تفسير سورة سورة العنكبوت من كتاب تنوير المقباس من تفسير ابن عباس
المعروف بـتفسير ابن عباس
.
لمؤلفه
الفيروزآبادي
.
المتوفي سنة 817 هـ
ﰡ
وبإسناده عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى ﴿الم﴾ يَقُول أَنا الله أعلم وَيُقَال قسم أقسم بِهِ بقوله وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذين مِن قبلهم
﴿أَحسب النَّاس﴾ أيظن أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿أَن يتْركُوا﴾ يمهلوا بعد مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ﴿أَن يَقُولُوا﴾ بِأَن يَقُولُوا آمنا بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن ﴿وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ﴾ لَا يبتلون بالهوى والبدعة وانتهاك الْمَحَارِم
﴿وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذين مِن قَبْلِهِمْ﴾ ابتلينا الَّذين من قبل أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد النَّبِيين بالهوى والبدعة وانتهاك الْمَحَارِم ﴿فَلَيَعْلَمَنَّ الله﴾ لكَي يرى الله ويميز ﴿الَّذين صَدَقُواْ﴾ فِي إِيمَانهم باجتناب الْهوى والبدعة وَترك الْمَحَارِم ﴿وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبين﴾ يَعْنِي المكذبين فِي إِيمَانهم بالهوى والبدعة وانتهاك الْمَحَارِم
ثمَّ نزل فِي أبي جهل بن هِشَام والوليد بن الْمُغيرَة وَعتبَة وَشَيْبَة ابْني ربيعَة الَّذين بارزوا على بن أَبى طَالب رضى الله عَنهُ وَحَمْزَة بن عبد الْمطلب عَم النبى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَعبيدَة بن عبد الْمطلب يَوْم بدر وتفاخر بَعضهم على بعض فَقَالَ ﴿أَمْ حَسِبَ﴾ أيظن ﴿الَّذين يَعْمَلُونَ السَّيِّئَات﴾ فِي الشّرك بِاللَّه ﴿أَن يَسْبِقُونَا﴾ أَن يفوتوا من عذابنا ﴿سَآءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾ بئس مَا يقضون ويظنون لأَنْفُسِهِمْ ذَلِك
﴿مَن كَانَ يَرْجُو﴾ يخَاف ﴿لِقَآءَ الله﴾ الْبَعْث بعد الْمَوْت ﴿فَإِنَّ أَجَلَ الله﴾ الْبَعْث بعد الْمَوْت ﴿لآتٍ﴾ لكائن ﴿وَهُوَ السَّمِيع﴾ لمقالة كلا الْفَرِيقَيْنِ يَوْم بدر ﴿الْعَلِيم﴾ بِمَا يصيبهم
ثمَّ نزل فِي عَليّ وصاحبيه بِمَا افْتَخرُوا فَقَالَ ﴿وَمَن جَاهَدَ﴾ فِي سَبِيل الله يَوْم بدر ﴿فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ﴾ فَلهُ بذلك الثَّوَاب ﴿إِنَّ الله لَغَنِيٌّ عَنِ الْعَالمين﴾ عَن جِهَاد الْعَالمين
﴿وَالَّذين آمَنُواْ﴾ عَليّ وصاحباه ﴿وَعَمِلُواْ الصَّالِحَات﴾ الطَّاعَات فِيمَا بَينهم وَبَين رَبهم ﴿لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ﴾ لنمحصن عَنْهُم ذنوبهم دون الْكَبَائِر ﴿وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كَانُواْ يَعْمَلُونَ﴾ فِي جهادهم
﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَان﴾ أمرنَا الْإِنْسَان سعد بن أبي وَقاص ﴿بِوَالِدَيْهِ﴾ بِمَالك وَحمْنَة بنت أبي سُفْيَان ﴿حُسْناً﴾ برا بهما ﴿وَإِن جَاهَدَاكَ﴾ أمراك وأراداك ﴿لِتُشْرِكَ﴾ لتعدل ﴿بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾ أَنه شَرِيكي وَلَك علم أَنه لَيْسَ لي شريك ﴿فَلاَ تُطِعْهُمَآ﴾ فِي الشّرك وَكَانَ أَبَوَاهُ مُشْرِكين ﴿إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ﴾ مرجعك ومرجع أَبَوَيْك ﴿فَأُنَبِّئُكُم﴾ فأخبركم ﴿بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ من الْخَيْر وَالشَّر فِي الْكفْر وَالْإِيمَان
