ﰡ
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :( أوفوا بالعقود ) يعني : بالعهود.
قوله تعالى ( أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم )
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة :( أحلت لكم بهيمة الأنعام ) قال : الأنعام كلها إلا ما يتلى عليكم.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس :( أحلت لكم بهيمة الأنعام إلا ما يتلى عليكم ) هي الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به.
قال الشيخ الشنقيطي : لم يبين هنا ما هذا الذي يتلى عليهم المستثنى من حلية بهيمة الأنعام، ولكن بينه بقوله :( حرمت عليكم الميتة والدم م ولحم الخنزير ) إلى قوله :( و ما ذبح على النصب ) فالمذكورات في هذه الآية الكريمة كالموقوذة والمتردية، وإن كانت من الأنعام، فإنها تحرم بهذه العوارض.
قوله تعالى ( إن الله يحكم ما يريد )
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :( إن الله يحكم ما يريد ) إن الله يحكم ما أراد في خلقه، وبين لعباده، وفرض فرائضه، وحد حدوده، وأمر بطاعته، ونهى عن معصيته.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله :( شعائر الله ) الصفا والمروة، والهدي والبدن، كل هذا من ( شعائر الله ).
قوله تعالى ( ولا الشهر الحرام )
قال البخاري : حدثنا عبد الله بن محمد حدثنا أبو عامر حدثنا قرة عن محمد بن سيرين قال : أخبرني عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبي بكرة ورجل أفضل في نفسي من عبد الرحمن حميد بن عبد الرحمن عن أبي بكرة رضي الله عنه قال : خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر قال : " أتدرون أي يوم هذا ؟ " قلنا : الله ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه. قال :" أليس يوم النحر ؟ ". قلنا. بلى. قال : " أي شهر هذا ؟ ". قلنا : الله ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه. فقال : " أليس ذو الحجة ؟ " قلنا : بلى. قال :" أي بلد هذا ؟ " قلنا : الله ورسوله أعلم. فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه. قال : " أليست بالبلدة الحرام ؟ " قلنا : بلى. قال : " فإن دماءكم
وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقون ربكم، ألا هل بلغت ؟ قالوا : نعم. قال : " اللهم اشهد، فليبلغ الشاهد الغائب، فرب مبلغ أوعى من سامع، فلا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ".
( صحيح البخاري ٣/٦٧٠ح١٧٤١ - ك الحج، ب الخطبة أيام منى ).
وانظر حديث مسلم تحت الآية رقم ( ٢١٧ ) من سورة البقرة.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :( ولا الشهر الحرام ) يعني : لا تستحلوا قتالا فيه.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة :( لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ) قال منسوخ، كان الرجل في الجاهلية إذا خرج من بيته يريد الحج، تقلد من السمر، فلم يعرض له أحد. وإذا رجع تقلد قلادة شعر، لم يعرض له أحد وكان المشرك يومئذ لا يصد عن البيت، فأمروا آلا يقاتلوا في الشهر الحرام ولا عند البيت، فنسخها قوله تعالى ( فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) التوبة.
قوله تعالى ( ولا الهدي ولا القلائد )
قال البخاري : حدثنا أحمد بن محمد أخبرنا عبد الله أخبرنا معمر عن الزهري عن عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان قالا : خرج النبي صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية في بضع عشرة مائة من أصحابه حتى إذا كانوا بذي الحليفة قلد النبي صلى الله عليه وسلم الهدي وأشعر وأحرم بالعمرة.
( صحيح البخاري ٣/٦٣٤ح١٦٩٤، ١٦٩٥ - ك الحج، ب من أشعر و قلد بذي الحليفة ثم أحرم... ).
وقال البخاري : حدثنا أبو نعيم حدثنا أفلح عن القاسم عن عائشة رضي الله عنها قالت : فتلت قلائد بدن النبي صلى الله عليه وسلم بيدي، ثم قلدها وأشعرها وأهداها، فما حرم عليه شيء كان أحل له.
( صحيح البخاري ٣/٦٣٤ح١٦٩٦- ك الحج، ب من أشعر و قلد بذي الحليفة ثم أحرم... )
قال مسلم : حدثنا أحمد بن يونس. حدثنا زهير. حدثنا أبو الزبير عن جابر. قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تذبحوا إلا مسنة. إلا أن يعسر عليكم، فتذبحوا جذعة من الضأن ".
( صحيح مسلم ٣/١٥٥٥ ح١٩٦٣ - ك الأضاحي، ب سن الأضحية ).
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد ( ولا القلائد ) قال :( القلائد ) اللحاء في رقاب الناس والبهائم، أمن لهم.
قوله تعالى ( يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا )
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد ( يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا )
قال : يبتغون الأجر والتجارة.
قوله تعالى ( وإذا حللتم فاصطادوا )
قال الشيخ الشنقيطي : يعني إن شئتم، فلا يدل هذا الأمر على إيجاب الاصطياد عند الإحلال، ويدل له الاستقراء في القرآن، فإن كل شيء كان جائزا ثم حرم لموجب، ثم أمر به بعد زوال ذلك الموجب، فإن ذلك الأمر كله في القرآن للجواز نحو قوله هنا :
( وإذا حللتم فاصطادوا ) وقوله :( فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض ) وقوله :
( فالآن باشروهن ) الآية، وقوله ( فإذا تطهرن فأتوهن ) الآية. و بهذا تعلم أن التحقيق الذي دل عليه الاستقراء التام في القرآن أن الأمر بالشيء بعد تحريمه يدل على رجوعه إلى ما كان عليه قبل التحريم من إباحة أو وجوب، فالصيد قبل الإحرام كان جائزا فمنع للإحرام، ثم أمر به بعد الإحلال بقوله :( وإذا حللتم فاصطادوا )
قوله تعالى ( ولا يجرمنكم شنئان قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا ) الآية.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس :( ولا يجرمنكم شنئان قوم ) يقول : لا يحملنكم بغض قوم.
قال الشيخ الشنقيطي : لم يبين حكمة هذا الصد، ولم يذكر أنهم صدوا معهم الهدي، معكوفا أن يبلغ محله، وذكر في سورة الفتح أنهم صدوا معهم الهدي، وأن الحكمة في ذلك المحافظة على المؤمنين والمؤمنات، الذين لم يتميزوا عن الكفار في ذلك الوقت، بقوله :( هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدى معكوفا أن يبلغ محله ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم ليدخل الله في رحمته من يشاء لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما ) وفي هذه الآية دليل صريح على أن الإنسان عليه أن يعامل من عصى الله فيه، بأن يطيع الله فيه.
قوله تعالى ( وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان )قال مسلم : حدثني محمد بن حاتم بن ميمون، حدثنا ابن مهدي، عن معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن النواس بن سمعان الأنصاري قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم ؟ فقال : " البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في صدرك وكرهت أن يطلع عليه الناس ".
( الصحيح٤/١٩٨٠ح٢٥٥٣- ك البر والصلة، ب تفسير البر والإثم ).
قال أحمد : ثنا زيد بن يحيى الدمشقي قال : ثنا عبد الله بن العلاء قال : سمعت مسلم بن مشكم قال : سمعت الخشني يقول : قلت : يا رسول الله أخبرني بما يحل لي ويحرم علي ؟ قال : فصعد النبي صلى الله عليه وسلم وصوب في النظر فقال : النبي صلى الله عليه وسلم : " البر ما سكنت إليه النفس واطمأن إليه القلب والإثم ما لم تسكن إليه النفس و لم يطمئن إليه القلب وإن أفتاك المفتون ". وقال : " لا تقرب لحم الحمار الأهلي، ولا ذا ناب من السباع ".
( المسند ٤/١٩٤ )، وأخرجه الطبراني في ( الكبير ٢٢/٢١٨ح ٥٨٢ ) من طريقين عن عبد الله بن العلاء به، وقال الهيثمي عنه : رجاله ثقات ( مجمع الزوائد ١/١٧٥-١٧٦ )، وحسنه السيوطي ( الجامع الصغير مع فيض القدير ٣/٢١٨ح٣١٩٨ )، وصححه الألباني ( صحيح الجامع ح٢٨٧٨ ).
قال البخاري : حدثنا مسدد، حدثنا معتمر، عن حميد عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " انصر أخاك ظالما أو مظلوما ". قالوا : يا رسول الله، هذا ننصره مظلوما، فكيف ننصره ظالما ؟ قال : " تأخذ فوق يديه ".
( الصحيح ٥/١١٨ح٢٤٤٤- ك الظالم، ب أعن أخاك ظالما أو مظلوما )قال الترمذي : حدثنا أحمد بن محمد، أخبرنا ابن المبارك، عن أبي بكر النهشلي عن مرزوق أبي بكر التيمي عن أم الدرداء عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة "
( السنن ٤/٣٢٧ح ١٩٣١ - ك البر والصلة، ب ما جاء في الذب عن عرض المسلم )، وأخرجه أحمد ( المسند ٦/٤٥٠ ) عن علي بن إسحاق عن ابن المبارك به، قال الترمذي : حديث حسن. وصححه الألباني، ونقل عن المنذري تحسينه ( صحيح الجامع ح٦١٣٨ ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :( وتعاونوا على البر والتقوى )، ( البر ) ما أمرت به ( والتقوى ) ما نهيت عنه.
قال مسلم : حدثنا أحمد بن يونس. حدثنا زهير. حدثنا أبو الزبير عن جابر. ح وحدثناه يحيى بن يحيى. أخبرنا أبو خيثمة عن أبي الزبير، عن جابر. قال : بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر علينا أبا عبيدة. نتلقى عيرا لقريش. وزودنا جرابا من تمر لم يجد لنا غيره. فكان أبو عبيدة يعطينا تمرة تمرة. قال : فقلت : كيف كنتم تصنعون بها ؟ قال : نمصها كما يمص الصبي. ثم نشرب عليها من الماء. فتكفينا يومنا إلى الليل وكنا نضرب بعصينا الخبط. ثم نبله بالماء فنأكله. قال : وانطلقنا على ساحل البحر. فرفع لنا على ساحل البحر كهيئة الكثيب الضخم. فأتيناه. فإذا هي دابة تدعى العنبر. قال : قال : أبو عبيدة : ميتة. ثم قال : لا. بل نحن رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي سبيل الله وقد اضطررتم فكلوا. قال : فأقمنا عليه شهرا ونحن ثلاث مائة حتى سمنا. قال : ولقد رأيتنا نغترف من وقب عينه، بالقلال، الدهن. ونقتطع من الفدر كالثور ( أو كقدر الثور ) فلقد أخذ منا أبو عبيدة ثلاثة عشر رجلا. فأقعدهم في وقب عينه. وأخذ ضلعا من أضلاعه. فأقامها. ثم رحل أعظم بعير معنا. فمر من تحتها. وتزودنا من لحمه وشائق. فلما قدمنا المدينة أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم. فذكرنا ذلك له. فقال : " هو رزق أخرجه الله لكم. فهل معكم من لحمه شيء فتطعمونا ؟ " قال : فأرسلنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منه. فأكله.
( صحيح مسلم ٣/١٥٣٥-١٥٣٦ح١٩٣٥-ك الصيد والذبائح، ب إباحة ميتات البحر )، وأخرجه البخاري ( الصحيح ح ٥٤٩٤- الصيد، ب و أحل لكم صيد البحر ). والخبط : ضرب الشجر بالعصا ليتناثر ورقها، واسم الورق الساقط خبط بالتحريك، وهو من علف الإبل. النهاية لابن الأثير ٢/٧.
وانظر حديث ابن ماجة المتقدم تحت الآية رقم ( ١٧٣ ) من سورة البقرة وهو حديث : أحلت لنا ميتتان... ".
قوله تعالى ( والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع )
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس :( والمنخنقة ) التي تخنق فتموت.
قال البخاري : حدثنا سليمان بن حرب حدثنا شعبة بن عبد الله بن أبي السفر عن الشعبي قال : سمعت عدي بن حاتم رضي الله عنه قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المعراض فقال : " إذا أصبت بحده فكل، فإذا أصاب بعرضه فقتل فإنه وقيذ فلا تأكل ". فقلت : أرسل كلبي ؟ قال : " إذا أرسلت كلبك وسميت فكل ". قلت : فإن أكل ؟ قال :" فلا تأكل، فإنه لم يمسك عليك إنما أمسك على نفسه ". قلت : أرسل كلبي فأجد معه كلبا آخر ؟ قال :" لا تأكل، فإنك إنما سميت على كلبك، و لم تسم على الآخر ".
( صحيح البخاري ٩/٥١٨ح٥٤٧٦- ك الذبائح والصيد، ب صيد المعراض )( صحيح مسلم رقم ١- ك الصيد )
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس :( و الموقوذة ) قال : الموقوذة، التي تضرب بالخشب حتى توقذ بها فتموت.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس :( والمتردية ) قال : التي تتردى من الجبل.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :( والنطيحة ) قال : الشاة تنطح شاة.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس :( وما أكل السبع ) يقول : ما أخذ السبع.
قوله تعالى ( إلا ما ذكيتم )
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس :( إلا ما ذكيتم ) يقول : ما أدركت ذكاته من هذا كله، يتحرك له ذنب، أو تطرف له عين، فاذبح واذكر اسم الله عليه، فهو حلال.
قال البخاري : حدثنا إسماعيل قال : حدثني مالك عن نافع عن رجل من الأنصار عن معاذ بن سعد - أو سعد بن معاذ _ أخبره أن جارية لكعب بن مالك كانت ترعى غنما بسلع فأصيبت شاة منها، فأدركتها فذبحتها بحجر، فسئل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " كلوها "
( صحيح البخاري ٩/٥٤٨ح٥٥٠٥ - ك الذبائح والصيد، ب ذبيحة المرأة والأمة ).
انظر حديث مسلم عن رافع بن خديج الآتي عند الآية ( ٤ ) من السورة نفسها، وكذا عند الآية ( ١٢١ ) من سورة الأنعام وهو هناك من رواية البخاري و هو حديث : " ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل... ". قال أحمد : ثنا يزيد بن عبد الله قال : ثنا محمد بن حرب قال : ثنا الزبيدي عن يونس بن سيف الكلاعي ( ثم مريم ) عن أبي إدريس عائذ الله بن عبد الله الخولاني عن أبي ثعلبة الخشني قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد في النظر ثم صوبه فقال : " نويبتة " قلت : يا رسول الله نويبتة خير أو نويبتة شر ؟ قال : " بل نويبتة خير ". قلت : يا رسول الله أنا في أرض صيد فأرسل كلبي المعلم فمنه ما أدرك ذكاته ومنه مالا أدرك ذكاته وأرمي بسهمي فمنه ما أدرك ذكاته ومنه مالا أدرك ذكاته. فقال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كل ما ردت عليك يدك وقوسك وكلبك المعلم ذكيا وغير ذكى ".
( المسند ٤/١٩٥ )، وأخرجه أبو داود( السنن ٣/١١٠ح٢٨٥٦- ك الصيد، ب في الصيد ) من طريق بقيه عن الزبيدي به، والنسائي ( السنن ٧/١٨١- ك الصيد والذبائح، ب صيد الكلب الذي ليس بمعلم ) من طريق ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس الخولاني بنحوه. قال : ابن كثير : وهذان إسنادان جيدان ( التفسير٣/٣٢ ).
قوله تعالى ( وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام )
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله :( النصب ) قال : الحجارة حول الكعبة يذبح عليها أهل الجاهلية، ويبدلونها إذا شاؤوا بحجارة أعجب إليهم منها.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة في قوله ( وأن تستقسموا بالأزلام ) قال : كان الرجل إذا أراد أن يخرج مسافرا، كتب في قدح ( هذا يأمرني بالمكث ) و ( هذا يأمرني بالخروج ) وجعل معهما منيحة، شيء لم يكتب فيه شيئا، ثم استقسم بها حين يريد أن يخرج. فإن خرج الذي يأمر بالمكث مكث، وإن خرج الذي يأمر بالخروج خرج، وإن خرج الآخر أجالها ثانية حتى يخرج أحد القدحين. ا. ه.
والمنيحة هي الناقة أو الشاة المعارة.
قوله تعالى ( ذلكم فسق اليوم يئس الذين كفروا من دينكم )
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :( ذلكم فسق ) يعني : من أكل من ذلك كله فهو فسق.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :( اليوم يئس الذين كفروا من دينكم ) قال : أن ترجعوا إلى دينهم أبدا.
قوله تعالى( اليوم أكملت لكم دينكم )
قال البخاري : حدثني محمد بن بشار حدثنا عبد الرحمن حدثنا سفيان عن قيس عن طارق بن شهاب : قالت اليهود لعمر : إنكم تقرءون آية لو نزلت فينا لاتخذناها عيدا. فقال عمر : إني لأعلم حيث أنزلت وأين أنزلت، وأين رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أنزلت : يوم عرفة، وإنا والله بعرفة. قال : سفيان : وأشك كان يوم الجمعة أم لا ( اليوم أكملت لكم دينكم ).
( صحيح البخاري ٨/١١٩ح٤٦٠٦- ك التفسير - سورة المائدة، ب الآية )، ( صحيح مسلم ٤/٢٣١٢- ك التفسير ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :( اليوم أكملت لكم دينكم ) وهو الإسلام أخبر الله نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين أنه قد أكمل لهم الإيمان، فلا يحتاجون إلى زيادة أبدا، وقد أتمه الله عز ذكره فلا ينقصه أبدا، وقد رضيه الله فلا يسخطه أبدا.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله تعالى ( اليوم أكملت لكم دنيكم )
قال : أخلص الله لهم دينهم، ونفى الله المشركين عن البيت.
قوله تعالى ( وأتممت عليكم نعمتي )
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال : كان المشركون والمسلمون يحجون جميعا، فلما نزلت ( براءة ) فنفى المشركين عن البيت وحج المسلمون لا يشاركهم في البيت الحرام أحد من المشركين فكان ذلك من تمام النعمة :( وأتممت عليكم نعمتي ).
قوله تعالى ( فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم )
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :( فمن اضطر في مخمصة ) يعني : في مجاعة.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :( فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم ) يعني. إلى ما حرم، مما سمي في صدر هذه الآية ( غير متجانف لإثم ) يقول : غير متعمد لإثم.
قال مسلم : وحدثنا محمد بن عبد الله بن نمير. حدثنا أبي. حدثنا زكريا عن عامر، عن عدي بن حاتم. قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيد المعراض ؟ فقال : " ما أصاب بحده فكله. وما أصاب بعرضه فهو وقيذ ". وسألته عن صيد الكلب ؟ فقال : " ما أمسك عليك و لم يأكل منه فكله. فإن ذكاته أخذه فإن وجدت عنده كلبا آخر، فخشيت أن يكون أخذه معه، وقد قتله، فلا تأكل. إنما ذكرت اسم الله على كلبك. و لم تذكره على غيره ".
( صحيح مسلم ٣/١٥٣٠بعد رقم١٩٢٩ - ك الصيد و الذبائح و ما يؤكل من الحيوان، ب الصيد بالكلاب المعلمة )، ( صحيح البخاري ٩/٦٣١ح٥٥٠٣ ).
وقال مسلم : حدثنا محمد بن المثنى العنزي. حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان. حدثني أبي عن عباية بن رفاعة بن رافع بن خديج، عن رافع بن خديج. قلت : يا رسول الله إنا لاقو العدو غدا. وليست معنا مدى. قال صلى الله عليه وسلم :" أعجل أو أرني. ما أنهر الدم، وذكر اسم الله فكل. ليس السن والظفر. وسأحدثك أما السن فعظم. وأما الظفر فمدى الحبشة ". قال : وأصبنا نهب إبل وغنم. فند منها بعير. فرماه رجل بسهم فحبسه. فقال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن لهذه الإبل آوابد كأوابد الوحش. فإذا غلبكم منها شيء، فاصنعوا به هكذا ".
( صحيح مسلم ٣/١٥٥٨ح١٩٦٨ - ك الأضاحي، ب جواز الذبح بكل ما أنهر الدم )، و أخرجه البخاري ( الصحيح ٩/٦٣١ح٥٥٠٣ ).
قال مسلم : حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي. أخبرنا جرير عن منصور، عن إبراهيم، عن همام بن الحارث، عن عدي بن حاتم. قال : قلت : يا رسول الله إني أرسل الكلاب المعلمة. فيمسكن علي. وأذكر اسم الله عليه. فقال : " إذا أرسلت كلبك المعلم، وذكرت اسم الله عليه، فكل ". قلت : وإن قتلن ؟ قال : وإن قتلن. ما لم يشركها كلب ليس معها " قلت له : فإني أرمي بالمعراض الصيد فأصيب. فقال : " إذا رميت بالمعراض فخزق. فكله. وإن أصابه بعرضه، فلا تأكله ".
