ﰡ
﴿ سبح لله ما في السماوات وما في الأرض وهو العزيز الحكيم ( ١ ) ﴾.
نزه الله تعالى وقدسه، وبرأه من كل عيب، وشهد له بالجلال والحكمة والاقتدار، كل ما في السماوات والأرض من أجزائهما وما هو كائن عليهما وفيهما أو بينهما وسائر الموجودات، تسبيح مقال كتسبيح الملائكة والمؤمنين، أو تسبيح حال، فحالها شاهد بأن لها صانعا مدبرا مهيمنا خبيرا حسيبا رقيبا، والله هو القادر القوي، الذي أحكم كل شيء.
ينادي الله تعالى من انتسبوا إلى الإيمان ليظلوا ويثبتوا على القول الطيب والعمل به ؛ أو يكون النداء للمؤمنين ويراد به إسماع أدعياء الإيمان من المنافقين الذين قالوا آمنا بألسنتهم ولم تؤمن قلوبهم، كالذين عجبنا القرآن من شأنهم، فهم يتعجلون القتال، ويتلهفون على شهوده والمشاركة فيه، فإذا جاء حينه ودعوا إلى الوفاء بما عاهدوا عليه وتمنوه فروا !. يقول ربنا تبارك اسمه- :﴿ ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم والله عليم بالظالمين ﴾١ ؛ كما يقول- عز وجل- :﴿ ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال... ﴾٢ و ﴿ لم ﴾ مكونة من [ ما ] الاستفهامية ؛ ولام الجر ؛ مما يقول النحاة :- وحذفت الألف من [ ما ] الاستفهامية للفرق بينها وبين الإخبارية. فكأن المعنى- والله تعالى أعلم بالمراد- لماذا قلتم ووعدتم ثم لم تعملوا ما قلتموه وأخلفتم ؟ - [ لأي شيء تقولون ما لا تفعلونه من الخير والمعروف ؟ ] على أن مدار التوبيخ في الحقيقة عدم فعلهم، وإنما وجه إلى قولهم تنبيها على تضاعف معصيتهم ببيان أن المنكر ليس ترك الخير الموعود فقط بل الوعد أيضا، وقد كانوا يحسبونه معروفا، ولو قيل : لم لا تفعلون ما تقولون لفهم منه أن المنكر هو ترك الموعود٣. عظم بغض الله تعالى واشتد مقته على الذين يعدون ولا يوفون٤ ؛ إن الله المولى المعبود يحب من اقتل في سبيل إعلاء كلمته وصيانة حرماته ودعوته، وكان من إخوته المجاهدين في صف٥ محكم لا خلل فيه ولا فرجة، وإنما هو صف متماسك متلائم، مستو مترابط، حتى كأنه قطعة واحدة، وثبت فلم يتراجع ولم يول الدبر ؛ مما نقل القرطبي : قال النخعي : ثلاث آيات منعتني أن أقص على الناس :﴿ أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم ﴾٦، ﴿ .. وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه... ﴾٧، ﴿ يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ﴾ اه.
وعن الكسائي :﴿ أن ﴾ في موضع رفع- يريد ﴿ أن ﴾ وما دخلت عليه في تأويل مصدر في محل رفع- لأن ﴿ كبر ﴾ فعل بمنزلة [ بئس ] ؛ و﴿ مقتا ﴾ نصب بالتمييز ؛ المعنى : كبر قولهم ما لا يفعلون مقتا.
٢ سورة النساء. من الآية ٧٧..
٣ - مما أورد صاحب روح المعاني..
٤ - عن بعض السلف أنه قيل له: حدثنا، فسكت، فقيل له: حدثنا، فقال: وما تأمرونني أن أقول ما لا أفعل؟ فاستعجل مقت الله عز وجل..
٥ - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه سلم: (ثلاث يضحك الله إليهم: الرجل يقوم من الليل والقوم إذا صفوا للصلاة والقوم إذا صفوا للقتال). وقال مطرف: كان يبلغني عن أبي ذر حديث كنت أشتهي لقاءه، فلقيته فقلت: يا أبا ذر كان يبلغني عنك حديث فكنت أشتهي لقاءك، فقال: لله أبوك، فقد لقيت فهات، فقلت: كان يبلغني عنك أنك تزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثكم أن الله يبغض ثلاثة ويحب ثلاثة، قال: أجل فلا أخالن اكذب على خليلي صلى الله عليه وسلم، قلت: فمن هؤلاء الثلاثة الذين يحبهم الله عز وجل؟ قال: رجل غزا في سبيل الله خرح محتسبا مجاهدا، فلقى العدو فقتل، وأنكم تجدونه في كتاب الله المنزل، قم قرأ: ﴿إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص﴾ أخرجه ابن أبي حاتم، ورواه الترمذي والنسائي بنحوه..
٦ - سورة البقرة. من الآية ٤٤..
٧ - سورة هود. من الآية ٨٨..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢:﴿ يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ( ٢ ) كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ( ٣ ) إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ( ٤ ) ﴾.
