك، حال كون الآلَيْنَ.
﴿ ذُرِّيَّةً ﴾: متشبعة.
﴿ بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ ﴾: الذرية: الولد من الذَّرِّ أو الذّرْءِ، يقع على الواحد والجمع.
﴿ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ ﴾: لأقوالكم.
﴿ عَلِيمٌ ﴾: بأعمالكم، فيصطفي مستقيم القول والعمل.
اذكر ﴿ إِذْ قَالَتِ ٱمْرَأَتُ عِمْرَانَ ﴾: حنَّة اُمُّ مريم.
﴿ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي ﴾: فلا أَسْتَخْدِمه.
﴿ مُحَرَّراً ﴾: مخلصاً لعبادتك.
﴿ فَتَقَبَّلْ مِنِّي ﴾: ما نذرت.
﴿ إِنَّكَ أَنتَ ٱلسَّمِيعُ ﴾ لدعائي ﴿ ٱلْعَلِيمُ ﴾: بنيتي، وكان هذا النذر مشروعاً لهم في الذَّكَر.
﴿ فَلَمَّا وَضَعَتْهَا ﴾: الأنثي أي ما في بطنها.
﴿ قَالَتْ ﴾: تَحسُّراً وعُذْراً.
﴿ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَآ أُنْثَىٰ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ ﴾: أي: وضَعته، عسى أن يكون فيه سر، وبالغَيبة قول الله تعظيماً ﴿ وَلَيْسَ ٱلذَّكَرُ كَٱلأُنْثَىٰ ﴾: فيما نذرت من خدمة بيت المقدس، وعكس في التشبيه مبالغة كالقمر كوجهه، أو هو تعظيمٌ من الله لمريم، أي: ليس الذكر المطلوب كهذه الأنثى لأنها وابنها آية للعالمين.
﴿ وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ ﴾: تفاؤلا، معناه: عابدة.
﴿ وِإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ ﴾: بحفظك.
﴿ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ ٱلشَّيْطَانِ ٱلرَّجِيمِ ﴾: المطرود، فما مَسَّهَا الشيطان ولا ابنها.
﴿ فَتَقَبَّلَهَا ﴾: استقبلها وأخذها.
﴿ رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ ﴾: وهو إقامتها مقام الذَّكَرِ في سدنَتِهِ ﴿ وَأَنبَتَهَا ﴾ رَبَّاها، فنبتت ﴿ نَبَاتاً حَسَناً ﴾: بشكل حسن ومعرفة تامة بالله، وكان نمو يومها كسنة.
﴿ وَكَفَّلَهَا ﴾: قام بأمرها ﴿ زَكَرِيَّا ﴾: زوج خالتها.
﴿ كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا ٱلْمِحْرَابَ ﴾: الغرفة المبنية لها في المسجد، سُمِّي بهِ لعلُوِّه، أو كونه محل محاربة الشيطان ﴿ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً ﴾: فاكهة الصيف في الشتاء وعكسه ونحوه ﴿ قَالَ يٰمَرْيَمُ أَنَّىٰ ﴾: من أين.
﴿ لَكِ هَـٰذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ ﴾: فتكلمت صَغيرةً كعيسى، ولم تَرْضع ثَدْياً، بل كان ينزل عليها رزقها من الجنة، دلت الآية على جواز كرامة الأولياء، ولو كانت معجزة لزكريا لما اشتبهت عليه.
﴿ إِنَّ ٱللًّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾: بلا ضيق عليه.
﴿ هُنَالِكَ ﴾: حيث دَلّت رُؤْية كرامة مريم ﴿ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ ﴾ طمع في ولد من عاقر ﴿ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ﴾: كهبتك لحنَّة العجوز العاقر ﴿ إِنَّكَ سَمِيعُ ﴾ مُجيب ﴿ ٱلدُّعَآءِ * فَنَادَتْهُ ٱلْمَلاۤئِكَةُ ﴾: أي: جنسها، إذ ناداه جبريلُ.
﴿ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي ٱلْمِحْرَابِ ﴾: بأن.
﴿ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيَـىٰ ﴾: من صُلْبكَ.
﴿ مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ ﴾: أي: عيسى، سمي بها لإيجاده بكلمة: كُن، كالبدعيات التي هي عالم الأمر، وكا يسجد له في بطن أمه، وآمن به وله ثلاث سنين.
﴿ وَسَيِّداً ﴾: متبوعاً لقومه، وأصله متولي السواد أي: الجماعة أو فائقاً مبالغاً في حبس نفسه من الشهوات أو الذنوب.
﴿ وَحَصُوراً ﴾: ممنوعاً لا يأتي النساء.
﴿ وَنَبِيّاً مِّنَ ﴾: الأنبياء.
﴿ ٱلصَّالِحِينَ ﴾: الذين لم يأتوا كبيرة ولا صغيرة، وكان ابن خالة عيسى رُوِي أنه لم يعمل خطيئة ولم يَهُمّ بها.
﴿ قَالَ ﴾: تعجباً بأشياء أو سؤالا عن ردهما إلى الشباب والولودية.
﴿ رَبِّ أَنَّىٰ ﴾ كيف ﴿ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ ﴾ ولد ﴿ وَقَدْ بَلَغَنِي ٱلْكِبَرُ وَٱمْرَأَتِي عَاقِرٌ ﴾: لا تلد، كان عمره مائة وعشرين، وعمرها ثمانية وتسعين.
﴿ قَالَ ﴾: الملك.
﴿ كَذَلِكَ ﴾: الأمر من خَلْقِ غُلامٍ منكُما ﴿ ٱللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَآءُ ﴾: لَا يعجزهُ عنه شيء، ولإظهارِ هذه القدرة العظيمة أُلهم السّؤال ليجَاب بها، ولما تاقَت نفسُهُ إلى شِرْعة البشرية.
﴿ قَالَ رَبِّ ٱجْعَلْ لِّيۤ آيَةً ﴾ أي: علامةً على حَمْل امرأتي.
﴿ قَالَ ﴾: الله.
﴿ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ ٱلنَّاسَ ﴾: أي: تمتنع من كلامهم بخلاف ذكر الله -تعالى-.
﴿ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ﴾: أي: بلياليها.
﴿ إِلاَّ رَمْزاً ﴾: إشارةً ﴿ وَٱذْكُر رَّبَّكَ ﴾: صَلِّ.
﴿ كَثِيراً ﴾: أصله كونه للتأسيس فيفهم أنه لا يفيد التكرار.
﴿ وَسَبِّحْ بِٱلْعَشِيِّ ﴾: أواخر النهار.
﴿ وَٱلإِبْكَارِ ﴾: وأوائله.
﴿ وَ ﴾: اذكر.
﴿ إِذْ قَالَتِ ٱلْمَلاَئِكَةُ ﴾: أي: جبريل.
﴿ يٰمَرْيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصْطَفَـٰكِ ﴾: اختارك.
﴿ وَطَهَّرَكِ ﴾: من مَسِيْس الرجال.
﴿ وَٱصْطَفَـٰكِ ﴾: آخِراً ﴿ عَلَىٰ نِسَآءِ ٱلْعَـٰلَمِينَ ﴾: بالكرامات إرهاصاً لنبوة عيسى، أي: أهل زمانك.
﴿ يٰمَرْيَمُ ٱقْنُتِي لِرَبِّكِ ﴾: أطيعيه.
﴿ وَٱسْجُدِي وَٱرْكَعِي ﴾: رتبهما بترتيب صلاتهم.
﴿ مَعَ ٱلرَّاكِعِينَ ﴾: أي: صَلِّ مع المصلين الجَمَاعَة.
﴿ ذٰلِكَ ﴾: المذكور من أمر زكريا ومريم.
﴿ مِنْ أَنَبَآءِ ٱلْغَيْبِ ﴾: أَخْبار ما غاب عنك.
﴿ نُوحِيهِ إِلَيكَ ﴾ يا محمَّد ﴿ وَمَا كُنتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُون أَقْلاَمَهُمْ ﴾: النُّحاسيَّة التي كانوا يكتبون بها التوراة في نهر الأردن أو يلقونَها في الماء يقترعون ليظهر لهم.
﴿ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ ﴾ يُرَبّي ﴿ مَرْيَمَ ﴾: فطفا قلم زكريَّا فكفلها، وإخباري بذلك ليس إلا بالوحي نوحيه إليك.
﴿ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ ﴾: في كفالتها، إذ أمهما لما جاءت بها إلى سدنة بيت المقدس وهم ابناء هارون تنافسوا في كفالتها، فتعرف ذلك فتخبر به وإنما عرفته من جهة الوحي.
﴿ إِذْ قَالَتِ ٱلْمَلاۤئِكَةُ ﴾ أي: جبريل.
﴿ يٰمَرْيَمُ إِنَّ ٱللَّهَ يُبَشِّرُكِ ﴾: بولد جنوده.
﴿ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ ﴾ لا كالأولاد.
﴿ ٱسْمُهُ ٱلْمَسِيحُ ﴾: معرب مَشِيْحَا، أي: المبارك، أو مُسِحَ بالبركة، أو ما مسح ذا عاهة إلا برأ.
﴿ عِيسَى ﴾: معرب أيشوع.
﴿ ٱبْنُ مَرْيَمَ ﴾: قَدَّمَ اللقَب على الاسم تعظيماً، ونسبة إليها مع علمها به إعلاماً بأنه لا ينسب إلى غيرها وتنبيهاً على أنها تلده بلا أبٍ، إذ عادة الرجال نسبتهم إلى آبائهم.
﴿ وَجِيهاً ﴾: عظيما قدره ذا جاه.
﴿ فِي ٱلدُّنْيَا ﴾: بالنبوة.
﴿ وَٱلآخِرَةِ ﴾: بالشفاعة والدرجات العلى.
﴿ وَ ﴾: كائنا.
﴿ مِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ ﴾ عِنْدَ اللهِ ﴿ وَيُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ ﴾: حَال كَوْنه.
﴿ فِي ٱلْمَهْدِ ﴾: أصلُ المهد ما يمهد للصبي من مضجعه، أي: طفلاً قبل وقت الكلام.
﴿ وَكَهْلاً ﴾: بعد نزوله، إذ رُفِع وهو شاب بشارةً لها بطول عمره، وإن وُلِدَ لثمانية أشهر، وقيل ذلك لا يبقى، وبان كلامه في الصغر كما في الكبر.
﴿ وَمِنَ ٱلصَّالِحِينَ ﴾: الكاملين في الصلاح.
﴿ قَالَتْ ﴾: تَعَجُّباً أو كمَا مر.
﴿ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي وَلَدٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ ﴾: كانت محررة والمحرر لا يتزوج أبداً ولَا يُزَوّجُ ولا غيره.
﴿ قَالَ ﴾: الأمْرُ.
﴿ كَذَلِكَ ﴾: من خلق ولدس منك بلا أب.
﴿ ٱللَّهُ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ ﴾: خَصَّه بالخلق بخلاف ما مر لغربته لأنه اخترع بلا مادة.
﴿ إِذَا قَضَىٰ أَمْراً ﴾ أراد خلقه ﴿ فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ أي: فهو يكونُ،.
﴿ وَيُعَلِّمُهُ ﴾ بالنون والياء ﴿ ٱلْكِتَٰبَ ﴾: جنسه أو الخطّ.
﴿ وَٱلْحِكْمَةَ ﴾: جنسه أو العلم أو العمل به.
﴿ وَٱلتَّوْرَاةَ وَٱلإِنْجِيلَ ﴾: وكان يحفظهما.
﴿ وَ ﴾: نجعله.
﴿ رَسُولاً إِلَىٰ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ ﴾: في الصبا أو بعد البلوغ فنفخ جبريل في جيب درعها فحملت وكان من أمرها ما ذكر في سورة مريم فلما بعثه الله إلى بني إسرائيل قال لهم: إني رسول الله إليكم.
﴿ أَنِّي ﴾ أي: بأنى ﴿ قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ ﴾ علامة ﴿ مِّن رَّبِّكُمْ ﴾: هي ﴿ أَنِيۤ ﴾ وفي قراءة بالكسر استئنافاً ﴿ أَخْلُقُ ﴾ أُصَوِّرُ.
﴿ لَكُمْ مِّنَ ٱلطِّينِ كَهَيْئَةِ ٱلطَّيْرِ ﴾: مثل صورته، والكاف اسم مفعول ﴿ فَأَنفُخُ فِيهِ ﴾: الضمير للكاف.
﴿ فَيَكُونُ طَيْراً ﴾: وفي قراءة: طائراً.
