ﰡ
٣١١- يحيى : قال مالك : من رمى صيدا أو صاده بعد رميه الحجرة وحلاق رأسه غير أنه لم يفض أن عليه جزاء ذلك الصيد لأن الله تبارك وتعالى، قال :﴿ وإذا حللتم فاصطادوا ﴾ ومن لم يفض فقد بقي عليه مس الطيب والنساء. ١
قوله تعالى :﴿ ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ﴾ [ المائدة : ٢ ].
٣١٢- القرافي : قال مالك في مختصر ابن عبد الحكم : لا يعلم أبناء اليهود والنصارى الكتاب لأنهم يستعينون بها على الباطل، والله تعالى يقول :﴿ ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ﴾. ٢
٢ - الذخيرة: ١٣/ ٣٤٣..
٣١٣- مكي : قال مالك بن أنس : الآية محكمة. ١
قوله تعالى :﴿ والمتردية ﴾ [ المائدة : ٣ ].
٣١٤- يحيى : سئل مالك عن شاة تردت فتكسرت، فأدركها صاحبها فذبحها. ٢
فسال الدم منها ولم تتحرك. فقال مالك : إذا كان ذبحها ونفسها يجري، وهي تطرف، فليأكلها.
قوله تعالى :﴿ وما أكل السبع ﴾ [ المائدة : ٣ ].
٣١٥- ابن جرير : حدثني يونس، قال : أخبرنا ابن وهب، قال : قال مالك : وسئل عن الشاة التي يخرق جوفها السبع٣ حتى تخرج أمعاؤها، فقال مالك : لا أدري أن تذكى، ولا يؤكل أي شيء يذكى منها. ٤
وحدثني يونس، عن أشهب، قال : سئل مالك، عن السبع يعدو على الكبش٥ فيدق٦ ظهره، أترى أن يذكى قبل أن يموت فيؤكل ؟ قال : إن كان بلغ السحر٧ فلا أرى أن يؤكل، وإن كان إنما أصاب أطرافه، فلا أرى بذلك بأسا، قيل له : وثب عليه فدق ظهره، قال : لا يعجبني أن يؤكل، هذا لا يعيش منه، قيل له : فالذئب يعدو على الشاة٨ فيشق بطنها، ولا يشق الأمعاء، قال : وإذا شق بطنها فلا أرى أن تؤكل.
٣١٦- ابن رشد : قال ابن القاسم : وسئل مالك رحمه الله عن قوله تعالى :﴿ وما أكل السبع إلا ما ذكيتم ﴾ فقال : من ذلك ما يؤكل ومنه ما لا يؤكل، إذا سقطت فأصابها شيء فشق جوفها فلا أرى أن تؤكل، وإذا ضرب وسطها فانقطعت بأي شيء تذكى ما أرى تؤكل، قيل : أفرأيت قوله تبارك وتعالى :﴿ وما أكل السبع ﴾، قال : مما فيه ذكاة. ٩
قوله تعالى :﴿ إلا ما ذكيتم ﴾ [ المائدة : ٣ ].
٣١٧- يحيى : عن مالك، عن ثور بن زيد الديلي، عن عبد الله بن عباس، أنه سئل عن ذبائح نصارى العرب ؟ فقال : لا بأس بها وتلا هذه الآية :﴿ ومن يتولهم منكم فإنه منهم ﴾١٠. ١١
قوله تعالى :﴿ إلا ما ذكيتم ﴾ [ المائدة : ٣ ].
٣١٨- الطبري : عن يونس عن ابن وهب قال : قال مالك وسئل عن الشاة التي يخرق جوفها السبع حتى تخرج أمعاؤها ؟ فقال مالك : لا أرى أن تذكى ولا يؤكل أي شيء يذكى منها. ١٢
٣١٩- الطبري : عن يونس عن أشهب قال : سئل مالك عن السبع يعدو على الكبش، فيدق ظهره، أترى أن يذكى قبل أن يموت فيؤكل ؟ قال : إن كان بلغ السحر فلا أرى أن يؤكل وإن كان إنما أصاب أطرافه فلا أرى بذلك بأسا. قيل له : وثب عليه فدق ظهره، قال : لا يعجبني أن يؤكل هذا لا يعيش منه، قيل له : فالذئب يعدو على الشاة فيشق بطنها، ولا يشق الأمعاء، قال : إذا شق بطنها فلا أرى أن تؤكل. ١٣
قوله تعالى :﴿ اليوم أكملت لكم دينكم ﴾ [ المائدة : ٣ ].
٣٢٠- الشاطبي : قال ابن الماجشون : سمعت مالكا يقول : من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة. فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة، لأن الله يقول :﴿ اليوم أكملت لكم دينكم ﴾ فما لم يكن يومئذ دينا فلا يكون اليوم دينا. ١٤
٢ - الموطأ: ٢/٤٩٠. قال ابن العربي في أحكام القرآن عند تناوله لهذه الآية: "اختلف قول مالك في هذه الأشياء، فروي عنه أنه لا يؤكل إلا ما كان بذكاة صحيحة، والذي في الموطأ عنه انظر أعلاه- أنه كان ذبحها ونفسها يجري، وهي تطرف فليأكلها، وهذا هو الصحيح من قوله الذي كتبه بيده. قرأه على الناس من كل بلد عمره. فهو أولى من الروايات الغابرة": ٢/٥٤١. ينظر: الموطأ برواية زياد حديث ٥٦ ص ١٤٦، والأحكام الصغرى: ١/٣٤٤، والجامع: ٦/٥٠..
٣ - السبع: بضم الباء وفتحها وسكونها: المفترس من الحيوان. ج أسبع وسباع. القاموس..
٤ - جامع البيان: م٤ ج ٦/٧٣..
٥ -الكبش: الحمل إذا أثنى، أو إذا خرجت رباعيته. ج: أكبش وكباش وأكباش. القاموس..
٦ -دقه: كسره، أو ضربه فهشمه فاندق. القاموس..
٧ -السحر: ج: سحور، وأسحار. الرئة وما يجاورها مما في الجوف من الكبد والقلب. القاموس..
٨ -الشاة: الواحدة من الغنم، للذكر والأنثى، أو يكون من الضأن والماعز والظبأ والبقر والنعام وحمر الوحش. القاموس..
٩ -البيان والتحصيل: ٣/٢٩٧..
١٠ - سورة المائدة، آية : ٥١..
١١ - الموطأ: ٢/٤٨٩، كتاب الذبائح. قال ابن عطية في المحرر: "قال بعض المفسرين: إن الاستثناء في قول الجمهور متصل، وفي قول مالك منقطع لأن المعنى عنده، لكن ما ذكيت مما تجوز تذكيته فكلوه حتى قال بعضهم: إن المعنى إلا ما ذكيتم من غير هذه، فكلوه، وفي هذا عندي نظر، بل الاستثناء على قول مالك متصل لكنه يخالف في الحال التي تصح ذكاة هذه المذكورات. وقال الطبري: إن الاستثناء عند مالك من التحريم لا من المحرمات" ٥/٢٤. وقال المهدوي في التحصيل: "الاستثناء عند مالك وغيره من أهل المدينة من التحريم لا من المحرمات المذكورة، والمعنى: إلا ما أحله الله لكم بالتذكية مما ترجى له الحياة لو ترك، وكره مالك الذي انقطع نخاعها والذي شق السبع بطنها وإن كانت حية": ٢٦٦..
١٢ - تفسير جامع البيان: لابن جرير: ٦/٧٣..
١٣ - تفسير الجامع لابن جرير: ٦/٧٣..
١٤ - الاعتصام: ١/٤٩. وقال أيضا: "قال ابن حبيب: أخبرني ابن الماجشون أنه سمع مالكا يقول: التثويب ضلال. قال مالك: ومن أحدث في هذه الأمة شيئا لم يكن عليه سلفا فقد زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خان الدين، لأن الله تعالى يقول: "اليوم أكملت لكم دينكم" فما لم يكن يومئذ دينا. لا يكون اليوم دينا: ٢/٥٣/٦٢.
وقال أيضا: "حكى ابن وضاح قال: ثوب المؤذن بالمدينة في زمان مالك فأرسل إليه مالك فجاءه، فقال له مالك: ما هذا الذي تفعل؟ فقال: أردت أن يعرف الناس طلوع الفجر فيقوموا. فقال له مالك: لا تفعل، لا تحدث في بلدنا شيئا لم يكن فيه، قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا البلد عشر سنين وأبو بكر وعمر وعثمان فلم يفعلوا هذا، فلا تحدث في بلدنا ما لم يكن فيه فكف المؤذن عن ذلك وأقام زمانا، ثم إنه تنحنح في المنارة عند طلوع الفجر، فأرسل إليه مالك فقال له: ما الذي تفعل؟ قال: أردت أن تعرف الناس طلوع الفجر. فقال له: ألم أنهك أن لا تحدث عندنا ما لم يكن؟ فقال: إنما نهيتني عن التثويب. فقال له: لا تفعل. فكف زمانا. ثم جعل يضرب الأبواب، فأرسل إليه مالك فقال: ما هذا الذي تفعل؟ فقال: أردت أن يعرف الناس طلوع الفجر. فقال له مالك: لا تفعل، لا تحدث في بلدنا ما لم يكن فيه.