ينادي الله تعالى من انتسبوا إلى الإيمان ليظلوا ويثبتوا على القول الطيب والعمل به ؛ أو يكون النداء للمؤمنين ويراد به إسماع أدعياء الإيمان من المنافقين الذين قالوا آمنا بألسنتهم ولم تؤمن قلوبهم، كالذين عجبنا القرآن من شأنهم، فهم يتعجلون القتال، ويتلهفون على شهوده والمشاركة فيه، فإذا جاء حينه ودعوا إلى الوفاء بما عاهدوا عليه وتمنوه فروا !. يقول ربنا تبارك اسمه- :﴿ ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم والله عليم بالظالمين ﴾١ ؛ كما يقول- عز وجل- :﴿ ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال... ﴾٢ و ﴿ لم ﴾ مكونة من [ ما ] الاستفهامية ؛ ولام الجر ؛ مما يقول النحاة :- وحذفت الألف من [ ما ] الاستفهامية للفرق بينها وبين الإخبارية. فكأن المعنى- والله تعالى أعلم بالمراد- لماذا قلتم ووعدتم ثم لم تعملوا ما قلتموه وأخلفتم ؟ - [ لأي شيء تقولون ما لا تفعلونه من الخير والمعروف ؟ ] على أن مدار التوبيخ في الحقيقة عدم فعلهم، وإنما وجه إلى قولهم تنبيها على تضاعف معصيتهم ببيان أن المنكر ليس ترك الخير الموعود فقط بل الوعد أيضا، وقد كانوا يحسبونه معروفا، ولو قيل : لم لا تفعلون ما تقولون لفهم منه أن المنكر هو ترك الموعود٣. عظم بغض الله تعالى واشتد مقته على الذين يعدون ولا يوفون٤ ؛ إن الله المولى المعبود يحب من اقتل في سبيل إعلاء كلمته وصيانة حرماته ودعوته، وكان من إخوته المجاهدين في صف٥ محكم لا خلل فيه ولا فرجة، وإنما هو صف متماسك متلائم، مستو مترابط، حتى كأنه قطعة واحدة، وثبت فلم يتراجع ولم يول الدبر ؛ مما نقل القرطبي : قال النخعي : ثلاث آيات منعتني أن أقص على الناس :﴿ أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم ﴾٦، ﴿.. وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه... ﴾٧، ﴿ يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ﴾ اه.
وعن الكسائي :﴿ أن ﴾ في موضع رفع- يريد ﴿ أن ﴾ وما دخلت عليه في تأويل مصدر في محل رفع- لأن ﴿ كبر ﴾ فعل بمنزلة [ بئس ] ؛ و﴿ مقتا ﴾ نصب بالتمييز ؛ المعنى : كبر قولهم ما لا يفعلون مقتا.
٢ سورة النساء. من الآية ٧٧..
٣ - مما أورد صاحب روح المعاني..
٤ - عن بعض السلف أنه قيل له: حدثنا، فسكت، فقيل له: حدثنا، فقال: وما تأمرونني أن أقول ما لا أفعل؟ فاستعجل مقت الله عز وجل..
٥ - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه سلم: (ثلاث يضحك الله إليهم: الرجل يقوم من الليل والقوم إذا صفوا للصلاة والقوم إذا صفوا للقتال). وقال مطرف: كان يبلغني عن أبي ذر حديث كنت أشتهي لقاءه، فلقيته فقلت: يا أبا ذر كان يبلغني عنك حديث فكنت أشتهي لقاءك، فقال: لله أبوك، فقد لقيت فهات، فقلت: كان يبلغني عنك أنك تزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثكم أن الله يبغض ثلاثة ويحب ثلاثة، قال: أجل فلا أخالن اكذب على خليلي صلى الله عليه وسلم، قلت: فمن هؤلاء الثلاثة الذين يحبهم الله عز وجل؟ قال: رجل غزا في سبيل الله خرح محتسبا مجاهدا، فلقى العدو فقتل، وأنكم تجدونه في كتاب الله المنزل، قم قرأ: ﴿إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص﴾ أخرجه ابن أبي حاتم، ورواه الترمذي والنسائي بنحوه..
٦ - سورة البقرة. من الآية ٤٤..
٧ - سورة هود. من الآية ٨٨..
نص مكرر لاشتراكه مع الآية ٢:﴿ يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ( ٢ ) كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون ( ٣ ) إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص ( ٤ ) ﴾.
ينادي الله تعالى من انتسبوا إلى الإيمان ليظلوا ويثبتوا على القول الطيب والعمل به ؛ أو يكون النداء للمؤمنين ويراد به إسماع أدعياء الإيمان من المنافقين الذين قالوا آمنا بألسنتهم ولم تؤمن قلوبهم، كالذين عجبنا القرآن من شأنهم، فهم يتعجلون القتال، ويتلهفون على شهوده والمشاركة فيه، فإذا جاء حينه ودعوا إلى الوفاء بما عاهدوا عليه وتمنوه فروا !. يقول ربنا تبارك اسمه- :﴿ ألم تر إلى الملأ من بني إسرائيل من بعد موسى إذ قالوا لنبي لهم ابعث لنا ملكا نقاتل في سبيل الله قال هل عسيتم إن كتب عليكم القتال ألا تقاتلوا قالوا وما لنا ألا نقاتل في سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا فلما كتب عليهم القتال تولوا إلا قليلا منهم والله عليم بالظالمين ﴾١ ؛ كما يقول- عز وجل- :﴿ ألم تر إلى الذين قيل لهم كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية الله أو أشد خشية وقالوا ربنا لم كتبت علينا القتال... ﴾٢ و ﴿ لم ﴾ مكونة من [ ما ] الاستفهامية ؛ ولام الجر ؛ مما يقول النحاة :- وحذفت الألف من [ ما ] الاستفهامية للفرق بينها وبين الإخبارية. فكأن المعنى- والله تعالى أعلم بالمراد- لماذا قلتم ووعدتم ثم لم تعملوا ما قلتموه وأخلفتم ؟ - [ لأي شيء تقولون ما لا تفعلونه من الخير والمعروف ؟ ] على أن مدار التوبيخ في الحقيقة عدم فعلهم، وإنما وجه إلى قولهم تنبيها على تضاعف معصيتهم ببيان أن المنكر ليس ترك الخير الموعود فقط بل الوعد أيضا، وقد كانوا يحسبونه معروفا، ولو قيل : لم لا تفعلون ما تقولون لفهم منه أن المنكر هو ترك الموعود٣. عظم بغض الله تعالى واشتد مقته على الذين يعدون ولا يوفون٤ ؛ إن الله المولى المعبود يحب من اقتل في سبيل إعلاء كلمته وصيانة حرماته ودعوته، وكان من إخوته المجاهدين في صف٥ محكم لا خلل فيه ولا فرجة، وإنما هو صف متماسك متلائم، مستو مترابط، حتى كأنه قطعة واحدة، وثبت فلم يتراجع ولم يول الدبر ؛ مما نقل القرطبي : قال النخعي : ثلاث آيات منعتني أن أقص على الناس :﴿ أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم ﴾٦، ﴿.. وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه... ﴾٧، ﴿ يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون ﴾ اه.