﴿ بِإِذْنِ ٱللَّهِ ﴾: بإرادته فخلق لهم الخفاش لأنه أكمل الطير خَلْقاً فكان يطير وهم ينظرون فإذا غاب عن أعينهم سقط ميتاً.
﴿ وَأُبْرِىءُ ﴾: أَشفي ﴿ ٱلأَكْمَهَ ﴾: الذي وُلِدَ أعمى.
﴿ وٱلأَبْرَصَ ﴾ وخُصَّا لأنهما داءَا إعيَاء، وكان بعثه في زمن الطبِّ، فأبرأ في يوم خمسين ألفاً بالدعاء بشرط الإيمان ﴿ وَأُحْيِ ٱلْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ ٱللَّهِ ﴾: كرَّره لنفي توهُّم الإلهيَّة فيه، فأحيا عازَر صديقاً له، وابن العجوز، وابنةَ العاشر، فعاشوا ووُلِدَ لهم، وسَامَ بن نُوحٍ ومَات في الحَالِ ﴿ وَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ ﴾: الآن.
﴿ وَمَا تَدَّخِرُونَ ﴾: تخبثون ﴿ فِي بُيُوتِكُمْ ﴾: ممّا لم أُعانيه، فكان يُخبرُ الشخصَ بما أكَلَ وبما يأكل بَعْدُ.
﴿ إِنَّ فِي ذٰلِكَ ﴾ المذكور ﴿ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾: مُوفَّقين للإيمان.
﴿ وَ ﴾: جئتكم.
﴿ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ ﴾: قبلي ﴿ مِنَ ٱلتَّوْرَاةِ ﴾: مُوفقَّين للإيمان.
﴿ وَ ﴾: جئتكم.
﴿ وَلأُحِلَّ لَكُم بَعْضَ ٱلَّذِي حُرِّمَ عَلَيْكُمْ ﴾: فيها، فأحل لهم من السمك والطير ما لا صيصية له وقيل: أحل الجميع فبعض بمعنى: كُل ﴿ وَجِئْتُكُمْ ﴾: من بعد كما ذكرت لكم والأول لتمهيد الحجة.
﴿ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ ﴾: على صدقي.
﴿ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ ﴾: فيما أمركم من توحيد الله وطاعته.
﴿ إِنَّ ٱللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ ﴾ المأمور كرره تأكيداً وليبني عليه ﴿ فَٱعْبُدُوهُ هَـٰذَا ﴾ أي: الذي أمركم به.
﴿ صِرَاطٌ ﴾ طريق ﴿ مُّسْتَقِيمٌ ﴾: فكذبوه ولم يؤمنوا به.
﴿ فَلَمَّآ أَحَسَّ عِيسَىٰ مِنْهُمُ ٱلْكُفْرَ ﴾ وأرادوا قتله ﴿ قَالَ مَنْ أَنصَارِيۤ ﴾: أعواني ذاهباً.
﴿ إِلَى ٱللَّهِ ﴾: لأنصر دينه.
﴿ قَالَ ٱلْحَوَارِيُّونَ ﴾: أعوان دينه وهم أصفياء عيسى أول من آمن به وكانوا اثني عشر من الحَوَر وهو البياض الخالص وقيل: كانوا قَصَّارين يُحوِّروْن الثياب أي: يبيضونها.
﴿ نَحْنُ أَنْصَارُ ٱللَّهِ ﴾: أي: بأي دينه ﴿ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَٱشْهَدْ ﴾: يا عيسى.
﴿ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ * رَبَّنَآ آمَنَّا بِمَآ أَنزَلَتَ ﴾ من الإنجيل ﴿ وَٱتَّبَعْنَا ٱلرَّسُولَ ﴾ عيسى ﴿ فَٱكْتُبْنَا مَعَ ٱلشَّٰهِدِينَ ﴾: بوحدانيتك أو أمة محمد عليه الصلاة والسلام فإنهم يشهدون على الناس لك بالوحدانية ولرسولك بالصدق.
قال -تعالى-: ﴿ وَمَكَرُواْ ﴾: أي كفار بني إسرائيل بعيسى إذ وكلوا به من يقتلع غليلة ﴿ وَمَكَرَ ٱللَّهُ ﴾: بهم بإلقاء شبه على من أراد قتله، فقتلوه ورُفِعَ عيسى.
﴿ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلْمَاكِرِينَ ﴾ أعلمهم به، والمكر: حيلة تَجْلِبُ بها غيرك إلى مفسدة ظاهراً، واسناده إلى الله تعالى للازدواج أو المقابلة.
اذكر ﴿ إِذْ قَالَ ٱللَّهُ يٰعِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ ﴾: إشارة قابضك، أي: بالنوم لأنه رفعه نائماً، أرسل الله -سبحانه- ليلة القدر ببيت المقدس فتعلق به، وله ثلاث وثلاثون سنة وعاشت مريم بعده ست سنين، وفي مسلم أنه ينزل ويمكث سبع سنين، وفي الطيالسي: أربعين سنة، ويمكن الجمع بأن المراد مجموع لبثه قبل الرفع وبعده وقابضك وافياً كامل الأعضاء. ﴿ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ ﴾: أي: إلى محلِّ كرامتي والإضافة للتفخيم، نحو:﴿ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَىٰ رَبِّي ﴾[الصافات: ٩٩] وعلى ما مرَّ لا يرد أن رفعه قبل تَوفيه، على أن الواو لا تقتضي الترتيب.
﴿ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ ﴾: سوء جوار.
﴿ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾: بنبوتك غيرة وهم اليهود.
﴿ وَجَاعِلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوكَ فَوْقَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ ﴾: أي: الفريقين.
﴿ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴾: من أمر الدين.
﴿ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً فِي ٱلدُّنْيَا ﴾: بالسبي والقتل والجلاء.
﴿ وَٱلآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ * وَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ ﴾: بلا نقص.
﴿ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّالِمِينَ ﴾: فكيف ينقصه.
﴿ ذٰلِكَ ﴾: المحكيُّ.
﴿ نَتْلُوهُ عَلَيْكَ ﴾: حال كونه.
﴿ مِنَ الآيَاتِ وَٱلذِّكْرِ ٱلْحَكِيمِ ﴾: المشتمل على الحكم.
﴿ إِنَّ مَثَلَ عِيسَىٰ ﴾: شأنه الغريب.
﴿ عِندَ ٱللَّهِ كَمَثَلِ ءَادَمَ ﴾: في خلقيه بلا أب.
﴿ خَلَقَهُ ﴾: أي: قالبه.
﴿ مِن تُرَابٍ ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن ﴾: بشراً.
﴿ فَيَكُونُ ﴾: أي: أحياه، فعلى هذا لا يرد أن كن أمر بالتخليق، فيجب تقديمه على الخلق وعلى هذا يكون الضمير راجعاً إلى آدم باعتبار المآل، وعلى الثاني معناه: صيره خلقاً سويّاً، ثم يخبر أني خلقته بأن قلت له: ﴿ كُن ﴾ لا لتراخي هذا الخبر عن ذلك الخبر، وقد يقال: " ثُمّ " لتراخي الخبر، وهنا شبه الغريب بالأغراب لأن فاقد الأبوين أغرب من فاقد الأب هو.
﴿ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُنْ ﴾: يا محمد أنت مع أمتك.
﴿ مِّن ٱلْمُمْتَرِينَ ﴾: الشَّاكِّيْن.
﴿ فَمَنْ حَآجَّكَ فِيهِ ﴾: في عيسى.
﴿ مِن بَعْدِ مَا جَآءَكَ مِنَ ٱلْعِلْمِ ﴾: بأنه عبد الله ورسوله.
﴿ فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَآءَنَا وَأَبْنَآءَكُمْ وَنِسَآءَنَا وَنِسَآءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وأَنْفُسَكُمْ ﴾: ضَمَّ الأبناء والنساء مع أن نفسه تكفي ليستأصل الخصم إن تمت المباهلة، وقدمها لأنهما أعز الأهل، وربما فداهم الرجل بنفسه في الحرب.
﴿ ثُمَّ نَبْتَهِلْ ﴾: نتضرع أو نتلاعن من البَهْلَة أي: اللعنة.
﴿ فَنَجْعَل ﴾: فنقل.
﴿ لَّعْنَتَ ٱللَّهِ عَلَى ٱلْكَاذِبِينَ ﴾: منا ومنكم، ثم جمع عليَّا وفاطمة والحسن والحسين عليهم الصلاة والسلام، ودعا وقد نجران إلى المباهلة فأبوا خوفاً، وقبلوا الخراج. * تنبيه: وقع البحث عند شيخنا العلَّامة الدَّاوني -قدس الله سره- في جواز المباهلة بعد النبي صلى الله عليه وسلم فكتب رسالة في شروطها المستنبطة من الكتاب والسنة والآثار، وكلام الأثمة، وحاصل كلامه فيها: أنها لا تجوز إلا في أمر مُهمٍّ شَرْعاً وقع فيه اشتباه وعناد لا يتيسر دفعهما إلا بالمباهلة، فيشترط كونها بعد إقامة الحجة والسعي في إزالة الشبهة، وتقديم النصح والإنذار، وعدم نَفعهما، ومساس الضرورة إليها، والله تعالى أعلم.
﴿ إِنَّ هَـٰذَا ﴾: الخبر من عيسى وأمه.
﴿ لَهُوَ ٱلْقَصَصُ ٱلْحَقُّ ﴾: دون زعمهم.
﴿ وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلاَّ ٱللَّهُ ﴾: ردٌ لتثليثهم.
﴿ وَإِنَّ ٱللَّهَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ ﴾: فلا إله غيره.
﴿ فَإِن تَوَلَّوْاْ ﴾: عما أوحينا ﴿ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِٱلْمُفْسِدِينَ ﴾: أي: بهم.
﴿ قُلْ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَآءٍ ﴾: مستوية.
﴿ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ ﴾: لا يختلف فيه كتاب وَلا رَسُولٌ وهيَ: ﴿ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ ٱللَّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً ﴾: في استحقاق العبادة.
﴿ وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ ﴾: كاتخاذ اليهود عزيزاً، والنصارى عيسى وإطاعة الأحبار والرهبان في إحداث التحريم والتحليل ومعنى ﴿ فَإِن تَوَلَّوْاْ ﴾ سيأتي وهو في المائدة.
﴿ فَقُولُواْ ٱشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ﴾: عن إجابتها.
﴿ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لِمَ تُحَآجُّونَ فِيۤ إِبْرَاهِيمَ ﴾: مُوحِّدون دونكم: فتزعمون بيهودِّيَّته ونصرانيته.
﴿ وَمَآ أُنزِلَتِ ٱلتَّورَاةُ وَٱلإنْجِيلُ إِلاَّ مِن بَعْدِهِ ﴾: بألف سنة وألفي سنة، ومنهما أُخِّذَتا.
﴿ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ ﴾: فتدعون محالاً.
﴿ هٰأَنْتُمْ هَؤُلاۤءِ ﴾: الحمقى وحماقاتكم لأنكم.
﴿ حَاجَجْتُمْ ﴾: جادلتم عناداً.
﴿ فِيمَا لَكُم بِهِ عِلمٌ ﴾: من دين إبراهيم مما وجدتموه في كتابكم من نبوة محمد -صلى الله عليه وسلم- ﴿ فَلِمَ تُحَآجُّونَ فِيمَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ ﴾: من دين إبراهيم، إذ لم يذكر في كتابهم، والجاهل بالشيء لا يبحث عنه إلا استفهاما، حاصلهُ: أن الرَّجل قد يجادلُ فيما لا يعلمه عنادا لكنه لا يبحث فيما لا يعلمه إلا استفهاما وطلباً للحق.
﴿ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ ﴾: شأنه.
﴿ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ * مَا كَانَ إِبْرَاهِيمُ يَهُودِيّاً وَلاَ نَصْرَانِيّاً وَلَكِن كَانَ حَنِيفاً ﴾: مائلاً إلى الحق.
﴿ مُّسْلِماً ﴾: مُنْقاداً لله.
﴿ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ ﴾: وأنتم تشركون عزيزا والمسيح والصنم.
﴿ إِنَّ أَوْلَى ﴾: أقرب.
﴿ ٱلنَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ ﴾ في الحديث:" لكُلِّ نبيٍّ وُلَاةٌ من النبيين، وإنَّ وليي منهم أبي وخليل ربي "ثم قرأ الآية ﴿ لَلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ ﴾: من أمته.
﴿ وَهَـٰذَا ٱلنَّبِيُّ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ ﴾: وروي أن أصول دينهما واحدةٌ واختلاف فروعهمَا قليلٌ جدّاً.
﴿ وَٱللَّهُ وَلِيُّ ﴾: ناصر.
