وآياتها مائتان وركوعاتها عشرون
ﰡ
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ الم ﴾ قد مر تفسيرها١، فلا نعيدهفإن كانت أسماء للسور فهي أعلام تدل على ما تدل عليه الأسماء من أعيان الأشياء، وتفرق بينها فإذا قال القائل: قرأت (المص) أو قرأت (ص)، أو (ن) دل بذلك على ما قرأ كما تقول: لقيت محمدا، وكلمت عبد الله فهي تدل بالاسمين على العينين، وإن كان قد يقع بعضها مثل (حم)، و(الم) لعدة سور –فإن الفصل قد يقع بأن تقول (حم السجدة) و(الم البقرة) كما يقع الوفاق في الأسماء فتدل بالإضافات وأسماء الأباء والكنى.
وإن كانت أقساما فيجوز أن يكون الله عز وجل أقسم بالحروف المقطعة كلها واقتصر على ذكر بعضها من ذكر جميعها، فقال: (الم) وهو يريد جميع الحروف المقطعة كما يقول القائل: تعلمت (أ ب ت ث) وهو لا يريد تعلم هذه الأربعة الأحرف دون غيرها من الثمانية والعشرين، ولكنه لما طال أن يذكرها كلها اجتزأ بذكر بعضها، ولو قال: تعلمت (حاء طاء صاد) لدل أيضا على حروف المعجم كما دل بالقول الأول، إلا أن الناس يدلون بأوائل الأشياء عليها فيقولون: قرأت (الحمد لله)، يريدون فاتحة الكتاب فيسمونها بأول حرف منها هذا الأكثر وربما دلوا بغير الأول أيضا، أنشد الفراء:
لما رأيت أنها في حطى | أخذت منها بقرون شمط |
وإنما أقسم الله بحروف المعجم لشرفها، وفضلها، ولأنها مباني كتبه المنزلة بالألسنة المختلفة، ومباني أسمائه الحسنى وصفاته العلى وأصول كلام الأمم بها يتعارفون ويذكرون الله ويوحدون.
وقد أقسم الله في كتابه الفجر، والطور، وبالعصر، وبالتين والزيتون وهما جبلان ينبتان التين والزيتون – يقال لأحدهما: طور زيتا، وللآخر: طور تينا بالسريانية - من الأرض المقدسة، فسماهما بما ينبتان.
وأقسم بالقلم إعظاما لما يسطرون، ووقع القسم بها في أكثر السور على القرآن فقال (الم ذلك الكتاب لا ريب فيه) (البقرة: ١، ٢)، كأنه قال وحروف المعجم لهو الكتاب لا ريب فيه. و(الم الله لا إله إلا هو) أي: وحروف المعجم لهو الله لا إله إلا هو. و(المص كتاب أنزل إليك) (الأعراف: ١، ٢)، أي: وحروف المعجم لهو كتاب أنزل إليك و(يس والقرآن الحكيم) (يس: ١، ٢) [وفي الأصل: ياسين]، و(ص والقرآن ذي الذكر) (ص: ١)، و(ق والقرآن المجيد) (ق: ١)، كله أقسام / مـ تأويل مشكل القرآن لابن قتيبة. .
٢ وهو قول قتادة/١٢..
٢ يعني عبر عن العالم بالسماء، والأرض لما أنهما العالم كله في النظر الظاهر/١٢..
٢ ولما ذكر من الصفات الحسنى ما دل على أنه هو المتفرد بالإلهية، وهو الغالب الحاكم ذكر نتيجته فقال: (لا إله إلا هو العزيز الحكيم)..
﴿ وأُخر متشابهات ﴾ فيها اشتباه في الدلالة لكثير من الناس إلا للمهرة من العلماء، وبهذا يظهر فضلهم، وهن المنسوخة، والمقدم والمؤخر منه، والأمثال والأقسام، وما يؤمن به ولا يعمل به، أو الحروف التي في أوائل السور٦ ﴿ فأما الذين في قلوبهم زَيغ ﴾ عدول عن الحق، كاليهود، وقالت : الحروف المقطعة بيان مدة أجل هذه الأمة ﴿ فيتّبعون ما تشابه منه ﴾ يتعلقون به لينزلوه على مقاصدهم الفاسدة، وأما المحكم فتركوه لأنه لا نصيب لهم فيه. ﴿ ابتغاء الفتنة ﴾ : الإضلال. ﴿ وابتغاء تأويله ﴾ على ما يشتهونه أو بطلب٧ حقيقته وما يئول أمره إليه. ﴿ وما يعلم تأويله٨ ﴾ أي ما هو الحق، أو حقيقته. ﴿ إلا الله٩ والرّاسخون١٠ في العلم ﴾ اختلفوا في الوقف على ( الله ) عند أكثر السلف أن تأويل بعض الآيات لا يعلمه أحد إلا الله، ومن القراء من يقف على قوله :( والرّاسخون في العلم )، وهو قول مجاهد وربيع بن أنس، وروى عن ابن عباس أنه قال : أنا من الراسخين الذين يعلمون تأويله. ﴿ يقولون آمنا به ﴾ خبر الراسخون إن جعلته مبتدأ، وإلا فهو استئناف أو حال. ﴿ كلٌّ ﴾ : من المتشابه، والمحكم. ﴿ من عند ربنا وما يذّكّر إلا أولو الألباب ﴾ وما يتعظ بالقرآن ولا يفهمه إلا ذوو العقول السليمة، وفي الحديث١١ حين سئل عن الراسخين :( من برت يمينه وصدق لسانه، واستقام قلبه، ومن عف بطنه وفرجه فذلك من الراسخين في العلم ).
٢ عن سعيد بن جبير: إنما سماهن أم الكتاب لأنهن مكتوبات في جميع الكتب/١٢..
٣ أي: يرجع إليها غيرُها فإن لم يكن مخالفا لها تقبل، وإلا فيحكم ببطلان ما فهمنا منه/١٢ منه..
٤ الأول: قول ابن عباس، وعكرمة، ومجاهد، وقتادة والضحاك، والسدي وغيرهم، والثاني: رواه ابن أبي حاتم عن ابن عباس وسعيد بن جبير/١٢..
٥ يعني القياس أن يقال هن أمهات الكتاب فأفرد على أن الكل بمنزلة آية واحدة أو على تأويل كل واحدة/١٢ منه..
٦ روى عن ابن عباس ومقاتل بن حيان /١٢ منه..
٧ هذا قول مقاتل والسدي/١٢ منه..
٨ ولسنا ممن يزعم أن المتشابه في القرآن لا يعلمه الراسخون في العلم، وهذا غلط من متأوليه على اللغة والمعنى لم ينزل الله شيئا من القرآن إلا لينفع به عباده، ويدل به على معنى أراده. فلو كان المتشابه لا يعلمه غيره للزمنا للطاعن مقال وتعلق علينا بعلة.
وهل يجوز لأحد أن يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يعرف المتشابه، وإذا جاز أن يعرفه مع قول الله تعالى: (وما يعلم تأويله إلا الله) - - جاز أن يعرفه الربانيون من صحابته، فقد علم عليّاً التفسير، ودعا لابن عباس فقال: (اللهم علمه التأويل وفقهه في الدين) [أخرجه الحاكم في (المستدرك) (٣/٥٣٦)، وهذا لفظه، وهو في الصحيحين بلفظ: (اللهم فقهه في الدين وعلمه الكتاب)]، وما روى عبد الرزاق عن إسرائيل عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال: (كل القرآن أعلم إلا أربعا [في الأصل: ربعا] غسلين وحنانا والأواه والرقيم) – كان هذا من قول ابن عباس في وقت ثم علم ذلك بعد /مـ تأويل مشكل القرآن بتصرف..
٩ وبعض الأحاديث يؤيدهم، وفي قراءة ابن مسعود إن تأويله إلا عند الله والراسخون في العلم يقولون، وكذا في قراءة أبي بن كعب/١٢ منه، وهو المتبادر إلى الفهم من سوق كلام الله /١٢ وجيز..
١٠ قال بعض العلماء: التأويل يطلق على المعنيين.
أحدهما: حقيقة الشيء وما يئول إليه أمره كقول الله حكاية عن يوسف: (هذا تأويل رؤياي من قبل) (يوسف: ١٠٠)، وقوله: (يوم يأتي تأويله) (الأعراف: ٣٥).
والثاني: التفسير والبيان فإن أريد به الأول فالوقف على الله، وإن أريد به الثاني فالوقف على قوله: (والراسخون في العلم)/١٢ منه..
١١ ذكره الهيثمي في (المجمع) (٦/٣٢٤) وقال: (رواه الطبراني وعبد الله بن يزيد ضعيف)..
وأخرج الدارمي عن عمر بن الخطاب قال: (إنه سيأتيكم ناس يجادلونكم بشبهات القرآن فخنسوهم بالسنن فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله، وأخرج نصر المقدسي في الحجة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه وهم يتنازعون في القرآن هذا ينزع بآية، وهذا ينزع بآية فكأنما فقئ في وجهه حب الرمان، فقال: (ألهذا خلقتم أم بهذا أمرتم؟، أن تضربوا كتاب الله بعضا ببعض! انظروا ما أمرتم به فاتبعوه وما نهيتم عنه فانتهوا). وأخرج ابن الضريس ونصر المقدسي في الحجة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (نزل القرآن على سبعة أحرف، والمراء في القرآن كفر ما عرفتم فاعملوا به، وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه)/١٢ در منثور [ذكره الحافظ ابن كثير في (التفسير) (١/٣٤٨) من طريق أبي يعلى الموصلي وقال: (إسناد صحيح ولكن فيه علة بسبب قول الراوي لا أعلمه إلا عن أبي هريرة). .
﴿ لن تُغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا ﴾ أي : لا يدفع عنهم شيئا٢ من عذاب الله أو ما أجزأ عنهم وما كفاهم من رحمة الله شيئا من الإجزاء على أن يكون شيئا مصدرا. ﴿ وأولئك هم وَقود النار ﴾ : حطبها.
٢ ويصح أن يكون مفعولا به؛ لأن معنى أغنى عنه كفاه، فشيئا ثاني مفعوليه كقوله تعالى (وكفى الله المؤمنين القتال) (الأحزاب: ٢٥)، /١٢..
