تفسير سورة التين

التفسير القرآني للقرآن
تفسير سورة سورة التين من كتاب التفسير القرآني للقرآن المعروف بـالتفسير القرآني للقرآن .
لمؤلفه عبد الكريم يونس الخطيب . المتوفي سنة 1390 هـ

وبدئت سورة «التين» بهذه الأقسام من الله سبحانه وتعالى، لتقرير حقيقة الإنسان وتذكيره بوجوده، وأن الله سبحانه خلقه فى أحسن تقويم، وأودع فيه القوى التي تمكّن له من الاحتفاظ بهذه الصورة الكريمة، وأن يبلغ أعلى المنازل عند الله، ولكن ميل الإنسان إلى حب العاجلة، قد أغراه باقتطاف الذات الدانية له من دنياه، دون أن يلتفت إلى الآخرة، أو يعمل لها، فردّ إلى أسفل سافلين.. وقليل هم أولئك الذين عرفوا قدر أنفسهم، فعلوا بها عن هذا الأفق الضيق، ونظروا إلى ماوراء هذه الدنيا.

بسم الله الرّحمن الرّحيم

الآيات: (١- ٨) [سورة التين (٩٥) : الآيات ١ الى ٨]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (١) وَطُورِ سِينِينَ (٢) وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (٣) لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤)
ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ (٥) إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (٦) فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ (٧) أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ (٨)
التفسير:
قوله تعالى:
«وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ. وَطُورِ سِينِينَ. وَهذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ» اختلف فى معنى التين والزيتون، وكثرت مقولات المفسرين فيهما، ويرون عن ابن عباس أنه قال فيها: «هو تينكم الذي تأكلون، وزيتونكم
1613
الذي تعصرون منه الزيت، قال تعالى: «وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ» (٤٠: المؤمنون).
ويروى عن أبى ذرّ أنه أهدى إلى النبىّ ﷺ سل من تين، فقال: «كلوا» وأكل منه، ثم قال: «لو قلت: إنّ فاكهة نزلت من الجنة لقلت هذه، لأن فاكهة الجنة بلا عجم «١»، فكلوها فإنها تقطع البواسير وتنفع من النّقرس».. وقيل التين المسجد الحرام، والزيتون المسجد الأقصى، وقيل: هما جبلان بالشام.. وقيل كثير غير هذا.
ويرجّح القرطبي أنهما التين والزيتون على الحقيقة، وقال: «لا يعدل عن الحقيقة إلى المجاز إلا بدليل» !.
ولكن إذا أخذنا بالقول بأن التين والزيتون هما هاتان الثمرتان- لا نجد جامعة بين التين والزيتون، وبين طور سينين والبلد الأمين.. وعادة القرآن أنه لا يجمع بين الأقسام إلا إذا كانت بينها علاقة تشابه أو تضادّ، وهنا لا نجد علاقة واضحة بين هاتين الفاكهتين، وبين طور سينين والبلد الأمين، اللهم إلا إذا قلنا: إن طور سيناء ينبت فيه التين والزيتون، ويطيب ثمره، فتكون العلاقة بينهما علاقة نسبة إلى المكان، ويقوّى هذه النسبة أن القرآن الكريم أشار فى موضع آخر إلى منبت شجرة الزيتون، وأن طور سيناء هو أطيب منبت لها، إذ يقول سبحانه: «وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ». (٢٠: المؤمنون) وقيل: إن التين والزيتون فاكهتان، ولكن لم يقسم بهما هنا لفوائدهما، بل لما يذكّران به من الحوادث العظيمة التي لها آثارها الباقية
(١) أي بلا نوى
.
1614
وذلك أن الله سبحانه وتعالى أراد أن يذكّرنا بأربعة فصول من كتاب الإنسان الطويل، من أول نشأته إلى مبعث النبي صلى الله عليه وسلم.
فالتين، إشارة إلى عهد الإنسان الأول، فإن آدم- كما تقول التوراة- كان يستظل فى الجنة بشجر التين، وعند ما بدت له ولزوجه سوءاتهما طفقا يخصفان عليهما من ورق التين.. فهذا أول فصل من فصول حياة الإنسان..