﴿ ٱلْمُؤْمِنِينَ * وَدَّت طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ لَوْ ﴾: أن.
﴿ يُضِلُّونَكُمْ ﴾: كدعوتهم حذيفة وعماراً ومعاذاً إلى اليهودية.
﴿ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ ﴾: باكتساب الإثم.
﴿ وَمَا يَشْعُرُونَ ﴾: اختصاصهم بالضلال.
﴿ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ ﴾: في التوراة والإنجيل من نبوَّة محمدٍ عليه الصلاةُ والسلامُ.
﴿ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ ﴾: صدقها.
﴿ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لِمَ تَلْبِسُونَ ﴾: تخلطون.
﴿ ٱلْحَقَّ بِٱلْبَاطِلِ ﴾: بالتحريف.
﴿ وَتَكْتُمُونَ ٱلْحَقَّ ﴾: نعت محمد عليه الصلاة والسلام.
﴿ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾: حقيقته ﴿ وَقَالَتْ طَّآئِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ ﴾: لبعضهم ﴿ آمِنُواْ بِٱلَّذِيۤ أُنْزِلَ عَلَى ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ﴾: أي: القرآن.
﴿ وَجْهَ ٱلنَّهَارِ ﴾ أوله، وصَلُّوا الصُّبح معهم ﴿ وَٱكْفُرُوۤاْ ﴾: أو صَلٌّوا إلى الكعبة أوَّل النهار وإلى الصَّخرة.
﴿ آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ ﴾: أي: المؤمنين.
﴿ يَرْجِعُونَ ﴾: عن الإسلام ظنّاً أنكم رجعتم بخلاف ظهر لكم ﴿ وَلاَ تُؤْمِنُوۤاْ ﴾: تُصدِّقوا ﴿ إِلاَّ لِمَن تَبِعَ دِينَكُمْ ﴾: اليهودي ﴿ قُلْ ﴾: يا محمدُ: ﴿ إِنَّ ٱلْهُدَىٰ ﴾: هو ﴿ هُدَى ٱللَّهِ ﴾: فلا ينجع مكرمكم، وقولكم، هذا الخَوفُ.
﴿ أَن يُؤْتَىۤ أَحَدٌ مِّثْلَ مَآ أُوتِيتُمْ ﴾: من العلم.
﴿ أَوْ ﴾: بمعنى و ﴿ يُحَآجُّوكُمْ عِندَ رَبِّكُمْ ﴾: بأنكم كفرتم بما علمتكم، يعنى: الحسد حملكم على ذلك ﴿ قُلْ إِنَّ ٱلْفَضْلَ بِيَدِ ٱللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ وَاسِعٌ ﴾ فضله ﴿ عَلِيمٌ ﴾: بكلِّ شيءٍ.
﴿ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ ﴾: بحكمه.
﴿ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ * وَمِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ ﴾: أي: في ألف ومائتي أوقية ذهب، والأوقية كانت أربعينَ درهماً، واليوم عشرة دراهم، وخمسة أسباع درهم، وهي إستار وثلثا إستار.
﴿ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ ﴾: كابن سلام.
﴿ وَمِنْهُمْ مَّنْ إِن تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لاَّ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ ﴾: كفنحاص بن عازوراء.
﴿ إِلاَّ مَا دُمْتَ ﴾: يا صاحب الحق.
﴿ عَلَيْهِ قَآئِماً ﴾: إلا مدة دوامك قائماً على رأسه بالتقاضي.
﴿ ذٰلِكَ ﴾: الخيانة.
﴿ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَيْسَ عَلَيْنَا فِي ﴾: شأن العرب ﴿ ٱلأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ ﴾: ذَمّ في كل أموالهم إذ أَحلَّها الله لنا.
﴿ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ٱلْكَذِبَ ﴾: بادعائهم ذلك.
﴿ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾: افتراءهم.
﴿ بَلَىٰ ﴾: عليهم فيهم سبيل.
﴿ مَنْ أَوْفَىٰ بِعَهْدِهِ ﴾: تعالى بالتوراة بالإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم.
﴿ وَاتَّقَى ﴾: المخالفة.
﴿ فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ * إِنَّ ٱلَّذِينَ يَشْتَرُونَ ﴾: يستبدلون.
﴿ بِعَهْدِ ٱللَّهِ ﴾: من الإيمان بالرسول.
﴿ وَأَيْمَانِهِمْ ﴾: لِوَصْرِهُم الله ليؤمن به ولينصرنه.
﴿ ثَمَناً قَلِيلاً ﴾: كرشوة لتحريف التوراة.
﴿ أُوْلَـٰئِكَ لاَ خَلاَقَ ﴾: نصيب.
﴿ لَهُمْ فِي ٱلآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ ٱللَّهُ ﴾: بما يسرهم، كناية عَن غضبه.
﴿ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ ﴾: نظر رحمة.
﴿ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ ﴾: لا يثني عليهم.
﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * وَإِنَّ مِنْهُمْ ﴾: من أهل الكتاب.
﴿ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ ﴾: يميلون.
﴿ أَلْسِنَتَهُمْ بِٱلْكِتَابِ ﴾ من المنزل إلى المحرف ﴿ لِتَحْسَبُوهُ ﴾ المحرف أيها المؤمنون ﴿ مِنَ ٱلْكِتَابِ ﴾ من التوراة ﴿ وَمَا هُوَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ وَمَا هُوَ ﴾: نازل.
﴿ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ ﴾: لا يفهم إلا أن يكون فعلنا فعل الله كما زعم المعتزلة إذ لا يلزم من نفي الأخص كونه كتاباً بأنه لا من الله نفي الأعم كونه فعل الله -تعالى- ﴿ وَيَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾: كذبهم ونزلت حين قال اليهود: يا محمد! تريد أن نَعْبدك كما عبَدَت النصارى عيسى صلوات الله عليه وسلامه؟.
﴿ مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيهُ ٱللَّهُ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحُكْمَ ﴾ الحكمة ﴿ وَٱلنُّبُوَّةَ ﴾: كعيسى.
﴿ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَاداً لِّي مِن دُونِ ٱللَّهِ ﴾: أي: هذا الإيتاء والقول لا يجتمعان.
﴿ وَلَـٰكِن ﴾: يقولُ ﴿ كُونُواْ رَبَّـٰنِيِّينَ ﴾: منسوب إلى الرب، إي الكاملين في العلم والعمل، كاللَّحْيَاني لعظيم اللحية.
﴿ بِمَا كُنتُمْ ﴾: بسبب كونكم.
﴿ تُعَلِّمُونَ ٱلْكِتَٰبَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ ﴾: بتدارسكم.
﴿ وَلاَ ﴾: أن.
﴿ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ ٱلْمَلاَئِكَةَ وَٱلنَّبِيِّيْنَ أَرْبَاباً أَيَأْمُرُكُم بِٱلْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ ﴾ ﴿ وَ ﴾: اذكر.
﴿ إِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ ٱلنَّبِيِّيْنَ لَمَآ ﴾: بالفتح لام الابتداء، أي للذي، وبالكسر متعلق أخذ، وما مصدرية.
﴿ آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ ﴾: أيُّ رسول كانَ، أو محمدٌ عليه الصلاة والسلام، والله ﴿ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ ﴾: فكان الأمم به أولى.
﴿ قَالَ ﴾ تعالى: ﴿ أَأَقْرَرْتُمْ ﴾ بالإيمان والنصر ﴿ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذٰلِكُمْ إِصْرِي ﴾: عهدي المؤكد.
﴿ قَالُوۤاْ أَقْرَرْنَا ﴾: وأخذناه.
﴿ قَالَ ﴾: الله.
﴿ فَٱشْهَدُواْ ﴾: بعضكم على بعضٍ ﴿ وَأَنَاْ مَعَكُمْ مِّنَ ٱلشَّاهِدِينَ ﴾: على إقراركم وتشاهدكم.
﴿ فَمَنْ تَوَلَّىٰ ﴾: أعرض.
﴿ بَعْدَ ذٰلِكَ ﴾: الميثاق.
﴿ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَاسِقُونَ ﴾: الخارجون عن الإيمان يقولون ﴿ أَفَغَيْرَ دِينِ ٱللَّهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ ﴾: انتقاد ﴿ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ طَوْعاً ﴾ كالمسلمين اختياراً ﴿ وَكَرْهاً ﴾: كالكفرة تسخيراً وحين البأس.
﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ ﴾: فكيف تبغون غير دينه.
﴿ قُلْ آمَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ عَلَيْنَا ﴾: أذن -صلى الله عليه وسلم- في تعظيم نفسه في التكلم أو هو منزل على أمته أيضاً بتوسطه ﴿ وَمَآ أُنزِلَ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ﴾: من الوَحْي.
﴿ وَٱلأَسْبَاطِ ﴾: بطون بني إسرائيل المتشبعة.
﴿ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ ﴾: بالتصديق.
﴿ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾: منقادون.
﴿ وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ ٱلإِسْلاَمِ ﴾: الانقياد لله.
﴿ دِيناً ﴾: شريعة.
﴿ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ ﴾: لا يدل على اتحاد الإيمان والإسلام، إذ الإيمان ليس بدين، والتّحقيقُ: أنَّ الإسلام يجئ بمعنى مجموع الأعمال، فيدخل فيها التصديق ورودا في الحديث مترادفين، وفي القرآن متباينين والله تعالى أعلم، يعني أنه نفى كل دين مغاير للإسلام لا قبول ما يغايره والإيمان ليس بدين.
﴿ وَهُوَ فِي ٱلآخِرَةِ مِنَ ٱلْخَاسِرِينَ ﴾: بإبطال الهداية الفطرية.
﴿ كَيْفَ ﴾: للاستبعاد.
﴿ يَهْدِي ٱللَّهُ قَوْماً كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ﴾: أي: إن آمنوا.
﴿ وَشَهِدُوۤاْ أَنَّ ٱلرَّسُولَ حَقٌّ ﴾: بأنّ، وخروج الإقرار باللسان عن حقيقة الإيمان.
﴿ وَجَآءَهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ ﴾: البراهين بصدق محمد عليه الصلاة والسلام ﴿ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ ﴾: بوضع الكفر موضع الإيمان.
﴿ أُوْلَـٰئِكَ جَزَآؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ ٱللَّهِ وَٱلْمَلاۤئِكَةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ ﴾: أفهم عدم جواز اللعن على غيرهم.
﴿ خَالِدِينَ فِيهَا ﴾: في اللعنة أو العقوبة المفهومة.
﴿ لاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ ٱلْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ ﴾: يُمْهَلُونَ.
﴿ إِلاَّ ٱلَّذِينَ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ ﴾: الارتداد كحارث بن سويد حين ندم على ردته.
﴿ وَأَصْلَحُواْ ﴾: دخلوا في الصلاح.
﴿ فَإِنَّ الله غَفُورٌ ﴾ لهم.
﴿ رَّحِيمٌ ﴾: بهم.
﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ٱزْدَادُواْ كُفْراً لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ ﴾: حين الاحتضار.
﴿ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلضَّآلُّونَ ﴾ عن الرحمة ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَن يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِم مِّلْءُ ٱلأَرْضِ ذَهَباً ﴾: ممَّا أَنْفقوا.
﴿ وَلَوِ ٱفْتَدَىٰ بِهِ ﴾: من عذاب الآخرة أي: ولو كان على وجه الافتداء الذي لا مَنِّةَ فيه فلا يقبل منهم، أو لَا يُقْبلُ منه ولو افتدى بمثله معه.
﴿ أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ ﴾: في رفع العذاب.
﴿ لَن تَنَالُواْ ٱلْبِرَّ ﴾: حقيقة البر، أو بر الله، وهو رحمته.
﴿ حَتَّىٰ تُنْفِقُواْ مِ ﴾ بعض ﴿ مَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنْفِقُواْ مِن شَيْءٍ ﴾ محبوبٍ أو غيره ﴿ فَإِنَّ ٱللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ﴾: فيجازيكم.
﴿ كُلُّ ٱلطَّعَامِ ﴾: المباح لإبراهيم لا لحم الخنزير.
﴿ كَانَ حِـلاًّ لِّبَنِيۤ إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ ﴾: يعقوبُ ﴿ عَلَىٰ نَفْسِهِ ﴾: بنذره ذلك، ولو برئ من عرق النسا، وهو لحم الأبل ولبنه رَدّ لليهود حيث قالوا: إنهما كنا حَرامين على إبراهيم، فكيف يحللونهما؟ رُويَ أنه كان به عِرْقُ النَّسَا فنذر أنه إنْ شفاه الله -تعالى- ترك أحب الطعام والشراب إليه.
﴿ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ ٱلتَّوْرَاةُ ﴾: وذلك بعد إبراهيم.