﴿وَالَّذين آمنُوا﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن ﴿وَعَمِلُواْ الصَّالِحَات﴾ الطَّاعَات فِيمَا بَينهم وَبَين رَبهم فِي كل زمَان ﴿لَنُدْخِلَنَّهُمْ فِي الصَّالِحين﴾ مَعَ الصَّالِحين وَفِي الْجنَّة أبي بكر الصّديق وَعمر الْفَارُوق وَعُثْمَان ذِي النورين وَعلي الْأمين رضى الله عَنْهُم
﴿وَمِنَ النَّاس﴾ وَهُوَ عَيَّاش بن أبي ربيعَة المَخْزُومِي ﴿مَن يِقُولُ آمَنَّا بِاللَّه﴾ صدقنا بتوحيد الله ﴿فَإِذَآ أُوذِيَ فِي الله﴾ عذب فِي دين الله ﴿جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاس﴾ عَذَاب النَّاس بالسياط ﴿كَعَذَابِ الله﴾ فِي النَّار دَائِما حَتَّى كفر وَرجع عَن دينه ﴿وَلَئِنْ جَآءَ نَصْرٌ مِّن رَّبِّكَ﴾ فتح مَكَّة ﴿لَيَقُولُنَّ﴾ عَيَّاش وَأَصْحَابه ﴿إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ﴾ على دينكُمْ ﴿أَوَ لَيْسَ الله بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالمين﴾ قُلُوب الْعَالمين من الْخَيْر وَالشَّر ثمَّ أسلم عَيَّاش وَأَصْحَابه بعد ذَلِك وَحسن إسْلَامهمْ
﴿وَلَيَعْلَمَنَّ﴾ يرى ويميز ﴿الله الَّذين آمَنُواْ﴾ فِي السِّرّ وَالْعَلَانِيَة ﴿وَلَيَعْلَمَنَّ﴾ يرى ويميز ﴿الْمُنَافِقين﴾ يَوْم بدر
﴿وَقَالَ الَّذين كَفَرُواْ﴾ كفار مَكَّة أَبُو جهل وَأَصْحَابه ﴿لِلَّذِينَ آمَنُواْ﴾ عَليّ وسلمان وأصحابهما ﴿اتبعُوا سَبِيلَنَا﴾ ديننَا فِي عبَادَة الْأَوْثَان ﴿وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ﴾ ذنوبكم عَنْكُم يَوْم الْقِيَامَة ﴿وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ﴾ ذنوبهم ﴿مِّن شَيْءٍ﴾ يَوْم الْقِيَامَة ﴿إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ﴾ فِي مقالتهم
﴿وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ﴾ أوزارهم يَوْم الْقِيَامَة ﴿وَأَثْقَالاً﴾ مثل أوزار الَّذين يضلونهم ﴿مَّعَ أَثْقَالِهِمْ﴾ مَعَ أوزارهم ﴿وليسألن يَوْمَ الْقِيَامَة عَمَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ﴾ يكذبُون على الله
﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَى قَوْمِهِ فَلَبِثَ فِيهِمْ﴾ فَمَكثَ فيهم ﴿أَلْفَ سَنَةٍ إِلاَّ خَمْسِينَ عَاماً﴾ يَدعُوهُم إِلَى التَّوْحِيد فَلم يُجِيبُوهُ ﴿فَأَخَذَهُمُ الطوفان﴾ فأهلكهم الله بالطوفان ﴿وَهُمْ ظَالِمُونَ﴾ كافرون
﴿فأَنْجَيْناهُ﴾ نوحًا ﴿وأَصْحَابَ السَّفِينَة﴾ وَمن آمن مَعَه فِي السَّفِينَة ﴿وَجَعَلْنَاهَآ﴾ سفينة نوح ﴿آيَةً﴾ عِبْرَة ﴿للْعَالمين﴾ بعدهمْ
﴿وَإِبْرَاهِيمَ﴾ وَأَرْسَلْنَا إِبْرَاهِيم إِلَى قومه ﴿إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعبدوا الله﴾ وحدوا الله ﴿واتقوه﴾ اخشوه وأطيعوه بِالتَّوْبَةِ من الْكفْر والشرك وَعبادَة الْأَوْثَان ﴿ذَلِكُم﴾ التَّوْبَة والتوحيد ﴿خَيْرٌ لَّكُمْ﴾ مِمَّا أَنْتُم عَلَيْهِ ﴿إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ ذَلِك وتصدقون وَلَكِن لَا تعلمُونَ وَلَا تصدقُونَ
﴿إِنَّمَا تَعْبدُونَ من دون الله أوثانا﴾ أَحْجَار ﴿وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً﴾ وتقولون كذبا وتنحتون بِأَيْدِيكُمْ مَا تَعْبدُونَ من دون الله ﴿إِنَّ الَّذين تَعْبُدُونَ مِن دُونِ الله﴾ من الْأَوْثَان ﴿لاَ يَمْلِكُونَ لكم رزقا﴾ لَا يقدرُونَ أَن يرزقوكم ﴿فابتغوا عِندَ الله الرزق﴾ فَاطْلُبُوا من الله الرزق ﴿واعبدوه﴾ ووحدوه ﴿واشكروا لَهُ﴾ بِالتَّوْحِيدِ ﴿إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ بعد الْمَوْت فيجزيكم بأعمالكم