﴿ والذين من قبلهم ﴾ عطف على آل فرعون. ﴿ كذّبوا بآياتنا ﴾ : حال بإضمار قد أو استئناف، وقيل : الذين من قبلهم مبتدأ وكذبوا خبره ﴿ فأخذهم الله بذنوبهم والله شديد العقاب ﴾ تهويل وتشديد للمؤاخذة.
٢ أخرجه ابن إسحاق وابن جرير والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس مرفوعا، وفيه عنعنه ابن إسحاق وهو مدلس. وانظر الدر المنثور (٢/١٦)..
٢ أخرجه ابن إسحاق وابن جرير والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس مرفوعا، وفيه عنعنه ابن إسحاق وهو مدلس. وانظر الدر المنثور (٢/١٦)..
﴿ قد كان لكم ﴾ : أيها اليهود وقيل : أيها المشركون والمؤمنون. ﴿ آية في فئتين التقتا ﴾ : يوم بدر. ﴿ فئة تقاتل في سبيل الله وأخرى كافرة يرونهم١ مِّثليهم ﴾ الجملة٢ حال، وتقاتل خبر لفئة أو صفة لها، والجملة خبرها أي : يرى المشركون يوم بدر المسلمين مثلي عدد المسلمين أو المشركين، ليحصل لهم الرعب، والمسلمون كانوا ثلاث مائة وبضعة عشر، وهم ما بين تسع مائة إلى ألف، وهذا في أول الأمر وأما في حال القتال فكل من المسلمين والكافرين قللوا الآخر كما قال تعالى :( وإذ يريكموهم إذا التقيتم في أعينكم ) ( الأنفال : ٤٣ )، إلخ. لتقدموا٣ عليهم، ويقضي الله أمرا كان مفعولا أو يرى المسلمون الكافرين مثلي عدد المسلمين مع أنهم أكثر ليقوي قلوبهم بوعد الله، وهو قوله :( وإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين ) ( الأنفال : ٦٦ ). أو مثلي عدد المشركين ليتوكلوا أو يطلبوا الإعانة من الله، وحين القتال قللهم الله في أعينهم حتى سأل٤ بعض المسلمين بعضهم : هل تراهم سبعين ؟ قال : أراهم مائة. ﴿ رأي العين ﴾ : رؤية ظاهرة معاينة. ﴿ والله يؤيّد بنصره من يشاء ﴾ : نصره ﴿ إنّ في ذلك ﴾ : أي : التقليل والتكثير وغلبة القليل عليهم. ﴿ لعبرة ﴾ : عظة. ﴿ لأولي الأبصار ﴾ : لذوي البصائر.
٢ أي جملة يرونهم/١٢ منه..
٣ أي ليقدموا كل منهما على الآخر/١٢..
٤ السائل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه/١٢..
٢ رواه الحاكم في مستدركه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه [المستدرك (٢/١٧٨) وأقره الذهبي] والثاني قول أنس وابن عباس والحسن البصري وغيرهم والثالث قول الضحاك من العرب من يقول القنطار ألف ومائتا دينار وعن أبي سعيد الخدري ملء مسك الثور ذهبا/١٢ منه..
٣ كذا فسره ابن عباس وأكثر السلف، والثاني قول مكحول/١٢ منه..
٤ أي: تام الخلق سمينة/١٢..
٥ فإفراده وتذكيره مع أنه للإشارة إلى جميع ما ذكر نظرا إلى المذكور، وقد جوزوا في الضمير الإفراد والتذكير، والتأنيث بالنظر إلى الخبر/١٢ منه..
﴿ والله بصير بالعباد ﴾ بأعمالهم وأحوالهم، فيعطيهم ما يستحقونه.
٢ أخرج ابن عدي والطبراني في الأوسط، والبيهقي في شعب الإيمان وضعفه والخطيب في تاريخه وابن النجار عن غالب القطان قال: (أتيت الكوفة فنزلت قريبا من الأعمش، فلما كان ليلة أردت أن أنحدر، فقام فتهجد من الليل فمر بهذه الآية (شهد الله أنه لا إله إلا هو) إلى قوله: (إن الدين عند الله الإسلام) فقال: (وأنا أشهد بما شهد الله به، وأستودع الله هذه الشهادة، وهي لي وديعة عند الله) قالها مرارا، نقل هذه القصة السيوطي في الدر المنثور [٢/٢١] قال (المحشي محمد بن عبد الله الغرنوي): وأنا أشهد مرارا وأنادي بهذه الشهادة على رؤوس الأشهاد جهارا أشهد بما شهد الله به وأستودع الله هذه الشهادة وهي لي وديعة عند الله أشهد أن لا إله إلا هو قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم، ثم أشهد، ثم اشهد إلى يوم أموت ويوم أبعث حيا/١٢..
٣ من الأنبياء والأتقياء بأن أقروا واعترفوا وبينوا أدلة التوحيد وكفى للعالمين هذه المرتبة الجليلة/١٢ وجيز..
٤ نصب قائما على أنه حال من فاعل شهد وجاز لأنه لا لبس نحو رأيت السلطان وعبيده راكبا/١٢ وجيز..
٥ قال المحرر: وأنا على ذلك من الشاهدين/١٢..
٢ فإنهم علموا من كتبهم حقيقة الإسلام وقرؤوا فيها نعته صلى الله عليه وسلم فهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم/١٢ منه..
أسلمت وجهي لمن أسلمت له المزن تحمل عذبا زلالا
و أسلمت وجهي لمن أسلمت له الأرض تحمل صخرا ثقالا
دحاها فلما استوت شدها سواء وأرسى عليها الجبالا.
٢ ولا يبعد أن يكون المراد كفاني إسلام أصحابي، فإن أسلمتم فلكم، وإن كفرتم فعليكم، وما عليّ إلا البلاغ، ولهذا قال: (وقل للذين أوتوا الكتاب) الآية/١٢ وجيز..
٣ وجاز للفصل/١٢..
٤ بمعاندتهم وعدم إنصافهم كما إذا أوضحت مسألة على أحد، ثم تقول له: هل فهمت؟! توبيخا له على البلادة/١٢..
﴿ فبشّرهم بعذاب أليم ﴾ اعلم أن من لم يجوز٣ الفاء في خبر إن قال : خبره ( أولئك الذين ) نحو قولك زيد فافهم رجل صالح.
٢ هكذا رواه ابن أبي حاتم وابن جرير عن رسول الله صلى الله عليه وسلم/١٢ منه [ذكره ابن كثير في (التفسير) (١/٣٥٦) من طريق ابن أبي حاتم، وفي سنده ضعف]..
٣ والصحيح جواز دخول الفاء في خبر إن إذا كان اسمها متضمنا معنى الشرط نحو: (إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم) الآية (الأحقاف: ١٣)، (إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات) الآية (البروج: ١٠)، (إن الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله) الآية (محمد: ٣٤)، /١٢ وجيز..
٢ المشهور أنه: ابن سلام..
﴿ ووُفّيت كل نفس ما كسبت ﴾ أي : جزاءه. ﴿ وهم ﴾ أي : كل نفس لأنه في معنى كل إنسان. ﴿ لا يُظلمون ﴾ بنقصان الحسنات وتضعيف السيئات.
﴿ في شيء ﴾ : فإن محبتي متعادين لا تجتمعان. ﴿ إلا أن تتقوا٣ منهم تقاة ﴾ أي : إلا أن تخافوا من جهتهم ما يجب أن يتقى فيكون مفعولا به وجاز أن تضمن تتقوا معنى تحذروا فيكون معدى بمن، وتقاة مصدر نهوا عن الموالاة في جميع الأوقات إلا وقت المخافة فإنه جازت المداراة حينئذ باللسان. ﴿ ويحذّركم الله نفسه ﴾ يعني عن عقاب يصدر عن نفسه، وهذا غاية التحذير كما يقال : احذر غضب السلطان نفسه،
﴿ وإلى الله المصير ﴾ فاحذروا كل الحذر.
٢ في النسخة (ن): الأحقاء..
٣ وتتقوا من باب الالتفات من الغيبة إلى الخطاب، وهذا الالتفات في غاية الحسن؛ لأنه حين نهاهم عما لا يجوز جعلهم غائبين، ولما حصل الإذن في بعض ذلك واجههم إيذانا بلطف الله، وتشريفا بخطابه إياهم/١٢ وجيز..
٢ في الأصل: الأصنام..
٣ قوله تعالى: (إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) فإن هذا يدل على أنهم إذا اتبعوه أحبهم الله فإنه جزم قوله (يحببكم الله) فجزمه جوابا للأمر وهو في معنى الشرط تقديره: إن تتبعوني يحببكم الله ومعلوم أن جواب الشرط والأمر إنما يكون بعده لا قبله فمحبة الله لهم إنما تكون بعد اتباعهم للرسول، والمنازعون منهم من يقول: ما ثم محبة، بل المراد ثوابا مخلوقا، ومنهم من يقول: بل ثم محبة قديمة أزلية إما الإرادة وإما غيرها والقرآن يدل على قول السلف، وأئمة السنة المخالف للقولين وكذلك قوله: (ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه) (محمد: ٤٧)، فإنه يدل على أن أعمالهم أسخطته فهي سبب لسخطه، وسخطه عليهم بعد العمال لا قبلها وكذلك قوله: (فلما آسفونا انتقمنا منهم) (الزخرف: ٥٥)، وكذلك قوله: (إن تكفروا فإن الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم) (الزمر: ٧)، علق الرضى بشكرهم وجعله مجزوما جزاء له وجزاء الشرط لا يكون إلا بعده، وكذلك قوله: (إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) (البقرة: ٢٢٢)، ويحب المتقين، ويحب المقسطين، و(يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا) (الصف: ٤)، ونحو ذلك فإنه يدل على أن المحبة بسبب هذه الأعمال، وهي جزاء لهذه الأعمال، والمسبب والجزاء إنما يكون بعد العمل والسبب (.....) [ ما بين القوسين رموز غير مفهومة لعلها تشير إلى أنه من كلام شيخ الإسلام كما أوضح في الموضع الذي أشار فيه بعد] شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية الحراني قدس الله روحه وسيأتي بعض ما يتعلق بالمحبة في تفسير قوله تعالى ﴿وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين﴾ (آل عمران: ١٤٦)، إن شاء الله تعالى..