﴿ قُلْ فَأْتُواْ بِٱلتَّوْرَاةِ فَٱتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾: في حرمة لحم الإبل ولبنه على الأنبياء كلهم.
﴿ فَمَنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ ٱلْكَذِبَ ﴾: بحرمتها على الأنبياء.
﴿ مِن بَعْدِ ذَلِكَ ﴾: العلم.
﴿ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ ﴾ ﴿ قُلْ صَدَقَ ٱللَّهُ ﴾ وهذا تعريض بكذبهم ﴿ فَٱتَّبِعُواْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفاً ﴾: مائلاً عن الباطل، وهي مِلّتُنا.
﴿ وَمَا كَانَ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ ﴾: تعريض بشرك اليهود.
﴿ إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ ﴾: أُظْهِر ووُضِع لعبادة الله على وجه الماء قبل خلق الأرض بألفي عام أو بعدها قبل آدم.
﴿ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ ﴾: لغةٌ في مَكة فإنها تَكسرُ أعْناقَ الجبابرة حال كونه.
﴿ مُبَارَكاً ﴾: كثير الخير.
﴿ وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ ﴾: لأنه معبدهم وقبلتهم.
﴿ فِيهِ ءَايَٰتٌ بَيِّنَـٰتٌ ﴾: كالتخالط الصيود والسباع في الحرم، وقَهر كلِّ جبَّار قصدهُ بسُوء وظهور الخصب في البلاد الموازية له كركن ظهر فيه والغيث، وانمحاء الجِمَار، ومنها ﴿ مَّقَامُ إِبْرَٰهِيمَ ﴾: الحجر الذي قام عليه لبناء الكعبة، وغاص قدماه فيه.
﴿ وَ ﴾ منها أنّض.
﴿ مَن دَخَلَهُ ﴾: مُعظِّماً له.
﴿ كَانَ آمِناً ﴾: أي: يأمنُ من دخله من الفتل، أو مِن عذاب القيامة وفي الحديث:" من مات في أحد الحرمين بعث يوم القيامة آمناً "، ولما ذكر آيتين دنيوية وأخروية اكتفى عن البواقي بما هو، أهم أعني: ﴿ وَللَّهِ عَلَى ٱلنَّاسِ ﴾: كأسلوب حديث:" وجعلت قرة عيني في الصلاة ".
﴿ حِجُّ ٱلْبَيْتِ ﴾: هو قصده للزيارة على وجه المخصوص.
﴿ مَنِ ﴾: بدل من الناس.
﴿ ٱسْتَطَاعَ إِلَيْهِ ﴾ إلى البيت أو الحَرَم ﴿ سَبِيلاً ﴾: يأتي، والاستطاعة فسرها النبي عليه الصلاة والسلام بالزاد والراحلة، وهو يؤيد قول الشافعي أنَّهُما بالمال، ولذا يستنيب الزَّمِنُ الواجِدُ أجرة النائب، وعن مالك أنها بالبدن، وعن الحنيفة أنها بهما.
﴿ وَمَن كَفَرَ ﴾: بوجوبه كاليهود ووضعه موضع: لم يحج تغليظاً على تاركه، بل ورد كفره إن استطاع.
﴿ فَإِنَّ ٱلله غَنِيٌّ عَنِ ٱلْعَٰلَمِينَ ﴾: به.
﴿ قُلْ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ ﴾: الدالة على صدق محمد ووجُوْبِ الحج وغيره.
﴿ وَٱللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ ﴾: من التحريف.
﴿ قُلْ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ ﴾: دينه.
﴿ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا ﴾: طالبين لَهَا.
﴿ عِوَجاً ﴾: اعوجاجاً بتلبيساتكم وتحريفاتكم، والعوج بالكسر: في القول والعمل والأرض، وبالفتح في نحو الحيطان والسَّواري.
﴿ وَأَنْتُمْ شُهَدَآءُ ﴾: أنها سبيل الله.
﴿ وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ * يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقاً مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ يَرُدُّوكُم ﴾: يصدوكم.
﴿ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ * وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ آيَاتُ ٱللَّهِ ﴾: القرأن وغيره.
﴿ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ ﴾: محمد عليه الصلاة والسلام.
﴿ وَمَن يَعْتَصِم ﴾: يتمسك.
﴿ بِٱللَّهِ ﴾: أي: بدينه.
﴿ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾: غير مُعوج.
﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ﴾: في الحديث أنه طاعةٌ بلا عصيان، وشُكرٌ بلا كفران، وذكر بلا نسيان ونُسِخت بآية:﴿ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ مَا ٱسْتَطَعْتُمْ ﴾[التغابن: ١٦]: خلافا لبعض السلف.
﴿ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنْتُمْ مُّسْلِمُونَ ﴾: دُوْموا على الإسلام، حتى تموتوا عليه.
﴿ وَٱعْتَصِمُواْ ﴾: استمسكوا.
﴿ بِحَبْلِ ٱللَّهِ ﴾: القرآن، من حيث أنَّ التمسك به ينجي مِنَ الرَّدَي كما أن المتمسِّك بالحَبْل يسلم من التردي ﴿ جَمِيعاً ﴾: مجتمعين عليه.
﴿ وَلاَ تَفَرَّقُواْ ﴾: كأهل الكتاب.
﴿ وَٱذْكُرُواْ نِعْمَتَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ ﴾: منها الإسلام.
﴿ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَآءً ﴾: أراد عداوة الأوس مع الخزرج في الجاهلية مائة وعشرين سنة.
﴿ فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ ﴾: بالإسلام.
﴿ فَأَصْبَحْتُمْ ﴾: صرتم.
﴿ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً ﴾: مُتحابين.
﴿ وَكُنْتُمْ ﴾: في الجاهلية.
﴿ عَلَىٰ شَفَا ﴾: طرف، في الحديث:" لَا تَنْظُروا إلى صَوْم الرَّجُل وصلاته، ولكن إلى وَرَعه إذا أشفى على الذنب "أي: اشرف.
﴿ حُفْرَةٍ مِّنَ ٱلنَّارِ ﴾: أي: مشرفين على الوقوع في جهنم.
﴿ فَأَنقَذَكُمْ ﴾: أنجاكم بالإسلام.
﴿ مِّنْهَا ﴾: من شَفِاها، وتأْنِثهُ باعتبار المضاف إليه.
﴿ كَذٰلِكَ ﴾: التبيين.
﴿ يُبَيِّنُ ٱللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾: لتدوموا على الهداية.
﴿ وَلْتَكُن مِّنْكُمْ ﴾ أيها المؤمنون.
﴿ أُمَّةٌ ﴾: جماعة.
﴿ يَدْعُونَ ﴾: الناس.
﴿ إِلَى ٱلْخَيْرِ ﴾: الدنيوي والأخروي دل بـ " من " على فرضية الكفاية أو تبيينية فيكون المعنَى واجباً ومندوباً لكن على حسب ما يأمر به.
﴿ وَيَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ ﴾: وهو يكون واجباً ومندوباً لكن على حسب ما يأمر به.
﴿ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ ﴾: هو واجب كله إذ كل ما أنكره الشرع حرام، والمكروه غير منكر، وخَصَّصَ بعدما عمم إيذاناً بفضله.
﴿ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ ﴾: المخصوصون بكمال النجاة.
﴿ وَلاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَآءَهُمُ ٱلْبَيِّنَاتُ ﴾: من الأمم السالفة.
﴿ وَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ ﴾: لأهل الحق عن ذلك.
﴿ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ ﴾: كالمبتدعة من نحو الخوارج ويُوْسَمُ أهل الحق ببياض الوجه والصحيفة وإشراق البشرة وسعي النور بين يديه ويمينه، والمبطول بضد ذلك لأهل الباطل كنايتان عن ظهور البهجة والكآبة ونحوهما.
﴿ فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ ﴾: يقال لهم توبيخاً.
﴿ أَكْفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ ﴾: أمر إهانةٍ، دلت الاحاديث على أنهم المبتدعة كالخوارج المرتدين.
﴿ ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ ﴾: بكفركم.
﴿ وَأَمَّا ٱلَّذِينَ ٱبْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ ٱللَّهِ ﴾: جنته، وأفاد بتغيير الأسلوب، ولفظ الرحمة أنَّ دخول الجنة ليس إلا برحمته.
﴿ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * تِلْكَ آيَاتُ ٱللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ ﴾: ملتبسة.
﴿ بِٱلْحَقِّ وَمَا ٱللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً ﴾: حقيراً.
﴿ لِّلْعَالَمِينَ ﴾: لاستحالته، إذ لا يجب عليه شيء، أو يمنع عنه شيء فيظلم بنقصه أو فعله.
﴿ وَللَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَإِلَىٰ ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ ﴾: فيجازي ﴿ كُنْتُمْ ﴾: في عِلْم الله أو: وُجِدتُمْ، فعلى الثاني " كَان " تامَّة.
﴿ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ ﴾: أُظهرَت.
﴿ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ ﴾: دَلَّت على أنَّ الإجماع حُجَّةٌ لاستغراق اللامين، فلو أجمعوا على باطل كانوا على خلافه.
﴿ وَتُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ ﴾: أي: تعلمون وكذلك إيماناً به فلا يرد أن حق الإيمان التقديم كما في آية أخرى.
﴿ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ ٱلْكِتَابِ ﴾: بمحمد.
﴿ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ ﴾: من الإيمان بموسى وعيسى فقط.
﴿ مِّنْهُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ ﴾: كابن سلام.
﴿ وَأَكْثَرُهُمُ ٱلْفَاسِقُونَ ﴾: المتمردون في الكفر.
﴿ لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى ﴾: ضرّاً يسيراً كطعن.
﴿ وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ ٱلأَدْبَارَ ﴾: ينهزمون.
﴿ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ * ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلذِّلَّةُ ﴾: كضرب قُبَّةٍ كما مَرَّ.
﴿ أَيْنَ مَا ثُقِفُوۤاْ ﴾: وجدوا دائما.
﴿ إِلاَّ ﴾: حال كونهم معتصمين.
﴿ بِحَبْلٍ ﴾: بذمة.
﴿ مِّنَ ٱللَّهِ وَحَبْلٍ ﴾: أمان وعهد.
﴿ مِّنَ ٱلنَّاسِ ﴾: المسلمين، أي: هم أذلاء دائماً، إلا في هذه الحالة.
﴿ وَبَآءُوا ﴾: رجعوا.
﴿ بِغَضَبٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ ٱلْمَسْكَنَةُ ﴾: الجزية والفقر.
﴿ ذٰلِكَ ﴾: الضرب والبوء.
﴿ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَيَقْتُلُونَ ٱلأَنْبِيَآءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ﴾: عندهم.
﴿ ذٰلِكَ ﴾: الكفر والقتل.
﴿ بِمَا عَصَوْاْ وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ ﴾: فُسِّر مرَّةً، ولما قالَ:﴿ مِّنْهُمُ ٱلْمُؤْمِنُونَ ﴾[ال عمران: ١١٠] حينئذٍ قال: ﴿ لَيْسُواْ ﴾: أهل الكتاب.
﴿ سَوَآءً مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ ﴾: مستقيمة عادلة، مسلموهم، من أقمتُ العود فقام.
﴿ يَتْلُونَ آيَاتِ ٱللَّهِ ﴾: القرآن.
﴿ آنَآءَ ﴾: ساعات.
﴿ ٱللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ ﴾: يصلون العشاء والتهجد، فإن أهل الكتاب لا يصلونها.
﴿ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ ﴾ بلا إلحاد في صفاتهما ﴿ وَيَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي ٱلْخَيْرَاتِ ﴾: بخلاف اليهود في الكل.
﴿ وَأُوْلَـٰئِكَ ﴾: الموصوفون.
﴿ مِنَ ٱلصَّالِحِينَ ﴾: ممن صلحت أحوالهم عند الله.
﴿ وَمَا يَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَروهُ ﴾: بنقص ثواب.
﴿ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلْمُتَّقِينَ * إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لَنْ تُغْنِيَ ﴾: تدفع ﴿ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ مِّنَ ﴾: عذاب.
﴿ ٱللَّهِ شَيْئاً ﴾: كما مَرَّ ﴿ وَأُوْلَـٰئِكَ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * مَثَلُ مَا يُنْفِقُونَ ﴾: الكفرة [منَ] القُربِ وغيرها.
﴿ فِي هَـٰذِهِ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا ﴾: في الطاعة.
﴿ كَمَثَلِ ﴾: مهلك.
﴿ رِيحٍ فِيهَا صِرٌّ ﴾: برد وأصله: صوت ريح باردة من الصرير برد شديد محرق.
