تفسير سورة الزلزلة

تفسير ابن جزي
تفسير سورة سورة الزلزلة من كتاب التسهيل لعلوم التنزيل المعروف بـتفسير ابن جزي .
لمؤلفه ابن جُزَيِّ . المتوفي سنة 741 هـ
سورة الزلزلة
مدنية وآياتها ٨، نزلت بعد النساء.

سورة الزلزلة
مدنية وآياتها ٨ نزلت بعد النساء بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(سورة الزلزلة) إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ أي حركت واهتزت زِلْزالَها مصدر وإنما أضيف إليها تهويلا كأنه يقول الزلزلة التي تليق بها على عظم جرمها وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها يعني الموتى الذين في جوفها، وذلك عند النفخة الثانية في الصور. وقيل: هي الكنوز وهذا ضعيف لأن إخراجها للكنوز وقت الدجال وَقالَ الْإِنْسانُ ما لَها أي يتعجب من شأنها فيحتمل أن يريد جنس الإنسان أو الكافر خاصة لأنه الذي يرى حينئذ ما لا يظن يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها هذه عبارة عما يحدث فيها من الأهوال فهو مجاز وحديث بلسان الحال وقيل: هو شهادتها على الناس بما عملوا على ظهرها فهو حقيقة، وتحدّث يتعدّى إلى مفعولين حذف المفعول منهما، والتقدير تحدث الخلق أخبارها، وانتزع بعض المحدثين من قوله تحدّث أخبارها أن قول المحدّث حدثنا وأخبرنا سواء، وهذه الجملة هي جواب إذا زلزلت وتحدث هو العامل في إذا. ويومئذ بدل من إذا ويجوز أن يكون العامل في إذا مضمر وتحدث عامل في يومئذ بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى لَها الباء سببية متعلقة بتحدث أي تحدث بسبب أن الله أوحى لها، ويحتمل أن يكون بأن الله أوحى لها بدلا من إخبارها وهذا كما تقول: حدثت كذا وحدثت بكذا والمعنى على هذا تحدث بحديث الوحي لها، وهذا الوحي يحتمل أن يكون إلهاما أو كلاما بواسطة الملائكة ولها بمعنى إليها، وقيل: معناها أوحى إلى الملائكة من أجلها وهذا بعيد.
يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً مختلفين في أحوالهم، وواحد الأشتات شتيت وصدر الناس: هو انصرافهم من موضع وردهم فقيل: الورد هو الدفن في القبور والصدر: هو القيام للبعث. وقيل الورد القيام للحشر، والصدر الانصراف إلى الجنة أو النار. وهذا أظهر. وفيه يعظم التفاوت بين أحوال الناس فيظهر كونهم أشتاتا
فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ «١» المثقال هو الوزن والذرة هي النملة الصغيرة، والرؤية هنا ليست برؤية بصر
(١). يره: قرأها أحد الرواة وهو يحيى بن آدم بسكون الهاء: يره والباقون بإشباع الضمة: يرهو.
503
وإنما هي عبارة عن الجزاء. وذكر الله مثقال الذرة تنبيها على ما هو أكثر منه من طريق الأولى، كأنه قال: من يعمل قليلا أو كثيرا وهذه الآية هي في المؤمنين، لأن الكافر لا يجازى في الآخرة على حسناته، إذ لم تقبل منه. واستدل أهل السنة بهذه الآية: أنه لا يخلد مؤمن في النار لأنه إذا خلد لم ير ثوابا على إيمانه وعلى ما عمل من الحسنات، وروي عن عائشة أنها تصدقت بحبة عنب فقيل لها في ذلك فقالت: كم فيها من مثقال ذرة، وسمع رجلا هذه الآية عند رسول الله ﷺ فقال: حسبي الله لا أبالي أن أسمع غيرها وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ «١» هذا على عمومه في حق الكافر، وأما المؤمنون فلا يجازون بذنوبهم إلا بستة شروط: وهي أن تكون ذنوبهم كبائر، وأن يموتوا قبل التوبة منها وأن لا تكون لهم حسنات أرجح في الميزان منها، وأن لا يشفع فيهم وأن لا يكون ممن استحق المغفرة بعمل كأهل بدر، وأن لا يعفو الله عنهم فإن المؤمن العاصي في مشيئة الله إن شاء عذّبه وإن شاء غفر له.