( صحيح مسلم٣/ ١٥٢٩ح١٩٢٩- ك الصيد والذبائح، ب الصيد بالكلاب المعلمة ).
قال مسلم : حدثنا أبو بكر بن آبي شيبة. حدثنا ابن فضيل عن بيان، عن الشعبي، عن عدي بن حاتم. قال : سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت : إنا قوم نصيد بهذه الكلاب. فقال : " إذا أرسلت كلابك المعلمة وذكرت اسم الله عليها، فكل مما أمسكن عليك، وإن قتلن. إلا أن يأكل الكلب. فإن أكل فلا تأكل. فإني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه. وإن خالطها كلاب من غيرها، فلا تأكل ".
( صحيح مسلم ٣/١٥٢٩- ك الصيد والذبائح، ب الصيد بالكلاب المعلمة )، ( صحيح البخاري ١/٣٣٥ و ٩/٥٩٩ رقم ٥٤٧٥ ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :( وما علمتم من الجوارح مكلبين )، يعني ب ( الجوارح ) الكلاب الضواري والفهود والصقور وأشباهها.
قال البخاري : حدثنا يوسف بن موسى حدثنا أبو خالد الأحمر قال : سمعت هشام بن عروة يحدث عن أبيه عن عائشة قالت : قالوا يا رسول الله : إن هنا أقواما حديثا عهدهم بشرك يأتونا بلحمان لا ندري يذكرون اسم الله عليها أم لا. قال : " اذكروا أنتم اسم الله وكلوا ".
تابعه محمد بن عبد الرحمن وعبد العزيز بن محمد وأسامة بن حفص.
( صحيح البخاري ١٣/٣٩١ح٧٣٩٨- ك التوحيد، ب السؤال بأسماء الله تعالى والإسعاذة بها ).
قال مسلم : حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي حدثنا شعبة عن أبي التياح. سمع مطرف بن عبد الله عن ابن المغفل قال : أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب. ثم قال : " ما بالهم وبال الكلاب " ؟ ثم رخص في كلب الصيد وكلب الغنم.
( صحيح مسلم ٣/١٢٠٠-١٢٠١ح١٥٧٣- ك المساقاة، ب الأمر بقل الكلاب وبيان نسخه وبيان تحريم اقتنائها إلا لصيد أو زرع أو ماشية ونحو ذلك ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :( فكلوا مما أمسكن عليكم ) يقول : كلوا مما قتلن. إن قتل وأكل فلا تأكل وإن أمسك فأدركته حيا فذكه.
قوله تعالى (... واذكروا اسم ا لله عليه )
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :( و اذكروا اسم الله عليه ) يقول : إذا أرسلت جوارحك فقل " بسم الله " وإذا نسيت فلا حرج.
قال مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب. قالا : حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن خيثمة، عن أبي حذيفة، عن حذيفة قال : كنا إذا حضرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم طعاما لم نضع أيدينا، حتى يبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيضع يده، وإنا حضرنا معه مرة طعاما، فجاءت جارية كأنها تدفع. فذهبت لتضع يدها في الطعام، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدها. ثم جاء أعرابي كأنما يدفع. فأخذ بيده. فقال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الشيطان يستحل الطعام أن لا يذكر اسم الله عليه. و إنه جاء بهذه الجارية يستحل بها. فأخذت بيدها. فجاء بهذا الأعرابي ليستحل به. فأخذت بيده، والذي نفسي بيده إن يده في يدي مع يدها ".
( الصحيح ٣/١٥٩٧ح٢٠١٧ - ك الأشربة، ب آداب الطعام والشراب وأحكامهما )
قال أبو داود : حدثنا مؤمل بن هشام : ثنا إسماعيل، عن هشام - يعني ابن أبي عبد الله الدستوائي - عن بديل، عن عبد الله بن عبيد، عن امرأة منهم يقال لها أم كلثوم، عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله تعالى، فإن نسي أن يذكر اسم الله تعالى في أوله فليقل : بسم الله أوله وآخره ".
( السنن ٣/٣٤٧ح ٣٧٦٧- ك الأطعمة، ب التسمية على الطعام )، وأخرجه الترمذي ( السنن ٤/٢٨٨ح ١٨٥٨ - ك الأطعمة، ب ما جاء في التسمية على الطعام ) من طريق وكيع. والحاكم ( المستدرك ٤/١٠٨- ك الأطعمة ) من طريق عفان، كلاهما، عن هشام الدستوائي به، وعند الترمذي زيادة وهي : قصة الأعرابي الذي أكل طعام الستة بلقمتين. قال الترمذي : حسن صحيح. وقال الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وقال ابن القيم : حديث صحيح ( زاد المعاد ٢/٣٩٧ ) وصححه السيوطي ( الجامع الصغير فيض القدير ١/٢٩٦ح٤٧٦ ) وقال الألباني : صحيح ( صحيح الترمذي ح ١٥١٣، ١٥١٤ ).
انظر حديث إهداء اليهود الشاة المسمومة للنبي صلى الله عليه وسلم في سورة البقرة آية( ٨٠ ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس :( وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم ) قال : ذبائحهم.
قال البخاري : حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا هشام، حدثنا قتادة، عن أنس رضي الله عنه قال : ولقد رهن رسول الله صلى الله عليه وسلم درعه بشعير، ومشيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم بخبز شعير وإهالة سنخة. ولقد سمعته يقول : " ما أصبح لآل محمد صلى الله عليه وسلم إلا صاع ولا أمسى، وإنهم لتسعة أبيات ".
( الصحيح ٥/١٦٦ح٢٥٠٨- ك الرهن، ب في الرهن في الحضر ). والإهالة السنخة هي. كل شيء من الأدهان مما يؤتدم به إهالة... والسنخة المتغيرة الريح ( النهاية ١/٨٤ )
قال أبو داود : حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي، ثنا زهير، ثنا سماك بن حرب، حدثني قبيصة بن هلب عن أبيه، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسأله رجل فقال :
إن من الطعام طعاما أتحرج منه، فقال :" لا يتحلجن في صدرك شيء ضارعت فيه النصرانية ".
( السنن ٣/٣٥١ح٣٧٨٤-ك الأطعمة، ب كراهية التقذر للطعام )، وأخرجه الترمذي( السنن ٤/١٣٣-١٣٤ح١٥٦٥-ك السير، ب ما جاء في طعام المشركين )من طريق شعبة. وابن ماجة ( السنن ٢/٩٤٤ح٢٨٣٠- الجهاد، ب الأكل في قدور المشركين ) من طريق سفيان. وأخرجه أحمد ( المسند ٥/٢٢٦ ) من طريق زهير، كلهم عن سماك بن حرب به. قال الترمذي : حديث حسن. وكذا حسنه الألباني ( صحيح سنن الترمذي ١٢٧٠ ).
قوله تعالى ( والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا أتيتموهن أجورهن )
قال الطبري : حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد :( والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ) قال : من الحرائر. ا. ه.
وعبد الرحمن هو ابن مهدي، وسفيان هو الثوري، ورجاله ثقات وإسناده صحيح.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس :( آتيتموهن أجورهن ) يعني : مهورهن.
قوله تعالى ( محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان )
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :( محصنين غير مسافحين ) يعني : ينكحوهن بالمهر والبينة غير مسافحين متعالنين بالزنا ( ولا متخذي أخدان ) يعني : يسرون بالزنا.
قوله تعالى ( ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين )
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله :( ومن يكفر بالإيمان ) قال : من يكفر بالله.
قال الشيخ الشنقيطي : ظاهر هذه الآية الكريمة أن المرتد يحبط جميع عمله بردته من غير شرط زائد، ولكنه أشار في موضع آخر إلى أن ذلك فيما إذا مات على كفر، وهو قوله :( ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي :( يا أيها الذين امنوا إذا قمتم إلى الصلاة ) يقول : قمتم وأنتم على غير طهر.
قال البخاري : حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي قال : أخبرنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن همام بن منبه أنه سمع أبا هريرة يقول : قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لا تقبل صلاة من أحدث حتى يتوضأ ". قال رجل من حضرموت :
ما الحدث يا أبا هريرة ؟ قال : فساء أو ضراط.
( صحيح البخاري ١/٢٨٢-٢٨٣ح١٣٥- ك الوضوء، ب لا تقبل صلاة بغير طهور )، ( صحيح مسلم ١/٢٠٤ح٢٢٥ - ك الطهارة، ب وجوب الطهارة للصلاة ).
قال مسلم : حدثنا سعيد بن منصور وقتيبة بن سعيد وأبو كامل الجحدري ( واللفظ لسعيد ) قالوا : حدثنا أبو عوانة عن سماك بن حرب، عن مصعب بن سعد، قال : دخل عبد الله بن عمر على ابن عامر يعوده وهو مريض. فقال : ألا تدعو
الله لي، يا ابن عمر ؟ قال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " لا تقبل صلاة بغير طهور ولا صدقة من غلول ". وكنت على البصرة.
( الصحيح ١/٢٠٤ح٢٢٤- ك الطهارة، ب وجوب الطهارة للصلاة ).
وقال : حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير. حدثنا أبي. حدثنا سفيان عن علقمة ابن مرثد. ح وحدثني محمد بن حاتم ( واللفظ له حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان قال : حدثني علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم الصلوات يوم الفتح بوضوء واحد. ومسح على خفيه. فقال له عمر : لقد صنعت اليوم شيئا لم تكن تصنعه. قال : " عمدا صنعته يا عمر ".
( صحيح مسلم ١/٢٣٢ح٢٧٧- ك الطهارة، ب جواز الصلوات كلها بوضوء واحد ).
وقال البخاري : حدثنا يحيى بن بكير عن الليث عن عبد العزيز بن أبي سلمة عن سعد بن إبراهيم عن نافع بن جبير عن عروة بن المغيرة عن أبيه المغيرة بن شعبة قال : ذهب النبي صلى الله عليه وسلم لبعض حاجته فقمت أسكب عليه الماء -لا أعلمه إلا قال :
في غزوة تبوك _ فغسل وجهه وذهب يغسل ذراعيه، فضاق عليه كما الجبة، فأخرجهما من تحت فغسلهما، ثم مسح على خفيه.
( صحيح البخاري ٧/٧٣١ح٤٤٢١- ك المغازي، ب ٨١ ).
وقال البخاري : حدثنا أبو النعمان عارم بن الفضل قال : حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن يوسف بن ماهك عن عبد الله بن عمرو قال : تخلف عنا النبي صلى الله عليه وسلم في سفرة سافرناها، فأدركنا وقد أرهقتنا الصلاة ونحن نتوضأ، فجعلنا نمسح على أرجلنا، فنادى بأعلى صوته :" ويل للأعقاب من النار ". مرتين أو ثلاثا.
( صحح البخاري ١/١٧٣ح٦٠- ك العلم، ب من رفع صوته بالعلم ).
قال البخاري : حدثنا يحيى بن بكير قال حدثنا الليث عن خالد عن سعيد بن أبي هلال عن نعيم المجمر قال رقيت مع أبي هريرة على ظهر المسجد فتوضأ فقال إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول :" إن أمتي يدعون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل ".
( صحيح البخاري ١/٢٨٢-٢٨٣ح١٣٦-ك الوضوء، ب فضل الوضوء والغر المحجلون... )، وقد أخرجه مسلم بأطول منه وفيه قصة سلامه على الموتى وفيه موضع الشاهد ( الصحيح ١/٢١٨-الطهارة، ب استحباب الغرة والتحجيل في الوضوء ).
وقال البخاري : حدثنا محمد بن عبد الرحيم قال : أخبرنا أبو سلمة الخزاعي منصور بن سلمة قال : أخبرنا ابن بلال -يعني سليمان-عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس أنه توضأ فغسل وجهه، أخد غرفة من ماء فمضمض بها واستنشق، ثم أخد غرفة من ماء فجعل بها هكذا أضافها إلى يده الأخرى فغسل بهما وجهه، ثم أخد غرفة من ماء فغسل بها يده اليمنى، ثم أخذ غرفة من ماء فغسل بها يده اليسرى، ثم مسح برأسه، ثم أخذ غرفة من ماء فرش
على رجله اليمنى حتى غسلها، ثم أخد غرفة أخرى فغسل بها رجله -يعني اليسرى _ ثم قال هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ.
( صحيح البخاري ١/٢٩٠ح١٤٠- ك الوضوء، ب غسل الوجه باليدين ).
وقال البخاري : حدثنا عبد الله بن يوسف قال : أخبرنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه ثم لينثر. ومن استجمر فليوتر. وإذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده
فبل أن يدخلها في وضوئه فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده ".
( صحيح البخاري ١/٣١٦ح١٦٢-ك الوضوء، ب الإستجمار وترا )، ( و صحيح مسلم ١/١٦٠-١٦١- ك الطهارة، ب كراهة غمس المتوضئ وغيره يده المشكوك في نجاستها في الإناء ).
وقال البخاري : حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي قال : حدثني إبراهيم ابن سعد عن ابن شهاب أن عطاء بن يزيد أخبره أن حمران مولى عثمان أخبره أنه رأى عثمان بن عفان دعا بإناء فأفرغ على كفيه ثلاث مرار فغسلهما ثم. ادخل يمينه في الإناء فمضمض واستنشق، ثم غسل وجهه ثلاثا، ويديه إلى المرفقين ثلاث مرار، ( ثم ) مسح برأسه ثم غسل رجليه ثلاث مرار إلى الكعبين ثم قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما
نفسه، غفر له ما تقدم من ذنبه ".
( صحيح البخاري١/٣١١-٣١٢ح١٥٩-ك الوضوء، ب الوضوء ثلاثا ثلاثا )، ( صحيح مسلم ١/٢٠٤ح٢٢٦-ك الطهارة، ب صفة الوضوء وكماله ).
وقال البخاري : حدثنا محمد بن يوسف قال : حدثنا سفيان عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس قال : توضأ النبي صلى الله عليه وسلم مرة مرة.
( صحيح البخاري ١/٣١١ح ١٥٧-ك الوضوء، ب الوضوء مرة مرة ).
و قال البخاري : حدثنا حسين بن عيسي. قال : حدثنا يونس بن محمد قال : حدثنا فليح بن سليمان عن عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن عن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرتين مرتين.
( صحيح البخاري ١/٣١١ح١٥٨ - ك الوضوء، ب الوضوء مرتين مرتين ).
وقال البخاري : حدثنا الحميدي عبد الله بن الزبير، قال : حدثنا سفيان قال : حدثنا يحي بن سعيد الأنصاري،
قال : أخبرني محمد بن إبراهيم التيمي أنه سمع علقمة بن وقاص الليثي يقول : سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر
قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى : فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو إلى امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه ".
( الصحيح ١/١٥ح١-ك بدء الوحي، ب كيف كان بدأ الوحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأخرجه مسلم ( الصحيح - ك الإمارة، ب قوله :" إنما الأعمال بالنية " ).
قال مسلم : حدثني سلمة بن شبيب، حدثنا الحسن بن محمد بن أعين، حدثنا معقل عن أبي الزبير، عن جابر، أخبرني عمر بن الخطاب : أن رجلا توضأ فترك
موضع ظفر على قدمه. فأبصره النبي صلى الله عليه وسلم فقال :" ارجع فأحسن وضوءك ". فرجع ثم صلى.
( الصحيح ١/٢١٥ح٢٤٣-ك الطهارة، ب وجوب استيعاب جميع أجزاء محل الطهارة ).
قال مسلم : حدثنا يحيى بن يحيى التميمي وإسحاق بن إبراهيم وأبو كريب. جميعا عن أبي معاوية. ح و حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو معاوية ووكيع ( و اللفظ ليحيى )قال : أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش، عن إبراهيم، عن همام، قال : بال جرير. ثم توضأ. و مسح على خفيه. فقيل : تفعل هذا ؟ فقال :
نعم، رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بال، ثم توضأ ومسح على خفيه.
قال الأعمش : قال إبراهيم : كان يعجبهم هذا الحديث ؛ لأن إسلام جرير كان بعد نزول المائدة.
( الصحيح ١/٢٢٧-٢٢٨ح٢٧٢-ك الطهارة، ب المسح على الخفين ).
قال الترمذي : حدثنا يحيى بن موسى : حدثنا عبد الرزاق، عن إسرائيل، عن عامر بن شقيق عن أبي وائل، عن عثمان بن عفان :" أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخلل لحيته ".
( السنن ١/٤٦ح ٣١- ك الطهارة، ب ما جاء في تخليل اللحية )، وأخرجه ابن ماجة ( السنن ١/١٤٨ح٤٣٠- ك الطهارة، ب ما جاء في تخليل اللحية )من طريق محمد بن أبي خالد عن عبد الرزاق به وأحمد في المسند ( انظر تفسير ابن كثير ٣/٤٤ ) عن عبد الرزاق به ؛ وابن خزيمة في صحيحه ١/٧٨ح١٥١، ١٥٢ )، وابن حيان في صحيحه ( الإحسان ٢/٢٠٦ح١٠٧٨ )، والحاكم في( المستدرك ١/١٤٨-١٤٩ ) من طريق الإمام أحمد. قال الترمذي : حديث حسن صحيح. ونقل ابن كثير تحسينه عن البخاري ( التفسير ٣/٤٤ ). وقال الحاكم : هذا إسناد صحيح. وقال ابن الملقن : هذا الحديث حسن ( البدر المنير ٣/٣٩٤ )، وقال الألباني : صحيح ( صحيح الترمذي ح ٢٨ ).
قوله تعالى ( وإن كنتم جنبا فاطهروا... )
قال أبو داود : محمد بن مهران البزار الرازي، حدثنا مبشر الحلبي، عن محمد أبي غسان، عن أبي حازم عن سهل بن سعد، حدثني أبي بن كعب رضي الله عنه أن الفتيا التي كانوا يفتون : إن الماء من الماء، كانت رخصة رخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم في بدء الإسلام، ثم أمر بالاغتسال بعد.
( السنن ١/٥٥ح٢١٥- ك الطهارة، ب في الإكسال )، وأخرجه الترمذي ( ١/١٨٣-١٨٤ح١١٠، ١١١ )، وابن ماجة ( ١/٢٠٠ح٦٠٩ )، وأحمد في المسند ( ٥/١١٥ ثلاثتهم من طريق الزهري عن سهل به. وأخرجه الطبراني في ( الكبير ١/١٦٨ح٥٣٨ ) عن عبد الرحمن بن سلم، عن محمد بن مهران - شيخ أبى داود - عن مبشر به. قال الترمذي : حسن صحيح. وصححه ابن خزيمة ( الصحيح ١/١١٣-١١٤ )، وابن حبان أيضا ( الإحسان ٢/٢٤٤ )، وأخرجه أيضا الضياء المقدسي من طريق محمد المهران ( المختارة ٣/٣٨٢ح١١٧٧ ). وقال الإسماعيلي : صحيح على شرط البخاري ( فتح الباري ١/٣٩٧ ) وفيه علة ذكرها الحافظ ابن حجر، ثم قال. وفي الجملة هو إسناد صالح لأن يحتج به ( الفتح ١/٣٩٧ )، وصححه الألباني ( صحيح سنن ابن ماجة رقم ٤٩٣ ).
انظر تفسير سورة النساء آية ٤٣ قوله تعالى ( ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا ).
قوله تعالى (... وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا )
قال البخاري : حدثنا إسماعيل قال : حدثني مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، حتى إذا كنا بالبيداء أو بذات الجيش انقطع عقد لي، فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على التماسه. وأقام الناس معه، وليسوا على ماء وليس معهم ماء. فأتى الناس إلى أبي بكر الصديق فقالوا : ألا ترى ما صنعت عائشة ؟ أقامت برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالناس، وليسوا على ماء وليس معهم ماء ؟ فجاء أبو بكر ورسول الله صلى الله عليه وسلم واضع رأسه على فخذي قد نام، فقال : حبست رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس ليسوا على ماء وليس معهم ماء. قالت عائشة : فعاتبني أبو بكر وقال : ما شاء الله أن يقول، وجعل يطعنني بيده في خاصرتي، ولا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي. فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أصبح على غير ماء، فأنزل الله آية التيمم، فقال : أسيد ابن حضير : ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر. قال : فبعثنا البعير الذي كنت عليه، فإذا العقد تحته.
( صحيح البخاري ٨/١٢١ح٤٦٠٧- ك التفسير - سورة المائدة، ب الآية ).