﴿ أَصَابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ ﴾: بالمعاصي.
﴿ فَأَهْلَكَتْهُ ﴾: أي الريح الحرث، فلا ينتفعون بزرعهم عند الاحتياج، أو من التشبيه المركب.
﴿ وَمَا ظَلَمَهُمُ ٱللَّهُ ﴾: لم يفعل بهم ما ليسوا أهلاً له.
﴿ وَلَـٰكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾: بارتكاب موجبات العقوبة، ثم حذَّرنا عَنْ مكرهم بقوله: ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً ﴾: هي خاصة الرجل والمطلع على أسراره.
﴿ مِّن دُونِكُمْ ﴾: دون المسلمين.
﴿ لاَ يَأْلُونَكُمْ ﴾: لا يقصرون لكم.
﴿ خَبَالاً ﴾: فساداً.
﴿ وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ ﴾: أي: عنتُكم، أي: شدة ضرركم ﴿ قَدْ بَدَتِ ﴾: ظهرت.
﴿ ٱلْبَغْضَآءُ ﴾: شدة العداوة.
﴿ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ ﴾: في كلامهم.
﴿ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ ﴾: مما بدا.
﴿ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ ﴾: الدالة على وجوب الإخلاص.
﴿ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ ﴾: ما بُيِّنَ لكم.
﴿ هَآأَنْتُمْ أُوْلاۤءِ ﴾: المخاطبون في موالاتهم.
﴿ تُحِبُّونَهُمْ وَلاَ يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِٱلْكِتَابِ كُلِّهِ ﴾: وهم لا يؤمنون بكتابكم فهم في باطلهم أصلب منكم في حقكم.
﴿ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوۤاْ آمَنَّا ﴾: نفاقاً.
﴿ وَإِذَا خَلَوْاْ ﴾: بعضكم من بعض.
﴿ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ ٱلأَنَامِلَ مِنَ ﴾: أجل.
﴿ ٱلْغَيْظِ ﴾: حيث لم يجدوا إلى دفعكم سبيلاً.
﴿ قُلْ ﴾: يا محمد.
﴿ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ ﴾: دعاء بتضاعف غيظهم إلى موتهم بتضاعف قوة الإسلام.
﴿ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ﴾: بما في.
﴿ ٱلصُّدُورِ ﴾: من الغيظ وغيره فيجازي.
﴿ إِن تَمْسَسْكُمْ ﴾: تصبكم أدْنى إصابة.
﴿ حَسَنَةٌ ﴾: خير.
﴿ تَسُؤْهُمْ ﴾: تحزنهم.
﴿ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ ﴾: ضر.
﴿ يَفْرَحُواْ بِهَا وَإِن تَصْبِرُواْ ﴾: على أذاهم.
﴿ وَتَتَّقُواْ ﴾: المعاصي.
﴿ لاَ يَضُرُّكُمْ ﴾: بكسر الضاد من ضاره يضره ﴿ كَيْدُهُمْ شَيْئاً ﴾: والكيد: احتيالك لتوقع غيرك في مكروه.
﴿ إِنَّ ٱللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ﴾: علمه فيجازي.
﴿ وَ ﴾: اذكر.
﴿ إِذْ غَدَوْتَ مِنْ ﴾: حجرة.
﴿ أَهْلِكَ ﴾: عائشة رضي الله عنها.
﴿ تُبَوِّىءُ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾: تهيئ لهم.
﴿ مَقَاعِدَ ﴾: أماكن.
﴿ لِلْقِتَالِ ﴾: في غزوة أحد.
﴿ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ ﴾: لأقوالكم.
﴿ عَلِيمٌ ﴾: بضمائركم فيجازيكم.
﴿ إِذْ هَمَّتْ طَّآئِفَتَانِ مِنكُمْ ﴾: بنو حارثة وبنو أسد.
﴿ أَن تَفْشَلاَ ﴾: تجبنا وتنصرفا.
﴿ وَٱللَّهُ وَلِيُّهُمَا ﴾: ناصرهما، فكيف تَفْشَلاَن.
﴿ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ ﴾: لا على العَدَد.
﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ بِبَدْرٍ ﴾: مَاءٌ بين الحَرَمين، كان لرَجُل اسمُهُ بدر [فسُمِّى بِه].
﴿ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ ﴾: عَدَداً وعُدَداً، آثره على ذَلائل ليفُهَم قتلهم.
﴿ فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾: تنعمون موضع الشكر موضع الإنعام لأنه سببه، أو راجينَ دخولكم في الشاكرين.
﴿ إِذْ ﴾: ظرف لنصركم.
﴿ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاَثَةِ ءَالَٰفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ مُنزَلِينَ ﴾: لنصركم.
﴿ بَلَىۤ ﴾: يكفيكم، ثم وعد الزيادة بقوله: ﴿ إِن تَصْبِرُواْ ﴾ على العدوِّ ﴿ وَتَتَّقُواْ ﴾: مخالفتي.
﴿ وَيَأْتُوكُمْ ﴾: الكفار.
﴿ مِّن فَوْرِهِمْ ﴾ من ساعتهم ﴿ هَـٰذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ ﴾: أي: سريعاً أو من غضبهم بلا تأخر.
﴿ بِخَمْسَةِ ءَالَٰفٍ مِّنَ ٱلْمَلاۤئِكَةِ مُسَوِّمِينَ ﴾: مرسلين أو معلمين بالعمائم البيض والأصواف البيض أو الخُضْر في نواصي الخيل. واعلم أنه تعالى أمدَّهم في بدر أولاً بألف للقتال مثل عدد الكفار، فقال:﴿ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ ﴾[الأنفال: ٩] ثم بألفين آخرين، ثم ألفين آخرين للشوكة كما يشعر به﴿ مُرْدِفِينَ ﴾[الأنفال: ٩] فلا تنافي هنا ولا ينافي ذلك:﴿ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ ﴾[الأنفال: ٩]، أو: " إذ " بدل من:﴿ وَإِذْ غَدَوْتَ ﴾[ال عمران: ١٢١]، فهو في أحد نزلوا، ولم يقاتلوا لعدم الصبر والتقوى المشروطين كذا عن مجاهد.
﴿ وَمَا جَعَلَهُ ٱللَّهُ ﴾: أي: الإمتداد.
﴿ إِلاَّ بُشْرَىٰ ﴾: بشارة.
﴿ لَكُمْ ﴾: بالنصر بأنكم على الحق.
﴿ وَلِتَطْمَئِنَّ ﴾ لتسكن ﴿ قُلُوبُكُمْ بِهِ وَمَا ٱلنَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ ٱللَّهِ ٱلْعَزِيزِ ﴾ الغالب ﴿ ٱلْحَكِيمِ ﴾: في أفعاله، ونصركم ﴿ لِيَقْطَعَ ﴾: لينقص.
﴿ طَرَفاً ﴾: جانباً.
﴿ مِّنَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ ﴾: بالقتل والسبي والفرار ﴿ فَيَنقَلِبُواْ ﴾: يخزيهم، وأو للتنويع، يرجعوا ﴿ خَآئِبِينَ ﴾: ، منقطعي الآمال.
﴿ لَيْسَ لَكَ مِنَ ٱلأَمْرِ شَيْءٌ ﴾: من إصلاحهم وعقابهم.
﴿ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ﴾ عُطِفَ على ﴿ أَوْ يَكْبِتَهُمْ ﴾ وما قبله اعتراض أو بمعنى " إلا " أن ﴿ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ ﴾: فيستحقوا العذاب.
﴿ وَللَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ ﴾: فله الأمر.
﴿ يَغْفِرُ لِمَن يَشَآءُ وَيُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾: فلا تدع عليهم.
﴿ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ ٱلرِّبَٰواْ أَضْعَٰفاً مُّضَٰعَفَةً ﴾: هذا توبيخ لا تقييد أو بيان بحسب الواقعة.
﴿ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَٱتَّقُواْ ٱلنَّارَ ٱلَّتِيۤ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ ﴾: بالذات، وللعاصين بالعرض خلافاً للمعتزلة، قال إبو حنيفة -رضي الله عنه-: هي أخوف آية لآكله لوضعهم موضعهم تغليظاً.
﴿ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَٱلرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ * وَسَارِعُوۤاْ ﴾: بادروا ورود أن العجلة من الشيطان إلا في خمس مواضع: التوبة من الذنب، وقضاء الدين الحَالّ، وتزويج البكر البالغة، ودفن الميت، وإكرام الضيف إذ نزل.
﴿ إِلَىٰ ﴾: موجبات.
﴿ مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا ٱلسَّمَٰوَٰتُ وَٱلأَرْضُ ﴾: أي كسبع سموات وأرضين لو وصل بعضها ببعض بحيث تَصِيْرُ سَطْحاً من أجزاء لا تتجزء، فكيف بطولها كذا قاله ابن عباس وأراد المبالغة في سعتها أو العرض: الشمس أو السعة ولا يرد أنها كيف سعتها مثلها، وهي في السماء لأنها في الكرسي والسموات في جنبه كحلقة في فلاه، وسقفه عرش الرحمن،" وسئل -صلى الله عليه وسلم- فأين النار حينئذ؟ فقال -صلى الله عليه وسلم-: " سبحان الله إنه إذا جاء النهار فأين الليل "، فاطلع -صلى الله عليه وسلم- به الخاصة على ما بينه بقوله: " ما لا عين رأت ولا أذن سمعت " وعن ابن عباس:" إن لله عوالم هذا أحدها "﴿ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾: بالذات ولغيرهم بالتبع، كما قال: أُعِدَّ القَصْر للسُّلْطان، ودَّلت على أنها مخلوقة.
﴿ ٱلَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي ﴾ حَال ﴿ السَّرَّآءِ ﴾: اليسر.
﴿ وَٱلضَّرَّآءِ ﴾: العسر.
﴿ وَٱلْكَاظِمِينَ ٱلْغَيْظَ ﴾: الممسكين عليه من كضمت القربة إذا ملأتها وسددت رأسها، وفي الحديث:" مَنْ كَظَمَ غَيْظاً وهُوَ يَقْدرُ على إنفاذه ملأ الله قلبه أمناً وإيماناً "الكافين عن إمضاءه مع القدرة.
﴿ وَٱلْعَافِينَ ﴾: التاركين العقوبة.
﴿ عَنِ ٱلنَّاسِ ﴾: المستحق عليهم.
﴿ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ ﴾: أي: يحبهم.
﴿ وَٱلَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً ﴾: قبيحة بالغة في القبح.
﴿ أَوْ ظَلَمُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ ﴾: بما دنوها.
﴿ ذَكَرُواْ ٱللَّهَ ﴾: أي: وعيده.
﴿ فَٱسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن ﴾: أي: لا.
﴿ يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ إِلاَّ ٱللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَىٰ مَا فَعَلُواْ ﴾: في الحديث:" مَا أصَرَّ مَن استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرة ".
﴿ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾: أنها معصية.
﴿ أُوْلَـٰئِكَ ﴾: جزاء الذين.
﴿ جَزَآؤُهُمْ مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَامِلِينَ ﴾: المغفرة والجنات، أفاد بتنكير جنات: أنَّ ما لهم أدْوَنُ ممّا للمُتقين، كما أفادهم بوصفه بالإحسان، ووصف هؤلاء بالعمل.
﴿ قَدْ خَلَتْ ﴾: مَضَتْ ﴿ مِن قَبْلِكُمْ سُنَنٌ ﴾: وقائعُ سنَّهَا الله تعالى في الأمم الماضية.
﴿ فَسِيرُواْ فِي ٱلأَرْضِ ﴾: حقيقة لتعتبروا بآثار هلاكهم أو مجاز عن إحالة الخاطِر.
﴿ فَٱنْظُرُواْ ﴾: لها بالعين أو البصيرة.
﴿ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُكَذِّبِينَ ﴾: واعتبروا.
﴿ هَـٰذَا ﴾ الخلوّ المذكور ﴿ بَيَانٌ لِّلنَّاسِ ﴾: عامة.
﴿ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ * وَلاَ تَهِنُوا ﴾: لا تضعفوا عَن الحرب.
﴿ وَلاَ تَحْزَنُوا ﴾: على مَغْلوبيَّتكم في أُحُدٍ ﴿ وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ ﴾: الغالبين في الدارين.
﴿ إِنْ كُنْتُمْ مُّؤْمِنِينَ ﴾: فإن الإيمان يقتضي الشجاعة بالوثوق بالله.
﴿ إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ ﴾: يوم أحد، وهُو بالفتح جرح، وبالضم ألم.
﴿ فَقَدْ مَسَّ ٱلْقَوْمَ ﴾: المشركين.