فتأمل كيف منع مالك من إحداث أمر يخف شأنه عند الناظر فيه ببادي الرأي وجعله أمرا محدثا": ٢/٦٩..
٣٢١- ابن عطية : قال مالك : الطيبات، الحلال. ١
قوله تعالى :﴿ وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله ﴾ [ المائدة : ٤ ].
٣٢٢- يحيى عن مالك أنه سمع بعض أهل العلم يقولون في البازي والعقاب والصقر وما أشبه ذلك : إنه إذا كان يفقه كما تفقه الكلاب المعلمة، فلا بأس بأكل ما قتلت مما صادت إذا ذكر اسم الله على إرسالها. ٢
قال مالك : وأحسن ما سمعت في الذي يتخلص الصيد من مخالب البازي أو من الكلب ثم يتربص به فيموت، أنه لا يحل أكله.
قال مالك : وكذلك كل ما قدر على ذبحه، وهو في مخالب البازي، أو في الكلب فيتركه صاحبه وهو قادر على ذبحه، حتى يقتله البازي أو الكلب فإنه لا يحل أكله.
قال مالك : وكذلك الذي يرمي الصيد، فيناله وهو حي، فيفرط في ذبحه حتى يموت، فإنه لا يحل أكله.
قال مالك : الأمر المجتمع عليه عندنا أن المسلم إذا أرسل كلب المجوسي الضاري فصاد أو قتل، إنه إذا كان معلما، فأكل ذلك الصيد حلال لا بأس به وإن لم يذكه المسلم وإنما مثل ذلك مثل المسلم يذبح بشفرة المجوسي، أو يرمي بقوسه أو نبله، فيقتل بها فصيده ذلك وذبيحته حلال لا بأس بأكله وإذا أرسل المجوسي كلب المسلم الضاري على صيد فأخذه، فإنه لا يؤكل ذلك الصيد إلا أن يذكى وإنما مثل ذلك مثل قوس المسلم ونبله، يأخذها المجوسي فيرمي بها الصيد فيقتله وبمنزلة شفرة المسلم يذبح بها المجوسي، فلا يحل أكل شيء من ذلك.
٣٢٣- ابن العربي : قال مالك : إذا غاب عنك، فليس بممسك عليك. ٣
قوله تعالى :﴿ واذكروا اسم الله عليه ﴾ [ المائدة : ٤ ].
٣٢٤- ابن الفرس : قال مالك : إن تركت التسمية عمدا لم يؤكل، وإن تركت سهوا أكل. ٤
٢ -الموطأ: ٢/٤٩٣-٤٩٤، كتاب الصيد باب ما جاء في صيد المعلمات..
٣ -أحكام القرآن لابن العربي: ٢/٥٥٠..
٤ - أحكام القرآن لابن الفرس: ٨٤. وينظر المنتقى: ٣/١٠٤، والجامع: ٦/٦٨، والجواهر الحسان: ١/٤٤٤..
٣٢٥- ابن عطية : قال مالك : الطيبات، الحلال. ١
قوله تعالى :﴿ وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم ﴾ [ المائدة : ٥ ].
٣٢٦- ابن العربي : قال مالك : تؤكل ذبائحهم المطلقة، إلا ما ذبحوا يوم عيدهم لأنصابهم. ٢
٣٢٧- يحيى : قال مالك : لا يحل نكاح أمة يهودية ولا نصرانية، لأن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه :﴿ والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ﴾ [ المائدة : ٥ ] فهن الحرائر من اليهوديات والنصرانيات. ٣
وقال الله تبارك وتعالى :﴿ ومن لم يستطع منكم طولا أن ينكح المحصنات المؤمنات فمن ما ملكت أيمانكم من فتياتكم المؤمنات ﴾٤. فهن الإماء المؤمنات.
قال مالك : فإنما أحل الله، فيما نرى، نكاح الإماء، المؤمنات. ولم يحلل إماء أهل الكتاب اليهودية والنصرانية.
٣٢٨- يحيى : عن مالك عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب، أنه قال : المحصنات من النساء هن أولات الأزواج، ويرجع ذلك إلى أن الله حرم الزنى. ٥
قوله تعالى :﴿ محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ﴾ [ المائدة : ٥ ].
٣٢٩- يحيى : قال مالك : والحرة النصرانية، واليهودية، والأمة المسلمة يحصن الحر المسلم. إذا نكح إحداهن، فأصابها. ٦
٢ - أحكام القرآن لابن العربي: ٢/٥٥٤. وينظر الأحكام الصغرى: ١/٣٥٣ و ٣٥٤، والمحرر: ٥/ ٣٩. وأحكام القرآن للجصاص: ٢/٣٢٢.
وقال مكي في الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: "وكان مالك يكره أكل ذبيحة الكتابي إذا لم يذكر اسم عليها، ولا يحرمه. وهذا يدل على أن آية الأنعام مخصوصة في غير أهل الكتاب، ولو كانت عنده عامة في أهل الكتاب وغيرهم لحرم أكل ذبيحة الكتابي إذا علم أنه لم يذكر اسم الله عليها.
وكره مالك أيضا أكل لحوم ما ذبحوا لكنائسهم، ولم يحرمه، وكذلك إن ذكروا اسم المسيح، وذلك منه لعموم التحليل في قوله: "وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم" فأحل طعامهم تحليلا عاما، وقد علم الله أنهم لا يذكرون اسم الله على الذبائح": ٢٢٥-٢٢٦..
٣ - الموطأ: ٢/٥٤٠ كتاب النكاح، باب النهي عن نكاح إماء أهل الكتاب. قال ابن الفرس في أحكام القرآن: "انتزع جماعة من أهل العلم، منهم مالك ومن تابعه من لفظة: آتيتموهن" أنه لا يجوز أن يدخل إلا بعد أن يبذل من المهر ما يستحلها. وينظر: المحرر: ٥/٤٠..
٤ - سورة النساء: آية: ٢٥..
٥ - الموطأ: ٢/٥٤١، كتاب النكاح، باب ما جاء في الإحصان..
٦ - الموطأ: ٢/٥٤٢. كتاب النكاح، باب ما جاء في الإحصان، وقال الباجي في المنتقى عن شرح هذا الحديث: "الإحصان على أوجه: الإحصان بمعنى الحرية في قوله تعالى: ﴿والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم﴾ [المائدة: ٥] قال مالك: فهن الحرائر والثاني المحصنات ذوات الأزواج من قوله تعالى: ﴿والمحصنات من النساء﴾ يريد ذوات الأزواج. والثالث: الإحصان بمعنى: العفاف": ٣/٣٣١. وينظر: المقدمات: ٣/٢٦٤..
٣٣٠- يحيى : عن مالك، عن زيد بن أسلم، أن تفسير هذه الآية :﴿ يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين ﴾ أن ذلك، إذا قمتم من المضاجع، يعني النوم. ١
٣٣١- ابن جرير : حدثنا القاسم، قال : ثنا الحسين، قال : ثنا الحسين، قال : ثني من سمع مالك بن أنس، يحدث عن زيد بن أسلم، قوله :﴿ يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة ﴾ قال : يعني : إذا قمتم من النوم. ٢
قوله تعالى :﴿ فاغسلوا وجوهكم ﴾.
٣٣٢- القرطبي : قال سحنون عن ابن القاسم : سمعت مالكا سئل : هل سمعت بعض أهل العلم يقول : إن اللحية من الوجه فليمر عليها بالماء ؟ قال : نعم، وتخليلها في الوضوء ليس من أمر الناس، وعاب ذلك على من فعله. ٣
٣٣٣- القرطبي : روى ابن وهب عن مالك، قال : ليس ما خلف الصدغ الذي من وراء شعر اللحية إلى الذقن عن الوجه. ٤
قوله تعالى :﴿ وأيديكم إلى المرافق ﴾ [ المائدة : ٦ ].
