تفسير سورة الأحزاب

الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم
تفسير سورة سورة الأحزاب من كتاب الصراط المستقيم في تبيان القرآن الكريم .
لمؤلفه الكَازَرُوني . المتوفي سنة 923 هـ

دعاؤهم كذلك ﴿ أَقْسَطُ ﴾: أعدل ﴿ عِندَ ٱللَّهِ فَإِن لَّمْ تَعْلَمُوۤاْ آبَاءَهُمْ فَإِخوَانُكُمْ فِي ٱلدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ ﴾: فادعوهم أخي ومولاي بهذا المعنى ﴿ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ ﴾: إثم ﴿ فِيمَآ أَخْطَأْتُمْ بِهِ ﴾: من النسبة ﴿ وَلَـٰكِن ﴾: الجناح في ﴿ مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ ﴾: به، في الحديث:" مَلعُونٌ من نُسبَ إلى غَير أبيه "وفي منسوخ القرآن: " لا ترغبوا عن آبائكم، فإنه كفر بكم أن ترغبوا عن آباءكم " ﴿ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً * ٱلنَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ﴾: في كل الأمور، فيجب كونه أحب ﴿ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ ﴾: حرمة واحتراما، فلا يقال لهن: أمهات المؤمنات وقرئ: وهو أبٌ لَهُم، أي: دينًا، فالمؤمنون إخوة ﴿ وَأُوْلُواْ ٱلأَرْحَامِ ﴾: ذوو القرابات ﴿ بَعْضُهُمْ أَوْلَىٰ بِبَعْضٍ ﴾: في الإرث ﴿ فِي كِتَابِ ٱللَّهِ ﴾: فريضته ﴿ مِنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾: بحق الدين ﴿ وَٱلْمُهَاجِرِينَ ﴾: بحق الهجرة، نسخ الإرث بهما بهذه الآية، وبالأنفال ﴿ إِلاَّ ﴾: لكن ﴿ أَن تَفْعَلُوۤاْ إِلَىٰ أَوْلِيَآئِكُمْ ﴾: من أحبابكم ﴿ مَّعْرُوفاً ﴾: بوصية فجائر ﴿ كَانَ ذَلِكَ ﴾: الحكم ﴿ فِي ٱلْكِتَابِ مَسْطُوراً ﴾: وخلافه شرع قبل لمصالح ﴿ وَ ﴾: اذكر ﴿ إِذْ أَخَذْنَا مِنَ ٱلنَّبِيِّيْنَ مِيثَاقَهُمْ ﴾: في التبليغ ﴿ وَمِنْكَ وَمِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ وَعِيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ ﴾: ذكر أولي العزم لمزيد شرفهم ﴿ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِّيثَاقاً غَلِيظاً ﴾: شديدا ﴿ لِّيَسْأَلَ ﴾: الله ﴿ ٱلصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ ﴾: في التبليغ تبكيتا للكفرة فأثابهم ﴿ وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً أَلِيماً * يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَآءَتْكُمْ جُنُودٌ ﴾: حين اتفق المشركون وأهل الكتاب، وهم خمسة عشر ألفا، وحاصروا المدينة شهرا، والنبي صلى الله عليه وسلم حفر الخندق بشَوْر سلمان، ولم يقع بينهم إلا الترامي ﴿ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً ﴾: الصبا، قلعت خيامهم ﴿ وَجُنُوداً ﴾: من الملائكة ﴿ لَّمْ تَرَوْهَا ﴾: فكبروا من جوانبهم حتى انهزموا خائفين ﴿ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيراً * إِذْ جَآءُوكُمْ مِّن فَوْقِكُمْ ﴾: أعلى الوادي ﴿ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ ﴾: أي: أحاطوا بكم ﴿ وَإِذْ زَاغَتِ ﴾: مالت ﴿ ٱلأَبْصَارُ ﴾: عن مستوى نظرها حيرة ﴿ وَبَلَغَتِ ٱلْقُلُوبُ ﴾: من الرعب ﴿ ٱلْحَنَاجِرَ ﴾: منتهى الحلقوم إذ الرئة تنتفخ بالروح فيرتفع بارتفاعها إليه، ولما اشتكوا منه قال عليه الصلاة والسلام:" قُوْلُوا: اللّهُمّ اسْتُر عوراتنا وآمن روعتنا "﴿ وَتَظُنُّونَ بِٱللَّهِ ٱلظُّنُونَاْ ﴾: أنواع الظن المؤمنون إنجاز وعده والمنافقون إخلافه، وزيدت الألف تشبيها للفواصل بالقوافي ﴿ هُنَالِكَ ٱبْتُلِيَ ﴾: اختبر ﴿ ٱلْمُؤْمِنُونَ ﴾: فظهر المخلص من غيره ﴿ وَزُلْزِلُواْ ﴾: بالخوف ﴿ زِلْزَالاً شَدِيداً * وَإِذْ يَقُولُ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ ﴾: ضعف اعتقاده ﴿ مَّا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلاَّ غُرُوراً ﴾: باطلا ﴿ وَإِذْ قَالَت طَّآئِفَةٌ مِّنْهُمْ ﴾: المنافقون ﴿ يٰأَهْلَ يَثْرِبَ ﴾: اسم المدينة قديما فغيرها عليه الصلاة والسلام بطيبة، لما فيه معنى اللوم ﴿ لاَ مُقَامَ لَكُمْ ﴾: هنا عند النبي صلى الله عليه وسلم ﴿ فَٱرْجِعُواْ ﴾: هاربين أو مرتدين ﴿ رْجِعُواْ وَيَسْتَئْذِنُ فَرِيقٌ مِّنْهُمُ ٱلنَّبِيَّ ﴾: للرجوع ﴿ يَقُولُونَ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ ﴾: مُخْتلّة بلا حصن ﴿ وَمَا هِيَ بِعَوْرَةٍ إِن ﴾: ما ﴿ يُرِيدُونَ إِلاَّ فِرَاراً * وَلَوْ دُخِلَتْ ﴾: بيوتهم ﴿ عَلَيْهِمْ مِّنْ أَقْطَارِهَا ﴾: جوانبها ﴿ ثُمَّ سُئِلُواْ ٱلْفِتْنَةَ ﴾: الشرك ﴿ لآتَوْهَا ﴾: فعلوها ﴿ وَمَا تَلَبَّثُواْ ﴾: في إجابة الفتنة ﴿ بِهَآ إِلاَّ ﴾: لبثا ﴿ يَسِيراً ﴾: لحبهم الكفر ﴿ وَلَقَدْ كَانُواْ عَاهَدُواْ ٱللَّهَ مِن قَبْلُ لاَ يُوَلُّونَ ٱلأَدْبَارَ ﴾: في الزحف ﴿ وَكَانَ عَهْدُ ٱللَّهِ مَسْئُولاً ﴾: عن الوفاء به ﴿ قُل لَّن يَنفَعَكُمُ ٱلْفِرَارُ إِن فَرَرْتُمْ مِّنَ ٱلْمَوْتِ أَوِ ٱلْقَتْلِ وَإِذاً ﴾: إن فررتم ﴿ لاَّ تُمَتَّعُونَ إِلاَّ ﴾: زمانا ﴿ قَلِيلاً ﴾: بقية آجالكم
﴿ قُلْ مَن ذَا ٱلَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوۤءاً ﴾: مصيبة ﴿ أَوْ ﴾: من يمنع إن ﴿ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلاَ يَجِدُونَ لَهُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً ﴾: يدفع الضر عنهم ﴿ قَدْ يَعْلَمُ ٱللَّهُ ٱلْمُعَوِّقِينَ ﴾: المثبطين للمسلمين ﴿ مِنكُمْ وَٱلْقَآئِلِينَ لإِخْوَانِهِمْ ﴾: من ساكني المدينة ﴿ هَلُمَّ إِلَيْنَا ﴾: تستريحوا، إذ يهود المدينة طلبوا المنافقين ليستريحوا وهم خوفوا المؤمنين ليرجعوا ﴿ وَلاَ يَأْتُونَ ٱلْبَأْسَ ﴾: لا يقاتلون ﴿ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾: رياء حال كونهم ﴿ أَشِحَّةً ﴾: بخلاء ﴿ عَلَيْكُمْ ﴾: بالإعانة والإنفاق ﴿ فَإِذَا جَآءَ ٱلْخَوْفُ ﴾: وقت الحرب ﴿ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ ﴾: في أحداقهم ﴿ كَٱلَّذِي ﴾: كنظر من ﴿ يُغْشَىٰ عَلَيْهِ مِنَ ﴾: سكرات ﴿ ٱلْمَوْتِ ﴾: لواذا بك ﴿ فَإِذَا ذَهَبَ ٱلْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ ﴾: ضربوكم ﴿ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ ﴾: كالأسنة لأجل الغنيمة وغيرها ﴿ أَشِحَّةً ﴾: بخلاء ﴿ عَلَى ٱلْخَيْرِ ﴾: كالغنيمة ﴿ أوْلَـٰئِكَ لَمْ يُؤْمِنُواْ ﴾: حقيقة ﴿ فَأَحْبَطَ ٱللَّهُ أَعْمَالَهُمْ ﴾: من نحو الصلاة ﴿ وَكَانَ ذَلِكَ ﴾: الإحباط ﴿ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً * يَحْسَبُونَ ﴾: هؤلاء لجنبهم ﴿ ٱلأَحْزَابَ ﴾: المنهزمة ﴿ لَمْ يَذْهَبُواْ ﴾: ما انهزموا، ففروا إلى المدينة ﴿ وَإِن يَأْتِ ٱلأَحْزَابُ يَوَدُّواْ ﴾: يتمنوا لخوفهم ﴿ لَوْ أَنَّهُمْ بَادُونَ ﴾: كائنون مع البدو ﴿ فِي ٱلأَعْرَابِ ﴾: ليسلموا من القتال ﴿ يَسْأَلُونَ ﴾: الناس ﴿ عَنْ أَنبَآئِكُمْ ﴾: بلا مشاهدتكم جبناء ﴿ وَلَوْ كَانُواْ فِيكُمْ ﴾: وكان قتال ﴿ مَّا قَاتَلُوۤاْ إِلاَّ قَلِيلاً ﴾: رياء ﴿ لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ ﴾: خصلة حقها أن يؤتسى بها أو قدوة يتأسى به ﴿ حَسَنَةٌ ﴾: كالتصبر ﴿ لِّمَن ﴾: بدل من لكم ﴿ كَانَ يَرْجُواْ ٱللَّهَ ﴾: ثوابه ﴿ وَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ ﴾: نعيمة ﴿ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيراً * وَلَمَّا رَأَى ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلأَحْزَابَ قَالُواْ هَـٰذَا مَا وَعَدَنَا ٱللَّهُ ﴾: بقوله:﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم ﴾[البقرة: ٢١٤] الآية ﴿ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ ﴾: بإخبره وأظهارهما كراهة اتحادهما ضميرا أو للتعظيم ﴿ وَمَا زَادَهُمْ ﴾: ذلك ﴿ إِلاَّ إِيمَاناً وَتَسْلِيماً ﴾: انقيادا ﴿ مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ ٱللَّهَ عَلَيْهِ ﴾: فثبتوا وجاهدوا ﴿ فَمِنْهُمْ مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ ﴾: نذره بأن قاتل حتى استشهد حمزة رضي الله تعالى عنه ﴿ وَمِنْهُمْ مَّن يَنتَظِرُ ﴾: الشهادة كعثمان رضي الله تعالى عنه ﴿ وَمَا بَدَّلُواْ ﴾: عهدهم ﴿ تَبْدِيلاً ﴾: كالمنافقين ﴿ لِّيَجْزِيَ ٱللَّهُ ٱلصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ ٱلْمُنَافِقِينَ إِن شَآءَ ﴾: بإماتتهم على النفاق ﴿ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ﴾: بتوفيق التوبة وقبولها ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً ﴾: لمن تاب ﴿ وَرَدَّ ٱللَّهُ ﴾: الأحزب ﴿ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾: عن المدينة ﴿ بِغَيْظِهِمْ ﴾: متغيظين ﴿ لَمْ يَنَالُواْ خَيْراً ﴾: نفعا ﴿ وَكَفَى ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلْقِتَالَ ﴾: بالريح والملك ﴿ وَكَانَ ٱللَّهُ قَوِيّاً عَزِيزاً ﴾: فيما أراد ﴿ وَأَنزَلَ ٱلَّذِينَ ظَاهَرُوهُم ﴾: عاونوا الأحزاب، ونقضوا عهد النبي عليه الصلاة والسلام ﴿ مِّنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ ﴾: بني قريظة ﴿ مِن صَيَاصِيهِمْ ﴾: حصونهم جمع صيصة ﴿ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلرُّعْبَ ﴾: الخوف ﴿ فَرِيقاً تَقْتُلُونَ ﴾: منهم وهم المقاتلة ﴿ وَتَأْسِرُونَ فَرِيقاً ﴾: وهم الذراري والنساء ﴿ وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ ﴾: مزارعهم ﴿ وَدِيَارَهُمْ ﴾: حصونهم ﴿ وَأَمْوَالَهُمْ ﴾: النقود والمواشي ﴿ وَأَرْضاً لَّمْ تَطَئُوهَا ﴾: خيبر أو فارس والروم، والمضي لتحقيق وقوعه ﴿ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيراً * يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ ٱلْحَيَاةَ ٱلدُّنْيَا ﴾: أي: سعتها ﴿ وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ ﴾: متعة الطلاق، قدمه على ﴿ وَأُسَرِّحْكُنَّ ﴾: أطلقكن حثا على الكرم وحسن الخلق ﴿ سَرَاحاً جَمِيلاً ﴾: بلا ضرر ﴿ وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ فَإِنَّ ٱللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْراً عَظِيماً ﴾: فاخترن الأخرة ﴿ يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ ﴾: من النشوز وسوء الخلق ﴿ يُضَاعَفْ لَهَا ٱلْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ ﴾: ضعفي عذاب غيرهن، إذ عظم الذنب بعظم المذنب ﴿ وَكَانَ ذَلِكَ ﴾: التضعيف ﴿ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيراً ﴾: لا ينظر إلى أنكن نساء نبيه ﴿ وَمَن يَقْنُتْ ﴾: يطع ﴿ مِنكُنَّ للَّهِ وَرَسُولِهِ وَتَعْمَلْ صَالِحاً نُؤْتِهَـآ أَجْرَهَا مَرَّتَيْنِ ﴾: لعظم شأنها ﴿ وَأَعْتَدْنَا لَهَا رِزْقاً كَرِيماً ﴾: في الدارين ﴿ يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ ﴾: أصله وحد، يستوي إفرادا وتذكيرا وغيرهما، أي: كجماعة واحدة ﴿ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ ﴾: فضيلة ﴿ إِنِ ٱتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِٱلْقَوْلِ ﴾: للرجال، بل غلظن الكلام ﴿ فَيَطْمَعَ ٱلَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَ ﴾: فجور ﴿ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً ﴾: بعيدا عن الريبة