٤ فإنهم طلبوا مرتبة المحبية فيحصل لهم مرتبة المحبوبية، ومن أين إلى أين/١٢..
٢ وذلك لأن أصل السياق أن يقول (فإن تولّوا فإن الله لا يحبهم) فلما قال (إن الله لا يحب الكافرين) بإيقاع الاسم الظاهر (للكافرين) مكان الضمير (هم) علم أن الله تعالى قد سمى المتولي أي المعرض عن طاعة الله ورسوله كافرا. د/هنداوي..
٢ هذا قول محمد بن إسحاق، والثاني قول قتادة/١٢ منه..
٢ وذكرت ذلك لربها تقربا إليه وطلبا لأن يصحبها [تصحفت في الأصل إلى (يصبحها)] حتى يكون فعلها مطابقا لاسمها/١٢..
٣ أخرجه البخاري في (الأنبياء) (٣٤٣١)، وفي غير موضع من صحيحه، ومسلم في (الفضائل) (٢٣٦٦)..
٢ كما ذكره ابن إسحق، وابن جرير، وغيرهما/١٢..
٣ كما ورد في الصحيح [يعني في حديث المعراج، وقوله فيه: (فإذا بيحيى وعيسى وهما ابنا الخالة)]..
٤ أخرج ابن المنذر عن السدي: المحراب: المصلى، وأخرج الطبراني والبيهقي في سننه عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اتقوا هذه المذابح) يعني: المحاريب [ أخرجه البيهقي في (الكبرى) (٢/٤٩)، وقال الهيثمي في (المجمع) (٨/٦٠): (رواه الطبراني وفيه عبد الله بن مغراء وثقه ابن حبان وغيره وضعفه ابن المديني في روايته عن الأعمش وليس هذا منها)]، وأخرج ابن أبي شيبه في المصنف عن موسى الجهني قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تزال أمتي بخير ما لم يتخذوا في مساجدهم مذابح كمذابح النصارى)/١٢ در منثور [الدر المنثور (٢/٣٧)]، وفي الفتح: قد رويت في كراهية ذلك آثار كثيرة من الصحابة/١٢..
٥ الأول لمجاهد وعكرمة وقتادة وجم غفير من السلف وروى ابن أبي حاتم عن مجاهد أنه صحفا من علم/١٢..
٢ ومن قرأ: (إن) بكسر الهمزة فعلى إرادة القول أي: فنادته الملائكة وقالت: (إن الله) أو لأن النداء نوع من القول /١٢ منه..
٣ هذا هو الأرجح لأن الفضيلة لا تتم إلا بحبس النفس عن المعصية مع توفر دواعيها. د/هنداوي..
٤ رواه ابن أبي حاتم بروايات متنوعة، وابن المنذر في تفسيره وقد صح عن كثير من الصحابة أنه لم يأت النساء إما لحبس نفسه عن الشهوات أو لأنه عنين، وقد منعه قاضي عياض في الشفاء بأن العنة عيب ونقيصة لا يليق بالأنبياء وقال: (بل معناه أمه معصوم عن الفواحش)، وقال ابن كثير في الحديث المرفوع إلى النبي عليه الصلاة والسلام: في هذا المعنى نظر، والموقوف إلى الصحابة أقوى إسنادا من المرفوع/١٢ منه.
.
٥ ذكره الحافظ ابن كثير في (التفسير) (١/٣٦٢) من طريق ابن أبي حاتم واستغربه، وهو كذلك إذ إن العنة – وهي عدم الميل إلى النساء – صفة نقص وذم منافية لصفات الكمال التي جبل الأنبياء عليها، فضلا عن أنها قادحة في رجولتهم وفحولتهم، وقد ثبت أن سليمان – عليه السلام – طاف على سبعين امرأة وفي رواية: مائة امرأة في ليلة واحدة، وكذا نبيا – صلى الله عليه وسلم – طاف على نسائه التسع في ليلة واحدة. .
٦ فمن للابتداء فإنه كان من أصلاب الأنبياء/١٢..
٧ قال الزجاج: الصالح الذي يؤدي لله ما افترض عليه وللناس حقوقهم/١٢ فتح..
﴿ وامرأتي٢ عاقر ﴾ : لا تلد. ﴿ قال ﴾ : أي الملك، ﴿ كذلك الله يفعل ما يشاء ﴾ أي : يفعل ما يشاء من العجائب مثل٣ ذلك الفعل، فكذلك متعلق يفعل وقيل :( كذلك الله٤ ) مبتدأ وخبر و( يفعل ما يشاء ) بيان أو تقديره : الأمر كذلك، و( الله يفعل ) بيان.
٢ أيكون من هذه المرأة أم من امرأة أخرى أو صيرت صغيرا ولودا وهذا قول الحسن رحمه الله لكن قوله: (قال كذلك الله يفعل ما يشاء) مشعر بالوجه الأول كما لا يخفى/١٢ منه..
٣ وهو إيجاد الولد بين الشيخ الفاني والعجوز العاقر/١٢ منه..
٤ أي على نحو هذه الصفة الله/١٢ منه..
٢ كذا ذكره ابن جريج، والسدي عن ابن عباس، والحسن وقتادة، والضحاك، وغيرهم/١٢ منه..
٣ أي ما بين زوال الشمس إلى غروبها، فصلاة الظهر والعصر صلاة العشي/١٢ منه..
٢ روى الترمذي وصححه قال عليه الصلاة والسلام: (إن الله اصطفى من نساء العالمين مريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت رسول الله، وآسية امرأة فرعون)، ورواه ابن مردويه أيضا /١٢ منه [ وهو صحيح، انظر صحيح الترمذي (٣٠٥٣) ولفظه: (حسبك من نساء العالمين...]..
٢ في عدادهم لا في عداد غيرهم/١٢..
٣ قاله الأوزاعي/١٢..
﴿ أيُّهم١ يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون ﴾ : في كفالتها وذلك أن أمها يوم ولدتها أتت به سدنة بيت المقدس وقالت :( دونكم هذه النذيرة فإني حررتها ) فتنافس الأحبار فيها لأنها ابنة إمامهم فأقرعوا بالأقلام التي يكتبون بها التوراة عليها ؛ فخرجت القرعة لزكريا فكفلها.
أو لأنه ما مسح ذا عاهة إلا برئ، ﴿ عيسى ابن مريم ﴾ نسبه إلى أمه حيث لا أب له، ﴿ وجيها ﴾ : له وجاهة ومكانة ﴿ في الدنيا والآخرة ومن المقرّبين ﴾ نصب وجيها ومن المقربين على الحال من كلمة ؛ لأنها نكرة موصوفة.
٢ وفي تفسير أبي السعود في سورة النساء يحكى أن طبيبا حاذقا نصرانيا جاء الرشيد فناظر على ابن الحسين الواقدي ذات يوم فقال له: (إن في كتابكم ما يدل على أن عيسى جزء من الله)، وتلا هذه الآية في قوله: ﴿وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه﴾ فقرأ له الواقدي: ﴿وسخّر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعا منه﴾ وقال: (إذن يلزم أن يكون جميع تلك الأشياء جزء منه سبحانه؛ فانقطع النصراني وأسلم، وفرح الرشيد فرحا شديدا وأعطى الواقدي صلة فاخرة/١٢ فتح..
٣ الاسم أحد الثلاثة، وهو عيسى، والمسيح لقبه، وابن مريم صفته والمراد من الاسم هذه العلامة التي بها الامتياز، وهي مجموع الثلاثة لا واحد أو كل واحد علامة مميزة، وليس المراد بالاسم هو العلم المقابل للقب، والكنية فافهم/١٢..
٤ أي بولد يكون وجوده بكلمة من الله لا على طريق الأبناء الآخر من مادة، وأب، ومدة/١٢..
٢ كذا في الأصل..
﴿ كذلك١ الله يخلق ما يشاء ﴾ أي يخلق مثل ذلك الأمر، ﴿ إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ﴾ أي : إذا أراد شيئا فإنما يقول له : احدث فيحدث، كان تامة، والمراد تمثيل حصول ما تعلقت به إرادته بلا مهلة بطاعة المأمور المطيع بلا توقف أو القول حقيقي.
٢ التوجيه الآخر في العطف هو الأولى؛ لأن قراءة من قرأ و(نعلمه) بالنون يرد الباقي إلا أن يقدر إن الله يبشرك بعيسى، ويقول نعلمه الكتاب وأما حديث الالتفات فما لا يلتفت إليه فتأمل/١٢ منه..
٢ لا يجوز أن يكون معطوفا على المعطوفات المتقدمة؛ لأنها في حكم الغيبة وهذا في حكم التكلم لتعلق قوله: إني قد جئتكم فلم يصح بعث الله عيسى مصدقا أنا، ولكن مصدقا هو فلذلك وجه بوجهين/١٢ منه..
٣ الوجهان الأخيران هما قولان لبعض السلف فأوردناهما /١٢..
٢ يمكن عطفه على محذوف أي: جئتكم مصدقا لأهديكم ولأحل لكم/١٢ منه..
٢ هذا من باب الجزاء عن الفعل بمثل لفظه، والمعنيان مختلفان نحو قوله الله تعالى: (إنما نحن مستهزؤون الله يستهزئ بهم) (البقرة: ١٤، ١٥) - أي: يجازيهم جزاء الاستهزاء وكذلك (سخر الله منهم) (التوبة: ٧٩)، (ومكروا ومكر الله)، (وجزاء سيئة سيئة مثلها) (الشورى: ٤٠)، هي من المبتدئ سيئة، ومن الله جل وعز جزاء وقوله تعالى: (فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم) (البقرة: ١٩٤)، فالعدوان الأول ظلم والثاني: جزاء والجزاء لا يكون ظلما وإن كان لفظه كلفظ الأول، ومنه قول النبي (صلى الله عليه وسلم): (اللهم إن فلانا هجاني وهو يعلم أني لست بشاعر اللهم العنه عدد ما هجاني أو مكان ما هجاني) [ لا يصح، انظر العلل لابن أبي حاتم (٢٢٨٣)]، أي: جازه جزاء الهجاء، وكذلك قوله تعالى (نسوا الله فنسيهم) (التوبة: ٦٧) /١٢ م..