قال ابن أبي حاتم : ثنا أبو سعيد الأشج، ثنا وكيع، عن سفيان عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قوله ( أو لامستم النساء ) قال : هو الجماع.
( وصحح إسناده الحافظ ابن حجر ( الفتح ٨/٢٧٢ ).
قال الحافظ ابن حجر : وروى عبد الرزاق من طريق بكر بن عبد الله المزني قال : قال ا
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :( واذكروا نعمة الله عليكم وميثاقه الذي واثقكم به إذ قلتم سمعنا وأطعنا )الآية، يعني : حيث بعث الله النبي صلى الله عليه وسلم وأنزل عليه الكتاب فقالوا :( آمنا بالنبي صلى الله عليه وسلم و بالكتاب وأقررنا بما في التوراة ) فذكرهم الله ميثاقه الذي أقروا به على أنفسهم و أمرهم بالوفاء به.
أخرج آدم ابن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله :( وميثاقه الذي واثقكم به )قال : الذي واثق به بني آدم في ظهر آدم.
قال البخاري : حدثنا عبد الله بن يوسف أخبرنا مالك عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن ومحمد بن النعمان بن بشير أنهما حدثاه عن النعمان بن بشير : أن أباه أتى به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : إني نحلت ابني هذا غلاما. فقال :" أكل ولدك نحلت مثله : ؟ ". قال : لا. قال :" فأرجعه ".
( صحيح البخاري ٥/٢٥٠ح٢٥٨٦ - ك الهبة، ب الهبة للولد )، ( صحيح مسلم ٣/١٢٤٢-ك الهبات، ب كراهية تفضيل بعض الأولاد في الهبة ).
أخرج ابن أبي حاتم والطبري بسنديهما الجيد عن أبي العالية في قوله :( ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل )قال : أخذ الله مواثيقهم أن يخلصوا له، ولا يعبدوا غيره.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :( ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم إثنى عشر نقيبا ) من كل سبط رجل شاهد على قومه.
قوله تعالى ( وعزرتموهم )
أخرج آدم ابن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله :( وعزرتموهم ) قال : نصرتموهم.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :( يحرفون الكلم عن مواضعه )يعني : حدود الله في التوراة ويقولون : إن أمركم محمد بما أنتم عليه فاقبلوه، وإن خالفكم فاحذروا.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي :( ونسوا حظا مما ذكروا به ) يقول : تركوا نصيبا.
قوله تعالى ( ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم )
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله :( ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم ) قال : على خيانة وكذب وفجور.
قوله تعالى ( فاعف عنهم واصفح )
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة قوله :( فاعف عنهم واصفح ) قال : نسختها ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :( ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به )نسوا كتاب الله بين أظهرهم، وعهد الله الذي عهده إليهم، وأمر الله الذي أمرهم به.
قوله تعالى ( فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة )
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :( فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة ) الآية، إن القوم لما تركوا كتاب الله، وعصوا رسله، وضيعوا فرائضه، وعطلوا حدوده، ألقى بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة، بأعمالهم أعمال السوء، ولو أخذ القوم كتاب الله وأمره، ما افترقوا ولا تباغضوا.
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله :( فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء )قال : بين اليهود والنصارى.
هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه. ( المستدرك ٤/٣٥٩-ك الحدود ) ووافقه الذهبي. و أخرجه ابن حبان في صحيحه ( الإحسان ١٠/٢٧٦ح٤٤٣٠ ) صححه المحقق شعيب الأرناؤط.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :( يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا )هو محمد صلى الله عليه وسلم.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي :( من اتبع رضوانه سبل السلام )سبيل الله الذي شرعه لعباده ودعاهم إليه، وابتعث به رسوله، وهو الإسلام الذي لا يقبل من أحد عملا إلا به، لا اليهودية ولا النصرانية ولا المجوسية.
قال أحمد : ثنا ابن أبي عدي عن حميد عن أنس قال : مر النبي صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه وصبي في الطريق فلما رأت أمه القوم خشيت على ولدها أن يوطأ فأقبلت تسعى وتقول : ابني إبني وسعت فأخذته، فقال القوم : يا رسول الله ما كانت هذه لتلقي إبنها في النار قال : فخفضهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال :" ولا الله عز وجل لا يلقي حبيبه في النار ".
( المسند ٣/١٠٤ ) وأخرجه البزار ( كشف الأستار ٤/١٧٤ )وأبو يعلى ( المسند ٦/٣٩٧ )، والحاكم في ( المستدرك ١/٥٨ ) من طرق عن حميد به. قال الحاكم صحيح على شرط الشيخين و لم يخرجاه ووافقه الذهبي. و قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح ( مجمع الزوائد ١٠/٣٨٣ ).
أخرج الطبري بسنده الحسن من طريق ابن إسحاق عن ابن عباس قال : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم نعمان بن أضاء، وبحري بن عمرو، وشأس بن عدي، فكلموه، فكلمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعاهم إلى الله وحذرهم نقمته فقالوا : ما تخوفنا يا محمد ! ! نحن والله أبناء الله وأحباؤه ! ! كقول النصارى، فأنزل الله عز وجل فيهم ( وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء الله وأحباؤه ) إلى آخر الآية.
قوله تعالى ( يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء )
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي قوله :( يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء ) يقول : يهدي منكم من يشاء في الدنيا فيغفر له، ويميت من يشاء منكم على كفره فيعذبه.
قال مسلم : حدثني حرملة بن يحيى، أخبرنا ابن وهب، أخبرني يونس عن ابن شهاب أن أبا سلمة بن عبد الرحمن أخبره، أن أبا هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" أنا أولى الناس بابن مريم، الأنبياء أولاد علات، وليس بيني وبينه نبي ".
( الصحيح ٤/١٨٣٧ح٢٣٦٥ -ك الفضائل، به فضائل عيسى عليه السلام )، وأخرجه البخاري في( صحيحه ٦/٤٧٧-٤٧٨ح٣٤٤٢ ).
انظر حديث مسلم عن عياض بن حمار المتقدم عند الآية ( ١٦٨ ) من سورة البقرة.
أخرج الطبري بسنده الحسن من طريق ابن إسحاق عن ابن عباس قال : قال معاذ بن جبل وسعد بن عبادة وعقبة بن وهب لليهود : يا معشر اليهود اتقوا الله، فوالله إنكم لتعلمون أنه رسول الله ! لقد كنتم تذكرونه لنا قبل مبعثه، وتصفوه لنا بصفتة ! فقال رافع بن حريملة ووهب بن يهودا : ما قلنا هذا لكم، وما أنزل الله من كتاب بعد موسى، ولا أرسل بشيرا ولا نذيرا بعده ! فأنزل الله عز وجل في ذلك من قولهما ( يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل أن تقولوا ما جاءنا من بشير ولا نذير فقد جاءكم بشير ونذير والله على كل شيء قدير ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :( قد جاءكم رسولنا يبين لكم على فترة من الرسل )وهو محمد صلى الله عليه وسلم، جاء بالفرقان الذي فرق الله به بين الحق والباطل، فيه بيان الله ونوره وهداه، وعصمة لمن أخذ به.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :( اذكروا نعمة الله عليكم )يقول : عافية الله عز وجل.
قوله تعالى ( وجعلكم ملوكا )
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله :( وجعلكم ملوكا )قال : ملكهم الخدم، كانوا أول من ملك الخدم.
قوله تعالى ( وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين )
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد : هم قوم موسى.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد :( وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين )يعني : أهل ذلك الزمان، المن والسلوى والحجر والغمام.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد ( الأرض المقدسة )الطور وما حوله.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد :( الأرض المقدسة ) قال : المباركة.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله تعالى ( الأرض المقدسة )قال : هي الشام.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :( يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ) أمروا بها كما أمروا بالصلاة والزكاة والحج والعمرة.
أخرج آدم ابن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله ( ادخلوا عليهم الباب )قال : يعني قرية الجبارين.
قال البخاري : حدثنا أبو نعيم حدثنا إسرائيل عن مخارق عن طارق بن شهاب سمعت ابن مسعود رضي الله عنه قال : شهدت من المقداد ح. وحدثني حمدان ابن عمر حدثنا أبو النضر حدثنا الأشجع عن سفيان عن مخارق عن طارق عن عبد الله قال : المقداد يوم بدر : يا رسول الله، إنا لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى ( فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون )ولكن امض ونحن معك. فكأنه سري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
رواه وكيع عن سفيان عن مخارق عن طارق أن المقداد قال : ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم. ( الصحيح ٨/١٢٢ح٤٦٠٩-ك التفسير، ب ( فاذهب أنت وربك فقاتلا... ) ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال :( فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين )يقول : اقض بيننا وبينهم.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله تعالى ( فإنها محرمة عليهم أربعين سنة ) يعني الشام على بني إسرائيل ( يتيهون في الأرض )لا يأوون إلى قرية، فعند ذلك أظلهم الله بالغمام وأنزل عليهم المن والسلوى، وفي تيههم ذلك ضرب موسى بعصاه الحجر، فكان يتفجر منه اثنا عشرة عينا لكل سبط منهم عين، قال وكان يحملونه فإذا ضربه بعصاه تفجرت.
قوله تعالى ( فلا تأس على القوم الفاسقين )
أخرج الطبري بسنده الحسن عن على بن أبي طلحة عن ابن عباس :( فلا تأس ) يقول : فلا تحزن.
قال البخاري : حدثنا عمر بن حفص بن غياث، حدثنا أبى حدثنا الأعمش قال : حدثني عبد الله بن مرة عن مسروق عن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها، لأنه أول من سن القتل ".
( صحيح البخاري ٦/٤١٩ح٣٣٣٥-ك أحاديث الأنبياء، ب خلق آدم وذريته )، ( صحيح مسلم ٣/١٣٠٣-ك القسامة، ب بيان إثم من سن القتل ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس :( واتل عليهم نبأ ابن آدم بالحق إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما و لم يتقبل من الآخر )كان رجلان من بني آدم، فتقبل من أحدهما و لم يتقبل من الآخر.
قال البخاري : حدثنا عبد الله بن عبد الوهاب، حدثنا حماد، عن رجل لم يسمه عن الحسن قال : خرجت بسلاحي ليالي الفتنه، فاستقبلني أبو بكرة فقال : أين تريد ؟ أريد نصرة ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فكلاهما من أهل النار ". قيل : فهذا القاتل، فما بال المقتول ؟ قال :" إنه أراد قتل صاحبه ".
( الصحيح ١٣/٣٥ح٧٠٨٣-ك الفتن، ب، إذا إلتقا المسلمان بسيفيهما )، وأخرجه مسلم في( صحيحه ٤/٢٢١٣ح٢٨٨٨ )
أرأيت إن دخل على بيتي وبسط يده ليقتلني- قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" كن كابني
آدم ". وتلا يزيد ( لئن بسطت إلي يدك )الآية.
( السنن ٤/٩٩ح٤٢٥٧-ك الفتن والملاحم، ب النهي عن السعي في الفتنة )، وأخرجه الترمذي في ( السنن ٤/٤٨٦ح٢١٩٤ ) ثم قال : حديث حسن. وأحمد ( شرح المسند ١٦٠٩ )من طريق ليث بن سعد عن عياش بن عباس به وصحح المحقق إسناده، وقال الألباني : سند صحيح على شرط مسلم ( الإرواء ٨/١٠٤ )، وأخرجه الضياء في ( المختارة ٣/١٤٤-١٤٥ح٩٤٢ )من طريق أبي داود به، وحسنه محققه إسناده. وصححه الألباني في ( صحيح سنن أبي داود ) وللحديث شواهد عدة استوفى الكلام عليها الشيخ الألباني ( انظر الإرواء ٨/١٠٠-١٠٤ ).
قال أبو داود : حدثنا مسدد، ثنا حماد بن زيد، عن أبي عمران الجوني، عن المشعث بن طريف، عن عبد الله بن الصامت، عن أبي ذر، قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم :" يا أبا ذر " قلت : لبيك يا رسول الله وسعديك. فذكر الحديث، قال فيه :" كيف أنت إذا أصاب الناس موت يكون البيت فيه بالوصيف " ؟. ( يعني القبر )قلت : الله ورسوله أعلم، أو قال : ما خار الله لي ورسوله، قال :" عليك بالصبر " أو قال :" تصبر ". ثم قال لي :" يا أبا ذر ".
قلت : لبيك وسعديك، قال :" كيف أنت إذا رأيت أحجار الزيت قد غرقت بالدم " ؟. قلت، ما خار الله لي ورسوله، قال :" عليك بمن أنت منه " قلت. يا رسول الله أفلا آخذ سيفي وأضعه على عاتقي ؟ قال :" شاركت القوم إذن ".
قلت : فما تأمرني ؟ قال :" تلزم بيتك ". قلت : فإن دخل على بيتي ؟ قال : ط فإن خشيت أن يبهرك شعاع السيف فألق ثوبك على وجهك يبوء بإثمك وإثمه ".
( السنن ٤/١٠١ح٤٢٦١- ك الفتن والملاحم، ب النهي عن السعي في الفتنة )، وأخرجه ابن ماجة ( السنن ٢/١٣٠٨ح٣٩٥٨- ك الفتن، ب التثبت في الفتنة )عن أحمد بن عبدة عن حماد به، وعنده زيادة قوله :" فيكون من أصحاب النار "، وأخرجه أحمد المسند ٥/١٦٣ )عن عبد العزيز العمي وابن حبان في صحيحه ( الإحسان ١٥/٧٨-٨٩ح٦٦٨٥ )من طريق مرحوم بن عبد العزيز، و الحاكم في( المستدرك ٤/٤٢٣-٤٢٤ ). من طريقين عن حماد بن سلمة، وحماد بن زيد، كلهم عن أبي عمران الجوني به نحوه. قال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين... ووافقه الذهبي. وتعقبهما الألباني فقال : وحماد بن سلمة احتج به مسلم وحده ومثله عبد الله بن الصامت. وذكر للحديث عدة شواهد وصححه ( الإرواء ٨/١٠٠-١٠٤ )، وصححه في تصحيح ابن ماجة أيضا ( رقم ٣١٩٧ ). وصححه محقق الإحسان على شرط مسلم
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله :( إني أريد أن تبوء بإثمي وإثمك )
يقول : إني أريد أن يكون عليك خطيئتك ودمي، تبوء بهما جميعا.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد :( فطوعت له نفسه ) قال : فشجعته.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس :( فبعث الله غرابا يبحث في الأرض )قال : جاء غراب إلى غراب ميت فحثى عليه من التراب حتى واراه، فقال الذي قتل أخاه :( يا ويلتا أعجزت أن أكون مثل هذا الغراب )الآية.
قال الشيخ الشنقيطي : صرح في هذه الآية الكريمة أنه كتب على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا، و لم يتعرض هنا لحكم من قتل نفسا بنفس، أو بفساد في الأرض، ولكنه بين ذلك في موضع أخر، فبين أن قتل النفس بالنفس جائز، في قوله :( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس )الآية، وفي قوله ( كتب عليكم القصاص في القتلى ) وقوله ( ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس :( من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا )قال : هو كما قال. وقال ( ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا )فإحياؤها : لا يقتل نفسا حرمها الله، فذلك أحيى الناس جميعا، يعني أنه من حرم قتلها إلا بحق، حيى الناس منه جميعا.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله عز و جل ( فكأنما قتل الناس جميعا )قال : هي كالتي في النساء ( ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم ) سورة النساء : ٩٣، في جزائه.
قال البخاري : حدثنا علي بن عبد الله حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري حدثنا ابن عون قال : حدثني سلمان أبو رجاء مولى أبي قلابة عن أبي قلابة أنه كان جالسا خلف عمر بن عبد العزيز فذكروا و ذكروا، فقالوا وقالوا قد أقادت بها الخلفاء، فالتفت إلى أبي قلابة وهو خلف ظهره فقال : ما تقول يا عبد الله بن زيد أو قال : ما تقول يا أبا قلابة ؟ قلت : ما علمت نفسا حل قتلها في الإسلام إلا رجل زنى بعد إحصان، أو قتل نفسا بغير نفس، أو حارب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.
فقال عنبسة : حدثنا أنس بكذا وكذا. قلت : إياي حدث أنس. قال : قدم قوم على النبي صلى الله عليه وسلم فكلموه فقالوا : قد استوخمنا هذه الأرض، فقال :" هذه نعم لنا تخرج لترعى فاخرجوا فيها، فاشربوا من ألبانها وأبوالها ". فخرجوا فيها فشربوا من أبوالها وألبانها واستصحوا، ومالوا على الراعي فقتلوه، واطردوا النعم. فما يستبطأ من هؤلاء ؟ قتلوا النفس، وحاربوا الله ورسوله، وخوفوا رسول الله صلى الله عليه وسلم
فقال : سبحان الله ! فقلت : تتهمني ؟ قال : حدثنا بهذا أنس. قال : وقال : يا أهل كذا، إنكم لن تزالوا بخير ما أبقي هذا فيكم ومثل هذا.
( صحيح البخاري ٨/١٢٣ح٤٦١٠- ك التفسير - سورة المائدة )، وأخرجه مسلم في( صحيحه ٣/١٢٩٧بعد رقم٦٧١٣ ) و قوله : في الحديث :" قد أقادت به الخلفاء " يعني : القسامة كما صرح به في رواية مسلم ).
وقال البخاري : حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن شعبة حدثنا قتادة عن أنس رضي الله عنه : أن ناسا من عرينة اجتووا المدينة، فرخص لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتوا إبل الصدقة فيشربوا من ألبانها وأبوالها. فقتلوا الراعي واستاقوا الذود. فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى بهم فقطع أيديهم وأرجلهم وسمر أعينهم وتركهم بالحجرة يعضون الحجارة. تابعه أبو قلابة وحميد وثابت عن أنس.
( صحيح البخاري ٣/٤٢٨-٤٢٩ح ١ ١٥٠ - ك الزكاة، ب استعمال إبل الصدقة وألبانها.. )، و ( صحيح مسلم ٣/١٢٩٦ح١٦٧١- ك القسامة والمحاربين... ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا ) قال : من شهر السلاح في قبة الإسلام، وأخاف السبيل، ثم ظفر به و قدر عليه، فإمام المسلمين فيه بالخيار ؛ إن شاء قتله، وإن شاء صلبه، و إن شاء قطع يده ورجله.
قوله تعالى ( أو ينفوا من الأرض )
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس :( أو ينفوا من الأرض )يقول : أو يهربوا حتى يخرجوا من دار الإسلام إلى دار الحرب.
قال الشيخ الشنقيطي : اعلم أن جمهور العلماء على أن المراد بالوسيلة هنا هو القربة إلى الله تعالى بامتثال أوامره، واجتناب نواهيه على وفق ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم بإخلاص في ذلك لله تعالى، لأن هذا وحده هو الطريق الموصلة إلى رضى الله تعالى، ونيل ما عنده من خير الدنيا والآخرة.
قال مسلم : حدثنا محمد بن سلمة المرادي حدثنا عبد الله بن وهب، عن حيوة وسعيد بن أبي أيوب وغيرهما، عن كعب بن علقمة، عن عبد الرحمن بن جبير، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول :" إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا. ثم سلوا الله لي الوسيلة. فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله. وأرجو أن أكون أنا هو. فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة ".
( الصحيح ١/٢٨٨ح٣٨٤- ك الصلاة، ب استحباب القول مثل قول المؤذن لمن سمعه )، وأخرجه( البخاري في ( كتاب الأذان بنحوه ٢/٩٤ ).
قال الترمذي : حدثنا محمد بن بشار، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبد الرحمن بن يزيد قال : أتينا على حذيفة فقلنا : حدثنا من أقرب الناس من رسول الله صلى الله عليه وسلم هديا ودلا فنأخذ عنه ونسمع منه. قال : حدثنا أقرب الناس هديا ودلا وسمتا برسول الله صلى الله عليه وسلم ابن مسعود حتى يتوارى منا في بيته، ولقد علم المحفوظون من أصحاب محمد أن ابن أم عبد هو أقربهم إلى الله زلفى.
( السنن ٥/٦٧٣ح٣٨٠٧- ك المناقب، ب مناقب ابن مسعود )، وأخرجه أحمد ( المسند ٥/٣٩٥ ) من طريق شعبة عن أبي إسحاق به. قال الترمذي : حسن صحيح. وقال الألباني : صحيح ( صحيح الترمذي ح٢٩٩٤ ).