والزيتون، إشارة إلى الفصل الثاني، وهو عهد نوح، وذلك أنه بعد أن فسد البشر، وأهلك الله من أهلك بالطوفان، ونجّى نوحا ومن معه فى السفينة، واستقرت السفينة على اليابسة- نظر نوح- كما تقول التوراة- إلى ما حوله، فرأى الحياة لا تزال تغطى وجه الأرض، فأرسل حمامة تأتى له بدليل على انحسار المياه عن وجه الأرض، فجاءت إليه وفى فمها وريقات من شجر الزيتون، فعرف أن المياه بدأت تظهر على وجه الأرض من جديد! أما طور سينين، فهو إشارة إلى الفصل الثالث من حياة الإنسان، وهو ظهور الشريعة الموسوية، وقد كانت تلك الشريعة دعوة لكثير من أنبياء الله ورسوله إلى عهد المسيح عليه السلام، الذي كان خاتمة هذه الشريعة.
وأما البلد الأمين- وهو مكة- فقد كان مطلع الرسالة الخاتمة لما شرع الله للناس، وبها يختم الفصل الأخير من حياة الإنسان على هذه الأرض..
وهذه كلها أقوال متقاربة، يمكن أن يؤخذ بأيّ منها، أو بها جميعها.
[مسيرة الإنسان.. إلى أمام، أم وراء؟] وقوله تعالى:
«لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ
1615
إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ».
هو جواب القسم، وهو المقسم عليه، لتوكيده، وتقريره بالقسم.
وفى توكيد هذا الخبر، وهو خلق الإنسان فى أحسن تقويم- إشارة إلى كثير ممن تشهد عليهم أفعالهم بأنهم ينكرون خلقهم القويم هذا، ولا يعرفون قدره فينزلون إلى مرتبة الحيوان، ويسلمون قياد وجودهم إلى شهواتهم البهيمية، غير ملتفتين إلى ما أودع الخالق فيهم من عقل حمل أمانة أبت السموات والأرض والجبال أن يحملنها وأشفقن منها، فضيع الإنسان هذه الأمانة، ولا كها فى فمه كما تلوك البهيمة العشب.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى:
«ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ».. فلقد ردّ الإنسان بهذه الغفلة عن وجوده الحقيقي، إلى الوراء، منكّسا فى خلقه، حتى بلغ أدنى مراتب الحيوانية، وصار وراء الحيوان الأعجم الذي تسيره طبيعته التي ركبت فيه، على خلاف هذا الإنسان الذي غيّر فطرته، وانتقل من عالم الإنسان إلى عالم الحيوان، فلم يصبح حيوانا، ولم يعد إنسانا! يقول الأستاذ الإمام محمد عبده عن الإنسان وخلقه فى أحسن تقويم، ورده إلى أسفل سافلين: «وما أشبهه- أي الإنسان- فى حاله الأولى- بثمرة التين، تؤكل كلها، لا يرمى منها شىء.. والإنسان- أي فى حاله الأولى- كان صلاحا كله، لم يشذّ عن الجماعة منه فرد، تلك كانت أيام القناعة بما تيسر له من العيش، وشدة الإحساس بحاجة كل فرد إلى الآخر فى تحصيله، وفى دفع العوادي عن النفس.. تنّبهت الشهوات بعد ذلك وتخالفت الرغبات، فنبت الحسد والحقد، وتبعه التقاطع، واستشرى الفساد بالأنفس، حتى صارت الأمانة عند بعض الحيوان، أفضل منها عند الإنسان، فانحطت بذلك نفسه عن مقامها الذي كان لها بمقتضى الفطرة، وقد كان ذلك- ولا يزال- حال أكثر
1616
الناس. فهذا قوله: «ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ» ! ونظرة الأستاذ الإمام هنا، قائمة على أن الإنسان فى حال التذاجة والبدائية كان خيرا منه فى حال الحضارة والمدينة، أو بمعنى آخر، أنه كان فى حياة الغابة بين الحيوان، لا يتكلف لحياته أكثر ممّا يتكلّف الحيوان، حيث يأكل مما يأكل الحيوان، ويسكن فى كهوف، وأجحار كما يسكن الحيوان- كان فى هذه الحياة خيرا منه فى حياة المدن، وما ولّد له عقله فيها من قوّى سخّر بها الطبيعة، واستخرج منها كنوزها المودعة فى كيانها، وأمسك بمفاتح أسرارها، فاستضاء بالكهرباء، واتخذ الهواء مركبا له، بل وصعّد فى السماء حتى وضع قدميه على القمر، وهو بسبيل أن يضع أقدامه على الكواكب الأخرى!! ولو صحّ هذا الذي يقوله الأستاذ الإمام، لكان معناه أن الحياة الإنسانية تسير إلى الوراء، وهذا ما لا تسير عليه الحياة، ولا ما تقتضيه سنّة التطور فى الكائن الحىّ نفسه.. فالإنسان بدأ من طين، ثم صار خلقا سويّا، فى أطوار ينتقل فيها من أسفل إلى أعلى.. من التراب، ثم النطفة، ثم العلقة، ثم المضغة.. ثم.. ثم.. إلى أن يكون طفلا، ثم غلاما، ثم شابّا، ثم رجلا.. كذلك الشأن فى عالم النبات.. البذرة، ثم النّبتة، ثم الشجرة، ثم الدّوحة العظيمة.. وهكذا.. حتى فى عالم الجماد.