وعن الكسائي :﴿ أن ﴾ في موضع رفع- يريد ﴿ أن ﴾ وما دخلت عليه في تأويل مصدر في محل رفع- لأن ﴿ كبر ﴾ فعل بمنزلة [ بئس ] ؛ و﴿ مقتا ﴾ نصب بالتمييز ؛ المعنى : كبر قولهم ما لا يفعلون مقتا.
٢ سورة النساء. من الآية ٧٧..
٣ - مما أورد صاحب روح المعاني..
٤ - عن بعض السلف أنه قيل له: حدثنا، فسكت، فقيل له: حدثنا، فقال: وما تأمرونني أن أقول ما لا أفعل؟ فاستعجل مقت الله عز وجل..
٥ - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه سلم: (ثلاث يضحك الله إليهم: الرجل يقوم من الليل والقوم إذا صفوا للصلاة والقوم إذا صفوا للقتال). وقال مطرف: كان يبلغني عن أبي ذر حديث كنت أشتهي لقاءه، فلقيته فقلت: يا أبا ذر كان يبلغني عنك حديث فكنت أشتهي لقاءك، فقال: لله أبوك، فقد لقيت فهات، فقلت: كان يبلغني عنك أنك تزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثكم أن الله يبغض ثلاثة ويحب ثلاثة، قال: أجل فلا أخالن اكذب على خليلي صلى الله عليه وسلم، قلت: فمن هؤلاء الثلاثة الذين يحبهم الله عز وجل؟ قال: رجل غزا في سبيل الله خرح محتسبا مجاهدا، فلقى العدو فقتل، وأنكم تجدونه في كتاب الله المنزل، قم قرأ: ﴿إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص﴾ أخرجه ابن أبي حاتم، ورواه الترمذي والنسائي بنحوه..
٦ - سورة البقرة. من الآية ٤٤..
٧ - سورة هود. من الآية ٨٨..
﴿ الفاسقين ﴾ الخارجين عن طريق الله ؛ الفاجرين.
﴿ وإذ قال موسى لقومه يا قوم لم تؤذونني وقد تعلمون أني رسول الله إليكم فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين ( ٥ ) وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين ( ٦ ) ﴾.
مقت الله تعالى لمن يقول ولا يفعل، ويعاهد ولا يفي، ويتعجل الجهاد فإذا أوجبه الحق تفلت منه، ونكص على عقبيه- مقت ربنا لهؤلاء سنة ماضية، فقد ابتلى موسى بقوم كانت حالهم هكذا، دعاهم نبيهم إلى الإيمان، وخلصهم من الجور والطغيان، ونجاهم الله وأغرق عدوهم الذي طالما قتل أبناءهم واستحيا نساءهم ؛ فلما ناداهم الرسولان الكريمان موسى وهارون عليهما السلام ﴿... ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين ﴾١ أجابوا إجابة القواعد الفرارين :﴿... إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون ﴾٢ فحرمهم الله تعالى نعمة الظفر والاستقرار وعذبهم بالتيه أربعين سنة ؛ ولما بعث الله رسوله عيسى إلى بني إسرائيل ودعاهم إلى الإيمان والطاعة والجهاد ولم يستجب إلا القليل، فأخزى الله الفاسقين، ورضى عن المؤمنين الصادقين ؛ ﴿ وإذ قال موسى ﴾ أي اذكر وقت قول موسى عليه السلام ﴿ لقومه ﴾ بني إسرائيل ﴿ يا قوم لم تؤذونني ﴾ لما تغضبونني يا قوم بالمخالفة والعصيان، والقعود عن النصرة، والنكوص على الأعقاب ؟ ! أو : لم تعيبونني وتنقصونني ؟ ﴿ وقد تعلمون أني رسول الله إليكم ﴾ ﴿ قد ﴾ لتحقيق العلم، لا للتقليل ولا للتقريب، ولا للتكثير وحسب ؛ فأنتم متحققون وتعلمون علم اليقين أني مرسل من الله تعالى إليكم، بعثت بدعوة فرعون وقومه لتخليصكم من العبودية التي أذاقوكم ويلاتها ؛ مع ما بعثت به إليهم من دعوتهم إلى الإيمان بالله الواحد القهار، وبعثت إليكم بالتوراة والهدى ؛ فآثروا الغواية، واختاروا الضلالة، فمد الله تعالى لهم فيها مدا ؛ وهكذا يجزى الله كل ختار كفور :﴿ إن الذين لا يؤمنون بآيات الله لا يهديهم الله... ﴾٣.
﴿ وإذ قال موسى لقومه يا قوم لم تؤذونني وقد تعلمون أني رسول الله إليكم فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين ( ٥ ) وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين ( ٦ ) ﴾.