وأخرجه الحاكم قال : حدثنا أبو عبد الله محمد بن يعقوب الشيباني، ثنا محمد ابن عبد الوهاب، ثنا محاضر بن المورع، ثنا الأعمش عن أبي وائل عن حذيفة أنه سمع قارئا يقرأ :( يا أيها الذين امنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة ). قال : القربة. ثم قال : لقد علم المحفوظون من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن ابن أم عبد من أقربهم إلى الله وسيلة.
( المستدرك ٢/٣١٢ - ك التفسير، سورة المائدة، و صححه الذهبي )
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله :( وابتغوا إليه الوسيلة )أي : تقربوا إليه بطاعته والعمل. بما يرضيه.
قال ابن حبان : سمعت الهيثم بن خلف الدوري ببغداد يقول : سمعت إسحاق ابن موسى الأنصاري يقول : سمعت سفيان بن عيينة يقول : سمعت عمرو بن دينار يقول : سمعت جابر بن عبد الله يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بأذني هاتين
وأشار بيده إلى أذنيه :" يخرج الله قوما من النار فيدخلهم الجنة ". فقال له رجل في حديث عمرو إن الله يقول :( يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها )فقال : جابر بن عبد الله : إنكم تجعلون الخاص عاما، هذه للكفار اقرؤوا ما قبلها، ثم تلا ( إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها )هذه للكفار.
( الإحسان ١٦/٥٢٦-٥٢٧ح٧٤٨٣ )قال محققه : إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين
قال ابن حبان : سمعت الهيثم بن خلف الدوري ببغداد يقول : سمعت إسحاق ابن موسى الأنصاري يقول : سمعت سفيان بن عيينة يقول : سمعت عمرو بن دينار يقول : سمعت جابر بن عبد الله يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بأذني هاتين
وأشار بيده إلى أذنيه :" يخرج الله قوما من النار فيدخلهم الجنة ". فقال له رجل في حديث عمرو إن الله يقول :( يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها )فقال : جابر بن عبد الله : إنكم تجعلون الخاص عاما، هذه للكفار اقرؤوا ما قبلها، ثم تلا ( إن الذين كفروا لو أن لهم ما في الأرض جميعا ومثله معه ليفتدوا به من عذاب يوم القيامة ما تقبل منهم ولهم عذاب أليم يريدون أن يخرجوا من النار وما هم بخارجين منها )هذه للكفار.
( الإحسان ١٦/٥٢٦-٥٢٧ح٧٤٨٣ )قال محققه : إسناده صحيح على شرط مسلم، رجاله ثقات رجال الشيخين
قال مسلم : حدثنا يحيى بن يحيى وإسحاق بن إبراهيم وابن أبي عمر ( واللفظ ليحيى )( قال ابن أبي عمر : حدثنا. وقال : الآخران : أخبرنا سفيان بن عيينة )
عن الزهري، عن عمرة، عن عائشة قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقطع السارق في ربع دينار فصاعدا.
( الصحيح ٣/١٣١٢ح١٦٨٤ - ك الحدود، ب حد السرقة ونصابها )، وأخرجه البخاري في ( الصحيح ١٢/٩٦ح٦٧٨٩-٦٧٩١ - ك الحدود، ب قوله تعالى ( والسارق والسارقة.. ) ).
وقال مسلم : حدثنا يحيى بن يحيى. قال : قرأت على مالك عن نافع، عن ابن عمر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع سارقا في مجن قيمته ثلاثة دراهم.
( صحيح مسلم ٣/١٣١٢، ١٣١٣ -ك الحدود، ب حد السرقة ونصابها ح ١٦٨٤، ١٦٨٦ )وأخرجه البخاري ( الصحيح ١٢/٩٧ح٦٧٩٧، ٦٧٩٨ ).
وقال مسلم : وحدثني أبو الطاهر وحرملة بن يحيى ( واللفظ لحرملة ) قالا : أخبرنا ابن وهب. قال : أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب. قال : أخبرني عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم : أن قريشا أهمهم شأن المرأة التي سرقت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة الفتح، فقالوا : من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقالوا : ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد، حب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فأتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمه فيها أسامة بن زيد، فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :" أتشفع في حد من حدود الله ؟ " فقال له أسامة : استغفر لي يا رسول الله ! فلما كان العشي قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختطب، فأثنى على الله. بما هو أهله، ثم قال :" أما بعد، فإنما أهلك الذين من قبلكم، أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف، تركوه. وإذا سرق فيهم الضعيف، أقاموا عليه الحد. وإني والذي نفسي بيده لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ". ثم أمر بتلك المرأة التي سرقت فقطعت يدها. قال يونس : قال ابن شهاب : قال عروة : قالت عائشة : فحسنت توبتها بعد وتزوجت وكانت تأتيني بعد ذلك. فأرفع حاجتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
( صحيح مسلم ٣/١٣١٥- ك الحدود، ب قطع السارق الشريف وغيره )، وأخرجه البخاري في ( الصحيح١٢/٨٧ح٦٧٨٨ - ك الحدود، ب كراهية الشفاعة في الحد... ).
أخرج آدم ابن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد :( فمن تاب من بعد ظلمه )يقول : الحد كفارة.
انظر حديث الترمذي عن أبي ذر الآتي عند الآية ( ٤٤ ) من سورة الإسراء. وهو حديث :" أطت السماء... " ).
قال مسلم : حدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة، كلاهما عن أبي معاوية، قال يحيى : أخبرنا أبو معاوية عن الأعمش، عن عبد الله بن مرة، عن البراء بن عازب قال : مر على النبي صلى الله عليه وسلم بيهودي محمما مجلودا، فدعاهم صلى الله عليه وسلم فقال :" هكذا تجدون حد الزاني في كتابكم ؟ ". قالوا : نعم. فدعا رجلا من علمائهم، فقال :
" أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى، أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم ؟ ".
قال : لا. ولولا أنك نشدتني بهذا لما أخبرتك. نجده الرجم. ولكنه كثر في أشرافنا فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه، وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد. قلنا : تعالوا فلنجتمع على شيء نقيمه على الشريف والوضيع، فجعلنا التحميم والجلد مكان الرجم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" اللهم إني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه ". فأمر به
فرجم. فأنزل الله عز وجل :( يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر ) إلى قوله :( إن أوتيتم هذا فخذوه ). يقول : ائتوا محمدا صلى الله عليه وسلم، فإن أمركم بالتحميم والجلد فخذوه، وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا فأنزل الله تعالى :( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون )( ٥ /المائدة /٤٤ ). ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون )( ٥ /المائدة /٤٥ ). ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون )( ٥ /المائدة ٤٧ ) في الكفار كلها.
( صحيح مسلم ٣/٢٧١٣ح١٧٠٠- ك الحدود، ب رجم اليهود، أهل الدمة، في الزنى ). محمما : مسود الوجه، من الحمحمة : الفحممة، وجمعها حمم. ( النهاية لابن الأثير ١-٤٤٤ ).
أخرج آدم ابن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد ( آمنا بأفواههم )قال يقول : هم المنافقون ( سماعون لقوم آخرين )قال : هم أيضا سماعون لليهود.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن ابن عباس قوله ( يحرفون الكلم )يعني يحرفون حدود الله في التوراة.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد ( إذ أوتيتم هذا )إن وافقكم هذا فخذوه. يهود تقوله للمنافقين.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن ابن عباس ( وإن لم تؤتوه فاحذروا ) يقول : إن أمركم محمد بما أنتم عليه فاقبلوه وإذ خالفكم فاحذروه.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن ابن عباس قوله :( ومن يرد الله فتنته )يقول : من يرد الله ضلالته ( فلن تملك )لن تغني.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن ابن عباس ( قلوبهم )إنما سمي القلب لتقلبه.
انظر حديث مسلم عن قبيصة بن مخارق الآتي تحت الآية ( ٦٠ ) من سورة التوبة عند قوله :( والغارمين ).
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أحمد بن منصور المروزي، ثنا النضر بن شميل، أنبا حماد بن سلمة، عن قيس بن سعد، عن عطاء، عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" إن مهر البغي، وثمن الكلب والسنور، وكسب الحجام من السحت ".
( التفسير - سورة المائدة آية ٤٢ح٤٣ ) و إسناده حسن كما قال محققه. وأخرجه الطبري( التفسير ١٠/٣٢٠ح١١٩٥٦ ) من طريق طلحة عن أبي هريرة به. وعزاه السيوطي لابن مردويه والديلمي والخطيب في تاريخه نحوه( الدر المنثور ٢/٢٤٨ ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة :( سماعون للكذب أكالون للسحت )
قال : كان هذا في حكام اليهود بين أيديكم، كانوا يسمعون الكذب ويقبلون الرشى.
أخرج آدم ابن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله تعالى :( أكالون للسحت )قال الرشوة في الحكم وهم يهود.
قوله تعالى ( فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم... )
قال ابن أبي حاتم : حدثنا محمد بن عمار بن الحارث، ثنا سعيد بن سليمان، ثنا عباد بن العوام عن سفيان بن حسين عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس قال : آيتان نسختا من هذه السورة _ يعني المائدة _ آية القلائد، وقوله :( فاحكم بينهم أو أعرض عنهم ). وكان النبي صلى الله عليه وسلم مخيرا إن شاء حكم بينهم وإن شاء أعرض عنهم، فردهم إلى أحكامهم فنزلت ( وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم )فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحكم بينهم بما في كتابنا.
( التفسير - المائدة / آية ٤٢ح٥١ )، وأخرجه النحاس في ( الناسخ والمنسوخ ص ١٦٠ )، والطبراني ( المعجم الكبير ١١/٦٣ح١١٠٥٤ )والحاكم ( المستدرك ٢/٣١٢ )وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. والبيهقي في سننه ( ٨/٢٤٩ )كلهم من طريق عباد بن العوام به. قال أبو جعفر النحاس : وهذا إسناد مستقيم. وقال محقق ابن أبي حاتم : رجاله كلهم ثقات، والإسناد صحيح ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة ( فإن جاءوك فاحكم بينهم ) يقول : إن جاءوك، فاحكم بينهم بما أنزل الله، أو أعرض عنهم. فجعل الله في ذلك رخصة إن شاء حكم بينهم، وإن شاء أعرض عنهم.
قوله تعالى ( و إن حكمت فاحكم بينهم بالقسط )
أخرج أبو داود : حدثنا محمد بن العلاء، ثنا عبيد الله -يعني ابن موسى _ عن علي بن صالح، عن سماك بن حرب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال : كان قريظة والنضير، وكان النضير أشرف من قريظة، فكان إذا قتل رجل من قريظة رجلا من النضير قتل به، وإذا قتل رجل من النضير رجلا من قريظة فودي بمائة وسق من تمر، فلما بعث النبي صلى الله عليه وسلم قتل رجل من النضير رجلا من قريظة، فقالوا : ادفعوه إلينا نقتله، فقالوا : بيننا وبينكم النبي صلى الله عليه وسلم فأتوه، فنزلت ( وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط ) والقسط : النفس بالنفس، ثم نزلت ( أفحكم الجاهلية يبغون ). قال أبو داود : قريظة والنضير جميعا من ولد هارون النبي عليه السلام.
( السنن ٤/١٦٨ح٤٤٩٤ - ك الديات، ب النفس بالنفس )، وأخرجه النسائي في ( سننه ٨/١٨-١٩ - ك القسامة، ب تأويل قول الله تعالى ( وإن حكمت فاحكم بينهم بالقسط )، وابن حبان في صحيحه ( الإحسان ١١/٤٤٢ح٥٠٥٧ )، والحاكم في ( المستدرك ٤/٣٦٦ ) وابن أبى حاتم من تفسيره ( ٥/١٠٧ح٥٩ ) من طرق عن عبيد الله بن موسى به. قال الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي وصححه الألباني في ( صحيح سنن أبي داوود ٣/٨٤٣ح٣٧٤٠ )
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله. ( وكيف يحكمونك وعندهم التوراة فيها حكم الله ) يعني. حدود الله، فأخبر الله بحكمه في التوراة.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن مقاتل بن حيان ( ثم يتولون من بعد ذلك ) يتولون عن الحق بعد البيان ( وما أولئك بالمؤمنين ) اليهود.
أخرج ابن أبي حاتم بسنده الحسن عن مقاتل بن حيان ( هدى ونور ) هدى من الضلالة، ونور من العمى ( يحكم به النبيون ) يحكمون بما في التوراة من لدن موسى وعيسى.
انظر حديث مسلم عن البراء بن عازب المتقدم عند الآية ( ٤١ ) من السورة نفسها. وانظر حديث أحمد عن وائلة بن الأسقع المتقدم عند الآية ( ٣-٤ ) من سورة آل عمران.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله ( الربانيون ) فقهاء اليهود، ( والأحبار ) علماؤهم
انظر حديث مسلم السابق تحت الآية رقم ( ٤١ ) من سورة المائدة.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) قال من جحد ما أنزل الله فقد كفر. ومن أقر به و لم يحكم، فهو ظالم فاسق.
قال الطبري : حدثنا محمد بن بشار قال، حدثنا عبد الرحمن قال، حدثنا سفيان عن ابن جريج عن عطاء قوله ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ) ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ) ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون ) قال : كفر دون كفر، وفسق دون فسق، وظلم دون ظلم.
وسنده صحيح ورجاله ثقات.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :( وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص ) قال : إن بني إسرائيل لم تجعل لهم دية فيما كتب الله لموسى في التوراة من نفس قتلت، أو جرح، أو سن، أو عين، أو أنف، إنما هو القصاص، أو العفو.
قال البخاري : حدثني محمد بن سلام، أخبرنا الفزاري عن حميد عن أنس رضي الله عنه قال : كسرت الربيع - وهي عمة أنس بن مالك - ثنية جارية من الأنصار. فطلب القوم القصاص، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالقصاص، فقال : أنس بن النضر عم أنس بن مالك : لا والله لا تكسر سنها يا رسول الله، فقال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يا أنس كتاب الله القصاص ". فرضي القوم وقبلوا الأرش، فقال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره ".
( صحيح البخاري ٨/١٢٤ح٤٦١١-ك التفسير – سورة المائدة ).
قال مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا عفان بن مسلم، حدثنا حماد، أخبرنا ثابت عن آنس، أن أخت الربيع، أم حارثة، جرحت إنسانا، فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله وسلم :" القصاص، القصاص " فقالت أم الربيع : يا رسول الله أيقتص من فلانة ؟ والله لا يقتص منها. فقال النبي صلى الله عليه وسلم :" سبحان الله يا أم الربيع، القصاص كتاب الله " قالت : لا. والله لا يقتص منها أبدا. قال : فما زالت حتى قبلوا الدية. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره ".
( صحيح مسلم ٣/١٣٠٢ح١٦٧٥-ك القسامة، إثبات القصاص في الأسنان وما في معناها ).
قال أحمد : حدثنا يعقوب، حدثنا أبي، عن محمد بن إسحاق، فذكر حديثا وذكر عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قال : قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجل طعن رجلا بقرن في رجله، فقال : يا رسول الله أقدني، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تعجل حتى يبرأ جرحك " قال : فأبى الرجل إلا أن يستقيد، فأقاده رسول الله صلى الله عليه وسلم منه، قال : فعرج المستقيد وبرأ المستقاد منه، فأتى المستقيد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له : يا رسول الله عرجت وبرأ صاحبي ؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم :" ألم آمرك أن لا تستقيد حتى يبرأ جرحك فعصيتني فأبعدك الله، وبطل جرحك ". ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الرجل الذي عرج من كان به جرح أن لا يستقيد حتى تبرأ جراحته، فإذا برئت جراحته استقاد.
( المسند رقم ٧٠٣٤ )وصححه محققه، وأخرجه الدارقطني ( السنن ٣/٨٨ح٢٤ - ك الحدود والديات )، والبيهقي ( السنن ٨/٦٧-٦٨- ك الجنايات، ب الاستثناء بالقصاص... ) كلاهما عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب به. وقال الهيثمي : رجاله ثقات( مجمع الزوائد ٦/٢٩٥ )، وصححه الألباني وساق له عدة شواهد يتقوى بها. ( إرواء الغليل ٧/٢٩٨ ).
قال أبو داود : حدثنا أحمد بن حنبل و مسدد، قالا : ثنا يحيى بن سعيد، أخبرنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن قيس بن عباد، قال :
انطلقت أنا والأشتر إلى علي عليه السلام، فقلنا : هل عهد إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا لم يعهده إلى الناس عامة : قال : لا، إلا ما في كتابي هذا، قال مسدد : قال : فأخرج كتابا، وقال أحمد : كتابا من قراب سيفه، فإذا فيه " المؤمنون تتكافأ دماؤهم، وهم يد على من سواهم، ويسعى بذمتهم أدناهم، ألا لا يقتل مؤمن بكافر، ولا ذو عهد في عهده، من أحدث حدثا فعلى نفسه، ومن أحدث حدثا أو آوى محدثا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ". قال مسدد : عن ابن أبي عروبة فأخرج كتابا.
( السنن ٤/١٨٠-١٨١ ح ٤٥٣٠ - ك الديات، ب إيقاد المسلم بالكافر )، وأخرجه النسائي ( السنن ٨/١٩ - ك القسامة، ب القود بين الأحرار والمماليك في النفس ) من طريق محمد بن المثنى عن يحيى بن سعيد به. قال الألباني : صحيح ( صحيح أبى داود ح ٣٧٩٧ )، وأخرجه أحمد ( المسند ح٩٥٩ ) من حديث الأشق عن علي مطولأ بنحوه، وفيه موضع الشاهد. وصححه محققه وأخرجه الحاكم في ( المستدرك ٢/١٤١ ) من طريق أحمد، ثم قال : صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وأخرجه ابن حبان في صحيحه ( الإحسان ١٣/٣٤٠-٣٤١ح٥٩٩٦ ) من حديث مجاهد عن ابن عمر مطولا جدا، وفيه موضع الشاهد أيضا، قال محققه : إسناده حسن
قوله تعالى ( فمن تصدق به فهو كفارة له )
قال النسائي : أنا علي بن حجر، عن جرير، عن مغيرة، عن الشعبي، عن ابن الصامت قال : قال : رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من تصدق من جسده بشيء كفر الله عنه بقدر ذلك من ذنوبه ".
( التفسير ١/٤٣٩ح١٦٦ ) قال محققه : صحيح. وأخرجه أحمد ( السنن٥/٣١٦ ) من حديث هشيم عن مغيرة بنحو وقال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح، وعزاه مرة لعبد الله به أحمد والطبراني بلفظ : " من تصدق بشيء من جسده أعطى بقدر ما صدق به ". ثم قال : ورجال المسند رجال الصحيح ( مجمع الزوائد ٦/٣٠٢ ). وقال الألباني : صحيح ( صحيح الجامع ح٥٥٨٩ ). وللحديث شواهد كثيرة من عدة من الصحابة ( انظر تفصيل القول عن هذه الشواهد : حاشية تفسير النسائي ١/٤٣٩-٤٤١ ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله ( فمن تصدق به فهو كفارة له ) قال _ كفارة للمتصدق عليه.
انظر حديث واثلة بن الأسقع المتقدم عند الآية ٣-٤ من سورة آل عمران.
قال الشيخ الشنقيطي : لم يبين هنا شيئا مما أنزل الله في الإنجيل الذي أمر أهل الإنجيل بالحكم به وبين في موضع أخر أن من ذلك البشارة بمبعث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ووجوب إتباعه والإيمان به كقوله :( وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدى اسمه أحمد ) وقوله تعالى ( الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل ) الآية إلى غير ذلك من الآيات.
قوله تعالى ( ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون )
أنظر حديث مسلم تحت الآية رقم ( ٤١ ) من نفس السورة.
انظر حديث أحمد عن واثلة بن الأسقع المتقدم عند الآية ( ٣-٤ ) من سورة آل عمران.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :( ومهيمنا عليه ) قال : والمهيمن الأمين. قال : القرآن أمين على كل كتاب قبله. أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله
( ومهيمنا عليه ) قال :شهيدا عليه.
وصح أيضا عن ابن عباس فيما رواه الطبري.
قوله تعالى ( فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من ا لحق )
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :( فأحكم بينهم بما أنزل الله ) يقول : بحدود الله ( ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق ).
قوله تعالى ( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا )
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله ( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ) يقول : سبيلا وسنة.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله :( لكل جعلنا منكم
شرعة ومنهاجا ) قال : الدين واحد والشريعة مختلفة.
