تفسير سورة الزلزلة

فتح الرحمن في تفسير القرآن
تفسير سورة سورة الزلزلة من كتاب فتح الرحمن في تفسير القرآن المعروف بـفتح الرحمن في تفسير القرآن .
لمؤلفه مجير الدين العُلَيْمي . المتوفي سنة 928 هـ

سورة الزلزلة
مدنية، وقيل: مكية، وآيها: ثماني آيات، وحروفها: مئة وخمسة وخمسون حرفًا، وكلمها: خمس وثلاثون كلمة.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

﴿إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا (١)﴾.
[١] ﴿إِذَا زُلْزِلَتِ﴾ حُرِّكَت ﴿الْأَرْضُ﴾ بعنف لقيام الساعة ﴿زِلْزَالَهَا﴾ تحريكَها الشديد.
...
﴿وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا (٢)﴾.
[٢] ﴿وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا﴾ موتاها وكنوزها، فتُلقيها على ظهرها.
...
﴿وَقَالَ الْإِنْسَانُ مَا لَهَا (٣)﴾.
[٣] ﴿وَقَالَ الْإِنْسَانُ﴾ الكافر ﴿مَا لَهَا﴾ زلزلت حتى أخرجت ما فيها؟!
...
﴿يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (٤)﴾.
[٤] ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ بدل من (إِذَا)، والعامل في (إِذَا) جوابها، وهو:
﴿تُحَدِّثُ﴾ الخلقَ ﴿أَخْبَارَهَا﴾ بأن تشهد بعمل العاملين عليها، فتشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها؛ بأن تقول: عمل (١) كذا وكذا يوم كذا وكذا.
...
﴿بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (٥)﴾.
[٥] ﴿بِأَنَّ﴾ أي: تحدث بسبب أنَّ ﴿رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا﴾ أمرها بأن تخبر بما عليها.
...
﴿يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (٦)﴾.
[٦] ﴿يَوْمَئِذٍ﴾ بدل من (يَوْمَئِذٍ) قبلُ ﴿يَصْدُرُ النَّاسُ﴾ ينصرفون من موقف الحساب بعد العرض. قرأ حمزة، والكسائي، وخلف، ورويس عن يعقوب: (يَصْدُرُ) بإشمام الصاد الزاي (٢) ﴿أَشْتَاتًا﴾ فرقًا مختلفين، فالمؤمنون إلى الجنة، والكافرون إلى النار، ونصبه على الحال.
﴿لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ﴾ أي: جزاءها، واللام في (لِيُرَوْا) متعلقة بـ (يَصْدُرُ).
...
﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (٧)﴾.
[٧] ﴿فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ﴾ وزنَ نملةٍ صغيرة ﴿خَيْرًا يَرَهُ﴾.
(١) "عمل" زيادة من "ت".
(٢) انظر: "إتحاف فضلاء البشر" للدمياطي (ص: ٢٤٢)، و"معجم القراءات القرآنية" (٨/ ٢١١).
﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (٨)﴾.
[٨] ﴿وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ﴾ فيرى الخير كلَّه من كان مؤمنا، والكافر لا يرى في الآخرة خيرًا؛ لأنّ خيره قد عجل له في دنياه، وكذلك المؤمن أيضًا تعجل له سيئاته الصغائر في دنياه (١) في المصائب والأمراض ونحوها. قرأ هشام عن ابن عامر: (يَرَهْ) بإسكان الهاء في الحرفين، وروي عن أبي جعفر ثلاثة أوجه: الإسكان كهشام، واختلاس الضمة، وإشباعها، وروي عن يعقوب: الاختلاس والصلة، وقرأ الباقون: بالإشباع في الصلة (٢).
وروي أنّه كان بالمدينة رجلان، أحدُهما لا يبالي عن الصغائر يرتكبها، وكان الآخر يريد أن يتصدق، فلا يجد إِلَّا اليسير فيستحيي من الصَّدقة، فنزلت الآية فيهما؛ كأنّه يقال لأحدهما: تصدَّقْ باليسير؛ فإن مثقال ذرة الخير يُرى، وقيل للآخر: كف عن الصغائر؛ فإن مثقال ذرة الشر يُرى (٣)، والله أعلم.
* * *
(١) "في دنياه" ساقطة من "ت".
(٢) انظر: "السبعة" لابن مجاهد (ص: ٦٩٤)، و"الكشف" لمكي (٢/ ٣٨٦)، و"النشر في القراءات العشر" لابن الجزري (١/ ٣١١)، و"معجم القراءات القرآنية" (٨/ ٢١٢).
(٣) انظر: "تفسير البغوي" (٤/ ٦٦٧)، و"المحرر الوجيز" لابن عطية (٥/ ٥١٢)، و"تفسير القرطبي" (٢٠/ ١٥١).
Icon