مقت الله تعالى لمن يقول ولا يفعل، ويعاهد ولا يفي، ويتعجل الجهاد فإذا أوجبه الحق تفلت منه، ونكص على عقبيه- مقت ربنا لهؤلاء سنة ماضية، فقد ابتلى موسى بقوم كانت حالهم هكذا، دعاهم نبيهم إلى الإيمان، وخلصهم من الجور والطغيان، ونجاهم الله وأغرق عدوهم الذي طالما قتل أبناءهم واستحيا نساءهم ؛ فلما ناداهم الرسولان الكريمان موسى وهارون عليهما السلام ﴿... ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين ﴾١ أجابوا إجابة القواعد الفرارين :﴿... إنا لن ندخلها أبدا ما داموا فيها فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ههنا قاعدون ﴾٢ فحرمهم الله تعالى نعمة الظفر والاستقرار وعذبهم بالتيه أربعين سنة ؛ ولما بعث الله رسوله عيسى إلى بني إسرائيل ودعاهم إلى الإيمان والطاعة والجهاد ولم يستجب إلا القليل، فأخزى الله الفاسقين، ورضى عن المؤمنين الصادقين ؛ ﴿ وإذ قال موسى ﴾ أي اذكر وقت قول موسى عليه السلام ﴿ لقومه ﴾ بني إسرائيل ﴿ يا قوم لم تؤذونني ﴾ لما تغضبونني يا قوم بالمخالفة والعصيان، والقعود عن النصرة، والنكوص على الأعقاب ؟ ! أو : لم تعيبونني وتنقصونني ؟ ﴿ وقد تعلمون أني رسول الله إليكم ﴾ ﴿ قد ﴾ لتحقيق العلم، لا للتقليل ولا للتقريب، ولا للتكثير وحسب ؛ فأنتم متحققون وتعلمون علم اليقين أني مرسل من الله تعالى إليكم، بعثت بدعوة فرعون وقومه لتخليصكم من العبودية التي أذاقوكم ويلاتها ؛ مع ما بعثت به إليهم من دعوتهم إلى الإيمان بالله الواحد القهار، وبعثت إليكم بالتوراة والهدى ؛ فآثروا الغواية، واختاروا الضلالة، فمد الله تعالى لهم فيها مدا ؛ وهكذا يجزى الله كل ختار كفور :﴿ إن الذين لا يؤمنون بآيات الله لا يهديهم الله... ﴾٣.
﴿ وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل ﴾ نادى عيسى عليه السلام في هؤلاء القوم : يا أبناء يعقوب واسمه ﴿ إسرائيل ﴾ ﴿ إني رسول الله إليكم ﴾ بعثني ربي لأبلغك وحيه وأذكركم عهده، ﴿ مصدقا لما بين يدي من التوراة ﴾ أنزل علي كتابا يصدق الحق الذي بقى من الكتاب السماوي الذي أوحى إلى كليم الله ورسوله من قبلي، ﴿ ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد ﴾ ويمكن أن يكون العطف في هذه الجملة من عطف الخاص على العام، إذ التوراة قد جاءت فيها البشرى برسالة محمد النبي الخاتم عليه الصلاة والسلام بل جاء فيها مثله ومثل أمته- صلوات الله تعالى عليه- ولهذا لما وعد القرآن المؤمنين من اليهود والنصارى الرحمة الواسعة بين لمن كتبت :﴿ .. ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون. الذين يتبعون الرسول الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل. ﴾١ وبينت آية كريمة حال النبي الخاتم وأمته كما بينتهما الكتب السماوية السابقة :﴿ محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار... ﴾٢ ؛ فلما أتاهم رسول الله عيسى عليه السلام بالبينات، والدلائل الواضحات على صدق رسالته، كإبراء الأكمه والأبرص بإذن الله وإحياء الموتى بإذن الله، وتسوية قطع من الطين ينفخ فيها فتكون طيرا بإذن الله، إذا هم يكفرون، ويتهمونه بالتمويه والخداع، أو بالجنون ؛ وأما تسميته النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم ﴿ أحمد ﴾ فثابتة ؛ صح من رواية مالك، والبخاري، ومسلم، وغيرهم عن جبير بن مطعم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( إن لي أسماء أنا محمد وأنا أحمد وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر وأنا العاقب )-العاقب : الذي ليس بعده نبي- وفي صحيح مسلم عن أبي موسى الأشعري قال : كان رسول الله يسمي لنا نفسه أسماء فيقول :( أنا محمد وأحمد والمقفى والحاشر ونبي التوبة ونبي الرحمة ) ؛ مما أورد القرطبي : و﴿ أحمد ﴾ اسم نبينا صلى الله عليه وسلم... أي أحمد الحامدين لربه ؛ والأنبياء صلوات الله عليهم كلهم حامدون الله، ونبينا أحمد أكثرهم حمدا... والله سبحانه سماه قبل أن يسمي به نفسه... ثم إنه لم يكن محمد حتى كان أحمد، حمد ربه فنبأه وشرفه.. اه.
٢ سورة الفتح. من الآية ٢٩.
دعا موسى كليمنا قومه إلى الإسلام فأبى أكثرهم إلا كفورا، ودعا عيسى – عبدنا ورسولنا- بني إسرائيل إلى الإسلام فقال أكثرهم : هذا سحر مبين ؛ فإذا دعوت يا محمد إلى الإسلام فرماك الملأ من قومك بالسحر والجنون فلا تك في ضيق مما يمكرون، واصبر إن وعد الله حق ﴿ .. ولا يستخفنك الذين لا يوقنون ﴾١ ﴿ .. فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون ﴾٢، ويشهد لما قلنا من أن دعوة موسى عليه الصلاة والسلام كانت إلى الإسلام قول الله تعالى الحق :﴿ وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين ﴾٣ ؛ كما أن دعوة المسيح عيسى عليه الصلاة والسلام كانت الإسلام :﴿ فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله وأشهد بأنا مسلمون ﴾٤ ؛ فأي الناس أشد بغيا وجورا، وعدوانا وظلما، ممن يقابل الصدق بالزور والبهتان، وينادي لنيل السعادة فيصر على الجحود والنكران، بل يتقول على الله تعالى ما لم يقل، ويخفى من الإسلام ما لا يهوى من رشد وإيمان، وبر وإحسان ؟ ! إن هؤلاء إلا أظلم الظلام، فكان حقا على الله سبحانه أن يخذلهم فيستحوذ عليهم الشيطان ؛ - ﴿ لا يهدي... ﴾ من كان في حكمه أنه يختم له بالضلالة-٥.
