وهي ثماني آيات، وقيل : إحدى عشرة آية، وقيل : عشر آيات. وهي مكية بلا خلاف. قال ابن عباس : نزلت بمكة.
ﰡ
قرأ الجمهور بالرفع وقريء بنصبها على تقدير احذروا القارعة، والإستفهام للتفخيم والتعظيم لشأنها كما تقدم بيانه في قوله (الحاقة ما الحاقة) وقيل معنى الكلام على التحذير.
قال الزجاج والعرب تحذر وتغري بالرفع كالنصب، والحمل على معنى التفخيم والتعظيم أولى ويؤيده وضع الظاهر موضع المضمر، فإنه أدل على هذا المعنى ويؤيده أيضاًً قوله:
وقال ابن عطية ومكي وأبو البقاء هو منصوب بنفس القارعة وقيل هو خبر مبتدأ محذوف وإنما نصب لإضافته إلى الفعل، فالفتحة فتحة بناء لا فتحة إعراب أي هي يوم يكون إلخ وقيل التقدير ستأتيكم القارعة يوم يكون إلخ.
وقرأ زيد بن على برفع يوم على الخبرية للمبتدأ المقدر. والفراش الطير الذي تراه يتساقط في النار والسراج، الواحدة فراشة كذا قال أبو عبيدة وغيره.
قال الفراء الفراش هو الطائر من بعوض وغيره ومنه الجراد قال وبه يضرب المثل في الطيش والهوج، يقال أطيش من فراشة.
والمراد بالمبثوث المتفرق المنتشر يقال بثه إذا فرقه. ومثل هذا قوله سبحانه في آية أخرى (كأنهم جراد منتشر).
وقال المبثوث ولم يقل مبثوثة لأن الكل جائز كما في قوله (أعجاز نخل منقعر) (أعجاز نخل خاوية) وقد تقدم بيان وجه ذلك.
وفي تشبيه الناس بالفراش مبالغات شتى منها الطيش الذي يلحقهم وإنتشارهم في الأرض وركوب بعضهم بعضاً. والكثرة والضعف والتذلل إجابة الداعي من كل جهة والتطاير إلى النار.
وقيل المعنى فاعلة للرضاء وهو اللين والإنقياد لأهلها، والعيشة كلمة تجمع النعم التي في الجنة.
قال قتادة يعني فمصيره إلى النار، قال عكرمة لأنه يهوي فيها على أم رأسه، قال الأخفش أمه مستقرة، قال ابن عباس هاوية كقوله هوت أمه، وعن عكرمة قال أم رأسه هاوية في جهنم.
قال الخطيب أي نار نازلة سافلة جداً فهو بحيث لا يزال يهوي فيها نازلاً فهو في عيشة ساخطة فالآية من الإحتباك: ذكر العيشة أولاً دليلاً على حذفها ثانياً وذكر الأم ثانياً دليلاً على حذفها أولاً.
وأخرج ابن مردويه عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
وبقي قسم ثالث غير مذكور في الآية وهو من استوت حسناته وسيئاته، قال المناوي من رجحت حسناته بسبب زيادتها على السيئات فهو في الجنة بغير حساب، ومن استوت حسناته وسيئاته فيحاسب حساباً يسيراً، ومن رجحت سيئاته على حسناته أي بسبب زيادتها فيشفع فيه أو يعذب.
ثم بينها سبحانه بقوله
هي ثمان آيات وهي مكية عند الجميع وروى البخاري أنها مدنية: قال ابن عباس نزلت بمكة.
عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - " ألا يستطيع أحدكم أن يقرأ ألف آية في كل يوم "، قالوا ومن يستطيع أن يقرأ ألف آية في كل يوم، قال " أما يستطيع أحدكم أن يقرأ (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ) " أخرجه الحاكم والبيهقي في الشعب، قال المنذري رجال إسناده ثقات إلاّ أن عقبة لا أعرفه.
وعن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - " من قرأ في ليلة ألف آية لقي الله وهو ضاحك في وجهه قيل يا رسول الله ومن يقوى على ألف آية فقرأ " بسم الله الرحمن الرحيم (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ) إلى آخرها ثم قال والذي نفسي بيده إنها لتعدل ألف آية " أخرجه الخطيب في المتفق والمفترق والديلمي.
وأخرج مسلم والترمذي والنسائي وغيرهم عن عبد الله بن الشخير قال: " انتهيت إلى رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - وهو يقرأ
وعن جرير بن عبد الله قال: قال لنا رسول الله - ﷺ -: " إني قارئ عليكم سورة (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ) فمن بكى فله الجنة " فقرأها فمنا من بكى، ومنا من لم يبك فقال الذين لم يبكوا قد جهدنا يا رسول الله أن نبكي فلم نقدر عليه، فقال " إني قارئها عليكم الثانية فمن بكى فله الجنة، ومن لم يقدر أن يبكي فليتباك " أخرجه البيهقي في الشعب وضعفه، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول.
بسم الله الرحمن الرحيم
أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ (١) حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (٢) كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٣) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (٤) كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ (٥) لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ (٦)