﴿ وَقَرْنَ ﴾: اسكن بكسر القاف وفتحها من أقررن بكسر الراء وفتحها، أو وقريقر وقارا، أو اجتمعن من قار يقار: اجتمع ﴿ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ ﴾: تظهرن زينتكن، بنحو التّبخْتُر في المشي ﴿ تَبَرُّجَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ ٱلأُولَىٰ ﴾: قبل الإسلام من إظهار النساء محاسنهن للرجال، والأخرى: الفسوق في الإسلام ﴿ وَأَقِمْنَ ٱلصَّلاَةَ وَآتِينَ ٱلزَّكَـاةَ وَأَطِعْنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ ٱلرِّجْسَ ﴾: الإثم المدنس لعرضكم يا ﴿ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ ﴾: قال الأكثرون: أراد نساء النبي كما يدل عليه سابق الآية ولاحقها، وفي الحديث:" إن عليا وفاطمة والحسن والحسين رضي الله تعالى عنهم أجمعين أهل البيت "ولا دليل على الحصر في أحد من الطرفين ﴿ وَيُطَهِّرَكُمْ ﴾: منه ﴿ تَطْهِيـراً * وَٱذْكُـرْنَ مَا يُتْـلَىٰ فِي بُيُوتِكُـنَّ مِنْ آيَاتِ ٱللَّهِ ﴾: القرآن ﴿ وَٱلْحِكْـمَةِ ﴾: السنة، ولا تنسين هذه النعمة ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ لَطِيفاً ﴾: بمطيعه ﴿ خَبِيراً ﴾: بخلقه ﴿ إِنَّ ٱلْمُسْلِمِينَ ﴾: المناقدين لحكم الله ﴿ وَٱلْمُسْلِمَاتِ وَٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾: المصديقين بما يجب تصديقه ﴿ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ وَٱلْقَانِتِينَ ﴾: المطيعين ﴿ وَٱلْقَانِتَاتِ وَٱلصَّادِقِينَ ﴾: في الإيمان ﴿ وَٱلصَّادِقَاتِ وَٱلصَّابِرِينَ ﴾: على طاعة ﴿ وَٱلصَّابِرَاتِ وَٱلْخَاشِعِينَ ﴾: المتواضعين لله ﴿ وَٱلْخَاشِعَاتِ وَٱلْمُتَصَدِّقِينَ وَٱلْمُتَصَدِّقَاتِ وٱلصَّائِمِينَ وٱلصَّائِمَاتِ وَٱلْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ ﴾: عن الحرام ﴿ وَٱلْحَافِـظَاتِ وَٱلذَّاكِـرِينَ ٱللَّهَ كَثِيراً وَٱلذَّاكِرَاتِ ﴾: في الحديث:" من أيقظ امرأته في الليل فصليا فهما تلك الليلة منهم "والعطف لاختلاف جنسي الأنثى والذكر وأوصاف كل زوجين، والعطف في الأول واجب، وفي الثاني جائز ﴿ أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً ﴾: لذنوبهم ﴿ وَأَجْراً عَظِيماً * وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلاَ مُؤْمِنَةٍ ﴾: أي: جنسهما ﴿ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلْخِيَرَةُ ﴾: الاختيار ﴿ مِنْ أَمْرِهِمْ ﴾: كعبد الله بن جحش جين خطب النبي عليه الصلاة والسلام أخته زينب ابنة عمَّة النبي صلى الله عليه وسلم لزيد بن حارثة فكرها ثم رضيا بعد نزولها ﴿ وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً مُّبِيناً * وَ ﴾: اذكر ﴿ إِذْ تَقُولُ لِلَّذِيۤ أَنعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ ﴾: بالإسلام ﴿ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ ﴾: بالعتق، و هو زيد حين رأى النبي عليه الصلاة والسلام زوجها زينب فوقع في نفسه الشريفة حبها، وفي نفس زيد كراهيتها، فأراد فراقها فقال له: ﴿ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ ﴾: زينب ﴿ وَٱتَّقِ ٱللَّهَ ﴾: في طلاقها ﴿ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا ٱللَّهُ مُبْدِيهِ ﴾: من إرادتك نكاحها لوفارقها ﴿ وَتَخْشَى ٱلنَّاسَ ﴾: فليس العتب على اخفائه فقط بل بضميمة مخافتهم وإظهار ما ينافي إضماره ﴿ لنَّاسَ وَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً ﴾: حاجةً وطلقها وانقضت عدتها ﴿ زَوَّجْنَاكَهَا ﴾: بلا واسطة عقد ﴿ لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِيۤ ﴾: تزوج ﴿ أَزْوَاجِ أَدْعِيَآئِهِمْ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ ﴾: قضاؤه ﴿ مَفْعُولاً ﴾: لا محالة ﴿ مَّا كَانَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ ﴾: قسم ﴿ ٱللَّهُ لَهُ سُنَّةَ ﴾: كسنته في الأنبياء ﴿ ٱللَّهِ فِي ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلُ ﴾: في رفع الحرج عنهم فيما أباح لهم ﴿ وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ ﴾: فعله ﴿ قَدَراً ﴾: قضاء ﴿ مَّقْدُوراً ﴾: مقضيا ﴿ ٱلَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاَتِ ٱللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلاَّ ٱللَّهَ ﴾: تعريض بعد تصريح ﴿ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ حَسِيباً ﴾: كافيا للمخاوف ﴿ مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ ﴾: كل موضع سماه باسمه الكريم، فهز لإثبات رسالته فلا يخل بتعظيمه ﴿ أَبَآ أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ ﴾: نسبا فبمجرد تبنيه لم تثبت أبوته، وأما طاهر وطيب وقاسم وإبراهيم فما بلغوا مبلغ الرجال ولو كان ولده رجلاً للاق به أن يكون نبيًّا كما ورد في إبراهيم ﴿ وَلَـٰكِن ﴾: كان ﴿ رَّسُولَ ٱللَّهِ ﴾: والرسول أبو أمته شفقة ﴿ وَخَاتَمَ ٱلنَّبِيِّينَ ﴾: أي: آخر من نبئ فلا يرد عيسى عليه السلام على أنه على دينه ﴿ وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً * يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً ﴾: أول النهار ﴿ وَأَصِيلاً ﴾: أخره لمزيد شرفها أو دائما ﴿ هُوَ ٱلَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ ﴾: بالرحمة ﴿ وَمَلاَئِكَتُهُ ﴾: بالاستغفار لكم، فالمشترك إرادة الخير ﴿ لِيُخْرِجَكُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ ﴾: المعاصي ﴿ إِلَى ٱلنُّورِ ﴾: الطاعة ﴿ وَكَانَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً * تَحِيَّتُهُمْ ﴾: منه ﴿ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلاَمٌ ﴾: بلسان الملائكة ﴿ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً ﴾: كالجنة ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَرْسَلْنَٰكَ شَٰهِداً ﴾: على أمتك ﴿ وَمُبَشِّراً ﴾: للمطيع ﴿ وَنَذِيراً ﴾: للعاصي ﴿ وَدَاعِياً إِلَى ﴾: طاعة ﴿ ٱللَّهِ بِإِذْنِهِ ﴾: بأمره ﴿ وَسِرَاجاً مُّنِيراً ﴾: للقلوب فراقبهم، إنما شبهه بالسراج لا الشمس لأنه منه سرج لا تعدن وقد اقتبس منه عليه الصلاة والسلام الأنبياء والأولياء والائمة ﴿ وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً ﴾: على الأمم ﴿ وَلاَ تُطِعِ ٱلْكَافِرِينَ وَٱلْمُنَافِقِينَ ﴾: ذُمْ على مخالفتهم ﴿ وَدَعْ أَذَاهُمْ ﴾: بالمحاربة إلى أن تؤمر بها ﴿ وَتَوَكَّـلْ عَلَى ٱللَّهِ ﴾: في كل امورك ﴿ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِـيلاً * يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا نَكَحْتُمُ ٱلْمُؤْمِنَاتِ ﴾: خصهن ترغيبا فيهن ﴿ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ ﴾: تجامعوهن ﴿ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا ﴾: تستوفون عددها، أفهم أن العدة حقهم، وظاهرة عدم وجوبها بمجرد الخلوة ﴿ فَمَتِّعُوهُنَّ ﴾: أعطوهن المتعة إن لم يفرض صداقهن، فإن فرض فنصف المفروض كما مر، وأمر بالمشترك بين الوجوب والندب فإنها سنة إن فرض ﴿ وَسَرِّحُوهُنَّ ﴾: طلقوهن ﴿ سَرَاحاً جَمِيلاً ﴾: بلا ضرار