قوله تعالى ( فاستبقوا الخيرات )
انظر سورة البقرة آية ( ١٤٨ )
أخرج الطبري بسنده الحسن من طريق ابن إسحاق عن ابن عباس قال :
قال كعب بن أسد، وابن صوريا، وشأس بن قيس، بعضهم لبعض :
أذهبوا بنا إلى محمد، لعلنا نفتنه عن دينه ! فأتوه فقالوا : يا محمد، إنك قد عرفت أنا أحبار اليهود وأشرافهم وسادتهم وأنا إن اتبعناك اتبعنا اليهود ولم يخالفونا، وإن بيننا وبين قومنا خصومة، فنحاكمهم إليك، فتقضي لنا عليهم، ونؤمن لك ونصدقك ! فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله فيهم ( وأن احكم بينهم بما أنزل الله إليك ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك ) إلى قوله ( لقوم يوقنون ).
انظر حديث أبي داود المتقدم عند الآية رقم ( ٤٢ ) من ا لسورة نفسها.
أخرج آدم ابن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله ( أفحكم الجاهلية يبغون ) قال : يهود.
قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ) ذكر تعالى هذه في الآية الكريمة أن اليهود والنصارى بعضهم أولياء بعض، ولكنه بين في مواضع أخر أن ولاية بعضهم لبعض زائفة ليست خالصة، لأنها لا تستند على أساس صحيح، هو دين الإسلام، فبين
أن العداوة والبغضاء بين النصارى دائمة إلى يوم القيامة، بقوله :( ومن الذين قالوا إنا نصارى أخذنا ميثاقهم فنسوا حظا مما ذكروا به فأغرينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة ) وبين مثل ذلك في اليهود أيضا، حيث قال فيهم :( وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا وألقينا بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة ). والظاهر أنها في اليهود فيما بينهم، كما هو صريح السياق، خلافا لمن قال إنها بين اليهود والنصارى. وصرح تعالى بعدم اتفاق اليهود معللا له بعدم عقولهم في قوله :( تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى ذلك بأنهم قوم لا يعقلون ).
وقال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى ( ومن يتولهم منكم فإنه منهم ) ذكر في هذه الآية الكريمة، أن من تولى اليهود والنصارى من المسلمين فإنه يكون منهم بتوليه إياهم ؛ وبين في موضع أخر أن توليهم موجب لسخط الله، والخلود في عذابه، وأن متوليهم لو كان مؤمنا ما تولاهم، وهو قوله تعالى :( ترى كثيرا منهم يتولون الذين كفروا لبئس ما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ولكن كثيرا منهم فاسقون ). ونهى في موضع آخر عن توليهم مبينا سبب التنفير منه ؛ وهو قوله ( يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم، قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور ) وبين في موضع آخر : أن محل ذلك، فيما إذا لم تكن الموالاة بسبب خوف وتقية، وإن كانت بسبب ذلك فصاحبها معذور، وهو قوله تعالى ( لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ) فهذه الآية الكريمة فيها بيان لكل الآيات القاضية بمنع موالاة الكفار مطلقا وإيضاح، لأن محل ذلك في حالة الاختيار، وأما عند الخوف والتقية، فيرخص في موالاتهم
بقدر المداراة التي يكفى بها شرهم، ويشترط في ذلك سلامة الباطن من تلك الموالاة.
ومن يأتي الأمور على اضطرار فليس كمثل آتيها اختيار
ويفهم من ظواهر هذه الآيات أن من تولى الكفار عمدا اختيارا، رغبة فيهم أنه كافر مثلهم.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله تعالى ( فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم ) قال : المنافقون، في مصانعة اليهود ومناجاتهم، واسترضاعهم أولادهم إياهم وقول الله تعالى ذكره ( نخشى أن تصيبنا دائرة ) قال يقول : نخشى أن تكون الدائرة لليهود.
أنظر سورة البقرة آية ( ١٠ ) عند قوله تعالى ( في قلوبهم مرض )
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن قتادة ( فعسى الله أن يأتي بالفتح ) قال بالقضاء.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي ( فعسى الله أن يأتي بالفتح ) قال : فتح مكة.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة ( فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم نادمين ) من موادتهم اليهود، ومن غشهم للإسلام وأهله.
قال الشيخ الشنقيطي : وبين الله تعالى في موضع آخر أن سبب حلفهم بالكذب للمسلمين أنهم منهم، إنما هو الفرق أي الخوف، وأنهم لو وجدوا محلا يستترون فيه عن المسلمين لسارعوا إليه، لشدة بغضهم للمسلمين، وهو قوله ( ويحلفون بالله إنهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون لو يجدون ملجأ أو مغارات أو مدخلا لولوا إليه و هم يجمحون )ففي هذه الآية بيان سبب أيمان المنافقين ونظيرها قوله :( اتخذوا أيمانهم جنة ). وبين تعالى في موضع أخر، أنهم يحلفون تلك الأيمان ليرضى عنهم المؤمنون وأنهم إن رضوا عنهم، فإن الله لا يرضى عنهم وهو قوله ( يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين ).
قال ابن كثير : يقول الله تعالى مخبرا عن قدراته العظيمة أنه من تول عن نصرة دينه وإقامة شريعته فإن الله يستبدل به من هو خير لها منه وأشد منعة وأقوم سبيلا كما قال تعالى ( وإن تتولوا يستبدل قوما غيركم ثم لا يكونوا أمثالكم )وقوله تعالى ( إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد وما ذلك على الله بعزيز )أي : بممتنع ولا صعب.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ( يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه )الآية، وعيد من الله أنه من ارتد منكم أنه سيستبدل خيرا منهم.
قال الحاكم : أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السماك ببغداد، ثنا عبد الملك بن محمد الرقاشي، ثنا وهب بن جرير وسعيد بن عامر ( قالا ) ثنا شعبة عن سماك بن حرب قال : سمعت عياضا الأشعري يقول : لما نزلت ( فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه )قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هم قومك يا أبا موسى ". وأومى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلى أبي موسى الأشعري.
هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ( المستدرك ٢/٣١٣ ) وصححه الذهبي وابن الملقن، وأخرجه الطبراني في ( المعجم الكبير ١٧/٣٧١ح١٠١٦ )، وأبو بكر ابن أبي شيبة في مسنده - كما في إتحاف الخيرة ( ١/١٦٣ح١٠٣ )، الطبري في ( تفسيره ١/٤١٤-٤١٥ح١٢١٨٨، ١٢١٩٢ )، وابن حاتم في ( تفسيره ٥/١٦٩ح٢٦٦ ) كلهم من طريق شعبة به. وعزاه الهيثمي إلى الطبراني وقال : رجاله رجال الصحيح. ( مجمع الزوائد ٧/١٦ )، وقال البوصيري في الإتحاف : هذا إسناد رواته ثقات.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ( أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين )يعني بالأذلة : الرحماء.
قوله تعالى ( ولا يخافون لومة لائم )
قال ابن ماجة : حاثنا عمران بن موسى، أنبأنا حماد بن زيد، ثنا علي بن زيد ابن جدعان، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام خطيبا، فكان فيما قال : " ألا، لا يمنعن رجلا هيبة الناس أن يقول بحق إذا علمه ". قال : فبكى أبو سعيد، وقال : قد والله رأينا أشياء، فهبنا.
( السنن ح٤٠٠٧ - ك الفتن، ب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر )، وأخرجه الترمذي ( السنن ح ٢١٩١ - ك الفتن، ب ما جاء ما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بما هو كائن إلى يوم القيامة )بإسناد ابن ماجة نفسه في حديث طويل وفيه موضع الشاهد. قال أبو عيسى : حديث حسن صحيح. وصححه الشيخ الألباني ( صحيح ابن ماجة رقم ٣٢٣٧ ) وقد توبع علي بن زيد على إسناد هذا الحديث، فأخرجه أحمد ( المسند ٣/٥ ) من طريق سليمان بن طرخان، و ( ٣ / ٤٤ ) من طريق أبي سلمة، و ( ٣/٤٦-٤٧ ) من طريق المستمر بن الريان، كلهم عن أبي نضرة به. وأخرجه أحمد ( المسند ٣/٨٧ )، وابن حبان في صحيحه ( الإحسان ١/٥٠٩ح٢٧٥ ) من طرق عن خالد بن عبد الله، عن الجريري عن أبي نضرة به. وخالد بن عبد الله هو الواسطي، وقد أخرج البخاري ومسلم روايته عن الجريري. قال محقق الإحسان : إسناده صحيح، رجاله رجال مسلم إلا الجريري وقد أخرجه أبو يعلى في مسنده ( ٢/٥٣٦ح١٤١١ ) ضمن حديث طويل، من طريق الحسن عن أبى سعيد، وفيه قوله : حدثنا أبو سعيد. قال الهيثمي : رواه أبو يعلى ورجاله رجال صحيح ( مجمع الزوائد ٧/٢٧٤ ).
قال أحمد : ثنا يزيد بن عبد ربه قال : ثنا الوليد بن مسلم قال : ثنا الأوزاعي، عن عبد الله بن فيروز الديلمي، عن أبيه أنهم أسلموا أو كان فيمن أسلم فبعثوا وفدهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ببيعتهم وإسلامهم فقبل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم فقالوا يا رسول الله نحن من قد عرفت وجئنا من حيث قد علمت وأسلمنا فمن ولينا ؟ قال :" الله ورسوله ". قالوا حسبنا رضينا.
( المسند ٤/٢٣٢ )، وأخرجه أبو يعلي في ( مسنده ١٢/٢٠٣ح٦٨٢٥ ) من طريق الأوزاعي، والطبراني في ( الكبير ١٨/٣٢٩ح٨٤٦ ) مطولا من طريق إسماعيل بن عياش، كلاهما عن يحيى السيباني عن ابن الديلمي به. وعزاه الهيثمي لأحمد وأبي يعلى والطبراني، وقال : ورجال أحمد رجال الصحيح غير عبد الله بن فيروز وهو ثقة ( مجمع الزوائد ٩/٤٠٦ )وصحح إسناده محقق مسند أبي يعلى.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس :( إنما وليكم الله ورسوله والذين امنوا )يعني : أنه من أسلم تولى الله ورسوله.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي قال : أخبرهم يعني الرب تعالى ذكره من الغالب فقال : لا تخافوا الدولة والدائرة فقال ( ومن يتول الله ورسوله والذين امنوا فإن حزب الله هم الغالبون )و ( الحزب ) هم الأنصار.
أخرج الطبري بسنده الحسن من طريق ابن إسحاق عن ابن عباس : قال كان رفاعة بن زيد في التابوت وسويد بن الحارث قد أظهرا الإسلام ثم نافقا، وكان رجال من المسلمين يرادونهما فأنزل الله فيهما ( يا أيها الذين امنوا لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء ) إلى قوله تعالى ( و الله أعلم بما كانوا يكتمون ).
أخرج الطبري بسنده الحسن من طريق ابن إسحاق عن ابن عباس قال : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم نفر من اليهود فيهم أبو ياسر بن أخطب، و رافع بن أبي رافع، وعازر، و زيد، و خالد، و أزار بن أبي أزار، و أشيع، فسألوه عمن يؤمن به من الرسل ؟ قال : أومن بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى وما أوتي النبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون. فلما ذكر عيسى جحدوا نبوته وقالوا : لا نؤمن بمن آمن به. فأنزل الله فيهم :( قل يا أهل الكتاب هل تنقمون منا إلا أن آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل وأن أكثركم فاسقون ).
قال مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب( واللفظ لأبي بكر ). قالا : حدثنا وكيع، عن مسعر، عن علقمة بن مرثد، عن المغيرة بن عبد الله اليشكري، عن المعرور بن سويد، عن عبد الله، قال : قالت أم حبيبة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم : اللهم أمتعني بزوجي، رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبأبي أبي سفيان، وبأخي، معاوية قال : فقال : النبي صلى الله عليه وسلم : " قد سألت الله لآجال مضروبة، وأيام معدودة، و أرزاق مقسومة. لن يعجل شيئا قبل حله. أو يؤخر شيئا عن حله. ولو كنت سألت الله أن يعيذك من عذاب في النار، أو عذاب في القبر كان خيرا وأفضل ". قال : وذكرت عنده القردة. قال مسعر : وأراه قال : والخنازير من مسخ. فقال :" إن الله لم يجعل لمسخ نسلا ولا عقبا. وقد كانت القردة والخنازير قبل ذلك ".
( الصحيح ٤/٢٠٥٠-٢٠٥١ح٢٦٦٣- ك القدر، ب بيان أن الآجال والأرزاق وغيرها لا تزيد ولا تنقص... ).
أخرج ادم ابن أبي إياس بسنده الصحيح عن مجاهد في قوله ( وجعل منهم القردة والخنازير )قال : مسخت من يهود.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة في قوله ( وإذا جاؤوكم قالوا آمنا )الآية، أناس من اليهود، كانوا يدخلون على النبي صلى الله عليه وسلم فيخبرونه أنهم مؤمنون راضون بالذي جاء به، وهم متمسكون بضلالتهم والكفر، وكانوا يدخلون بذلك ويخرجون به من عند نبي الله صلى الله عليه وسلم.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي نحوه.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي في قوله ( وترى كثيرا منهم يسارعون في الإثم والعدوان )قال :( الإثم )، الكفر.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله ( وترى كثيرا منهم يسارعون في الإثم والعدوان )وكان هذا في حكام اليهود بين أيديكم.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة في قوله ( وأكلهم السحت )قال : الرشا.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس :( لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الإثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون )يعني : الربانيين، أنهم : لبئس ما كانوا يصنعون.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :( وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا )، قال : ليس يعنون بذلك أن يد الله موثقة، ولكنهم يقولون : إنه بخيل أمسك ما عنده، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا.
قوله تعالى ( بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء )
قال البخاري : حدثنا علي بن عبد الله، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر عن همام، حدثنا أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن يمين الله ملأى لا يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار، أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض فإنه لم ينقص ما في يمينه، وعرشه على الماء، وبيده الأخرى الفيض _ أو القبض _ يرفع ويخفض ".
( صحيح البخاري ١٣/٤١٤ح٧٤١٩ - ك التوحيد، ب ( وكان عرشه على الماء.. ) )، ( وصحيح مسلم ٢/٦٩٠ -ك الزكاة، ب الحث على النفقة، من طريق الأعرج عن أبي هريرة بنحوه ).
قوله تعالى ( وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا )
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة ( وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا )حملهم حسد محمد صلى الله عليه وسلم والعرب على أن كفروا به، وهم يجدونه مكتوبا عندهم.
قوله تعالى ( كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا )
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة ( كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون في الأرض فسادا )أولئك أعداء الله اليهود، كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله، فلن تلقى اليهود ببلد إلا وجدتهم من أذل أهله، لقد جاء الإسلام حين جاء، وهم تحت أيدي المجوس أبغض خلقه إليهم.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله ( ولو أن أهل الكتاب أمنوا واتقوا )يقول : آمنوا بما أنزل الله، واتقوا ما حرم الله ( لكفرنا عنهم سيئاتهم ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس ( ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم )يعني : لأرسل السماء عليهم مدرارا ( ومن تحت أرجلهم )تخرج الأرض بركتها.
قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى ( ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم، ومن تحت أرجلهم ) ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أن أهل الكتاب لو أطاعوا الله، وأقاموا كتابهم بإتباعه، والعمل بما فيه ليسر الله لهم الأرزاق وأرسل عليهم المطر، وأخرج لهم ثمرات الأرض. وبين في مواضع أخر أن ذلك ليس خاصا بهم كقوله عن نوح وقومه ( فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم انهارا )وقوله عن هود وقومه ( ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم )الآية. وقوله عن نبينا عليه الصلاة والسلام وقومه ( وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ).
قال ابن ماجة : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، ثنا وكيع، ثنا الأعمش، عن سالم بن أبي الجعد، عن زياد بن لبيد قال : ذكر النبي صلى الله عليه وسلم شيئا، فقال :" ذاك عند أوان ذهاب العلم " قلت : يا رسول الله. ؛ وكيف يذهب العلم ونحن نقرأ القران ونقرئه أبناءنا ويقرئه أبناؤنا أبناءهم، إلى يوم القيامة ؟ قال :" ثكلتك أمك، زياد إن كنت لأراك من أفقه رجل بالمدينة، أو ليس هذه اليهود والنصارى يقرأون التوراة والإنجيل، لا يعملون بشيء مما فيهما ؟ ".
( السنن٢/١٣٤٤ح٤٠٤٨-ك الفتن، ذهاب القرآن والعلم )، وأخرجه أحمد( المسند٤/١٦٠ ) عن وكيع عن الأعمش به. و ذكره ابن كثير في تفسيره ( ٣/١٤٠ )و قال : هذا إسناد صحيح. و صححه الألباني( صحيح ابن ماجة ح ٣٢٧٢ ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قال الله ( منهم أمة مقتصدة ) يقول على كتابه و أمره، ثم ذم أكثر القوم فقال :( وكثير منهم ساء ما يعملون ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي :( منهم أمة مقتصدة ) يقول : مؤمنة.
قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك )الآية. أمر تعالى في هذه الآية نبيه صلى الله عليه وسلم بتبليغ ما أنزل إليه، وشهد له بالامتثال في آيات متعددة، كقوله :( اليوم أكملت لكم دينكم )وقوله :( وما على الرسول إلا البلاغ )، وقوله :( فتول عنهم فما أنت بملوم )ولو كان يمكن أن يكتم شيئا لكتم قوله تعالى ( وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه )، فمن زعم أنه صلى الله عليه وسلم، كتم حرفا مما أنزل عليه، فقد أعظم الافتراء على الله، وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم.
قال البخاري : حدثنا محمد بن يوسف، حدثنا سفيان عن إسماعيل عن الشعبي عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت : من حدثك أن محمدا صلى الله عليه وسلم كتم شيئا مما أنزل عليه فقد كذب، والله يقول ( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك ) الآية
( صحيح البخاري ٨/١٢٤ح٤٦١٢ - ك التفسير - سورة المائدة، ب الآية )، وأخرجه مسلم في ( الصحيح ١/١٥٩ح١٧٧ مطولا - ك الإيمان، ب معنى قوله تعالى ( ولقد رآه نزلة أخرى ) ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته )، يعني إن كتمت آية مما أنزل عليك من ربك، لم تبلغ رسالاتي.
قوله تعالى ( والله يعصمك من الناس )
قال مسلم : حدثنا عبد بن حميد، أخبرنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر عن الزهري، عن أبي سلمة، عن جابر. ح وحدثني أبو عمران، محمد بن جعفر بن زياد ( واللفظ له ). أخبرنا إبراهيم ( يعني ابن سعد ) عن الزهري، عن سنان بن أبي سنان الدؤلي، عن جابر بن عبد الله قال : غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة قبل نجد، فأدركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في واد كثير العضاه، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة فعلق سيفه بغصن من أغصانها، قال : وتفرق الناس في الوادي يستظلون بالشجر، قال : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن رجلا أتاني وأنا نائم فأخذ السيف فاستيقظت وهو قائم على رأسي فلم أشعر إلا والسيف صلتا في يده، فقال لي : من يمنعك مني ؟ قال : قلت :" الله ". ثم قال في الثانية : من يمنعك مني ؟. قال : قلت : " الله ". قال : " فشام السيف، فها هو ذا جالس " ثم لم يعرض له رسول الله صلى الله عليه وسلم.
( صحيح مسلم ٤/١٧٨٦ح٨٤٣ – ك الفضائل، ب توكله على الله تعالى، وعصمة الله تعالى له من الناس )، وأخرجه البخاري في ( الصحيح ٦/٩٦ح٢٩١٠ – ك الجهاد، ب من علق سيفه بالشجر )
قال البخاري : حدثنا إسماعيل بن خليل، أخبرنا علي بن مسهر، أخبرنا يحيى ابن سعيد، أخبرنا عبد الله بن عامر بن ربيعة قال : سمعت عائشة رضي الله عنها تقول : كان النبي صلى الله عليه وسلم سهر، فلما قدم المدينة قال : " ليت رجلا من أصحابي صالحا يحرسني الليلة ". إذ سمعنا صوت سلاح، فقال : " من هذا ؟ " فقال : أنا سعد بن أبي وقاص جئت لأحرسك. فنام النبي صلى الله عليه وسلم.
( الصحيح ٦/٩٥ح٢٨٨٥ - ك الجهاد والسير، ب الحراسة في الغزو في سبيل الله )، وأخرجه مسلم ( الصحيح ٤/١٨٧٥ح٢٤١٠-ك فضائل الصحابة، ب في فضل سعد بن أبي وقاص ).
قال أحمد. ثنا محمد بن جعفر قال : ثنا شعبة قال : سمعت أبا إسرائيل قال : سمعت جعدة قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم - ورأى رجلا سمينا فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يومئ إلى بطنه بيد. ويقول : " لو كان هذا في غير هذا لكان خيرا لك ". قال : وأتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل فقالوا : هذا أراد أن يقتلك فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : " لم ترع لم ترع ولو أردت ذلك لم يسلطك الله علي ".