٢ - سورة الأنعام. من الآية ٣٣..
٣ - سورة يونس. الآية ٨٤..
٤ - سورة آل عمران. الآية ٥٢..
٥ - ما بين العارضتين مما أورد القرطبي..
دعا موسى كليمنا قومه إلى الإسلام فأبى أكثرهم إلا كفورا، ودعا عيسى – عبدنا ورسولنا- بني إسرائيل إلى الإسلام فقال أكثرهم : هذا سحر مبين ؛ فإذا دعوت يا محمد إلى الإسلام فرماك الملأ من قومك بالسحر والجنون فلا تك في ضيق مما يمكرون، واصبر إن وعد الله حق ﴿.. ولا يستخفنك الذين لا يوقنون ﴾١ ﴿.. فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون ﴾٢، ويشهد لما قلنا من أن دعوة موسى عليه الصلاة والسلام كانت إلى الإسلام قول الله تعالى الحق :﴿ وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين ﴾٣ ؛ كما أن دعوة المسيح عيسى عليه الصلاة والسلام كانت الإسلام :﴿ فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله وأشهد بأنا مسلمون ﴾٤ ؛ فأي الناس أشد بغيا وجورا، وعدوانا وظلما، ممن يقابل الصدق بالزور والبهتان، وينادي لنيل السعادة فيصر على الجحود والنكران، بل يتقول على الله تعالى ما لم يقل، ويخفى من الإسلام ما لا يهوى من رشد وإيمان، وبر وإحسان ؟ ! إن هؤلاء إلا أظلم الظلام، فكان حقا على الله سبحانه أن يخذلهم فيستحوذ عليهم الشيطان ؛ - ﴿ لا يهدي... ﴾ من كان في حكمه أنه يختم له بالضلالة-٥.
٢ - سورة الأنعام. من الآية ٣٣..
٣ - سورة يونس. الآية ٨٤..
٤ - سورة آل عمران. الآية ٥٢..
٥ - ما بين العارضتين مما أورد القرطبي..
يريد الكافرون، المفترون على الحق، الكاذبون الضالون المضلون أن يخمدوا القرآن بإبطاله وتكذيبه بالقول، أو أن يدفعوا الإسلام بالمراء، أو ان يبطلوا حجج الله بتكذيبها وإنكارها ؛ ولعل التعبير بالفعل المضارع ﴿ يريدون ﴾ لتفيد التجدد، وأنهم ما أرادوا فيما مضى، وانقضى مرادهم، وإنما سيظلون دائبين على محاولة إطفاء نور الله ﴿ ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم... ﴾١ ﴿ .. ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا... ﴾٢ فلا تتخذوهم بطانة ﴿ .. لا يألونكم خبالا... ﴾٣ ؛ ومما ذهب إليه صاحب [ الجامع لأحكام القرآن... ] في معنى قول الله سبحانه ﴿ ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون ﴾ : أنه مثل مضروب، فمن أراد إطفاء نور الشمس بفيه يجده مستحيلا، فكذلك من أراد إبطال الحق. اه.
٢ - سورة البقرة من الآية ٢١٧..
٣ - سورة آل عمران. من الآية ١١٨..
دعا موسى كليمنا قومه إلى الإسلام فأبى أكثرهم إلا كفورا، ودعا عيسى – عبدنا ورسولنا- بني إسرائيل إلى الإسلام فقال أكثرهم : هذا سحر مبين ؛ فإذا دعوت يا محمد إلى الإسلام فرماك الملأ من قومك بالسحر والجنون فلا تك في ضيق مما يمكرون، واصبر إن وعد الله حق ﴿.. ولا يستخفنك الذين لا يوقنون ﴾١ ﴿.. فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون ﴾٢، ويشهد لما قلنا من أن دعوة موسى عليه الصلاة والسلام كانت إلى الإسلام قول الله تعالى الحق :﴿ وقال موسى يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم مسلمين ﴾٣ ؛ كما أن دعوة المسيح عيسى عليه الصلاة والسلام كانت الإسلام :﴿ فلما أحس عيسى منهم الكفر قال من أنصاري إلى الله قال الحواريون نحن أنصار الله آمنا بالله وأشهد بأنا مسلمون ﴾٤ ؛ فأي الناس أشد بغيا وجورا، وعدوانا وظلما، ممن يقابل الصدق بالزور والبهتان، وينادي لنيل السعادة فيصر على الجحود والنكران، بل يتقول على الله تعالى ما لم يقل، ويخفى من الإسلام ما لا يهوى من رشد وإيمان، وبر وإحسان ؟ ! إن هؤلاء إلا أظلم الظلام، فكان حقا على الله سبحانه أن يخذلهم فيستحوذ عليهم الشيطان ؛ - ﴿ لا يهدي... ﴾ من كان في حكمه أنه يختم له بالضلالة-٥.
٢ - سورة الأنعام. من الآية ٣٣..
٣ - سورة يونس. الآية ٨٤..
٤ - سورة آل عمران. الآية ٥٢..
٥ - ما بين العارضتين مما أورد القرطبي..
