تفسير سورة التكاثر

الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية
تفسير سورة سورة التكاثر من كتاب الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المعروف بـالفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية .
لمؤلفه النخجواني . المتوفي سنة 920 هـ

يومئذ مثل الفراش المتفرق في الجهات من غاية الاضطرار والاضطراب بحيث لا يتمالكون على نفوسهم بل يركب بعضهم فوق بعض ويطأ بعضهم بعضا من غاية خشيتهم ورعبهم وازدحامهم
وَتَكُونُ الْجِبالُ يومئذ من كمال قهر الله وغضبه كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ اى كالصوف الملون المندوف تطير في جو الهواء يمنة ويسرة وبالجملة
فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ يومئذ مَوازِينُهُ اى رجحت مقادير حسناته على مقادير سيئاته
فَهُوَ يومئذ فِي عِيشَةٍ هنيئة مريئة راضِيَةٍ صاحبها عنها
وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ يومئذ مَوازِينُهُ اى من خفت حسناته وثقلت سيئاته
فَأُمُّهُ اى مستقره ومأواه الذي يأوى اليه يومئذ هاوِيَةٌ هي من اسماء جهنم ثم ابهمها سبحانه تهويلا وتفظيعا فقال
وَما أَدْراكَ ما هِيَهْ اى الهاوية ثم فسرها ليكون ادخل في التهويل فقال
نارٌ حامِيَةٌ اى ماهية الهاوية وحقيقتها نار ذات حمى وحرارة بحيث قد انتهت في الحرارة والسخونة غايتها. أعاذنا الله وعموم عباده منها بمنه وجوده
خاتمة سورة القارعة
عليك ايها الطالب لترجيح الحسنات على السيئات ان ترغب في سرك ونجواك عن مستلذات الدنيا وعن مشتهياتها الفانية وتركن الى اللذات الروحانية من الأحوال والمواجيد الاخروية الباقية المستلزمة للدرجات العلية والمقامات السنية عند الله وإياك إياك الأماني وطول الأمل فإنها توقعك في فتنة عظيمة وبلية شديدة لا نجاة لك منها ولا خلاص لك عنها وعن ما يترتب عليها ابدا. خلصنا الله وعموم عباده من غوائل الدنيا وما فيها
[سورة التكاثر]
فاتحة سورة التكاثر
لا يخفى على من هداه الله الى طريق المعرفة والايمان وكشف لهم سبيل الكشف والعيان وأفاض عليه بلطفه سجال الفضل والإحسان ان الأموال والأولاد ومطلق المزخرفات الدنية الدنياوية ما هي الا اسباب التكاثر والتفاخر وعلل الاستكبار والخيلاء في النشأة الاولى وموجبات العوائق عن الوصول الى روضة الرضا وجنة المأوى في النشأة الاخرى فلا بد لأرباب الارادة والولاء ان يتزهدوا عنها ولا يلتفتوا إليها مطلقا بل يتزودوا فيها للنشأة الاخرى بزاد التقوى فنعم الزاد التقوى والرضا بما جرى عليه القضاء لذلك خاطب سبحانه في هذه السورة اهل المفاخرة والمباهاة بتكاثر الأموال والأولاد وأوعدهم بما أوعدهم تسجيلا على ضلالهم وانحرافهم عن جادة العدالة الإلهية وصراط التوحيد فقال بعد التيمن بِسْمِ اللَّهِ المتجلى بكمالاته في الإنسان ليربيه على نشأة الايمان والعرفان الرَّحْمنِ عليه بأنواع اللطف والإحسان ليتوجه نحوه سبحانه في عموم الأحيان الرَّحِيمِ له يهديه الى مرتبة الكشف والعيان
[الآيات]
أَلْهاكُمُ التَّكاثُرُ اى شغلتكم المفاخرة والمباهاة بكثرة الأموال والأولاد ايها المنهمكون في بحر الغفلة والضلال عن توحيد ربكم وطاعته وقد كنتم أنتم على هذا طول عمركم
حَتَّى زُرْتُمُ ولحقتم الْمَقابِرَ وصرتم فيها أمواتا أمثالهم وبالجملة ما صدر عنكم ما جبلتم لأجله طول دهركم حتى متم وخرجتم عنها بلا ترتب حكمة المعرفة ومصلحة الايمان قال سبحانه ردعا لهم وتهديدا
كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ان أمركم وشأنكم ما هذا التكاثر والتفاخر وستعلمون غدا ما يترتب عليه
ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ان الأمر ليس كذلك كرره تأكيدا ومبالغة في التهديد والوعيد وتهويلا للموعود ثم سجل عليهم
Icon