ﰡ
مكية على الصحيح، وآياتها ثلاث آيات. وفيها يذكر الله أنه أعطى نبيه الخير الكثير ثم يطالبه بالصلاة والصدقة شكرا له على ما أنعم.
[سورة الكوثر (١٠٨) : الآيات ١ الى ٣]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (١) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (٢) إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (٣)المفردات:
الْكَوْثَرَ: الشيء الكثير. قيل لأعرابية رجع ابنها من سفر: بم رجع ابنك؟
فقالت: رجع بكوثر، وقيل: هو نهر في الجنة. شانِئَكَ: مبغضك.
الْأَبْتَرُ: مقطوع الأثر والذكر.
المعنى:
كان المشركون حينما يرون النبي والمسلمين في قلة من العدد وقلة من المال يستخفون بهم ويهونون من شأنهم ظانين أن الحق والخير إنما يكون مع المال والغنى وكثرة العدد، وإذا رأوا النبي وقد مات له ولد قالوا: قد بتر محمد ولم يبق له ذكر، وكان المنافقون كذلك إذا رأوا ما عليه المسلمون من شدة وضيق ذات اليد انتظروا منهم السوء ومنوا أنفسهم بالغلبة عليهم، وكان ضعاف المسلمين ربما وقع في نفوسهم شيء من خواطر السوء إذا وقعوا في ضيق أو شدة لهذا كله نزلت السورة تبين ما عليه النبي صلّى الله عليه وسلّم وما أعطى من الخير الكثير في الدنيا والآخرة، وما سيؤول إليه حال حاسديه ومبغضيه، ولعلنا نعتبر بذلك ونرضى!
وسعادة الدنيا والآخرة لك ولأصحابك ولأمتك إلى يوم القيامة؟! نعم أعطاك هذا كله، ومن بينه الكوثر- إذا فسر بنهر في الجنة- وإذا كان الأمر كذلك فصل لربك وتوجه إليه وحده وتوكل عليه ولا ترج غيره فإنه نعم المولى ونعم النصير، صل لله وانحر ذبيحتك مما هو نسك لله، كل هذا له وحده فإنه هو الذي رباك وأعطاك وهداك ووفقك.
أما شانئوك وحاسدوك ومبغضوك فهم المقطوع أثرهم، الذين لا يبقى لهم ذكر جميل، وقد شبه الله الذكر الجميل بذنب الحيوان لأنه يتبعه وهو زينة له، وشبه الحرمان من الأثر الطيب بقطع الذنب، وقد شاع البتر في ذلك، وبعض العلماء يفسر الصلاة بصلاة العيد، والنحر بالأضحية فقط، وليس هذا بسديد.