٣٣٤- ابن جرير : قال مالك بن أنس : وسئل عن قول الله :﴿ فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق ﴾ أترى أن يخلف المرفقين٥ في الوضوء ؟ قال : الذي آمر به أن يبلغ المرفقين، قال تبارك وتعالى :﴿ فاغسلوا وجوهكم ﴾ مذهب هذا يغسل خلفه، فقيل له : فإنما يغسل إلى المرفقين والكعبين لا يجاوزهما فقال : لا أدري ما لا يجاوزهما، أما الذي أمر به أن يبلغ به، فهذا إلى المرفقين والكعبين. ٦
٣٣٥- مكي : روى أشهب عن مالك أنه قال : الغُسْل إليهما، ولا يدخلان في الغسل. ٧
قوله تعالى :﴿ وامسحوا برءوسكم ﴾ [ المائدة : ٦ ].
٣٣٦- ابن جرير : حدثني يونس بن عبد الأعلى : ثنا أشهب، قال : قال مالك : من مسح بعض رأسه، ولم يعم أعاد الصلاة بمنزلة من غسل بعض وجهه أو بعض ذراعه، قال : وسئل مالك عن مسح الرأس، قال : يبدأ من مقدم وجهه، فيدير يديه إلى قفاه، ثم يردهما إلى حيث بدأ منه. ٨
قوله تعالى :﴿ وأرجلكم إلى الكعبين ﴾ [ المائدة : ٦ ].
٣٣٧- ابن جرير : حدثني يونس، قال : أخبرنا أشهب، قال : سئل مالك : عن قول الله :﴿ وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين ﴾ أهي أرجلِكم أو أرجلَكم ؟ فقال : إنما هو الغسل، وليس بالمسح، لا تمسح إلا رجل إنما تغسل، قيل له : أفرأيت من مسح أيجزيه ذلك ؟ قال : لا. ٩
٣٣٨- ابن جرير : حدثني يونس، قال : أخبرنا أشهب، قال : قال مالك : الكعب الذي يجب الوضوء إليه هو الكعب الملتصق بالساق المحاذي العقب، وليس بالظاهر في ظاهر القدم. ١٠
٣٣٩- ابن العربي : قال مالك : الكعبين هما العظمان الناتئان في المفصل بين الرجل والساق. ١١
قوله تعالى :﴿ فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ﴾ [ المائدة : ٦ ].
٣٤٠- القعنبي : أخبرنا أبو بكر قال : حدثني إسحاق قال : حدثنا القعنبي قال : سئل مالك، كيف التيمم، وأين يبلغ به ؟ قال : يضرب ضربة لوجهه، وضربة ليديه يمسحهما إلى المرفقين. ١٢
٣٤١- القعنبي : قال مالك : من قام إلى الصلاة فلم يجد ماء، فعمل بما أمره الله عز وجل من التيمم، فقد أطاع الله عز وجل وليس الذي وجد الماء بأطهر منه ولا أتم الصلاة، لأنهما أمرا وكل عمل بما أمره الله عز وجل به، وإنما العمل بما أمره الله عز وجل من الوضوء لمن وجد الماء، والتيمم لمن لم يجد الماء قبل أن يدخل في الصلاة. ١٣
٣٤٢- القعنبي : سئل مالك في رجل جنب أراد أن يتيمم ترابا إلا تراب سبخة١٤، هل يتيمم بالسباخ، وهل تكره الصلاة في السباخ ؟ فقال : لا بأس بالصلاة في السباخ، ولا بالتيمم بها، لأن الله عز وجل قال :﴿ فتيمموا صعيدا طيبا ﴾ فما كان صعيدا، فهو يتيمم به، سباخا كان أو غيره. ١٥
قوله تعالى :﴿ ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون ﴾ [ المائدة : ٦ ].
٣٤٣- ابن جرير : حدثنا أبو الوليد الدمشقي : قال : حدثنا الوليد بن مسلم، قال : أخبرني مالك بن أنس عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال :( إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرجت من وجهه كل خطيئة نظر إليها بعينيه مع الماء، أو مع آخر قطرة من الماء، أو نحو هذا، وإذا غسل يديه خرجت من يديه كل خطيئة بطشت بها يداه مع الماء، أو مع آخر قطرة من الماء حتى يخرج نقيا من الذنوب ". ١٦
٢ - جامع البيان: م٤ ج٦/١١٢، وأورد بعده حديث من طريق آخر قال: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، أن مالكا بن أنس، أخبره عن يزيد بن أسلم، مثله". وأخرجه السيوطي في الدر: م٣ ج٦/٢٧. وينظر: أحكام الجصاص: ٢/٣٣٠، والمنتقى: ١/٤٩، وفتح القدير: ٢/١٩، وروح المعاني م٢ ج٦/٦٩..
٣ - الجامع: ٦/٨٣-٨٤ وذكر القرطبي بعد هذا النص قولا عن ابن القاسم عن مالك قال: يحرك المتوضئ ظاهر لحيته من غير أن يدخل يده فيها، قال: وهي مثل أصابع الرجلين. ينظر: الاستذكار: ١/١٦٣، المقدمات: ١/٧٦، وبداية المجتهد: ١/١١..
٤ - الجامع: ٦/٨٤، وزاد قائلا: قال أبو عمر: لا أعلم أحدا من فقهاء الأمصار قال بما رواه ابن وهب عن مالك..
٥ - يخلف المرفقين: يتركهما بلا غسل..
٦ - جامع البيان: م٤ ج٦/١٢٣ ينظر: المقدمات: ١/٧٦-٧٧..
٧ -الهادية: ٣٢٤م. خ. ع: ٢١٧ ق وزاد قائلا: "روى غير أشهب عن مالك أن غسلها واجب مثل الكعبين الذي أجمع على غسلها". وانظر النوادر والزيادات: ١/١٠٣.
ينظر: الجامع: ٦/٨٦، والخازن: ٢/١٨.
.
٨ - جامع البيان: م٤ج٦/١٢٥. وينظر أحكام القرآن لابن العربي: ٢/٥٦٨ وأحكام القرآن للجصاص: ٢/٣٤١، والجامع: ٦/٨٧-٨٩، والخازن: ١/١٨. قال محمد بن رشد في المقدمات: "والدليل على صحة قول مالك، قول الله تبارك وتعالى: ﴿وامسحوا برؤوسكم﴾ كما قال في التيمم: ﴿فامسحوا بوجوهكم﴾ فلما لم يجز الاقتصار في التيمم على بعض الوجه دون بعض كان الرأس كذلك. وكذلك في الطواف بالبيت لا يجوز أن يقتصر في الطواف على بعضه دون بعض": ١/٧٧..
٩ -جامع البيان: م٤ ج٦ /١٢٨. وقد أورد ابن رشد في البيان والتحصيل هذا النص وعقب عليه قائلا: "أضرب مالك، رحمه الله عما سئل من قراءة وأرجلكم إن كان بالنصب أو بالجر، وقصد إلى المعنى المراد بذلك فقال: إنما هو الغسل، وليس بالمسح لأنه الذي ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم قولا وعملا، وأجمع عليه العلماء المسلمين في جميع الأمصار": ١/١١٩.
وقال ابن عبد البر في الاستيعاب: "وهذا التأويل تعضده سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم المجتمع عليها، بأنه كان يغسل رجليه في وضوئه مرة ومرتين وثلاثا، وجاء أمره في ذلك موافقا لفعله فقال: "ويل للعراقيب من النار، ويل للعراقيب وبطون الأقدام من النار": ١/١٧٧.
.
١٠ - جامع البيان : م٤ ج ٦/١٣٦. وأخرجه ابن عطية في المحرر: ٥/٤٩، والقرطبي في الجامع: ٦/٩٦..
١١ - الأحكام الصغرى: ١/٣٧٠ وينظر: أحكام القرآن لابن العربي: ٢/٤٧٩، والاستيعاب: ١/١٧٩..
١٢ -الموطأ برواية القعنبي: ٧٢..
١٣ - الموطأ برواية القعنبي: ٧١..
١٤ - السباخ: ينظر: ١٦٧ من التفسير..
١٥ - الموطأ برواية القعنبي: ٧٣ باب تيمم الجنب..
١٦ - جامع البيان: م٤ ج ٦/١٣٨، وأخرجه السيوطي في الدر: ٣/٣٢..
٣٤٤- ابن العربي : قال ابن وهب : سمعت مالكا يقول : كانت الأنصار سبعين رجلا، يعني مالك يوم العقبة. وكان منهم اثنا عشر نقيبا، فكان أسيد بن الحضير١ أحد النقباء، نقيبا. ٢
قال مالك : النقباء تسعة من الخزرج٣، وثلاثة من الأوس٤، منهم أسيد بن الحضير، وعمرو بن الجموح. وقال أشهب، عن مالك : كان أسعد بن زرارة أحد النقباء.