﴿وَإِن تكذبوا﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بالرسالة با معشر قُرَيْش ﴿فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ﴾ رسلهم بالرسالة فأهلكناهم ﴿وَمَا عَلَى الرَّسُول إِلاَّ الْبَلَاغ﴾ تَبْلِيغ الرسَالَة عَن الله ﴿الْمُبين﴾ يبين لَهُم بلغَة يعلمونها
﴿أَوَلَمْ يَرَوْاْ﴾ يخبروا كفار مَكَّة فِي الْكتاب ﴿كَيفَ يبدئ الله الْخلق﴾ من النُّطْفَة ﴿ثُمَّ يُعِيدُهُ﴾ يَوْم الْقِيَامَة ﴿إِنَّ ذَلِك﴾ إبداءه وإعادته ﴿عَلَى الله يسير﴾ هَين
﴿قُلْ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿سِيرُواْ﴾ سافروا ﴿فِي الأَرْض فانظروا كَيْفَ بَدَأَ﴾ الله ﴿الْخلق﴾ من النُّطْفَة وأهلكهم بعد ذَلِك ﴿ثمَّ الله ينشئ النشأة الْآخِرَة﴾ يخلق الله الْخلق يَوْم الْقِيَامَة ﴿إِنَّ الله على كُلِّ شَيْءٍ﴾ من الْخلق والبعث وَالْمَوْت والحياة ﴿قَدِيرٌ﴾
﴿يُعَذِّبُ مَن يَشَآءُ﴾ يُمِيت من يَشَاء على الْكفْر فيعذبه ﴿وَيَرْحَمُ مَن يَشَآءُ﴾ يُمِيت من يَشَاء على الْإِيمَان فيرحمه ﴿وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ﴾ ترجعون بعد الْمَوْت فيجزيكم بأعمالكم
﴿وَمَآ أَنتُمْ﴾ يَا أهل مَكَّة
﴿بِمُعْجِزِينَ﴾ بفائتين من عَذَاب الله
﴿فِي الأَرْض﴾ من أهل الأَرْض
﴿وَلاَ فِي السمآء﴾ وَلَا من أهل السَّمَاء
333
٣٣٤ - ﴿وَمَا لكم من دون الله﴾ من عَذَاب الله
﴿مِن وَلِيٍّ﴾ قريب ينفعكم
﴿وَلاَ نَصِيرٍ﴾ مَانع يمنعكم من عَذَاب الله
334
﴿وَالَّذين كفرُوا بآيَات الله﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن يَعْنِي الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَسَائِر الْكفَّار ﴿وَلِقَآئِهِ﴾ وَكَفرُوا بِالْبَعْثِ بعد الْمَوْت ﴿أُولَئِكَ﴾ أهل هَذِه الصّفة ﴿يَئِسُواْ مِن رَّحْمَتِي﴾ من جنتي وهم الْيَهُود وَالنَّصَارَى أَن يكون فِي الْجنَّة الْأكل وَالشرب وَالْجِمَاع من جنته ﴿وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم﴾ وجيع
﴿فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ﴾ لم يكن جَوَاب قوم إِبْرَاهِيم حَيْثُ دعاهم إِلَى الله تَعَالَى ﴿إِلاَّ أَن قَالُواْ اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ﴾ بالنَّار ﴿فَأَنْجَاهُ الله مِنَ النَّار﴾ سالما ﴿إِنَّ فِي ذَلِك﴾ فِيمَا فعلنَا بِقوم إِبْرَاهِيم ﴿لآيَاتٍ﴾ لعبرات ﴿لقوم يُؤمنُونَ﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن
﴿وَقَالَ﴾ إِبْرَاهِيم لِقَوْمِهِ ﴿إِنَّمَا اتخذتم﴾ عَبدْتُمْ ﴿مِّن دُونِ الله أَوْثَاناً﴾ أحجاراً ﴿مَّوَدَّةَ﴾ صلَة ﴿بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا﴾ لَا تبقى ﴿ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَة يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ﴾ يتبرأ بَعْضكُم من بعض ﴿وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَمَأْوَاكُمُ﴾ مصيركم ﴿النَّار﴾ يَعْنِي العابد والمعبود ﴿وَمَا لَكُمْ مِّن نَّاصِرِينَ﴾ من مانعين من عَذَاب الله
﴿فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ﴾ فَقَالَ لَهُ لوط صدقت يَا إِبْرَاهِيم ﴿وَقَالَ﴾ إِبْرَاهِيم ﴿إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي﴾ رَاجع إِلَى طَاعَة رَبِّي وَخرج من حران إِلَى فلسطين ﴿إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيز﴾ بالنقمة مِنْهُم ﴿الْحَكِيم﴾ حكم التَّحْوِيل من بلد إِلَى بلد لقبل سَلامَة أَمر الدّين وَالزِّيَادَة