٢ قال ابن إسحاق: النصارى يزعمون أن الله توفاه سبع ساعات ثم أحياه/١٢ منه والإجماع على أنه حي في السماء ينزل، ويقتل الدجال، ويؤيد الدين/١٢ وجيز..
٣ الرفع النقل من أسفل إلى علو/١٢ وجيز..
٤ قوله: (ورافعك إلي) هذه الآية الشريفة دلت بظاهرها على أن الله تعالى فوق سماواته، وكذلك قوله تعالى: ﴿بل رفعه الله إليه﴾ (النساء: ١٥٨)، وقوله تعالى: (يخافون ربهم من فوقهم) (النحل: ٥٠)، وقوله تعالى: ﴿يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه﴾ (السجدة: ٥)، وقوله تعالى: ﴿أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض﴾ (الملك: ١٦)، وقوله تعالى: ﴿ذي المعارج تعرج الملائكة والروح إليه﴾ (المعارج: ٤)، وقوله تعالى: وقال فرعون يا هامان ابن لي صرحا لعلي أبلغ الأسباب أسباب السماوات فأطلع إلى إله موسى وإني لأظنه كاذبا} (غافر: ٣٦، ٣٧)، يعني: أظن موسى كاذبا في أن إلهه في السماء ولو لم يكن موسى عليه السلام يدعوه إلى إله في السماء لما قال هذا إذا لو كان قال له إن الإله الذي أدعوك إليه ليس في السماء لكان هذا القول من فرعون عبثا، وكان بناؤه القصر جنوبا.
وقال الحافظ شمس الدين بن القيم في إغاثة اللهفان: والأساطين قبله – يعني أساطين الفلاسفة قبل أرسطو – كانوا يقولون بحدوثه يعني: بحدوث العالم، وإثبات الصانع ومباينته للعالم وأنه فوق العالم، وفوق السماوات بذاته كما حكاه أبو الوليد رشيد في كتاب مناهج الأدلة وهو أعلم الناس في زمانه بمقالاتهم، فقال: فيه القول في الجهة وأما هذه الصفة فلم يزل أهل الشريعة من أول الأمر يثبتونها لله سبحانه حتى نفتها المعتزلة، ثم تبعهم على نفيها متأخرو الأشاعرة كأبي المعالي ومن اقتدى بقوله إلى أن قال: والشرائع كلها مبنية على أن الله في السماء وأن منه تنزل الملائكة بالوحي إلى النبيين وأن من السماوات نزلت الكتب وإليها كان الإسراء بالنبي صلى الله عليه وسلم، وجميع الحكماء قد اتفقوا على أن الله والملائكة في السماء كما اتفقت جميع الشرائع على ذلك ثم ذكر تقرير ذلك بالعقول، وبين بطلان الشبهة التي لأجلها نفتها الجهمية ومن وافقهم إلى أن قال: فقد ظهر لك من هذا أن إثبات الجهة واجب بالشرع والعقل وأن إبطاله إبطال الشرائع، ولم تزل أساطينهم معظمين للرسل والشرائع معترفين بأن ما جاؤوا به طورا آخر وراء طور العقل، وكانوا لا يتكلمون في الإلهيات، ويسلمون باب الكلام إلى الرسل، ويقولون علومنا إنما هي الرياضيات، والطبيعيات وتوابعها إلى آخر ما ذكر.
وقال عثمان بن سعيد الدارمي في النقض على المريسي: وقد اتفقت الكلمة من المسلمين أن الله فوق عرشه فوق سماواته.
وقال الإمام أبو سليمان الخطابي في كتاب شعار الإيمان: إن إنكار الفوقية شيء سرقه المتأخرون من الفلاسفة، وفي ذلك رد لكتاب الله وسنة رسوله انتهى.
وقال الإمام البخاري في كتاب خلق الأفعال: قال ابن المبارك: (لا نقول كما قالت الجهمية إنه في الأرض ها هنا بل على العرش استوى، وقيل له كيف نعرف ربنا؟ قال: بأنه فوق سماواته على عرشه بائن من خلقه انتهى ذكره شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام الحراني/١٢.
وقال الإمام أبو عبد الرحمن بن حنبل رحمه الله: ما فطر العباد إلا على أن ربهم في السماء/١٢ وقال شاه ولي الله رحمه الله رسالته الذب عن تقي الدين بن تيمية: والحق في هذا المقام أن الله أثبت لنفسه جهة الفوق وأن الأحاديث متظاهرة على ذلك، وقد نقل الترمذي ذلك عن الإمام مالك ونظرائه انتهى/١٢.
قال شيخ الإسلام بن تيمية في الأجوبة المصرية ولهذا تنوع أهل السنة في اسم الجهة فمنهم من يقول: هو في جهة، ومنهم من يقول: لا أطلق لفظ الجهة وربما قال بعضهم: ليس بجهة، وذلك لأن هذا اللفظ بعينه ليس بمنصوص عن الشارع [تحرفت في الأصل إلى: الشارح (بالحاء)] حتى يتفقوا ومعناه محتمل فمن أثبته أراد به أنه فوق العرش ومن نفاه أراد به أنه ليس في نفس الخلق فلفظ الجهة فيه اشتراك وإجمال انتهى/١٢. وسيأتي إيضاح ذلك في سورة يونس تحت قوله تعالى: ﴿ثم استوى على العرش﴾ (يونس: ٣)، إن شاء الله تعالى.
.
٥ وشردهم الله تعالى أي تشريد ليس لهم مدينة يختصمون بها وهم مفرقون في أقطار تحت قهر اليهود والنصارى/١٢ وجيز..
٦ ثم فصل المحكوم بينهم إلى مؤمن وكافر وذكر جزاء كل منهما فقال: ﴿فأما الذين كفروا﴾ الآية/١٢ وجيز..
٢ رواه الحاكم في مستدركه عن بعض الصحابة وقال: صحيح على شرط مسلم وهو المروي عن ابن عباس والبراء وغيرهم من أكثر السلف/١٢ منه..
٣ وفد نجران وهم ستون راكبا وفيهم أربعة عشر رجلا من أشرافهم وعلمائهم/١٢..
٤ رواه ابن مردويه، والبيهقي، والنسائي كل منهم من [كذا بالأصل، و(مِن) تأتي بمعنى (عن) انظر همع الهوامع للسيوطي بتحقيق د/عبد الحميد هنداوي] أحد من الصحابة وروى البخاري، ومسلم [أخرجه البخاري في (المغازي) (٤٣٨٠)، ومسلم في (الفضائل). (٢٤٢٠)]، والترمذي بعض هذا الذي نقلناه وذكره ابن إسحاق في سيرته بتفصيل، وتطويل/١٢ منه..
٢ كذا في الأصل، وسبق التنبيه عليه آنفا..
٢ كما قال تعالى: ﴿اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله﴾ (التوبة: ٣١) /١٢ منه..
٣ يعني لزمتكم الحجة فوجب عليكم الاعتراف بإسلامنا وهذا كما يقول الغالب للمغلوب اعترف بأني أنا الغالب/١٢ وجيز..
٢ رواه الترمذي والبزار وغيرهم/١٢ منه [ وهو صحيح، وانظر صحيح الجامع (٢١٥٨)]..
٣ قال الرازي: الأصول واحد في الجميع وأما الفروع فالمخالفة فيها بين دين محمد ودين إبراهيم عليهما السلام قليلة جدا/١٢ وجيز..
الأول : أن يتعلق بفعل مضمر على حذف اللام أي وقل فعلتم ما فعلتم من الكيد لأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم ولما يترتب من غلبتهم بالحجة يوم القيامة، أي : لم يكن لكم داع إلى هذا الكيد سوى الحسد، ووجه العدول عن الواو إلى حينئذ الإشارة إلى أن كلا من الأمرين مستقل بكونه سببا للحسد.
الثاني : أن يكون الخبر إن الهدى وهدى الله بدل من الهدى وحين أو بمعنى إلى أن يعني حتى يحاجوكم فيدحضوا حجتكم.
الثالث : أن ينتصب بفعل مضمر تقديره٤ قل إن الهدى هدى الله ولا تنكروا أن يؤتي أحد أو يكون لأحد وسيلة غلبة عليكم عند الله، ويدل على هذا المضمر لا تؤمنوا إلا لمن تبع دينكم ؛ لأن معناه حينئذ لا تقروا بحقية دين لأحد إلا لمن هو على دينكم فإنه لا دين سواه يماثله، وهذا إنكار لأن يؤتي أحد مثل دينهم، وقد بسطت الكلام هنالك فاستفده، ﴿ قل إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله واسع ﴾ فضله ﴿ عليم ﴾ : بكل شيء.
٢ قال بعض المفسرين: معناه لا تظهروا ما بأيديكم من العلم إلا لأتباعكم لا إلى المسلمين ليساووكم فيه ويحاجوكم به عند الله وعلى هذا (أن يوتي) علة للنهى كأنه قيل: لا تظهروا سركم وما عندكم؛ لأن يكون لكم المزية والغلبة في الدنيا والآخرة وقوله: (قل إن الهدى هدى الله) معترضة دالة على أن من يعلمه ويفضله فهو الهادي وهو الذي هدى المسلمين وفضلهم/١٢..
٣ وحقيقة المعنى أنه لم يكن لكم باعث على هذا الكيد سوى علمكم بأن الإيتاء والمحاجة المذكورين كائنان ألبتة/١٢..
٤ هو من جملة مقول الطائفة، وحاصله أظهروا الإيمان بدين المسلمين لكن كونوا على دينكم واستمروا عليه ولا تبدّلوا دينكم فقيل: (قل إن الهدى هدى الله فلا تنكروا أن يؤتى)..
٢ وفى بعهده فالله يحبه فإن من عهده مع الله أن لا يشرك به شيئا..