وقال ابن القاسم عن مالك : عمرو بن الجموح، وعبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاريين ثم المسلمين من النقباء.
٢ -أحكام القرآن لابن العربي: ٣/٥٨٧. وينظر الأحكام الصغرى: ١/٣٧٥..
٣ -قال ابن العربي: "التسعة من الخزرج هم: أبو أمامة أسعد بن زرارة، وسعد بن الربيع بن عمرو، وعبد الله ابن رواحة بن امرؤ القيس، والبراء بن معمر بن صخر، وعبد الله بن عمرو بن حزام، وعبادة بن الصامت، وسعد بن عبادة، والمنذرين بن عمرو، وعمرو بن الجموح". أحكام القرآن: ٢/٥٨٨..
٤ - قال ابن العربي في أحكام القرآن: "ومن الأوس: أسيد بن الحضير، وسعد بن خيثمة، ورفاعة ابن عبد المنذر": ٢/٥٨٨..
٣٤٥- ابن رشد : قال أشهب : وسمعت مالكا يقول : تأويل هذه الآية : قوله تعالى :﴿ وإذ قال موسى لقومه يا قوم اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا ﴾. أن يكون للرجل مسكن يأوي إليه، والمرأة يتزوجها، والخادم تخدمه، فهذا أحد الملوك الذين ذكر الله عز وجل. ١
٣٤٦- ابن كثير : قال مالك : بيت وخادم وزوجة. ٢
٢ - تفسير القرآن العظيم: ٣/٦٨..
٣٤٧- ابن العربي : روى ابن القاسم عن مالك : أن ابن آدم الذي قتل أخاه١ حمله على عنقه سنة يدور به، فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ودفن فتعلم وعمل مثل ما رأى، وقال أخبر الله سبحانه عنه، وكان ذلك كله في علم الله تعالى وخبره، ألا ترى إلى قوله عز وجل :﴿ ثم أماته فأقبره ﴾٢. وقال تعالى :﴿ ألم نجعل الأرض كفاتا* أحياء وأمواتا ﴾٣، فصار ذلك سنة باقية في الخلق، وفرضا على جميع الناس على الكفاية، من فعله منهم سقط عن الباقين فرضه، وأخص الخلق هم الأقربون، ثم الذين يلونهم من الجيرة، ثم سائر الناس المسلمين وهو حق في الكفار أيضا. ٤
٢ - سورة عبس، آية: ٢١..
٣ - سورة المرسلات، آيات: ٢٥، ٢٦..
٤ -أحكام القرآن لابن العربي: ٢/٥٨٩-٥٩٠، وينظر: الأحكام الصغرى: ١/٣٧٧، والبيان والتحصيل: ١٧/٢٤٧، والجامع: ٦/١٤١..
٣٤٨- القرطبي : قال مالك : نزلت، فيمن خرج من المسلمين، يقطع السبيل، ويسعى في الأرض بالفساد. ١
٣٤٩- ابن جرير : حدثني علي بن سهل، قال : حدثنا الوليد بن مسلم، قال : قلت لمالك ابن أنس : تكون محاربة في المصر ؟ قال : نعم، والمحارب عندنا من حمل السلاح على المسلمين في مصر، أو خلاء، فكان ذلك منه على غير نائرة كانت بينهم، ولا ذحل ولا عداوة قاطعا السبيل والطريق والديار مخيفا بسلاحه فقتل أحدا منهم، قتله الإمام كقتله المحارب ليس لولي المقتول فيه عفو ولا قود. ٢
٣٥٠- ابن جرير : قال علي : قال الوليد : وأخبرني مالك أن قتل الغيلة عنده بمنزلة المحاربة. قلت : وما قتل الغيلة ؟ قال : هو الرجل يخدع الرجل والصبي. فيدخله بيتا أو يخلو به فيقتله، ويأخذ ماله، فالإمام ولي قتل هذا، وليس لولي الدم، والجرح قود ولا قصاص. ٣
٣٥١- ابن العربي : قال ابن وهب : قال مالك : المحارب الذي يقطع السبيل وينفر بالناس في كل مكان، ويظهر الفساد في الأرض، وإن لم يقتل أحدا، إذا ظهر عليه يقتل، وإن لم يقتل فللإمام أن يرى فيه رأيه بالقتل، أو الصلب، أو القطع، أو النفي، قال مالك : والمستتر في ذلك والمعلن بحرابته سواء. وإن استخفى بذلك، وظهر في الناس إذا أراد الأموال وأخاف فقطع السبيل أو قتل، فذلك إلى الإمام، يجتهد أي هذه الخصال شاء. ٤
قوله تعالى :﴿ أو يصلبوا ﴾ [ المائدة : ٣٣ ].
٣٥٢- ابن العربي : قال مالك : يصلب حيا ثم يقتل، أن ذلك أنكى وأشد ردعا. ٥
قوله تعالى :﴿ أو ينفوا من الأرض ﴾ [ المائدة : ٣٣ ].
٣٥٣- ابن وهب : قال : وسمعت مالكا يقول في قول الله تعالى :﴿ أو ينفوا من الأرض ﴾ قال النفي في ذلك أن ينفيه السلطان من بلده ذلك إلى بلد آخر، ثم لا يتركه يرجع إلى بلده حتى يعرف منه التوبة وحسن الحال. ٦
٣٥٤- مكي : قال مالك : ينفى من البلد الذي أحدث فيه ذلك إلى غيره ويحبس. ٧
٣٥٥- ابن العربي : قال مالك : يخير الإمام في المحارب بمجرد خروجه. لأن أصلها ذلك. ٨
٢ - جامع البيان: م٤ ج٦/٢١٠. وينظر: أحكام القرآن للجصاص: ٢/٤١٣ والمحرر: ٥/٨٨، والجامع: ٦/١٥١، وفتح القدير: ٢/٣٥، والخازن: ٢/٤٥، والجواهر الحسان: ١/٤٥٩..
٣ -جامع البيان: م٤ ج٦/٢١٠..
٤ -أحكام القرآن لابن العربي: ٢/٥٩٦. وينظر: نواسخ القرآن لابن الجوزي: ١٤٦. والنوادر والزيادات لابن أبي زيد: ١٤/٤٦٢..
٥ -الأحكام الصغرى لابن العربي: ١/٣٨٣، وينظر: المنتقى: ٧/١٧٢.
قال ابن رشد في المقدمات: "وهو قول ابن القاسم، وابن الماجشون، وهو اختيار ابن بكير، لأن الصلب أن يقتل مصلوبا فيسيل دمه وهو مربوط في الخشبة من قوله: تمر مصلب إذا كان ذا صفر سائل، ولأن الله إنما خير في صفة قتله، ولو كان إنما خير في صلبه بعد قتله لقال: أن يقتلوا ثم يصلبوا، وهذا بين": ٣/٢٣٣.
وينظر: بداية المجتهد: ٢/٤٥٦..
٦ -كتاب المحاربة من موطأ ابن وهب: ٢٤ وانظر اختلاف الفقهاء لابن جرير الطبري: ٢٥٥. والاستذكار لابن عبد البر القرطبي: ٢٤/٢٠٦..
٧ -الهداية: ٣٤٠، م. خ. ع ٢١٧ق. وينظر: الأحكام الصغرى: ١/٣٨٢، والمحرر: ٥/٩١، والجامع: ٦/١٥٢، والفتح: ٢/٣٦.
قال محمد بن رشد في المقدمات: "وأما قوله: "أو ينفوا من الأرض" فاختلف في تأويله، روى مطرف عن مالك أن النفي السجن، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه. وقال ابن القاسم ورواه عن مالك: أن النفي أن ينفى من بلده إلى بلد آخر أقله ما تقصر فيه الصلاة فيسجن فيه إلى أن تظهر توبته": ٣/٢٣٤..
٨ -الأحكام الصغرى لابن العربي: ١/٣٨٢، وينظر: الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: ٢٣٣-٢٣٤، والمحرر: ٥/٨٨، والجامع: ٦/١٥٢، وتفسير ابن كثير: ٢/٥١-٥٢. وقال الباجي في المنتقى: "إذا ثبت أنه على التخيير، فإنه تخيير متعلق باجتهاد الإمام ومصروف إلى نظره ومشورة الفقهاء بما يراه أتم للمصلحة قاله مالك في الموازية وليس ذلك على هوى، وروى ابن حبيب عن مالك، إذا أخاف السبيل وأعظم الفساد وأخذ الأموال. ولم يقتل أحدا فليقتله الإمام إذا ظهر عليه قال: وهو مخير بين القتل والصلب أو قطع الخلاف أو النفي": ٧/١٧١.