﴿وَوَهَبْنَا لَهُ﴾ لإِبْرَاهِيم ﴿إِسْحَاق﴾ ولدا ﴿وَيَعْقُوب﴾ ولد الْوَلَد ﴿وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ﴾ نَسْله ﴿النُّبُوَّة وَالْكتاب﴾ يَقُول أكرمنا ذُريَّته بِالنُّبُوَّةِ وَالْكتاب وَالْولد الطّيب وَكَانَ فيهم الْأَنْبِيَاء والكتب ﴿وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا﴾ أكرمناه بِالنُّبُوَّةِ وَالثنَاء الْحسن وَالْولد الطّيب فِي الدُّنْيَا ﴿وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَة لَمِنَ الصَّالِحين﴾ مَعَ آبَائِهِ الْمُرْسلين فِي الْجنَّة
﴿وَلُوطاً﴾ أرسلنَا لوطاً إِلَى قومه ﴿إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إِنَّكُم لتأتون الْفَاحِشَة﴾ للواطة ﴿مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالمين﴾ يَقُول لم يعْمل قبلكُمْ أحد من الْعَالمين عَمَلكُمْ الْخَبيث
﴿أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَال﴾ أدبار الرِّجَال ﴿وَتَقْطَعُونَ السَّبِيل﴾ نسل الْوَلَد وَيُقَال تقطعون السَّبِيل على من مر بكم من الغرباء ﴿وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكر﴾ تَعْمَلُونَ فِي مجالسكم الْمُنكر نَحْو عشر خِصَال كَانُوا يعملونها فى مجَالِسهمْ مثل الْحَذف بالبندق وَالْفُحْش وَغير ذَلِك ﴿فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ﴾ فَلم يكن جَوَاب قوم لوط ﴿إِلاَّ أَن قَالُواْ ائتنا بِعَذَابِ الله إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقين﴾ بمجيء عَذَاب الله علينا إِن لم نؤمن
﴿قَالَ﴾ لوط ﴿رَبِّ انصرني﴾ أَعنِي بِالْعَذَابِ ﴿عَلَى الْقَوْم المفسدين﴾ الْمُشْركين
﴿وَلَمَّا جَآءَتْ رُسُلُنَآ إِبْرَاهِيمَ﴾ جِبْرِيل وَمن مَعَه من الْمَلَائِكَة إِلَى إِبْرَاهِيم ﴿بالبشرى﴾ فبشروه بِالْوَلَدِ ﴿قَالُوا﴾ لإِبْرَاهِيم ﴿إِنَّا مهلكو أَهْلِ هَذِه الْقرْيَة﴾ قريات لوط ﴿إِنَّ أَهْلَهَا كَانُواْ ظَالِمِينَ﴾ مُشْرِكين اجترحوا الْهَلَاك على أنفسهم بعملهم الْخَبيث
﴿قَالَ﴾ إِبْرَاهِيم
﴿إِنَّ فِيهَا لُوطاً﴾ كَيفَ تهلكهم يَا جِبْرِيل
﴿قَالُواْ﴾ يَعْنِي جِبْرِيل وَمن مَعَه من الْمَلَائِكَة
﴿نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَن فِيهَا لَنُنَجِّيَنَّهُ وَأَهْلَهُ﴾) ابْنَتَيْهِ زاعورا وريثا
﴿إِلاَّ امْرَأَته﴾
334
واعلة المنافقة
﴿كَانَتْ مِنَ الغابرين﴾ تتخلف مَعَ المتخلفين بِالْهَلَاكِ
335
﴿وَلَمَّآ أَن جَآءَتْ رُسُلُنَا﴾ جِبْرِيل وَمن مَعَه من الْمَلَائِكَة ﴿لُوطاً﴾ إِلَى لوط ﴿سِيءَ بِهِمْ﴾ سَاءَهُ مجيئهم ﴿وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً﴾ اغتم بمجيئهم اغتماماً شَدِيدا لما خَافَ عَلَيْهِم من عمل قومه الْخَبيث ﴿وَقَالُواْ﴾ يَعْنِي جِبْرِيل وَمن مَعَه للوط ﴿لاَ تَخَفْ﴾ علينا ﴿وَلاَ تَحْزَنْ﴾ لأمرنا من الْهَلَاك ﴿إِنَّا مُنَجُّوكَ﴾ من قَوْمك ﴿وَأَهْلَكَ﴾ ابنتيك ﴿إِلاَّ امْرَأَتك﴾ المنافقة ﴿كَانَتْ مِنَ الغابرين﴾ تتخلف مَعَ المتخلفين بِالْهَلَاكِ
﴿إِنَّا مُنزِلُونَ على أَهْلِ هَذِه الْقرْيَة﴾ يَعْنِي قريات لوط ﴿رِجْزاً﴾ عذَابا ﴿مِّنَ السمآء﴾ بِالْحِجَارَةِ ﴿بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ﴾ يكفرون ويعصون
﴿وَلَقَد تَّرَكْنَا مِنْهَآ﴾ تركناها يَعْنِي قريات لوط ﴿آيَةً﴾ عَلامَة ﴿بَيِّنَةً لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ﴾ يصدقون ويعلمون مَا فعل بهم فَلَا يقتدون بهم