( المسند ٣/٤٧١ )، وأخرجه الطبراني في ( الكبير ٢/٣١٩ ح ٢١٨٣ ) من طريق على بن الجعد، عن شعبة به مختصرا، قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح، غير أبي إسرائيل الجشمي، وهو ثقة ( مجمع الزوائد ٨/٢٢٧ ). وصحح إسناده الحافظ ابن حجر. ( تهذيب التهذيب ٢/٨١ ).
قال الحافظ ابن حجر : أخرج ابن أبي شيبة من طريق محمد بن عمرو عن أبي مسلمة عن آبي هريرة قال : كنا إذا نزلنا طلبنا للنبي صلى الله عليه وسلم أعظم شجرة وأظلها، فنزل تحت شجرة فجاء رجل فأخذ سيفه فقال : يا محمد من يمنعك مني ؟ قال : " الله ". فأنزل الله ( والله يعصمك من الناس ).
وهذا إسناد حسن ( الفتح ٦/٩٨ ).
قال الترمذي : حدثنا عبد بن حميد، حدثنا مسلم بن إبراهيم، حدثنا الحارث ابن عبيد عن سعيد الجريري عن عبد الله بن شقيق عن عائشة قالت : كان النبي صلى الله عليه وسلم يحرس حتى نزلت هذه الآية ( والله يعصمك من الناس ) فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من القبة، فقال لهم : " يا أيها الناس انصرفوا فقد عصمني الله ".
حدثنا نصر بن علي حدثنا مسلم بن إبراهيم بهذا الإسناد نحوه.
( السنن ٥ / ٢٥١ح ٣٠٤٦ - ك التفسير، ب ومن سورة المائدة ) وقال : غريب، وأخرجه الطبري ( التفسير ١٠/٤٦٩ح١٢٢٧٦ ) عن المثنى، وابن أبي حاتم ( التفسير - سورة المائدة آية ٦٧ - ح ٣٥٧ ) عن إبراهيم بن مرزوق البصري، والحاكم ( المستدرك ٢/٣١٣ ) من طريق محمد بن عيسى القاضي، كلهم عن مسلم ابن إبراهيم به. قال الحاكم : صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وقال الحافظ بن حجر : إسناده حسن ( فتح الباري٢/٨٢ ) وقال الألباني : حسن ( صحيح الترمذي ح ٢٤٤٠ ). وذكر ابن كثير لهذا الحديث شواهد عن أبي سعيد، وعصمة بن مالك وغيرهما ( التفسير٢/١٢٥-١٢٦ ).
قال ابن حجر : وقد روى ابن أبي حاتم أن الآية نزلت في سبب خاص، فأخرج بإسناد حسن من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال : جاء مالك بن الصيف وجماعة من الأحبار فقالوا : يا محمد ألست تزعم أنك على ملة إبراهيم وتؤمن بما في التوراة وتشهد أنها حق ؟ قال : بلى، ولكنكم كتمتم منها ما أمرتم ببيانه، فأنا أبرأ مما أحدثتموه. قالوا : فإنا نتمسك بما في أيدينا من الهدى والحق ولا نؤمن بك ولا بما جئت به، فأنزل الله هذه الآية.
( الفتح ٨/٢٦٩ ).
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس :( فلا تأس ) قال : فلا تحزن.
قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى ( وحسبوا ألا تكون فتنة فعموا وصموا ثم تاب الله عليهم ثم عموا وصموا كثيرا منهم والله بصير بما يعملون ) الآية. ذكر الله تعالى في هذه الآية الكريمة أن بني إسرائيل عموا وصموا مرتين تتخللهما توبة من الله عليهم، وبين تفصيل ذلك في قوله تعالى :( وقضينا إلى بني إسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض مرتين ) الآية. فبين جزاء عماهم وصممهم في المرة الأولى بقوله :( فإذا جاء وعد أولاهما، بعثنا عليكم عبادا لنا، أولي بأس شديد ) وبين جزاء عماهم، وصممهم في المرة الآخرة بقوله ( فإذا جاء وعد الآخرة ليسوءوا وجوهكم، وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبروا ما علوا تتبيرا ) وبين التوبة التي بينهما بقوله ( ثم رددنا لكم الكرة عليهم، وأمددناكم بأموال وبنين، وجعلناكم أكثر نفيرا )، ثم بين أنهم إن عادوا إلى الإفساد عاد إلى الانتقام منهم بقوله :( وإن عدتم عدنا ) فعادوا إلى الإفساد بتكذيبه صلى الله عليه وسلم، وكتم صفاته التي في التوراة، فعاد الله إلى الانتقام منهم فسلط عليهم نبيه صلى الله عليه وسلم فذبح مقاتلة بني قريظة، وسبى نساءهم وذراريهم وأجلى بني قينقاع، وبني النضير، كما ذكر تعالى طرفا من ذلك في سورة الحشر.
أخرج الطبري بسنده الحسن عن قتادة قوله ( وحسبوا ألا تكون فتنة ) الآية يقول : حسب القوم أن لا يكون بلاء ( فعموا وصموا ) كلما عرض بلاء ابتلوا به هلكوا فيه.
انظر سورة البقرة آية ( ١٨ ) عند قوله تعالى ( صم بكم عمي ).
بيانه في قوله تعالى :( إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر مادون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا ) النساء : ١١٦.
قال مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا أبو معاوية ووكيع عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم ".
( صحيح مسلم ١/٧٤ح٥٤ - ك الإيمان، ب بيان أنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون... )
أخرج الطبري بسنده الحسن عن السدي ( لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة )، قال : قالت النصارى هو والمسيح وأمه، فذلك قول الله تعالى ( أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ).
قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى ( وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام ) ذكر في هذه الآية الكريمة أن عيسي وأمه كانا يأكلان الطعام، وذكر في مواضع أخر، أن جميع الرسل كانوا كذلك، كقوله :( وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ) الآية، وقوله :( وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ) الآية.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد في قول الله تعالى ( وضلوا عن سواء السبيل ) قال : يهود
أخرج الطبري بسنده الحسن عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قوله :( لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ) يقول لعنوا في الإنجيل على لسان عيسي بن مريم، ولعنوا في الزبور على لسان داود.
أخرج الطبري بسنده الصحيح عن مجاهد قوله ( ولو كانوا يؤمنون بالله والنبي وما أنزل إليه ما اتخذوهم أولياء ) قال : المنافقون.
( لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين )
قال الطبري :" حدثني المثنى، قال : حدثنا عبد الله بن صالح، قال : حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس :( ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى )، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو بمكة، خافٍ على أصحابه من المشركين، فبعث جعفر بن أبي طالب، وابن مسعود، وعثمان بن مظعون، في رهط من أصحابه إلى النجاشي ملك الحبشة، فلما بلغ ذلك المشركين، بعثوا عمرو بن العاص في رهط منهم، ذكر أنهم سبقوا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي، فقالوا : إنه خرج فينا رجلٌ سفَّه عقولَ قريش وأحلامَها، زعم أنه نبيٌّ، وإنه بعث إليك رهطا، ليفسدوا عليك قومك، فأحببنا أن نأتيك ونخبرك خبرهم، قال : إن جاؤوني نظرت فيما يقولون. فقدم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمُّوا باب النجاشي، فقالوا : استأذن لأولياء الله، فقال : ائذن لهم، فمرحباً بأولياء الله، فلما دخلوا عليه سلَّموا، فقال له الرهط من المشركين : ألا ترى أيها الملك أنَّا صدَقْناك ؟ لم يُحيُّوك بتحيِّتك التي تُحيَّ بها. فقال لهم : ما منعكم أن تُحيُّوني بتحيِّتي ؟ فقالوا : إنا حيَّيناك بتحية أهل الجنة وتحية الملائكة. قال لهم : ما يقول صاحبكم في عيسى وأمه ؟ قال : يقول : هو عبد الله، وكلِمةٌ من الله ألقاها إلى مريم، وروحٌ منه. ويقول في مريم : إنَّها العذراءُ البتول. قال : فأخذ عوداً من الأرض، فقال : ما زاد عيسى وأمُّه على ما قال صاحبكم قَدْرَ هذا العود. فكرِه المشركون قولَه، وتغيَّرتْ وجوهُهم. قال لهم : هل تعرفون شيئا مما أُنزِل عليكم ؟ قالوا : نعم. قال : اقرأوا فقرءوا، وهنالك منهم قسيسون ورهبان وسائر النصارى، فعرفت كل ما قرءوه، وانحدرت دموعُهم مما عرفوا من الحق. قال الله تعالى ذكره :( ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنَّهم لا يستكبرون وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ) الآية. "
( التفسير : ١٠/٤٩٩-٥٠٠ح١٢٣١٧ )، وأخرجه ابن أبي حاتم ( التفسير : سورة المائدة آية ٨٣ح٤٢٨ ) عن أبيه عن عبد الله بن صالح به، ولفظه أخصر من لفظ الطبري. وإسناده جيِّد محتجٌّ به، وتقدم الكلام عليه عند الآية ٢٩ من سورة النساء.
( لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ترى أعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يقولون ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين )
قال الطبري :" حدثني المثنى، قال : حدثنا عبد الله بن صالح، قال : حدثني معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس :( ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى )، قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو بمكة، خافٍ على أصحابه من المشركين، فبعث جعفر بن أبي طالب، وابن مسعود، وعثمان بن مظعون، في رهط من أصحابه إلى النجاشي ملك الحبشة، فلما بلغ ذلك المشركين، بعثوا عمرو بن العاص في رهط منهم، ذكر أنهم سبقوا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي، فقالوا : إنه خرج فينا رجلٌ سفَّه عقولَ قريش وأحلامَها، زعم أنه نبيٌّ، وإنه بعث إليك رهطا، ليفسدوا عليك قومك، فأحببنا أن نأتيك ونخبرك خبرهم، قال : إن جاؤوني نظرت فيما يقولون. فقدم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأمُّوا باب النجاشي، فقالوا : استأذن لأولياء الله، فقال : ائذن لهم، فمرحباً بأولياء الله، فلما دخلوا عليه سلَّموا، فقال له الرهط من المشركين : ألا ترى أيها الملك أنَّا صدَقْناك ؟ لم يُحيُّوك بتحيِّتك التي تُحيَّ بها. فقال لهم : ما منعكم أن تُحيُّوني بتحيِّتي ؟ فقالوا : إنا حيَّيناك بتحية أهل الجنة وتحية الملائكة. قال لهم : ما يقول صاحبكم في عيسى وأمه ؟ قال : يقول : هو عبد الله، وكلِمةٌ من الله ألقاها إلى مريم، وروحٌ منه. ويقول في مريم : إنَّها العذراءُ البتول. قال : فأخذ عوداً من الأرض، فقال : ما زاد عيسى وأمُّه على ما قال صاحبكم قَدْرَ هذا العود. فكرِه المشركون قولَه، وتغيَّرتْ وجوهُهم. قال لهم : هل تعرفون شيئا مما أُنزِل عليكم ؟ قالوا : نعم. قال : اقرأوا فقرءوا، وهنالك منهم قسيسون ورهبان وسائر النصارى، فعرفت كل ما قرءوه، وانحدرت دموعُهم مما عرفوا من الحق. قال الله تعالى ذكره :( ذلك بأن منهم قسيسين ورهبانا وأنَّهم لا يستكبرون وإذا سمعوا ما أنزل إلى الرسول ) الآية. "
( التفسير : ١٠/٤٩٩-٥٠٠ح١٢٣١٧ )، وأخرجه ابن أبي حاتم ( التفسير : سورة المائدة آية ٨٣ح٤٢٨ ) عن أبيه عن عبد الله بن صالح به، ولفظه أخصر من لفظ الطبري. وإسناده جيِّد محتجٌّ به، وتقدم الكلام عليه عند الآية ٢٩ من سورة النساء.
( يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين )
قال البخاري : " حدثنا عمرو بن عون، حدثنا خالد عن إسماعيل، عن قيس، عن عبد الله رضي الله عنه، قال : نغزو مع النبي صلى الله عليه وسلم وليس معنا نساء، فقلنا : ألا نختصي ؟ فنهانا عن ذلك، فرخص لنا بعد ذلك، أن نتزوج المرأة بالثوب. ثم قرأ ( يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ) ".
( صحيح البخاري : ٨/١٢٦ح٤٦١٥-ك التفسير- سورة المائدة، ب الآية ). ( صحيح مسلم : ٢/١٠٢٢ح١٤٠٤-ك النكاح، ب نكاح المتعة وبيان أنه أبيح ثم نسخ ).
قال الحافظ ابن حجر : " أخرج الثوري في جامعه، وابن المنذر من طريقه، بسند صحيح، عن ابن مسعود، أنه جيء عنده بطعام، فتنحى رجل فقال : إني حرَّمته أن لا آكله. فقال : ادْنُ فكُلْ، وكفِّر عن يمينك، ثم تلا هذه الآية إلى قوله :( ولا تعتدوا ) " .
( الفتح : ١١/٥٧٥ )، وأخرجه الحاكم وصححه، ووافقه الذهبي ( المستدرك ٢/٣١٣-٣١٤ ).
قال البخاري : حدثنا سعيد بن أبي مريم، أخبرنا محمد بن جعفر، أخبرنا حميد ابن أبي حميد الطويل، أنه سمع أنس بن مالك رضي الله عنه يقول : جاء ثلاثةُ رهطٍ إلى بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، يسألون عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أُخبِروا كأنَّهم تَقَالُّوها، فقالوا : وأين نحن من النبي صلى الله عليه وسلم ؟ قد غفر الله له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر. قال أحدُهم : أما أنا فأنا أُصلِّي الليل أبدا. وقال آخرُ : أنا أصوم الدَّهر ولا أفطر. وقال آخرُ : أنا أعتزل النساء، فلا أتزوج أبدا. فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " أنتم الذين قُلتُم كذا وكذا ؟ أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأُفطِر، وأصلي وأرقُد، وأتزوج النساء، فمن رغِب عن سُنَّتي فليس مني ".
( الصحيح : ٩/٥-٦ ح٥٠٦٣-ك النكاح، ب الترغيب في النكاح )، وأخرجه مسلم ( الصحيح : ٢/١٠٢٠ح١٤٠١-ك النكاح، ب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه ).
( لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان )
أخرج الطبري بسنده الحسن، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله :( لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم )، فهو الرجل يَحلِف على أَمْر ٍضِرار أن يفعله، فلا يفعله، فيرى الذي هو خير منه، فأمره الله أن يُكفِّرَ عن يمينه، ويأتيَ الذي هو خيرٌ، وقال مرة أخرى قوله :( لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ) إلى قوله :( بما عقدتم الأيمان )، قال : واللغو من الأيمان، هي التي تكفر، لا يؤاخذ الله بها. ولكن من أقام على تحريم ما أحل الله له، و لم يتحول عنه، و لم يكفر عن يمينه، فتلك التي يؤخذ بها.
أخرج الطبري بسنده الحسن، عن قتادة، عن الحسن ( ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان ) يقول : ما تعمدت فيه المأثم، فعليك فيه الكفارة.
قوله تعالى :
( فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام )
أخرج الطبري بسنده الحسن، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس :( فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم ) قال : إن كنت تُشبِع أهلَك فأشبع المساكين، وإلا فعلى ما تُطعم أهلَك بقدره.
قال ابن ماجة : حدثنا محمد بن يحيى، ثنا عبد الرحمن بن مهدي، ثنا سفيان ابن عيينة، عن سليمان بن أبي المغيرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال : كان الرجل يَقوتُ أهلَه قوتا فيه سَعَةٌ، وكان الرجل يقوت أهله قوتا فيه شِدَّةٌ فنزلت الآية ( من أوسط ما تطعمون أهليكم ).
( السنن : الكفارات، ب من أوسط ما تطعمون أهليكم )، وصحح إسناده البوصيري ( مصباح الزجاجة : ٢/١٣٥ ). وكذا الألباني في( صحيح سنن ابن ماجة : ح ١٧١٧ ).
انظر حديث معاوية بن الحكم المتقدم عند الآية ( ٢٣٨ ) من سورة البقرة. وفيه قوله صلى الله عليه وسلم : " اعتقها فإنها مؤمنة ".
أخرج الطبري بسنده الحسن، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قال : هو بالخِيار في هؤلاء الثلاثة، الأول فالأول، فإن لم يجد من ذلك شيئا، فصيام ثلاثة أيام متتابعات.
( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون )
أخرج الطبري بسنده الحسن، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله :( رجسٌ من عمل الشيطان ) يقول : سخط.
قال البخاري : حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي، أخبرنا عيسى وابن إدريس، عن أبي حيان، عن الشعبي، عن ابن عمر قال : سمعت عمر رضي الله عنه، على منبر النبي صلى الله عليه وسلم، يقول :" أما بعد أيها الناس، إنه نزل تحريم الخمر، وهى من خمسة : من العنب، والتمر، والعسل، والحنطة، والشعير. والخمر ما خامر العقل ".
( صحيح البخاري : ٨/١٢٦ح٤٦١٩ - ك التفسير - سورة المائدة ).
قال البخاري : حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" من شرب الخمر في الدنيا ثم لم يَتُب منها حُرِمَهَا في الآخرة ".
( صحيح البخاري ١٠/٣٣ح٥٥٧٥ - ك الأشربة، قول الله تعالى ( إنما الخمر والميسر والأنصاب ) ).
قال مسلم : حدثنا سويد بن سعيد، حدثنا حفص بن ميسرة، عن زيد بن أسلم، عن عبد الرحمن بن وعلة ( رجل من أهل مصر )، أنه جاء عبد الله بن عباس. ح وحدثنا أبو الطاهر ( واللفظ له )، أخبرنا ابن وهب، أخبرني مالك بن أنس وغيره، عن زيد بن أسلم، عن عبد الرحمن بن وعلة السبأي ( من أهل مصر )، أنه سأل عبد الله بن عباس عما يعصر من العنب ؟ فقال ابن عباس : إن رجلا أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم راوِيةَ خمر. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم :" هل علمت أن الله قد حرَّمها ؟ " قال : لا. فَسَارَّ إنساناً. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : " بم سارَرْتَهُ ؟ ". فقال : أمرتُه ببيعها. فقال :" إن الذي حرَّم شُرْبَها حرَّم بيعَها ". قال : ففتح المَزادَ حتى ذهب ما فيها.
( صحيح مسلم : ٣/١٢٠٦ح١٥٧٩ - ك المساقاة، ب تحريم بيع الخمر ).
وقال مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب، قالا : حدثنا الحسن بن موسى، حدثنا زهير، حدثنا سماك بن حرب. حدثني مصعب بن سعد عن أبيه، أنه نزلت فيه آياتٌ من القرآن قال : حَلفَت أمُّ سعد أن لا تُكلِّمه أبدا حتى بدينه، ولا تأكل ولا تشرب. قالت : زعمتَ أن الله وصَّاك بوالديك، وأنا أمك، وأنا آمرك بهذا. قال : مكثَتْ ثلاثاً حتى غُشِي عليها من الجهد. فقام ابنٌ لها، يقال له عمارة، فسقاها، فجعلت تدعو على سعد. فأنزل الله عز وجل في القرآن هذه الآية :( ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير ) لقمان : ١٥، وفيها ( وصاحبهما في الدنيا معروفا ) قال : وأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم غنيمة عظيمة، فإذا فيها سيفٌ فأخذتُه، فأتيتُ به الرسول صلى الله عليه وسلم فقلت : نَفِّلني هذا السيف، فأنا من قد علمت حاله، فقال :" رُدَّهُ من حيثُ أخذتَه "، فانطلقت حتى إذا أردتُ أن أُلقِيَه في القبض لامتني نفسي، فرجعت إليه فقلت : أعطنيه. قال : فشَدَّ لي صوته : " رُدَّه من حيثُ أخذتَه ". قال : فأنزل الله عز وجل ( يسألونك عن الأنفال ) الأنفال : ١. قال : ومرضت فأرسلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأتاني، فقلت : دعني أقسم مالي حيث شئت. قال : فأبى. قلت : فالنصف. قال : فأبى. قلت : فالثلث. قال : فسكت. فكان بعد الثلث جائزا. قال : وأتيت على نفر من الأنصار والمهاجرين فقالوا : تعالى نطعمك ونسقيك خمرا _ وذلك قبل أن تحرم الخمر _ قال : فأتيتهم في حُشٍّ _ والحُشُّ البستان _ فإذا رأسُ جَزورٍ مشويٌّ عندهم، و زِقٌّ من خمر، قال : فأكلت وشربت معهم، قال : فذكرت الأنصار والمهاجرون عندهم، فقلت : المهاجرون خير من الأنصار، قال. فأخذ رجلٌ أحدَ لِحْيَي الرأس، فضربني به، فجرح بأنفي، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فأنزل الله عزو جل في _ يعني نفسَه _ شأن الخمر ( إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان ).