وقال ابن رشد في المقدمات: "وليس معنى قول مالك ومن قال بقوله في تخيير الإمام في عقوبة المحارب أنه يفعل فيه بالهوى، ولكن معناه: أنه يتخير من العقوبات التي جعلها الله جزاءه مما يرى أنه أقرب إلى الله وأولى بالصواب بالاجتهاد فكم من محارب لم يقتل هو أضر على المسلمين ممن قتل في تدبيره وتأليبه على قطع طرق المسلمين": ٣/٢٣٠.
وقال ابن رشد الحفيد في البداية: "قال مالك: عن قتل فلا بد من قتله وليس للإمام تخيير في قطعه ولا في نفيه، وإنما التخيير في قتله أو صلبه وأما إن أخذ المال ولم يقتل فلا تخيير في نفيه وإنما التخيير في قتله أو صلبه أو قطعه من خلاف، وأما إذا خاف السبيل فقط فالإمام عنده مخير في قتله أو صلبه أو قطعه أو نفيه. ومعنى التخيير عنده أن الأمر راجع في ذلك إلى اجتهاد الإمام": ٢/٤٥٥..
٣٥٦- ابن جرير : حدثني علي بن سهل : قال : حدثنا الوليد بن مسلم، قال : قلت لمالك : أرأيت هذا المحارب الذي قد أخاف السبيل، وأصاب الدم والمال، فلحق بدار الحرب، أو تمنع في بلاد الإسلام، ثم جاء تائبا من قبل أن يقدر عليه، قال : تقبل توبته، قال : قلت : فلا يتبع بشيء من أحداثه ؟ قال : لا، إلا أن يوجب معه مال بعينه، فيرد إلى صاحبه، أو يطلبه ولي من قتل بدم في حربه يثبت ببينة أو اعتراف فيقاد به. ١
٣٥٧- ابن العربي : قال مالك : إلا الذين تابوا في حقوق الله، وفي حقوق الآدميين. ٢
٢ -أحكام القرآن لابن العربي: ٢/٦٠٣..
٣٥٨- يحيى : سمعت مالكا يقول : الأمر عندنا في الذي يسرق أمتعة الناس. التي تكون موضوعة بالأسواق محرزة١ قد أحرزها أهلها في أوعيتهم. وضموا بعضها إلى بعض : أنه من سرق من ذلك شيئا من حرزه فبلغ قيمته ما يجب فيه القطع. فإن عليه القطع. كان صاحب المتاع عند متاعه أو لم يكن ليلا ذلك أو نهارا. ٢
قال مالك، في الذي يسرق ما يجب عليه فيه القطع. ثم يوجد معه ما سرق فيرد إلى صاحبه : إنه تقطع يده.
قال مالك : فإن قال قائل : كيف تقطع يده وقد أخذ المتاع منه ودفع إلى صاحبه ؟ فإنما هو بمنزلة الشارب يوجد منه ريح الشراب المسكر وليس به سكر. فيجلد الحد.
قال : وإنما يجلد الحد في المسكر إذا شربه وإن لم يسكره. وذلك أنه إنما شربه ليسكره : فكذلك تقطع يد السارق في السرقة التي أخذت منه. ولو لم ينتفع بها. ورجعت إلى صاحبها. وإنما سرقها حين سرقها ليذهب بها.
قال مالك، في القوم يأتون إلى البيت فيسرقون منه جميعا. فيخرجون بالعدل يحملونه جميعا. أو الصندوق أو الخشبة أو المكتل أو ما أشبه ذلك مما يحمله القوم جميعا : أنهم إذا أخرجوا ذلك من حرزه، وهم يحملونه جميعا. فبلغ ثمن ما خرجوا به من ذلك ما يجب فيه القطع. وذلك ثلاثة دراهم فصاعدا. فعليهم القطع جميعا.
قال : وإذا خرج كل واحد منهم بمتاع على حدته. فمن خرج منهم بما تبلغ قيمته ثلاثة دراهم فصاعدا. فعليه القطع. ومن لم يخرج منهم بما تبلغ قيمته ثلاثة دراهم فلا قطع عليه.
قال مالك : الأمر عندنا أنه إذا كانت دار رجل مغلقة عليه، ليس معه فيها غيره. فإنه لا يجب، على من سرق منها شيئا القطع. حتى يخرج به من الدار كلها. وذلك أن الدار كلها هي حرزه، فإن كان معه في الدار ساكن غيره، وكان كل إنسان منهم يغلق عليه بابه، وكانت حرزا لهم جميعا، فمن سرق من بيوت تلك الدار شيئا يجبر فيه القطع، فخرج به إلى الدار، فقد أخرجه من حرزه إلى غير حرزه. ووجب عليه فيه القطع.
قوله تعالى :﴿ فاقطعوا أيديهما ﴾ [ المائدة : ٣٨ ].
٣٥٩- ابن العربي : قال مالك : تقطع يده اليمنى، فإن عاد قطعت رجله اليسرى، فإن عاد قطعت يده اليسرى، فإن عاد قطعت رجله اليمنى. ٣
٢ -الموطأ: ٢/ ٨٣٦- ٨٣٧- ٨٣٨، كتاب الحدود. وينظر: التحصيل: ٢٧٦..
٣ - أحكام القرآن لابن العربي: ٢/ ٦١٦، وينظر: الأحكام الصغرى: ١/٣٩١، والتحصيل: ٢٧٦، والهداية: ٣٤١-٣٤٢ م. خ. ع ٢١٧ ق، والمحرر: ٥/٩٨، والخازن: ٢/٥٠..
٣٦٠- السيوطي : أخرج ابن أبي حاتم عن مالك في قوله :﴿ إن الله يحب المقسطين ﴾ قال : المعدلين في القول والفعل. ١
٣٦١- يحيى : قال مالك القصاص١ يكون بين النساء كما يكون بين الرجال. والقصاص أيضا يكون بين الرجال والنساء. وذلك أن الله تبارك وتعالى قال في كتابه :﴿ وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص ﴾ فذكر الله تبارك وتعالى أن النفس بالنفس. فنفس المرأة الحرة بنفس الرجل الحر. وجرحها بجرحه. ٢
قوله تعالى :﴿ والعين بالعين ﴾ [ المائدة : ٤٥ ].
٣٦٢- يحيى : سئل مالك عن شتر٣ العين وحجاج٤ العين ؟ فقال : ليس في ذلك إلا الاجتهاد. إلا أن ينقص بصر العين، فيكون له بقدر ما نقص من بصر العين. ٥
٣٦٣- ابن العربي : قال مالك : إن شاء فقأ عينه أو أخذ دية كاملة. ٦
قوله تعالى :﴿ والسن بالسن ﴾ [ المائدة : ٤٥ ].
٣٦٤- المهدوي : قال مالك : الثنية بالثنية، والرباعية بالرباعية، والعليا بالعليا والسفلى بالسفلى، لا تقاد سن إلا بمثلها. فإن لم يكن لها مثل فالعقل، ولا قصاص في كل مخوف. ٧
قوله تعالى :﴿ والجروح قصاص ﴾ [ المائدة : ٤٥ ].
٣٦٥- يحيى : قال مالك : الأمر المجتمع عليه عندنا أن من كسر يدا أو رجلا عمدا أنه يقاد منه ولا يعقل. ٨
قال مالك : ولا يقاد من أحد حتى تبرأ جراح صاحبه فيقاد منه فإن جاء جرح المستقاد منه مثل جرح الأول حين يصح فهو القود. وإن زاد جرح المستقاد منه أو مات فليس على المجروح الأول المستقيد وإن برأ جرح المستقاد منه وشل المجروح الأول أو برأت جراح وبها عيب أو نقص أو عثل، فإن المستقاد منه لا يكسر الثانية ولا يقاد بجرحه. قال : ولكنه يعقل له بقدر ما نقص من يد الأول أو فسد منها. والجراح في الجسد على مثل ذلك.
وعن مالك أنه بلغه أن أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أقاد من كسر الفخذ.
٢ - الموطأ: ٢/٨٧٣ كتاب العقول، باب القصاص في القتل..
٣ - الشتر: القطع. وشتره: غته وجرحه. القاموس..
٤ -الحجاج: الجانب، وعظم ينبت عليه الحاجب. القاموس..
٥ الموطأ: ٢/٨٥٨، كتاب العقول، باب ما جاء في عقل العين..
٦ - الأحكام الصغرى: ١/ ٣٩٨. وينظر التحصيل: ٢٨٢..
٧ - التحصيل: ٢٨٢م. خ الجامع الكبير..
٨ - الموطأ: ٢/ ٨٧٥ كتاب العقول باب القصاص في الجراح..