والمعبود بحق هو- لا سواه- بعث نبيه محمدا بدعوة الهدى وسعادة الدارين، وأرسله بالحنيفية السمحة، والدين القويم الخاتم ؛ ﴿ ليظهره على الدين كله ﴾ فهو مهيمن عليها، نسخ ما سبقه من دين ؛ ولا يأتي بعده ما ينسخه، ولأن مولانا الحكيم أتم بما أوحى إلى خاتم رسله شرعته ومنهاجه، ﴿ وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا... ﴾١ ﴿ ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه... ﴾٢ ؛ [ قوله تعالى :﴿ هو الذي أرسل رسوله ﴾ أي محمدا بالحق والرشاد ﴿ ليظهره على الدين كله ﴾ أي بالحجج ؛ ومن الظهور الغلبة باليد في القتال ؛ وليس المراد بالظهور ألا يبقى دين آخر من الأديان، بل المراد أن يكون أهل الإسلام عالين غالبين ؛ ومن الإظهار ألا يبقى دين سوى الإسلام في آخر الزمان ؛ قال مجاهد : وذلك إذا نزل عيسى لم يكن في الأرض دين إلا دين الإسلام ؛ وقال أبو هريرة :﴿ ليظهره على الدين كله ﴾ بخروج عيسى ؛ وحينئذ لا يبقى كافر إلا أسلم ؛ وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( لينزلن ابن مريم حكما عادلا فليكسرن الصليب وليقتلن الخنزير وليضعن الجزية ولتتركن القلاص٣ فلا يسعى عليها ولتذهبن الشحناء والتباغض والتحاسد وليدعون إلى المال فلا يقبله أحد ) ]٤ ؛ ﴿ ولو كره المشركون ﴾ ومهما تغيظ المشركون، واشمأزت قلوبهم من علو كلمة التوحيد، ومهما مكر وكاد عباد الأصنام الوثنيون، وظاهرهم من دعوا الله تعالى ولدا وزعموا أنهم كتابيون، فإن الله تعالى سيعلى لواء الإسلام إرغاما لهم وهم كارهون.
٢ - سورة آل عمران. من الآية ٧٨٥..
٣ - القلاص: الناقة الشابة..
٤ - ما بين العارضتين أورده القرطبي..
ينادي الله تعالى أهل الإيمان إلى ما يظفرهم بأسعد مآب، وما يدركون به أجزل ثواب ﴿ والله يدعو إلى دار السلام.. ﴾١ فمن ابتغى نعيمها، فليسع لها، وليبذل ثمنها الذي كتب الله لها ! ﴿ إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة... ﴾٢ ولقد أقر أولو الألباب أنها تجارة رابحة لا يخالطها بوار ولا خسارة فقالوا : أنفس هو خالقها وأموال هو رازقها، ثم يعطينا علينا أجراَََ الجنة ؛ إنها لصفقة رابحة ؛ وأية معاوضة أبرك من هذه المعاوضة ؟ ! يدعونا ليغفر لنا ذنوبنا، ويحمينا من الخزي والتحسير، وحر السعير، ويسكننا قصورا أحكم بنيانها، وشرف مكانها، وكثرت بساتينها، وتدفقت أنهارها، لا ظعن من مقاعد الصدق هذه ولا تحول عنها ؛ فما أعظم الجزاء، وأجزل العطاء ؛ ويعجل ربنا للمجاهدين في سبيله عزا ونصرا، وتأييدا على العدو وظفرا، وفتحا قريبا لما استغلق، وبشرى للمؤمنين أن الله مع الصابرين، والعاقبة للمتقين ؛ وإنما وجه النداء في الآية الأولى إلى ﴿ الذين آمنوا ﴾ ثم بدئت الآية الثانية بقوله سبحانه :﴿ تؤمنون ﴾ إما لأن المراد : تستمرون على الإيمان، وتثبتون مجاهدين ؛ أو : يا من انتسبتم إلى الإيمان هذا سبيل الصدق في اليقين، والرسوخ في نصرة الدين، حتى يتبين الذين أخلصوا ووفوا بعهد رب العالمين ؛ و﴿ تؤمنون ﴾و ﴿ تجاهدون ﴾ قد يكون المراد منهما التجدد والاستمرار، أو هما خبران بمعنى الآمر، أي آمنوا وجاهدوا ؛ و﴿ يغفر لكم ﴾ مجزوم في جواب الأمر الذي جاء بلفظ الخبر- آي آمنوا وجاهدوا- أو جواب لشرط دل عليه الكلام، والتقدير : إن تؤمنوا وتجاهدوا يغفر لكم. مما أورد صاحب [ جامع البيان... ] ﴿ ذلكم خير لكم ﴾ يقول : إيمانكم بالله ورسوله، وجهادكم في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم خير لكم من تضييع ذلك والتفريط فيه ﴿ إن كنتم تعلمون ﴾ مضار الأشياء ومنافعها... ولكم أخرى تحبونها... ولكم خلة أخرى سوى ذلك تحبونها في الدنيا : نصر لكم على أعدائكم، وفتح قريب يعجل لكم... وبشر- يا محمد- المؤمنين بنصر الله إياهم على عدوهم، وفتح عاجل لهم. اه.
٢ - سورة التوبة. من الآية ١١..