( صحيح مسلم : ٤/١٨٧٧ح١٧٤٨ - ك فضائل الصحابة، ب في فضل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه ).
قال مسلم : حدثنا قتيبة بن سعيد، حدثنا عبد العزيز ( يعني الدراوردي )، عن عمارة بن غزية، عن أبي الزبير، عن جابر، أن رجلا قدم من جيشان، ( وجيشان من اليمن )، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن شراب يشربونه بأرضهم من الذُّرَة، يقال له المِزْرُ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " أَو مُسْكِرٌ هو ؟ قال : نعم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " كلُّ مُسكِر حرام ". إن على الله _ عز وجل _ عهدا لمن يشرب المسكر أن يسقيَه من طِينة الخَبَال " ؟. قال : يا رسول الله وما طينة الخبال ؟ قال : " عَرَق أهل النار، أو عُصارة أهل النار ".
( صحيح مسلم ٣/١٥٨٧ح٢٠٠٢ - ك الأشربة، ب بيان أن كل مسكر خمر، وأن كل خمر حرام ).
قال الترمذي : حدثنا عبد الله بن منير قال : سمعت أبا عاصم، عن شبيب بن بشر، عن أنس بن مالك قال : لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر عشرةً : عاصرَها، ومُعتصِرَها، وشاربَها، وحاملَها، والمحمولةَ إليه، وساقيَها، وبائعَها، وآكلَ ثمنها، والمُشترِيَ لها، والمُشتراةَ له.
( السنن : ٣/٥٨٠ح١٢٩٥ - ك البيوع، ب النهي أن يتخذ الخمر خلا ) وقال : حديث غريب، وأخرجه ابن ماجة ( السنن : ٢/١١٢٢ح٣٣٨١- ك الأشربة، ب التجارة في الخمر ) من طريق محمد بن سعيد التستري، عن أبي عاصم به. وقال الألباني : حسن صحيح ( صحيح الترمذي : ٢/٢٧ )، وأخرجه الضياء المقدسي ( المختارة : ٦/١٨١-١٨٣ ) من طُرُقٍ، عن شبيب بن بشر به، وحسَّن محققُه أسانيدها ).
انظر حديث عمر المتقدم في سورة البقرة عند الآية ( ٢١٩ ).
قال مسلم : حدثنا عبد الله بن عمر القواريري، حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى أبو همام، حدثنا سعيد الجريري، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بالمدينة قال : " يا أيها الناس : إن الله تعالى يُعرِّض بالخمر، ولعل الله سيُنزِل فيها أمرا، فمن كان عنده شيءٌ فليبعْه، ولينتفعْ به ". قال : فما لبثنا إلا يسيرا، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الله تعالى حرَّم الخمر، فمن أدركتْه هذه الآيةُ، وعنده شيءٌ، فلا يشرب، ولا يبيع ". قال : فاستقبل الناس بما كان عنده منها في طريق المدينة، فسفكوها.
( الصحيح : ٣/١٢٠٥ح١٥٧٨ - ك المساقاة، ب تحريم بيع الخمر. )
قال أبو داود : حدثنا نصر بن عاصم الأنطاكي، ثنا يزيد بن هارون الواسطي، ثنا ابن أبي ذئب، عن الحارث بن عبد الرحمن، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا سكر فاجلدوه، ثم إن سكر فاجلدوه، ثم إن سكر فاجلدوه، فإن عاد الرابعة فاقتلوه ".
( السنن : ٤/١٦٤ح٤٤٨٤ - ك الحدود، ب إذا تتابع في شرب الخمر )، وأخرجه النسائي ( السنن : ٨/٣١٤-ك الأشربة، ب ذكر الروايات المغلظات في شرب الخمر )، وابن ماجة ( السنن : ٢/٨٥٩ح٢٥٧٢ -ك الحدود، ب في شرب الخمر مرارا )، كلاهما من طريق شبابة، عن ابن ذئب به. وأخرجه أحمد ( المسند : ح٧٨٩٨، ١٠٥٥٤ عن يزيد عن ابن أبي ذئب به. والحديث صحيح، أفاض الشيخ أحمد شاكر في تعليقه على المسند في تصحيحه، وذكر شواهده. وصححه كذلك الألباني ( السلسة الصحيحة ح ١٣٦٠ ).
وانظر حديث أبي داود عن أبي موسى الأشعري المتقدم تحت الآية رقم ( ٢١٩ ) من سورة البقرة.
قال مسلم : حدثنا زهير بن حرب، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، عن سفيان عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من لعب بالنردشير، فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه. "
( الصحيح٤/١٧٧٠ح٢٢٦٠- ك الشعر، ب تحريم اللعب بالنردشير ).
قال النسائي : أنا محمد بن عبد الرحيم صاعقة، أنا حجاج بن منهال، أنا ربيعة ابن كلثوم بن جبير، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : نزل تحريم الخمر في قبيلتين من قبائل الأنصار، شربوا حتى إذا نَهِلوا عبث بعضُهم ببعض، فلما صحَوْا، جعل الرجل يرى الأثر بوجهه وبرأسه وبلحيته، فيقول : قد فعل هذا بي أخي - وكانوا إخوة ليس في قلوبهم ضغائن- والله لو كان بي رؤوفا رحيما، ما فعل بي هذا، فوقعت في قلوبهم الضغائن، فأنزل الله عز وجل :( إنما الخمر والميسر ) إلى قوله :( فهل أنتم منتهون )، فقال ناسٌ : هي رِجْسٌ، وهي في بطن فلان قتل يوم بدر، وفلان قتل يوم أحد، فأنزل الله عز وجل ( ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ).
( التفسير : ١ / ٤٤٧ - ٤٤٨ ح ١٧١ )، وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير :( ١٢ / ٥٦ح ١٢٤٥٩ )، والطبري في تفسيره :( ٠ ١ / ٥٧١ح ١٢٥٢٢ )، والحاكم في المستدرك :( ٤ / ٤١ ١ - ١٤٢ )، والبيهقي في سننه :( ٨ /٢٨٥ ~ ٢٨٦ )، كلهم من طريق ربيعة بن كلثوم به مثله. وهذا الإسناد رجاله أئمة ثقات، إلا أن ربيعة بن كلثوم وأباه في حفظهما شيء، وقد روى لهما مسلم رحمه الله. ويشهد شطر الحديث الأول حديث سعد بن أبى وقاص عند الإمام مسلم، وقد تقدم عند الآية ( ٩٠ ) من السورة نفسها، ويشهد شطره الثاني حديث البراء عند الترمذي وغيره الماضي قبل هذا الحديث مباشرة، فيكون حديث ابن عباس هذا حسنا إن شاء الله. وقد سكت عنه الحاكم - مع نقل السيوطي عنه أنه صححه ؟ ( الدر المنثور : ٣/١٥٧ - ١٥٨ ). وقال الذهبي في تلخيص المستدرك : صحيح على شرط مسلم. وقال الهيثمي : رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح، ( مجمع الزوائد : ٧ / ٨ ١ ).
( ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا وأحسنوا )
قال البخاري : حدثنا أبو النعمان، حدثنا حماد بن زيد، حدثنا ثابت عن أنس رضي الله عنه : إن الخمر التي أهريقت الفَضِيخ. وزادني محمد البيكندي، عن أبي النعمان قال : كنت ساقي القوم في منزل أبي طلحة، فنزل تحريم الخمر، فأمر مناديا فنادى، فقال أبو طلحة : أخرُج، فانظُر ما هذا الصوت، قال : فخرجت فقلت : هذا مُنادٍ ينادي : ألا إن الخمر قد حُرِّمت. فقال لي : اذهب فأهرقها. قال : فجرت في سكك المدينة. قال : وكانت نحرهم يومئذ الفَضِيخ، فقال : بعض القوم : قُتل قومٌ وهي في بطونهم، قال : فأنزل الله ( ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا ).
( صحيح البخاري : ٨/١٢٨ح٤٦٢٠- ك التفسير - سورة المائدة، ب الآية )، ( صحيح مسلم : ٣/١٥٧٠ - ك الأشربة، ب تحريم _ الخمر وبيان أنها تكون من عصير العنب ومن التمر ).
قال مسلم : حدثنا منجاب بن الحارث التميمي وسهل بن عثمان وعبد الله ابن عامر بن زرارة الحضرمي وسويد بن سعيد والوليد بن شجاع ( قال سهل ومنجاب : أخبرنا. وقال الآخرون :حدثنا ) علي بن مسهر عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال :( لما نزلت هذه الآية :( ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا إذا ما اتقوا وآمنوا ) المائدة : ٩٣ إلى آخر الآية. قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " قيل لي : أنت منهم ".
( صحيح مسلم : ٤/١٩١٠ح٢٤٥٩ - ك فضائل الصحابة، ب من فضائل عبد الله بن مسعود وأمه رضي الله عنهما ).
( يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم )
أخرج آدم بن أبي إياس بسنده الصحيح، عن مجاهد في قوله :( تناله أيديكم ورماحكم )، قال : النبل ( رماحكم )، تنال كبير الصيد ( وأيديكم ) تنال صغير الصيد، أخذ الفرخ والبيض.
أخرج الطبري بسنده الحسن، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله :( أيديكم ورماحكم ) قال : هو الضعيف من الصيد وصغيره، يبتلى الله تعالى ذكره به عباده في إحرامهم، حتى لو شاؤوا نالوه بأيديهم، فنهاهم الله أن يقربوه.
( يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم )
قال الشيخ الشنقيطي : قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ) هذه الآية الكريمة، يفهم من دليل خطابها، أي مفهوم مخالفتها أنهم إن حلوا من إحرامهم، جاز لهم قتل الصيد، وهذا المفهوم مصرح به في قوله تعالى ( وإذا حللتم فاصطادوا )، يعني : إن شئتم كما تقدم إيضاحه في أول هذه السورة الكريمة.
أخرج الطبري بسنده الحسن، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله :( يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ) قال : إن قتله متعمدا أو ناسيا حكم عليه، وإن عاد متعمدا عجلت له العقوبة، إلا أن يعفو الله.
قوله تعالى :
( ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم )
أخرج الطبري بسنده الحسن، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس :( ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم ) قال : إذا قتل المحرم شيئا من الصيد حكم عليه فيه، فإن قتل ظبيا أو نحوه، فعليه شاة تذبح بمكة، فإن لم يجد، فإطعام ستة مساكين، فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام، فإن قتل إيلا أو نحوه، فعليه بقرة، وإن قتل نعامة أو حمار وحشي أو نحوه، فعليه بدنة من الإبل.
قوله تعالى :( يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما )
انظر سورة البقرة آية ( ٤٨ ) عند قوله تعالى ( ولا يأخذ منها عدل ).
قوله تعالى :
( ومن عاد فينتقم الله منه )
أخرج الطبري بسنده الحسن، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس : من قتل شيئا من الصيد خطأ وهو محرم، حكم عليه فيه مرة واحدة، فإن عاد يقال له : ينتقم الله منك، كما قال الله عز وجل.
( أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم... )
قال البخاري : حدثنا عبد الله بن محمد، أخبرنا سفيان، عن عمرو قال : سمعت جابرا يقول : بعثنا النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثمائة راكب، وأميرنا أبو عبيدة، نرصد عِيراً لقريش، فأصابنا جوعٌ شديد حتى أكلنا الخَبَط، فسُمي جيشُ الخََبَط، وألقى البحر حوتا يقال له العنبر، فأكلنا نصف شهر، وادَّهنا بوَدَكِه حتى صلُحت أجسامُنا، قال : فأخذ أبو عبيدة ضلعا من أضلاعه، فنصبه، فمر الراكب تحته، وكان فينا رجل، فلما اشتد الجوع نحر ثلاثة جزائر، ثم ثلاثة جزائر، ثم نهاه أبو عبيدة.
( صحيح البخاري : ٩/٥٣٠ح٥٤٩٤ - ك الذبائح والصيد، ب قوله تعالى( أحل لكم صيد البحر ) ).
قال الطبري : حدثنا هناد بن السري قال، حدثنا عبدة بن سليمان، عن محمد ابن عمرو قال، حدثنا أبو سلمة، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" أُحلَّ لكم صيدُ البحر وطعامُه متاعا لكم " قال : طعامه ما لفَظَه ميتا فهو طعامه.
( التفسير١١/٧٠ح١٢٧٢٩ ) قال الشيخ محمود شاكر : إسناد صحيح، ورجاله ثقات حفاظ ).
أخرج الطبري بسنده الحسن، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس :( وطعامه متاعا لكم ) يعني : بطعامه، مالحه، وما قذف البحر منه، مالحه.
قوله تعالى :
( وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما )
قال البخاري : حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا أبو عوانة، حدثنا عثمان - هو ابن موهب - قال : أخبرني عبد الله بن أبي قتادة، أن أباه أخبره، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج حاجا فخرجوا معه، فصرف طائفة منهم فيهم أبو قتادة فقال : خذوا ساحل البحر حتى نلتقي، فأخذوا ساحل البحر، فلما انصرفوا، أحرموا كلهم إلا أبو قتادة لم يحرم. فبينما هم يسيرون إذ رأوا حمر وحش، فحمل أبو قتادة على الحمر، فعقر منها أتانا، فنزلوا فأكلوا من لحمها، وقالوا : أنأكل لحم صيد ونحن محرمون ؟ فحملنا ما بقي من لحم الأتان. فلما أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : يا رسول الله، إنا كنا أحرمنا، وقد كان أبو قتادة لم يحرم، فرأينا حمر وحش، فحمل عليها أبو قتادة فعقر منها أتانا، فنزلنا فأكلنا من لحمها، ثم قلنا : أنأكل لحم صيد ونحن محرمون : فحملنا ما بقي من لحمها. قال : " منكم أحد أمره أن يحمل عليها أو أشار إليها ؟ " قالوا : لا. قال : " فكلوا ما بقي من لحمها ".
( صحيح البخاري : ٤/٣٥ح١٨٢٤- ك جزاء الصيد - ب لا يشير المحرم إلى صيد لكي يصطاده الحلال ).
قال البخاري : حدثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن عبد الله بن عباس، عن الصعب بن جثامة الليثي، أنه أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم حمارا وحشيا، وهو بالأبواء _ أو بودان _، فرده عليه، فلما رأى ما في وجهه، قال : " إنا لم نرده عليك إلا أنا حرم ".
( صحيح البخاري ٤/٣٨ح١٨٢٥ - ك جزاء الصيد، ب إذا أهدى للمحرم حمارا وحشيا حيا لم يقبل ).
قال الطبري : حدثنا محمد بن عبد الله بن بزيع قال : حدثنا بشر بن المفضل قال :حدثنا سعيد قال : حدثنا قتادة، أن سعيد بن المسيب حدثه، عن أبي هريرة، أنه سئل عن صيد صاده حلال، أيأكله المحرم ؟ قال : فأفتاه هو بأكله، ثم لقي عمر بن الخطاب رحمه الله عنه، فأخبره بما كان من أمره، فقال : لو أفتيتهم بغير هذا لأوجعت لك رأسك.
( وصححه أحمد شاكر. التفسير ح١٢٧٥٤ ).
قال مسلم : وحدثنا يحيى، قال : قرأت على مالك، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " خمس من الدواب، ليس على المحرم في قتلهن جناح : الغراب، والحدأة، والعقرب، والفأرة، والكلب العقور ".
( كتاب الحج ١١٩٩، ب ما يندب للمحرم وغيره قتله من الدواب في الحل والحرم ).
قال البخاري : حدثنا يحيى بن سليمان قال : حدثني ابن وهب قال : أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " خمس من الدواب كلهن فاسق، يقتلن في الحرم : الغراب، والحدأة، والعقرب، والفأرة، والكلب العقور ".
( صحيح البخاري : ٤/٤٢ح١٨٢٩ - ك جزاء الصيد، ما يقتل المحرم من الدواب )
( جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد )
أخرج الطبري بسنده الحسن، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله :( جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس و الشهر الحرام والهدي والقلائد ) يعني : قِياماً لدينهم، ومَعالمَ لحجِّهم.
( يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم )
قال البخاري : حدثني الفضل بن سهل قال : حدثنا أبو النضر، حدثا أبو خيثمة، حدثنا أبو الجويرية، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان قوم يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم استهزاءً، فيقول الرجل : من أبي ؟ يقول الرجل تضل ناقته : أين ناقتي ؟ فانزل الله فيهم هذه الآية :( يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ) حتى فرغ من الآية كلها.
( صحيح البخاري : ٨/١٣٠ح٤٦٢٢ - ك التفسير - سورة المائدة، ب الآية ).
قال البخاري : حدثنا عبد الله بن يزيد المقري، حدثنا سعيد، حدثني عقيل، عن ابن شهاب، عن عامر بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن أعظم المسلمين جُرماً من سأل عن شيء لم يحرم، فحرم من أجل مسألته ".
( صحيح البخاري : ١٣/٢٧٨ -ك الاعتصام، ب ما يكره من كثرة السؤال ح٧٢٨٩ ).
قال مسلم : حدثنا محمود بن غيلان ومحمد بن قدامة السلمي ويحيى بن محمد اللؤلؤي، وألفاظهم متقاربة ( قال محمود : حدثنا النضر بن شميل. وقال الآخران :أخبرنا النضر ) أخبرنا شعبة، حدثنا موسى بن أنس، عن أنس بن مالك قال : بلغ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن أصحابه شيءٌ، فخطب فقال : " عُرضت عليَّ الجنةُ والنارُ، فلم أر كاليوم في الخير والشر، ولو تعلمون ما أعلم، لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ". قال : فما أتى على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يومٌ أشد منه. قال : غطوا رؤوسهم ولهم خَنِينٌ. قال : فقام عمر فقال : رضينا بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا، قال : فقام ذاك الرجل فقال : من أبي ؟ قال : " أبوك فلان ". فنزلت :( يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ).
( صحيح مسلم : ٤/١٨٣٢ح٢٣٥٩- ك الفضائل ب توقيره صلى الله عليه وسلم )، وأخرجه البخاري بنحوه ( الصحيح : الفتن باب التعود من النفاق ٧٠٨٩ح٧٢٩٥ ).
قال البخاري : حدثنا إسماعيل، حدثني مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " دعوني ما تركتكم، فإنما أهلك من كان من قبلكم سؤالهم، واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ".
( صحيح البخاري : ١٣/٢٦٤ح٧٢٨٨- ك الاعتصام بالكتاب والسنة، ب الإقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم )، ( صحيح مسلم : ٤/١٨٣٠-ك الفضائل، ب توقيره صلى الله عليه وسلم وترك إكثار سؤال عما لا ضرورة إليه، أو لا يتعلق به تكليف وما لا يقع، و نحو ذلك، ح ١٣٣٧ و نحوه ).
( ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ).
قال البخاري : حدثنا موسى بن إسماعيل، حدثنا إبراهيم بن سعد، عن صالح بن كيسان، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب قال : البحيرة التي يمنع درها للطواغيت، فلا يحلبها أحد من الناس، والسائبة : كانوا يُسيبونها لآلهتهم، فلا يُحمَل عليها شيءٌ. قال : وقال أبو هريرة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رأيت عمرو بن عامر الخزاعي يجر قصبه في النار، كان أول من سيَّب السَّوائب ". والوصيلة : الناقة البكر، تبكر في أول نتاج الإبل بأنثى، ثم تثني بعد بأنثى، وكانوا يسيبونهم لطواغيتهم أن وصلت إحداهما بالأخرى ليس بينهما ذكر. والحام : فحل الإبل يضرب الضراب المعدود، فإذا قضي ضرابه، ودعوه للطواغيت وأعفوه من الحمل، فلم يحمل عليه شيء، وسموه الحَامِي. وقال لي أبو اليمان : أخبرنا شعيب، عن الزهري، سمعت سعيدا يخبره بهذا، قال : وقال أبو هريرة : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
ورواه ابن الهاد، عن ابن شهاب، عن سعيد، عن أبي هريرة رضي الله عنه سمعت النبي صلى الله عليه وسلم.