﴿ ولهم عذاب أليم ﴾ فعلى هذه الآية في اليهود أو نزلت٢ في ترافع بين صحابي ويهودي في أرض فتوجه الحلف على اليهودي، أو في رجل أقام سلعة في سوق فحلف لقد أعطى بها ما لم يعطه ليوقع فيها أحدا من المسلمين٣.
٢ رواه البخاري عن العوام وابن أبي حاتم عن عبد الله بن أبي أوفى/١٢ [أخرجه البخاري في (الأيمان والنذور) (٦٦٧٦)، وفي مواضع كثيرة من صحيحه، وكذا أخرجه مسلم في (الأيمان) عن ابن مسعود] وليس عن أبي أوفى..
٣ أخرجه البخاري في (الشهادات) (٢٦٧٥)، وفي غير موضع من صحيحه عن ابن أبي أوفى..
٢ والمعنى: ما استقام لبشر أن يؤتيه الله الكتاب، ثم يترتب عليه أن يقول للناس كونوا عبادًا لي، ولا أن يأمرهم باتخاذ الملائكة والنبيين أربابا فالخطاب في (ولا يأمركم) التفات/١٢..
٣ لما كان يقول تذكيرا وإعادة ليقول المذكور ينبغي أن يكون بالنصب/١٢..
٤ دلت الآية على أن العلم والتعليم والدراسة توجب كون الإنسان ربانيًّا فمن اشتغل بالتعلم والتعليم لا لهذا المقصود ضاع سعيه، وخاب عمله، وكان مثله مثل من غرس شجرة حسناء مونقة بمنظرها، ولا منفعة بثمرها، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (نعوذ بالله من علم لا ينفع وقلب لا يخشع) /١٢ تفسير كبير [أخرجه مسلم في (الذكر والدعاء) (٥/٥٦٩) ط الشعب]..
٥ وقيل: الرباني الذي يربي الناس بصغار العلم قبل كباره/١٢..
٦ وهو شديد التمسك بدين الله وطاعته؛ لأن الشيء إنما ينسب إلى من اشتهر أو ما اشتهر به سيما وزيادة الألف والنون تؤذن بمبالغة زائدة هذا قول طاوس [ في الأصل: طاؤس] والحسن البصري وقتادة/١٢ منه..
٧ وفي هذه الآية أعظم باعث لمن علم على أن يعمل وأن من أعظم العمل بالعلم تعليمه، والإخلاص لله سبحانه، والدراسة مذاكرة العلم والفقه فدلت الآية على أن العلم والتعليم والدراسة توجب كون الإنسان ربانيا فمن اشتغل بها لا لهذا المقصود فقد ضاع عمله وخاب سعيه، وحاصل الكلام أن العلم والتعليم والدراسة توجب على صاحبها كونه ربانيا، والسبب لا محالة مغاير [في الأصل: مغائر] للمسبب فهذا يقتضي أن يكون كونه ربانيا أمرا مغايرا لكونه عالمًا ومعلما ومواظبا على الدراسة وما ذاك إلا أن يكون بحيث يكون تعلمه لله، وتعليمه ودراسته لله، وبالجملة أن يكون الداعي له إلى جميع الأفعال طلب مرضات الله، والصارف له عن كل الأفعال الهرب عن عقاب الله، وإذا ثبت أن الرسول يأمر الخلق بهذا المعنى ثبت أنه يمتنع منه أن يأمر [كذا العبارة في الأصل] الخلق بعبادته وحاصل الحرف شيء واحد وهو أن الرسول هو الذي يكون منتهى جهده وجده صرف الأرواح والقلوب عن الخلق إلى الحق فمثل هذا الإنسان كيف يمكن أن يصرف عقول الخلق عن طاعة الحق إلى طاعة نفسه وعند هذا يظهر أنه يمتنع في أحد من الأنبياء صلوات الله عليهم أن يأمر غيره بعبادته/١٢ تفسير كبير..
٨ أي حافظين قارئين له، وجاز أن يكون معناه يدرسون على الناس والأول أولى فافهم/١٢.
.
٢ الموصولة مبتدأ ولتؤمنن به ساد مسد جواب القسم وخبر المبتدأ، وقدرنا الضمير في آتيتكم لامتناع خلو الصلة عن العائد، وأما على تقدير الشرط فهي مفعوله/١٢ منه..
٣ رواه عبد الرزاق عن ابن طاوس [في الأصل: ابن طاؤس] عن أبيه مثل قول علي، وابن عباس/١٢ منه..
٢ وعلى هذا المعنى الرابع نقل الطبراني حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم [انظر تخريجه في الهامش الذي بعده] ثم اعلم أن المراد بمن في السماوات والأرض عموم الخلائق، وعلى التفسيرين المتوسطين لا يبقى عمومه فافهم/١٢ منه..
٣ يقادون به إلى الجنة وهم كارهون هكذا ورد في الحديث/١٢ منه [ذكره الهيثمي في (المجمع) (٦/٣٢٦) وقال: (رواه الطبراني وفيه محمد بن محصن العكاشي وهو متروك)]..
٤ من قرأ بالياء المنقوطة من تحت فظاهر، ومن قرأ بالتاء فلأن الباغين هم المتولون والراجعين جميع الناس فناسب الخطاب/١٢ منه..
﴿ إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يُقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا ﴾ : نصب على التمييز، ﴿ ولو افتدى به ﴾ أي : لا يقبل منهم ذلك بوجه من الوجوه من التصدق وغيره ولو كان بوجه الافتداء١، وقيل : الواو مقحمة، ﴿ أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين ﴾ في رفع العذاب، وفي الحديث ( يقال للرجل يوم القيامة : أرأيت لو كان لك ما على الأرض من شيء أكنت مفتديا به ؟ يقول : نعم، فيقال له : قد أردت منك شيئا أهون من ذلك وأقل فأبيت، فيرد على النار )٢.
٢ أخرجه البخاري في (الأنبياء) (٣٣٣٤)، وفي غير موضع من صحيحه، ومسلم في (صفة القيامة والجنة والنار) (٥/٦٧١) ط الشعب..
٢ أي الذي كان مباحا لإبراهيم عليه السلام فإن الميتة والخنزير ما كانا مباحين لأحد كما قاله القفال/١٢ وجيز..
٣ على ذلك حديث رواه الإمام أحمد والترمذي، وقال حديث حسن/١٢ وجيز [بل هو صحيح، وانظر صحيح سنن الترمذي (٢٤٩٢)، والصحيحة (١٨٧٢)]..
٤ كذا في الأصل مهموزا، والذي نص عليه في مختار الصحاح مادة (نسا) أنه مقصور..
٥ أما تعلقه بحرم فهو خلاف الأولى فإن بين بني إسرائيل ونزول التوراة مدة مديدة فيكون من توضيح الواضحات/١٢ وجيز..
٢ رواه ابن أبي حاتم، وصح الرواية عنه/١٢..
﴿ ولله على الناس حجّ البيت ﴾ أي : قصده على وجه مخصوص، ﴿ من استطاع إليه سبيلا ﴾ كل مأتى إلى الشيء فهو سبيله، وهو بدل من الناس مخصص له والاستطاعة ألا يكون عاجزا بنفسه يقدر على الركوب بلا مشقة شديدة وله راحلة وزاد رواح ورجوع فاضل عن نفقة من يلزم عليه نفقته وكسوته، ثم إن٢ اليهود حين أمروا بالحج قالوا : ما وجب علينا فنزل قوله :﴿ ومن كفر ﴾ أي : جحد فرضيّته، ﴿ فإن الله غني عن العالمين ﴾ أي : من وجد ما يحج به، ولم يحج حتى مات فهو كفر٣ به وقيل : وضع كفر موضع لم يحج تغليظا.
٢ كذا قاله ابن عباس، ومجاهد، وغير واحد من السلف/١٢ منه..
٣ هكذا نقله أبو بكر بن مردويه عن علي، وروى الترمذي عن غيره من الصحابة، وروى أبو بكر الإسماعيلي الحافظ عن عمر بن الخطاب مثل هذا المعنى/١٢ منه [ولفظ كلام عمر: من أطاق الحج فلم يحج فسواء عليه مات يهوديا أو نصرانيا) وصحح سنده ابن كثير في التفسير (١/٣٨٧)]..
نزلت إلى قوله ( لعلكم تهتدون ) في الأوس والخزرج حين ذكرهم اليهود الحروب وعداوات الجاهلية ؛ ليفتتنوا ويعودوا٢ لمثل ما فيهم من الجاهلية.
﴿ وكيف تكفرون وأنتم تُتلى عليكم آيات الله ﴾ : القرآن، وغيره، ﴿ وفيكم رسوله١ ﴾ : الزاهر الباهر السراج الظاهر عليه الصلاة والسلام، ﴿ ومن يعتصم بالله ﴾ : يلتجئ إليه ويتمسك بدينه، ويؤمن به، ﴿ فقد هُدي إلى صراط مستقيم ﴾ طريق واضح لا اعوجاج له.
نزلت إلى قوله ( لعلكم تهتدون ) في الأوس والخزرج حين ذكرهم اليهود الحروب وعداوات الجاهلية ؛ ليفتتنوا ويعودوا٢ لمثل ما فيهم من الجاهلية.
﴿ يا أيها الذين١ آمنوا اتقوا الله حق تُقاته ﴾، أصله وقاة فقلبت الواو تاء كتؤدة وتخمة، وهو أن يطاع ولا يعصى، ويشكر فلا يكفر، ويذكر٢ فلا يُنسى، وكثير من السلف قالوا : هذه الآية نسوخة بقوله تعالى :( فاتقوا الله ما استطعتم ) ( التغابن : ١٦ )، وعن ابن عباس رضي الله عنهما : إنها لم تنسخ لكن حق تقاته أن يجاهد في سبيله حق جهاده، ولا تأخذهم في الله لومة لائم، ويقوموا بالقسط ولو على أنفسهم وآبائهم، وأبنائهم، ﴿ ولا تموتُنّ إلا وأنتم مسلمون ﴾ أي لا تكونن على حال سوى الإسلام، إذا أدرككم الموت فهو في الحقيقة أمر بدوام الإسلام.