﴿وَإِلَى مَدْيَنَ﴾ وَأَرْسَلْنَا إِلَى مَدين ﴿أَخَاهُمْ﴾ نَبِيّهم ﴿شعيبا فَقَالَ يَا قوم اعبدوا الله﴾ وحدوا الله ﴿وارجوا الْيَوْم الآخر﴾ خَافُوا يَوْم الْقِيَامَة ﴿وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْض مُفْسِدِينَ﴾ لَا تعملوا فِي الأَرْض بِالْفَسَادِ والمعاصي
﴿فَكَذَّبُوهُ﴾ بالرسالة ﴿فَأَخَذَتْهُمُ الرجفة﴾ الزلزلة بِالْعَذَابِ ﴿فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ﴾ فصاروا فِي مجمعهم ﴿جَاثِمِينَ﴾ ميتين لَا يتحركون
﴿وعادا﴾ أهلكنا قوم هود ﴿وَثَمُود﴾ أهلكنا قوم صَالح ﴿وَقَد تَّبَيَّنَ لَكُم﴾ يَا أهل مَكَّة ﴿مِّن مَّسَاكِنِهِمْ﴾ من خراب مَنَازِلهمْ مَا فعل بهم ﴿وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَان أَعْمَالَهُمْ﴾ فِي الشّرك وحالهم فِي الشدَّة والرخاء ﴿فَصَدَّهُمْ﴾ فصرفهم بذلك ﴿عَنِ السَّبِيل﴾ عَن الْحق وَالْهدى ﴿وَكَانُواْ مُسْتَبْصِرِينَ﴾ كَانُوا يرَوْنَ أَنهم على الْحق وَلم يَكُونُوا على الْحق
﴿وَقَارُونَ﴾ أهلكنا قَارون ﴿وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ﴾ وَزِير فِرْعَوْن ﴿وَلَقَدْ جَآءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ﴾ بِالْأَمر وَالنَّهْي والعلامات ﴿فاستكبروا فِي الأَرْض﴾ عَن الْإِيمَان وَلم يُؤمنُوا بِالْآيَاتِ ﴿وَمَا كَانُواْ سَابِقِينَ﴾ فائتين من عَذَاب الله
﴿فَكُلاًّ﴾ فَكل قوم ﴿أَخَذْنَا بِذَنبِهِ﴾ فِي الشّرك ﴿فَمِنْهُم مَّن أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً﴾ حِجَارَة وهم قوم لوط ﴿وَمِنْهُمْ مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَة﴾ بِالْعَذَابِ وهم قوم شُعَيْب وَصَالح ﴿وَمِنْهُمْ مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْض﴾ غارت بِهِ الأَرْض وَهُوَ قَارون وَمن مَعَه ﴿وَمِنْهُمْ مَّنْ أَغْرَقْنَا﴾ فِي الْبَحْر وَهُوَ فِرْعَوْن وَقَومه ﴿وَمَا كَانَ الله لِيَظْلِمَهُمْ﴾ بإهلاكهم ﴿وَلَكِن كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾ بالْكفْر والشرك وَتَكْذيب الرُّسُل
﴿مَثَلُ الَّذين اتَّخذُوا﴾ عبدُوا ﴿مِن دُونِ الله أَوْلِيَآءَ﴾ أَرْبَابًا من الْأَوْثَان ﴿كَمَثَلِ العنكبوت اتَّخذت بَيْتاً﴾ مسكنا ﴿وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبيُوت﴾ أَضْعَف الْبيُوت ﴿لَبَيْتُ العنكبوت﴾ يَقُول إِن بَيت العنكبوت لَا يَقِيهَا من حر وَلَا برد كَذَلِك الْآلهَة لَا تَنْفَع من عَبدهَا فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَة ﴿لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ﴾ هَذَا الْمثل وَلَكِن لَا يعلمُونَ وَلَا يصدقون بذلك
﴿إِنَّ الله يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ﴾ مَا يعْبدُونَ ﴿مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ﴾ من الْأَوْثَان أَنَّهَا لَا تنفعهم فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَة ﴿وَهُوَ الْعَزِيز﴾ بالنقمة لمن يَعْبُدهَا ﴿الْحَكِيم﴾ حكم أَن لَا يعبد غَيره
﴿وَتِلْكَ الْأَمْثَال﴾ هَذِه الْأَمْثَال ﴿نَضْرِبُهَا﴾ نبينها ﴿لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَآ﴾ يَعْنِي أَمْثَال الْقُرْآن ﴿إِلاَّ الْعَالمُونَ﴾ بِاللَّه الموحدون
﴿خَلَقَ الله السَّمَاوَات وَالْأَرْض بِالْحَقِّ﴾ للحق لَا للباطل ﴿إِنَّ فِي ذَلِك﴾ فِيمَا ذكرته من الْأَمْثَال ﴿لآيَة﴾ لعبرة ﴿للْمُؤْمِنين﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن
﴿اتل مَا أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكتاب﴾ يَقُول اقْرَأ عَلَيْهِم يَا مُحَمَّد مَا أنزل إِلَيْك جِبْرِيل بِهِ يعْنى بِالْقُرْآنِ ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاة﴾ أتم الصَّلَوَات الْخمس ﴿إِنَّ الصَّلَاة تنْهى عَن الْفَحْشَاء﴾ المعاصى ﴿وَالْمُنكر﴾ مَالا يعرف فِي شَرِيعَة وَلَا سنة مَا دَامَ الرجل فِيهَا فَهِيَ تَمنعهُ عَن ذَلِك ﴿وَلَذِكْرُ الله أَكْبَرُ﴾ يَقُول ذكر الله إيَّاكُمْ بالمغفرة وَالثَّوَاب أكبر من ذكركُمْ إِيَّاه بِالصَّلَاةِ ﴿وَالله يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾ من الْخَيْر وَالشَّر
﴿وَلاَ تجادلوا أَهْلَ الْكتاب﴾ لَا تخاصموا الْيَهُود وَالنَّصَارَى ﴿إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أحسن﴾ يعْنى الْقُرْآن ﴿إِلاَّ الَّذين ظَلَمُواْ مِنْهُمْ﴾ من وَفد بني نَجْرَان بالملاعنة ﴿وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا﴾ يعْنى الْقُرْآن ﴿وَأنزل إِلَيْكُم﴾ يعْنى التَّوْرَاة وَالْإِنْجِيل ﴿وإلهنا وإلهكم وَاحِدٌ﴾ بِلَا ولد وَلَا شريك ﴿وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ﴾ مخلصون لَهُ بِالْعبَادَة والتوحيد مقرون بِهِ
﴿وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ الْكتاب﴾ يَقُول هَكَذَا أنزلنَا إِلَيْك جِبْرِيل بِالْكتاب لتقرأ عَلَيْهِم مَا فِيهِ من الْأَمر وَالنَّهْي والأمثال ﴿فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكتاب﴾ أعطيناهم علم التَّوْرَاة عبد الله بن سَلام وَأَصْحَابه ﴿يُؤمنُونَ بِهِ﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن ﴿وَمِنْ هَؤُلَاءِ﴾ من أهل مَكَّة ﴿مَن يُؤمن بِهِ﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن ﴿وَمَا يجْحَد بِآيَاتِنَا﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن ﴿إِلاَّ الْكَافِرُونَ﴾ كَعْب وَأَصْحَابه وَأَبُو جهل واصحابه
﴿وَمَا كُنتَ تَتْلُواْ﴾ تقْرَأ ﴿مِن قَبْلِهِ﴾ من قبل الْقُرْآن ﴿مِن كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ﴾ لَا تكتبه ﴿بِيَمِينِكَ إِذاً﴾ لَو كنت قَارِئًا أَو كَاتبا ﴿لاَّرْتَابَ المبطلون﴾ لشك الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكُونَ لِأَن فِي كِتَابهمْ أَنَّك أُمِّي لَا تقْرَأ وَلَا تكْتب
﴿بَلْ هُوَ﴾ يَعْنِي نعتك وصفتك ﴿آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ﴾ عَلَامَات بَيِّنَات علمهَا ﴿فِي صُدُورِ الَّذين أُوتُواْ الْعلم﴾ أعْطوا الْعلم بِالتَّوْرَاةِ وَيُقَال بل هُوَ يَعْنِي الْقُرْآن آيَات بَيِّنَات مبينات بالحلال وَالْحرَام وَالْأَمر وَالنَّهْي فِي صُدُور الَّذين أُوتُوا الْعلم أعْطوا الْعلم بِالْقُرْآنِ ﴿وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن ﴿إِلاَّ الظَّالِمُونَ﴾ الْكَافِرُونَ وَالْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكُونَ
﴿وَقَالُواْ﴾ وَقَالَت الْيَهُود وَالنَّصَارَى وَالْمُشْرِكُونَ ﴿لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ﴾ هلا أنزل على مُحَمَّد ﴿آيَاتٌ﴾ عَلَامَات ﴿مِّن رَّبِّهِ﴾ كَمَا أنزل على مُوسَى وَعِيسَى ﴿قُلْ﴾ لَهُم يَا مُحَمَّد ﴿إِنَّمَا الْآيَات عِندَ الله﴾ إِنَّمَا العلامات من عِنْد الله تَجِيء ﴿وَإِنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ﴾ رَسُول مخوف ﴿مُّبِينٌ﴾ بلغَة تعلمونها