٣٦٦- زياد : عن مالك عن ثور بن زيد الدليل عن عبد الله بن عباس أنه سئل عن ذبائح نصارى العرب فقال : لا بأس به وتلا هذه الآية :﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين ﴾. ١
قال مالك : وعلى ذلك الأمر عندنا.
فهذا النص اختصر فيه الآية كما أنه لم يذكر قوله: قال مالك: وعلى ذلك الأمر عندنا. ينظر: موطأ يحيى: ٢/ ٤٨٩، مثل ما في موطأ يحيى جاء في موطأ محمد تحت عنوان: باب ذبائح نصارى العرب حديث ٦٥٤، ص: ٢٢٣..
٣٦٧- ابن العربي : قال ابن القاسم : قال مالك : لا يحد ولا يشبه. ١
قال ابن وهب : سمعت مالكا يقول : من قرأ :﴿ يد الله ﴾ وأشار إلى يده. وقرأ :﴿ عين الله ﴾. وأشار إلى ذلك العضو منه يقطع تغليظا عليه في تقديس الله تعالى وتنزيهه عما أشبه إليه، وشبهه بنفسه، فتعدم نفسه وجارحته التي شبهها بالله.
٣٦٨- يحيى : قال مالك : أحسن ما سمعت في هذا. أن اللغو حلف الإنسان على الشيء يستيقن أنه كذاك. ثم يوجد على غير ذلك. فهو اللغو. ١
قوله تعالى :﴿ ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان ﴾ [ المائدة : ٨٩ ].
٣٦٩- يحيى : قال مالك : وعقد اليمين، أن يحلف الرجل أن لا يبيع ثوبه بعشرة دنانير، ثم يبيعه بذلك. أو يحلف ليضربن غلامه، ثم لا يضربه. ونحو هذا. فهذا الذي يكفر صاحبه عن يمينه. وليس في اللغو كفارة. ٢
قال مالك : فأما الذي يحلف على الشيء، وهو يعلم أنه آثم. ويحلف على الكذب، وهو يعلم، ليرضي به أحدا. أو ليعتذر به إلى معتذر إليه. أو ليقطع به مالا. فهذا أعظم من أن تكون فيه كفارة.
قوله تعالى :﴿ إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم ﴾ [ المائدة : ٨٩ ].
٣٧٠- مكي : قال مالك : إن غداهم وعشاهم أجزأه. ٣
٣٧١- الباجي : قال مالك : الوسط بالمدينة مد بمد النبي صلى الله عليه وسلم، وأما بالبلدان التي يكفر فيها بالحنطة، فالوسط من الشبع غداء وعشاء. ٤
قوله تعالى :﴿ أو كسوتهم ﴾ [ المائدة : ٨٩ ].
٣٧٢- يحيى : قال مالك : أحسن ما سمعت في الذي يكفر عن يمينه بالكسوة، إن كسا الرجال، كساهم ثوبا ثوبا. وإن كسا النساء، كساهن ثوبين ثوبين. ذرعا٥ وخمارا٦. وذلك أدنى ما يجزئ كلا في صلاته. ٧
قوله تعالى :﴿ أو تحرير رقبة ﴾ [ المائدة : ٨٩ ].
٣٧٣- ابن العربي : قال مالك : إن من لم يملك إلا رقبة أو دارا لا فضل فيهما، أو عرضا، ثمن رقبة لم يجزه إلا العتق. ٨
قوله تعالى :﴿ فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ﴾ [ المائدة : ٨٩ ].
٣٧٤- يحيى : قال مالك : وأحب إلي أن يكون، ما سمى الله في القرآن، يصام متتابعا. ٩
٣٧٥- ابن جرير : حدثني يونس، قال : أخبرنا أشهب، قال : قال مالك : كل ما ذكر الله في القرآن من الصيام، فأن يصام تباعا أحب، فإن فرقها رجوت أن تجزي عنه. ١٠
٣٧٦- السيوطي : أخرج مالك قال : كنت أطوف مع مجاهد، فجاءه إنسان يسأله عن صيام الكفارة أيتابع ؟ قال حميد : فقلت : لا، فضرب مجاهد في صدري، ثم قال : إنها في قراءة أبي ابن كعب١١ :﴿ متتابعات ﴾. ١٢
٣٧٧- يحيى : قال مالك : كل شيء في كتاب الله في الكفارات كذا، أو كذا، فصاحبه مخير في ذلك، أي شيء أحب أن يفعل ذلك، فعل. ١٣
وقال ابن الفرس في أحكام القرآن: "قال مالك: مثل أن يرى الرجل على بعد فيعتقد أنه فلان، ولا يشك فيه فيحلف ثم يجيء غير المحلوف عليه": ٨٠..
٢ -الموطأ: ١/٤٧٧ كتاب النذور والأيمان، باب اللغو في اليمين..
٣ - الهداية: ٣٧٠م. خ. ع٢١٧ق. قال ابن عطية في المحرر: "رأي مالك رحمه الله وجماعة معه هذا التوسط في القدر فرأى مالك أن يطعم المسكين بالمدينة مدا بمد النبي صلى الله عليه وسلم وذلك رطل وثلث من دقيق. وهذا لضيق المعيشة بالمدينة. ورأى في غيرها أن يتوسع ولذلك استحسن الغداء والعشاء": ٥/١٧٧. وإلى هذا أشار ابن رشد في البداية حيث قال: "يعطى لكل مسكين مد من حنطة بمد النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أن مالكا قال: المد خاص بأهل المدينة فقط لضيق معاشهم، وأما سائر المدن فيعطون الوسط من نفقتهم": ١/٤١٧.
وينظر: التحصيل: للمهدوي: ٢٩٥، وأحكام القرآن لابن الفرس: ٢٥٣، والجامع: ٢/ ٢٧٦، والجواهر الحسان: ١/٤٨٤..
٤ -المنتقى: ٤/٤٥، وأضاف قائلا: "فبين أن في البلد في ذلك تأثيرا يراعى لأن الناس إنما يحملون على عاداتهم في سعة الأقوات وضيقها": ٤/١٢٩..
٥ -الذرع: قميص المرأة. القاموس، مادة ذرع. وفي النهاية: ٢/١١٤..
٦ - الخمار: هو ما تغطي به المرأة رأسها. أنيس الفقهاء: ٩٣..
٧ - الموطأ: ١/٤٨٠، كتاب النذور والأيمان، باب العمل في كفارة اليمين. وأخرجه المهدوي في التحصيل: ٢٩٥، وابن العربي في أحكام القرآن: ٢/ ٦٥٢، والأحكام الصغرى: ١/٤١٣، وابن الفرس في أحكام القرآن: ٢٥٩، والجصاص في أحكام القرآن: ٢/٤٦٠، وابن عطية في المحرر: ٥/١٧٩، والقرطبي في الجامع: ٦/٢٧٩، وابن كثير في تفسيره: ٢/٩١..
٨ - أحكام القرآن لابن العربي: ٢/٦٥٤. وقال مكي في الهداية عن الإمام مالك: "لا تجزيه في الكفارة عند مالك إلا الرقبة المسلمة: ٢٥٠. وفي المحرر لابن عطية: "قال مالك لا يجزي في الكفارة أعمى، ولا أبرص، ولا مجنون": ٥/١٨٠..
٩ -الموطأ: ١/٣٠٤، باب ما جاء في قضاء رمضان، والكفارات..
١٠ -جامع البيان: م٥ ج٧/٣١..
١١ -أبي بن كعب: هو أبو المنذر الخزرجي شهد العقبة وبدرا مات في خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه. أسد الغابة: ١/٤٩، ٥١..
١٢ - الدر: ٣/١٥٥. وينظر: الجامع: ٦/٢٨٣، وفتح القدير: ٢/٧٢.