٢ هكذا رواه الحاكم، وابن أبي حاتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم/١٢ وجيز [أخرجه الحاكم (٢/٢٩٤) مرفوعا، وموقوفا عن ابن مسعود، والموقوف أصح، كما قال ابن كثير في (التفسير) (١/٣٨٩)]..
نزلت إلى قوله ( لعلكم تهتدون ) في الأوس والخزرج حين ذكرهم اليهود الحروب وعداوات الجاهلية ؛ ليفتتنوا ويعودوا٢ لمثل ما فيهم من الجاهلية.
﴿ واعتصِموا ﴾ : واستمسكوا، ﴿ بحبل الله جميعا ﴾ أي : بدين الله أو بالجماعة أو بعهد الله أو بالقرآن، ﴿ ولا تفرّقوا ﴾ أمرهم أن يكونوا على الحق مجتمعين ثم نهاهم عن التفرقة كما افترق أهل الكتاب، ﴿ واذكروا نعمة الله عليكم ﴾ : التي من جملتها الإسلام والتألف، ﴿ إذ كنتم ﴾ : أيها الأوس والخزرج ﴿ أعداء ﴾ : وقع بينكم القتال والخوف، ﴿ فألّف بين قلوبكم ﴾ : بالإسلام، ﴿ فأصبحتم بنعمته إخوانا ﴾ : متحابين، ﴿ وكنتم ﴾ : في الجاهلية ﴿ على شفا حفرة من النار ﴾ : مشفين١ على الوقوع في جهنم لكفركم٢ وشفا بمعنى الطرف، ﴿ فأنقذكم ﴾ : أنجاكم ﴿ منها ﴾ : بالإسلام، والضمير للشفا، أو للحفرة أو للنار، ﴿ كذلك ﴾ : مثل ذلك التبيين، ﴿ يُبيّن الله لكم آياته لعلكم تهتدون ﴾ إرادة ثباتكم على الهدى.
٢ لو أدرككم الموت في تلك الحالة لوقعتم فيها/١٢..
٢ الدعاء إلى الخير عام فيما فيه صلاح ديني أو دنيوي، فعطف الأمر بالمعروف عليه للإيذان بشرفه كقوله: ﴿حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى﴾ (البقرة: ٢٣٨)، والأمر بالمعروف من فروض الكفايات فالخطاب عام، والمطلوب التصدي من بعض من له قابلية فلو ترك الكل أثموا وقيل من للتبعيض، وفي صحيح مسلم (من رأى منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان) [سبق تخريجه في الصفحة السابقة]، وعدم الاستطاعة لتقصيره في حق التقوى فصدق أنه أضعف الإيمان/١٢ وجيز..
٣ وفي الآية دليل على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ووجوبه ثابت بالكتاب والسنة وهو من أعظم واجبات الشريعة المطهرة وأصل عظيم من أصولها وركن مشيد من أركانها؛ وبه يكمل نظامها، ويرتفع سنامها/١٢ فتح..
٤ فإن الدعاء إلى الخير عام فيه صلاح ديني أو دنيوي فعطف الأمر بالمعروف عليه للإيذان بشرفه كقوله: (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) (البقرة: ٢٣٨)/١٢..
٢ بسبب استخراج التأويلات الفاسدة من تلك النصوص، ثم اختلفوا بأن حاول كل واحد منهم نصرة قوله ومذهبه، وتفرقوا بأبدانهم بأن صار كل واحد من أولئك الأحبار رئيسا في بلد، ثم اختلفوا بأن صار كل واحد منهم يدعي أنه على الحق وأن صاحبه على الباطل وأقول: إنك إذا أنصفت علمت أن أكثر علماء هذا الزمان صاروا موصوفين بهذه الصفة فنسأل الله الرحمة والعفو/١٢ كبير..
٢ ملكا وخلقا وعبيدا حتى يسألوه، ويعبدوه ولا يعبدوا غيره/١٢ فتح..
٢ هذه الجملة والتي بعدها أعنى (لن يضروكم) واقع على سبيل الاستطراد/١٢ منه..
٢ لما كان استقامة معنى المفرغ عند التحقيق راجعة إلى تقدير النفي أشرنا إليه بقولنا: لا عز لهم إلخ/١٢ منه..
٣ هكذا قاله ابن عباس، ومجاهد، وعكرمة، والضحاك، والحسن، والسدي، وغيرهم فيكون الحبلان واحدا من باب (الله ورسوله أحق أن يرضوه) (التوبة: ٦٢)/١٢..
٤ جعل علة الكفر وقتل الأنبياء هي المعصية، وذلك لأنهم لما توغلوا في المعاصي والذنوب فكانت ظلمات المعاصي تتزايد حالا فحالا ونور الإيمان يضعف حالا فحالا، ولم يزل كذلك إلى أن بطل نور الإيمان، وفضلت ظلمة الكفر، وإليه الإشارة بقوله: (كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون) (المطففين: ١٤)، فقوله: (ذلك بما عصوا) إشارة إلى علة العلة ولهذا المعنى قال أرباب المعاني: من ابتلي بترك الآداب وقع في ترك السنن، ومن ابتلي بترك السنن وقع في ترك الفريضة، ومن ابتلي بترك الفريضة وقع في استحقار الشريعة، ومن ابتلي بذلك وقع في الكفر/١٢ كبير..
٥ ذكره محمد بن إسحاق وغيره، ورواه العوفي عن ابن إسحاق/١٢..
٦ قوله: فإن الإصرار والمداومة مرتب على كلا التفسيرين فافهم/١٢..
٢ عبر بقوله: (يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون) عن التهجد والعشاء/١٢..
٣ في مسند الإمام أحمد عن ابن مسعود أنه عليه الصلاة والسلام أخّر صلاة العشاء ثم خرج إلى المسجد فإذا الناس ينتظرون الصلاة، فقال: أما إنه ليس من أهل هذه الأديان أحد يذكر الله هذه الساعة غيركم، ثم قرأ (ليسوا سواء من أهل الكتاب)/١٢ [أخرجه أحمد والنسائي والبزار وأبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني بسند حسن عن ابن مسعود مرفوعا كما في الدر المنثور للسيوطي (٢/١١٦)]..
٢ هذا قول ابن عباس، ومجاهد، قيل: هذا يرجع إلى الأول فإن البرد الشديد فيها نارية تحرق الثمار والزروع/١٢..
٣ تقديم المفعول لرعاية الفاصلة لا للاختصاص أي: ما ظلمناهم، ولكن ظلموا أنفسهم/١٢ منه..
٢ أعني ودوا، وقد بدت تحتمل كل منهما أن تكون صفة، ومستأنفة للتعليل عن نهي اتخاذهم بطانة/١٢ منه..
٣ ما مصدرية أي ودوا عنتكم، والعنت شدة الضرر/١٢..
٤ يقال: كان الأمر فلتة بلا تدبر وتفكر/١٢ صراح..
٥ يعني الآية نزلت في منع مواصلة المؤمنين اليهود مطلقا بلقائهم المنافقين من اليهود/١٢ منه..
٢ وقوتهم وعزهم، وذل اليهود وخزيهم/١٢..
٣ ذات هاهنا تأنيث بمعنى صاحبة الصدور/١٢ فتح..
٢ معنى الآية أن كل من صبر على أداء أوامر الله تعالى، وألقى كل ما نهى الله عنه كان في حفظ الله فلا يضره كيد الكافرين ولا حيل المحتالين وتحقيق الكلام في ذلك هو أنه سبحانه إنما خلق الخلق للعبودية، كما قال: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) (الذاريات: ٥٦) فمن وفى بعهد العبودية في ذلك فالله سبحانه أكرم من أن لا يفي بعهد الربوبية في حفظه عن الآفات والمخافات وإليه الإشارة بقوله (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) (الطلاق: ٢، ٣) إشارة إلى أنه يوصل إليه كل ما يسره، وقال بعض الحكماء: إذا أردت أن تكبت من يحسدك فاجتهد في اكتساب الفضائل/١٢. .
٢ الأول قول علي بن أبي طالب رواه بن أبي حاتم، الثاني لأبي هريرة، الثالث لابن عباس، والرابع رواه ابن مردويه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ذكره الهيثمي في (المجمع) (٦/٣٢٧) وقال: (رواه الطبراني وفيه عبد القدوس بن حبيب وهو متروك)]، والخامس رواه ابن مردويه عن الزبير [أخرجه أبو نعيم وابن عساكر عن عباد بن عبد الله بن الزبير بلاغا كما في الدر المنثور (٢/١٢٥)]، السادس لعكرمة وقتادة/١٢ منه..
٣ فلا منافاة كما صرح بذلك قتادة وغيره، وقوله هاهنا مردفين مشعر بذلك إذ معناه يردفهم غيرهم، ويتبعهم آخرين/١٢..
٢ يعني نصرتكم في بدر لأنواع من الفوائد: إهلاك بعض، وإذلال بعض بالهزيمة، وتوبة بعض بالإيمان، وتعذيب بعض بالأسر فيمكن أن يقال ليس لك من الأمر شيء نزل لأحد هذا الوجهين المذكورين، ويكون اعتراضا بين المعطوف والمعطوف عليه، ثم ذكر بقية الأقسام، لكن فيه تكلف/١٢ منه..
٢ رواه البخاري، وأحمد عن أنس/١٢ وجيز [هذا يوهم أن الحديث أخرجه البخاري، وليس كذلك وإنما ذكره معلقا في المغازي (٧/٤٢٢-فتح)، ووصله مسلم في (الجهاد) (١٧٩١)]..
٢ لزيادة التوبيخ والتنبيه على أنهم على هذه الطريقة الرديئة التي يستقبحها من له أدنى مروءة، وليس لتقييد [في الأصل، للتقييد، بلامين] النهي وقوله: (أضعافا) حال، ومضاعفة صفة لها/١٢ وجيز..
٢ كما يقال القصر معد للسلطان وفيه غير السلطان بالتبع، وبهذا يندفع كلام الزمخشري أن في هذه الآيات بيانا قاطعا أن المؤمنين على ثلاث طبقات: متقين، وتائبين، ومصرين وأن الجنة للأولين دون الأخير ومن خالف في ذلك فقد كابر عقله، وعاند ربه/١٢ منه..