﴿ قَرْحٌ مِّثْلُهُ ﴾: في بدر وهم لم يجبنوا، فإنهم أحق به.
﴿ وَتِلْكَ ٱلأَيَّامُ ﴾: أيام الدنيا.
﴿ نُدَاوِلُهَا ﴾: نصرفها في تحقيق الحجة وتشديدها لا لأنه -تعالى- لا ينصره وَإنما لم يكُنْ أبداً للمؤمنين لأنه أدعى إلى أحتقار الدنيا.
﴿ بَيْنَ ٱلنَّاسِ ﴾: مَرَّة لهؤلاء ومَرَّةً لهؤلاء لمصالح لا تُحْصَى.
﴿ وَلِيَعْلَمَ ٱللَّهُ ﴾: علم ظهور، أو القصد في أمثاله ونقائده إثبات معلومه ونفيه بطريق البرهان.
﴿ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَآءَ ﴾: أي ليلزمكم بالشهادة في سبيله.
﴿ وَٱللَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلظَّالِمِينَ ﴾: فتغليبهم ليس لمحبتهم بل لأمتحانهم.
﴿ وَلِيُمَحِّصَ ﴾: ليخَلِّص ويُصَفّي.
﴿ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ﴾: من الذنوب بمغلوبيتهم.
﴿ وَيَمْحَقَ ﴾: يهلك.
﴿ ٱلْكَافِرِينَ ﴾: بغالبيتهم، فإنهم إذا ظفروا بغوا، وهو سبب هلاكهم، والمَحْقُ: النَّقْصُ قليلاً قليلاً.
﴿ أَمْ ﴾: بل ﴿ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ ٱللَّهُ ﴾: علم ظهور.
﴿ ٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ ﴾: أي: ولم يجاهدوا.
﴿ وَيَعْلَمَ ﴾: نُصِبَ بواو الصرف عن العطف.
﴿ ٱلصَّابِرِينَ ﴾: على القتال، أي: لا تدخلونها، والحال أنكم لم تجاهدوا ولم تصبروا.
﴿ وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ ٱلْمَوْتَ ﴾: الشهادة.
﴿ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنظُرُونَ ﴾: ذلك حين قتل إخوانكم، فأنتم تمنيتم غَلبة الكفار بتمني الشهادة لما شاع يوم أحد أن محمَّداً قتل وقال المنافقين للمؤمنين: الحقوا بدينكم الأول، نزلت: ﴿ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ ﴾: مضت.
﴿ مِن قَبْلِهِ ٱلرُّسُلُ ﴾: بالقتل أو الموت.
﴿ أَفإِنْ مَّاتَ أَوْ قُتِلَ ٱنْقَلَبْتُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ﴾: إلى دين آبائكم. واعلم أن القتل إزالة الروح عن الجسد كالموت، لكن إذا اعتبر بفعل متولي ذلك، يقال: قتل أو بفوت الحياة، يقال: مَات.
﴿ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ ٱللَّهَ شَيْئاً ﴾: بل يضر نفسه.
﴿ وَسَيَجْزِي ٱللَّهُ ٱلشَّاكِرِينَ ﴾: على نعمة الإسلام.
﴿ وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللهِ ﴾: فلا أثر للجُبْن والشَّجاعَة فقد كتب ذلك.
﴿ كِتَٰباً مُّؤَجَّلاً ﴾: مؤقتاً.
﴿ وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ ٱلدُّنْيَا ﴾: بعمله.
﴿ نُؤْتِهِ مِنْهَا ﴾: إن أردنا، وفيه تعريض لمن سبقتهم الغنائم يوم أحد.
﴿ وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ ٱلآخِرَةِ ﴾: كمن ثبت وحارب.
﴿ نُؤْتِهِ مِنْهَا ﴾: من ثوابها.
﴿ وَسَنَجْزِي ٱلشَّٰكِرِينَ ﴾: نعمة الله.
﴿ وَكَأَيِّن ﴾: كم.
﴿ مِّن نَّبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ ﴾: ربانيون كما مر، أو عابدون لربهم جماعات منسوب إلى ربه أي: الجماعة.
﴿ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُواْ ﴾: افتروا خوفاً ﴿ لِمَآ أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ﴾: من قتلهم أو قتل نبيهم.
﴿ وَمَا ضَعُفُواْ ﴾: عن العدو.
﴿ وَمَا ٱسْتَكَانُواْ ﴾: ما خَضَعُوا للعدُو، والاستكانة الخضوع عَن ذُلٍّ.
﴿ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلصَّابِرِينَ * وَمَا كَانَ قَوْلَهُمْ ﴾: مع ثبوتهم.
﴿ إِلاَّ أَن قَالُواْ ربَّنَا ٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَإِسْرَافَنَا فِيۤ أَمْرِنَا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا ﴾: في الحروب.
﴿ وٱنْصُرْنَا عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْكَافِرِينَ * فَآتَاهُمُ ٱللَّهُ ثَوَابَ ٱلدُّنْيَا ﴾: بالنصر والغنيمة.
﴿ وَحُسْنَ ثَوَابِ ٱلآخِرَةِ وَٱللَّهُ يُحِبُّ ٱلْمُحْسِنِينَ * يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن تُطِيعُواْ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾: إذ قالوا يوم أحد: ارجعوا إلى دين آبائكم.
﴿ يَرُدُّوكُمْ عَلَىٰ أَعْقَابِكُمْ ﴾: إلى الشرك.
﴿ فَتَنقَلِبُواْ خَاسِرِينَ ﴾: في الدارين.
﴿ بَلِ ٱللَّهُ مَوْلاَكُمْ ﴾: ناصركم.
﴿ وَهُوَ خَيْرُ ٱلنَّاصِرِينَ ﴾: فلا تستنصروا من غيره.
﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعْبَ ﴾: حين أرادوا في رجوعهم من أحد إلى مكة الكَرَّ إلى المسلمين لاستئصالهم والسين للتأكيد لنزولها بعده.
﴿ بِمَآ أَشْرَكُواْ ﴾: بسبب إشراكهم.
﴿ بِٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ ﴾: أي: بإشراكه.
﴿ سُلْطَاناً ﴾: حُجَّةٌ، المُراد: عدمه: مثل: لا تُفْرغ الأرنب أهوالها. ﴿ وَمَأْوَاهُمُ ٱلنَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَىٰ ٱلظَّالِمِينَ ﴾: أي مثواهم.
﴿ وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ ٱللَّهُ وَعْدَهُ ﴾: بالنصر بشرط الصَّبر والتَّقوى ﴿ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ ﴾: تقتلوهم فإنهم قتلوا اثنين وعشرين من الكفار أول الأمر من أَحسَّهُ أي: أبطل حسه.
﴿ بِإِذْنِهِ ﴾: بأمره.
﴿ حَتَّىٰ إِذَا فَشِلْتُمْ ﴾: جبنتهم.
﴿ وَتَنَازَعْتُمْ فِي ٱلأَمْرِ ﴾: حين اختلف الرماة في ترك المركز للغنيمة بعد انهزام المشركين.
﴿ وَعَصَيْتُمْ ﴾: الرسول بترك المركز.
﴿ مِّن بَعْدِ مَآ أَرَاكُمْ ﴾ الله ﴿ مَّا تُحِبُّونَ ﴾: من الغنيمة، وجواب إذ مقدر أي: منعكم نصره.
﴿ مِنكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا ﴾: كتارك المركز للغنيمة.
﴿ وَمِنكُم مَّن يُرِيدُ ٱلآخِرَةَ ﴾: كمن ثبت فيه، وقاتل.
﴿ ثُمَّ صَرَفَكُمْ ﴾: رَدَّكُم.
﴿ عَنْهُمْ ﴾: بالهزيمة.
﴿ لِيَبْتَلِيَكُمْ ﴾: ليمتحن ثوابكم.
﴿ وَلَقَدْ عَفَا عَنْكُمْ ﴾: مخالفة الرسول في ترك المركز ﴿ وَٱللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾ واذكروا ﴿ إِذْ تُصْعِدُونَ ﴾: تعبدون في الهزيمة.
﴿ وَلاَ تَلْوُونَ ﴾: لا تنتظرون من لوى، إذا ذكَرَّ عطف.
﴿ عَلَىٰ أحَدٍ ﴾: لأحد منكم.
﴿ وَٱلرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِيۤ أُخْرَٰكُمْ ﴾: جماعتكم المتأخرين، يقول:" إليَّ عباد الله فأنا رسول الله مَنْ مكَثَ فلَهُ الجَنَّة ".
﴿ فَأَثَـٰبَكُمْ ﴾: جازاكم الله على قراركم.
﴿ غَمّاً ﴾: بما نيل منكم، متصلاً ﴿ بِغَمٍّ ﴾ هو إفْشَاء قتل محمد صلى الله عليه وسلم، أو بسبب غم أذقتموه عليه الصلاة والسلام بمخالفتكم له، لتتعودوا على الصبر في الشدائد، وإليه أشار بقوله: ﴿ لِّكَيْلاَ تَحْزَنُواْ عَلَىٰ مَا فَاتَكُمْ ﴾: من نحو الغنيمة ﴿ وَلاَ مَآ أَصَـٰبَكُمْ ﴾: من نحو القتل، وحاصله التحريض على الصبر.
﴿ وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّن بَعْدِ ٱلْغَمِّ ﴾: بعد ارتحال الكُفَّار.
﴿ أَمَنَةً ﴾: أمناً.
﴿ نُّعَاساً ﴾: بدل اشتمال منها، إذ نعس عليه الصلاة والسلام مع المؤمنين حينئذٍ، رُوِبّ أن النعاس في الصلاة من الشيطان، وفي القتال [أمنة] من الله تعالى، قاله ابن مسعود.
﴿ يَغْشَىٰ ﴾: النعاسُ ﴿ طَآئِفَةً مِّنْكُمْ ﴾: هم المؤمنون.
﴿ وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ ﴾: هم المنافقون.
﴿ يَظُنُّونَ بِٱللَّهِ غَيْرَ ﴾: الظن.
﴿ ٱلْحَقِّ ظَنَّ ﴾: أهل.
﴿ ٱلْجَٰهِلِيَّةِ ﴾: وهم أنهم ﴿ يَقُولُونَ ﴾ إنكاراً: ﴿ هَل لَّنَا مِنَ ٱلأَمْرِ ﴾: مما أمر الله ووعد من النصر ﴿ مِن شَيْءٍ ﴾: نصيب.
﴿ قُلْ ﴾: يا محمد.
﴿ إِنَّ ٱلأَمْرَ ﴾: النصرة الحقيقية.
﴿ كُلَّهُ للَّهِ يُخْفُونَ فِيۤ أَنْفُسِهِم ﴾ من النفاق.
﴿ مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ ﴾: في خلواتهم.
﴿ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ ٱلأَمْرِ شَيْءٌ ﴾: كما زعم محمد أن الله ينصر أولياءه.
﴿ مَّا قُتِلْنَا ﴾: منا قُتل منَّا.
﴿ هَٰهُنَا قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ ﴾: لخرج.
﴿ ٱلَّذِينَ كُتِبَ ﴾: قدر.
﴿ عَلَيْهِمُ ٱلْقَتْلُ إِلَىٰ مَضَاجِعِهِمْ ﴾: مصارعهم بلا اختيارهم، فبرزوا لنفاذ قضاء الله بفعله ذلك.
﴿ وَلِيَبْتَلِيَ ﴾: ليمتحن.
﴿ ٱللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ ﴾: سرائركم.
﴿ وَلِيُمَحِّصَ ﴾: يكشف ويميز.
﴿ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ ﴾: بمَا في ﴿ ٱلصُّدُورِ ﴾: وأنما يبتلي ليظهر للناس.
﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَوَلَّوْاْ مِنكُمْ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ ﴾: في أحد.
﴿ إِنَّمَا ٱسْتَزَلَّهُمُ ﴾: حملهم على الزلة.
﴿ ٱلشَّيْطَانُ بِبَعْضِ ﴾: بشؤم بعض.
﴿ مَا كَسَبُواْ ﴾: من الذنوب، كترك المركز.
﴿ وَلَقَدْ عَفَا ٱللَّهُ ﴾: ذلك.
﴿ عَنْهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ ﴾: لا يعاجل بالعقوبة.
﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَقَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ ﴾: لأجل أصحابهم.
﴿ إِذَا ضَرَبُواْ فِي ٱلأَرْضِ ﴾: سافروا لغرض فماتوا سفرا.
﴿ أَوْ كَانُواْ غُزًّى ﴾: فقتلوا، جمع غاز.