وإنه لأولى من هذا أن تكون هذه النظرة مقصورة على الأفراد فى أنواعها، لا على الأنواع فى أفرادها، بمعنى أن الأفراد تدور فى فلك محدود يكون لها فيه شروق وغروب، وصعود وهبوط، وازدهار وذبول، ونضج وعطب.. أما الأنواع- مع ما يقع فى أفرادها من تحول وتبدّل- فهى سائرة إلى الأمام أبدا، متطورة إلى ما هو أحسن وأكمل.. وشاهد (م ١٠٢- التفسير القرآنى ج ٣٠)
1617
هذا الشرائع السماوية نفسها، فما كملت شريعة السماء إلا فى الشريعة الإسلامية، التي التقت مع الإنسان بعد هذه الدورات الطويلة الممتدة من مسيرة الحياة الإنسانية- فهذا هو معيار الإنسان، ووزنه الذي يوزن به! ودورة الإنسان هذه على هذه الأرض هى دورة جزيئة فى فلك الوجود، إذا غربت شمسه على هذه الأرض، طلعت من جديد فى عالم آخر، هو عالم الخلود!.
أما قوله تعالى: «ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ» - فهذا حكم على الإنسان فى أفراده، لا فى نوعه، فالإنسان- كفرد- يولد- فى أىّ زمن من أزمان الحياة الإنسانية «فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ» بما أودع الخالق فيه من عقل مبصر، وفطرة سليمة، ثم إن كثيرا من الناس يطفئون نور عقولهم بأيديهم، ويغتالون فطرتهم بشهواتهم، فيفسدون وجودهم الإنسانىّ ويردّون إلى عالم الحيوان، وقليل منهم يحتفظون بوجودهم الإنسانىّ- عقلا وفطرة- فيكونون شاهدا قائما على أن الإنسان- فى كل زمن هو خليفة الله فى هذه الأرض، وهو سيّد ما عليها من مخلوقات، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى: «إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ».. فهؤلاء الذين آمنوا وعملوا الصالحات، هم الإنسان، وهؤلاء هم الإنسان الذي يتناول من ربّه أجره الإنسان كاملا فى الدنيا والآخرة، وإنه لأجر يتكافأ مع هذا الخلق العظيم الذي خلق عليه فى أحسن تقويم، لا يناله غيره من عالم الأحياء.. إنه أجر مقدّر بقدره محسوب بشرف خلقه.. أما من نزلوا عن هذا القدر وتخلّوا عن هذا الشرف، فلهم الأجر الذي هم أهله: «يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ وَالنَّارُ مَثْوىً لَهُمْ» وهل للأنعام إلا أن تسمّن، وتذبح، ثم تكون وقودا للبطون الجائعة؟.
إن الوجود فى تطور، وفى نماء، وهذا بعض ما يشير إليه قوله تعالى:
1618
«يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ».. (١: فاطر).. وإن نظرة فى تاريخ الإنسانية لترينا أن الإنسان فى أول ظهوره على هذا الكوكب الأرضى، كان أقرب إلى الحيوان منه إلى الإنسان، يسكن الغابات والكهوف، ويعيش عاريا أو شبه عار، لا يستره إلا ورق الشجر أو نحوه، كما لا تزال شواهد من هذا قائمة فى البيئات المتخلّفة، كما فى الزنوج، والهنود الحمر..
فهذا الإنسان البدائى كان- ولا يزال- محكوما يغرائزه الحيوانية..
أما هذا الإنسان الذي شهد عهد النبوّات، فهو وليد حياة متطورة، قطع الإنسان مسيرتها فى مئات الألوف من السنين، حتى أصبح أهلا لأن يخاطب من السماء، وأن تناط به التكاليف الشرعية، وأن يكون محلّا للحساب، والثواب، والعقاب.