٢ الذي رواه الترمذي وأبو داود وغيرهما/١٢ [وهو ضعيف، انظر ضعيف الجامع (٥٠٠٦)، وضعيف أبي داود].
.
٢ من ربانيون، والكسر والحذف من تغييرات النسب/١٢..
٣ قال قتادة والربيع ومحمد بن إسحاق والسدي: ما أصابهم من قتل نبيهم/١٢..
٤ أصل استكن من السكون؛ لأن الخاضع يكن لصاحبه ليفعل به ما يريد والألف من إشباع الفتحة، ومن استكون من الكون؛ لأنه يطلب من نفسه أن تكون لمن يخضع له/١٢..
٥ والمعنى أن من صبر على تحمل الشدائد في طريق الله ولم يظهر الجزع والعجز والهلع – فإن الله يحبه، ومحبة الله للعبد ثابتة بالكتاب والسنة وكرر في مواضع من كتابه أثبتها له رسوله وشهد به سلف أمته، فليس لمن يؤمن بكتاب الله ويصدق رسوله أن ينكر أو يستبعد ذلك، نعم لمن يتبع الفلسفة أن يفسر ذلك برأيه ثم يحتمل التمحل في ذلك، أو فينفيه برأسه كقولهم: المحبة مناسبة بين المحب والمحبوب، ومناسبة الرب للخلق نقص، فيقال المناسبة لفظ مجمل فإن أراد بها التوالد والقرابة فيقال هذا نسب فلان ويناسبه إذا كان بينهما قرابة مستندة إلى الولادة، والله سبحانه منزه عن ذلك أو يراد بها المماثلة فيقال: هذا يناسب هذا أي يماثله، والله سبحانه أحد صمد لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد أو يراد بها موافقة في معنى من المعاني وضدها المخالفة والمناسبة بهذا الاعتبار ثابتة فإن أولياء الله يوافقونه فيما يأمر فيفعلونه، وفيما يحبه فيحبونه، وفيما هي عنه فيتركونه، وفيما يبغضه فيبغضونه، والله وتر يحب الوتر [صح ذلك عنه مرفوعا – صلى الله عليه وسلم – انظر صحيح الجامع (١٨٢٩)] جميل يحب الجمال [صح ذلك عنه مرفوعا – صلى الله عليه وسلم – أخرجه مسلم في (الإيمان)] عليم يحب العلم نظيف يحب النظافة [ورد ذلك في حديث ضعيف، انظر ضعيف الجامع (١٥٩٦)] محسن يحب المحسنين مقسط يحب المقسطين إلى غير ذلك من المعاني، بل هو سبحانه يفرح بتوبة التائب أعظم من فرح الفاقد لراحلته عليها طعامه، وشرابه في الأرض المهلكة إذا وجدها بعد اليأس، فالله أشد فرحا بتوبة عبده من هذا براحلته كما ثبت ذلك في الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم [أخرجه البخاري في (الدعوات) (٦٣٠٨)، ومسلم في (التوبة) (٢٧٤٤)] فإذا أريد بالمناسبة هذا وأمثاله فهذه المناسبة حق، وهي من صفات الكمال كما تقدم الإشارة إليه فإن من يحب صفات الكمال أكمل ممن لا فرق عنده بين صفات النقص والكمال ولا يحب صفات الكمال وإذا قدر موجودان أحدهما يحب العلم والصدق والعدل والإحسان ونحو ذلك والآخر لا فرق عنده بين هذه الأمور وبين الجهل والكذب والظلم ونحو ذلك لا يحب هذا، ولا يبغض هذا كان الذي يحب تلك الأمور أكمل من هذا فدل على أن هذه من صفات الكمال والموجود إما ألا يكون له علم كالجماد فالذي يعلم أكمل منه والعالم إما أن يحب المحمود ويبغض المذموم، وإما ألا يحبهما، وإما أن يحبهما ومعلوم أن الذي يحب المحمود ويبغض المذموم أكمل ممن لا يحبهما أو يبغضهما وأصل هذه المسألة هي الفرق بين محبة الله ورضائه وغضبه وسخطه وإرادته كما هو مذهب السلف، ومن ذهب إلى أنه لا فرق بينهما فقوله مخالف للكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة وأئمتها فإنهم متفقون على أنه ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن وأنه لا يكون شيء إلا بمشيئته ومجمعون على أنه لا يحب الفساد، ولا يرضى لعباده الكفر وأن الكفار يبيتون ما لا يرضى من القول، والذين نفوا محبته بنوها على هذا الأصل الفاسد هكذا قال شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن تيمية في بعض رسائله/١٢. .
٢ سبق تخريجه والتنبيه على ضعفه..
٣ على الوجه الأول الظرف أعنى بغم مستقر وعلى الثاني متعلق بأثابكم/١٢..
٤ هكذا فسره ابن عباس، وعبد الرحمن بن عوف، والحسن، وقتادة، والسدي/١٢..
٢ الحديث الذي ذكرنا في شرح الآية يدل على أن النعاس بعد الهزيمة حين وجدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلموا أنه لم يُصب والكفار على الرجوع/١٢..
٣ رواه ابن إسحاق بن يسار، وابن أبي حاتم/١٢..
٤ رواه الطبراني/١٢..
٥ رواه ابن أبي حاتم/١٢..
٦ على طريق النوعية دون التأكيد/١٢..
٧ استفهام إنكاري/١٢..
٨ في أنفسهم ما لا يبدون لك/١٢..
٩ إذ لو قالوا ذلك مع المؤمنين مجاهرة لما كانوا منافقين، ولا يمكن أن يكون بدلا من يخفون إلخ/١٢..
٢ استزلّهم: طلب منهم الزلل، وإذا قلت استزله بكذا جاز أن يكون الزلل المحرض عليه هو ما دخل عليه الباء وجاز أن يكون غيره، والمعنيان اللذان في الشرح بناء على ذلك/١٢ منه..
٢ فاللام متعلق بلا تكونوا أو بقالوا وعلى الأول ذلك إشارة إلى ما دل عليه قولهم من الاعتقاد/١٢..
٢ رواه العوفي عن ابن عباس، وكذا قال الضحاك/١٢..
٣ وقد وردت في صفة التوكل أحاديث كثيرة صحيحة، وقد عد النبي المتوكل من سبعين ألفا يدخلون الجنة بغير حساب، كما في مسلم/١٢ فتح [وهو أيضا في البخاري أخرجه في (الطب) (٥٧٠٥)، ومسلم في (الإيمان)]..
٢ نقله الترمذي وأبو داود عن عبد الواحد بن زياد، وابن مردويه عن ابن عباس، وابن أبي حاتم وابن جرير عنه أيضا/١٢ وجيز [وهو حديث صحيح، انظر صحيح سنن الترمذي (٢٤٠٧)، والصحيحة (٢٧٨٨)]..
٣ رواه العوفي عن ابن عباس، وكذا قال الضحاك/١٢..
٤ هذا قول محمد بن إسحاق/١٢ منه..
٥ رواه ابن جرير عن قتادة والربيع/١٢ منه..
٦ والأحاديث التي تدل على هذا توجد في الكتب الستة، وغيرها/١٢ منه..
٧ رواه ابن مردويه/١٢ منه..
٨ أخرجه مسلم في (الزهد)..
٢ فيكون التشبيه بحذف الأداة/١٢ منه..
ويُزكّيهم } : من دنس الشرك والجهل، ﴿ ويُعلّمهم الكتاب ﴾ : القرآن، ﴿ والحكمة ﴾ : السنة، ﴿ وإن كانوا من قبل ﴾، إن هي المخففة أي : إن الشأن كانوا قبل بعثته، ﴿ لفي ضلال مبين ﴾ : ظاهر.
٢ أي كيف أصابنا هذا الكسر، والقتل، ونحن نقاتل أعداء الله تعالى؟ فأنى سؤال عن الحال على سبيل التعجب، ولا يناسب أن يكون أنى بمعنى أين ومتى لأن الاستفهام لم يقع هنا من المكان، والزمان/١٢ وجيز..
٣ من قوله (لقد صدقكم الله وعده) إلى قوله (لفي ضلال مبين) لأن الكل يتعلق بقصة أحد من غير تخلل أجنبي/١٢ منه..
٤ أي الحمل على الإقرار والتقريع على مضمون المعطوف/١٢ منه..
٥ فإن المسلمين اجتمع رأيهم على أخذ الفداء فأخذوا الفداء قبل أن يأذن اله لهم كما سيجيء، رواه ابن أبي حاتم عن عمر بن الخطاب، وابن جرير عن علي بن أبي طالب، والترمذي، والنسائي عن محمد بن سيرين/١٢ منه..
﴿ وقيل لهم ﴾ أي : لعبد الله بن أبيّ وأصحابه لما انصرفوا في أثناء الطريق، عطف على نافقوا أو كلام مبتدأ، ﴿ تعالوا قاتلوا في سبيل الله أو ادفعوا ﴾ : عنا القوم بتكثيركم سوادنا، وقيل تخيير بين المقاتلة للآخرة أو للدفع عن الأنفس والأموال، ﴿ قالوا لو نعلم قتالا لاتّبعناكم ﴾، لكن لا يكون اليوم قتال، ونافقوا في هذا أيضا، لأنهم ظنوا القتال ورجعوا وقيل معناه لو نعلم أن ما ترتكبونه قتال لاتبعناكم، لكن هو إلقاء الأنفس إلى التهلكة، ﴿ هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان ﴾، لانخزالهم وكلامهم، ﴿ يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم ﴾ : من كلمة الإيمان، وقولهم لو نعلم قتالا على التوجيه الأول، ﴿ والله أعلم بما يكتمون ﴾ : من النفاق.
٢ ترد أنهار الجنة، وتأكل من ثمارها، وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش/١٢ منه..