﴿ لَّوْ كَانُواْ عِنْدَنَا مَا مَاتُواْ وَمَا قُتِلُواْ ﴾: لا تَقُولُوا ذلك، وقد مضى بيان الموت والقتل أيضاً.
﴿ لِيَجْعَلَ ٱللَّهُ ذٰلِكَ ﴾: القول.
﴿ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ ﴾: خاصة دون قلوبكم.
﴿ وَٱللَّهُ يُحْيِـي وَيُمِيتُ ﴾: لا الإقامة والسفر ﴿ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾: من موافقتهم ﴿ بَصِيرٌ * وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَوْ مُتُّمْ ﴾: في سبيله.
﴿ لَمَغْفِرَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ ﴾: مِنْ حُطَام الدُّنْيا.
﴿ وَلَئِنْ مُّتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لإِلَى ٱلله تُحْشَرُونَ ﴾: لا إلى غيره فيجازيكم.
﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ ﴾: فاصلة للتأكيد، أي: بسبب رحمة عظيمة.
﴿ مِّنَ ٱللَّهِ لِنتَ ﴾: سَهُلَتْ أخلاقك.
﴿ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً ﴾: سيء الخلق.
﴿ غَلِيظَ ﴾: قاسي.
﴿ ٱلْقَلْبِ لاَنْفَضُّواْ ﴾: لتفرقوا.
﴿ مِنْ حَوْلِكَ فَٱعْفُ عَنْهُمْ ﴾: فيما لك عفوه.
﴿ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ ﴾: فيما الله.
﴿ وَشَاوِرْهُمْ فِي ٱلأَمْرِ ﴾: الذي ليس فيه وحي ممَّا يصحُّ أن يشاور فيه ليصير سنة، ولتطيب قلوبهم.
﴿ فَإِذَا عَزَمْتَ ﴾: عَلَيْهِ بعد الشّوْرَى.
﴿ فَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ ﴾: فيه.
﴿ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُتَوَكِّلِينَ ﴾: فينصركُمْ.
﴿ إِن يَنصُرْكُمُ ٱللَّهُ فَلاَ غَالِبَ لَكُمْ وَإِن يَخْذُلْكُمْ ﴾: كما في أحد.
﴿ فَمَن ذَا ٱلَّذِي يَنصُرُكُم مِّنْ بَعْدِهِ ﴾: بعد خذلانه.
﴿ وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ * وَمَا كَانَ ﴾: ما صح.
﴿ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ ﴾: يخون، ومجهولاً: أي: ينسب إلى الخيانة أو يخان.
﴿ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ ﴾: حاملاً له على عُنُقه، وقوله تعالى:﴿ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَٰدَىٰ ﴾[الأنعام: ٩٤]، أي: عن أموالكم وأولادكم ومعبودكم ﴿ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ ﴾: جزاء.
﴿ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ﴾: في العقاب.
﴿ أَفَمَنِ ٱتَّبَعَ رِضْوَانَ ٱللَّهِ ﴾: بطاعَتِهِ.
﴿ كَمَن بَآءَ ﴾: رجع.
﴿ بِسَخَطٍ مِّنَ ٱللَّهِ ﴾: بمخالفته.
﴿ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ ﴾: هي، والفرق بينه وبين المرجع أنه يجب أن يخالف الحالَ الأولى دون المرجع.
﴿ هُمْ ﴾: من اتبع.
﴿ دَرَجَـٰتٌ ﴾ أي: ذَوُوا درجاتٍ.
﴿ عِندَ ٱللَّهِ وٱللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ﴾: فيجازيهم به.
﴿ لَقَدْ مَنَّ ﴾ أنعم ﴿ ٱللَّهُ عَلَى ٱلْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ ﴾: جنس.
﴿ أَنْفُسِهِمْ ﴾: لا ملكاً.
﴿ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ ﴾: القرآن.
﴿ وَيُزَكِّيهِمْ ﴾: السنة.
﴿ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلْكِتَابَ ﴾: القرآن.
﴿ وَٱلْحِكْمَةَ ﴾: السنة.
﴿ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ ﴾: قبل نبوته ﴿ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ ﴾: ظاهر ﴿ أَ ﴾ فعَلْتُمْ كذا.
﴿ وَلَمَّآ أَصَـٰبَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ ﴾: يوم أحد بقتل سبعين، والحالُ أنكم.
﴿ قَدْ أَصَبْتُمْ ﴾: كيف أصابنا.
﴿ مِّثْلَيْهَا ﴾: الكسر، وقد وعدنا بالنصر.
﴿ قُلْتُمْ أَنَّىٰ ﴾: بترك المركز وأخذ الفِدَاء.
﴿ هَـٰذَا ﴾: الكسر، وقد عدنا بالنصر.
﴿ قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ ﴾: يترك المركز وأخذ الفِدَاء.
﴿ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾: ومنه النصر والكسر.
﴿ وَمَآ أَصَابَكُمْ يَوْمَ ٱلْتَقَى ٱلْجَمْعَانِ ﴾: المسلمون والمشركون في أحد.
﴿ فَبِإِذْنِ ٱللَّهِ ﴾: فبقَضَائه.
﴿ وَلِيَعْلَمَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾: عُطفَ على بإذن ﴿ وَلِيَعْلَمَ ٱلَّذِينَ نَافَقُواْ ﴾: علم ظهور ﴿ وَ ﴾ الذين.
﴿ قِيلَ لَهُمْ ﴾: وهم ابنُ أُبِّي وصَحْبه حين انصرفوا في طريق أحد.
﴿ تَعَالَوْاْ قَاتِلُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَوِ ٱدْفَعُواْ ﴾: العدوّ بتكثير السواد ﴿ قَالُواْ ﴾: استهزاءً: ﴿ لَوْ نَعْلَمُ ﴾: نُحْسِنُ.
﴿ قِتَالاً لاَّتَّبَعْنَاكُمْ ﴾: إلى التهلكة ﴿ هُمْ لِلْكُفْرِ ﴾: أي: إليه.
﴿ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلإِيمَانِ ﴾: أي: إليه يعني قربهم إلى الكفر يومئذ يزيد على قربهم من الإيمان.
﴿ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ﴾: من كلمة الإيمان، وكلمة: ﴿ لَوْ نَعْلَمُ ﴾: إلى آخره، والإضافة للتأكيد أو للتّصْوير إذ القول قد يكون نفسيّاً.
﴿ وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ ﴾: هم.
﴿ ٱلَّذِينَ قَالُواْ لإِخْوَانِهِمْ ﴾: لأجل أصحابهم المقتولين في أحد.
﴿ وَ ﴾ قد ﴿ قَعَدُواْ ﴾ عن الحرب: ﴿ لَوْ أَطَاعُونَا ﴾: في الانصراف.
﴿ مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾: أنكم تقدرون على دفع القتل المقدر، أفهم أنَّ القتل والموت شيئان.
﴿ وَلاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ قُتِلُواْ ﴾: ببدر وأحد.
﴿ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أَمْوَاتاً بَلْ ﴾: هم.
﴿ أَحْيَاءٌ ﴾: حياة روحانية عند الأكثر ومع بقاء الجسد عند بعضٍ، وقالت المعتزلة: المراد حياة القيامة، وصيغةُ الحال لتحقُّقها ﴿ عِندَ رَبِّهِمْ ﴾: ذَوُو قُربةٍ منه ومضى بيانه في البقرة، ولما أراد مُعاويةُ [رضي الله عنه] إجْراء العين عند قبور شهداء أحد، أخرجهم أهلهم من قبورهم، وكانوا رِطَاباً، فأصابت المِسْحَاة أُصبح واحدٍ منهم فانقطرت دماً.
﴿ يُرْزَقُونَ ﴾: في دار الكرامة.
﴿ فَرِحِينَ بِمَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ ﴾: دَلَّ على أنَّ الإنسان غير هذا الهيكل بل هو جوهر مدرك متأمل بذاته، وفي الحديث:" أرْوَاحُ الشُّهَداء في أجواف طَيْرٍ خُضْر ترد أنهار الجنة وتأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل معلقة إلى ظل العرش "، أي: أرواحهم على نفوسهم التي بها تُدْركُ وتُميِّزُ، وتحلُّ في أبدانها، فتنعم في الجنة، أو تمثل طيوراً خضر والمراد أنها تكتسب زيادة كمال، وهذا يلائم القناديل المذكورة، وسموا شهداء لحُضُور أرْوَاحهم الآن بدار السلام، وأما أرواح غيرهم فإنما يحضرون القيامة، أو لأن الله تعالى شهد لهم حضور الجنة، وقد مرَّ البحثُ في البقرة وروي أنه يؤتى الشهيد بكتاب فيه: يقدم عليك فلان يوم كذا وفلان يوم كذا فيستبشر به قاله السدي.
﴿ وَيَسْتَبْشِرُونَ ﴾: يسرون بالشَّهادةَ.
﴿ بِٱلَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ ﴾: زماناً أو رتبة ﴿ أَ ﴾ أن.
﴿ لاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾: أي.
﴿ يَسْتَبْشِرُونَ ﴾: بعدم الخوف والحزن على من خلفهم.
﴿ بِنِعْمَةٍ ﴾: ثواب.
﴿ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ ﴾: زيادة عليه.
﴿ وَأَنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ * ٱلَّذِينَ ٱسْتَجَابُواْ للَّهِ وَٱلرَّسُولِ ﴾: بخروجهم إلى حَمْرَاء الأسد لما سمعوا كرَّ الكُفَّار إليهم بعد رجوعهم من أحد لاستئصالهم.
﴿ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ ٱلْقَرْحُ ﴾: الجرح في أحد.
﴿ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ مِنْهُمْ ﴾: بطاعة الرسول.
﴿ وَٱتَّقَواْ ﴾: مخالفته.
﴿ أَجْرٌ عَظِيمٌ * ٱلَّذِينَ قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ ﴾: رسول المشركين نعيم بن مسعود مع أتباعه من المنافقين.
﴿ إِنَّ ٱلنَّاسَ ﴾: المشركين.
﴿ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ ﴾: بخروجهم من مكة إليكم.
﴿ فَٱخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ ﴾: هذا القول.
﴿ إِيمَاناً ﴾ بثبوت توبتهم ﴿ وَقَالُواْ حَسْبُنَا ﴾: محسبا أي: كافينا.
﴿ ٱللَّهُ وَنِعْمَ ٱلْوَكِيلُ ﴾: هو.
﴿ فَٱنْقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ ﴾:: الأجر وسلامة البدن.
﴿ وَفَضْلٍ ﴾: ربح، أي: من تجارة كسوق بدر.
﴿ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوۤءٌ ﴾: كجرح.
﴿ وَٱتَّبَعُواْ رِضْوَانَ ٱللَّهِ ﴾: بطاعة رسوله.
﴿ وَٱللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ﴾: على مطيعيه.
﴿ إِنَّمَا ذٰلِكُمُ ﴾: القاتل: أي: نعيم.
﴿ ٱلشَّيْطَـٰنُ يُخَوِّفُ ﴾: أي: يخيفكم من.
﴿ أَوْلِيَاءَهُ ﴾: من قعد عن الخروج مع الرسول، أو يخوفكم أولياء، وهم أبو سفيان وصحبه.
﴿ فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُمْ مُّؤْمِنِينَ * وَلاَ يَحْزُنكَ ﴾: المنافقون.
﴿ ٱلَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي ﴾ نُصْرةِ ﴿ ٱلْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ ﴾ دِيْنَهُ ﴿ شَيْئاً ﴾: من الضرر.
﴿ يُرِيدُ ٱللَّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظّاً فِي ٱلآخِرَةِ ﴾: من الثَّواب.
﴿ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * إِنَّ ٱلَّذِينَ ٱشْتَرَوُاْ ٱلْكُفْرَ بِٱلإِيمَانِ لَن يَضُرُّواْ ٱللَّهَ شَيْئاً وَلهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾: تعميمم للكفرة بعد تخصيص المنافقين.
﴿ وَلاَ يَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ ﴾: بدل من المفعول الأول واقتصر على مفعول واحد لأن التَّعويل على البدل، وهو ينوبُ عن المفعولين والأملاء: الإهمال وإطالة العمر.
﴿ خَيْرٌ لأَنْفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ ﴾: نُمْهِلهم.
﴿ لِيَزْدَادُوۤاْ إِثْمَاً وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ * مَّا كَانَ ٱللَّهُ لِيَذَرَ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَىٰ مَآ أَنْتُمْ عَلَيْهِ ﴾: يا معشر المؤمنين والمنافقين من الالتباس والاختلاط.
﴿ حَتَّىٰ يَمِيزَ ٱلْخَبِيثَ ﴾: المنافق.
﴿ مِنَ ٱلطَّيِّبِ ﴾: المؤمن المخلص بالوحي أو التكليف.