( صحيح البخاري : ٨/١٣٢-١٣٣ح٤٦٢٣- ك التفسير - سورة المائدة )، ( صحيح مسلم : ٤/٢١٩٢ح٥١ - ك الجنة وصفة نعيمها وأهلها، ب النار يدخلها الجبارون والجنة يدخلها الضعفاء. نحوه. )
قال البخاري : حدثني محمد بن أبي يعقوب أبو عبد الله الكرماني، حدثنا حسان بن إبراهيم، حدثنا يونس، عن الزهري، عن عروة، أن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " رأيت جهنم يُحطِّم بعضُها بعضا، ورأيت عمرا يجرُّ قصَبَه، وهو أول من سيَّب السَّوائب ".
( صحيح البخاري : ٨ / ٢ ٣ ١ - ١٣٣ ح ٤٦٢٤ - ك التفسير - سورة المائدة، ب الآية ). و( انظر السيرة النبوية لابن هشام : ١ / ٧٨ ، والمستدرك : ٤ /٦٠٥ ).
قال أحمد : ثنا محمد بن جعفر قال : ثنا شعبة، عن أبي إسحاق قال : سمعت أبا الأحوص يحدث عن أبيه قال : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا قَشَْفُ الهيئة، فقال : هل لك مال ؟ قال : قلت : نعم. قال : من أي المال ؟ قال : قلت : من كل المال ؛ من الإبل والرقيق والخيل والغنم. فقال : إذا أتاك الله مالاً، فلْيُرَ عليك. ثم قال : هل تنتج إبل قومك صحاحاً أذانُها، فتعمد إلى موسى فتقطع أذانَها فتقول : هذه بُحُرٌ وتشقها، أو تشق جلودها، وتقول : هذه صُرُمٌ وتُحرِّمها عليك وعلى أهلك ؟ قال : نعم. قال : فإن ما أتاك الله عز وجل لك، وساعد الله أشدُّ وموسى الله أحدُّ. وربما قال :" ساعد الله أشد من ساعدك وموسى الله أحد من موساك. قال : فقلت : يا رسول الله أرأيت رجلا، نزلت به، فلم يُكرِمني و لم يَقْرِنِي، ثم نزل بي أجزيه بما صنع أم أَقْرِيه ؟ قال : أَقْرِه.
( المسند : ٣/٤٧٣ )، وأخرجه الحاكم ( المستدرك : ٤/١٨١ ) من طريق وهب بن جرير، كلاهما عن شعبة به، وقال الحاكم : حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي. وعزاه الهيثمي للطبراني في الصغير وقال : رجاله رجال الصحيح ( مجمع الزوائد : ٥/١٣٣ )، وصححه الألباني بشواهده في ( غاية المرام ح ٧٥ ).
أخرج الطبري بسنده الحسن، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله :( ما جعل الله من بَحيرة ولا سائبة ) ليُسيبوها لأصنامهم، ( ولا وَصيلة )، يقول : الشاة، ( ولا حَامٍ ) يقول : الفحل من الإبل.
قوله تعالى : ( وأكثرهم لا يعقلون )
أخرج الطبري بسنده الحسن، عن قتادة قوله :( وأكثرهم لا يعقلون )، يقول : تحريم الشيطان الذي حرم عليهم، إنما كان من الشيطان، ولا يعقلون.
( يأيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم )
قال الشيخ الشنقيطي : قد يتوهَّم الجاهلُ من ظاهر هذه الآية الكريمة عدمَ وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولكن نفس الآية فيها الإشارة إلى أن ذلك فيما إذا بلغ جهده، فلم يقبل منه المأمور، وذلك في قوله :( إذا اهتديتم )، لأن من ترك الأمر بالمعروف لم يهتد. ومما يدل على أنَّ تارك الأمر بالمعروف غيرُ مهتدٍ ؛ أن الله تعالى أقسم أنه في خُسْرٍ في قوله تعالى :( والعصر إن الإنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر ). فالحق وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبعدَ أداءِ الواجبِ لا يضرُّ الآمرَ ضلالُ من ضَلَّ. وقد دلت الآيات كقوله تعالى ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منك خاصة )، والأحاديث على أن الناس إن لم يأمروا بالمعروف، ولم ينهوا عن المنكر، عمهم الله بعذاب من عنده.
قال مسلم : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيع عن سفيان. ح وحدثنا محمد بن المثنى، حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا شعبة، كلاهما عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب. وهذا حديث أبي بكر. قال : أول من بدأ بالخطبة يوم العيد قبل الصلاة مروان، فقام إليه رجل فقال : الصلاة قبل الخطبة. فقال : قد ترك ما هنالك. فقال أبو سعيد : أما هذا فقد قضى ما عليه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" من رأى منكم منكرا فليُغيِّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان ".
( الصحيح : ١/٦٩ح٤٩-ك الإيمان، ب بيان كون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من الإيمان... ).
قال ابن ماجة : حدثنا علي بن محمد، ثنا وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عبيد الله بن جرير، عن أبيه، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي، هم أعز منهم وأمنع، لا يُغيِّرون، إلا عَمَّهم الله بعقاب ".
( السنن : ح ٤٠٠٩-الفتن، ب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر )، وأخرجه أحمد وأبو داود من طريقين، عن جرير به نحوه ( المسند : ٤/٣٦٦، ٣٦٤، ٣٦٣، ٣٦١ )، ( السنن : ٤/١٢٢- -الملاحم، ب الأمر والنهي )، وقد رواه شعبة عن أبي إسحاق كذلك، وصححه ابن حبان ( الإحسان : ١/٢٥٩ح٣٠٠ )، وأيضا صححه الألباني ( صحيح الجامع : رقم ٥٧٤٩ )، وحسنه السيوطي ( الجامع الصغير مع فيض القدير : ٥/٤٩٣ح٨٠٨٥ ).
قال أبو داود : حدثنا وهب بن بقية، عن خالد. ح وثنا عمرو بن عون، أخبرنا هشيم المعني، عن إسماعيل، عن قيس، قال : قال أبو بكر بعد أن حَمِد الله وأثنى عليه : يا أيها الناس، إنكم تقرأون هذه الآية، وتضعونها على غير مواضعها، ( عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم )، قال : عن خالد : وإنا سمعنا النبي صلى الله عليه وسلم يقول :" إن الناس إذا رأوا الظالم فلم يأخذوا على يديه، أوشك أن يعمهم الله بعقاب ". وقال عمرو، عن هشيم : وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" ما من قوم يُعمَل فيهم بالمعاصي، ثم يقدرون على أن يُغيِّروا، ثم لا يُغيِّروا إلا يوشك أن يعمهم الله منه بعقاب ".
قال أبو داود : ورواه كما قال خالد أبو أسامة وجماعة، وقال شعبة فيه :" ما من قوم يُعمَل فيهم بالمعاصي، هم أكثرُ مِمَّن يعمله ".
( السنن : ٤ / ١٢٢ ح٤٣٣٨ - ك الملاحم، ٥/٢٥٧ح٣٠٥٧ - ك التفسير، ب ومن سورة المائدة )، والضياء في ( المختارة : ١ / ١٤٦ - ١٤٧ ) من طريق يزيد بن هارون. وابن ماجة ( السنن : ٢ / ٣٢٧١ ح ٤٠٠٥ - ك الفتن، ب الآمر بالمعروف والنهى عن المنكر ) من طريق ابن نمير وأبي أسامة، كلهم عن إسماعيل بن أبي خالد به، وأخرجه أحمد ( المسند : ١ / ٢ ) عن ابن نمير به، قال محققه : إسناد صحيح ( المسند : ١/١٦٠ )، وأخرجه ابن حبان في صحيحه ( الإحسان : ١ / ٢٦١ ح ٣٠٤ )، وأبو يعلى في ( المسند : ١/١١٨ح ١٢٨ ) كلاهما من طريق شعبة، عن إسماعيل به. قال الترمذي : حديث حسن صحيح. وقال الألباني : صحيح ( صحيح الترمذي : ح ٢٤٤٨ )، وصحح إسناده محقق مسند أبي يعلى.
قال الطبري : حدثنا محمد بن بشار، قال : حدثنا محمد بن جعفر وأبو عاصم قالا : حدثنا عوف، عن سوار بن شبيب قال : كنت عند ابن عمر، إذ أتاه رجل جليد في العين، شديد اللسان، فقال : يا أبا عبد الرحمن، نحن ستة كلهم قد قرأ القرآن فأسرع فيه، وكلهم مجتهد لا يألوا، وكلهم بغيض إليه أن يأتى دناءة، وهم في ذلك يشهد بعضهم على بعض بالشرك ! فقال رجل من القوم : وأي دناءة تريد أكثر من أن يشهد بعضهم على بعض بالشرك ! قال : فقال الرجل : إني لست إياك أسأل، أنا أسأل الشيخ، فأعاد على عبد الله الحديث، فقال عبد الله بن عمر : لعلك ترى –لا أبا لك -أني سآمرك أن تذهب أن تقتلهم ! عِظْهم وانْهَهم، فإن عصوك فعليك بنفسك، فإن الله تعالى يقول :( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم إلى الله مرجعكم جميعا فينبئكم بما كنتم تعملون ).
( التفسير : ١١/١٤٠ح١٢٨٥٤ )، ورجاله ثقات وإسناده صحيح ).
قال ابن ماجة : حدثنا علي بن محمد، ثنا محمد بن فضيل، ثنا يحيى بن سعيد، ثنا عبد الله بن عبد الرحمن، أبو طوالة، ثنا نهار العبدي، أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :" إن الله ليسأل العبد يوم القيامة حتى يقول : ما منعك إذ رأيت المنكر أن تنكره ؟ فإذا لقَّن الله عبدا حُجَّته، قال : يا رب رَجَوتُك، ، وفَرَقْت من الناس ".
( السنن : ٢/١٣٣٢ح٤٠١٧ - ك الفتن، ب قوله تعالى :( يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم )، وأخرجه أحمد ( المسند : ٣/٧٧ ) من طريق وهيب، عن يحيى بن سعيد به. قال العراقي : رواه ابن ماجة من حديث أبي سعيد الخدري بسند جيد. ( تخريج الإحياء : ٣/١٢٧٣ح١٩٢٦ ) وقال البوصيري : إسناد صحيح... ( مصباح الزجاجة : ٢/٣٠٠ )، وقال الألباني : هذا إسناد جيد ( السلسلة الصحيحة : ح٩٢٩ ).
أخرج الطبري بسنده الحسن، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله :( عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم ) يقول : أطيعوا أمري، واحفظوا وصيَّتي.
( يا أيها الذين امنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت حين الوصية اثنان ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت تحبسونهما من بعد الصلاة فيقسمان بالله إن ارتبتم لا نشتري به ثمنا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة الله إنا إذا لمن الآثمين )
قال البخاري : وقال لي علي بن عبد الله : حدثنا يحيى بن آدم، حدثنا ابن أبي زائدة، عن محمد بن أبي القاسم، عن عبد الملك بن سعيد بن جبير، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : خرج رجل من بني سَهْم مع تميم الدَّاري وعدي بن بداء، فمات السَّهمي بأرض ليس بها مسلم، فلما قدما بتَرِكته، فقدوا لجاما من فضة مخوصا من ذهب، فأحلفهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم وُجد اللجامُ بمكة، فقالوا : ابتعناه من تميم وعدي، فقام رجلان من أولياء السهمي فحلفا : لشهادتنا أحق من شهادتهما، وإن اللجام لصاحبهم، قال : وفيهم نزلت هذه الآية :( يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت ).
( صحيح البخاري : ٥/٣٨٠ح٢٧٨٠ - ك الوصايا، ب قول الله عز وجل ( يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت... ). وقد حسنه علي بن المديني، كما نقله المزي في ( تهذيب الكمال : ١٨/٣١٢ ).
أخرج الطبري بسنده الحسن، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس :( يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم ) إلى قوله :( ذوا عدل منكم )، فهذا لمن مات وعنده المسلمون، فأمره الله أن يُشهِد على وصيته عدلين من المسلمين، ثم قال :( أو آخران من غيركم إن أنتم ضربتم في الأرض فأصابتكم مصيبة الموت )، فهذا لمن مات وليس عنده أحد من المسلمين، فأمره الله تعالى ذكره بشهادة رجلين من غير المسلمين. فإن ارتيب في شهادتهما، استحلفا بعد الصلاة بالله : لم نشتر بشهادتنا ثمنا قليلا. فإن اطلع الأولياء على أن الكافرين كذبا في شهادتهما، قام رجلان من الأولياء، فحلفا بالله : إن شهادة الكافرين باطلة، وإنا لم نعتد. فذلك قوله :( فإن عثر على أنهما استحقا إثما ).
( فآخران يقومان مقامهما ) يقول : من الأولياء، فحلفا بالله إن شهادة الكافرين باطلة، وإنا لم نعتد، فتُرَدُّ شهادة الكافرين، وتجوز شهادة الأولياء. يقول تعالى ذكره : ذلك أدنى أن يأتي الكافرون بالشهادة على وجهها، أو يخافوا أن ترد أيمان بعد أيمانهم. وليس على شهود المسلمين إقسام، وإنما الإقسام إذا كانوا كافرين.
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح، عن قتادة قال : سمعت ابن المسيب يقول :( اثنان ذوا عدل منكم ) أي : مسلمين إقسام ( أو آخران من غيركم )أهل الكتاب.
قال الشيخ الشنقيطي : ذكر في هذه الآية الكريمة أن كاتم الشهادة آثم. وبيَّن في موضع آخر أن هذا الإثم من الآثام القلبية، وهو قوله :( ومن يكتمها فإنه آثم قلبه )، ومعلوم أن منشأ الآثام والطاعات جميعا من القلب، لأنه إذا صلُح، صلُح الجسدُ كلُّه، وإذا فسَد، فسَد الجسدُ كلُّه.
( يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا إنك أنت علام الغيوب )
أخرج الطبري بسنده الحسن، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس قوله :( يوم يجمع الله الرسل فيقول ماذا أجبتم قالوا لا علم لنا ) إلا علم أنت أعلم به منا.
انظر حديث الحاكم، عن أبي أمامة المتقدم، تحت الآية ( ٣١ ) من سورة البقرة، وهو حديث :" كم كانت الرسل ؟... ).
( تكلم الناس في المهد )
انظر حديث البخاري عن أبي هريرة المتقدم، عند الآية ( ٤٦ ) من سورة آل عمران. وهو حديث :" لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة... )
قوله تعالى :
( وإذ تخرج الموتى بإذني )
قال الشيخ الشنقيطي : معناه إخراجهم من قبورهم أحياء بمشيئة الله وقدرته، كما أوضحه بقوله :( وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله ).
قوله تعالى :
( وإذ كففت بني إسرائيل عنك إذ جئتهم بالبينات )
قال الشيخ الشنقيطي : لم يذكر هنا كيفية كفه إياهم عنه، ولكنه بينه في موضع آخر، كقوله :( وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم )، وقوله :( وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه ) الآية، وقوله :( ومطهرك من الذين كفروا ).
( وإذ أوحيت إلى الحواريين )
أخرج الطبري بسنده الحسن، عن السدي :( وإذ أوحيت إلى الحواريين ) يقول : قذفت في قلوبهم، أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح، عن قتادة : الحواري : الوزير.
( مائدة من السماء )
أخرج الطبري بسنده الصحيح، عن مجاهد، في قول الله تعالى ذكره :( مائدة من السماء ) قال : مائدة عليها طعام، أتوا بها، حين عُرض عليهم العذابُ إن كفروا. ألوان من طعام ينزل عليهم.
( تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا )
أخرج الطبري بسنده الحسن، عن قتادة قوله :( تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا )، قال : أرادوا أن تكون لعقبهم من بعدهم.
( فمن يكفر بعد منكم فإني أعذبه )
قال أحمد : ثنا وكيع، عن سفيان، عن سلمة، عن عمران أبي الحكم السلمي، عن ابن عباس قال : قالت قريش للنبي صلى الله عليه وسلم : ادعُ لنا ربك يُصبحْ لنا الصفا ذَهَبَة، فإن أصبحت ذَهَبَةً اتبعناك، وعرفنا أن ما قلت كما قلت. فسأل ربه عز وجل، فأتاه جبريل فقال : إن شئت أصبحت لهم هذه الصفا ذَهَبَةً، فمن كفر منهم بعد ذلك عذبته عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين، وإن شئت، فتحنا لهم أبواب التوبة. قال :" يا رب لا، بل افتح لهم أبواب التوبة ".
( المسند : ١/٣٤٥ )، وأخرجه الطبراني في ( معجمه الكبير : ١٢/١٥٢ح١٢٧٣٦ )، والحاكم في ( المستدرك : ١/٥٣و٢/٣١٤و٤/٢٤٠ ) من طريق سفيان به مثله. ووقع عند الإمام أحمد : ١/٢٤٢ ).
وعند الحاكم في الموضع الأول والثاني ( عمران بن الحكم )، والصواب المثبت، كما نبه على ذلك الهيثمى في ( مجمع الزوائد : ٧/٥٠ )، وابن حجر في ( تعجيل المنفعة : ص ٣١٩ )، قال الحاكم في الموضع الثاني : حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وقال الذهبي : صحيح. وقال الحاكم أيضا في الموضع الثاني : حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.
ونقل الشيخ أحمد شاكر، عن ابن كثير أنه قال : إسناد جيد. ( حاشية السند : رقم ٢١٦٦ ). وقال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح، ( مجمع الزوائد : ٧/٥٠-١٠/٩٦ ). وصحح إسناده أحمد شاكر في الموضع المشار إليه عاليه ).
( وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق )
قال الترمذي : حدثنا ابن أبي عمر، حدثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن أبي هريرة قال : تلقى عيسى حجته، ولقاه الله في قول :( وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله )، قال أبو هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم فلقاه الله :( سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق ) الآية كلها.
قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح، ( سنن الترمذي : ٥/٢٦٠-ك التفسير، سورة المائدة ح/٣٠٦٢ )، وأخرج النسائي في التفسير :( ١/٤٦٨ح١٨٢ )، و ابن أبي حاتم في تفسيره :( ٥/٤٧٤ح٩٩٢ ) كلاهما من طريق سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار به.
وصححه الألباني في ( صحيح سنن الترمذي : ٣/٤٨- ٤٩ ).
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة قوله :( يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله )متى تكون ؟ قال يوم القيامة، ألا ترى أنه يقول :( هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم ).
( وكنت عليهم شهيدا مادمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم )
قال البخاري : حدثنا أبو الوليد، حدثنا شعبة، أخبرنا المغيرة بن النعمان قال : سمعت سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال :
خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال :" يا أيها الناس، إنكم محشورون إلى الله حفاة عراة غرلا، ثم قال :( كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين ) إلى آخر الآية، ثم قال :" ألا وإن أول الخلائق يكسى يوم القيامة إبراهيم، ألا وإنه يجاء برجال من أمتي، فيؤخذ بهم ذات الشمال، فأقول : يا رب أُصيْحابي، فيقال : إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول كما قال العبد الصالح :( وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم )، فيقال : إن هؤلاء لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم ".
( صحيح البخاري : ٨/١٣٥ح٤٦٢٥-ك التفسير - سورة المائدة، ب الآية )و ( ١١/٣٨٥-ك الرقاق، ب الحشر )، ( صحيح مسلم : ٤/٢١٩٤- ك الجنة وصفة نعيمها وأهلها، ب فناء الدنيا وبيان الحشر يوم القيامة ).
أخرج عبد الرزاق بسنده الصحيح عن قتادة :( كنت أنت الرقيب عليهم )، قال : الحفيظ عليهم.
( إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم )
قال مسلم : حدثني يونس بن عبد الأعلى الصدفي، أخبرنا ابن وهب، قال : أخبرني عمرو بن الحارث، أن بكر بن سوادة حدثه، عن عبد الرحمن بن جبير، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا قول الله عز وجل في إبراهيم :( رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن اتبعني فإنه مني ) إبراهيم : ٣٦ الآية. وقال عيسى عليه السلام :( إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم )، فرفع يديه، وقال :" اللهم أمتي أمتي "، وبكى، فقال الله عز وجل : يا جبريل اذهب إل محمد، وربك أعلم، فسله ما يبكيك ؟ فأتاه جبريل عليه الصلاة والسلام فسأله، فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال، وهو أعلم. فقال الله : يا جبريل اذهب إلى محمد، فقل : إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك.
( صحيح مسلم : ١/١٩١ح٢٠٢-ك الإيمان، ب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأمته وبكائه شفقة عليهم ).
( رضي الله عنهم ورضوا عنه )
انظر حديث البخاري، عن أبي سعيد المتقدم، عند الآية ( ١٥ ) من آل عمران.