تفسير سورة العنكبوت

أحكام القرآن للجصاص
تفسير سورة سورة العنكبوت من كتاب أحكام القرآن المعروف بـأحكام القرآن للجصاص .
لمؤلفه الجصَّاص . المتوفي سنة 370 هـ

أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ قَضَى مُوسَى أَتَمَّ الْأَجَلَيْنِ وَأَوْفَاهُمَا
قَوْله تَعَالَى وَإِذا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ الْآيَةَ قَالَ مُجَاهِدٌ كَانَ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أَسْلَمُوا فَآذَاهُمْ الْمُشْرِكُونَ فَصَفَحُوا عَنْهُمْ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ هَذَا سَلَامُ مُتَارَكَةٍ وَلَيْسَ بِتَحِيَّةٍ وَهُوَ نَحْوُ قَوْلِهِ وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً وقوله وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا وَقَالَ إبْرَاهِيمُ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَظُنُّ أَنَّ هَذَا يَجُوزُ عَلَى جَوَازِ ابْتِدَاءِ الْكَافِرِ بِالسَّلَامِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا وَصَفْنَا مِنْ أَنَّ السَّلَامَ يَنْصَرِفُ عَلَى مَعْنَيَيْنِ أَحَدِهِمَا الْمُسَالَمَةُ الَّتِي هِيَ الْمُتَارَكَةُ وَالثَّانِي التَّحِيَّةُ الَّتِي هِيَ دُعَاءٌ بِالسَّلَامَةِ وَالْأَمْنِ نَحْوَ تَسْلِيمِ الْمُسْلِمِينَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُؤْمِنِ عَلَى الْمُؤْمِنِ سِتٌّ أحدهما أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِ إذَا لَقِيَهُ وقَوْله تَعَالَى وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها وقوله تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلّم في الكفار لا تبدؤهم بالسلام وأنه إذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَقُولُوا وَعَلَيْكُمْ
قوله فَوَكَزَهُ مُوسى فَقَضى عَلَيْهِ وقال تعالى وَقَتَلْتَ نَفْساً فَأَخْبَرَ أَنَّهُ قَتَلَهُ بِوَكْزِهِ ثُمَّ قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فقال بعضهم هذا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقَتْلَ بِاللَّطْمَةِ عَمْدٌ لَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَقُلْ إنِّي ظَلَمْت نَفْسِي عَلَى الْإِطْلَاقِ وَهَذَا خَطَأٌ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ ظَلَمْت نَفْسِي بِإِقْدَامِي عَلَى الْوَكْزِ مِنْ غَيْرِ تَوْقِيفٍ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى أَنَّ الْقَتْلَ عَمْدٌ إذْ الظُّلْمُ لَا يَخْتَصُّ بِالْقَتْلِ دُونَ الظُّلْمِ وَكَانَ صَغِيرَةً وقَوْله تَعَالَى فَلَمَّا قَضى مُوسَى الْأَجَلَ وَسارَ بِأَهْلِهِ يَسْتَدِلُّ بِهِ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يُسَافِرَ بِامْرَأَتِهِ وَيَنْقُلَهَا إلَى بَلَدٍ آخَرَ وَيُفَرِّقَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَبَوَيْهَا وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عِنْدِي عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ فَعَلَ برضاها آخر سورة القصص.
سُورَةِ الْعَنْكَبُوتِ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قَوْله تعالى وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً
رَوَى أَبُو عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ قَالَ الصَّلَوَاتُ لِوَقْتِهِنَّ قُلْت ثُمَّ مَهْ قَالَ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قُلْت ثُمَّ مَهْ قَالَ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ
وَرَوَى أَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ عَاقٌّ وَلَا مُدْمِنُ خَمْرٍ
وَالْآيَةُ وَالْخَبَرُ يَدُلَّانِ مَعًا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَقْتُلَ أَبَاهُ وَإِنْ كَانَ مُشْرِكًا
وَنَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَنْظَلَةَ بْنَ أَبِي عَامِرٍ عَنْ قَتْلِ أَبِيهِ وَكَانَ مُشْرِكًا
وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ
Icon