قوله صلى الله عليه وسلم (ويضحك إليهم ربهم).. إلخ ضحك الرب عز وجل من صفاته، وقد جاء ذكر الضحك في الأحاديث الصحيحة الثابتة يجب الإيمان به قال شيخ الإسلام أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن تيمية قدس الله سره في بعض فتاواه: وقول القائل: إن الضحك خفة روح ليس بصحيح، وإن كان ذلك قد يقارنه، ثم قول القائل خفة الروح أراد به وصفا مذموما فهذا يكون لما لا ينبغي أن يضحك منه، وإلا فالضحك في موضعه المناسب له صفة مدح وكمال وإذا قدر حيان أحدهما يضحك مما يضحك منه، والآخر لا يضحك قط كان الأول أكمل من الثاني، ولهذا لما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ينظر إليكم أذلين قنطين، فيظل يضحك يعلم أن فرجكم قريب) فقال له أبو رزين العقيلي، يا رسول الله أو يضحك الرب قال: (نعم)، قال: لن نعدم من رب يضحك خيرا، فجعل الأعرابي العقل بصحة فطرته ضحكه دليل على إحسانه وإنعامه فدل على أن هذا الوصف مقرون بالإحسان المحمود وأنه من صفات الكمال، والشخص العبوس الذي لا يضحك قط هو مذموم بذلك وقد قيل في اليوم الشديد العذاب (يوما عبوسا قمطريرا) (الإنسان: ١٠)، وقد روي أن الملائكة قالت لآدم حياك الله وبياك أي: أضحك والإنسان حيوان ناطق ضاحك، وما تميز به الإنسان عن البهيمة صفة كمال فكما النطق صفة كمال فكذلك الضحك صفة كمال، فمن يتكلم أكمل ممن لا يتكلم، ومن يضحك أكمل ممن لا يضحك، وإذا كان الضحك فينا مستلزما لشيء من النقص، فالله تعالى منزه عن ذلك، وذلك النقص مختص لا عام فليس حقيقة الضحك مطلقا مقرونة بالنقص كما أن ذواتنا وصفاتنا مقرونة بالنقص، ووجودنا مقرون بالنقص، ولا يلزم ألا يكون الرب موجودا وألا يكون له ذات ومن هنا ضلت القرامطة الغلاة أصحاب الأقاليد وأمثاله، فأرادوا أن ينفوا عنه كل ما يعلم بالقلب أو ينطق به اللسان من نفي وإثبات، فقالوا: لا نقول موجود ولا لا موجود، ولا موصوف ولا لا موصوف لما في ذلك على زعمهم من التشبيه وهذا يستلزم أن يكون ممتنعا، وهو مقتض للتشبيه بالممتنع، والتشبيه الممتنع عن الله أن يشارك المخلوقات في شيء من خصائصها أو أن يكون مماثلا لها في شيء من صفاته كالحياة والعلم والقدرة فإنه وإن وصف به فلا تماثل في صفة الخالق صفة المخلوق كالحدث والموت والفناء والإمكان انتهى. .
٢ هو قول محمد ابن إسحاق، وهذا الذي نقلنا عن السدي يوافقه/١٢..
٣ في الصحيحين عن أنس في قصة أصحاب بئر معونة نزل فيهم قرآن قرأناه زمانا حتى رفع أن بلغوا عنا قومنا أنا لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا [أخرجه البخاري في (المغازي) (٤٠٩٠، ٤٠٩١)، وفي غير موضع من صحيحه، وحده دون مسلم] وفيما نقله محمد بن جرير أنه لنسخت، ورفعت وأنزل الله ﴿ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله﴾ الآية/١٢ منه..
٢ بمر الظهران/١٢..
٣ رضي الله عنهم هذا هو المنقول الثابت الذي صححه ابن كثير في تفسيره والبغوي أيضا، وهو قول جميع قدماء المفسرين والمؤرخين فالآية جميعها في غزوة حمراء الأسد المتصلة بغزوة أحد، لا أن بعض الآية، وهو ﴿الذين استجابوا﴾ إلى قوله ﴿أجر عظيم﴾ في تلك الغزوة وباقيتها وهو الذين (قال لهم الناس) إلى آخر الآية في غزوة بدر الصغرى التي نذكرها كما قال الرازي وغيره من المتأخرين، فلا تعتمد على الرازي والزمخشري وغيرهما/١٢ منه وجيز..
٤ وهو المسمى بغزوة بدر الصغرى، فإن المسلمين انتظروا المشركين في البدر فلم يأتوا فرجع المسلمون من بدر بتجارة وربح ورضا من الله قال الشيخ المحدث الناقد أبو الفداء عماد الدين بن كثير: الصحيح أن الآية في غزوة حمراء الأسد لا في بدر الصغرى/١٢ منه..
٢ ففي البخاري ومسلم أنه عليه السلام قرأ بعد أن أوعدهم/١٢ [أخرجه البخاري في (التفسير) (٤٥٦٥)، وفي غير موضع من صحيحه دون مسلم]..
٣ رواه ابن جرير عن ابن عباس، والأول أصح/١٢ منه..
٤ قال الرازي في التفسير الكبير: إن الإنفاق الواجب أقسام كثيرة منها إنفاقه على نفسه وعلى أقاربه الذين يلزمه مؤنتهم، ومنها ما يتصل بأبواب الزكاة ومنها ما إذا احتاجه المسلمون إلى دفع عدو يقصد قتلهم ومالهم فهاهنا يجب عليهم إنفاق الأموال على من يدفعه عنهم؛ لأن ذلك يجري مجرى دفع الضرر عن النفس، ومنها إذا صار أحد من المسلمين مضطرا فإنه يجب عليه أن يدفع إليه مقدار ما يستبقي به رمقه فكل هذه الإنفاقات من الواجبات، وتركه يكون من باب البخل، والله أعلم/١٢..
٢ وبأن هذا ليس بأول ما ركبوه من العظام، بل هم أصلاء في الكفر، والكفر منهم ميراث، ورثوه من أجدادهم/١٢..
٢ يعني أن العزم مصدر بمعنى المفعول أي المعزوم عليه، والفاعل هو العبد أي: يجب عليه أن يعزم على ذلك، والله تعالى أراد وقطع وفرض أن يكون ذلك ويحصل قال الإمام المرزوقي: حقيقة العزم توطين النفس، وعقد التغلب ولذلك لم يجز على الله/١٢..
٢ ونقيضه: جعله نصب عينيه، وألقاه بين عينيه/١٢ منه..
٣ اعلم أن ظاهر هذه الآية وإن كان مختصا باليهود والنصارى فإنه لا يبعد أيضا دخول المسلمين فيه لأنهم أهل القرآن وهو أشرف الكتب/١٢ كبير. قال قتادة: هذا ميثاق أخذه الله تعالى على أهل العلم فمن علم شيئا فليعلمه وإياكم وكتمان العلم فإنه هلكة، وقال أبو هريرة: لولا ما أخذ الله على أهل الكتاب ما حدثتكم بشيء ثم تلا هذه الآية/١٢ معالم، وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من سُئل علما يعلمه فكتمه ألجم بلجام من نار) أخرجه الترمذي/١٢ فتح [صحيح، أخرجه أحمد وأصحاب السنن الأربعة والحاكم من حديث أبي هريرة مرفوعا، وانظر صحيح الجامع (٦٢٨٤)]. .
٤ معناه أنهم أخفوا الحق ليتوسلوا به إلى وجدان شيء من الدنيا، فكل من لم يبين الحق للناس وكتم شيئا منه لغرض فاسد من تسهيل على الظلمة وتطييب لقلوبهم أو لجر منفعة أو لتقية وخوف، أو لبخل بالعلم دخل تحت هذا الوعيد/١٢ تفسير كبير..
٢ بمعنى فائزين ثاني مفعولي تحسبن/١٢..
٣ يعني: جعل التأكيد وهو لا تحسبن هو الفعل والفاعل إذ ليس المذكور سابقا إلا الفعل والفاعل، فالضمير المنصوب المتصل بالتأكيد هو المفعول الأول، ولا حذف وهو أولى مما قاله الزمخشري/١٢..
٤ روى البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف/١٢ منه [أخرجه البخاري في (التفسير) (٤٥٦٨)، ومسلم في (صفات المنافقين) (٥/٦٤٨)]..
٥ أي: طلبوا الحمد متوسلين إليه بذلك/١٢، أي: رسول الله صلى الله عليه وسلم..
٦ رواه البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري/١٢ [أخرجه البخاري في (التفسير) (٤٥٦٣)، ومسلم في (صفات المنافقين) (٥/٦٤٨) ط الشعب]..
٢ هذا إشارة إلى الخلق في خلق السماوات على أن المراد به المخلوق أو إشارة إلى السماوات والأرض لأنهما في معنى المخلوق، وباطلا صفة مصدر محذوف كما أشرنا إليه وقيل حال من هذا/١٢ منه..
٢ العار والتخزية يبلغ من ابن آدم في القيامة بين يدي الله ما يتمنى العبد أن يؤمر به إلى النار، روى الحافظ أبو يعلى الموصلي أنه قال عليه السلام/١٢ منه..
٣ قيل: النصرة هي الدفع بطريق الغلبة والشفاعة بطريق المسألة فنفي الناصر لا يدل على نفي الشفيع قال تعالى: (لا تنفعها شفاعة ولا هم ينصرون) (البقرة: ١٢٣)/١٢ قلت: وإن سلم فالمتبادر من نفي الناصر في مثل هذا الموقع عدم الخلاص لهم بوجه من الوجوه، تأمل منصفا/١٢..
٢ فإن مصدرية، وجاز أن يكون مفسرة بمعنى أي/١٢..
٢ رواه الحاكم في مستدركه، وقال: صحيح على شرط البخاري، ولم يخرجه/١٢ منه [وهو كما قال وأخرجه أيضا الترمذي والطبراني وغيرهما، وانظر صحيح سنن الترمذي (٢٤٢٠)]..
٣ يعني أن ثوابا مصدر مؤكد فإن قوله لأكفرن عنهم ولأدخلنهم في معنى لأثيبنكم لا أن تقدر عامله كما يظهر من كلامنا بادي الرأي/١٢..
٢ العلج الكافر الضخم/١٢..
والحمد لله رب العالمين أكمل الحمد وأتمه.
٢ هكذا قال ابن عباس وسهل بن حبيب ومحمد بن كعب وغيرهم، وفي مسلم والنسائي (ألا أخبركم بما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات، إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط، فذلكم الرباط، فذلكم الرباط)/١٢ وجيز [أخرجه مسلم في (الطهارة)]..