﴿أَو لم يَكْفِهِمْ﴾ أهل مَكَّة يَا مُحَمَّد آيَة لنبوتك ﴿أَنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْكتاب﴾ جِبْرِيل بِالْقُرْآنِ ﴿يُتْلَى﴾ يقْرَأ ﴿عَلَيْهِمْ﴾ بِالْأَمر وَالنَّهْي وأخبار الْأُمَم ﴿إِنَّ فِي ذَلِك﴾ فِي الَّذِي أنزلت إِلَيْك جِبْرِيل بِهِ يَعْنِي الْقُرْآن ﴿لَرَحْمَةً﴾ من الْعَذَاب لمن آمن بِهِ ﴿وذكرى﴾ موعظة ﴿لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن
﴿قُلْ﴾ لَهُم يَا مُحَمَّد
﴿كفى بِاللَّه بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً﴾ بِأَنِّي رَسُوله
﴿يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَات وَالْأَرْض﴾ من الْخلق
﴿وَالَّذين آمَنُواْ بِالْبَاطِلِ﴾
336
بالشيطان
﴿وَكَفَرُواْ بِاللَّه أُولَئِكَ هُمُ الخاسرون﴾ المغبونون بالعقوبة يَعْنِي أَبَا جهل وَأَصْحَابه
337
﴿وَيَسْتَعْجِلُونَكَ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿بِالْعَذَابِ وَلَوْلاَ أَجَلٌ مُّسَمًّى﴾ وَقت مَعْلُوم ﴿لَّجَآءَهُمُ الْعَذَاب﴾ قبل وقته ﴿وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً﴾ فَجْأَة ﴿وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ﴾ بنزوله
﴿يَسْتَعْجِلُونَكَ﴾ يَا مُحَمَّد ﴿بِالْعَذَابِ﴾ فِي الدُّنْيَا ﴿وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ﴾ ستحيط ﴿بالكافرين﴾ وَهِي تجمعهم جَمِيعًا
﴿يَوْمَ يَغْشَاهُمُ﴾ يَأْخُذهُمْ ﴿الْعَذَاب مِن فَوْقِهِمْ﴾ من فَوق رُءُوسهم ﴿وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ﴾ إِذا ألقوا فِي النَّار ﴿وَيِقُولُ﴾ لَهُم ﴿ذُوقُواْ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ بِمَا كُنْتُم تَعْمَلُونَ وتقولون فى الْكفْر
﴿يَا عبَادي الَّذين آمنُوا﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن يَعْنِي أَبَا بكر وَعمر وَعُثْمَان وعلياً وأصحابهم ﴿إِنَّ أَرْضِي﴾ أَرض الْمَدِينَة ﴿وَاسِعَةٌ﴾ آمِنَة فاخرجوا إِلَيْهَا ﴿فإياي فاعبدون﴾ فأطيعون
﴿كُلُّ نَفْسٍ﴾ منفوسة ﴿ذَآئِقَةُ الْمَوْت﴾ تذوق الْمَوْت ﴿ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ بعد الْمَوْت فيجزيكم بأعمالكم
﴿وَالَّذين آمنُوا﴾ بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن ﴿وَعَمِلُواْ الصَّالِحَات﴾ الطَّاعَات فِيمَا بَينهم وَبَين رَبهم ﴿لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِّنَ الْجنَّة﴾ لننزلنهم فِي الْجنَّة ﴿غرفا﴾ علا لى ﴿تجْرِي من تحتهَا﴾ من تَحت شَجَرهَا ومساكنها ﴿الْأَنْهَار﴾ أَنهَار الْخمر وَالْمَاء وَالْعَسَل وَاللَّبن ﴿خَالِدِينَ فِيهَا﴾ مقيمين فِي الْجنَّة ﴿نِعْمَ أَجْرُ العاملين﴾ ثَوَاب العاملين
﴿الَّذين صَبَرُواْ﴾ على أَمر الله والمرازي ﴿وعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ﴾ لَا على غَيره
فَلَمَّا أَمرهم الله بِالْهِجْرَةِ إِلَى الْمَدِينَة قَالُوا لَيْسَ لنا بهَا أحد يؤوينا ويطعمنا ويسقينا فَقَالَ ﴿وَكَأَيِّن﴾ وَكم ﴿مِّن دَآبَّةٍ لاَّ تَحْمِلُ رِزْقَهَا﴾ لغد إِلَّا النملة فَإِنَّهَا تجمع لسنة) ﴿الله يَرْزُقُهَا﴾ من تحمل وَمن لَا تحمل ﴿وَإِيَّاكُمْ﴾ يَا معشر الْمُؤمنِينَ ﴿وَهُوَ السَّمِيع﴾ لمقالتكم من يرزقنا ﴿الْعَلِيم﴾ بأرزاقكم يعلم من أَيْن يرزقكم
﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ﴾ يَعْنِي كفار مَكَّة ﴿مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالْأَرْض وَسَخَّرَ﴾ ذلل ﴿الشَّمْس وَالْقَمَر لَيَقُولُنَّ﴾ كفار مَكَّة ﴿الله﴾ خلق سخر وذلل ﴿فَأنى يُؤْفَكُونَ﴾ فَمن أَيْن يكذبُون على الله