(١). يره: قرأها أحد الرواة وهو يحيى بن آدم بسكون الهاء: يره والباقون بإشباع الضمة: يرهو.
504
﴿ وأخرجت الأرض أثقالها ﴾ يعني : الموتى الذين في جوفها، وذلك عند النفخة الثانية في الصور، وقيل : هي الكنوز، وهذا ضعيف ؛ لأن إخراجها للكنوز وقت الدجال.
﴿ وقال الإنسان ما لها ﴾ أي : يتعجب من شأنها، فيحتمل أن يريد جنس الإنسان، أو الكافر خاصة ؛ لأنه الذي يرى حينئذ ما لا يظن.
﴿ يومئذ تحدث أخبارها ﴾ هذه عبارة عما يحدث فيها من الأهوال، فهو مجاز، وحديث بلسان الحال، وقيل : هو شهادتها على الناس بما عملوا على ظهرها فهو حقيقة، وتحدث يتعدى إلى مفعولين حذف المفعول منهما، والتقدير تحدث الخلق أخبارها، وانتزع بعض المحدثين من قوله :﴿ تحدث أخبارها ﴾ أن قول المحدث : حدثنا وأخبرنا سواء، وهذه الجملة هي جواب إذا زلزلت، وتحدث هو العامل في إذا، ويومئذ بدل من إذا، ويجوز أن يكون العامل في إذا مضمر، وتحدث عامل في يومئذ.
﴿ بأن ربك أوحى لها ﴾ الباء سببية متعلقة بتحدث، أي : تحدث بسبب أن الله أوحى لها، ويحتمل أن يكون بأن الله أوحى لها بدلا من إخبارها، وهذا كما تقول : حدثت كذا وحدثت بكذا، والمعنى على هذا تحدث بحديث الوحي لها، وهذا الوحي يحتمل أن يكون إلهاما أو كلاما بواسطة الملائكة، ولها بمعنى إليها، وقيل : معناه أوحى إلى الملائكة من أجلها وهذا بعيد.
﴿ يومئذ يصدر الناس أشتاتا ﴾ معنى أشتاتا مختلفين في أحوالهم، وواحد الأشتات شت. وصدر الناس هو انصرافهم من موضع وردهم، فقيل : الورد هو الدفن في القبور، والصدر هو القيام للبعث، وقيل : الورد القيام للحشر، والصدر الانصراف إلى الجنة والنار، وهذا أظهر، وفيه يعظم التفاوت بين أحوال الناس فيظهر كونهم أشتاتا.
﴿ فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ﴾ المثقال هو الوزن، والذرة هي النملة الصغيرة، والرؤية هنا ليست برؤية بصر وإنما هي عبارة عن الجزاء، وذكر الله مثقال الذرة تنبيها على ما هو أكثر منه من طريق الأولى، كأنه قال : من يعمل قليلا أو كثيرا، وهذه الآية هي في المؤمنين ؛ لأن الكافر لا يجازى في الآخرة على حسناته ؛ إذ لم تقبل منه، واستدل أهل السنة بهذه الآية أنه لا يخلد مؤمن في النار ؛ لأنه إذا خلد لم ير ثوابا على إيمانه، وعلى ما عمل من الحسنات. وروي : عن عائشة أنها تصدقت بحبة عنب، فقيل لها في ذلك فقالت : كم فيها من مثقال ذرة. وسمع رجل هذه الآية عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : حسبي الله، لا أبالي أن أسمع غيرها.
﴿ ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ﴾ هذا على عمومه في حق الكافر، وأما المؤمنون فلا يجازون بذنوبهم إلا بستة شروط : وهي أن تكون ذنوبهم كبائر، وأن يموتوا قبل التوبة منها، وأن لا تكون لهم حسنات أرجح في الميزان منها، وأن لا يشفع فيهم، وأن لا يكون ممن استحق المغفرة بعمل كأهل بدر، وأن لا يعفو الله عنهم فإن المؤمن العاصي في مشيئة الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له.
Icon