﴿ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ ٱللاَّتِيۤ آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ ﴾: مهورهن، ليس القيد للشرط بل لإيثار الأفضل ﴿ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّآ أَفَآءَ ٱللَّهُ عَلَيْكَ ﴾: غنمكه كصفية، فإن المشتراة لا يتحقق بدو أمرها ﴿ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاَتِكَ ﴾: بخلاف النصارى فإنهم يحرمون من بينهم وبينها سبعة أجداد، واليهود يتزوجون بنات الأخ والأخت ﴿ ٱللاَّتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ ﴾: إلى المدينة، ولو بلا رفاقه أو المعيَّة شرط مخصوص به كما في قصة أم هانئ ﴿ وَٱمْرَأَةً مُّؤْمِنَةً إِن وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ ٱلنَّبِيُّ أَن يَسْتَنكِحَهَا ﴾: يطلب نكاحها بلا صداق، خلص إحلالها ﴿ خَالِصَةً لَّكَ ﴾: خلوصا ﴿ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾: أفهم أن نكاحها لا ينعقد بلفظها لأن اللفظ تابع للمعنى، وقد خص عليه الصلاة والسلام به ولو بلا ولي ومهر وشاهد، قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: لكن ما وقع له، وقيل: وقع في أربع و ﴿ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ ﴾: المؤمنين ﴿ فِيۤ أَزْوَاجِهِـمْ ﴾: من شرائط العقد ووجوب القسم والمهر بالوطء ﴿ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ ﴾: من التوسيع فيها، أفهم باعتراض هذه الجملة أن تخصيصه عليه الصلاة والسلام به لمعان فيه تقتضى الفرق بيننا وبينه فيه لا توسعة عليه ﴿ لِكَيْلاَ ﴾: متعلق خالصة ﴿ لِكَيْلاَ يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ ﴾: ضيق في النكاح ﴿ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً ﴾: لما يعسر التحرز عنه ﴿ رَّحِيماً ﴾: بالتوسعة ﴿ تُرْجِي ﴾: تؤخر ﴿ مَن تَشَآءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِيۤ ﴾: تضم ﴿ إِلَيْكَ مَن تَشَآءُ ﴾: خيره في القسم بعدما كان واجبا عليه، ولكنه واعاه إلى موته صلى الله عليه وسلم، أو تطلق وتمسك ﴿ وَمَنِ ٱبْتَغَيْتَ ﴾: إصابتها ﴿ مِمَّنْ عَزَلْتَ ﴾: عن القسم أو طلقتها رجعية ﴿ عَزَلْتَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكَ ﴾: فيه ﴿ ذَلِكَ ﴾: التخيير ﴿ أَدْنَىٰ ﴾: أقرب إلى ﴿ أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلاَ يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَآ آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ ﴾: لأن حكم كلهن فيه سواء فإن سويت فرحن وإن رجحت عرفن الله تعالى، فيرضين ﴿ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قلُوبِكُمْ ﴾: من الميل إلى البعض طبعا ﴿ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً ﴾: بالكل ﴿ حَلِيماً ﴾: لا يؤاخذكم بما ليس في وسعكم ﴿ لاَّ يَحِلُّ لَكَ ٱلنِّسَآءُ مِن بَعْدُ ﴾: بعد التسع ممن اخترته أو بعد اليوم ﴿ وَلاَ أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ ﴾: بتطليق إحداهن ونكاح بدلها ﴿ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلاَّ ﴾: لكن ﴿ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ ﴾: فيحل لك، واختلف في نسخها بآية ترجى، ولكن ما تزوج عليهن بعد بلا خلاف، وتملك مارية أم إبراهيم ﴿ يَمِينُكَ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيباً ﴾: فلا تعتدوا حدوده ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَدْخُلُواْ بُيُوتَ ٱلنَّبِيِّ إِلاَّ أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ ﴾: في