﴿الله يَبْسُطُ الرزق لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ﴾ يُوسع المَال على من يَشَاء من عباده وَهُوَ مكر مِنْهُ ﴿وَيَقْدِرُ لَهُ﴾ يقتر على من يَشَاء من عباده وَهُوَ نظر مِنْهُ ﴿إِنَّ الله بِكُلِّ شَيْءٍ﴾ من الْبسط وَالتَّقْدِير ﴿عليم﴾
﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ﴾ يَعْنِي كفار مَكَّة ﴿مَّن نَّزَّلَ من السَّمَاء مَاء﴾ مطر ﴿فَأَحْيَا بِهِ﴾ بالمطر ﴿الأَرْض مِن بَعْدِ مَوْتِهَا﴾ قحطها ويبوستها ﴿لَيَقُولُنَّ﴾ كفار مَكَّة ﴿الله﴾ نزل ذَلِك ﴿قُلِ الْحَمد لِلَّهِ﴾ الشُّكْر لله على ذَلِك ﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ﴾ كلهم ﴿لاَ يَعْقِلُونَ﴾ لَا يعلمُونَ وَلَا يصدقون بذلك
﴿وَمَا هَذِه الْحَيَاة الدنيآ﴾ مَا فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا من الزهرة وَالنَّعِيم
﴿إِلاَّ لَهْوٌ﴾ فَرح
﴿وَلَعِبٌ﴾ بَاطِل لَا يبْقى
﴿وَإِنَّ الدَّار الْآخِرَة﴾
337
يَعْنِي الْجنَّة
﴿لَهِيَ الْحَيَوَان﴾ الْحَيَاة لَا يَمُوت أَهلهَا
﴿لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ﴾ يصدقون وَلَكِن لَا يعلمُونَ وَلَا يصدقون بذلك
338
﴿فَإِذا ركبُوا فِي الْفلك﴾ فى السَّفِينَة يعْنى كفار مَكَّة ﴿دَعَوُاْ الله﴾ بالنجاة ﴿مُخْلِصِينَ لَهُ الدّين﴾ مفردين لَهُ الدعْوَة ﴿فَلَمَّا نَجَّاهُمْ﴾ من الْبَحْر ﴿إِلَى الْبر﴾ إِلَى الْقَرار ﴿إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ﴾ بِاللَّه الْأَوْثَان
﴿لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ﴾ حَتَّى يكفروا بِمَا أعطيناهم من النَّعيم ﴿وَلِيَتَمَتَّعُواْ﴾ يعيشوا فِي كفرهم ﴿فَسَوْفَ يَعلَمُونَ﴾ مَاذَا يفعل بهم عِنْد نزُول الْعَذَاب بهم
﴿أَوَلَمْ يَرَوْاْ﴾ كفار مَكَّة ﴿أَنَّا جَعَلْنَا حَرَماً آمِناً﴾ من أَن يهاج فِيهِ ﴿وَيُتَخَطَّفُ النَّاس﴾ يطرد وَيذْهب النَّاس ﴿مِنْ حَوْلِهِمْ﴾ يطردهم وَيذْهب بهم عدوهم فَلَا يدْخل عَلَيْهِم فِي الْحرم ﴿أفبالباطل يُؤمنُونَ﴾ أفبا الشَّيْطَان والأصنام يصدقون ﴿وَبِنِعْمَةِ الله﴾ الَّتِي أَعْطَاهُم فِي الْحرم وبوحدانية الله ﴿يَكْفُرُونَ﴾
﴿وَمَنْ أَظْلَمُ﴾ أَعْتَى وأجرأ على الله ﴿مِمَّنْ افترى﴾ اختلق ﴿عَلَى الله كَذِباً﴾ فَجعل لَهُ ولدا وشريكاً ﴿أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ﴾ أَو كذب بِمُحَمد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْقُرْآن ﴿لما جَاءَهُ﴾ حِين جَاءَهُ مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْقُرْآنِ ﴿أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى﴾ منزل ﴿لِّلْكَافِرِينَ﴾ لأبي جهل وَأَصْحَابه
﴿وَالَّذين جَاهَدُواْ فِينَا﴾ فِي طاعتنا قَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَول الله ﴿لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا﴾ أَي من عمل بِمَا علم لنوفقنهم لما لَا يعلمُونَ وَيُقَال لنهدينهم سبلنا لنكرمنهم بالطبع والطوع والحلاوة وَيُقَال لنهدينهم سبلنا لنوفقنهم لطاعتنا ﴿وَإِنَّ الله لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾ معِين الْمُحْسِنِينَ بالْقَوْل وَالْفِعْل بالتوفيق والعصمة
وَمن السُّورَة الَّتِى يذكر فِيهَا الرّوم وهى كلهَا مَكِّيَّة آياتها سَبْعُونَ وكلماتها ثَمَانمِائَة وتسع عشرَة وحروفها ثَلَاثَة آلَاف وَخَمْسمِائة وَثَلَاثُونَ
﴿بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم﴾