ينادي الله تعالى أهل الإيمان إلى ما يظفرهم بأسعد مآب، وما يدركون به أجزل ثواب ﴿ والله يدعو إلى دار السلام.. ﴾١ فمن ابتغى نعيمها، فليسع لها، وليبذل ثمنها الذي كتب الله لها ! ﴿ إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة... ﴾٢ ولقد أقر أولو الألباب أنها تجارة رابحة لا يخالطها بوار ولا خسارة فقالوا : أنفس هو خالقها وأموال هو رازقها، ثم يعطينا علينا أجراَََ الجنة ؛ إنها لصفقة رابحة ؛ وأية معاوضة أبرك من هذه المعاوضة ؟ ! يدعونا ليغفر لنا ذنوبنا، ويحمينا من الخزي والتحسير، وحر السعير، ويسكننا قصورا أحكم بنيانها، وشرف مكانها، وكثرت بساتينها، وتدفقت أنهارها، لا ظعن من مقاعد الصدق هذه ولا تحول عنها ؛ فما أعظم الجزاء، وأجزل العطاء ؛ ويعجل ربنا للمجاهدين في سبيله عزا ونصرا، وتأييدا على العدو وظفرا، وفتحا قريبا لما استغلق، وبشرى للمؤمنين أن الله مع الصابرين، والعاقبة للمتقين ؛ وإنما وجه النداء في الآية الأولى إلى ﴿ الذين آمنوا ﴾ ثم بدئت الآية الثانية بقوله سبحانه :﴿ تؤمنون ﴾ إما لأن المراد : تستمرون على الإيمان، وتثبتون مجاهدين ؛ أو : يا من انتسبتم إلى الإيمان هذا سبيل الصدق في اليقين، والرسوخ في نصرة الدين، حتى يتبين الذين أخلصوا ووفوا بعهد رب العالمين ؛ و﴿ تؤمنون ﴾و ﴿ تجاهدون ﴾ قد يكون المراد منهما التجدد والاستمرار، أو هما خبران بمعنى الآمر، أي آمنوا وجاهدوا ؛ و﴿ يغفر لكم ﴾ مجزوم في جواب الأمر الذي جاء بلفظ الخبر- آي آمنوا وجاهدوا- أو جواب لشرط دل عليه الكلام، والتقدير : إن تؤمنوا وتجاهدوا يغفر لكم. مما أورد صاحب [ جامع البيان... ] ﴿ ذلكم خير لكم ﴾ يقول : إيمانكم بالله ورسوله، وجهادكم في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم خير لكم من تضييع ذلك والتفريط فيه ﴿ إن كنتم تعلمون ﴾ مضار الأشياء ومنافعها... ولكم أخرى تحبونها... ولكم خلة أخرى سوى ذلك تحبونها في الدنيا : نصر لكم على أعدائكم، وفتح قريب يعجل لكم... وبشر- يا محمد- المؤمنين بنصر الله إياهم على عدوهم، وفتح عاجل لهم. اه.
٢ - سورة التوبة. من الآية ١١..
ينادي الله تعالى أهل الإيمان إلى ما يظفرهم بأسعد مآب، وما يدركون به أجزل ثواب ﴿ والله يدعو إلى دار السلام.. ﴾١ فمن ابتغى نعيمها، فليسع لها، وليبذل ثمنها الذي كتب الله لها ! ﴿ إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة... ﴾٢ ولقد أقر أولو الألباب أنها تجارة رابحة لا يخالطها بوار ولا خسارة فقالوا : أنفس هو خالقها وأموال هو رازقها، ثم يعطينا علينا أجراَََ الجنة ؛ إنها لصفقة رابحة ؛ وأية معاوضة أبرك من هذه المعاوضة ؟ ! يدعونا ليغفر لنا ذنوبنا، ويحمينا من الخزي والتحسير، وحر السعير، ويسكننا قصورا أحكم بنيانها، وشرف مكانها، وكثرت بساتينها، وتدفقت أنهارها، لا ظعن من مقاعد الصدق هذه ولا تحول عنها ؛ فما أعظم الجزاء، وأجزل العطاء ؛ ويعجل ربنا للمجاهدين في سبيله عزا ونصرا، وتأييدا على العدو وظفرا، وفتحا قريبا لما استغلق، وبشرى للمؤمنين أن الله مع الصابرين، والعاقبة للمتقين ؛ وإنما وجه النداء في الآية الأولى إلى ﴿ الذين آمنوا ﴾ ثم بدئت الآية الثانية بقوله سبحانه :﴿ تؤمنون ﴾ إما لأن المراد : تستمرون على الإيمان، وتثبتون مجاهدين ؛ أو : يا من انتسبتم إلى الإيمان هذا سبيل الصدق في اليقين، والرسوخ في نصرة الدين، حتى يتبين الذين أخلصوا ووفوا بعهد رب العالمين ؛ و﴿ تؤمنون ﴾و ﴿ تجاهدون ﴾ قد يكون المراد منهما التجدد والاستمرار، أو هما خبران بمعنى الآمر، أي آمنوا وجاهدوا ؛ و﴿ يغفر لكم ﴾ مجزوم في جواب الأمر الذي جاء بلفظ الخبر- آي آمنوا وجاهدوا- أو جواب لشرط دل عليه الكلام، والتقدير : إن تؤمنوا وتجاهدوا يغفر لكم. مما أورد صاحب [ جامع البيان... ] ﴿ ذلكم خير لكم ﴾ يقول : إيمانكم بالله ورسوله، وجهادكم في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم خير لكم من تضييع ذلك والتفريط فيه ﴿ إن كنتم تعلمون ﴾ مضار الأشياء ومنافعها... ولكم أخرى تحبونها... ولكم خلة أخرى سوى ذلك تحبونها في الدنيا : نصر لكم على أعدائكم، وفتح قريب يعجل لكم... وبشر- يا محمد- المؤمنين بنصر الله إياهم على عدوهم، وفتح عاجل لهم. اه.
٢ - سورة التوبة. من الآية ١١..