الدخول بدعائكم ﴿ ِلَىٰ طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ ﴾: منتظرين ﴿ إِنَاهُ ﴾: وقته أو نضجه ﴿ وَلَـكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَٱدْخُلُواْ فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَٱنْتَشِرُواْ وَلاَ ﴾: أي: و غير ﴿ مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ ﴾: بينكم في بيته والخطاب لجماعة معينة بلا عموم، وكان يوم وليمة تزوجه بزينب ﴿ إِنَّ ذَٰلِكُمْ ﴾: المكث ﴿ كَانَ يُؤْذِي ٱلنَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ ﴾: أن يخرجكم ﴿ وَٱللَّهُ لاَ يَسْتَحْيِي مِنَ ٱلْحَقِّ ﴾: لا يترك بيانه ترك المستحي ﴿ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ ﴾: أي: أزواجه ﴿ مَتَاعاً فَٱسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَآءِ حِجَابٍ ﴾: ستر ﴿ ذٰلِكُمْ ﴾: السؤال هكذا ﴿ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ﴾: من الخواطر الشيطانية ﴿ وَمَا كَانَ ﴾: ما صح ﴿ لَكُمْ أَن تؤْذُواْ رَسُولَ ٱللَّهِ ﴾: بفعل ما يكرهه ﴿ وَلاَ أَن تَنكِحُوۤاْ أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ ﴾: بعد وفاته أو فراقه بشرط الدخول ﴿ أَبَداً إِنَّ ذٰلِكُمْ ﴾: من الايذاء أو النكاح ﴿ كَانَ عِندَ ٱللَّهِ عَظِيماً * إِن تُبْدُواْ شَيْئاً ﴾: كنكاحهن ﴿ أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً * لاَّ جُنَاحَ ﴾: إثم ﴿ عَلَيْهِنَّ فِيۤ ﴾: ترك الاحتجاب عن ﴿ آبَآئِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآئِهِنَّ وَلاَ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلاَ أَبْنَآءِ أَخَوَاتِهِنَّ ﴾: ترك الخال والعم لأنهما بمنزله الوالدين، ويؤيده: او لما مر في النور ﴿ وَلاَ نِسَآئِهِنَّ ﴾: أي: المؤمنات ﴿ وَلاَ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ ﴾: عبيدا أو إماء ﴿ وَٱتَّقِينَ ٱللَّهَ ﴾: فيما أمرتن به ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً ﴾: لا يخفي عليه شيء ﴿ إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلاَئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّ ﴾: يعتنون بتعظيم شَأنه ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ ﴾: اعتنوا به أيضًا ﴿ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيماً ﴾: قولوا اللهم صلى على محمد وسلم، وهما فرض غير مؤقت عند الأكثرين، ويجب في تشهد الصلوات فقط عن الشافعي رحمة الله تعالى ويكرهان على غير الرسل والملائكة إلا تبعا ﴿ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ ﴾: بأن ينسبوا إليهما ما لا يليق بهما ﴿ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ ﴾: أبعدهم من رحمته ﴿ فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُّهِيناً * وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا ٱكْتَسَبُواْ ﴾: من جناية استحقوها ﴿ فَقَدِ ٱحْتَمَلُواْ بُهْتَاناً ﴾: كذبا ﴿ وَإِثْماً مُّبِيناً ﴾: ظاهرا ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ ﴾: يرخين ﴿ عَلَيْهِنَّ مِن ﴾: بعض ﴿ جَلاَبِيبِهِنَّ ﴾: بأن يرخين بعض الجلباب على وجوههن إذا خرجن لحاجة إلا عينا واحدة ﴿ ذٰلِكَ أَدْنَىٰ ﴾: أقرب إلى ﴿ أَن يُعْرَفْنَ ﴾: بأنهن حرائر ﴿ فَلاَ يُؤْذَيْنَ ﴾: إذا فسقتهم كانوا يتعرضون للإماء ﴿ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً ﴾: لما سلف ﴿ رَّحِيماً ﴾: بكم فيراعي مصالحكم