وما يلفت النظر هنا، هو أن الإمام مالك لم يلتزم دائما في القول بالتخيير في إخراج هذه الكفارة حسب مجيئها في النص القرآني- خصوصا وأنه يقول بأن ﴿أو﴾ تفيد التخيير، خاصة في الكفارات – بل أحيانا يراعي المصلحة ويخالف النص، ويفرض كفارة معينة على الشخص، ومثال ذلك ما حكاه القاضي عياض في ترتيب المدارك، في قصة مالك مع هارون الرشيد، قال: "قال يحيى بن بكير: حنت الرشيد في يمينه فجمع العلماء، فأجمعوا على أن عليه عتق رقبة فسأل مالك فقال: صيام ثلاثة أيام. فقال له الرشيد: لم أأنا معدم؟ وقد قال الله :"فمن لم يجد": فأقمتني مقام المعدم؟. فقال له: نعم يا أمير المؤمنين، كل ما في يدك ليس لك، فعليك صيام ثلاثة أيام" ٢/١١١. وهذا يكشف لنا عن أصل من أصول مالك التي بنى عليها مذهبه وهو: باب سد الذرائع. ينظر: الاعتصام: ٣/١١٣-١١٤. وفيه أيضا: "حكى ابن بشكوال أن الحكم- يعني عبد الرحمن- أمير المؤمنين أرسل في الفقهاء وشاورهم في مسألة نزلت به، فذكر لهم عن نفسه أنه عمد إلى إحدى كرائمه في رمضان، فأفتوا بالإطعام، وإسحاق بن إبراهيم ساكت. فقال له أمير المؤمنين ما يقول الشيخ في فتوى أصحابه؟ فقال له: لا أقول بقولهم، وأقول بالصيام. فقيل له: أليس مذهب مالك الإطعام؟ فقال لهم: تحفظون مذهب مالك، إلا أنكم تريدون مصانعة أمير المؤمنين إنما أمر مالك بالإطعام لمن له مال، وأمير المؤمنين لا مال له، إنما هو مال بيت المسلمين، فأخذ بقوله أمير المؤمنين وشكر له عليه ا. هـ وهذا صحيح": ٢/١١٤..
١٣ - الموطأ: ١/٢٤١، كتاب الحج، باب جامع الفدية..
٣٧٨- مكي : قال مالك : الميسر، ميسران : ميسر اللهو، وميسر القمار، فمن ميسر اللهو النرد والشطرنج، والملاهي كلها. وميسر القمار، هو ما يتخاطر الناس عليه. ١
٣٧٩- يحيى : قال مالك : ولا أرى بأسا، إذا ما أصاب المعراض إذا خسق١ وبلغ المقاتل أن يؤكل. قال الله تبارك وتعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم ﴾ قال : فكل شيء ناله الإنسان بيده، أو رمحه أو بشيء من سلاحه، فأنفذه وبلغ مقاتله، فهو صيد. كما قال الله تعالى. ٢
٣٨٠- ابن العربي : قال مالك : المخاطب المحلون. ٣
قال ابن وهب : قال مالك : قال الله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم ﴾، فكل شيء يناله الإنسان بيده، أو برمحه أو بشيء من سلاحه فقتله، فهو صيد، كما قال الله تعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ﴾٤.
وقال مالك : لا يَحِلُّ صيدُ الذمي، بناءً على أن الله خاطب المؤمنين المحلين في أول الآية. فخرج عنهم أهل الذمة. لاختصاص المخاطبين بالإيمان، فيقتضي ذلك اقتصاره عليهم إلا بدليل يقتضي التعميم.
٢ - الموطأ: ٢/٤٩٢، كتاب الصيد، باب ترك أكل ما قتل المعراض والحجر.
وفي موطأ زياد عن مالك قال: قال مالك: لا اختلاف، عندنا في كل شيء تناله يد الإنسان أو سلاحه من الصيد فقتله أنه لا بأس بأكله قال الله: "ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم" فما كان من ذلك يناله برمحه فيطعنه، أو بسهم يرميه به أو شيء من السلاح يناله فيقتله فلا بأس بأكله": ٢١٠..
٣ -أحكام القرآن لابن العربي: ٢/٦٦٢-٦٦٣، وينظر: الأحكام الصغرى لابن العربي: ١/٤١٩-٤٢٠، والهداية: ٣٧٣م. خ. ع ٢١٧ ق، وأحكام القرآن لابن الفرس: ٢٩١، والمنتقى: ٣/١٢١-١٢٧، والجامع: ٦/٣٠٠-٣٠١، وفتح القدير: ٢/٧٧..
٤ - سورة المائدة، آية: ٩٥..
٣٨١- يحيى : قال مالك : قال الله تبارك وتعالى :﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما ليذوق وبال أمره ﴾. ١
قال مالك : فالذي يصيد الصيد، وهو حلال، ثم يقتله وهو محرم، بمنزلة الذي يبتاعه وهو محرم، ثم يقتله. وقد نص الله عن قتله، فعليه جزاؤه.
والأمر عندنا أن من أصاب الصيد وهو محرم حكم عليه.
٣٨٢- يحيى : قال مالك : في الرجل المحرم، يصاد من أجله صيد. فيصنع له ذلك الصيد، فيأكل منه، وهو يعلم أنه من أجله صيد، فإن عليه جزاء ذلك الصيد كله. ٢
وسئل مالك : عن الرجل يضطر إلى أكل الميتة وهو محرم. أيصيد الصيد فيأكله ؟ أم يأكل الميتة ؟ فقال : بل يأكل الميتة. وذلك أن الله تبارك وتعالى لم يرخص للمحرم في أكل الصيد، ولا في أخذه، في حال من الأحوال. وقد أرخص في الميتة على حال الضرورة.
قال مالك : وأما ما قتل المحرم أو ذبح من الصيد، فلا يحل أكله لحلال ولا لمحرم، لأنه ليس بذكي. كان خطأ أو عمدا، فأكله لا يحل. وقد سمعت ذلك من غير واحد. والذي يقتل الصيد، ثم يأكله، إنما عليه كفارة واحدة، مثل من قتله ولم يأكل منه.
قوله تعالى :﴿ فجزاء مثل ما قتل من النعم ﴾ [ المائدة : ٩٥ ].
٣٨٣- يحيى : قال مالك : أحسن ما سمعت في الذي يقتل الصيد فيحكم عليه فيه، أن يُقوِّم الصيد الذي أصاب، فينظر كم ثمنه من الطعام. فيطعم كل مسكين مدا، أو يصوم مكان كل مد يوما، وينظر كم عدة المساكين، فإن كانوا عشرة، صام عشرة أيام، وإن كانوا عشرين مسكينا، صام عشرين يوما، عددهم ما كانوا، وإن كانوا أكثر من ستين مسكينا. ٣
قال مالك : سمعت أنه يحكم على من قتل الصيد في الحرم وهو حلال، بمثل ما يحكم به على المحرم الذي يقتل الصيد في الحرم وهو محرم.
قوله تعالى :﴿ يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة ﴾ [ المائدة : ٩٥ ].
٣٨٤- يحيى : عن مالك، عن عبد الملك بن قرير، عن محمد بن سيرين، أن رجلا جاء إلى عمر بن الخطاب، فقال : إني أجريت أنا وصاحب لي فرسين، نستبق إلى ثغرة ثنية. فأصبنا ظبيا ونحن محرمان فما ترى ؟ فقال عمر، لرجل إلى جنبه، تعالى حتى أحكم أنا وأنت. قال : فحكما عليه بعشر. فولى الرجل وهو يقول : هذا أمير المؤمنين لا يستطيع أن يحكم في ظبي، حتى دعا رجلا يحكم معه. فسمع عمر قول الرجل، فدعاه فسأله : هل تقرأ سورة المائدة ؟ قال : لا، قال : فهل تعرف هذا الرجل الذي حكم معي ؟ فقال : لا. فقال : لو أخبرتني أنك تقرأ سورة المائدة لأوجعتك ضربا. ثم قال : إن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه :﴿ يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة ﴾. وهذا عبد الرحمن بن عوف. ٤
قوله تعالى :﴿ هديا ﴾ [ المائدة : ٩٥ ].
٣٨٥- يحيى : عن مالك، أنه بلغه : أن عبد الله بن عباس، كان يقول : ما استيسر من الهدي، شاة. ٥
قال مالك : وذلك أحب ما سمعت إلي في ذلك. لأن الله تبارك وتعالى يقول في كتابه :﴿ يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما ﴾. فمما يحكم به في الهدي شاة، وقد سماها الله هديا. وذلك الذي لا اختلاف فيه عندنا، وكيف يشك أحد في ذلك، وكل شيء لا يبلغ أن يحكم فيه ببعير أو بقر، فالحكم فيه شاة. وما لا يبلغ أن يحكم فيه بشاة، فهو كفارة من صيام، أو إطعام مساكين.