ينادي الله تعالى أهل الإيمان إلى ما يظفرهم بأسعد مآب، وما يدركون به أجزل ثواب ﴿ والله يدعو إلى دار السلام.. ﴾١ فمن ابتغى نعيمها، فليسع لها، وليبذل ثمنها الذي كتب الله لها ! ﴿ إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة... ﴾٢ ولقد أقر أولو الألباب أنها تجارة رابحة لا يخالطها بوار ولا خسارة فقالوا : أنفس هو خالقها وأموال هو رازقها، ثم يعطينا علينا أجراَََ الجنة ؛ إنها لصفقة رابحة ؛ وأية معاوضة أبرك من هذه المعاوضة ؟ ! يدعونا ليغفر لنا ذنوبنا، ويحمينا من الخزي والتحسير، وحر السعير، ويسكننا قصورا أحكم بنيانها، وشرف مكانها، وكثرت بساتينها، وتدفقت أنهارها، لا ظعن من مقاعد الصدق هذه ولا تحول عنها ؛ فما أعظم الجزاء، وأجزل العطاء ؛ ويعجل ربنا للمجاهدين في سبيله عزا ونصرا، وتأييدا على العدو وظفرا، وفتحا قريبا لما استغلق، وبشرى للمؤمنين أن الله مع الصابرين، والعاقبة للمتقين ؛ وإنما وجه النداء في الآية الأولى إلى ﴿ الذين آمنوا ﴾ ثم بدئت الآية الثانية بقوله سبحانه :﴿ تؤمنون ﴾ إما لأن المراد : تستمرون على الإيمان، وتثبتون مجاهدين ؛ أو : يا من انتسبتم إلى الإيمان هذا سبيل الصدق في اليقين، والرسوخ في نصرة الدين، حتى يتبين الذين أخلصوا ووفوا بعهد رب العالمين ؛ و﴿ تؤمنون ﴾و ﴿ تجاهدون ﴾ قد يكون المراد منهما التجدد والاستمرار، أو هما خبران بمعنى الآمر، أي آمنوا وجاهدوا ؛ و﴿ يغفر لكم ﴾ مجزوم في جواب الأمر الذي جاء بلفظ الخبر- آي آمنوا وجاهدوا- أو جواب لشرط دل عليه الكلام، والتقدير : إن تؤمنوا وتجاهدوا يغفر لكم. مما أورد صاحب [ جامع البيان... ] ﴿ ذلكم خير لكم ﴾ يقول : إيمانكم بالله ورسوله، وجهادكم في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم خير لكم من تضييع ذلك والتفريط فيه ﴿ إن كنتم تعلمون ﴾ مضار الأشياء ومنافعها... ولكم أخرى تحبونها... ولكم خلة أخرى سوى ذلك تحبونها في الدنيا : نصر لكم على أعدائكم، وفتح قريب يعجل لكم... وبشر- يا محمد- المؤمنين بنصر الله إياهم على عدوهم، وفتح عاجل لهم. اه.
٢ - سورة التوبة. من الآية ١١..
عهد من الله تعالى أن ينتصر كل مؤمن لدينه، وأن يبلغ أمانة الله، ويدفع عن حرماته، كما سأل عيسى عليه السلام أصحابه المحبون له : أيكم يناصرني حتى أبلغ ما أوحى إلي ؟ فقال أحباؤه : نحن نصراء دين الله ؛ فدعوا بدعوة عيسى، فآمنت جماعة وكفرت أخرى، لكن سقط بهتان الكافرين، وعلت حجة المؤمنين، وأيد الله أهل الحق فظهر برهان صدقكم، وزهق باطل المفترين، والمشركين الضالين ؛ مما نقل الطبري : عن قتادة :... قال : قد كانت لله أنصار من هذه الأمة تجاهد على كتابه وحقه، وذكر لنا أنه بايعه ليلة العقبة اثنان وسبعون رجلا من الأنصار ذكر لنا أن بعضهم قال : هل تدرون علام تبايعون هذا الرجل ؟ ! إنكم تبايعون على محاربة العرب كلها أو يسلموا ؛ ذكر لنا أن رجلا قال : يا نبي الله ؟ اشترط لربك ولنفسك ما شئت ؛ قال : أشترط لربي أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأشترط لنفسي أن تمنعوني مما منعتم منه أنفسكم وأبناءكم ) قالوا : فإذا فعلنا ذلك فما لنا يا نبي الله ؟ قال :( لكم النصر في الدنيا والجنة في الآخرة ) ففعلوا ففعل الله ؛... ولم يسم حي من السماء اسما لم يكن لهم قبل ذلك غيرهم... عن ابن عباس قال : لما أراد الله أن يرفع عيسى إلى السماء خرج إلى أصحابه وهم في بيت اثنا عشر رجلا... قال : أيكم يلقي عليه شبهي فيقتل مكاني ويكون معي في درجتي ؟ قال فقام شاب من أحدثهم سنا قال فقال : أنا... قال : فألقى عليه شبه عيسى ورفع عيسى.. إلى السماء قال : وجاء الطلب من اليهود، وأخذوا شبهه فقتلوه وصلبوه.. فتفرقوا ثلاث فرق، فقالت فرقة : كان الله فينا ما شاء ثم صعد إلى السماء ؛ وهؤلاء اليعقوبية ؛ وقالت فرقة : كان فينا ابن الله ما شاء ثم رفعه إليه، وهؤلاء النسطورية ؛ وقالت فرقة : كان فينا عبد الله ورسوله ما شاء الله، ثم رفعه الله إليه، وهؤلاء المسلمون ؛ فتظاهرت الطائفتان الكافرتان على المسلمة فقتلوها، فلم يزل الإسلام طامسا حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم، ﴿ فآمنت طائفة من بني إسرائيل وكفرت طائفة ﴾ يعني الطائفة التي كفرت من بني إسرائيل في زمن عيسى، والطائفة التي آمنت في زمن عيسى، ﴿ فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين ﴾ في إظهار محمد دينهم على دين الكفار... لما بعث الله محمدا ونزل تصديق من آمن بعيسى أصبحت حجة من آمن به ظاهرة١.. اه والله تعالى أعلم.
.