﴿ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى ٱلْغَيْبِ ﴾: فتعرفوا الفريقين لما فيه من رفع المحنة.
﴿ وَلَكِنَّ ٱللَّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَآءُ ﴾: فيخبره ببعضه ﴿ فَآمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرُسُلِهِ ﴾: مخلصين.
﴿ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ ﴾: المعاصي.
﴿ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ * وَلاَ يَحْسَبَنَّ ﴾: بخل.
﴿ ٱلَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ ﴾: بخلهم.
﴿ خَيْراً لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُواْ بِهِ ﴾: ولم يؤدوا زكاته ﴿ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ ﴾: فيجعل ماله حية يطوق في عنقه وينهشه من فرقه إلى قدمه.
﴿ وَللَّهِ مِيرَاثُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ ﴾: حين ينفي جميع الملاك.
﴿ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾: فيجازيكم.
﴿ لَّقَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ ﴾: لأبي بكر حين بلغهم أمر الرسول بأن يقرضوا الله قرضاً حسناً: ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَآءُ ﴾: فيقرض متاعه - قاله فِنْحَاصُ بن عازوراء وقَوْمُه.
﴿ سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ ﴾: في صحائف الكتبة، أو مجاز عن عدم النسيان.
﴿ وَقَتْلَهُمُ ٱلأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ﴾: عندهم، فإن رضاهم بفعل آباءهم كفعلهم كما مرَّ.
﴿ وَنَقُولُ ﴾: لهم.
﴿ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ ﴾: المحروق مُبالغة كما مرَّ في لأليم، والذَّوق: إدراكُ الطُّعوم، وأُطْلق اتساعاً على إدراك سائر المحسوسات والحالات.
﴿ ذٰلِكَ ﴾: العذاب.
﴿ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ ﴾: مجاز عن الأنفس، لأن أكثر أعمالها بهن.
﴿ وَأَنَّ ﴾: بأن.
﴿ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ ﴾: بكثيره لقوله.
﴿ لِّلْعَبِيدِ ﴾: توزيعاً، فالمبالغة في الكم، ولذا قال: عالم الغيب، وعلام الغيوب، ومحلقين رؤوسكم أو لأن أدنى ظلم من العظيم، فالمبالغة في الكيف، أو لأن صفاته تعالى في الرتبة العليا، ودل بالعطف على أن سببيته مقيدة بانضمامه إليه، إذ لولاه لأمكن أن يُعذبهم بلا ذنب، لا أنْ لا يعذبهم بذنوبهم، إذ ترك عذاب المسيء ليس بظلم شرعاً ولا عقلاً، حتى ينتهض سبباً للتعذيب، وليس في القرآن نص على أن الإحسان مع المسيئ في القيامة من الله ظلم كما قاله بعض، وكون العدل يقتضي إثابة المحسن، ومعاقبة المسيء لا يستلزمه لأن الإحسان مع المسيئ تفضل، وهو فوق العدل، وأنه أفاد أن التخصيص بالذكر لا يدل على نفي ما عداه.
﴿ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا ﴾: أوصانا ﴿ أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىٰ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ ٱلنَّارُ ﴾: أي: من تَصَدَّقَ من أمته بصدقة متقبلة تنزل نار من السماء فتأكلها، أي تحليله إلى طبعها بالإحتراق.
﴿ قُلْ ﴾: يا محمد إلْزاماً لهم: ﴿ قَدْ جَآءَكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِي بِٱلْبَيِّنَاتِ ﴾: من المعجزات ﴿ وَبِٱلَّذِي قُلْتُمْ ﴾: من النار.
﴿ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴾: في اتباع من جاء بها.
﴿ فَإِن كَذَّبُوكَ ﴾: فليس ببدع.
﴿ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ جَآءُوا بِٱلْبَيِّنَاتِ ﴾: من المعجزات.
﴿ وَٱلزُّبُرِ ﴾ جَمعُ زَبُورٍ هو: مانزل عليهم باعتبار ما فيه من الزواجر فإن الزبر هو الزجر.
﴿ وَٱلْكِتَابِ ﴾: ما نزل باعتبار جمعه للشرائع والأحكام.
﴿ ٱلْمُنِيرِ ﴾: المضيئ.
﴿ كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ ﴾: تطعون تامة.
﴿ أُجُورَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ ﴾ بُعِّدَ ﴿ عَنِ ٱلنَّارِ وَأُدْخِلَ ٱلْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ﴾: ظفر ببُغْيِته، أفهم إمكان الدخول في غيرهَا، كالأعراف.
﴿ وَما ٱلْحَيَاةُ ﴾: العيش في ﴿ ٱلدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ ٱلْغُرُورِ ﴾: الغرور تحتمل الأفراد والجمع، متاعٌ يُدلَّسُ به على المُسْتَام فيغتر ويشتريه، وهذا لغير أهل الآخرة، إذ هي لهم ﴿ مَتَاعُ ﴾ بلاغ: أي: كفاية، والله ﴿ لَتُبْلَوُنَّ ﴾: لتختبرن.
﴿ فِيۤ أَمْوَالِكُمْ ﴾: بالإنفاق.
﴿ وَأَنْفُسِكُمْ ﴾: بالأمراض والحقوق.
﴿ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُوۤاْ أَذًى كَثِيراً ﴾: من الهجاء وغيره.
﴿ وَإِن تَصْبِرُواْ ﴾: عليه ﴿ وَتَتَّقُواْ ﴾: الله.
﴿ فَإِنَّ ذٰلِكَ ﴾: كُلّاً منهما ﴿ مِنْ عَزْمِ ﴾: أي: معزومَات.
﴿ ٱلأُمُورِ ﴾: أي: واجباتها ومقطوعاتها، وأصله ثبات الرأي على الشيء نحو إمضائه.
﴿ وَ ﴾: اذكر ﴿ إِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ ﴾ من العلماء بلسان أنبيائهم، والله.
﴿ لَتُبَيِّنُنَّهُ ﴾: أي: كل الكتاب الآن.
﴿ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ ﴾: في الأستقبال.
﴿ فَنَبَذُوهُ ﴾: الميثاق.
﴿ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ ﴾ أي: ما التفتوا إليه.
﴿ وَٱشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً ﴾: من حُطَام الدنيا.
﴿ قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ ﴾: أي: يختارون لأنفسهم.
﴿ لاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَآ أَتَوْاْ ﴾: فعلوا، كتدليس اليهود في احكام التوراة.
﴿ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ ﴾: من نحو إظهار الحق.
﴿ فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ ﴾: تأكيد.
﴿ بِمَفَازَةٍ ﴾: بمنجاة، أي: فائزين بنجاة.
﴿ مِّنَ ٱلْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾: عن ابن عباس: أنه مخصوص باليهود، أي: في فعلهم المذكور.
﴿ وَللَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * إِنَّ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ ﴾: وعجائبها، أي: كما مر.
﴿ وَٱخْتِلاَفِ ٱلَّيلِ وَٱلنَّهَارِ ﴾: طولاً وقصراً، وتخصيص الليلة لشمولها أنواع التغيير، أي: في الذات كالليل والنهار، وفي جزء كصور العناصر، وفي الخارج كأوضاع الفلك، وهو الجزء الخارج، وهو مناط الاستدلال.
﴿ لآيَاتٍ ﴾: دلائل.
﴿ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ ﴾: على وجوده ووحدته، وعلمه وقدرته تعالى في الحديث:" ويل لمن قرأها ولم يتفَكَّرْ فيها "﴿ ٱلَّذِينَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ ﴾: يُصَلُّوْنَ.
﴿ قِيَاماً ﴾: قائمين.
﴿ وَقُعُوداً ﴾: قاعدين إن لم يقدروا.
﴿ وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ ﴾: إن لم يقدروا قائماً وقاعداً ومتطجعاً، المراد ذكره دائماً.
﴿ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ ﴾: مستدلين قائلين: ﴿ رَبَّنَآ مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً ﴾: عبثاً، بل لحكم.
﴿ سُبْحَانَكَ ﴾: تنزيلها لك من العبث.
﴿ فَقِنَا ﴾: أشار بالفاء إلى أن علمنا به حملنا على الاستعاذة.
﴿ عَذَابَ النَّارِ * رَبَّنَآ إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ ٱلنَّارَ ﴾: للخلود.
﴿ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ ﴾: أهنته غاية، وأما إدخال المؤمن فالتطهير، وأفهم أن العذاب الروحاني أفظع، والخِزْي: لحوق انكسار إما من نفسك، وهو الحياء المفرط، أو من غيرك وهو نوع من الاستحقاق والآية تحتملها، ولا يلزم منه ومن قوله تعالى:﴿ يَوْمَ لاَ يُخْزِى ٱللَّهُ ٱلنَّبِيَّ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ ﴾[التحريم: ٨] ألا يدخل مؤمن في النار لأنَّه من الخزاية، وهي النكال والفضيحة، وكل من يدخل النار يهان، ولا يلزم أن يعطف الذين على النبي ويمكن أن قوله: ﴿ ٱلَّذِينَ ﴾: ابتداء كلام.
﴿ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾: يخلصونهم، ولا يلزم منه نفي الشفاعة كما للمعتزلة، لأنها طلب دفع على سبيل التخضع، والأول دَفْعٌ بقهر ﴿ رَّبَّنَآ إِنَّنَآ سَمِعْنَا مُنَادِياً ﴾: محمداً أو القرآن.
﴿ يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ ﴾ أي: بأن.
﴿ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا ﴾: وهو بمجرد الفضل.
﴿ وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا ﴾: وهو محوها بالحسنات أو الأول في الكبائر، والثاني في الصغائر، تكرار.
﴿ وَتَوَفَّنَا ﴾: محشورين.
﴿ مَعَ ٱلأَبْرَارِ * رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَىٰ ﴾: ألسنة.
﴿ رُسُلِكَ ﴾: من الفضل والدعاء بما هو كائن للتخضع، وهو استعجال للنصر الموعود، وهو غير مؤقت.
﴿ وَلاَ تُخْزِنَا ﴾: تَفْضَحْنَا.
﴿ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ ﴾: بإثابة المؤمن.
﴿ فَٱسْتَجَابَ لَهُمْ ﴾: استجاب يعدى باللام وبنفسه ﴿ رَبُّهُمْ أَنِّي ﴾ بأني ﴿ لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنْكُمْ مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ ﴾: الذكر من الأنثى وعكسه، لاتحادهما دينا، فهما شيئان في الوعد، ثم فَضَّلَ العَمَل بقوله: ﴿ فَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَـٰرِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَـٰتَلُواْ وَقُتِلُواْ ﴾: في الجهاد.
﴿ لأُكَفِّرَنَّ ﴾: لأمحون.
﴿ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّـٰتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ ﴾: يثابون.
﴿ ثَوَاباً مِّن عِندِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ ٱلثَّوَابِ ﴾: على الطاعة.
﴿ لاَ يَغُرَّنَّكَ ﴾: أيها السَّامِع ﴿ تَقَلُّبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي ٱلْبِلاَدِ ﴾: من تَبسُّطِهم في مكاسبهم أيها السامع، أي: لا تنظر إلى سمعتهم يا محمد على عدم الاغترار، أي: لا تنظر إلى سمعتهم، هو ﴿ مَتَاعٌ قَلِيلٌ ﴾: لقلة مدته.
﴿ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ ﴾: المقر هي.
﴿ لَكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ ﴾: هو مايُعَدُّ للنازل قبل ضيافته فكيف بها.
﴿ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ ﴾: مما يتقلبون فيه.
﴿ وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ لَمَن يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ ﴾: القرآن.
﴿ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِمْ ﴾: هو ابن سلام وصحبه، أو النجاشيّ وصحبه.
﴿ خَٰشِعِينَ للَّهِ لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَـٰتِ ٱللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً ﴾: مثل المحرفين منهم.
﴿ أُوْلـٰئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ ﴾: فيسرع في الجزاء الموعود.
﴿ يَا أَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱصْبِرُواْ ﴾: على الطَّاعةِ والشدائد.
﴿ وَصَابِرُواْ ﴾: غالبوا أعداءه في الصبر على شدة الحرب.
﴿ وَرَابِطُواْ ﴾: أنفسكم على الطاعة في دوام الذكر، أو خيولكم وأبدانكم في الثغور.
﴿ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ﴾: بالتبري عما سواه.
﴿ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾: بنيل المقامات الثلاث الشريفة، وهي الصبر على مشاق الطاعة، والطريقة، وهي مصابرة النفس في رفض العادات والحقيقة، وهي مرابطة السير على جناب الحق لترصد الواردات.
Icon