قوله تعالى :﴿ بالغ الكعبة ﴾ [ المائدة : ٩٥ ]
٣٨٦- يحيى : قال مالك : والذي حكم عليه بالهدي في قتل الصيد، أو يجب عليه هدي في غير ذلك، فإن هديه لا يكون إلا بمكة، كما قال الله تبارك وتعالى :﴿ هديا بالغ الكعبة ﴾، وأما ما عدل به الهدي من الصيام أو الصدقة، فإن ذلك يكون بغير مكة، حيث أحب صاحبه أن يفعله فعله. ٦
قوله تعالى :﴿ أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما ﴾ [ المائدة : ٩٥ ]
٣٨٧- يحيى : سُئل مالكٌ : عن الفدية من الصيام، أو الصدقة أو النسك، أصاحبُه بالخيار في ذلك ؟ وما النسك ؟ وكم الطعام ؟ وبأي مد هو ؟ وكم الصيام ؟ وهل يؤخر شيء من ذلك أن يفعله في فوره ذلك ؟ قال مالك : كل شيء في كتاب الله في الكفارات كذا أو كذا، فصاحبه مُخيَّر في ذلك. أيّ شيء أحب أن يفعل ذلك فعل. قال : وأما النسك فشاة، وأما الصيام فثلاثة أيام، وأما الطعام فيطعم ستة مساكين، لكل مسكين مدان، بالمد الأول مد النبي صلى الله عليه وسلم. ٧ ٨
قال مالك : وسمعت بعض أهل العلم يقول : إذا رمى المحرم شيئا، فأصاب شيئا من الصيد لم يرده، فقتله، إن عليه أن يفديه. وكذلك الحلال يرمي في الحرام شيئا، فيصيب صيدا لم يرده، فيقتله، إن عليه أن يفديه. لأن العمد والخطأ في ذلك بمنزلة سواء.
٢ - الموطأ: ١/٣٥٥، كتاب الحج، باب ما لا يحل للمحرم أكله من الصيد..
٣ - الموطأ: ١/٣٥٦، كتاب الحج، باب الحكم في الصيد..
٤ - الموطأ: ١/٤١٤، كتاب الحج، باب فدية ما أصيب من الطيب والوحش..
٥ - الموطأ: ١/٣٨٥-٣٨٦. كتاب الحج، باب ما استيسر من الهدي..
٦ - الموطأ: ١/٣٨٧، كتاب الحج. باب جامع الهدي..
٧ -مد النبي: رطل وثلث من دقيق. ابن عطية: ٥/١٧٧..
٨ -الموطأ: ١/٤١٩، كتاب الحج، باب جامع الفدية.
قال ابن رشد في المقدمات: "فبدأ بالهدي وهو أغلظ من الإطعام والصيام فكان ذلك على التخيير ولم يكن على الترتيب وأيضا فلو كان اللسان العربي يوجب الترتيب إذا بدأ في العقوبات بالأغلظ فالأغلظ على ما قالوه دون التخيير لما احتاج تعالى أن يقول في كفارة القتل وكفارة الظهار: "فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين"، ولقال: "أو صيام شهرين متتابعين" لأن ﴿أو﴾ أخف على اللسان وأوجز في الكلام، لأن البلاغة إنما هي في بيان المعاني مع اختصار اللفظ مع أنا لا نقول إن عتق رقبة أغلظ من صيام شهرين متتابعين بل صيام شهرين متتابعين أشد وأغلظ من عتق رقبة لاسيما على من هو كثير اليسار، وفي بعض هذا كفاية": ٣/٢٣٢..
٣٨٨- زياد : قال مالك : صيده : ما اصطيد، وطعامه : ما لفظ. ١
٣٨٩- يحيى : قال مالك : لا بأس بأكل الحيتان يصيدها المجوسي، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في البحر :( هو الطهور ماؤُه الحِلُّ ميتتُه ). ٢
قال مالك : وإذا أكل ذلك ميتا، فلا يضره من صاده.
٣٩٠- يحيى : عن مالك، عن نافع، أن عبد الرحمن بن أبي هريرة سأل عبد الله بن عمر، عما لفظ البحر : فنهاه عن أكله. وقال نافع : ثم انقلب عبد الله فدعا بالمصحف، فقرأ ﴿ أحل لكم صيد البحر وطعامه ﴾، قال نافع : فأرسلني عبد الله بن عمر إلى عبد الرحمن بن أبي هريرة : أنه لا بأس بأكله. ٣
وروي عن أبي هريرة: "طعامه ما لفظه ميتا". أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم مرفوعا وموقوفا.
وأخرج ابن أبي الشيخ عن أبي بكر الصديق: صيده ما حويت عليه، وطعامه ما لفظه عليك". "فما رواه ابن زياد عن مالك تدعمه آثار كثيرة": ١٩١..
٢ - الموطأ: ٢/٤٩٤، كتاب الصيد، باب ما جاء في صيد البحر..
٣ - الموطأ: ٢/٤٩٥ كتاب الصيد، باب ما جاء في صيد البحر..
٣٩١- ابن العربي : روى ابن القاسم، وابن عبد الحكم، عن مالك أن :﴿ والقلائد ﴾١ حبل يفتله، ونعلان يقلدهما. ٢
٢ -أحكام القرآن لابن العربي: ٢/٩٥- ٦٠٠. وزاد ابن العربي قائلا: "ولذلك روى ابن وهب عن ابن عمر أنه كان يقلد بغلين"..
٣٩٢- ابن العربي : قال ابن وهب : قال مالك : كان أهل الجاهلية يعتقون الإبل والغنم يسيبونها١. فأما الحام فمن الإبل، كان الفحل إذا انقضى ضرابه، جعلوا عليه من ريش الطواويس وسيبوه. وأما الوصيلة٢ فمن الغنم إذا ولدت أنثى بعد أنثى سيبوها. ٣
وروى ابن القاسم وغيره، عن مالك بن أنس، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أول من نصب النصب٤، وسيب السوائب، وغير عهد إبراهيم عمرو بن لحي. ولقد رأيته يجر قصبه في النار، يؤذي أهل النار بريحه. قال : وأول من بحّر البحائر٥ رجل من بني مدلج عمد إلى ناقتين له، فجذع آذانهما، وحرم ألبانهما وظهورهما، ثم احتاج إليهما، فشرب ألبانهما، وركب ظهورهما. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لقد رأيتهما في النار يخبطانه بأخفافهما ويعضانه بأفواههما.
وروى أشهب عن مالك : السوائب الغنم.
٢ -الوصيلة: الشاة خاصة، كانت إذا ولدت الأنثى، فهي لهم، وإذا ولدت ذكرا، جعلوه لآلهتهم، وإن ولدت ذكرا وأنثى، قالوا: وصلت أخاها، فلم يذبحوا الذكر لآلهتهم، أو هي شاة ذكرا ثم أنثى فتصل أخاها، فلا يذبحون أخاها من أجلها، وإذا ولدت ذكرا، قالوا: هذا قربان لآلهتنا. القاموس..
٣ - أحكام القرآن لابن العربي: ٢/٧٠١-٧٠٢. وينظر: الأحكام الصغرى: ١/٤٤١، والجامع: ٦/ ٣٣٦، وتفسير ابن كثير: ٢/١٠٩، والدر: ٢/٣٣٨..
٤ -النصب: النصب بالضم، والإنصاب: حجارة كانت حول الكعبة تنصب فيهل عليها ويذبح لغير الله تعالى. القاموس..
٥ - البحيرة: كانوا إذا نتجت الناقة أو الشاة عشرة أبطن بحروها، وتركوها ترعى وحرموا لحمها إذا ماتت على نسائهم، وأكلها الرجال، أو التي خليت بلا راع، أو التي إذا نتجت خمسة أبطن والخامس ذكر نحروه، فأكله الرجال والنساء، وإن كانت أنثى بحروا أذنها، فكانت حراما عليهم لحمها ولبنها وركوبها، فإذا ماتت حلت للنساء، أو هي ابنة السائبة، وحكمها حكم أمها أو هي في الشاء خاصة، إذا نتجت خمسة أبطن بحرت وهي العزيزة أيضا. ج: بحائر وبحر. القاموس..
٣٩٣- ابن الفرس : قال مالك : منسوخ، ولا تجوز اليوم شهادة كافر على مسلم، والذي نسخه قوله تعالى :﴿ وأشهدوا ذوى عدل منكم ﴾١ وقال تعالى :﴿ ممن ترضون من الشهداء ﴾ [ البقرة : ٢٨٢ ] ٢
٢ - أحكام القرآن لابن الفرس: ٣٦٧. وقال مكي في الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه: "فمن قال، معنى: "من غيركم" أي: من أهل الكتاب وهو منسوخ بقوله: "ممن ترضون من الشهداء". وبقوله: "وأشهدوا ذوي عدل منكم" قال: هذه الأحكام كلها منسوخة بما نسخ به جواز شهادة أهل الكتاب. وهو قول زيد بن أسلم ومالك والشافعي وأبي حنيفة.
ومن قال، معنى: "من غيركم" من غير قبيلتكم من المؤمنين، قال: القصة كلها محكمة معمول بها، وهو قول الزهري والحسن وعكرمة، وأضافه بعض الناس إلى مالك والشافعي": ٢٣٨- ٢٣٩-٢٤١. وينظر الجامع: ٦/ ٣٥٠، وفتح القدير: ٢/٨٦..