﴿ لَّئِن لَّمْ يَنتَهِ ٱلْمُنَافِقُونَ ﴾: عن نفاقهم ﴿ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ ﴾: ضعف إيمان كالفسقة ﴿ وَ ﴾: المؤمنون ﴿ ٱلْمُرْجِفُونَ ﴾: المخبرون بالكذب ﴿ فِي ٱلْمَدِينَةِ ﴾: عن أراجيفهم في المسلمين ﴿ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ﴾: لنسلطنك عليهم ﴿ ثُمَّ لاَ يُجَاوِرُونَكَ فِيهَآ ﴾: في المدينة ﴿ إِلاَّ ﴾: جوارا ﴿ قَلِيلاً ﴾: حال كونهم ﴿ مَّلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوۤاْ ﴾: وجدوا ﴿ أُخِذُواْ وَقُتِّلُواْ تَقْتِيلاً ﴾: والثلاثة قوم واحد، سن الله تعالى ذلك ﴿ سُنَّةَ ٱللَّهِ فِي ﴾: منافقي الأمم ﴿ ٱلَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً * يَسْأَلُكَ ٱلنَّاسُ ﴾: أهل مكة استهزاء ﴿ عَنِ ﴾: وقت ﴿ ٱلسَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ ٱللَّهِ وَمَا يُدْرِيكَ ﴾: أي: يعلمك بها، أي: لا تعلمها ﴿ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ تَكُونُ ﴾: وقتا ﴿ قَرِيباً * إِنَّ ٱللَّهَ لَعَنَ ٱلْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً ﴾: نار شديدة ﴿ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً لاَّ يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلاَ نَصِيراً ﴾: ينجيهم عنها ﴿ يَوْمَ تُقَلَّبُ ﴾: تصرف من جهة إلى جهة ﴿ وُجُوهُهُمْ فِي ٱلنَّارِ ﴾: كلحم يشوى ﴿ يَقُولُونَ يٰلَيْتَنَآ أَطَعْنَا ٱللَّهَ وَأَطَعْنَا ٱلرَّسُولاَ * وَقَالُواْ ﴾: الأتباع منهم: ﴿ رَبَّنَآ إِنَّآ أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَآءَنَا فَأَضَلُّونَا ٱلسَّبِيلاْ ﴾: والألفين كما في الظنونا ﴿ رَبَّنَآ آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ ٱلْعَذَابِ ﴾: مثلي عذابنا ﴿ وَٱلْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً ﴾: عظما وعددا ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَكُونُواْ ﴾: في إيذاء رسولكم ﴿ كَٱلَّذِينَ آذَوْاْ مُوسَىٰ ﴾: بنسبته إلى الزنا أو الأدرة أو قتل هارون ﴿ فَبرَّأَهُ ٱللَّهُ مِمَّا قَالُواْ ﴾: بخسف قارون أو نهب الحجر ثوبه عند غسله حتى رأوه سليماً، أو إحياء هارون حتى أخبر ببراءته ﴿ وَكَانَ عِندَ ٱللَّهِ وَجِيهاً ﴾: ذا جاه ﴿ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيداً ﴾: صوابا ﴿ يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ﴾: بقبولها ﴿ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ ﴾: ظفر بكل خير ﴿ فَوْزاً عَظِيماً * إِنَّا عَرَضْنَا ٱلأَمَانَةَ ﴾: الطاعة المذكورة فإنها واجبة الأداء كالأمانة ﴿ عَلَى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱلْجِبَالِ ﴾: فقلن أي: شيء فيها؟ فأجبن: إن احسنتن أثبتن، وإن أسأتن عوقبتن ﴿ فَأبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ ﴾: خفن ﴿ مِنْهَا ﴾: فضججن إلى الله تعالى ثلاثة أيام ﴿ وَحَمَلَهَا ٱلإِنْسَانُ ﴾: آدم ضعفه بعد عرضها عليه ﴿ إِنَّهُ ﴾: جنسه ﴿ كَانَ ظَلُوماً ﴾: بنفسه يتحمل ما لا يطيقه ﴿ جَهُولاً ﴾: بوخامة عاقبته، وعن الحسن وغيره: إن الأمانة في غير ذوي العقول انقياد مُرادِه تعالى وفهم طاعته، والظلم والجهالة الخيانة والمبالغة لعظمة الموصوف أو لتعديه إلى غيره
﴿ لِّيُعَذِّبَ ٱللَّهُ ﴾: متعلق العرض على آدم المُقدّر ﴿ ٱلْمُنَافِقِينَ وَٱلْمُنَافِقَاتِ وَٱلْمُشْرِكِينَ وَٱلْمُشْرِكَاتِ ﴾: بتضييعهم لها.
﴿ وَيَتُوبَ ٱللَّهُ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ ﴾: بحفظها، أفهم بالتوبة مكان الإثابة أن ظلومية طبيعتهم لا تخليهم عن الفرطات: ﴿ وَكَانَ ٱللَّهُ غَفُوراً ﴾: للتائبين ﴿ رَّحِيماً ﴾: بالمطيعين - والله أعْلَمُ بالصّواب.
Icon