والنظرة التي ينظر بها إلى الإنسان على أن أمسه خير من يومه، ويومه خير من غده، وأنه سائر فى طريق يتدلّى به سلّما سلّما من السماء إلى الأرض- هذه النظرة خاطئة من وجوه:
فأولا: أنها نظرة محصورة فى الوجود الذاتي للإنسان.. فالإنسان فى نظرته إلى نفسه يرى أن واقعه الذي يعيش فيه، غير محقّق لرضاه عنه، أيّا كان هذا الوجود، وأيّا كان حظّه مما لم يظفر به غيره.. إنه يتطلع دائما إلى ما هو أفضل..
وثانيا: وتأسيسا على هذا، أن عدم رضا الإنسان عن واقعه، وتطلعه إلى المستقبل الذي لا يجد فيه ما يرضيه- هذا التطلع- يشرف به على عالم مجهول، لا يدرى ما سيطلع عليه منه، فلا يجد إلا الماضي الذي يعيش فى ذكرياته، وإنه حين ينظر إلى هذا الماضي لا يذكر منه إلّا ما كان موضع مسرّته ورضاه.. أما ما يسوءه منه فإنه يختفى من حياته، ولهذا كان الحنين إلى الماضي رغبة منبعثة من صدور كل إنسان.
1619
وثالثا: وتأسيسا على هذا أيضا- كان هذا الإحساس الذي يجده الإنسان دائما من تقديس الماضي وتمجيده، وأنه بقدر ما يبعد الزمن فى أغوار الماضي، بقدر تعدّد ما يلبس من أثواب التقديس والتمجيد.
فالحياة بخير، والإنسانية فى طريقها من الأرض إلى السماء، وليست فى هبوط من السماء إلى الأرض!! قوله تعالى:
«فَما يُكَذِّبُكَ بَعْدُ بِالدِّينِ أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ».
الدّين هنا، هو ما يدين به الإنسان لخالقه الذي خلقه فى أحسن تقويم، وهو الاحتفاظ بهذه المنزلة العالية التي له فى عالم المخلوقات، بما له من عقل مبصر، ونظرة سليمة.
والمراد بالتكذيب، هو إنكار هذا العقل، وعدم الإصغاء إليه.
والتخلّي عن هذه الفطرة، وتعطيل وظيفتها.
والاستفهام إنكارى، بكشف عن حال أولئك الذين خرجوا عن إنسانيتهم تلك، وتحوّلوا إلى دنيا الحيوان، بلا عقل، ولا قلب!! وقوله تعالى: «أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ» هو إنكار بعد إنكار، لمن زهدوا فيما أودع الخالق فيهم من آياته، فردّوها، وعرّوا أنفسهم منها، كأنهم لا يرضون بما زيّنهم الله به، وكأنهم يرون أن ما صنع الله بهم ليس على التمام والكمال، فهم يزهدون فيه، ويطلبون لأنفسهم ما هو أحكم وأكمل!! فالتكذيب بالدين لا يكون من إنسان عاقل رشيد، وإنما يكون ممن سفه نفسه وجهل قدره!
1620
(٩٦) سورة العلق
نزولها: مكية.. أول ما نزل من القرآن الكريم.
عدد آياتها: تسع عشرة آية.
عدد كلماتها: اثنتان وتسعون كلمة.
عدد حروفها: مائتان وثمانون حرفا.
مناسبتها لما قبلها كانت سورة «التين» مواجهة للإنسان فى خلقه القويم، الجليل، الذي خلقه الله عليه، وأن هذا الإنسان إذا استطاع أن يحتفظ بهذا الخلق الكريم، كان فى أعلى عليين.. أما إذا لم يحسن سياسة هذا الخلق، ولم يحسن تدبيره فإنه يهوى إلى أسفل سافلين.
وتبدا سورة «العلق» بهذه الواجهة مع الإنسان فى أعلى منازله، وأكرم وأشرف صورة له، وهو رسول الله «محمد» صلوات الله وسلامه عليه، مدعوّا من ربه إلى أكمل كمالات الإنسان، وأكرم ما يتناسب مع كماله وشرفه، وهو القراءة، التي هى مجلى العقل، ومنارة هديه ورشده.
وبهذا تكون المناسبة جامعة بين السورتين، ختاما، وبدءا.
1621
Icon