بسم الله الرحمن الرحيم
سورة القارعةمكية( ١ )
ﰡ
بسم الله الرحمن الرحيم
سورة القارعةمكية
قوله تعالى: ﴿القارعة * مَا القارعة﴾ إلى آخرها.
القارعة هي الساعة تقرع قلوب الناس من هولها وعظيم ما ينزل بهم من البلاء عندها، وذلك صبيحة ليلةٍ لا ليل بعدها. قال ابن عباس: القارعة: " " من أسماء يوم القيامة، عظمه الله وحذره عباده ".
وقوله: ﴿مَا القارعة﴾، " ما " استفهام فيه معنى التعظيم والتعجب من هولها، يعجب سبحانه عباده من عظم [هولها]. المعنى: أي شيء القارعة يا محمد؟! ما أعظمها وأفظعها وأهولها.
ثم قال تعالى: ﴿وَمَآ أَدْرَاكَ مَا القارعة﴾.
أي وما أشعرك يا محمد أي شيء القارعة؟! ثم بينها تعالى فقال: ﴿يَوْمَ يَكُونُ الناس كالفراش المبثوث﴾.
فالعامل في " يوم " " القارعة "، أي القارعة يومض يكون (الناس) على هذا
والقارعة خبر " ما "، والجملة خبر عن " القارعة " الأولى.
وقوله: ﴿وَمَآ أَدْرَاكَ مَا القارعة﴾ " ما " ابتداء أيضاً، و " أدراك " فعل ماضي وضمير مفعول، " ما القارعة " ابتداء وخبر في موضع نصب مفعولاً ثانياً " لأدراك "، والجملة خبر " ما " الأولى.
والفَراش: (هو) ما تساقط في النار وفي السراج، ليس [بذباب] ولا بعوض.
وقال الفراء: هو غوغاء الجراد يركب بعضه بعضاص، [فكذلك] يوم القيامة يجول بعضهم في بعض.
والمبثوث: المنتشر المتفرق.
(وقيل): إنما شبههم بالفراش، لأن الفراش إذا ثار لم يأخذ جهة واحدة،
ثم قال تعالى: ﴿وَتَكُونُ الجبال كالعهن المنفوش﴾.
أي: كالصوف المنفوش.
وفي حرف عبد الله: " كالصوف "، وبه قرا ابن جبير. العهن: جمع عهنة، كصوفة وصوف. وهو عند أهل اللغة: المصبوغ من الصوف.
أي: فأما من [ثقل] وزنه وزن حسناته.
قال مجاهد/: ليس ثَمَّ ميزان، وإنما هو (مَثَل) ضُرِبَ. وأكثر الناس على أنّ ثَمَّ ميزاناً توزن به (أعمال) العباد كيف شاء الله وعلى ما شاء. [نقول] كما قال، ونوجب ما أَوْجَب، ونؤمن بما في كتاب الله، ولا نتقدم بين يدي الله، ولا نعترض، ولا نكيِّف ما لا علم (عندنا) منه، ولا نحدّه.
ثم قال: ﴿فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ﴾.
أي: في عيش قد رضيه في الجنة. وتقديره في العربية: فهو في عيشة ذات رضىً، على النسب.
ثم قال تعالى: ﴿فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ﴾.
أي: وزن حسناته.
﴿فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ﴾.
قال قتادة: ﴿فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ﴾: هي النار، وهي كلمة عربية، كان الرجل إذا وقع في أمر شديد فقالوا: هو أمه.
ويروى أن الهاوية اسم للباب الأسفل من النار نعوذ بالله (منها - وهي) الدرك الأسفل، وأبوابُ جهنم سبعة، بعضها فوق بعض، أولها جهنم، والثاني: لظى، والثالث: الحطمة، والرابع: السعير، والخامس: الجحيم، والسادسُ: سقر، والسابع الهاوية. أعاذنا الله منها.
وروي أن المؤمن إذا مات ذهب بروحه إلى أرواح المؤمنين فيقولون: (روحوا أخاكم، فإنه كان في غم الدنيا، ويسألونه: ما فعل فلان؟ فيقول: مات، أو ما جاءكم؟ فيقولون): ذهبوا به إلى أمه الهاوية ".
وقال الخفش (سعيد): ﴿فَأُمُّهُ﴾: مستَقَرُّهُ. وقيل: أمه: أصله. وهاوية: بمعنى هالك، وأم الشيء: أصله [ومعظمه].
ثم قال تعالى: ﴿وَمَآ أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ﴾.
أي: وأي شيء أشعرك يا محمد ما الهاوية؟!، ثم بيَّن فقال: ﴿نَارٌ حَامِيَةٌ﴾ أي: هي نار حامية.